logo

صفات الداعية الناجح


بتاريخ : الأربعاء ، 26 جمادى الآخر ، 1436 الموافق 15 أبريل 2015
بقلم : تيار الاصلاح
صفات الداعية الناجح

إن المربي الذي يدعو إلى الله وفق منهج الله، ويريد أن ينتمي إلى حزب الأنبياء والصالحين، ويسعى جاهدًا لبناء دولة الإسلام هو صاحب رسالة جليلة وعظيمة؛ لأن مهمته هي مهمة الأنبياء، فهو يربي على قيم وتعاليم الإسلام، يدعو إلى مكارم الأخلاق، ويسعى لتكوين جيل مسلم جديد، يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا، ويؤمن به إيمانًا عميقًا، ويعمل به في نفسه وأهله ومجتمعه، ويجاهد لإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته، وتوحيد أمته؛ ليحقق غايته وهي رضا الله سبحانه وتعالى.

ولكي يؤدي الداعية رسالته، وينجح في تحقيق هدفه لا بد أن تتوفر فيه عدة صفات، من أهمها:

     الهدوء وضبط النفس:

من أهم سمات القيادة الناجحة الهدوءوضبطالنفس، وهي صفة جلية في رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، إن الهدوءوضبطالنفسموهبة فطرية، وسمة خلقية تكتسب كذلك، ونذكر من ذلك ما حدث لأفضل داعية عرفه التاريخ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ففي معركة حنين، عندما فوجئ المسلمون بهجوم قوي من الكفار، هوازن ومن معها، وفر من فر ممن أسلم بعد الفتح، وتراجع المسلمون عشوائيًا، في هذه اللحظات الحرجة والصعبة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت الجأش، هادئ الأعصاب، يقول: «أيها الناس، هلموا إلي أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله»، ويقول لعمه العباس: «ناد أصحاب الشجرة»(1)، وبفضل الله، ثم بفضل هذا الثبات من الرسول صلى الله عليه وسلم آب المسلمون إليه، ورجعوا يتجمعون حوله، وانتصروا بعدئذ بإذن الله.

هذا الموقف يحتاج إلى تأمل؛ ففيه الشجاعة وحسن التصرف، وفيه هدوء النفسوعدم الهيجان، وفيه التوازن مع ما في الحدث من شدة انعكست على الألوف ممن سار في الجيش.

 

يقول أحدهم: لكي يحافظ القائد على هدوئه، عليه أن يعتاد على معالجة الأمور المفجعة وكأنها عادية، بدلًا من معالجة الأمور العادية وكأنها فواجع، ويقول كذلك: على القائد الذي يود أن يكون أهلًا للقيادة؛ أن يبدأ بقيادة نفسه، ولا يمكن لمن لا يسيطر على نفسه أن يسيطر على الآخرين.

 

إن استقبال أي حدث، مهما كانت درجة عظمته، بهدوء وضبطنفس يمكّن المسئول والقائد من عدة أمور، منها:

 

أولًا:استيعاب الحدث بمعرفة حجمه الحقيقي، فكم من موقف استقبلناه بشدة وغلظة بينما هو أبسط وأصغر من أن يواجه ويستعد له على حساب أمور أخرى، والعكس صحيح، فكم من حدث ظهر لنا بسيطًا فلم يحسب له أي حساب، فلما تبين لنا أنه كبير ويحتاج إلى موقف سريع منا لم نتمكن من استيعابه، ففي كلا الحالتين ضبط النفسوهدوءها يعين القائد على دراسة حجم الأحداث.

 

ثانيًا: استيعاب الحدث بمعرفة مسبباته، الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى وقوع الحدث يعين على معرفة أفضل المواقف التي ينبغي اتخاذها.

 

ثالثًا: استيعاب الحدث بمعرفة أبعاده المستقبلية، فما من حدث إلا وله ما وراءه، والهدوء وضبطالنفسمما يعين القائد على الاستعداد لمواجهته بعقلية الواعي لما يدور حوله(2).

 

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ضمادًا قدم مكة، وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمدًا مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي، قال فلقيه، فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد»، قال: فقال: أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال: فقال: لقد سم