logo

أحكام النفقة بين الزوجين


بتاريخ : الاثنين ، 2 ذو الحجة ، 1442 الموافق 12 يوليو 2021
أحكام النفقة بين الزوجين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد،،

فقد جاءت الشريعة الإسلامية الغراء في حِقبةٍ من الزمن كـان النـاس فيهـا يحتكمون إلى شريعةٍ الغاب، القوي فيها يأكل الضعيف، وكانت المرأة فيها مهملة، ينظر إليها نظرة احتقارٍ، ولا ينظر إليها كمخلوق كامل الإنسانيةِ، بـل كانـت تُورث مع المتاع، فجاء الإسلام فكرمها أماً، وأختاً، وبنتاً، وزوجةً، وضمن لها من الحقِّ مثل الذي عليها بقولـه تعـالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، فجعل نفقتها واجبة على الزوج، بل جعل احتساب تلك النفقة عبادة وقربى إلى الله تعالى؛ فعن أبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة»[1].

ومع حصول البيان الواضح في الشريعة الإسلامية للحقوق الخاصة بكل من الزوجين، لكن تبقى كثير من المشاكل الزوجية والتي كثيرا ما تؤدى إلى الطلاق، ومن ثم إلى حصول الشقاق والعداوات بين الأسر، سبب من أسبابها ما يتعلق بتقصير الزوج في أحد هذه الحقوق، وهو النفقة، أو في مطالبة الزوجة بنفقة ليست من حقها، ظنا منها أنها من حقها.

ومن هنا كانت أهمية هذا الموضوع الذي يهدف لتعريف كل من الزوجين بما له وما عليه من حق يتعلق بالإنفاق. 

يقول د/ ناصر العمر: (وهذا الموضوع من الموضوعات التي اعتنى بها الفقهاء في القديم والحديث، فلا يخلو كتاب فقه من مناقشة مسائل النفقات بعامة والنفقة الزوجية بخاصة، كما تنشغل المحاكم كثيراً بمعالجة قضايا النفقة ومسائلها الشائكة التي لا تفتأ تثير الإشكالات وتتفاوت فيها أنظار القضاة، كما أن هذا الموضوع مظنة وقوع الجور والتجاحد بين الأزواج في كل عصر ومصر.

يقول ابن نجيم بعد أن بسط الكلام في مسائل النفقة الزوجية: " وإنما أكثرنا من هذه المسائل تنبيهاً للأزواج لما نراه في زماننا من تقصيرهم في حقوقهن – أي الزوجات – حتى إنه يأمرها بفرش أمتعتها جبراً عليها وكذلك لأضيافه وبعضهم لا يعطي لها كسوة حتى كانت عند الدخول غنية [ثم] صارت فقيرة، وهذا كله حرام لا يجوز")[2].

وسوف يكون بحثنا – بإذن الله وعونه - دائرا حول دراسة هذه المحاور، ومبينا لهذه الأحكام:

1- حكم الإنفاق على الزوجة، حكم احتساب نفقتها من الزكاة.

2- هل النفقة تجب بالعقد او بالاستمتاع؟ والحكم إذا كان الزوجان أو أحدهما صغيرًا.

3- اشتراط الزوج على الزوجة عند عقد النكاح أن تنفق على نفسها، وتنازلها له عن إنفاقه عليها بعد العقد، وهل لها أن ترجع؟

4- نفقة الزوجة مقدمة على نفقة غيرها. 

5- الزوج الفقير، حكم من تزوجت عالمة بإعسار زوجها

6- إذا أنفقت الزوجة لإعسار الزوج، هل ترجع عليه بما أنفقت إذا أيسر؟

7- هل يجب على الزوجة الموسرة أن تنفق على زوجها المعسر؟

8- هل تدفع الزوجة زكاة مالها لزوجها لينفق؟

9- هل للزوجة طلب الطلاق لإعسار الزوج بالنفقة؟ وكيف تقع الفرقة بإعسار الزوج؟

10- إذا امتنع الزوج عن الإنفاق عن زوجته أو لم يقدر عليه، هل يجوز لها أن تمتنع عن فراشه؟

11- هل إذا امتنع الزوج عن النفقة تأخذ بغير علمه؟

12- هل للزوجة طلب الطلاق لبخل الزوج؟

13- حكم ادخار جزء من مصروف البيت بغير علم الزوج ثم إنفاقه في مصلحة البيت أو التصدق به؟

14- هل يجب على الزوج أن يعطي زوجته مبلغاً شهرياً كمصروف في يدها؟

15- هل أجرة انتقال الزوجة أو سفرها لزيارة أرحامها من النفقة الواجبة؟

16- المرأة العاملة، هل يجب عليها المشاركة في النفقة؟

17- مقدار النفقة (نوعية الطعام – استقلالية المسكن – ثياب الصيف والشتاء).

18- مصاريف العلاج والدواء، على من؟ وهل العلاج الوقائي يلحق بذلك؟

19- نفقة النظافة والزينة

20- النفقة، والزوجة المعاصرة: (الخادم- الأكل الجاهز - المصيف - التنزه – الموبايل – السيارة - العطور الفاخرة – الشامبوهات– ملابس المناسبات – العدسات الملونة)

21- هل يجب على الزوج نفقة حج زوجته أو عمرتها؟ وهل يجب عليه الخروج معها أو نفقة محرمها؟

22- زكاة الفطر، هل يجب على الزوج إخراجها عن زوجته؟

23- زكاة حلي المرأة، على من تجب؟

24- هل في المهر المؤخر زكاة؟ وعلى من يكون؟

25- النفقة حال تعدد الزوجات – هل يجب المساواة بينهن؟ وكيف ذلك؟

أولا: حكم الإنفاق على الزوجة

تجب نفقة الزوجة على زوجها بالكتاب والسنة والإجماع؛ دل على ذلك قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} [الطلاق: 6]، ثم قال: {لينفق ذو سعة من سعته} [الطلاق: 7]، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: (أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وجدكم)، وقراءته كروايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم[3].

وقال تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة: 233]. والرزق هو النفقة، والنفقة والكسوة ها هنا لمكان الزوجية، ولو كانت مطلقة، لكانت أجرة، كما قال الله سبحانه: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].

والمولود له: هو الزوج الأب. وإنما نص على وجوب نفقة الزوجة حال الولادة؛ ليدل على أن النفقة تجب لها حال اشتغالها عن الاستمتاع بالنفاس؛ لئلا يتوهم متوهم أنها لا تجب لها عندئذ[4].

وقال تعالى: {الرجال قوامون على النساء} [النساء: 34]، ثم قال: {وبما أنفقوا من أموالهم} [النساء: 34].

وعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ... ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف "[5].

وقال عليه الصلاة والسلام لهند امرأة أبي سفيان: «خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف»[6]، ولولا وجوبها عليه لما أمرها بذلك[7].

واستنبط بعض أهل العلم نفقة الزوجة من قوله تعالى: {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} [طه: 117]، ولم يقل: فتشقيان، فدل على أن آدم - صلى الله عليه وسلم - يتعب لنفقته ونفقتها، وبنوهما على سنتهما[8].

وأما الإجماع فنقله غير واحد من أهل العلم. قال ابن هبيرة: " واتفقوا على وجوب نفقة الرجل على من تلزمه نفقته كالزوجة والولد الصغير والأب "[9]. وقال ابن رشد: " واتفقوا على أن من حقوق الزوجة على الزوج: النفقة والكسوة "[10].

وقال ابن قدامة: (وأما الإجماع، فاتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن، إذا كانوا بالغين، إلا الناشز منهن. ذكره ابن المنذر، وغيره)[11].

دفع الرجل زكاة ماله لزوجته، أو الإنفاق عليها من مؤخر صداقها

ويجب أن تكون تلك النفقة من حر ماله، أما إعطاء الرجل زكاة ماله لزوجته فلا يجزئ.

قال ابن قدامة: (وهو إجماع)[12]. وقال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة؛ لأن نفقتها عليه، وهي غنية بغناه) [13].

ومحل هذا المنع هو إعطاؤها الزكاة لتنفقها على نفسها، فأما لو أعطاها ما تدفعه في دين عليها مثلا، فلا بأس به على ما صرح به المالكية والشافعية رحمهم الله، وسيأتي ذكر كلامهم.

وكذلك لا يدفع لها من مؤخر صداقها الذي عنده. قال ابن تيمية رحمه الله: (والمزوجة المحتاجة نفقتها على زوجها واجبة من غير صداقها)[14].

سبب وجوب النفقة على الزوجة، وهل تجب بالعقد عليها أو بالدخول بها؟

ذكر الفقهاء أن سبب وجوب نفقة الزوجة حال قيام الزوجية هو احتباسها عند الزوج، مع تمكينه من الاستمتاع بها بالوطء أو دواعيه؛ لأنها لما صارت محبوسة عنده لهذا الغرض عجزت عن الاكتساب والإنفاق على نفسها، فلو لم تستحق النفقة عليه لماتت جوعا.

 وأمما سبب وجوب النفقة بعد زوال النكاح، أي حال العدة[15]، فهو التحصين لمائه[16].

واشترطوا أن يكون عقد النكاح صحيحا، فإذا كان فاسداً كالعقد بلا شهود، أو كان باطلاً، كالعقد على المجوسية والمرتدة ومن لا دين لها لم تجب النفقة لها على العاقد مطلقاً، لأن من سبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها – كما سبق - تمكينها وتسليمها لنفسها، ولا تسليم وتمكين على المعقود عليها إذا كان العقد فاسداً، أو باطلاً، لوجوب التفريق عليهما، فلا تجب النفقة لها عليه لذلك، فإذا لم يكن هنالك عقد مطلقاً، ولكن وطء بشبهة يدرأ بها الحد، أو كان وطئا بلا شبهة، لم تجب النفقة لها على الواطئ بطريق الأولى، لعدم التمكين والتسليم.

فظهر مما سبق أن سبب وجوب النفقة للزوجة هو العقد الصحيح مع تسليم الزوجة نفسها للزوج وتمكينه من نفسها. وعليه، فإن النفقة لا تجب بمجرد حصول العقد بين الزوج وبين ولي الزوجة[17].

لكن ذكر الفقهاء أنه إذا امتنع الزوج من البناء عليها، وهي باذلة نفسها له، فإنه يلزم حينئذ بالإنفاق عليها.

وهذا ما لم يكن اتفاق بين الطرفين على تأجيل البناء لزمن معين، فلا تجب النفقة إلا بعده، كما هو معروف في زمننا.

قال القرافي المالكي: (النفقة، وأسبابها: النكاح والقرابة والملك. السبب الأول: النكاح، وفي الجواهر: هو موجب بشرط التمكن وبلوغ الزوج وإطاقة المرأة الوطء لأن الذي عقد له الزوج لا يحصل منها البلوغ والمقصود منها التمكين وهو حاصل دون البلوغ، وقيل: تلزمه النفقة والدخول إذا بلغ الوطء قياسا عليها)[18].

وقال الماوردي الشافعي: (وأما النفقة فلها ثلاثة أحوال: أحدها: أن تمكنه من نفسها فلا يستمتع بها فلها النفقة. والثاني: أن يدعوها إلى نفسه فتمتنع بغير حق، فلا نفقة لها؛ لأنها ناشز. والثالث: ألا يكون منها تسليم ولا منه طلب، ففي وجوب النفقة قولان: أحدهما: لها النفقة، والثاني: لا نفقة لها.

