logo

حكم مناصرة الكفار


بتاريخ : الاثنين ، 5 رمضان ، 1444 الموافق 27 مارس 2023
بقلم : تيار الإصلاح
حكم مناصرة الكفار

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فموالاة الكفار من الجرائم الكبيرة، وهي لفظ يطلق على شُعب متعددة، منها ما يصل للكفر، ومنها ما هو دون ذلك، ومن الصور المتفق على كونها كفرا: الانضمام تحت لواء الكفار، لحرب المسلمين، وكسـر شوكتهم؛ مع كون القيادة في هذه الحرب للكافرين والراية الظاهرة لهم، وهذه من أعظم صور الموالاة، وأخطرها على الإطلاق، وهو خيانة عظمى لله ولرسوله والمؤمنين.

وقد بين العلماء أن أصلُ الموالاةِ هي المحبةُ، كما أنّ أصلَ المعاداةِ البغضُ، وقالوا: إن التّحابَّ يوجبُ التّقاربَ والاتّفاقَ، والتّباغض يوجب التّباعدَ والاختلافَ. ثم ينشأ عن الحب والبغض مِن أعمال القلوب والجوارح ما يدخلُ في حقيقة الموالاة والمعاداة، كالنُّصرة والمعاونة، والمظاهرة، وغير ذلك مِن الأعمال.

ومن الناس – المعاصرين - من يدعي أن حكم مناصرة الدول المسلمة للدول الكافرة على الدولة المسلمة ليس بكفر، وإن كان محرما، ولهم في ذلك شبهة قوية، نحاول في هذا المقام مستعينين الله جل وعلا أن نرد عليها؛ مظهرين جوانب الحق في هذا الموضوع، ومستدلين بنصوص الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة.

الشبهة التي أوردوها:

قالوا: ذهب عامة العلماء إلى أنّ التجسسَ للكفّار على المسلمين مِن الكبائر والمعاصي التي لا تُخرج مِن الملة، مع أن الله سماه في كتابه موالاة بقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:1].

وقد استدلوا لذلك بحديث حاطب رضي الله عنه - المتفق عليه- حينما كاتب قريشاً بمسير النّبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: (يا حاطبُ ما حملك على ما صنعتَ ؟)، فذكر حاطبُ - رضي الله عنه- أنه لم يفعله كفراً ولا ارتداداً عن الإسلام، وإنما فعله ليكون له يدٌ عندَ قريشٍ يدفعُ بها عن أهلِه، فقال النبي: (لقد صدقكم)، وفي لفظ: (ولا تقولوا له إلا خيراً).

قال الإمام الشافعي: " وليس الدلالة على عورة مسلم ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بين".

وقال ابنُ بطّال: "وفيه: أن الجاسوس قد يكون مؤمنًا، وليس تجسسه مما يخرجه من الإيمان ".

وذكر نحو هذا المعنى ابنُ حجر، والعيني، والقسطلاني - رحمهم الله- في شروحهم على البخاري.

وقال النّووي: "وفيه أن الجاسوس وغيره من أصحاب الذنوب الكبائر لا يكفرون بذلك وهذا الجنس كبيرة قطعا لأنه يتضمن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبيرة بلا شك".

وقال ابن تيمية: " وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنبا ينقص به إيمانه ولا يكون به كافرا كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيه {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}".

وقال ابن القيم في فوائد قصة الفتح: " جواز قتل الجاسوس وإن كان مسلما... وفيها: أن الكبيرة العظيمة مما دون الشرك قد تكفر بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الجس من حاطب مكفرا بشهوده بدرا ".

ولا نعلمُ أحداً مِن أهل العلم نصَّ على كفرِ الجاسوس المسلم بمجرد الجسّ، بل نصّ الإمامُ الشافعي على أنّ الخلافَ في تكفيره غيرُ معتبر، فإنه بعدما بيّن أنّ التّجسسَ بأنواعِه ليس بكُفرٍ بيّنٍ سُئل: " أقلتَ هذا خبراً أم قياساً؟ قال: قلتُه بما لا يسع مسلماً عَلِمَه عندي أنْ يخالفَه بالسنّة المنصوصة بعد الاستدلال بالكتاب".

وخلاصة ما سبق: عدم تكفير الجاسوس المسلم بمجرد جَسِّه، مع أنّ التجسسَ لصالح الكفار على المسلمين مِن أعلى درجات الإعانة، وقد سمّاه الله موالاةً في كتابه، كما في آية سورة الممتحنة.

