logo

بناء الثقة بالنفس


بتاريخ : الأربعاء ، 22 ربيع الآخر ، 1436 الموافق 11 فبراير 2015
بقلم : جينفييف بيهرند
بناء الثقة بالنفس

إن الثقة تُكتسَب وتتطور، ولم تولد مع إنسان حين ولد، فهؤلاء الأشخاص الذين تعرف أنت أنهم مشحونون بالثقة ويسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل والتأقلم في أي زمان أو مكان، هم أناس اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم، اكتسبوا كل ذرة فيها.

انعدام الثقة في النفس:

ماذا تعني كلمة نقص أو انعدام الثقة في النفس، إننا غالبًا ما نردد هذه الكلمة، أو نسمع الاشخاص المحيطين بنا يرددون أنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس.

إن عدم الثقة بالنفس سلسلة مرتبطة ببعضها البعض، تبدأ:

أولًا: بانعدام الثقة بالنفس.

ثانيًا: الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك وسلبياتك.

ثالثًا: القلق بفعل هذا الإحساس والتفاعل معه، بأن يصدر عنك سلوك وتصرف سيِّئ أو ضعيف، وفي العادة لا يمت إلى شخصيتك وأسلوبك.

رابعًا: الإحساس بالخجل من نفسك، وهذا الإحساس يقودك مرة أخرى إلى نقطة البداية، وهي انعدام الثقة بالنفس، وهكذا تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبي تجاه نفسك وقدراتك، لكن هل قررت التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية، والتي تعتبر بمثابة موت بطيء لطاقاتك ودوافعك؟ إذا اتخذت ذلك القرار بالتوقف عن إيلام نفسك وتدميرها، ابدأ بالخطوة الأولى:

تحديد مصدر المشكلة:

أين يكمن مصدر هذا الإحساس؛ هل ذلك بسبب تعرضي لحادثة وأنا صغير؛ كالإحراج أو الاستهزاء بقدراتي ومقارنتي بالآخرين؟ هل السبب أنني فشلت في أداء شيء ما؛ كالدراسة مثلًا؟ أو أن أحد المدرسين أو رؤسائي في العمل قد وجه لي انتقادًا بشكل جارح أمام زملائي؟ هل للأقارب أو الأصدقاء دور في زيادة إحساسي بالألم؟ وهل مازال هذا التأثير قائمًا حتى الآن؟... أسئلة كثيرة حاول أن تسأل نفسك وتتوصل إلى الحل، كن صريحًا مع نفسك، ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكي تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها، حاول ترتيب أفكارك، استخدم ورقة وقلمًا واكتب كل الأشياء التي تعتقد أنها ساهمت في خلق مشكلة عدم الثقة لديك، تعرف على الأسباب الرئيسية والفرعية التي أدت إلى تفاقم المشكلة.

البحث عن حل:

بعد أن توصلت إلى صدر المشكلة ابدأ في البحث عن حل، بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول في الظهور، اجلس في مكان هادئ وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك، ما الذي يجعلني أسيطر على مخاوفي وأستعيد ثقتي بنفسي؟

إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلًا طرفًا أو عاملًا رئيسيًا في فقدانك لثقتك حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد، ليس لأنه توقف؛ بل لأنه لا يفيدك في الوقت الحاضر؛ بل يسهم في هدم ثقتك، ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة.

أقنع نفسك وردد:

من حقي أن أحصل على ثقة عالية بنفسي وبقدراتي.

من حقي أن أتخلص من هذا الجانب السلبي في حياتي.

ثقتك بنفسك تكمن في اعتقاداتك:

في البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك، فالثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب معها؛ أي أنك تخلق الفكرة، سلبية كانت أم إيجابية، وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك، لذلك تبَنَّى عبارات وأفكارًا تشحنك بالثقة، وحاول زرعها في دماغك.

انظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق، واستمع إلى حديث نفسك جيدًا، واحذف الكلمات المحملة بالإحباط، إن ارتفاع روحك المعنوية مسئوليتك وحدك؛ لذلك حاول دائمًا إسعاد نفسك، اعتبر الماضي بكل إحباطاته قد انتهى، وأنت قادر على المسامحة، اغفر لأهلك، لأقاربك، لأصدقائك، اغفر لكل من أساء إليك؛ لأنك لست مسئولًا عن جهلهم وضعفهم الإنساني.

