شبكات التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين
يشهد العالم اليوم ثورة تقنية متطورة في وسائل الاتصال, لم تعد تقتصر على تطور وسائل الإعلام التقليدية؛ بل انتقلت إلى وسائل أخرى أكثر تطورًا وسهولة وانتشارًا في التواصل بين البشر, وهو ما يطلق عليها اليوم وسائل التواصل الاجتماعي, التي باتت متوفرة في أجهزة صغيرة الحجم, وسهلت التواصل وتناقل الأخبار والمعلومات, وليس هذا فحسب؛ بل نشر الشائعات والأخبار الكاذبة, والإساءة إلى الدين الإسلامي ورموزه، ونقل الثقافات وإسقاطها على مجتمعات أخرى, فأصبح العالم اليوم مثل القرية الصغيرة؛ يعرف سكانها أخبار بعضهم البعض.
وهذه النقلة الفضائية (شبكات التواصل الاجتماعي)، تنوعت في أشكالها وأهدافها وطرائق استخدامها، واستأثرت بجماهير واسعة من أفراد المجتمعات وشرائحه، وكونت بينهم أسسًا ومعايير جديدة من الروابط الاجتماعية، وحققت لهم وسائل الاتصال الفوري المفتوح الذي أسهم في عولمة الأفكار والثقافات.
هذا التطور التقني الهائل الذي أسهم فيه تطور شبكة الإنترنت بسرعات عالية، وأجهزة ثابتة ومتنقلة، جعلت الفرد يصطحب في جيبه ما يشاء، ويشارك العديد من المستخدمين معلوماته ويومياته وثقافته الخاصة, بالتأكيد له من الآثار السيئة على الفرد والمجتمع, وربما على عقيدة الإنسان المسلم، ومن هنا كان من الواجب علينا أن نبحث عن سبل توعية الفرد المسلم بأهمية الالتزام بآداب الإسلام وأحكامه في استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص, واستثمارها في خدمة الدين والمجتمع الإسلامي.
فالإحصاءات والدراسات تشير إلى انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير وسط أفراد المجتمعات الإسلامية في مختلف دول العالم، وبخاصة دول العالمين العربي والإسلامي، حيث أصبحت تلك الوسائل هي المصدر الأول لتلقي الأخبار والمعلومات لدى نسبة كبيرة من مستخدميها ومتابعي الناشطين فيها.
هذا الانتشار وهذه الثقة المفرطة من قبل بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في تلك الوسائل، ومصداقية ما يروج فيها, تستوجب الالتفات لها؛ لبيان الآثار الإيجابية والسلبية لتلك الوسائل, ومخاطر ما يروج فيها من الأفكار المنحرفة والأكاذيب والإشاعات التي يقف خلفها أعداء متربصون بالأمة.
خصائص شبكات التواصل:
1- متعددة ومتنوعة: حيث هناك العديد من هذه الشبكات؛ مثل: الفيس بوك، والتويتر، والواتس أب، وغيرها، والشخص يمكنه استخدام المناسب له.
2- اختيارية: كل إنسان على حسب إرادته في تواصله مع الآخرين.
3- السرعة: سرعة التواصل وتناقل الأخبار والمعلومات والرسائل والصور والآراء.
4- سهولة الاستخدام: يمكن استخدامها عن طرق الحاسب الآلي، أو اللوحي، أو الهاتف الجوال.
5- سهولة التواصل والتفاعل: فهي لا تحتاج مهارات عالية للتعرف على تطبيقاتها.
6- التفاعلية: فالمستخدم لها راسل ومستقبل وقارئ وكاتب ومشارك.
7- تعدد الاستعمالات: فمن الناس من يستخدمها للأخبار، ومنهم من يستخدمها للتسلية، ومنهم من يستخدمها في البحث العلمي، حتى المسوق يستخدمها في الترويج لسلعته.
8- اقتصادية: فيمكن المستخدم التواصل حول العالم بأسعار زهيدة ووقت وجيز.
9- الإتاحة: فهي متاحة للجميع، دون قيود أو شروط أو رقيب.
