خصوم الدعوة
لو التقيت مع ألف رجل على حق لا يختلفون؛ لا في تفكيرهم, ولا في معتقداتهم, ولا في مبادئهم, ولا في قيمهم, ولا في حركاتهم, ولا في سكناتهم, الحق واحد لا يتعدد, والباطل يتعدد.
أخبرنا سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، أنه جعل الحق والباطل في صراع إلى يوم الدين: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان:31]، وأخبرنا أن أعداءنا لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا ما استطاعوا، وأنهم سيبذلون في ذلك أموالًا وأرواحًا: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:217]، وهذا الصراع لحكمة ربانية عظيمة؛ يتبين أهل الحق، ويتبين أهل الباطل، ويستحق أهل الباطل دخول النار، فلا تكون لهم حجة يوم القيامة إذا دخلوها، ويكرم الله أهل الثبات على دينه بجنات النعيم التي خلقها بيده، وجعلها مكرُمة لأهل الصبر والثبات.
كذلك الذي قدرناه في شأن هؤلاء، قدرنا أن يكون لكل نبي عدو هم شياطين الإنس والجن، وقدرنا أن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ليخدعوهم به، ويغروهم بحرب الرسل وحرب الهدى، وقدرنا أن تصغي إلى هذا الزخرف أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، ويرضوه، ويقترفوا ما يقترفونه من العداوة للرسل وللحق، ومن الضلال والفساد في الأرض.