طريقك للنجاح في الوظيفة الجديدة
عزيزي القارئ الكريم
قد نسمع أحد الشباب يقول: «الحمد لله، أخيرًا التحقت بالوظيفة التي طالما حلمتُ بها، وتسلحت من أجلها بالمؤهلات المطلوبة لشغلها، ولم أتوقف عند ذلك؛ بل حصلت على برامج تدريبية مكثفة كي أكون جاهزًا لها قبل استلام العمل، وبهذا سأحقق النجاح فيها، إن شاء الله، وأعوض بهذه الوظيفة الجديدة ما تعرضت له من إخفاق في وظيفتي السابقة...».
ونقول له:
كل ما ذكرت أمر مطلوب وهام لتحقيق النجاح، ولكن هذا ليس كل شيء كي تحقق النجاح، وتثبِّت قدمك في عملك الجديد؛ فإن تطوير الموظف لقدراته ومهاراته باستمرار يساعده على الترقي في عمله واحتفاظه بمكانته، ولكن هذا وحده لا يكفي.
هناك عوامل أخرى لابد من توافرها (لك وفيك)؛ كي تحقق النجاح الذي تنشده في عملك، ومن هذه العوامل أو الصفات ما هو موهوب لك من الله سبحانه، وداخل في تركيبتك الشخصية، ومنها ما هو مكتسب؛ أي تستطيع اكتسابه بمزيد من التعلم والاحتكاك بالآخرين، ومن الخبرات العملية أيضًا.
ولعلك تتساءل: أما الصفات الموهوبة فهذه من عند الله سبحانه، ولكن كيف أكتسب العوامل التي تساعدني على تحقيق النجاح في عملي غير مؤهلاتي العلمية وخبراتي العملية؟
وأجيبك: هناك الكثير من هذه العوامل التي قد لا ينتبه إليها الموظف، خاصةً إذا كان جديدًا في وظيفته، وإليك أهم تلك العوامل، التي من شأنها أن تثبت قدمك في عملك الجديد:
1- الانطباعات الأولى تدوم:
كن حريصًا على ترك أثر إيجابي كانطباع أولي عنك لدى رؤسائك وزملائك في العمل؛ فالانطباع الأولي غالبًا ما يدوم لفترات طويلة، ويكون من الصعب على صاحبه تغييره ولكن ليس بالمستحيل، فإذا أخذ مديرك انطباعًا أوليًا معينًا عنك؛ مثلًا: كثرة الكلام فيما لا يخص العمل، أو التأخر عن الدوام، يبقى هذا الانطباع عالقًا في ذهنه إلى أن تلتزم بغيره؛ أي تقلل من حديثك فيما لا يخص العمل، وأن تنتظم في وقت الحضور إن لم تتمكن من الحضور قبل بداية الدوام.
2- كن بسيطًا وتعامل بشخصيتك الحقيقية:
منذ اليوم الأول ابتعد عن التكلف ما استطعت؛ فالتكلف في الحديث نوع من أنواع التمثيل لا يدوم كثيرًا، فليس هناك من يستطيع أن يمثل ويُظهر غير حقيقته كل الوقت، ففي وقت ما سينكشف فيه هذا الممثل على حقيقته، وتكون العاقبة وخيمة، فقد تفقد ثقة رئيسك في العمل، وتفقد ثقة زملائك أيضًا، ومن ثم قد تفقد وظيفتك التي طالما حلمت بها.
3- كن حسن التفاعل مع زملائك:
خاطب الناس على قدر عقولهم، وأعط كل ذي قدر قدره الذي ينبغي له، واعلم أن لكل مقام مقالًا، فإذا كنت ممن يجاملون الناس بالكلمات الطيبة التي تأخذ صورة من صور المدح، وتسهب في ذلك في كل وقت وحين، فعليك أن تخفف من ذلك، فقد يكون من تمدحه غير أهل لذلك، فيظن فيك النفاق الاجتماعي، وهذه صفة ذميمة ولا شك، وإن كنت ذا ظل خفيف، وتكثر من المزاح وإطلاق الكلمات التي تستدعي الضحك في غير وقته، قد يخلع عليك صفات وانطباعات لدى رؤسائك وزملائك، أقلها عدم الجدية في العمل.
4- ابتعد كثيرًا عن (الأنا) في حديثك:
(من يتحدث كثيرًا يعمل قليلًا) قاعدة أساسية يجب الانتباه لها؛ فلا تتحدث كثيرًا عن نفسك، فمن يتحدث كثيرًا يعمل قليلًا؛ لأن وقت الحديث يقتطع بالتأكيد من وقت العمل، فلا تتحدث كثيرًا بشأن ما تحمل من شهادات وخبرات وكفاءات عملية، واترك عملك يدل على ما تحمله من علم وخبرة، واترك تقديرك لنفسك يأتي من الآخرين؛ فرئيسك في العمل يراك ويتابعك بالتأكيد، ويعلم سيرتك الذاتية، وينتظر منك التطبيق العملي وإنجاز ما يُطلب منك من أعمال، وليس هذا فقط؛ بل ينتظر أيضًا أن يرى مدى قدرتك على الإبداع والابتكار داخل العمل، وما تضيفه من قيمة داخل الشركة أو المؤسسة أو المنظمة التي تعمل بها.