الرد على الشبهة/

ما ذكرتموه صحيح في الجملة، لكنه خاص بمسألة الجاسوس، وفي بعض الحالات، لا غير، وفرق وشتان بين تلك الحال وبين ما نحن بصدده.

وبيان ذلك أنه لا يصح التكفير بمطلق الموالاة؛ فمن صور الموالاة ما هو كفر مخرج من الملة بالاتفاق، ومنها ما لا يصل إلى درجة الكفر، ومنها ما اختلف فيه: هل يكون كفرًا أم لا.

ومن الصور التي يحصل معها الكفر بالاتفاق: الموالاةَ التامة الكاملة للكفّار بالرّضى عن دينهم، أو تصحيح مذهبهم، أو حبِّ ظهورِ الكفر على الإسلام، ونحو ذلك.

ويدخل في ذلك مناصرتهم على المسلمين لكي تكون النصرة لهم، والظهور لهم على المسلمين، وسواء حصل ذلك بإمدادهم بسلاح أو برأي أو بتجسس أو بغير ذلك.  ما دام قد فعل ذلك عمدا واختيارًا.

وهذا هو ما علل به شيخ المفسرين الإمام الطبري هذا الحكم عند تفسيره لآية المائدة، فقد قال: " ومن يتولهم منكم فإنه منهم"، ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين، فإنه منهم. يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض. وإذا رضيه ورضي دينه، فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه ".

وقال الجصّاص: " وإن كان الخطاب للمسلمين فهو إخبار بأنه كافر مثلهم بموالاته إياهم ".

فذكر هذان الإمامان أن مجرد الموالاة - على النحو المذكور- يحصل بها الكفر، ولا يشترط انتفاء أن يكون ذلك لغرض دنيوي، كما ظن البعض؛ فإذا انضاف إلى حصول الموالاة قصد غرض دنيوي من مال أو جاه أو منزلة أو سلطان ومكانة، فإن ذلك لا يمنع تنزل الحكم بالكفر عليه، بل الغالب أنه لا يقع في الموالاة إلا وله غرض دنيوي.

ولا يتصور غير ذلك أصلا. والنصوص أيضا دالة على ذلك بوضوح؛ فمنها:

آية سورة النحل؛ فقد بينت ذلك تبيينا كاملا؛ فقال سبحانه: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.

وآية سورة آل عمران؛ فقد قال الإمام الطبري – رحمه الله- عند تفسيره لقوله تعالى: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران:28]:" لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفارَ ظهراً وأنصاراً توالونهم على دينِهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم؛ فإنه مَن يفعل ذلك، فليس مِن الله في شيء، يعني بذلك: فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر".

وقال ابنُ حزم: " وصح أن قول الله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة: 51] إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط - وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ".

وقال العز بن عبد السلام: "{فَإِنَّهُ مِنْهُم} مثلُهم في الكفر، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما".

وقال الشّنقيطي: " ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمدا اختيارا، رغبة فيهم أنه كافر مثلهم ".

وقال الشيخ أحمد شاكر في بيان حكم التعاون مع الإنجليز والفرنسيين أثناء عدوانهم على المسلمين: "أما التعاونُ مع الإنجليز, بأيّ نوعٍ مِن أنواع التّعاون , قلّ أو كثر , فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح, لا يُقبل فيه اعتذارٌ, ولا ينفع معه تأوّل, ولا ينجي مِن حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء, ولا مجاملة هي النفاق, سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء".

وقال الشيخ حمد بن عتيق في: (وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان أو رضى بما هم عليه، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين).

وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: (وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد عبد الوهاب في رسالته [حكم موالاة أهل الإشراك]: [ثم ذكر تعالى شبهة من اعتذر بالأرحام والأولاد فقال: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم، يوم القيامة يفصل بينكم، والله بما تعملون بصير}. فلم يعذر تعالى من اعتذر بالأرحام والأولاد والخوف عليها ومشقة مفارقتها، بل أخبر أنها لا تنفع يوم القيامة، ولا تغني من عذاب الله شيئا، كما قال في الآية الأخرى {فإذا نُفِخَ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}.

