logo

طرق تبليغ الدعوة


بتاريخ : الأربعاء ، 4 جمادى الآخر ، 1441 الموافق 29 يناير 2020
بقلم : تيار الاصلاح
طرق تبليغ الدعوة

الدعوة بمعنى الإسلام أو الرسالة: هي دين الله الذي بعث به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والذي تجدد على لسان نبيّ الله محمد صلّى الله عليه وسلم، فجاء بشريعةٍ كاملةٍ وافيةٍ لصلاح الدنيا والآخرة، وهي دين الله تعالى الذي ارتضاه للعالمين؛ تمكينًا لخلافتهم، وتيسيرًا لضرورتهم، ووفاءً بحقوقهم، ورعايةً لشؤونهم، وحمايةً لوحدتهم، وتكريمًا لإنسانيتهم، وإشاعةً للحق والعدل فيما بينهم، وعرفها آخرون بأنها مجموعة من الضوابط المتكاملة التي تضبط السلوك الإنساني وتحدده، ومن خلالها يتم تقرير الحقوق والواجبات.

الدعوة بمعنى نشر رسالة الإسلام وتبليغها للناس: هي عند شيخ الإسلام ابن تيمية الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى، وبما جاء به رسله عليهم السلام؛ بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، ودعوة العبد إلى عبادة الله تعالى كأنه يراه، وقيل في تعريفها إنها تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة، أو هي حث الناس على القيام بالأفعال الخيرة، واجتناب أفعال الشر، وأمر الناس بالمعروف، ونهيهم عن المنكرات، وتحبيبهم بالفضائل، وتنفيرهم من الرذائل.

الدعوة إلى الله تكون بتعريف الناس بالله، وأسمائه، وصفاته، وقوته، وعظمته، وجميل إحسانه، وأن يبين للمدعوّين أن الله هو الخالق العظيم، الواحد، الأحد، المالك، المتصرّف في شؤون خلقه، بيده الأمر، وهو الرازق لعباده، وهو المستحق للعبادة دون سواه؛ وبعد أن يستقر في قلوب المدعوّين كمال الله وصفاته، نبين لهم بقية الأركان، كالإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، وهذه أوّل مراتب الإيمان وأعلاها، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19]، الدعوة لبيان اليوم الآخر، وما فيه من أحداث يوم القيامة، من البعث، والنشور، والصراط، والميزان، والجنة والنار، ليرغب الإنسان في الإيمان والطاعات، ويترك الكفر والعصيان، ويتسابق في أعمال البر.

الدعوة لبيان أحكام الدين الشرعية من حلالٍ، وحرامٍ، وعباداتٍ، ومعاملاتٍ، وواجباتٍ، وسننٍ، وحقوقٍ، وحدودٍ.

والدعوة إلى الله تكون بطريقين:

الأول: طريق الليْن: وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح الأدلة والبراهين بأحسن أسلوب وألطفه، قال تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه: 43 - 45].

قال القرطبي: دليل على جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن ذلك يكون باللين من القول لمن معه القوة، وضمنت له العصمة، ألا تراه قال: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} وقال: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]، فكيف بنا فنحن أولى بذلك، وحينئذ يحصل الآمر أو الناهي على مرغوبة، ويظفر بمطلوبه، وهذا واضح (1).

وهذا الطريق هو المطلوب المشروع بداية ونهاية.

قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}  [النحل: 125].

ومن صور هذا الطريق ما يلي:

1- القدوة: إن أسلوب القدوة من أوائل الأساليب الدعوية الناجحة، حيث يتمثل الداعية أمام ناظر المدعو صورة حية، ونموذجًا صادقًا، وتطبيقًا واقعيًا للأفكار والمبادئ التي يدعو لها، ومهما عمل الداعية على توضيح منهج الإسلام المتكامل، أو رسم صورة مثالية للمسلم، فإن ذلك لن يحقق ذات النتائج، ولن يغني عن وجود واقع حقيقي يمثله إنسان صادق، يحقق بعمله وسلوكه هذه الصورة.

قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، والنبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة للصحابة في كل شيء، وشهد له كفار قريش بالصدق والأمانة، والإسلام في العصور الأولى انتشر في شبه القارة الهندية وأفريقيا وإندونيسيا عن طريق التجار بما يمثلونه من قدوة حسنة في التعامل والصدق في المعاملة.

ومعنى القدوة أن يكون الداعية صورة صحيحة وصادقة لكل ما يدعو إليه، ويريد غرسه في المدعو، بل أن يكون فعله وسلوكه صادقًا قبل كلامه، ولا ريب أن الدعوة بالفعل والعمل، أقوى وأوقع في النفس، وأعون على الحفظ والفهم، وأدعى إلى الاقتداء والتأسي، من الدعوة بالقول والبيان، فالدعوة بأسلوب القدوة هو الأسلوب الملائم للفطرة، وقد كان من أعظم وأبرز أساليب النبي صلى الله عليه وسلم (2).