بناء على اختلاف قوليه في نفقة الزوجة بم تجب؟ قال في القديم: تجب بالعقد وتستحق قبضها بالتمكين، فعل هذا تجب لها النفقة ما لم يكن منها نشوز. وقال في الجديد: تجب بالعقد والتمكين معا، فعلى هذا لا نفقة لها لعدم التمكين)[19].

وجاء في الروض المربع (حنبلي): (ومن تسلم زوجته) التي يوطأ مثلها وجبت عليه نفقتها (أو بذلت) تسليم (نفسها) أو بذله وليها (ومثلها يوطأ) بأن تم لها تسع سنين (وجبت نفقتها) وكسوتها[20].

وشرط أن تكون المرأة ممن يوطأ مثلها، أي من حيث السن، بأن تكون بنت تسع سنين، هذا مذهب جمهور أهل العلم.

وعليه، فلو بذلت المرأة نفسها أو بذلها أولياؤها وهي صغيرة لا يوطأ مثلها فلا نفقة، وهذا هو مذهب الجمهور.

وقال بعضهم: إن السن غير مؤثر، بل متى كانت المرأة يمكن وطؤها سواء كانت بنت ثمان سنين أو بنت تسع أو بنت عشر أو بنت أثنى عشرة سنة، لأن هذا يختلف باختلاف النساء واختلاف الطبائع[21].

والقول الثاني في المسألة، وهو قول الثوري وقول في مذهب أحمد: أنه إذا ثبت التسليم التام ببذل المرأة نفسها أو ببذل الأولياء لها فإن النفقة تجب وإن كانت لا يوطء مثلها.

واختار هذا القول من المعاصرين الشيخ حمد الحمد، معللا بأن الأصل وجوب النفقة على الزوجة، وبأن تعذر الوطء حينئذ إنما هو لعجزها لا لمعصيتها ونشوزها[22]. وكما لو كانت المرأة رتقاء أو نفساء أو حائض فإنه يجب عليه أن ينفق عليها.

وذهب ابن حزم الظاهري إلى أن عقد الزواج لوحده كاف لوجوب النفقة ولا تأثير لحصول التسليم وعدمه أصلا[23]، والذي يظهر رجحانه هو قول الجمهور.

الزوج الصغير، والزوجة الصغيرة

قالوا: وتجب النفقة للزوجة على زوجها إذا سلمت إليه نفسها في منزله، ولو كانت كبيرة والزوج صغير لا العكس.

وأما لو كان الزوجان صغيرين فلا نفقة لها. وهذا مذهب الجمهور.

قال الموصلي الحنفي معللا: (أما الأول فلأنها سلمت نفسها والعجز من جهته فصار كالمجبوب والعنين، وأما الثاني فالمرأة صغيرة لا يستمتع بها لأن المراد من الاحتباس ما يكون وسيلة إلى المقصود من النكاح وأنه ممتنع بسبب منها فصار كالعدم)[24].

قال السيد سابق: (والمفتى به عند الأحناف: أن الزوج إذا استبقى الصغيرة في بيته، وأسكنها للاستئناس بها، وجبت لها النفقة لرضاه هو بهذا الاحتباس الناقص. وإن لم يمسكها في بيته فلا نفقة لها)[25].

وقال ابن رشد: (وقال أبو حنيفة والشافعي: يلزم غيرُ البالغ النفقة إذا كانت هي بالغاً. وأما إذا كان هو بالغاً، والزوجة صغيرة فللشافعي قولان: أحدهما: مثل قول مالك. والقول الثاني: أن لها النفقة بإطلاق. وسبب اختلافهم: هل النفقة لمكان الاستمتاع، أو لمكان أنها محبوسة على الزوج كالغائب والمريض؟)[26].

وقال البهوتي الحنبلي: (ومن تسلم زوجته) التي يوطأ مثلها وجبت عليه نفقتها ... (ولو مع صغر زوج ومرضه وجبه وعنته) ويجبر الولي مع صغر الزوج على بذل نفقتها وكسوتها من مال الصبي)[27].

نفقة الزوجة مقدمة على نفقة غيرها

إذا كان للزوج فروع، أي أولاد سواء من زوجة واحدة أو أكثر، ولو كان بعضهم من زوجة مطلقة، أو ميتة، وله أيضا أصول، كأب وأم أو أحدهما، وجد وجدة، أو أحدهما، وكان هؤلاء جميعهم معوزين وفقراء يحتاجون من ينفق عليهم، وله زوجة على ذمته، وكان ماله لا يسع لذلك، فأي من هؤلاء يقدم؟

قد سبق لنا التعرض لهذه المسألة عند الكلام عن نفقة الأصول والفروع، وبينا أن نفقة الزوجة تقدم على نفقة غيرها، لأنها معاوضة وليست إحسانا؛ بمعنى أن الإنفاق على الزوجة يختلف عن الإنفاق على الوالدين لكون الإنفاق على الوالدين من باب الإحسان، ويشترط الإنفاق عليهما أن يكون المنفق قادراً على ذلك وأن يكون المنفق عليهما فقراء لا مال لهما، أمّا إذا كان الوالدان أغنياء والأولاد فقراء فهم غير مجبرين على الانفاق عليهما.

بخلاف نفقة الزوجة، فإنها حق لازم لها، وحقٌ مطلقٌ، ولا يحق للزوج الامتناع عن تقديمها أو المماطلة فيها مهما كان وضعه المالي، ولو أدى به الحال إلى الاقتراض، وإنما عليه الإنفاق عليها حسب إمكاناته المالية، سواءً كانت الزوجة غنيةً أو فقيرةً؛ لكون الإنفاق عليها من باب التعويض لها فهي له ولمصلحته ومصلحة بيته وأولاده.

قال النووي: (إذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم، نظرَ: إن وفَّى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم، وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد، قدَّم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب... لأن نفقتها آكد، فإنها لا تسقط بمضي الزمان، ولا بالإعسار)[28].

وقال ابن قدامة: (ومن لم يفضل عن قوته إلا نفقة شخص، وله امرأة، فالنفقة لها دون الأقارب)[29].

وقال البهوتي: (ويبدأ بالإنفاق على نفسه، فإن فضل عنه نفقة واحد فأكثر بدأ بامرأته؛ لأنها واجبة على سبيل المعاوضة فقدمت على المواساة )[30].

وقال الصنعاني: (وفيه أن النفقة على النفس صدقة وأنه يبدأ بها ثم على الزوجة ثم على الولد ثم على العبد إن كان أو مطلق من يخدمه ثم حيث شاء)[31].

وقال ابن عثيمين رحمه الله: (الصواب أنه يبدأ بنفسه، ثم بالزوجة، ثم بالولد، ثم بالوالدين، ثم بقية الأقارب)[32].

وهذا كما أن الزوج أولى بزوجته من والديها وأهلها، وطاعته أوجب من طاعة والديها وأهلها، قال ابن تيمية رحمه الله،: (المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب)[33].

تنازل الزوجة عن حقها في النفقة، واشتراط الزوج عليها ذلك، وهل لها أن ترجع؟

يجوز للزوجة أن تسامح زوجها عن حقها في القسم والنفقة ليمسكها وتبقى في عصمته، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لقوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}؛ قالت عائشة رضي الله عنها: "هي المرأة تكون عند الرجل، لا يستكثر منها، فيريد طلاقها، تقول: أمسكني ولا تطلقني، وأنت في حل من النفقة علي والقسم"، وسودة حين أسنت وخشيت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالت: "يومي لعائشة رضي الله عنها "[34].

ولكن هذا إنما يصح بعد عقد النكاح، وأما اشتراط ذلك في العقد بأن يشترط الزوج على زوجته ألا ينفق عليها، فلا يصح، بل هو شرط باطل، لكنه لا يبطل العقد، وذلك عند جماهير أهل العلم.

قال ابن قدامة في كلامه عن أقسام الشروط في النكاح: (... ما يبطل الشرط، ويصح العقد، مثل أن يشترط أن لا مهر لها، أو أن لا ينفق عليها أَوْ إنْ أَصْدَقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا، أَوْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا، أَوْ يَعْزِلَ عَنْهَا.... فهذه الشروط كلها باطلة في نفسها؛ لأنها تنافي مقتضى العقد؛ ولأنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده، فلم يصح...، فأما العقد في نفسه فصحيح؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد، لا يشترط ذكره، ولا يضر الجهل به، فلم يبطله)[35].

وعليه، فإذا اشترط على الزوجة ذلك الشرط، فإنه يجوز لها أن ترجع وتطالب بالنفقة عليها بالمعروف، ولا تسقط نفقتها بهذا الشرط.

هذا، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، احتمالا لصحة هذا الشرط؛ فقال: " وشرط عدم النفقة فاسد ويتوجه صحته لا سيما إذا قلنا: إنه إذا أعسر الزوج ورضيت الزوجة به لم تملك المطالبة بعد "[36].

وجاء في الدرر السنية: (سئل بعضهم: إذا شرط النفقة عليها؟ فأجاب: وأما إذا تزوج المرأة بشرط أن النفقة عليها، فهو صحيح إذا تراضوا عليه)[37].

وقال الحمد: ( وأما كون الشرط فاسداً[38] فلأنه يخالف مقتضى العقد فعليه تجب لها النفقة وتجب لها القسمة الشرعية. واختار شيخ الإسلام أن هذه الشروط صحيحة معتبرة وهذا كالشروط التي تقدم أنها تصح من المرأة، فإن هذا ليس فيه مخالفة لشرع الله تعالى بل فيه أنها إن شاءت قبلت هذا الشرط وإلا فإنه لا ينكحها، وعلى ذلك هذه الشروط صحيحة والنكاح صحيح، لأنها لا تخالف الشرع، والأصل في الشروط الوفاء)[39].

وعلى هذا القول فلا حرج في هذه الشروط، مع وجوب الوفاء بها.

الزوج الفقير، والزوجة الغنية

ويشمل الحكم بوجوب النفقة على الزوج، ما لو كان فقيرا، وما لو كانت الزوجة غنية، سواء بكسب وعمل، أو بميراث، أو غير ذلك، فيلزمه أيضا الإنفاق عليها، في كلا الحالين، فإذا لم يستطع الإنفاق، فالزوجة هنا مخيرة بين أمور:

الأول: أن تصبر على صعوبة العيش معه، محتسبة الأجر عند الله.

الثاني: أن تنفق هي من مالها إن كانت غنية.

الثالث: أن تطلب الخروج لتحصيل الرزق الحلال، وهي تحت زوجها، ولا يحق له أن يمنعها حينئذ.

الرابع: أن تطلب الطلاق.

أما الأول فلا خلاف فيه، وهو حال كثير من نساء السلف مع أزواجهن[40].

وأما الثاني والثالث فكذلك لا خلاف فيهما. لكن هل لها أن تأخذ بدلا مما أنفقته من زوجها إذا تحسنت حاله واغتنى بميراث أو عمل أو وظيفة أو نحو ذلك؟ سيأتي بيان ذلك عند الكلام عن إعسار الزوج بالنفقة.

هذا، ومن العلماء من يلزمها بالإنفاق على زوجها إن كانت غنية أو واجدة للنفقة، كابن حزم، ومنهم من يجيز لها أن تدفع من زكاة مالها لزوجها حينئذ. والجمهور على خلاف الأول وعلى جواز الثاني.