10- العالمية: فهي غير مرتبطة بحدود جغرافية، فالذي في أقصى الشمال يستطيع التواصل مع من في أقصى الجنوب.
أبرز المظاهر السلوكية لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي:
1- الكذب المفرط أثناء التواصل والتفاعل مع الآخرين.
2- كثرة الأخبار الكاذبة والاشاعات المغرضة وانتشارها بسرعة عجيبة.
3- انفلات زمام الوقت أثناء الجلوس على هذه الشبكات، فالمستخدم لا يستطيع التحكم في عدد الساعات التي يقضيها على هذه الشبكات.
4- ظهور نمط غير منطقي في التفكير، تتداخل فيه الأفكار المتضاربة والآراء المتناقضة التي لا تخضع لدين أو قانون أو أخلاق.
5- إهمال العلاقات الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء، والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية والأحداث الجارية.
6- الاتجاه نحو علاقات عاطفية غير منضبطة دينيًا أو أخلاقيًا أو اجتماعيًا.
7- انخفاض المستوى العلمي وتجاهل الدراسة.
8- وجود مزيج من اللغات المُدخلة العربية والأجنبية والرقمية.
9- ضعف الاعتراف بقيمة الذات والهروب من الواقع.
10- المساهمة في تفكك الأسر وضعف العلاقة بين الزوجين(1).
من فوائدها:
- تسهل للناس التواصل بينهم.
- إحياء الروابط القديمة والتقريب بين المسافات .
- تجاذب الآراء والنقاشات وحصول الترابط.
- إقامة الحلق والعصف الذهني على البعد.
- سهولة الاستعمال وتوفير المال.
- قد يوفق الإنسان في نوافذ يستطيع من خلالها الازدياد علمًا وإيمانًا وعملًا للإسلام .
من سلبياتها:
- لا تبني الشخصية العلمية، وقد تعطي هذه المواقع الثقافة ولكنها تذهب بذهاب الحدث أحيانًا.
- قد تضخم تيارات صغيرة فتبدو كبيرة.
- تضييع كثير من الأوقات فيها.
- تكوّن ثقافة سطحية، لا تكون بها قوة العلم والإيمان.
من أبرز الضوابط الشرعية ما يلي:
1- التحلي بالفضيلة ونشر القيم الدينية، وتنمية هذه القيم في أفراد المجتمع؛ ليبقى المجتمع الإسلامي مجتمعًا متماسكًا وقويًا، وقادرًا على مواجهة الأخطار والقيم الوافدة.
2- الالتزام بالتعاليم الشرعية ومنهج الوسطية والاعتدال، والقيم الاجتماعية والأخلاقية والثقافية؛ بما يجعلهم يحرصون على انتمائهم وأصالتهم، واحترام العلم والقيم وحقوق الإنسان والحوار، وحل المشكلات من خلال استخدام أساليب بعيدة عن القهر والإلزام والعنف.
3- البعد عن التحريض وإثارة الفتن الدينية والعرقية .
4- مراعاة الأمانة وتحري الصدق والتثبت في نشر الأخبار ونقلها، وعدم نشر الشائعات وترويجها.
5- حرمة التشهير وإشاعة الفاحشة.
6- حرمة القذف، وعظم جريمة القذف عبر شبكات التواصل الاجتماعي لانتشارها على مساحة أكبر من الناس.
7- حرمة نشر الأسرار، ويشمل خصوصيات الإنسان وعيوبه التي يكره أن يطلع عليها الناس.
8- غض البصر عمَّا لا يحل النظر إليه .
9- مراعاة أدب الحوار مع الآخر، وآداب النصح وفق الضوابط الشرعية .
10- الحذر من استخدام شبكات ومواقع أهل الضلال والبدع والأهواء.
11- استثمار الوقت في الأمور النافعة، وعدم الإفراط في ارتياد مواقع التواصل الاجتماعي، وتنظيم أوقات خاصة للإفادة منها.
12- استحضار مراقبة الله عند الكتابة، وعند وضع الأشياء ورفعها وتدويرها ومشاركتها {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الإنفطار:10-12].
