كيف ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه
لقد انتصر النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن صاغ من فكرة الإسلام شخوصًا، ثم حول إيمانهم بالإسلام عملًا، ثم نسخ من المصحف آلاف النسخ، ولكنه لم ينسخها بمداد من الحبر على صفحات الورق؛ وإنما نسخها بمداد من النور على صفحات القلوب، ثم تركهم يتعاملون مع الناس، فيأخذون ويعطون، فيراهم الناس، فيرون الإسلام من خلالهم.
والمعجزة الحقيقية هي أن النبي صلى الله عليه وسلم في فترة وجيزة في عمر الزمان استطاع أن يحول هؤلاء الناس البسطاء من رعاة للغنم إلى قادة وسادة للأمم، هؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد كان العرب شتيتًا متناثرًا لا يتجمع على شيء, رغم وجود مقومات التجمع الأرضية كلها من وحدة الأرض, ووحدة اللغة, ووحدة الثقافة, ووحدة التاريخ, ووحدة المصالح، تلك التي يقول علم الاجتماع الجاهلي أنها هي التي تنشئ الأمة، ولكن الأمة مع ذلك لم تنشأ، رغم مرور الزمن المديد على هذا الشتيت المتناثر وهو يحمل تلك المقومات؛ بل كانوا قبائل متناحرة تأكلها الحروب والثارات, وتأكلها، قبل كل شيء، جاهليتها التي تعيش فيها مجافية للهدي الرباني.
ومن هنالك رفعها الإسلام, لا أفرادًا ولا قبائل, ولكن أمة هي أعظم أمة في التاريخ بشهادة الله مخرجها إلي الوجود: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران:110](1).
فلا بد لنا من وقفة مع هذا الجيل الفاضل الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا على أعلى مستوى من الدين والخلق والإخلاص والتفاني في سبيل نصرة هذا الدين، فاستحقوا بذلك رضا الله عز وجل، ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم، وفتح الله عز وجل بهم البلاد وقلوب العباد.
فالواجب على الدعاة والمربين أن يدرسوا المؤهلات التي أهلت الصحابة رضي الله عنهم لتبوأ أعلى المنازل، والوصول إلى أعلى الدرجات في الدنيا والآخرة، حتى يجعلوا خصائصهم ومؤهلاتهم نصب أعينهم، وهم يقومون بواجب تربية أجيال الصحوة الإسلامية، فغاية المربين إنشاء جيل على نمط الصحابة رضي الله عنهم في عقيدتهم وفهمهم للكتاب والسنة، وطاعتهم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وزهدهم في الدنيا، ورغبتهم في الآخرة، وبذلهم في الله عز وجل طلبًا لمرضاته، ورغبة في إعزاز دينه، ونشر رسالة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لقد ربى النبي أصحابه على التوسط والاعتدال، رباهم على بشاشة الوجه وحسن المنطق، والحرص على الابتسامة في وجه المسلم، لما لها من سحر رباني في تأليف القلوب، وقبول النفس، ونشر المودة، وتعميق أواصر الأخوة، والاتصال القلبي بين المسلمين.
وقد بيَّنَ القرآن الكريم أسباب نجاحه، وهي الرحمة والرأفة والعزم والتشاور واللين وبشاشة الوجه, فقال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].
والمتتبع لهذه البذور العظيمة، التي غرسها نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم في قلوب أصحابه، يجدها في أربعة أمور ظاهرة، وهي:
أولًا: الإيمان بالله: إنه يخطر لنا لأول وهلة أن تركيز القرآن، وخاصة في السور المكية، على هذه القضية سببه أن القرآن كان يخاطب، بادئ ذي بدء، قومًا مشركين, يشركون مع الله آلهة أخرى, فكان من المناسب التركيز على قضية (لا إله إلا الله) لتصبح عقائد أولئك المشركين، ولكن استمرار القرآن في الحديث عن هذه القضية في السور المدنية, وفي الكلام الموجه للمؤمنين خاصة, الذين آمنوا واستقر الإيمان في نفوسهم حتى أنشئوا أمة مسلمة ودولة مسلمة, وجيشًا مسلمًا يقاتل في سبيل الله, قاطع الدلالة على أن القضية لها أهميتها الذاتية, حتى لو كان المخاطبون مؤمنين! فالتركيز عليها ليس ناشئًا من إنكار المخاطبين بهذا القرآن أول مرة, إنما هو ناشئ من أنها هي المفتاح، الذي يفتح القلوب البشرية للخير, وينشئ فيها الخير, ويربيها على الخير, ويُنْتجُ منها الخير! وأنه لا يوجد مفتاح لهذه القلوب يهيئها لما تهيئه لها لا إله إلا الله(2).