أما دفع الزوجة الغنية لزوجها من زكاة مالها لينفق:

فقد ذهب إلى جواز ذلك كثير من أهل العلم، واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمر النساء بالصدقة، جاءت زينب، امرأة ابن مسعود، تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب، فقال: «أي الزيانب؟» فقيل: امرأة ابن مسعود، قال: «نعم، ائذنوا لها» فأذن لها، قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود: أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم»[41].

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (استدل بهذا الحديث على جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها، وهو قول الشافعي والثوري وصاحبي أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وعن أحمد...، وَيُؤَيِّدُ هذا أَنَّ ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم، فلما ذكرت الصدقة ولم يستفصلها عن تطوع ولا واجب فكأنه قال: تجزئ عنك فرضا كان أو تطوعا.

ومنع بعض العلماء إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها، قالوا: لأنه سينفق عليها منها، فكأنها أعطت الزكاة لنفسها، وحملوا هذا الحديث على صدقة التطوع.

وأجاب اِبْن الْمُنَيِّرِ عن هذا فقال: وجوابه أن احتمال رجوع الصدقة إليها واقع في التطوع أيضا)[42].

وسئل ابن باز رحمه الله، هذا السؤال: "زوجي يمر هذه السنة بظروف مادية صعبة، رغم أن راتبه جيد، ولكن عليه بعض الديون، هذا مع إيجار البيت، رغم أن الدائنين لا يطالبونه بالدين، ولكني أراه مهمومًا أحيانًا، هل أعطيه زكاة ذهبي"؟

فأجاب: (إذا كان غارمًا وليس عنده وفاء لا بأس إذا كان علي دين ثابت، وهو معسر بالقضاء؛ لأن الدخل يصرف لنفقة البيت، لا بأس أن تعطيه زكاتك، هذا هو الصواب، هذا هو الحق، لا بأس أن تعطي زوجك زكاتك إذا كان فقيرًا أو غارمًا عليه دين ليس له قضاء)[43].

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (الصواب جواز دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان من أهل الزكاة. وربما يستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: (زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم) فيمكن أن نقول: هذا يشمل الفريضة والنافلة، وعلى كل حال إن كان في الحديث دليل فهو خير، وإن قيل هو خاص بصدقة التطوع فإننا نقول في تقرير دفع الزكاة إلى الزوج: الزوج فقير ففيه الوصف الذي يستحق به من الزكاة، فأين الدليل على المنع؟ لأنه إذا وجد السبب ثبت الحكم إلا بدليل وليس هناك دليل لا من القرآن ولا من السنة على أن المرأة لا تدفع زكاتها لزوجها)[44].

وهذا ما اختارته اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية؛ حيث جاء في بعض فتاواها: (يجوز أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا دفعا لفقره، لعموم قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ). التوبة/60.[45].

 

 

وأما إلزام البعض لها بالإنفاق مع عدم حقها في الرجوع عليه بما أنفقت:

فقد قال ابن حزم: (فإن عجز الزوج عن نفقة نفسه وامرأته غنية كلفت النفقة عليه، ولا ترجع عليه بشيء من ذلك إن أيسر، إلا أن يكون عبدا فنفقته على سيده لا على امرأته ... برهان ذلك: قول الله عز وجل: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة: 233]. قال علي(ابن حزم): الزوجة وارثة فعليها نفقته بنص القرآن)[46].

والصحيح قول الجمهور: أنه لا تلزم بالنفقة، ولكن إن قامت باختيارها بمساعدة زوجها في مصاريف البيت رغبة منها في الأجر وكسبا لود زوجها، فلا شك أن ذلك أمر محمود، أما أن يكون الزوج هو الذي يجبرها على ذلك، فهذا ليس من حقه.

قال ابن القيم في الرد على استدلال ابن حزم بآية سورة البقرة: (ويا عجبا لأبي محمد! لو تأمل سياق الآية لتبين له منها خلاف ما فهمه؛ فإن الله سبحانه قال: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف)، وهذا ضمير الزوجات بلا شك، ثم قال: (وعلى الوارث مثل ذلك) فجعل سبحانه على وارث المولود له، أو وارث الولد من رزق الوالدات وكسوتهن بالمعروف مثل ما على الموروث، فأين في الآية نفقة على غير الزوجات؟ حتى يحمل عمومها على ما ذهب إليه)[47].

هل للزوجة طلب الطلاق لإعسار الزوج بالنفقة؟

وأما الخيار الرابع، وهو أن تطلب الطلاق، فللفقهاء في هذه المسألة قولان:

الأول: أن عجز الزوج عن النفقة يوجب التفريق بين الزوجين إذا اختارت الزوجة الفراق، وهو مذهب الجمهور: مالك والشافعي والحنابلة وغيرهم.

قال القاضي عبد الوهاب المالكي: (إذا أعسر بالنفقة ولم ترض المقام معه ضرب له أجل وتُلُوِّمَ في أمره ...، وإنما قلنا: يضرب له أجل ليتبين أمره ويصح إعساره لأنه لا يجوز أن يطلق عليه بإعسار المدة القريبة كاليوم واليومين، لأن ذلك لا يضر الإضرار الشديد، ولا يكاد يخلوا أحد منه، وإنما الذي يؤثر ما يستدام من ذلك)[48].

وجاء في التهذيب (شافعي): (سئل ابن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته؟ قال: يفرق بينهما، قيل له: فسنة؟ قال: سنة. قال الشافعي: والذي يشبه قول ابن المسيب يشبه أن يكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أعسر الرجل بنفقة زوجته، وهي في فراشه، أو في عدة الرجعة: يثبت لها فسخ النكاح؛ وهذا هو المذهب، سواء كانت المرأة موسرة أو معسرة؛ لأن الله تعالى قال: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]؛ فإذا عجز عن الإمساك بالمعروف تعين عليه التسريح، وهو قادر عليه؛ وهذا قول أكثر أهل العلم)[49].

وقال أبو الحسين العمراني: (إذا كان الزوج موسرًا، فصار معسرًا.. فإنه ينفق على زوجته نفقة المعسر، ولا يثبت لها الخيار في فسخ النكاح؛ لأن بدنها يقوم بنفقة المعسر، وإن أعسر بنفقة المعسر.. كانت بالخيار: بين أن تصبر، وبين أن تفسخ النكاح )[50].

وقال ابن قدامة: (إذا أعسر الزوج بنفقة المعسر، فلها فسخ النكاح، لقول الله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229]. وقد تعذر الإمساك بالمعروف، فيتعين التسريح بإحسان. وكتب عمر رضي الله عنه، إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم: يأمرهم أن ينفقوا أو يطلقوا؛ فإن طلقوا، بعثوا بنفقة ما مضى، ولأنه إذا ثبت لها الفسخ لعجزه عن الوطء فلأن يثبت بالعجز عن النفقة أولى؛ لأن الضرر فيه أكثر. وإن أعسر ببعضها فلها الفسخ؛ لأن البدن لا يقوم بدونها.

وإن أعسر بكسوة المعسر، فلها الفسخ؛ لأن البدن لا يقوم بدونها، فأشبهت القوت. وإن أعسر بما زاد على نفقة المعسر، فلا خيار لها؛ لأنها تسقط بإعساره، ولأن البدن يقوم بدونها )[51].

وقال أبو البركات ابن تيمية: (وإذا أعسر الزوج بنفقة القوت أو الكسوة أو بعضهما فللزوجة فسخ النكاح ... وإذا أعسر بالسكنى فلا فسخ، قاله القاضي. وقال ابن عقيل لها الفسخ)[52].

والقول الثاني: أن عجز الزوج عن النفقة على زوجته ليس بسبب لوقوع الفرقة بين الزوجين حتى ولو طلبتها الزوجة، وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه.

جاء في رد المحتار: (ولا يفرق بينهما بعجزه عنها – أي عن النفقة - بأنواعها الثلاثة[53]، ولا بعدم إيفائه لو غائبا حقها ولو موسرا، وجوزه الشافعي بإعسار الزوج وبتضررها بغيبته)[54].

وقال فخر الدين الزيلعي: " (ولا يفرق بعجزه عن النفقة، وتؤمر بالاستدانة عليه) وقال الشافعي: يفرق بينهما... ولنا قوله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280] يدخل تحته كل معسر وقوله تعالى {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا} [الطلاق: 7] دليل على أن من لم يقدر على النفقة لا يكلف بالإنفاق فلا يجب عليه الإنفاق في هذه الحالة، ولأن في التفريق إبطال الملك على الزوج، وفي الأمر بالاستدانة تأخير حقها، وهو أهون من الإبطال فكان أولى)"[55].

وذهب ابن القيم إلى ما ذهب إليه الأحناف: أن المرأة لا يجوز لها الفسخ بسبب إعسار الزوج سواء تزوجته عالمة بإعساره أو كان موسراً ثم طرأ عليه الإعسار.

ولم يجوز لها الفسخ إلا في حالة واحدة وهي ما إذا غرها وخدعها فأظهر لها الغنى واليسار وهو بخلاف ذلك[56].

وأرجع ابن رشد رحمه الله سبب اختلاف الفقهاء في المسألة إلى: "تشبيه الضرر الواقع من ذلك بالضرر الواقع من العنة؛ لأن الجمهور على القول بالتطليق على العنين, وربما قالوا: النفقة في مقابلة الاستمتاع بدليل أن الناشز لا نفقة لها, فإذا لم يجد النفقة سقط الاستمتاع فوجب الخيار"[57].

حكم من تزوجته عالمة بإعساره

ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الزوج إذا كان لا ينفق على زوجته النفقة المعتادة التي تناسب حالهما، فإن هذا مما يبيح لها طلب الطلاق منه حتى وإن كانت عالمة بفقره.

جاء في أسنى المطالب (شافعي): (لو نكحته عالمة بإعساره أو رضيت بالمقام معه ثم ندمت فلها الفسخ، لأن النفقة تجب يوماً فيوما والضرر يتجدد، ولا أثر لقولها رضيت بإعساره أبداً، لأنه وعد لا يلزم الوفاء به)[58].

وجاء في الشرح الممتع (حنبلي): (إذا تزوجها وهو معسر عالمة بعسرته، فلها أن تطالب بالنفقة على المذهب، وتقول: إما أن تطلق، وإما أن تنفق، وعلة ذلك أن نفقتها تتجدد كل يوم، فإذا أسقطت نفقة غدٍ لم تسقط، لأنها لم تملكها بعد، وإسقاط الشيء قبل وجوبه لا عبرة به)[59].

وخالفهم المالكية؛ فقالوا: (... فإن أنفق وإلا طلقت عليه إلا أن تكون تزوجته فقيرًا تعلم أن لا مال له فلا يكن لها مفارقته بعسر...، وإنما قلنا: إذا تزوجته فقيرًا تعلم بحاله فلا مفارقة لها لأنها راضية بعيبه، فقد أقدمت على بصيرة ومعرفة بحاله، كمشتري السلعة عالمًا بعيبها)[60].

قال ابن عثيمين رحمه الله: (والقول الذي أطمئن إليه: أنها لا تملك الفسخ، لكن لا يملك منعها من التكسب، وهذا في غير الصورة الأولى، وهي ما إذا تزوجته ولم تعلم بإعساره)[61].

