كيف تتغلب على ضعف الشخصية؟
ضعف الشخصية أمر بات يرافق العديد من الشباب، وهو وإن كان له خطورته إلا أنه في نفس الوقت له علاجه إذا عزم الشاب على ذلك، وسلك الطريق الموصلة إليه.
إن الناس بطبعهم لا يحبون ضعيف الشخصية، ذاك الرجل المذبذب الذي لا يحسن اتخاذ القرار ولا مواجهة الآخرين، ولا يجيد التعبير عن آرائه والدفاع عنها، ولا يحسن التصرف في الأزمات والأمور الصعبة.
لذا كانت معالجة ضعف الشخصية أمرًا له أهميته ومكانته، وجدير بالشباب العناية به، على أنه لا بد للشاب من الواقعية وعدم الوهم، فإن الكثيرين يعتقدون في أنفسهم ضعف الشخصية، خاصة إذا لم يمكنهم الحصول على مطلب معين أو تحقيق مقصد سعوا إليه، وهذه مبالغة منهم وتحقير لأنفسهم، وربما أدى بهم هذا الوهم إلى أمراض أخرى تحتاج إلى معالجة، ولا بد من التنبه إلى أن الشخص قد يكون قوي الشخصية في موقف أو مكان ما، ولا يتوفر له ذلك في موقف أو مكان آخر، فالأمر إذًا نسبي، وليس هناك حد معين لضعف الشخصية، إلا أن هناك مظاهر معينة وعلامات تدل على خلل في الشخصية ينبغي معالجته.
من مظاهر ضعف الشخصية:
1- عدم القدرة على اتخاذ أي قرار حتى في الأمور الشخصية.
2- الخوف والخجل من الكلام أمام الآخرين أو محادثتهم.
3- عدم التحكم في العواطف والمشاعر؛ بل ينجرف وراءها دون معرفة بعواقبها.
4- التبعية للأقوى في الرأي والفكر والحركات وغيرها.
5- كثرة الشكوى واللجوء للآخرين حتى في أبسط الأمور.
6- تقليد الآخرين في حركاتهم ولباسهم وهيئاتهم؛ بل حتى وآرائهم وأخلاقهم.
هذه بعض مظاهر ضعف الشخصية، والتي هي في الحقيقة نتاج كلي لعوامل ذاتية وأسرية وبيئية متداخلة ومتراكمة على مر السنين، فهي ليست وليدة يوم وليلة، وإنما هي حصاد سنوات مضت كان لها أثر في تكوين شخصية معينة لكل منا.
وعمومًا فإن تعرض الشخص لأسلوب تربية خاطئ من قبل الوالدين أو من يقوم مقامهما له أثر في ذلك، فالدلال الزائد الذي يعدم الشخص تعلم الاعتماد على نفسه فيما يستطيعه من أمور، والخوف الزائد عليه وكذلك الشدة الزائدة عليه في التربية، بحيث لا يعطى فرصة التعبير عن رأيه وتوضيح ما يجول في خاطره، كل هذا له آثاره السيئة والمنتهية بضعف شخصيته، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى التي قد تكون سببًا في ذلك؛ مثل الخجل أو الخوف أو نحو ذلك.
البداية تكون بصحة التشخيص:
وعلى الشاب الذي يعاني من ضعف الشخصية أن يحدد السبب في هذا الأمر حتى يستطيع معالجته، فإن كان خجلًا حاول التخلص منه، وإن كان خوفًا سعى لإزالته، وهكذا، بالإضافة إلى الأمور العامة التي تساعد في التخلص من هذه المشكلة، ومنها:
أولًا: كثرة القراءة والمطالعة، خاصة لأولئك الأشخاص الذين تميزوا بقوة الشخصية والتأثير على الآخرين، وأولهم وأعلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صحابته، وهكذا فإن كثرة القراءة في سير هؤلاء سيثير في نفسك الحماس للتخلص مما أنت فيه.
ولا تنس مع ذلك القراءة في الكتب الحديثة المهتمة ببناء شخصية الإنسان، فهي تساعد الشباب على كيفية التعامل مع الآخرين، وكيفية اتخاذ القرار، وعوامل إقناع الناس وغير ذلك، فإن هذه القراءة المتنوعة ومحاولة التطبيق ستؤدي إلى نتائج إيجابية ناجحة.
ثانيًا: تعرف على نقاط الضعف لديك، وحاول معالجتها والتخلص منها تدريجيًا، فمثلًا إذا كنت تعاني من عدم القدرة على الدفاع عن الرأي فحاول تدريب نفسك على الدفاع عن الرأي، وذلك يتأتى لك بالتمعن في الموضوع الذي تريد طرحه وإقناع الناس به، وتأمله من جوانبه المتعددة ومعرفة سلبياته ومآخذ الناس عليه، وبالتالي استحضار الرد عليها، وشيئًا فشيئًا ستصل إلى قدر جيد من إقناع الآخرين، أو على الأقل أن تجعل رأيك محل نظر واهتمام.
ثالثًا: لا بد أن تنمي لديك العديد من المهارات التي تعينك على تقديم نفسك بشكل أفضل أمام الآخرين، فإنه على قدر ما تتقن من مهارات، أيًا كانت هذه المهارات، ستكون منزلتك عند الناس.
رابعًا: ابذل جهدك واسع للإجادة فيما يسند إليك من أعمال، حتى ولو لم تكن واجبة عليك، فإن كثرة مزاولة الأعمال المختلفة والمتنوعة سيولد لك خبرات وتعاملات تستطيع من خلالها مواجهة الآخرين، ومعرفة الطرق النافعة في ذلك.
خامسًا: لا بد من تحديد أهدافك في هذه الحياة بوضوح تام؛ حتى تستطيع بناء علاقات مناسبة مع أناس يسعون لتحقيق تلك الأهداف.
سادسًا: شارك فيما تستطيع من الأنشطة العامة والخاصة العائلية وغيرها، فإن المشاركة في مثل هذه الأنشطة تعطي الإنسان مزيدًا من الخبرات، يستطيع من خلالها مواجهة الآخرين.
سابعًا: حاول التحدث مع أقرب الناس إليك، سواء من أقاربك أو أصدقائك، ثم تجاوز ذلك إلى غيره، وأنت في كل ذلك تحاول الاستفادة من مواقفك، وترقى بعد ذلك إلى الحديث أمام المجموعات شيئًا فشيئًا حتى تصل.
ثامنًا: توقع الفشل وضعه في حسبانك، وحول الخوف منه إلى استفادة، بحيث تتجنب الوقوع فيه فيما يستقبل من أمرك، ولا تيأس من تكرار المحاولة مرة بعد مرة.
وأخيرًا:
اعلم أنك كلما كنت قريبًا من الله، بكثرة العبادات والطاعات والبعد عن المحرمات، كنت موفقًا، فإن من كان مع الله كان الله معه، ومن كان الله معه فلن يخذله.
المصدر: موقع: كنانة أُن لاين.