ثانيًا: تعظيم القرآن العظيم, وجعله منهجًا لحياة الإنسان، يستمد منه قانون حياته التي يعيش بها في عقيدته وأخلاقه وتعاملاته، ذلك الكتاب العظيم الذي نزل ليعيد بناء البشرية على هدي الوحي الرباني: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9]، {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلىٌ حَكِيمٌ} [الزخرف:4].
ماذا يفعل القرآن في النفوس؟ هل يغير خامتها فيخرجها من بشريتها لتكون خلقًا آخر؟ كلا! فقد نزل للبشر, لا ليبدل فطرتهم؛ بل ليعيدهم إلي فطرتهم التي فطرهم الله عليها يوم خلق الإنسان {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4]، {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عليها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم:30].
أرأيت حين تمرر المغناطيس إلي قطعة من الحديد, أتراه يغير طبيعتها؟ كلا! ولكنه يعيد ترتيب ذراتها فتصبح شيئًا آخر غير قطعة الحديد المبعثرة الذرات! تصبح كيانًا جديدًا له طاقة مغناطيسية كهربائية لم تكن له من قبل! وكذلك يفعل في نفوس البشر هذا الدين المنزل في كتاب الله، إنه يتخلل النفوس البشرية فيعيد ترتيب ذراتها, فتصبح قوى كونية وطاقات, بعد أن كانت مبعثرة من قبل, ضائعة في التيه(3).
والمتأمل لكتاب الله في السّور المكية؛ يجد أنَّ أغلبها تستفتح بالكلام عن تعظيم القرآن العظيم, كما هو ظاهرٌ من سورة الزُّمَر إلى سورة الجاثية, فكلها سورٌ مكية, تتحدث عن الله بصفاته وآياته وبيانه، فهو الدليل البين الواضح في طريق السير إلى الله, وهو الدليل في التعامل مع كل من خالف مبادئ القرآن بالحجة والبرهان, ويبين كيفية الصراع والتصادم بعد الظهور والحجة والبرهان مع الأعداء, فالقرآن منهج كل مؤمن يؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا, ولن يكون الفلاح والنجاح والثبات على هذا الطريق إلا بتعظيم القرآن واتخاذه منهجًا في كل صغيرة وكبيرة.
ثالثًا: التضحية، فكلما كان المبدأ عظيمًا؛ كانت التضحية من أجله عظيمة، فمبدأ التوحيد وإقامة شرع الله على الأرض أمر عظيم, ولا يملك الإنسان شيئًا أغلى من نفسه التي بين جنبيه يضحي بها من أجل دينه, فمتى كان هذا هو المقياس الذي يقيس به العبد منهجه ومبدأه أنَّه أعظم من نفسه؛ هان عليه ما دونها؛ {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111], وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ} [الأنفال:39].
رابعًا: الصبر, وعليه مدار الأمر, فبالصبر يكون النصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأن النصر مع الصبر»(4), وقليلٌ فاعله, وهو من أهمّ الزاد مع التقوى في الثبات على الدين، وحمل مبدأ التوحيد والجهاد, فقد قال الله تعالى موجهًا عباده المؤمنين المجاهدين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200]، وقد كان نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم في مكة يربي أصحابه على هذا الأصل العظيم في أشد أنواع الابتلاء الذي مرّ بأصحابه, فكانوا يأتونه من شدة البلاء الذي يواجهونه من أعدائهم من كيٍّ بالنار، وضربٍ بالسياط، وغيره من العذاب, فيأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: «يا رسول الله، ادع الله لنا», فكان يجيبهم إجابة المربي لأناس سيملكون الأرض بعدل الإسلام.
فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه، والله، ليتمن اللهُ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللهَ والذئب على غنمه، ولكنَّكم تستعجلون»(5)، وكان يربيهم ربُّهم سبحانه وتعالى بضرب الأمثال على الصبر في البلاء، حتى يعلموا أن سنة الابتلاء هي مرحلة من مراحل الطريق لإقامة الدين وملك الأرض.