ابتعد كل البعد عن المقارنة؛ أي لا تسمح لنفسك، ولو من قبيل الحديث فقط، أن تقارن نفسك بالآخرين؛ حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك، وتذكر أنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شيء، فقط ركز على إبداعاتك، وعلى ما تعرف أبرزه، وحاول تطوير هواياتك الشخصية، وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون، ومن المهم جدًّا أن تقرأ عن الأشخاص الآخرين، وكيف قادتهم قوة عزائمهم إلى أن يحصلوا على ما أرادوا، اختر مثلًا أعلى لك، وادرس حياته وأسلوبه في الحياة.

بنك الذاكرة:

يقودنا النقص الزائد في الثقة بالنفس مباشرة إلى ذاكرة غير منتظمة، فالعقل يشبه البنك كثيرًا، إنك تودع يوميًا أفكارًا جديدة في بنكك العقلي، وتنمو هذه الودائع، وتكوِّن ذاكرتك...، حين تواجه مشكلة أو تحاول حل مشكلة ما فإنك في واقع الأمر تسأل بنك ذاكرتك: ما الذي أعرفه عن هذه القضية؟ ويزودك بنك ذاكرتك أوتوماتيكيًا بمعلومات متفرقة تتصل بالموقف المطلوب؛ بالتالي مخزون ذاكرتك هو المادة الخام لأفكارك الجديدة؛ أي أنك عندما تواجه موقفًا ما، صعبًا، فكر بالنجاح، لا تفكر بالفشل، استدعِ الأفكار الإيجابية، المواقف التي حققت فيها نجاحًا من قبل، لا تقل: قد أفشل كما فشلت في الموقف الفلاني، نعم أنا سأفشل، بذلك تتسلل الأفكار السلبية إلى بنكك، وتصبح جزءًا من المادة الخام لأفكارك، حين تدخل في منافسة مع آخر قل: أنا كفء لأكون الأفضل، ولا تقل لست مؤهلًا، اجعل فكرة (سأنجح) هي الفكرة الرئيسية السائدة في عملية تفكيرك.

يهيئ التفكير بالنجاح عقلك ليعد خططًا تنتج النجاح، وتجنب التفكير بالفشل، فهو يهيئ عقلك لوضع خطط تنتج الفشل، لذلك احرص على إيداع الأفكار الإيجابية فقط في بنك ذاكرتك، واحرص على أن تجعل أفكارك إيجابية، ولا تسمح لأفكارك السلبية أن تتخذ مكانًا في بنك ذاكرتك.

عوامل تزيد ثقتك بنفسك:

عندما نضع أهدافًا وننفذها تزيد ثقتنا بنفسنا مهما كانت هذه الأهداف، سواء على المستوى الشخصي، أو على صعيد العمل، مهما كانت صغيرة تلك الأهداف.

اقبل تحمل المسئولية فهي تجعلك تشعر بأهميتك، تقدم ولا تخف، اقهر الخوف في كل مرة يظهر فيها، افعل ما تخشاه يختفي الخوف، كن إنسانًا نشيطًا، اشغل نفسك بأشياء مختلفة، استخدم العمل لمعالجة خوفك تكتسب ثقة أكبر.

حدث نفسك حديثًا إيجابيًا في صباح كلّ يوم، وابدأ يومك بتفاؤل وابتسامة جميلة، واسأل نفسك ما الذي يمكنني عمله اليوم لأكون أكثر قيمة؟ تكلم! فالكلام فيتامين بناء الثقة، ولكن تمرن على الكلام أولًا.

حاول المشاركة بالمناقشات، واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة في كل المجالات، كلما شاركت في النقاش تضيف إلى ثقتك، كلما تحدثت أكثر يسهل عليك التحدث في المرة التالية، ولكن لا تنسَ مراعاة أساليب الحوار الهادئ والمثمر.

اشغل نفسك بمساعدة الآخرين، تذكر أن كل شخص آخر هو إنسان مثلك تمامًا، يمتلك نفس قدراتك، ربما أقل، ولكن هو يحسن عرض نفسه، وهو يثق في قدراته أكثر منك.

اهتم بمظهرك ولا تهمله، ويظل المظهر هو أول ما يقع عليه نظر الآخرين.

_______________

المرجع: كتاب كيف تعيش الحياة وتحبها.

المصدر: موقع البلاغ.