وقال الشيخ سلمان العلوان – حفظه الله - : "إن الذين يناصرون الكفار على المسلمين ويعينون الصليبيين على الموحدين ويطاردون المؤمنين لصالح الكافرين ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين، وينبغي ألا يختلف في ردتهم لأن ما يقومون به يناقض أصل الإيمان ولا يجتمع معه؛ فالكفار يقاتلون المسلمين لأجل دينهم، ولأجل إحلال الشرك محل التوحيد، والقوانين الوضعية محل الإلهية، والذين يعينونهم على ذلك يعدون خونة ومرتدين.

ولا يشترط أن يكون ذلك استحلالا ولا محبة للكفار، فهذا يقول به المرجئة والجهمية، وقد قال الله تعالى: (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون)".

وقد ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب أن إظهار الموافقة للمشركين له ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن يوافقهم في الظاهر والباطن فينقاد لهم بظاهره، ويميل إليهم ويوادهم بباطنه، فهذا كافر خارج من الإسلام، سواء كان مكرها على ذلك أو لم يكن وهو ممن قال الله فيه: {ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} .

الحال الثاني: أن يوافقهم ويميل إليهم في الباطن، مع مخالفته لهم في الظاهر، فهذا كافر أيضا، ولكن إذا عمل بالإسلام ظاهرا عصم ماله ودمه، وهو المنافق.

الحال الثالث: أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن، وهو على وجهين:

أحدهما: أن يفعل ذلك لكونه في سلطانهم، مع ضربهم أو تقييدهم له، أو يتهددونه بالقتل، فيقولون له: إما أن توافقنا وتظهر الإنقياد لنا، وإلا قتلناك. فإنه والحالة هذه يجوز له موافقتهم في الظاهر مع كون قلبه مطمئن بالإيمان، كما جرى لعمار حين أنزل الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} وكما قال تعالى: {إلا أن تتقوا منهم تقاة} فإن الآيتين متفقتين، كما نبه على ذلك ابن كثير في تفسير آية آل عمران.

الوجه الثاني: أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن، وهو ليس في سلطانهم، وإنما حمله على ذلك إما طمع في رئاسة أو مال، أو مشحة بوطن، أو عيال، أو خوف مما يحدث في المآل. فإنه في هذه الحال يكون مرتدا، ولا تنفعه كراهته في الباطن، وهو ممن قال الله فيه : {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} فأخبر أنه لم يحملهم على الكفر الجهل بالحق أو بغضه، ولا محبة الباطل، وإنما هو أن لهم حظًا من حظوظ الدنيا، فآثروه على الدين.

وأما حادثة حاطب رضي الله عنه، فتوجه بعدة وجوه، منها:

الوجه الأول: أن ما فعله ليس من الموالاة التي يحصل بها الكفر، ولا يعني أن الموالاة التي تتضمن نصرتهم على المسلمين، ولو لغرض الدنيا، أو بغير موادة قلبية لهم كفر.

وعلى هذا ربما يتنزل كلام من ذكرتموه من العلماء، كالشافعي وابن بطال والنووي وابن تيمية، وغيرهم. ولذلك نلحظ في كلامهم تلك العبارات المتمثلة في نفي كونه "كفرا بينا"، أو أنّ الجاسوس "قد يكون مؤمنًا"، أو "قد تحصلُ للرّجل موادتهم لرحمٍ أو حاجةٍ".

والذي يفهم من هذه العبارات أنها تعبر عن حالات عارضة، وقضايا عين، لا ينتفي معها الحكم بالتكفير بمجرد موالاتهم على النحو المذكور. بل الاحتمال بالتكفير في صور أخرى قائم، بدليل التعبير بـ (قد)، ونفي "بينونة" الكفر، لا أصل الحكم. وما ذلك إلا لانطباق الحكم بالكفر في غير هذه الصورة المعينة التي منع من حصول الكفر بسببها موانع، سيأتي بيانها.

ولذلك نص شيخ الإسلام ابن تيمية على أن ما حصل من حاطب مجرد معصية، حيث قال في التعليق على بعض ما حصل من الصحابة من ذنوب: "فهذه أمور صدرت عن شهوة وعجلة، لا عن شك في الدين، كما صدر من حاطب التجسس لقريش مع أنها ذنوب ومعاصي، يجب على صاحبها أن يتوب.