كيف تقع الفرقة بإعسار الزوج؟ وهل تفتقر إلى حكم الحاكم؟

ذهب المالكية إلى أن طلاق المعسر بالنفقة إن كان بعد الدخول يكون طلاقا رجعيا، فإن أيسر فله الرجعة، لأن الفرقة إنما كانت من أجل الضرر، فإذا زال كانت الرجعة، كما لو زال قبل الفرقة لم يكن لها المطالبة بالفرقة ورجعت معتبرة باليسر، فإن وجد منه صحت، وإن راجع معسرًا لم تصح.

فإن كان الإعسار قبل الدخول، مثل أن يدعى إلى البناء فلا يبنى ولا يجد ما ينفق فالطلاق يقع بائنا[62].

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الفرقة بالإعسار تقع فسخا، ورجحه ابن قدامة.

قال ابن قدامة: (وكل موضع ثبت لها الفسخ لأجل النفقة، لم يجز إلا بحكم الحاكم؛ لأنه فسخ مختلف فيه، فافتقر إلى الحاكم، كالفسخ بالعنة، ولا يجوز له التفريق إلا أن تطلب المرأة ذلك؛ لأنه لحقها، فلم يجز من غير طلبها، كالفسخ للعنة. فإذا فرق الحاكم بينهما، فهو فسخ لا رجعة له فيه. وبهذا قال الشافعي وابن المنذر.

وقال مالك: هو تطليقة، وهو أحق بها إن أيسر في عدتها؛ لأنه تفريق لامتناعه من الواجب عليه لها، فأشبه تفريقه بين المولى وامرأته إذا امتنع من الفيئة والطلاق.

ولنا، أنها فرقة لعجزه عن الواجب لها عليه أشبهت فرقة العنة. فأما إن أجبره الحاكم على الطلاق، فطلق أقل من ثلاث، فله الرجعة عليها ما دامت في العدة، فإن راجعها، وهو معسر، أو امتنع من الإنقاق عليها، ولم يمكن الأخذ من ماله، فطلبت المرأة الفسخ، فللحاكم الفسخ؛ لأن المقتضي له باق، أشبه ما قبل الطلاق)[63].

قال النووي: (وفي وقت الفسخ قولان، أحدهما أن لها الفسخ في الحال، ... الثاني أنه يمهل ثلاثة أيام)[64].

إذا امتنع الزوج عن الإنفاق عن زوجته أو لم يقدر عليه، هل يجوز لها أن تمتنع عن فراشه؟

قال الشافعية والحنابلة: إذا ترك الزوج النفقة على زوجته فهي مخيرة بين أن تفارقه، وبين أن تصبر عليه. فإن اختارت أن تصبر عليه، لعله يتغير إن كان ممسكا بخلًا وشحًا، أو إلى حين ميسرته إن كان قد أعسر، فإنه لا يلزمها أن تمكنه من نفسها ليستمتع بها.

قال الشيرازي الشافعي: " وإن اختارت المقام بعد الإعسار، لم يلزمها التمكين من الاستمتاع، ولها أن تخرج من منزله، لأن التمكين في مقابلة النفقة، فلا يجب مع عدمها "[65].

قال الشيخ محمد نجيب المطيعي: "إذا ثبت إعسار الزوج خيرت بين ثلاثة أشياء: بين أن تفسخ النكاح، وبين أن تقيم معه وتمكنه من الاستمتاع بها، ويثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر من النفقة، وبين أن تقيم على النكاح، ولكن لا يلزمها أن تمكنه من نفسها، بل تخرج من منزله، لأن التمكين إنما يجب عليها ببذل النفقة، ولا نفقة هناك، ولا تستحق في ذمته نفقة في وقت انفرادها عنه، لأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع، ولا تمكين منها له "[66].

وقال البهوتي (الحنبلي): " (ولها المقام) على النكاح (ومنعه من نفسها، فلا يلزمها تمكينه ولا الإقامة في منزله، وعليه أن لا يحبسها بل يدعها تكتسب ولو كانت موسرة) لأنه لم يسلم إليها عوض الاستمتاع "[67].

هذا، مع العلم بأن الامتناع والحالة هذه، ينبغي النظر فيها إلى ما قد يترتب عليه من مفاسد، وما يرجى من ورائه من مصلحة؛ فإن بعض الأزواج قد يحمله اللجج في الخصام والعناد والغضب من زوجته إذا فعلت مثل ذلك، إلى أن يصعد الأمر، وينسى ما هو فيه من تقصير، وما رغبت فيه الزوجة من إصلاح، حتى ليوشك أن يهدم البيت كله[68].

هل تثبت النفقة في ذمة المعسر؟ وهل يحق للزوجة استراد ما أنفقته على زوجها زمن إعساره؟

يعني إذا تحسنت حالة الزوج واغتنى بميراث، أو وأيسر بعمل أو وظيفة أو نحو ذلك؟ فهل يجب عليه إرجاع ما أنفقته زوجته عليه وعلى أولاده زمن كان معسرا؟

اختلف الفقهاء في ذلك على قولين؛ فذهب المالكية إلى أنه ليس للزوجة أن ترجع على زوجها المعسر بما أنفقته على نفسها حال إعساره.

قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل عند قوله: "وسقطت للعسر": يعني أن واجبات الزوجة من نفقة وما معها تسقط عن الزوج بإعساره، أي في زمنه فقط، وسواء دخل بها أم لا، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق: 7][69].

وهذا معسر لم يؤته شيئا، فلا يكلف بشيء، ومن ثم فإنها لا ترجع عليه بشيء من النفقة، لأنها ساقطة عنه في هذه الحالة، وسواء كان في حال الإنفاق حاضرا أو غائبا، وتحمل نفقتها على التبرع.

وذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن لها أن ترجع عليه بما أنفقت.

قال الشلبي (الحنفي): (نفقة الزوجة جارية مجرى الديون، ولهذا تجب مع الإعسار)[70].

وقال ابن قدامة (الحنبلي): (ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة، لم يسقط بذلك، وكانت دينا في ذمته، سواء تركها لعذر أو غير عذر في أظهر الروايتين. وهذا قول الحسن ومالك، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر. والرواية الأخرى: تسقط نفقتها، ما لم يكن الحاكم قد فرضها لها)[71]

ويرى الشافعية أنها ترجع عليه بما أنفقت سوى المسكن؛ قال الشيخ زكريا الأنصاري: ( لو " أعسر الزوج مالا وكسبا لائقا به نفقة أو كسوة أو بمسكن لزوجته، أو مهر واجب قبل وطء، فإن صبرت زوجته بها كأن أنفقت على نفسها من مالها فغير المسكن دين عليه فلا يسقط بمضي الزمن بخلاف المسكن لما مر)[72].

وقال النووي رحمه الله: (إذا ثبت لها الفسخ بالإعسار واختارت المقام معه ثبت لها في ذمته ما يجب على المعسر من الطعام والأدم والكسوة ونفقة الخادم، فإذا أيسر طولب بها لأنها حقوق واجبة عجز عن أدائها، فإذا قدر طولب بها كسائر الديون، ولا يثبت لها في الذمة ما لا يجب على المعسر من الزيادة على نفقة المعسر لأنه غير مستحق)[73].

والصواب أن يفرق هنا بين حالتين: الحالة الأولى: أن تكون قد أنفقت بنية الرجوع على زوجها إذا أيسر، فلها أن ترجع. والحالة الثانية أن تكون قد أنفقت بنية التبرع والتصدق على زوجها، فليس لها الرجوع. لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى "[74].

فإن لم تكن لها نية أصلا عند الإنفاق، فالأقرب دليلا، والأحسن واقعا أنها لا ترجع، أما الأول فلقوة تعليل المالكية، ولأن العرف يجري – غالبا – بذلك؛ أن الزوجات يساعدن أزواجهن في الضائقة المالية، خاصة إذا كن موظفات يكتسبن.

وأما الثاني فلأن تنازل الزوجة عن المطالبة حينئذ يكون فيه إيناس للزوج واستمالة لقلبه، ويكون أرجى لدوام الحياة الزوجية واستقرارها.

وقد سئل الدكتور حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر هذا السؤال: " زوج ابنتي فقد وظيفته منذ حوالي عامين‏,‏ وأصبح بلا مورد مالي‏,‏ فتحملت ابنتي وحدها مسئولية الإنفاق علي منزل الزوجية بكل أعبائه‏,‏ والآن حدث خلاف بينهما واستحالت العشرة‏,‏ فهل من حق ابنتي أن تطالب زوجها بأن يرد لها ما أنفقته طوال هذين العامين"؟

فكان مما أجاب به: (أما استرداد الزوجة لما أنفقته فهذا يتوقف علي التكييف الشرعي لهذه النفقة ونية الزوجة أو اتفاقها مع زوجها, فلو كانت نيتها المشاركة عن طيب نفس في نفقات البيت وتراضت علي ذلك مع زوجها, فلا يجوز لها أن تعود وتطالب بأن تسترد ما أنفقته, ... أما في حالة أن يكون إنفاق الزوجة, علي سبيل القرض الحسن لزوجها, لحين تحسن أحواله, فلها أن تطالبه بأداء ما أنفقته, فيكون دينا علي الزوج تجاه زوجته, ملزما برده حال استطاعته, ويجب أن تعلم الزوجة أنها مثابة من الله علي ما تنفقه في جميع الحالات وأيا كانت نيتها)[75].

هل اذا امتنع الزوج عن النفقة عليه وعلى أولادها تأخذ بغير علمه؟

إذا قصر الزوج في النفقة على زوجته، فقد أباح لها الشرع، بأن تأخذ من مال زوجها بغير علمه، على أن يكون ذلك الأخذ بالمعروف؛ فقد صح عن عائشة رضي الله عنها: " أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ[76]، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ).

قال ابن باز رحمه الله، تعليقا على هذا الحديث: (فإذا كان الزوج بخيلًا أو لا يبالي فللزوجة أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيها ويكفي أولادها بالمعروف، هذا لا حرج فيه؛ لكن لا تأخذ ما تعطي أمها وأباها،... لا تأخذ شيئًا تعطيه الناس، إلا برضاه، إلا الشيء الذي جرت العادة به فضول الطعام، فضول الشراب، الشيء الذي جرت العادة بالصدقة به لا بأس)[77].

هل للزوجة طلب الطلاق لبخل الزوج؟

ويتفرع عما سبق مسألة، وهي طلب الطلاق لبخل الزوج: هل يجوز للمرأة ذلك؟ دفعا للضرر الواقع عليها، واعتبارا بجواز ذلك عند إعسار الزوج (على قول الجمهور)، أو لا يجوز، وعليه لو حصل الطلاق يعتبر خلعا لا طلاق للضرر؟

الصحيح أن في ذلك تفصيلا؛ فإن كان الزوج ينفق على زوجته النفقة اللازمة شرعاً، وهي ما تتحقق به كفايتها بالمعروف من طعام وكسوة ومسكن ودواء، بقدر استطاعته، فلا يجوز لها أن تطلب الطلاق؛ لأن طلب الطلاق لغير ضرر محقق لا يجوز. وكلامها هنا مجرد دعوى أو تهمة، تتهمه فيها أنه يبخل عليها بالأمور التي لا يطالب بها شرعاً وهي الكماليات والأمور الخارجة عن الحاجة اللازمة، بينما الواجب عليه هو ما ذكرنا، وما عدا ذلك إن أعطاه لها فهو أمر حسن، وإن لم يعطه إياها فإنه غير ملزم به.