5- في البداية هيّئ نفسك لبذل المزيد من الجهد:
ابذل جهدًا مضاعفًا في التعرف على مهام وظيفتك الجديدة، فليكن مجيئك لدوامك قبل بداية الدوام، وانصرافك بعد نهاية الدوام، تعرف على أدق التفاصيل التي تساعدك على أداء عملك بالجودة المطلوبة، ابذل كل طاقتك في العمل، وأحسن في عملك، واضعًا في ذهنك أن الأجر الأكبر عند الله سبحانه لمن يحسن العمل، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة:120]، ويقول سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل:97].
6- كُن لبقًا ملتزمًا بحدود اللياقة مع مديرك وزملائك في العمل:
عندما تحتاج إلى معلومة من مديرك أو زميلك لإيضاح شيء من مهامك الوظيفية؛ فالتزم حدود اللياقة والكياسة، والتزم بآداب الحديث والإنصات، واجعله سمتًا من سماتك الشخصية، فالإنصات وعدم مقاطعة زميلك أو مديرك، الذي يوضح لك مهامك الوظيفية، يكسبك المزيد من المعلومات والخبرات التي ستتلقاها من استرسال مديرك أو زميلك، ولا تظهر معرفتك بتلك المهام مسبقًا، وأظهر لهم أنك تستفيد حقًا مما يقولون، فهذا يعطي انطباعًا عنك بأنك متعاون ومريح في التعامل، ويبعد عنك صفة التعالي.
7- ابتعد عن الذكريات السلبية:
إن كنت تحمل كثيرًا من الذكريات السلبية عن وظيفتك السابقة، فلا تستدعها أبدًا وأنت تمارس وظيفتك الحالية، فهذا من شأنه أن يعكر عليك صفوك، ويؤثر سلبًا على عملك، فبدلًا من توفير طاقاتك الذهنية، وتسخيرها في إنجاز مهام وظيفتك الجديدة، تستهلكها هذه المشاعر الآتية من الماضي، وذلك من عمل الشيطان، الذي يريد لك الفشل والإصابة بالهم والحزن، اللذين يقعدانك عن أداء مهامك؛ ومن ثم فقدك لوظيفتك، وانضمامك لطوابير البطالة.
8- ابتعد عن مقارنة وظيفتك الحالية بوظيفتك السابقة:
فإن مقارنتك المستمرة للاختلاف في أسلوب العمل والإدارة قد لا يكون في صالحك أبدًا؛ إذ قد تعطي انطباعًا عنك بأنك تبتعد عن الصواب في اتخاذ قراراتك، وأنك تجهل أن لكل شركة أو منظمة أسلوبها في إدارة عملها، فأنت الآن في عمل له خصوصيته، وله أسلوبه في الإدارة، وعليك التكيف والالتزام بهذا الأسلوب، والابتعاد عن تلك المقارنات حتى لا تفقد وظيفتك.
9- ابتعد عن الحديث السلبي، وكثرة الانتقاد لمؤسستك أو زملائك:
فإن كنت ترى قصورًا، في الخبرة أو المهارة أو أسلوب إدارة العمل، فلا تتسرع في إبداء اقتراحاتك؛ حتى تتعرف جيدًا على أدق التفاصيل، والبيئة الداخلية والخارجية المحيطة بالعمل، فتوافر هذه المعرفة توضح الصورة تمامًا أمامك؛ ومن ثم تبذل قصارى جهدك في تقديم اقتراحاتك، المبنية على أسس علمية ومشاهدات واقعية.
10- تعرف على أسلوب مديرك في إدارة العمل:
استعن لتحقيق هذه المعرفة بزملائك الأقدم في العمل؛ فهم أكثر خبرة منك في هذه المعرفة، ضع عدة أسئلة موضوعية ووجهها لزملائك؛ لتكتشف من خلالها أسلوب مديرك في العمل، وكن حذرًا في الحكم على هذا الأسلوب، ولا تأخذ آراء زملائك كأنها الحقيقة الكاملة، فعليك أن تُعمِل عقلك فيما تسمع منهم؛ حتى لا تنخدع بآرائهم.
11- حدد هدفك من الوظيفة بوضوح تام:
وضع الخطة لتحقيقه: اجعل لنفسك أهدافًا استراتيجية بعيدة المدى، وأهدافًا متوسطة المدى، وأهدافًا قصيرة المدى، واحرص على أن يكون من ضمن أهدافك قصيرة المدى كسب حب واحترام وثقة رؤسائك وزملائك، فهذا الاحترام وتلك الثقة يكونان خير معين لك في حبك لعملك وارتباطك به، وبالتالي نجاحك في الاحتفاظ بوظيفتك، وتمكينك من التميز في ذلك.
12- كن شجاعًا في الاعتراف بأخطائك تكتسب احترام الآخرين:
وتذكر دائمًا أن الاعتراف بالحق فضيلة، فالبعد عن الجدال في الباطل، والاعتراف بالخطأ هو معنى الشجاعة الأدبية التي تفرض على الآخرين احترامك، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».
لكن ما يفقدك المصداقية بين زملائك، والثقة عند رئيسك، في العمل هو أن تنسب خطأك لغيرك لتبقى أنت بلا أخطاء، وهذا وهم وغش كبير، وتزوير للحقائق، ورمي بريء بإثم لم يرتكبه، وهذا من الذنوب الكبيرة، يقول تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [النساء:112].
وأخيرًا، عند كل صباح املأ صدرك بالهواء النقي، واشحذ همتك دومًا؛ فشحذ الهمة في العمل، وأخذه بالجد، والإصرار على النجاح والتميز فيه، يوصلك إلى ما تصبو إليه بإذن الله تعالى.
______________
المراجع:
- الوظيفة بداية النجاح، محمود حسين عيسى، شبكة: الإسلام اليوم.
موقع: مفكرة الإسلام