بيان ذلك أن هناك فرقا بين الجاسوس المسلم الذي يعنيه الفقهاء قديمًا، وبين الجاسوس المعاصر، فالأول هو من أفشى سرًا من أسرار المسلمين متأولًا، كما فعل حاطب، وليس من أنصار الكافرين على الحقيقة، بعكس المعاصر فهو يتولى الكافرين بكليته، ويشارك الكافرين في قتل المسلمين والمجاهدين، ويتربص بهم لمعرفة أسرارهم هدف نقلها بغية دنيا أو إكنانًا لعداوة، فلا يصح إسقاط كلام المتقدمين من الفقهاء في الجاسوس المسلم على الجاسوس المعاصر، لأنه قياس مع الفارق، ويختلف فعله كليا مع فعل حاطب الذي تشهد له سيرته بحرصه على الإسلام.

ولذا قال الطبري: في حديث حاطب بن أبى بلتعة من الفقه أن الإمام إذا ظهر من رجل من أهل الستر على أنه قد كاتب عدوًا من المشركين ينذرهم ببعض ما أسره المسلمون فيهم من عزم، ولم يكن الكاتب معروفًا بالسفه والغش للإسلام وأهله، وكان ذلك من فعله هفوة وزلة من غير أن يكون لها أخوات؛ فجائز العفو عنه كما فعله الرسول بحاطب من عفوه عن جرمه بعدما اطلع عليه من فعله.

وهذا نظير الخبر الذي روت عمرة عن عائشة أن الرسول قال: (أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم إلا حدا من حدود الله).

وعليه؛ فلا ترابط أبدًا بين فعل الطواغيت المعاصرين وفعل حاطب، فحاطب صحابي جاهد وهاجر واستقام على العموم، أما الطواغيت فهم وكلاء الكفار في إدارة بلادنا، فمن جعل فعل حاطب كفعل الطواغيت الآن فليراجع تفكيره.

الوجه الثاني: أنها موالاة يحصل بها الكفر؛ لكن منع من تنزل هذا الحكم على حاطب أنه كان متأولًا أن لا ضرر في فعله، ولما كان الأمر كذلك لديه فقد ظن أن خوفه من الكفار على أهله وماله بمكة عذر يرخّص له ما أقدم عليه، ما دام أن لا ضرر على الإسلام، ولا يقاس عليه بحال من الأحوال من يتيقن الضرر على الإسلام جراء موالاته، بل ويتربص لإيقاع الضرر.

ومما يدل على أن حاطبًا فعل ذلك متأولًا أن البخاري ذكر الحديث تحت باب مَا جَاءَ فِي المُتَأَوِّلِينَ، ومعلوم أن فقه البخاري يؤخذ من تبويبه.

وقال ابن حجر: وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صَنَع ذلك متأولًا أن لا ضرر فيه.

يشير ابن حجر إلى ما ورد في بعض ألفاظ الحديث وفيه قال حاطب: "وعلمت أن ذلك لا يضرك".

وقال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه إن حكم المتأول في استباحة المحظور عليه خلاف حكم المتعمد لاستحلاله من غير تأويل. وفيه أنه إذا تعاطى شيئا من المحظور وادعى أمراً مما يحتمله التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخلافه، ألا ترى أن الأمر لما احتمل وأمكن أن يكون كما قال حاطب وأمكن أن يكون كما قاله عمر رضي الله عنه استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الظن في أمره وقبل ما ادعاه في قوله.

وهذا فارق هام، فحاطب ظن أن لا ضرر في فعله، وأما الجاسوس الآن فهو متيقن بوقوع الضرر بل فعله هو أصل كل ضرر، بالإضافة إلى عدم تأويله.

ومما يدل على أن حاطبًا كان يعتقد أن لا ضرر من كتابه على المسلمين صيغة الكتاب، حيث كانت أقرب إلى بث الرعب في قلوبهم منها إلى إخبارهم بما ينفعهم، حيث جاء في الكتاب كما قال السُّهيْلي: أما بعد فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قد توجه إِلَيْكُم فِي جَيش كالليل يسير كالسيل وَأقسم بِاللَّه لَو لم يسر إِلَيْكُم إِلَّا وَحده لأظفره الله بكم وأنجز لَهُ بوعده فِيكُم فَإِن الله وليه وناصره ".

وقال الجعلود: لو رجعنا إلى الكتاب الذي بعث به حاطب بن أبي بلتعة، إلى قريش لوجدنا أن ما فيه من كلمات، تعتبر بمثابة حرب نفسية للكفار حيث يقول فيه: أما بعد فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل، وأقسم بالله لو لم يسر إليكم إلا وحده لأظفره الله بكم، وأنجز له موعده فيكم، فإن الله وليه وناصره.