وعليه، فلو رفعت أمرها للقاضي طالبة الطلاق مع هذه الحال وأوقعه فهو خلع يلزمها معه أن ترد لزوجها ما أعطاه إياها من مهر.

وأما إن كان الزوج لا ينفق عليها تلك النفقة اللازمة شرعاً، فلها حينئذ رفع أمرها إلى المحاكم الشرعية من أجل إلزامه بدفع النفقة أو الحكم بالطلاق إن طلبت ذلك. وإن حكم بالطلاق فهو حينئذ يقع طلاقا رجعيا[78].

حكم ادخار الزوجة جزءا من مصروف البيت بغير علم الزوج ثم إنفاقه في مصلحة البيت أو مصلحتها أو التصدق به؟

بعض الزوجات اللواتي يعطيهن أزواجهن مبلغا معينا من المال، كمصروف لتنفقه على البيت، قد يقمن بحسن تدبير منهن بتوفير جزء من هذا المال للاستفادة منه في المستقبل لما يرينه من المصلحة في ذلك.

والأصل أن هذا لا يجوز للمرأة فعله إلا بإذن من زوجها، وذلك لما رواه الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: "لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: «ذلك أفضل أموالنا"[79]

ولأنها لا حق لها فيما زاد على النفقة المعتادة، وأما ما زاد على ذلك من تصرفات فمرجعه إلى صاحب المال، فإن وقع هذا، فهي مخطئة، والواجب عليها أن ترد المال إلى الزوج أو تطلب منه أن يهبه لها.

جاء في فتاوى الشبكة الاسلامية: (ليس للزوجة أن تدخر شيئا من المصروف الذي يخصصه الزوج لنفقات العائلة لنفسها أو غيرها في غير ما حدده الزوج إلا بإذنه النصي، أو العرفي. وبناء عليه، فعلى تلك المرأة إخبار زوجها بما تفعل، فإن أذن لها فبها ونعمت، وإلا فعليها رد المبلغ المدخر إليه)[80].

وكذلك الصدقة من هذا المال سواء على أقاربها أو على غيرهم، لا يجوز لها فعل ذلك إلا إذا كانت تعلم رضا زوجها بهذه الصدقة، أي أنه إذا علم فإنه لا يرفض ذلك، بل يحب فعل الخيرات، ويكثر من الصدقات، ويوجهها إلى مثل ذلك.

لكن استثنى العلماء من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح في مثله، لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا "[81].

وسئلت اللجنة الدائمة عن امرأة تتصدق من مال زوجها بدون إذنه. فأجابت: " الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها، والأجر بينهما؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ....، وذكرت الحديث السابق[82].

وكذلك استثنوا ما لو فضل شيء من المصروف الذي جعله في يدها، وصرفته في مصالح البيت دون إذنه، فالظاهر أنه لا حرج في ذلك، ما دام المبلغ الموضوع تحت يدها مخصصا للاستهلاك وحاجة البيت ومصروفاته العادية.

فإذا كان ذلك لأجل مصروفات غير عادية، كشراء سيارة مثلا، فلا يجوز لها هذا التصرف، وإن كانت السيارة ضرورية للبيت في بعض الأحيان، لكن على الزوجة أن تخبر زوجها بما وفرته من المصروف الشهري للبيت، لهذا الغرض، لأنه ربما لا يرضى بمثل هذا الادخار، الذي قد يصاحبه تضييق على البيت في جوانب أخرى، أو لكون شراء السيارة ليس من الأولويات التي يراها الزوج.

والمرجع في ذلك كله هو العرف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند رضي الله عنها: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك[83].

وأما إذا كانت الزوجة امرأة عاملة، وتدخر بعضا من راتبها دون علم زوجها أو لها مال يخصها، وتتصدق منه، فهذا لا حرج فيه لأن الراتب والمال ملك لها وليس ملكا للزوج، فلها التصرف فيه كما تشاء، بالادخار أو بالإنفاق، وهذا عند جمهور أهل العلم[84].

ومثل ذلك ما لو كان الادخار من مصروف خاص يعطيه الزوج لها شخصيا، فهذا ملك لها تتصرف فيه كيف شاءت، ما دام ذلك في دائرة المباح دون إسراف ولا تبذير.

هل يجب على الزوج أن يعطي زوجته مبلغاً شهرياً كمصروف في يدها؟

لو طلبت الزوجة من زوجها أن يعطيها مبلغاً شهرياً، كمصروف في يدها، تشتري منه ما يخص البيت من أغراض، أو توسع به على نفسها وولدها، أو تدخر منه لذلك، فهل يجب عليه إعطاؤها؟ أم يكفي أن يشتري لها حاجاتها الأساسية، ويتكفل بطعامها وشرابها وملبسها وسكنها، وما شاء إعطاؤها من زيادة للتوسعة يدفعها لها في الوقت الذي يشاؤه؟

الجواب: الثاني، لأن الله تعالى قال: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ". فجعل سبحانه الإنفاق بيد الرجل، وعلى حسب حاله، فالمطلوب منه النفقة فقط، ولا يجب عليه إعطاؤها المال في يدها.

وكذلك فإن الله تعالى قال: "الرجال قوامون على النساء ... وبما أنفقوا"، فجعل للرجل القوامة على المرأة، ولا شك أن من كمال القوامة: كون الزوج هو المتصرف بالإنفاق وتلبية الاحتياجات، وما خالف ذلك، وإن كان مشروعا فهو خلاف الأصل.

فإن كانت ثمت مصلحة في ذلك، فليعطها، ولا حرج، لكن لا على سبيل الوجوب. علما بأنَّ المرأة وإن كانت لا تطلب من زوجها مالاً فهذا لا يعني أنَّها لا تحتاج، بل في كثير من الأوقات قد يمنعها حياؤها من طلب ذلك، فهي تود أن يبادر زوجها بإعطائها من دون سؤال، لهذا قد يحسن أن يخصص لها راتباً شهرياً أو مصروفاً، لأن هذا يشعرها بمكانتها في قلب زوجها. لكن إذ كانت امرأة عاملة، فهي ليست بحاجة لأخذ مصروف من زوجها غالبا.

قال بعض الباحثين: (الذي يظهر لي، والله أعلم، أن العرف الآن يقتضي أن يكون لدى المرأة شيء من النقود، خصوصاً أنها في بعض الدول تخرج مع أولادها، وتسوق السيارة، وتستعمل الاجهزة الحديثة، وكل ذلك تحتاج معه إلى نقود لتعبئة وقود أو لإعادة شحن بطاقة الجوال أو غير ذلك.

ولا يحسن بالزوج ترك زوجته دون أن يكون معها مبلغ من المال فيما لو احتاجت لشراء شيء وهو غير موجود.

حتى ولو كانت لا تسوق السيارة ولا تخرج من البيت، فإن وجود شيء من المال عندها في البيت تستطيع من خلاله إرسال الأولاد لشراء ما يحتاجون إليه في حال عدم وجود الزوج في البيت بسبب انشغاله بعمل أو زيارة أقارب او أصدقاء أو غير ذلك.

وبناء عليه ينبغي للزوج أن يدفع لزوجته شيئاً من المال كل شهر يكون معها؛ إن أحبت أن تتصدق به أو تصل به أرحامها أو تحفظه لوقت الحاجة. وهذا من المعاشرة بالمعروف، ومن حسن رعاية الزوج لزوجته[85].

وأما الزوجة الموظفة فإن هذا الأمر في جانبها قد يكون أقل أهمية، لأنها – في الأغلب - تملك النقود التي تحصل عليها من عملها، وهي إنما عملت لتخفف عن زوجها بعض أعباء المعيشة، ومن هذا التخفيف أنها تشتري من أموالها ما احتاجت إليه وقت عدم وجود الزوج، حتى وإن رجعت عليه بما أنفقته، ففي يدها ما يؤمن حالها.

عمل المرأة، هل يلزمها المشاركة مع الزوج في الإنفاق؟

يرد كثيراً سؤالٌ حول عمل المرأة وخروجها من بيتها لأجل الوظيفة فهل هذا يسوغٌ للزوج بأن يلزمها بالصرف على البيت والأولاد؟

الإجابة على ذلك أن نقول: إذا اشترطت الزوجة على الزوج بعقد الزواج أن تخرج للعمل وقبل الزوج بهذا الشرط فليس له منعها من العمل، والأصل أن ما تتحصل عليه من راتب من هذا العمل هو لها، وهي مستقلة بالتصرف فيه كما تريد، إلّا أنّه في كثير من الحالات يترتب على خروجها من بيتها للعمل نفقاتٌ إضافيةٌ مثل مصاريف حضانةٍ للأطفال، وتوفير خادمةٍ لتنظيف البيت، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يجب عليها مساعدة زوجها بنفقات البيت لتستقر حياتهما معا، وتسود روح المودة بينهما، ويحصل الابتعاد عن الخلافات والمشاكل.

وهذا الوجوب إن لم يكن ناتجا عن شرط واتفاق - وهو أحسن - فإنه يكون بمقتضى تحقيق العدل والمصلحة ودفع الضرر عن المتضرر. 

وأما إذا لم يكن شرط بينهما على خروجها للعمل، لأن الأصل قرار المرأة في بيتها، واحتباسها لمصلحة زوجها وأولادها، إلا إذا كان الزوج معسرا بالنفقة الواجبة فليس له منعها، كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

وإذا كان في خروجها محظور شرعي، سواء فيما يتعلق بالعمل ذاته، كما لو كان فيه اختلاط محرم مع الرجال الأجانب، أو فيما يترتب عليه من ضرر يحصل للزوج والأولاد فله منعها بكل حال[86].

المراد بالنفقة الواجبة للزوجة، وما تشتمل عليه، وما لا تشتمل عليه

روى حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، قال: «قلت: يا رسول الله، ما حق الزوجة؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت»[87].

واختلفت الآراء في تعريف النفقة، وننقل هنا باختصار أقوال أشهر المذاهب الفقهية في تحديد النققة الواجبة.

قال ابن عابدين (حنفي) في تعريف النفقة: (وشرعا: هي الطعام والكسوة والسكنى)[88]. وجاء في الفتاوى الهندية: (والنفقة الواجبة: المأكول والملبوس والسكنى)[89].

وقال الخطيب الشربيني (شافعي): (والحقوق الواجبة بالزوجية سبعة: الطعام، والإدام، والكسوة، وآلة التنظيف، ومتاع البيت، والسكنى، وخادم إن كانت ممن تخدم)[90].

وقال في المقنع (حنبلي): (تجب على الرجل نفقة امرأته ما لا غنى لها عنه، وكسوتها بالمعروف، ومسكنها بما يصلح لمثلها، وليس ذلك مُقدراً لكنه معتبر بحال الزوجين، فإذا تنازعا فيها رجع الأمر إلى الحاكم)[91].

وبعد عرض هذه التعريفات عند أصحاب المذاهب المشهورة، فإن التعريف الذي يصدق على النفقة على الزوجة خاصة، حيث إنها موضوع بحثنا، أن نقول: (هي كفاية الزوجة طعاماً وكسوة وسكنى وتوابعها بالمعروف)، وهذا التعريف قريب من تعريف الحنابلة، وهو ما سبق أن اخترناه، فالمراد بإنفاق الزوج على زوجته أن يوفر لها طعامها وشرابها ومسكنها، وسائر ما يلزمها مما يناسب مثلها، وجرى عرف الناس عليه.