13- الحرص على نشر المفيد والهادف الذي ينفع إخوانك {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83] من ذكر وعلم، وأمر بالمعروف ونهي عن منكر.
14- أصبحت هذه المواقع (مذبحة الإخلاص)، فاحذر الرياء والتسميع بذكرك أعمالك الصالحة، ففيها مجال كبير لذلك «من سمَّع سمَّع الله به»(2).
15- التثبت عند نشر المعلومات، والحذر من نشر الكذب أو حكم شرعي غير متأكد منه، وهناك أزمة من يكون الأول في نشر الخبر «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع»(3).
16- ليس كل خبر صحيح ينشر، فحدث الناس بما يعقلون، فبعضها يكون فيه فزع للمجتمع، أو ترويع المؤمنين، أو تحبط معنوياتهم، وكذلك نشر أخبار الفاحشة إما يجرئ الناس عليها أو يعطي أن المجتمع منتشر فيه هذا الشيء(4) .
حكم متابعة أصحاب الباطل:
إذا كان المتابع مصدقًا له وناشرًا فيحرم ولا يجوز {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} [البقرة:166]، ومن تابعهم من أهل العلم ليرد على باطلهم فهو مأجور.
فالحذر الحذر من متابعة أهل البدع، فهي تمرض القلب، وكل كلام السلف من تحذير مخالطة أهل البدع ومجالستهم ينطبق على هذه المواقع «من سمع بالدجال فلينأ عنه»(5).
الآثار العقدية لشبكات التواصل الاجتماعي :
من الآثار السلبية لتلك المواقع أيضًا انتشار الصفحات التي تحارب الإسلام، وتشكك شباب المسلمين في دينهم وفي عقيدتهم، وقد انتشرت تلك الصفحات الاجتماعية بكثافة كبيرة جدًا، سواء من غير المسلمين، الذين يقومون بحملات منظمة لتشويه الإسلام وهدمه، أو من المسلمين المنحرفين عقديًا، فلا تكاد تسمع عن ملة أو طائفة من الطوائف المختلفة إلا ولها عشرات؛ بل مئات، الصفحات التي تبث أباطيلها، بكافة الوسائل، المقروءة والمسموعة والمرئية، وبكل اللغات، متبعة أحدث أنواع التقنية الإعلامية، وهذه الصفحات تستهوي كثيرًا من الشباب إليها؛ نظرًا للجهود العظيمة التي تبذل من القائمين عليها من جانب، ومن جانب آخر قلة ثقافة الشباب المسلم، وخاصة في المجتمعات التي تخلو منهاجها التربوية من تعاليم الإسلام، فيتخرج هؤلاء الشباب من المدارس والمعاهد والجامعات وهم لا يعرفون صغيرة ولا كبيرة عن الإسلام، ويقعون فريسة بين مخالبهم.
الإلحاد نموذجًا:
الإلحاد هو أخطر الآثار السلبية لشبكات التواصل الاجتماعي؛ لأنه يحارب العقيدة، ويتنصل من القيم والمبادئ، ومن الحلال والحرام؛ فهو يجعل الإنسان نفسه مصدر الأخلاق والقيم بدلًا من أن يكون مصدرها الشرائع السماوية؛ لأن الملحد لا يعترف بالشرائع ولا يعترف بمن أنزلها؛ فهو ينكر كل ما لا يدركه الحس.
الإلحاد كفكر منحرف له أسوأ الأثر على الأخلاق والسلوك، للفرد والمجتمع، إذا كانت عقيدة الملحد قائمة على إنكار وجود الإله، وإنكار الأديان بشتى تعاليمها فمن أين يستمد الملحدون أخلاقهم وضوابط سلوكهم، هل يستقيها الملحدون من فلسفة ماركس وأمثاله مثلًا؟ يدعي الملحدون في صفحاتهم أن الإنسان نفسه هو مصدر الأخلاق والفضيلة، والواقع يبطل هذا الكلام تمامًا؛ فالأخلاق والسلوك والقيم لا يصلح أن يكون مصدرها الإنسان نفسه؛ إن البشر يتفاوتون في الصفات والإدراك والأهواء والميول؛ فما يراه البعض صوابًا ربما يراه الأخرون عين الخطأ.