ولكن نظرا إلى أن الأمر تم بتصرف فردي واجتهاد شخصي لمصلحة خاصة، اعتبر ذلك الأمر في غاية الخطورة والشدة، حيث إن في ذلك إذاعة لسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللجماعة المسلمة بدون مراجعتها وإقرارها لذلك.

الوجه الثالث: في الحديث أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – طلب من رسول - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة بعد أن أرسل إلى قريش يخبرهم بمسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهم لفتح مكة، فطلب عمر ضرب عنقه قائلا: " أنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين" وفي بعض الروايات وصفه بالنفاق وفي بعضها الآخر بالكفر.

والشاهد في الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر ولم يؤاخذ عمر بإغلاظه القول لحاطب بسبب مكاتبته قريشا ووصفه له بالخيانة بل عذره لأن ظاهر الحال كان يدل على ذلك. فإن التجسس على الجيش المسلم بما يؤدي إلى إفشال خطته بالكامل والإيقاع به لا يفعله عادة إلا منافق أو كافر خائن، فلذلك لم يوبخ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمر على قوله وهمه بقتله.

قال ابن حجر: " وقد استدل به من يرى قتله من المالكية لاستئذان عمر في قتله ولم يرده النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك إلا لكونه من أهل بدر ومنهم من قيده بأن يتكرر ذلك منه والمعروف عن مالك يجتهد فيه الإمام".

ومعنى ذلك أن فعل الوشاية الذي أقدم عليه حاطب لم يكن فعلاً ملازماً له، فهو لم يفعل ذلك إلا مرة واحدة في حياته، ولأسباب تقدم ذكرها، وهذا بخلاف ما عليه الجاسوس فإن التجسس صفة لازمة له على مدار الوقت، لا هم له إلا كيف يتحصل على المعلومات لكي يرسلها إلى موفديه أو من يتعامل معهم!

فهناك فرق بين من يقع في الخطأ مرة، وبين من يقع في الخطأ مراراً من حيث دلالته على صفة وحقيقة فاعله.

لذا من الخطأ الفادح أن يُحمل على حاطب حكم ووصف الجاسوس الآنف الذكر.

الوجه الرابع: علم النبي صلى الله عليه وسلم - عن طريق الوحي - بسلامة قصد وباطن حاطب، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: (قد صدقكم)، وهذه ليست لأحدٍ بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك نجد عمر - وليس له إلا ذلك - قد تعامل مع حاطب على اعتبار ظاهره، وما يدل عليه ظاهره من نكوث، وموالاة، وكفر ونفاق، فقال عباراته الآنفة الذكر!

فإن قيل: الأحكام تبنى على الظاهر، فعلام هنا قد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع باطن وقصد حاطب؟

فالجواب: فيما يخص إقامة الحدود، وإنزال التعزير والعقوبات بالمخالفين لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك إلا ما يدل عليه ظاهر الحال الذي يستوجب الحد أو العقوبة، وإن كان يعلم صلى الله عليه وسلم أن بواطن الأمور وخفاياها هي بخلاف هذا الظاهر، كتعامله مع المنافقين على اعتبار ظاهرهم رغم علمه صلى الله عليه وسلم بنفاقهم وكفرهم في الباطن.

قال ابن تيمية: (فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يُقيم الحدود بعلمه، ولا بخبر الواحد، ولا بمجرد الوحي، ولا بالدلائل والشواهد، حتى يثبت الموجب للحد ببينة أو إقرار).

أما فيما يتعلق بإقالة العثرات التي كان يقع فيها بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم، فكان صلى الله عليه وسلم يراعي سلامة الباطن والقصد الذي يطلعه عليه الوحي ما وجد إلى ذلك سبيلاً، لحبه للعذر وإقالة العثرات؛ وبخاصة إن جاءت هذه العثرات من أصحابه الكرام الذين لهم سابقة بلاء وجهاد في سبيل الله!

ولأن مراعاة سلامة الباطن في هذا الجانب هو لصالح الإنسان المخطئ بخلاف جانب المؤاخذة والمحاسبة ففيه تقريع وتعذيب للمخالف، لذا لم يمضه النبي صلى الله عليه وسلم إلا ببينة ظاهرة تستدعي ذلك.

ومن هذا القبيل ما فعله صلى الله عليه وسلم مع حاطب.