مقدار النفقة الواجبة للزوجة:

وقولنا في هذا التعريف المختار: (كفاية الزوجة): هذا ضابط لمقدار النفقة، فليس لها قدر محدد، بل تختلف باختلاف الزمان والمكان والشخص والأسعار، والمهم تحقيق قدر الكفاية للزوجة، فيجب عليه كسوتها صيفاً وشتاءً، وإسكانها في منزل خاص بها، وإطعامها حسب الحال والكفاية.

وقولنا: (طعاماً وكسوة وسكنى): هذه الثلاثة أهم ما يصدق عليه اسم النفقة، فلهذا نُص عليها.

وقولنا: (وتوابعها بالمعروف) ليدخل فيما سبق ما يتعارف الناس على أنه من الاحتياجات الأساسية للزوجة كالحاجيات المتممة لما سبق، وكالعلاج من الأمراض في عصرنا الحاضر على القول الراجح، كما سيأتي بيانه بإذن الله، وكتوفير الخادم إذا كان مثلها يخدم وطلبته، وهو ما سنناقشه في هذا البحث في موضعه، بإذن الله[92].

هل يعتبر في اليسار والإعسار بحال الزوج أو الزوجة أو الاثنين معا؟

ويراعى في مقدار النفقة حال الزوج من اليسر والعسر مهما كانت حالة الزوجة، وهو مذهب الشافعي، وهو قول في مذهب الإمام أحمد، رحمهما الله؛ استدلالا بقوله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته).

قال الحصني (شافعي): (ويختلف الواجب باختلاف حال الزوج في اليسار والإعسار ويستوي في ذلك المسلمة والذمية والحرة والأمة)[93].

وقيل: الاعتبار بحال الزوجة؛ فإذا كانت الزوجة غنية فيجب على زوجها أن يكسوها وأن يطعمها وأن يسكنها ما يكون للأغنياء وإن كان هو فقيراً او متوسطاً، وإن كانت فقيرة فينفق عليها نفقة الفقراء ولو كان غنياً... لقول الله تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}. والمعروف الكفاية، ولأنه سوى بين النفقة والكسوة، والكسوة على قدر حالها، فكذلك النفقة، «وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»[94]؛ فاعتبر كفايتها دون حال زوجها.

ولأن نفقتها واجبة لدفع حاجتها، فكان الاعتبار بما تندفع به حاجتها، دون حال من وجبت عليه، كنفقة المماليك.

ولأنه واجب للمرأة على زوجها بحكم الزوجية لم يقدر، فكان معتبرا بها، كمهرها وكسوتها[95].

وقيل يعتبر بحال الزوجين معا، وهو مذهب الحنابلة، وعليه الفتوى عند الأحناف.

قال العبادي (حنفي): (قوله يعتبر ذلك بحالهما جميعا موسرا كان الزوج أو معسرا) هذا اختيار الخصاف وعليه الفتوى، وتفسيره: إذا كانا موسرين تجب نفقة اليسار، وإن كانا معسرين فنفقة الإعسار، وإن كانت كرها وهو موسر فدون نفقة الموسرات وفوق نفقة أسلفها، وإن كان معسرا وهي موسرة فنفقة الإعسار، لقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته} [الطلاق: 7] (قوله: وكسوتها)، وهي درعان وخماران وملحفة)[96].

وجاء في تفسير القرطبي: (فتقدر النفقة بحسب الحالة من المنفق والحاجة من المنفق عليه بالاجتهاد على مجرى حياة العادة; فينظر المفتي إلى قدر حاجة المنفق عليه ثم ينظر إلى حالة المنفق، فإن احتملت الحالة أمضاها عليه، فإن اقتصرت حالته على حاجة المنفق عليه ردها إلى قدر احتماله)[97] .

وقال في الزاد (حنبلي): (ويعتبر الحاكم ذلك بحالهما عند التنازع)، ورجحه ابن قدامة[98].

وقال الشوكاني تعليقا على حديث معاوية القشيري: (وفي الحديث دليل على أنه يجب على الزوج أن يطعم امرأته مما يأكل ويكسوها مما يكتسي، ... وقد استدل المصنف بهذا الحديث على أن العبرة بحال الزوج في النفقة، ويؤيد ذلك أيضاً قوله تعالى: ‏{‏لينفق ذو سعة من سعته‏}،‏ وإلى ذلك ذهبت العترة والشافعية وبعض الحنفية، وذهب أكثر الحنفية ومالك إلى أن الاعتبار بحال الزوجة، واستدلوا بقصة هند امرأة سفيان الآتية، وأجيب عن ذلك بأنه أمرها بالأخذ بالمعروف ولم يطلق لها الأخذ على مقدار الحاجة‏)[99].

واختار مذهب الشافعي من المعاصرين الشيخ الحمد قائلا: (وهذا القول هو القول الراجح، وهو ظاهر القرآن وأما حديث هند بنت عتبة، فهي قضية عين، وأبو سفيان رضي الله عنه كان من الأغنياء)[100].

هذا، ويصح أن تكون النفقة عيناً من طعام وكسوة ومسكن ونحو ذلك، ويصح أن تُفرض قيمتها نقداً تُدفع إليها لتشتري به ما تحتاج إليه.

ويصح أن تُفرض النفقة سنوية، أو شهرية، أو أسبوعية، أو يومية، حسب حال الزوج، يسراً وعسراً.

صفة المسكن الذي يجب ضمن النفقة الواجبة

يجب على الزوج أن يؤمن لزوجته مسكناً يسترها عن عيون الناس ويحميها من البرد والحر بحيث تسكن وتستقر وتستقل به، ويكفي من ذلك ما يلبي حاجتها كغرفة جيدة الحال مع مطبخ وبيت خلاء إلا أن تكون الزوجة اشترطت سكناً أكبر من ذلك حال العقد.

وتوفير المسكن يكون على قدر طاقة الزوج بحيث يليق عُرفا بحال الزوجة ومستواها الاجتماعي.

قال ابن قدامة رحمه الله: (ويجب لها مسكن بدليل قوله سبحانه وتعالى {أسكنوهن … }، فإذا وجبت السكنى للمطلَّقة فللتي في صلب النكاح أولى، قال الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف). ومن المعروف أن يسكنها في مسكن، ولأنها لا تستغني عن المسكن للاستتار عن العيون، وفي التصرف والاستمتاع وحفظ المتاع[101].

وللزوجة أن تشترط مسكناً مستقلاً عن أهله، أو عن أهلها، ولكن من المهم أن نبين هنا أن معنى كونه مستقلا، أي أن يكون له باب يغلق عليهما، وأن يكون محتويا على المنافع والمرافق المستقلة بهما، كحمام ومطبخ ونحو ذلك، وليس المراد كونه – مثلا -  شقة مستقلة في عمارة فيها أقارب زوجها.

لكن ليس له حينئذ أن يوجب عليها أن تأكل مع أحدٍ من أحمائها أو تقيم معهم نهارا أو تسهر عندهم ليلا، أو أن يجبرها أن تخدمهم أو تطهو الطعام معهم، أو نحو ذلك.

وكلما استطاع أن يوفّر لها سكنا منفصلا عن سكن أهله تماما فهذا أحسن. ولكن إذا كان والداه كبيرين يحتاجان إليه وليس لهما من يخدمهما ولا يُمكن خدمتهما إلا بالسّكن بجوارهما فيجب عليه ذلك[102].

قال الكاساني (حنفي): ( ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربه فأبت ذلك؛ عليه أن يسكنها في منزل مفرد؛ لأنهن ربما يؤذينها ويضررن بها في المساكنة وإباؤها دليل الأذى والضرر، ولأنه يحتاج إلى أن يجامعها ويعاشرها في أي وقت يتفق ولا يمكنه ذلك إذا كان معهما ثالث، حتى لو كان في الدار بيوت ففرغ لها بيتا وجعل لبيتها غلقا على حدة قالوا: إنها ليس لها أن تطالبه ببيت آخر)[103].

وهذا صريح في أن المعتبر عدم وجدان أحد معها في البيت لا في الدار[104].

 وهذا – عند طائفة من الفقهاء - في غير حالة الضرات؛ فأما إن كان له أكثر من زوجة، فالظاهر أنه لا يجمع بينهما لا في منزل واحد، ولا في دار واحدة، بل الأفضل أن يبعد الواحدة منهن عن الأخرى ما استطاع.

والسبب في هذا أن الزوجة مع ضرتها تغار، وإذا كان المسكن قريباً أو مشتركاً بينهما، فإن الغيرة تكون أشد، ولربما وصلت إلى الحقد، وإلى الأذية، وإلى الإضرار. والنهي عن الشيء نهي عن وسائله، والقاعدة: أن الوسائل تأخذ حكم مقاصدها، فجمعهما في مسكن واحد وسيلة إلى شر، ووسيلة إلى فتنة، وإلى ضرر، فينهى عنه، ويمنع منه.

جاء في مواهب الجليل (مالكي): (وبرضاهما جمعهما بمنزلين من دار): قال ابن فرحون: إن من حقها أن لا تسكن مع ضرتها ولا مع أهل زوجها ولا مع أولاده في دار واحدة، فإن أفرد لها بيتا في الدار ورضيت فذلك جائز، وإلا قضي عليه بمسكن يصلح لها، انتهى. وقال ابن عبد السلام: أما الجمع بينهن في دار واحدة ويكون لكل واحدة منهن بيت فذلك من حقهن، فإن رضين به جاز، وإن أبين منه أو كرهته واحدة لم يمكن منه، وهكذا ينبغي إن سكنتا معا باختيارهما أن يكون القول قول من أرادت الخروج منهما، وأما الجمع بينهما في بيت واحد، فلا ينبغي ذلك ولو رضيت به، انتهى. قال ابن عرفة: وليس عليه إبعاد الدار بينهن)[105].

وأما الأحناف فلم يجعلوا للزوجة الحق في طلب أن تستقل بدار عن ضراتها، ما دام قد وفر لها الزوج بيتا مغلقا بمرافقه.

قال الموصلي (الحنفي): (ولو كان في الدار بيوت وأبت أن تسكن مع ضرتها أو مع أحد من أهله إن أخلى لها بيتا منها وجعل له مرافق وغلقا على حدة - ليس لها أن تطلب بيتا آخر، وإن لم يكن إلا بيت واحد فلها ذلك)[106].

صفة الكسوة اللازمة على الزوج لزوجته

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (أجمع الفقهاء على أنّه تجب الكسوة للزوجة على زوجها إذا مكنته من نفسها على الوجه الواجب عليها، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏‏.‏.. ولأنّ الكسوة لا بد منها على الدوام، فلزمته كالنفقة.