فكل دولة تربي شعبها على الأخلاق التي تناسبها؛ فما نعتبره حسنًا قد يعتبره آخرون قبحًا، فنحن نعتبر العفة والحياء خلقًا كريمًا؛ بينما هذه العفة شذوذ وكبت عند المجتمعات الغربية، فالشعوب والأفراد ليسوا بمنزلة واحدة في نظرتهم إلى الأخلاق؛ فكل فرد يتخلق بالأخلاق التي تتناسب مع أهدافه، أما المسلمون فيستقون مصادر أخلاقهم من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ولو صدق الملحدون أن الإنسان هو مصدر الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن؛ لكان الملحدون أنفسهم هم أفضل الناس أخلاقًا وأرقاهم سلوكًا؛ لأنهم يدَّعون على صفحاتهم، وبلا استثناء، أنهم أعقل البشر، وأشدهم فهمًا وإدراكًا للحقيقة، وهذا باطل؛ فالملحد لا يفوق غيره في الأخلاق؛ بل إنه يتدنى إلى الدرك الأسفل منها؛ فهو يدعي أنه أرحم من الآلهة المزعومة في الأديان لأنها لا تغني الفقراء ولا تعطي المحرومين، ومع ذلك يرتع بالعيش الرغيد، فهل أثبت صدقه واقتسم أمواله مع الفقراء والمساكين، أو حتى عاش زاهدًا في متاع الدنيا من باب المشاركة للبؤساء؟
الملحد يرد على من يطلب منه زوجته قائلًا: إن رضِيَت بذلك فهي لك، ثم يدعي الفضيلة والشرف!!!(6).
أخيرًا:
إن هذه المواقع، لا شك، لها فوائد جمة، ومحاسن عظيمة، وفي نفس الوقت لها أضرار جسيمة، وأخطار مدمرة مهددة لتماسك العنصر البشري أجمع، بقطع أواصر الاتصال بين أفراده، والقضاء على كثير من السمات الاجتماعية التي تُميز الإنسان عن غيره.
ولذلك علينا، معشر المسلمين، أن نكون وسطيين معتدلين في استخدام تلك المواقع، فلا نُفْرِط في استخدامها في كل ما ينفع ويضر، ولا نبتعد عنها ونحجر على أنفسنا استخدامها؛ لأن هذا محال بعد أن دخلت في صلب الحياة العصرية.
إن أكثرية الشباب الذين يرتادون المواقع الإلكترونية بوجه عام هم من أنضج الشباب، وليسوا من المتجمدين التقليديين، قد يُنظرُ لهم نظرة سوداوية، ولكنهم ذوو قلوب طيبة، كل ما هنالك أنهم يريدون من يستوعبهم من الدعاة والمربين، يريدون من يعرف مفاتيح قلوبهم، يريدون من يثقون فيه ليبثّوا إليه همهومهم، يريدون من يتعرف على مكامن طاقتهم المخزونة فيوظفها خير توظيف.
والمذنبون منهم يحتاجون من الدعاة والمصلحين أن ينظروا لهم نظرة الطبيب لمريضه، فالطبيب يأتيه المريض فيلين معه ويترفق به ويتودد إليه، وما قصة الشاب الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا عنا ببعيد.
فيجب أن يحرص المربون والمصلحون على غرس الثقة في قلوبهم، كما كان يفعل السابقون، فهذا الصحابي أبو سعيد الخضري كان إذا رأى الشباب قال: «مرحبًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوسع لكم في المجلس، وأن نفهمكم الحديث، فإنكم خلوفنا، وأهل الحديث بعدنا»، وكان يقبل على الشاب فيقول له: «يا بن أخي، إذا شككت في شيء فسلني حتى تستيقن، فإنك إن تنصرف على اليقين أحب إلي من أن تنصرف على الشك»(7).
ونحن في حاجة لأن نفهم هؤلاء الشباب كما فهمهم السابقون، ونتعامل معهم كما تعامل معهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ كي نجنبهم آثار تلك المخاطر التي أشرت إليها من قبل.