فإن قيل: هل لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيل عثرات ترقى إلى درجة الكفر بناءً على سلامة قصد وباطن أصحابها؟ فالجواب: لا، لانقطاع الوحي، وهذا الذي يقصده عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قوله: (إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم؛ فمن أظهر لنا خيراً أمَّناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء، الله يُحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة).

وهكذا نقول هنا: من أظهر لنا الكفر البواح - من غير مانعٍ شرعي معتبر - أظهرنا له التكفير ولا بد.

الوجه الخامس: إن مما أعان على إقالة عثرة حاطب كذلك أنه من أهل بدر، وبدر حسنة عظيمة تذهب السيئات، وتقيل العثرات، وتستدعي تحسين الظن بأهلها، وتوسيع دائرة التأويل لهم لو عثروا أو زلوا!

لذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تذكر له حسنة بدر - وما أدراك ما حسنة بدر - فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). وفي صحيح مسلم: (إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد - إن شاء الله - ممن شهد بدراً والحديبية). وحاطب قد جمع بين الخيرين، فقد شهد بدراً والحديبية معاً!

ونستفيد من ذلك أن المرء كلما كبرت وكثرت حسناته، وكانت له سابقة بلاء في الله، كلما ينبغي أن تتوسع بحقه ساحة التأويل وإقالة العثرات، عند ورود الشبهات، وحصول الكبوات.

وبعد، فلأجل هذه الأسباب مجتمعة أفدنا في أول حديثنا أن فعل حاطب يُعتبر من الكفر، ومن الموالاة الكبرى، إلا أن حاطباً لم يكفر بعينه، ولا يجوز أن يُحمل عليه حكم الكفر.

وخلاصة ما سبق، والذي نستخلصه من البحث ما يلي:

أولا: أن مــوالاة الكفــار كفــر دون اشـتراط أن تقارنها موالاة قلبية، لقوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم ــ إلى قوله ــ يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة) المائدة. وغير ذلك من الآيات. وأن حاطبا – على الأرجح -  أتى كفراً وليس معصية، ولكـن حاطـبا لم يكفر لقيام مانع من التكفير في حقه وهو التأوّل ــ وإن أخطأ فيه.

وإلا، فاذا كانت العلة ومناط التكفير على ما وقر في القلب، فإنه يلزم مدعي ذلك أن يبين ويبرر لنا ما يلي:

  1. لماذا لم يُكفر النبي صلى الله عليه وسلم أُبي ابن سلول وباقي المنافقين، مع ان الله ذكر في كتابه في أكثر من موضع فساد سريرتهم؟
  2. ولماذا لم يُجري النبي صلى الله عليه وسلم حكم الردة على من نزلت فيهم هذه الآيات التي جعلت العلة سوء سرائرهم؟!! مع ان الله عز وجل بين ان قلوبهم مريضة؟
  3. ولماذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالكفر على من استهزء به مع ان الله ذكر في كتابه انهم قالوا بسلامة سريرتهم؟
  4. ما معنى قول أهل العلم (على منهج اهل السنة والجماعة): الكفر الظاهر يستلزم كفر الباطن؟

وأنى له ذلك؟ هيهات هيهات.

ونعود فنؤكد أن الذي فعله حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه هو من الكفر، لكن حاطباً لم يكفر لاعتبارات وموانع عدة منعت من لحوق الكفر به.

ثانيا: أن من أفسد الأقيسة هي قياس البعض لما يفعله جنود الطواغيت ومعاونيهم من نصرة للشرك وإضعاف لشوكة المسلمين والعمل على هزيمتهم بشتى الطرق على حادثة سيدنا حاطب وعدم تكفير النبي له مع إفشائه سر النبي صلى الله عليه للمشركين، حتى إن بعض المرجئة في الشام لا يكفرون من يقاتل تحت راية بشار مع أن حديث حاطب فيه ما يفسد هذا القياس فسادا تاما. فالله المستعان.

 

 

انظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية (ص: 9).

رواه البخاري (3983)، وكذلك استدلوا بعدم تكفير أبي لبابة بن المنذر، لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة، وقد نزلوا على حكم سعد، فأشار إليهم أنه الذبح، كاشفا سر المسلمين لهم. والحديث رواه أحمد في المسند (25097). وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 143) ح 67.

الأم للشافعي (4/ 264).

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 163).

شرح النووي على مسلم (16/ 55).

مجموع الفتاوى (7/ 523).

زاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 371).

الأم للشافعي (4/ 264).

تفسير الطبري (10/ 400).