والقدوة الحسنة لها أثر بعيد المدى في نفوس المدعوين، لأنها عرض للنماذج البشرية الصالحة التي يراد محاكاتها والاقتداء بها، وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقتدي برسله الذين تقدموه فقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، كما جعله مثلًا أعلى للمسلمين، وهو رسول الله الذي جمع ما تفرق في غيره من خصال الخير كلها، فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

كيف تقتدي به صلى الله عليه وسلم؟

1- عليكَ بالحِلْمِ والرفق في تعليم الجاهلين متأسيًا في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- إيَّاكَ والعُنْفَ في تغييرِ المنكرِ، وتذَكَّرْ كيف كان هديه صلى الله عليه وسلم مع المجترئين على المعصية.

2- البـلاغ: الطريق الآخر في تبليغ الدعوة هو: البلاغ كما قال تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، ويكون عبر الكلمة والرسالة والكتاب والشريط والمحادثة الشخصية، أو ما يسمى بالعلاقات الشخصية، وقد توفر في عصرنا الحاضر من الوسائل ما لا يخطر على بال، أنت جالس في بيتك وبين أهلك وأولادك وتدعو من هو في أطراف الأرض عبر كلمة تقولها، أو كتاب ترسله، أو برسائل الجوال، أو الإنترنت وغيرها كثير .

فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يعلم ما يريد من أول أيام الدعوة، وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تبليغ كل من يعرف ومن لا يعرف، واختلفت وسائل البلاغ في كل مرحلة، لكن البلاغ كان سمة عامة في كل مراحل السيرة، في أول أيام الدعوة كان البلاغ سرًا وعن طريق الانتقال، واستمر ذلك ثلاث سنوات كاملة، ثم أعلن الرسول عليه الصلاة والسلام الأمر على الناس، وبلغ أهل مكة جميعًا، وناداهم قبيلة قبيلة ورهطًا رهطًا، وصدوه عن دعوته وقاوموه، لكنه ما قصر صلى الله عليه وسلم في البلاغ أبدًا، بل كان يذهب إليهم في اجتماعاتهم وبيوتهم، وكان لا يترك زائرًا يدخل مكة إلا وحدثه عن الإسلام وبلغه إياه، وكان لا يترك وفدًا أتى للحج إلا وشرح له الرسالة الإسلامية وبشره وأنذره، وكان يجد إعراضًا كثيرًا وسخرية مرة، ومع ذلك ما توانى لحظة عن إيصال رسالته للناس صلى الله عليه وسلم.

وفي فترة المدينة المنورة اجتهد في نشر دعوته وتبليغ الناس، ليس فقط في المدينة؛ ولكن في كل أرجاء الجزيرة، ووصل الأمر في السنة السابعة من الهجرة إلى مكاتبة زعماء وملوك العالم لتبليغهم دعوة الإسلام، كانت المهمة واضحة تمام الوضوح في ذهنه صلى الله عليه وسلم، إنه البلاغ مهمة الرسل، ومهمة أتباعهم الذين يسيرون في طريقهم.

الرسول عليه الصلاة والسلام كان متفانيًا في أداء هذه المهمة النبيلة إلى درجة أنه كان يحزن حزنًا شديدًا يكاد يهلكه عندما لا يهتدي إنسان بكلمات القرآن، مع أن مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام هي البلاغ فقط وليست الهداية، إلى الدرجة التي رفق الله عز وجل به وأنزل آيات في مواطن عدة من القرآن الكريم تنهاه عن الحزن الشديد، قال تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل:127]، وأمثال ذلك كثير في القرآن الكريم.

إذًا: على المسلم الفاهم الواعي أن يلتقط هذه المهمة النبيلة ليجعلها مهمة حياته، لا يرضى أبدًا بأقل منها رسالة، لا يرضى أبدًا بأبسط منها قضية، هذه هي قضية المسلم في حياته بكاملها، وهذا ما فهمناه بوضوح من خلال السيرة النبوية (3).

3- استثمار المواقف والفرص: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستثمر المواقف في التعليم؛ لأنها أوقع أثرًا وأثبت في الذاكرة، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أصحابه يومًا، وإذا بامرأة من السبي تبحث عن ولدها، فلما وجدته ضمته.

هنا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستثمر هذه الفرصة ويعلم أصحابه مدى رحمة الله، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أترون هذه طارحة ولدها في النار» قالوا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها» (4).

والمواقف متنوعة فقد يكون الموقف موقف حزن أو خوف فيستخدم في الوعظ، كما في وعظه صلى الله عليه وسلم أصحابه عند القبر، يقول البراء بن عازب رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد -أي: لم ينتهوا من حفر المكان الذي يدفن فيه الميت-، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر»، مرتين أو ثلاثًا، ثم ذكر الحديث الطويل في وصف عذاب القبر وفتنته (5).