كما أجمعوا على أنّه يجب أن تكون الكسوة كافيةً للمرأة، وأنّ هذه الكفاية تختلف باختلاف طولها وقصرها وسمنها وهزالها، وباختلاف البلاد التي تعيش فيها في الحرّ والبرد‏.‏

ولكنّ الفقهاء اختلفوا في بعض التفاصيل‏:‏

فذهب الحنفية إلى أنّ الكسوة يعتبر فيها حال الزوج في يساره وإعساره لا حال المرأة، هذا في ظاهر الرّواية، والفتوى على أنّ النفقة عامة تجب بحسب حال الزوجين معاً‏.؛ فعلى ظاهر الرّواية إذا كان الزوج معسراً يكسوها أدنى ما يكفيها من الملابس الصيفية والشتوية، وإن كان متوسّطاً يكسوها أرفع من ذلك بالمعروف، وإن كان غنيّاً كساها أرفع من ذلك بالمعروف‏.‏

... وتفرض الكسوة للزوجة عند الحنفية في كلّ نصف حول مرةً ‏;‏ لتجدّد الحاجة حرّاً وبرداً، ويجب تسليم الكسوة إليها في أول هذه المدة ‏;‏ لأنّها تستحقّها معجلةً لا بعد تمام المدة، إلا أنّه لا يجب عليه أن يجدّد الكسوة ما لم يتخرق ما عندها، فإذا مضت هذه المدة وبقي ما عندها صالحاً لم تجب عليه كسوة أخرى‏;‏ لأنّ الكسوة في حقّه باعتبار الحاجة ولهذا يجب عليه أن يصرف لها كسوةً أخرى إذا تخرقت القديمة بالاستعمال المعتاد قبل مضيّ المدة المذكورة ‏;‏ لظهور الخطأ في التقدير، حيث وقت وقتاً لا تبقى معه الكسوة‏.‏

 

أما إذا أسرفت في الاستعمال على وجه غير معتاد، أو سرق منها، أو هلك عندها قبل مضيّ المدة، فلا يجب عليه لها كسوة أخرى‏.‏

وذهب المالكية، إلى مثل ما ذهب إليه الحنفية في ظاهر الرّواية، فقالوا‏:‏ وتقدر الكسوة في السنة مرتين، بالشّتاء ما يناسبه من فرو ولبد ولحاف وغير ذلك، وبالصيف ما يناسبه، وهذا إذا لم تناسب كسوة كلّ من الصيف والشّتاء الآخر عادةً، وإلا كفت واحدة إذا لم تخلق، قالوا‏:‏ ومثل ذلك الغطاء والوطاء صيفاً وشتاءً‏[107].‏

وذهب الشافعية والحنابلة، إلى أنّ كسوة الزوجة على قدر كفايتها ‏;‏ لأنّها ليست مقدرةً من الشرع، ويرجع في ذلك إلى اجتهاد الحاكم عند المنازعة، فيفرض لها على قدر كفايتها‏.‏

قال الشافعية‏:‏ يجب للزوجة على زوجها في كلّ ستة أشهر قميص، وهو ثوب مخيط يستر جميع البدن - وخياطته على الزوج - وسراويل - وهو ثوب مخيط يستر أسفل البدن ويصون العورة - وقد يقوم الإزار أو الفوطة مقام السراويل إذا اعتادت المرأة على لبسهما‏.‏ وخمار، وهو ما يغطى به الرأس، ومكعب، وهو مداس الرّجل من نعل أو غيره، ويجب لها القبقاب إن اقتضاه العرف‏.‏

قال الماورديّ‏:‏ ولو جرت عادة نساء أهل القرى ألا يلبسن في أرجلهنّ شيئاً في داخل البيوت لم يجب لأرجلهنّ شيء‏.‏

ويزاد في الشّتاء وفي البلاد الباردة جبة محشوة قطناً، فإن اشتد البرد فجبتان فأكثر بقدر الحاجة لدفع البرد، وقد يقوم الفرو مقام الجبة إذا جرت عادة أهل البلد على لبسها‏.‏ ويجب لها توابع ما ذكرناه، من كوفية للرأس، وتكة للّباس، وزرّ للقميص والجبة ونحوهما، وقالوا‏:‏ لا يختلف عدد الكسوة باختلاف يسار الزوج وإعساره، ولكنّهما يؤثّران في الجودة والرداءة‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ وأقلّ الكسوة الواجبة قميص وسراويل ومقنّعة ومداس وجبة للشّتاء، ويزيد من عدد الثّياب ما جرت العادة بلبسه مما لا غنى عنه، دون ما للتجمّل والزّينة‏؛ فيفرض مثلاً للموسرة تحت الموسر من أرفع الثّياب في البلد، من الكتان، والحرير، والإبريسم، وللمعسرة تحت المعسر غليظ القطن والكتان، وللمتوسّطة تحت المتوسّط المتوسّط من الثّياب، وهكذا يكسوها ما جرت عادة أمثالهما به من الكسوة‏.‏

ثم قال الحنابلة‏:‏ على الزوج أن يدفع الكسوة إلى زوجته في كلّ عام مرةً ‏;‏ لأنّ ذلك هو العادة، ويكون الدفع في أول العام ‏;‏ لأنّه أول وقت الوجوب فإن بليت الكسوة في الوقت الذي يبلى فيه مثلها لزمه أن يدفع إليها كسوةً أخرى ‏;‏ لأنّ ذلك وقت الحاجة إليها، وإن بليت قبل ذلك لكثرة دخولها وخروجها أو استعمالها لم يلزمه إبدالها، لأنّه ليس بوقت الحاجة إلى الكسوة في العرف‏.‏

وإن مضى الزمان الذي تبلى في مثله الثّياب بالاستعمال المعتاد ولم تبل، فهل يلزمه بدلها‏؟‏ فيه وجهان‏:‏ أحدهما‏:‏ لا يلزمه بدلها لأنّها غير محتاجة إلى الكسوة‏.‏ ثانيهما‏:‏ يلزمه البدل لأنّ الاعتبار بمضيّ الزمان دون حقيقة الحاجة، بدليل أنّها لو بليت قبل ذلك لم يلزمه بدلها‏.‏ ولو أهدى إليها كسوةً لم تسقط كسوته)‏[108].‏

نفقة المطلقات

وتجب النفقة والسكنى للمطلقة الرجعية، بالاتفاق[109].

قال العلماء: حال الرجعية وقت عدتها كحال الزوجة التي في العصمة في وجوب النفقة لها وجواز إرداف الطلاق عليها ولزوم الظهار والإيلاء منها، وثبوت الميراث، وانتقالها لعدة الوفاة في موته عنها وغير ذلك من الأحكام إلا في الاستمتاع بها[110].

كذلك تجب النفقة للمطلقة البائن إذا كانت حاملا، لكن إذا كانت بينونة كبرى، بأن كانت الطلقة هي الثالثة فإنها لا نفقة لها، كما أنها لا تعتد عدة الوفاة، إذا مات وهي في عدتها. كما أنها لا ترث[111].

والدليل على ذلك قوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} [البقرة/228]، ووجه الاستدلال: أنه تعالى سماه بعلا وإذا سماه بعلا فهي زوجة، والزوجة في الشرع لها النفقة. وقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم، ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: 6].

وعن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لك عليه نفقة»، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني»[112].

وجاء في الفقه الميسر: (إن كان طلاقها بائنا، سواء كانت بينونة كبرى أم بينونة صغرى بخلع أو فسخ ونحو ذلك، وكانت حاملا، فلها النفقة بالإجماع)[113].

وذهب الحنفية إلى وجوب النفقة للمطلقة البائن، كالرجعية؛ قالوا: لأنها محبوسة في حقه، وهو صيانة الولد بحفظ الماء عن الاختلاط، والحبس لحقه موجب للنفقة[114]. جاء في بداية المبتدي: (وإذا طلق الرجل امرأته فلها النفقة والسكنى في عدتها رجعيا كان أو بائنا، ولا نقفة للمتوفى عنها زوجها)[115].

والراجح قول الجمهور، لما سبق من حديث فاطمة.

وأما السكنى بالنسبة للمطلقة البائن الحائل (غير الحامل): فذهب المالكية والشافعية، ورواية عند الحنابلة: أن لها السكنى أيضا، أي في زمن عدتها؛ لقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم... وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن} الآية، حيث أوجب سبحانه لهن السكنى مطلقا ثم خص الحامل بالإنفاق عليها.

والمذهب عند الحنابلة أن لا نفقة لها ولا سكنى؛ لحديث فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم، السابق آنفا، أنه قال في المطلقة ثلاثا: "ليس لها سكنى ولا نفقة". وأمَّا قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم مِن وُجْدِكم}، فهذا سياقه في الرجعيَّة، كما ذكَر ابن القيّم رحمه الله، وهذا هو القول الراجح[116].

وأما بعد انتهاء العدة فلا تجب على الزوج المطلق نفقة ولا سكنى إلا في مدة الحمل أو الرضاع، إلا أن يكون لها أولاد وهم في حضانتها فقد اختلف العلماء هل يجب عليه إسكانها أم لا، بعد اتفاقهم على وجوب نفقة أولاده وإسكانهم[117].

نفقة المتوفى عنها زوجها

المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملا فلها نفقة[118]، لقوله تعالى: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: 6]. وأما إذا كانت غير حامل فليس لها شيء.

قال في عون المعبود: (وأما المتوفى عنها زوجها فلا نفقة لها بالإجماع)[119].

وجاء في الروضة الندية: (... ولا في عدّة الوفاة؛ فلا نفقة ولا سُكنى إِلا أن تكونا حاملتين؛ لعدم وجود دليلٍ يدلّ على ذلك في غير الحامل، ولا سيّما بعد قوله صلى الله عديه وآله وسلم: "إِنما النفقة والسُّكنى للمرأة إِذا كان لزوجها عليها الرجعة، فإِذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى)[120].

وذهب بعض أهل العلم من الشافعية والمالكية إلى أن لها السكنى أيضا مدة العدة، إلا أن المالكية خصوا ذلك بما إذا كان المسكن مملوكا للزوج أو مستأجرا ودفع أجرته قبل الوفاة.

جاء في المدونة: (قلت أرأيت المتوفى عنها زوجها أيكون لها النفقة والسكنى في العدة في قول مالك في مال الميت أم لا؟ قال مالك: لا نفقة لها في مال الميت ولها السكنى أن كانت الدار للميت، قلت: أرأيت أن كان الزوج قد نقد الكراء فمات وعليه دين، من أولى بالسكنى المرأة أو الغرماء؟ قال: إذا نقد الكراء فالمرأة أولى بالسكنى من الغرماء، قال: هذا قول مالك)[121].

وقال الخطيب الشربيني (شافعي): (ويجب السكنى أيضا لمعتدة وفاة في الأظهر؛ «لأمره صلى الله عليه وسلم فريعة بضم الفاء، بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري لما قتل زوجها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشرا» صححه الترمذي وغيره، والثاني: لا سكنى لها كما لا نفقة لها.

وأجاب الأول بأن السكنى لصيانة مائه، وهي موجودة بعد الوفاة، كالحياة، والنفقة لسلطنته عليها وقد انقطعت، وبأن النفقة حقها فسقطت إلى الميراث، والسكنى حق الله تعالى فلم تسقط..

ومحل الخلاف إذا لم يطلقها قبل الوفاة رجعيا وإلا لم تسقط قطعا؛ لأنها استحقتها بالطلاق فلم تسقط بالموت)[122].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة:  (المتوفى عنها زوجها تجب عليها عدة الوفاة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، إذا لم تكن حاملا، سواء كانت كبيرة أو صغيرة؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، وتعتد في بيت زوجها الذي مات فيه)[123].

نفقة زوجة الغائب والمفقود

إذا كان الزوج غائباً، وله مال معلوم، أنفق على زوجته منه بأمر القاضي. وإن لم يكن للزوج الغائب مال معلوم، أو كان بعيد الغَيْبة لا يسهل الوصول إليه، أو كان مجهول المحل، أو كان مفقوداً، وثبت أنه لا مال له تنفق منه الزوجة، فللزوجة الحق في طلب الطلاق منه، فيطلق عليه القاضي بعد أن يضرب له أجلاً.