ولتجنيب الشباب الصفحات الإباحية لا بد من تقوية الوازع الديني لديهم، عن طريق غرس حاسة مراقبة الله عز وجل في قلوبهم، فلو أيقن كل شاب أن الله يراه، وأن الله مطلع عليه لا تخفى عليه خافية، ما استغل تلك الوسائل فيما يغضب الله عز وجل .
وإنما المعصية تنتج عن غياب هذا الوازع لديه؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»(8).
إن الشباب في أمس الحاجة لأن يُربوا على العبادة التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»(9)، وأن تُشبع قلوبهم بالإيمان باليوم الآخر والحساب والجزاء (جنة أو نار)، وأنا موقن أن الشاب أو الشابة إذا آمن باليوم الآخر إيمانًا حقيقيًا يقينًا لن يقع في ذنب؛ إذ كيف يعرف حقيقة الجنة أحد ولا يعمل لها، وكيف يعرف حقيقة النار أحد ولا يعمل للنجاة منها، وإنما التقصير يأتي من ضعف درجة الإيمان.
كما يجب تكثيف العمل الدعوي عبر صفحات تلك المواقع، سواء أكان ذلك على المستوى الفردي أو المؤسسي، وألا نكتفي بإنشاء الصفحات لتسجيل المعجبين بها، ونحن نرى الآن أن كل الجهات الأخرى تتسابق من أجل الاستفادة المرجوة من تلك المواقع في تحقيق مصالحها، فلماذا إذن لا تزاحم المؤسسة الدعوية في ذلك، وتقوم بتشجيع الشباب المهتدي لعمل حملات إيمانية متواصلة لجذب هؤلاء الشباب لينجو من براثن الصفحات المضللة؟
ومن الضروري عقد دورات علمية ومهارية لتدريب الشباب الذي يريد أن يتطوع للعمل الدعوي في هذا المجال، مجال مواقع التواصل الاجتماعي، على كيفية النقاش مع الآخرين في قضايا الإسلام، والسبل المثلى لإقناعهم، والرد على الشبهات التي يثيرها الحاقدون على الإسلام، وعلى كيفية نشر الوعي بين أندادهم وأصدقائهم في تجنب المخاطر التي تنجم عن الدخول لتلك الشبكات.
ومعروف أن الشباب هم أجدر الناس على مخاطبة أندادهم، ومعرفة المداخل إلى قلوبهم، وتعودوا حتى على المصطلحات الجديدة التي ابتدعها الشباب ولا يفهمها الشيوخ، وهم أعرف بما يؤثر فيهم ويثير وجدانهم، والسبل التي يُرغّبون بها في الشيء أو يُكرّهون بها فيه.
كما أن الشباب، وهذا هو الأهم، عندهم كثير من المشاكل، وربما الأمراض، الخُلُقية والاجتماعية والوساوس والأفكار التي لا يبوحون بها للمشايخ أو لكبار السن، ولكنهم يبوحون بها لأندادهم، وبذلك يمكن تقويمهم.
كما أن اشتراك الشباب في الأمر سييسر للدعاة والعلماء سبل الدخول إلى أغوار هؤلاء، إضافة إلى أن كثيرًا من الشباب انقطعت صلتهم بالمساجد وأماكن الدعوة والهداية، ولا سبيل للوصول إليهم غير تلك الوسيلة التي فتح الله بها علينا(10).
***
____________
(1) مفهوم وأهداف وخصائص شبكات التواصل الاجتماعي، ورصد الإيجابيات والسلبيات، مؤتمر ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام (1/ 46-48)، بتصرف.
(2) أخرجه البخاري (6499).
(3) أخرجه مسلم (5).
(4) آداب استخدام مواقع التواصل، لفضيلة الشيخ محمد صالح المنجد.
(5) أخرجه أبو داود (4319).
(6) دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الإلحاد من خلال الفيس بوك، مؤتمر ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام (1/ 207-209).
(7) شعب الإيمان (1610).
(8) أخرجه البخاري (2475).
(9) أخرجه البخاري (50).
(10) الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على الشباب المسلم وسبل علاجها، موقع التاريخ.