المثل الأعلى في التربية:
إن المثل الأعلى في التربية وحسن السلوك ورقيّ الأخلاق هو رسول صلى الله عليه وسلم، ذلك أنه رباه رب العالمين, وجعل منه الأسوة العليا, والأنموذج الأعظم للأخلاق، ومنحه في ذلك أعلى الشهادات, فقال عز من قائل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، وجعل ذلك منَّةً يمتنُّها على عباده المؤمنين, ونعمة يتحدث بفضلها عليهم؛ فقال سبحانه وتعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:164]، وقال أيضًا: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو علىكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة:151].
وسيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم خير مثالٍ لكل من أراد أن يصل إلى درجة الكمال في الأخلاق والأعمال، والقرآن يبيّن لنا في وضوحٍ أن أصحابه الذين تربوا على منهاجه صلى الله عليه وسلم قد نالوا هذه الدرجة العليا من السموِّ الأخلاقي، وحازوا بها رضا الله عنهم, فجاء في صفتهم في محكم التنزيل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:29].
إن وجود الرسول صلى الله عليه وسلم بشخصه الكريم بين ظهرانيهم كان له أثره الكبير في الوفرة الملحوظة في النماذج السامقة من بين أولئك المحيطين بالرسول صلى الله عليه وسلم, مع ارتفاع القمم التي وصلوا إليها, ذلك الارتفاع الشاهق الذي عجزت عنه البشرية في شتى أجيالها.
لقد كان التأثير المباشر لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ذا أثر بالغ في بناء تلك النفوس التي أحاطت به وأحبته وتربت على عينه صلى الله عليه وسلم في نفوس أتباعه ومحبيه، أثر غير مكرر في التاريخ, ولا عجب في ذلك فإنها شخصية غير مكررة في التاريخ!
إنها أكمل شخصية وأعظم شخصية في الوجود البشري كله من بدائه إلي منتهاه.
وليس هنا مجال التفصيل في شرح هذه العظمة الفائقة، فهي شخصية تحوي داخلها شخصيات, وعظمة تحوي داخلها عظمات, لو أصاب أي إنسان واحدة منها لَعُدّ من عظماء التاريخ, فكيف بها مجتمعة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم على سموق متفرد في كل واحدة منها؟ شخصية المربي, شخصية القائد السياسي, شخصية القائد العسكري, شخصية العابد الروحاني, شخصية الزوج, شخصية الأب, شخصية الصاحب, شخصية الداعية، ثم كيف بها مجتمعة على توزان بينها لا يجعل واحدة منها تطغى على الأخرى, وعلى شمول وترابط لا يجعل واحدة منها تنفصل وتستقل عن الأخريات؟
وصف أبو سفيان، قبل إسلامه، جانبًا من جوانب هذه العظمة, وجانبًا من عمق تأثيرها فقال: «ما رأيت أحدًا يحبه الناس كحب أصحاب محمد محمدًا».
وهو وصف صادق دقيق، فهي شخصية أخاذة من أحبها تعمق في حبها إلي أقصي الغاية، وكذلك من انطمست بصيرته فأبغضها لم يستطع أن يقف في بغضها عند حد!
والذين أحبوه والتصقوا به وعايشوه عن قرب قد تأثروا به، ولا شك، أعمق التأثير, فاستطاعوا أن ينهلوا من معين القرآن أكثر, وأن يكون استواؤهم على القمة السامقة أيسر.
ذلك أن القرآن معين لا ينضب, ولكنه يعطي كل إنسان على قدر سعة الإناء الذي يغترف به، بحيث تتسع القلوب وتشف الأرواح بمصاحبة ذلك الروح العظيم, تكون قدرتها على تشرب روح القرآن أكبر, وقدرتها على صحبة القرآن والعمل به أوسع وأعمق.
قال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم حين يكونون معه يكونون على حال غير الذي يكونون به حين يعودون إلي شواغلهم ومعهود حياتهم, فقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، أن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم, ولكن يا حنظلة ساعة وساعة»(6).
وليس معني هذا أن تأثير صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينتهي حين يخرجون من عنده, فمثل هذا التأثير لا يمكن أن يزول، إنما يدل تصريح الصحابة رضوان الله عليهم على عمق أثر الصحبة المباشرة في نفوسهم, حتى ليحسون أنهم يصبحون خلقًا آخر غير ما يعهدون من أنفسهم، وفي حال إن الإشعاع الذ