4- الدّعوة بالنّصيحة والقول الحسن، فالداعية إلى الله تعالى يستطيع أن يطوع لسانه، ويستفيد من بيانه في دعوة الناس إلى طريق الله تعالى وهدايتهم وإرشادهم باستخدام الألفاظ الرزينة، والعبارات الجميلة، والكلمات المؤثرة، والدعوة باللسان لا شك بأنها دعوة جليلة تحدث الأثر الكبير في نفوس الناس، وخاصة إذا كان الدّاعية متمكّنًا من مفردات اللغة، ضليعًا في اختيار الألفاظِ والعبارات المؤثرة التي تجذب الناس إلى كلامه دون تنفير، وفي الحديث الشريف عن الرسول عليه الصلاة والسلام: «إنّ من البيان لَسحرًا» (6)، أي أثر عجيب يحدثه في نفوس الناس.

وللإحسان ضدان: الإساءة، وهي أعظم جرمًا، وترك الإحسان بدون إساءة، وهذا محرم، لكن لا يجب أن يلحق بالأول، وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى، والمساكين، وتفاصيل الإحسان لا تنحصر بالعد، بل تكون بالحد، كما تقدم.

ثم أمر بالإحسان إلى الناس عموما فقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليمهم العلم، وبذل السلام، والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب.

ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله، أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق، وهو الإحسان بالقول، فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار، ولهذا قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .

ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده، أن يكون الإنسان نزيهًا في أقواله وأفعاله، غير فاحش ولا بذيء، ولا شاتم، ولا مخاصم، بل يكون حسن الخلق، واسع الحلم، مجاملًا لكل أحد، صبورًا على ما يناله من أذى الخلق، امتثالًا لأمر الله، ورجاء لثوابه (7).

5- الدعوة إلى الله تعالى بالفعل الجميل الحسَن، فهناك مِن الدعاة من يسخر أعماله من أجل الدعوة إلى الله تعالى، فتراه يرتحل إلى بلادٍ بعيدة لا يعرف فيها الإسلام؛ ليقدم لأهلها الخير والمعروف فيدفع لهم الزّكاة والصدقات التي تفرّج كروبهم وتزيل همومهم، وخاصةً في البلاد التي ينتشر فيها الفقر والجهل، وكل تلك الأفعال بلا شك تؤلف قلوبَ النّاس للدخول في هذا الدين العظيم.

فهناك من الدعاة مَن يخرج إلى الناس في صورةٍ جميلة تحبب الناس في دين الله حينما يرون أفعاله وأقواله فيعجبون بها فيرغبون بالاقتداء به.

6- الدعوة إلى الله بتطويع شبكات التواصل الاجتماعي لهذه الغاية، وهذه وسيلة من أنفع الوسائل في دعوة النّاس في جميع أنحاء العالم إلى الله وتعريفهم برسالة الإسلام (8).

الطريق الثاني: طريق القوة والشدة: وهو الجهاد في سبيل الله:

فإذا لم يستجب الكفار للدعوة، تَعيَّن طريق القوة بالجهاد في سبيل الله، حتى يُعبد الله وحده، وتقام حدوده، ويكون الدين كله لله، وتزول الفتن.

فالجهاد في سبيل الله لا يكون إلا بعد إقامة الحجة بالدعوة إلى الله.

قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]، وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التحريم: 9].

وهذه الوسيلة يتم اللجوء إليها لمن يعادي دين الله تعالى، وقد لجأ المسلمون لهذه الوسيلة، وضحّوا بأرواحهم فداءً لدعوة الحقّ، قال الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23].

عقوبة ترك الدعوة إلى الله:

تعتبر الدعوة من أشرف الوظائف وأعظمها، وفي تركها عقوباتٍ كثيرةٍ منها:

1- الاستبدال: حيث قال الله تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد: 38]، اللعن والحرمان من رحمة الله تعالى: حيث قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} [المائدة: 78- 79].

2- العداوة والبغضاء: والمذكورة في قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 14].

3- التدمير والهلاك: قال تعالى: {فَلَمّا نَسوا ما ذُكِّروا بِهِ فَتَحنا عَلَيهِم أَبوابَ كُلِّ شَيءٍ حَتّى إِذا فَرِحوا بِما أوتوا أَخَذناهُم بَغتَةً فَإِذا هُم مُبلِسونَ (44) فَقُطِعَ دابِرُ القَومِ الَّذينَ ظَلَموا وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ (45)} [الأنعام: 44- 45].

4- الفرقة والخلاف: قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)} [آل عمران: 104- 105] (9).

***

____________

(1) تفسير القرطبي (11/ 199).

(2) الرسول المعلم وأساليبه في التعليم (ص: 65).

(3) كتاب السيرة النبوية، راغب السرجاني (46/ 15).

(4) أخرجه البخاري (5999).

(5) أخرجه أبو داود (4753).

(6) أخرجه البخاري (5146).

(7) تفسير السعدي (ص: 57).

(8) طرق الدعوة إلى الله، موضوع.

(9) أساليب الدعوة/ موضوع.