أحكام القرآن للجصاص (4/ 100).

تفسير الطبري (6/ 313).

المحلى بالآثار (12/ 33).

تفسير العز بن عبد السلام (1/ 392).

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 413).

فتوى الشيخ أحمد شاكر في حكم من أعان الإنجليز في كتابه: (كلمة الحق ) ص 126-137 تحت عنوان: (بيان إلى الأمة المصرية خاصة وإلى الأمة العربية والإسلامية عامة ). نقلا عن موقع الألوكة.

الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع: ص32.

مجموع الفتاوى (1/269).

مجموعة التوحيد: ص 24 3.

راجع كلام الشيخ عن حكم مناصرة الكفار على المسلمين – على موقع: يوتيوب.

انظر: مجموعة التوحيد: 282.

انظر: الصارم المسلول. لابن تيمية (1/197).

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 162).

ولو قلنا جدلًا: إن هذا التفريق غير صحيح ولا معتبر، فقد علمت أن الجاسوس المسلم قد اختلفت كلمة الفقهاء فيه ولم تتفق على قول واحد، وعليه فلا وجه للإنكار على من رأى قتله مستشهدا بنصوص، وله سلف، وعليه فلا صحة لتشدق المرجئة بعدم جواز قتال المتولين للكفار على حساب مصالح المسلمين العامة. انظر: شبهة الاستدلال بقصة حاطب – على موقع نداء السماء.

وقال المهلب وغيره: لا خلاف بين العلماء أن كل متأول معذور بتأوله غير مأثوم فيه إذا كان تأويله ذلك مما يسوغ ويجوز فى لسان العرب، أوكان له وجه فى العلم؛ ألا ترى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يعنف عمر فى تلبيبه لهشام مع علمه بثقته وعذره فى ذلك لصحة مراد عمر واجتهاده. وأما حديث ابن مسعود فإن الرسول عذر أصحابه فى تأويلهم الظلم فى الآية بغير الشرك لجواز ذلك فى التأويل. وأما حديث ابن الدخشن فإنهم استدلوا على نفاقه بصحبته للمنافقين ونصيحته لهم، فعذرهم النبى (صلى الله عليه وسلم) باستدلالهم. وكذلك حديث حاطب عذره النبى (صلى الله عليه وسلم) فى تأويله، وشهد بصدقه. شرح صحيح البخارى لابن بطال: (8 / 595). 

انظر: فتح الباري (8/ 634)، مجموع الفتاوى (35/ 67).

معالم السنن: (2 / 274).

عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (14 / 255).

الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (1 / 212).

انظر صحيح البخاري (3983)، (6259). وانظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 256).

 

فتح الباري لابن حجر (12 / 310).

شبهةٌ ورد: في فعل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه – شبكة الدفاع عن السنة.

الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 356).

والدليل على ذلك أيضا من السنة: موقفه صلى الله عليه وسلم من ذلك الرجل من الأنصار الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري -: (أراك تحابي ابن عمتك!!). وذلك لما حكم النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بأن يسقي أرضه، ثم يرسل الماء إلى أرض جاره الأنصاري! فقول الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم "أراك تحابي ابن عمتك!"؛ هو كفر أكبر، وطعن بحكم النبي صلى الله عليه وسلم، والذي حمل النبي صلى الله عليه وسلم على إقالة عثرته علمه صلى الله عليه وسلم بسلامة قصده وباطنه، وأن الذي صدر منه هو عبارة عن فلتة وزلة، وهذه ليست لأحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن العربي في الأحكام [5/267]: (كل من اتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحكم فهو كافر، لكن الأنصاري زل زلة فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأقال عثرته لعلمه بصحة يقينه، وأنها كانت فلتة، وليست لأحدٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم) اهـ. وهذا الذي قيل في موقف النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الأنصاري يُقال أيضاً في موقفه صلى الله عليه وسلم من حاطب بن أبي بلتعة. والله أعلم. انظر: شبهةٌ ورد: في فعل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه – شبكة الدفاع عن السنة.

قوله رضي الله عنه: (كانوا يؤخذون بالوحي)، يريد في جانب إقالة العثرات، وليس في جانب تطبيق الحدود وإنزال العقوبات. (المرجع السابق).

المرجع السابق.

انظر: شبهة الاستدلال بحديث حاطب في عدم تكفير من يظاهر الكفار على المسلمين. محمد ثروت خليف - على موقع الألوكة.