وهذا يستوي فيه ما لو كان غياب الزوج بسبب هربه من زوجته وعائلته، أو بسبب سجنه بحق أو بغير حق، أو بغير ذلك.

جاء في فتاوى الإسلام سؤال وجواب: (إذا كان الزوج مفقودا أي انقطع خبره ولا يعلم مكانه، فعلى الزوجة أن ترجع للقاضي الشرعي، فيضرب مدة معينة يغلب على الظن موته بعدها، بحسب اجتهاده، فإذا مضت المدة ولم يعثر عليه، حَكم بموته، واعتدت امرأته عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وحلّت بذلك للأزواج.

وأما إذا كانت الزوجة تعلم مكانه، وهجرها هذه المدة فإن حكمه حكم المؤلي، فتراسله المرأة أو وليها، أو ترفع الأمر للحاكم؛ ويُجبر على أن يعود إليها، فإن أبى: طلق عليه الحاكم تطليقة، أو فسخ النكاح.

ثانيا: نفقة امرأة الغائب والمفقود واجبة في مال زوجها أثناء الغياب، وفي مدة الانتظار التي يفرضها القاضي للمفقود.

فإن كان للزوج مال تحت يد الزوجة: أخذت منه نفقتها بالمعروف، وإن لم يكن ماله تحت يدها، أو لم يكن له مال: فإنها ترفع أمرها للقاضي.

وفي هذا خلاف بين الفقهاء، والأظهر: أن القاضي يفرض لها نفقة من مال الزوج إن وجد، أو يأذن لها في الاستدانة، فتستدين لتنفق على نفسها، فإن تبين موته: فما أنفقته بعد موته يعتبر من ميراثها، لأنه لا نفقة لها عليه بعد موته.

وفي الموسوعة الفقهية: " اختلف الفقهاء في فرض النفقة على الزوج، أو ما في حكمه، إن كان غائبا؛ فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن نفقة الزوجة تجب على زوجها الغائب في ماله، حاضرا كان المال أو غائبا، وسواء أكان ذلك بفرض القاضي للنفقة إذا طلبت الزوجة، أم بغير ذلك؛ لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لهند امرأة أبي سفيان: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، وكان ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فرضا للنفقة على أبي سفيان، وكان غائبا.

وللحنفية قولان في فرض النفقة على الغائب: الأول: هو أن يفرض القاضي للزوجة نفقة على زوجها الغائب، بشرط طلبها، لأن المانع من الزوج، فلا تمنع النفقة عن الزوجة، وبه قال أبو حنيفة أولا، وهو قول النخعي؛ لحديث هند السابق.

والقول الثاني: لا يفرض لها النفقة، ولو طلبت، ولو كان القاضي عالما بالزوجية؛ لأن الفرض من القاضي على الغائب قضاء عليه، وقد صح عند الحنفية أن القضاء على الغائب لا يجوز إلا أن يكون عنه خصم حاضر، ولم يوجد، وهو قول أبي حنيفة الآخر، وهو قول شريح ...

هذا كله إذا كان الزوج غائبا، ولم يكن له مال حاضر، وإذا كان له مال حاضر: فإما أن يكون في يد الزوجة أو في يد غيرها، فإذا كان المال في يدها، وهو من جنس النفقة: فقد ذهب الحنفية إلى أن لها أن تنفق على نفسها بغير أمر القاضي، لحديث هند امرأة أبي سفيان السابق، وإن كان المال في يد غيرها، وهو من جنس النفقة: فقد اختلف الحنفية في أخذ الزوجة نفقتها من مال زوجها الذي بيد الآخرين، سواء أكان المال وديعة أم دينا، بأمر القاضي؛ على قولين...

قال ابن نجيم: ولو لم يكن له مال أصلا، فطلبت من القاضي فرض النفقة: فعندنا لا يُسمع البينة لأنه قضاء على الغائب، وعند زفر يسمع القاضي البينة، ولا يقضي بالنكاح، ويعطيها النفقة من مال الزوج.

وإن لم يكن له مال أمرها القاضي بالاستدانة، فإن حضر الزوج وأقر بالنكاح أمره بقضاء الدين"[124].

 وقال ابن قدامة رحمه الله: "وإذا أنفقت المرأة على نفسها من مال زوجها الغائب، ثم بان أنه قد مات قبل إنفاقها: حُسب عليها ما أنفقته من ميراثها، سواء أنفقته بنفسها، أو بأمر الحاكم. وبهذا قال أبو العالية ومحمد بن سيرين، والشافعي، وابن المنذر، ولا أعلم عن غيرهم خلافهم؛ لأنها أنفقت ما لا تستحق. وإن فضل لها شيء فهو لها، وإن فضل عليها شيء، وكان لها صداق أو دين على زوجها، حسب منه، وإن لم يكن لها شيء من ذلك، كان الفضل دينا عليها"[125].

والحاصل: أنه يرجع إلى القاضي الشرعي، إذا كان الزوج مفقودا، أو كان غائبا وليس له مال تحت يد الزوجة، ليفرض لها نفقة، أو يأذن لها في الاستدانة[126].

مصاريف العلاج والدواء، على من؟

إذا مرضت الزوجة سواء مرضا عارضا أو مزمنا فهل تجب على الزوج نفقة علاجها؟ وإذا أرادت الإنجاب وهي تعاني من مشاكل في ذلك فهل يجب عليه شرعا أن يسعى معها في علاجها بما في ذلك من النفقات؟ وإذا كان لا يجب عليه ذلك، فماذا تفعل المرأة - التي ليس لها مال إذا مرضت وأرادت العلاج؟

اختلف الفقهاء في وجوب ذلك على الزوج، على قولين[127]:

القول الأول: عدم وجوب ثمن الدواء وعدم وجوب أجرة الطبيب على الزوج، وإنما تجب في مال الزوجة أو من تلزمه نفقتها، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء.

جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: (وكذلك لا يلزمه الدواء عند مرضها لا أعيان ولا أثمان ومنه أجرة الطبيب وكذلك يلزمه لها أجرة الحجام الذي يحجمها مالك)[128].

وقال الإمام الشافعي: (وليس على رجل أن يضحي لامرأته ولا يؤدي عنها أجر طبيب ولا حجام)[129].

وقال الرحيباني (الحنبلي): " ولا يلزمه دواء ولا أجرة طبيب إن مرضت ; لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة بل لعارض فلا يلزمه )[130].

واستدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بما يأتي:

أ – قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7].

وجه الاستدلال: أن الله تعالى ألزم الزوج بالنفقة المستمرة على زوجته، وليست نفقة العلاج داخلة تحتها؛ لأنها من الأمور العارضة.

ب – أن شراء الأدوية وأجرة الطبيب إنما تراد لإصلاح الجسم، فلا تلزم الزوج.

ج- الأصل أنه لا يلزم الزوج تجاه زوجته إلا ما ألزمه الشرع بدليل، ولم يثبت هذا الدليل الملزم فيبقى على البراءة الأصلية.

وبناء على هذا فإن علاج الزوجة تُرك لدائرة الفضل والتسامح، علما بأن العلاج من أصله لا يجب إلا إذا كان تركه يؤدي إلى تلف نفس أو عضو، أو في حال ما إذا كان المرض معدياً.

واختارت اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية هذا القول، فورد لها سؤال: هل علاج الزوجة واجب على الزوج كالنفقة أم لا؟

فأجابت: (علاج الرجل لزوجته هو من العشرة بالمعروف، ومن الإحسان الذي أمر الله به في قوله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}).

وفيها أيضا: (وأما نفقة العلاج ومصاريفه فليست واجبة على الزوج، كالنفقة والسكنى، ولكن يشرع له بذلها مع القدرة؛ لعموم قوله سبحانه وتعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19)[131].

وكذلك الشيخ المختار الشنقيطي، الذي قال: (ليس على الزوج أن يداوي زوجته، وليس على الزوج أن يعالجها إذا مرضت، وهذا محل إجماع واتفاق بين المذاهب الأربعة رحمة الله عليهم وغيرهم، فكلهم نصوا على أن الزوج ليس ملزماً بعلاج زوجته، وذلك لأن المرض متعلق ببدنها، وهذا أمر يتعلق بذاتها وليس له صلة بالحياة الزوجية، صحيح أنه لا يمكنه أن يستمتع بها إلا إذا شفيت، هذا شيء لا يعنيه، مثل ما لو استأجر أجيراً لعمل فمرض الأجير، فليس من حق الأجير أن يطالب بعلاجه)[132].

القول الثاني: أن أجرة التطبيب وثمن الدواء واجب في مال الزوج بالمعروف، وإلى هذا القول ذهب الشوكاني، وجمع من المعاصرين، واحتجوا بعموم النصوص الواردة بالنفقة، ومنها حديث: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".

ووجه الاستدلال: أن الصيغة عامة لأنها مصدر مضاف وهي من صيغ العموم.

ولأن وجوب النفقة عليه هي لحفظ صحتها والدواء من جملة ما تحفظ به صحتها، فالدواء لحفظ الروح فأشبه النفقة.

وممن اختار هذا القول من المعاصرين: الدكتور وهبة الزحيلي، فقال: " ويظهر لي أن المداواة لم تكن في الماضي حاجة أساسية، فلا يحتاج الإنسان غالبا إلى العلاج، لأنه يلتزم قواعد الصحة والوقاية، فاجتهاد الفقهاء مبني على عرف قائم في عصرهم.

أما الآن فقد أصبحت الحاجة إلى العلاج كالحاجة إلى الطعام والغذاء، بل أهم؛ لأن المريض يفضل غالبا ما يتداوى به على كل شيء، وهل يمكنه تناول الطعام وهو يشكو ويتوجع من الآلام والأوجاع التي تبرح به وتجهده وتهدده بالموت؟! لذا فإني أرى وجوب نفقة الدواء على الزوج كغيرها من النفقات الضرورية ... وهل من حسن العشرة أن يستمتع الزوج بزوجته حال الصحة، ثم يردها إلى أهلها لمعالجتها حال المرض ؟!"[133]

وكذلك الشيخ حمد بن عبد الله الحمد، فقال: " والقول الثاني في المسألة وهو قول في المذهب: وجوب ذلك على الزوج وهو أظهر؛ لأن ذلك من المعاشرة بالمعروف وقد قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) فليس في المعاشرة بالمعروف أن تمرض المرأة فلا يأتي لها بطبيب و لا يدفع له أجرة، وقد قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) فالصحيح وجوب ذلك عليه "[134].

واختاره أيضا من المعاصرين: الشيخ خالد المصلح، وكذلك الشيخ حسام الدين عفانة، قائلا: (فإن أجرة العلاج وثمن الدواء داخل في الرزق، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوجة أبي سفيان: {خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف}، فهذا يشمل كل ما تحتاج إليه الزوجة وأولادها ويدخل فيه الأدوية وأجرة العلاج.

ولعل جمهور الفقهاء الذين قالوا بعدم وجوب أجرة العلاج على الزوج بنوا هذا الحكم على ما كان معروفاً في زمانهم، وخاصة أن الناس كانوا يعتنون بصحتهم ويتعالجون بأدوية طبيعية غير مكلفة، وأما في زماننا فقد اختلفت الأمور كثيراً وصار العلاج مكلفاً، وكذا ما يترتب على ذلك من أجور المستشفيات ونحوها، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في منظومته: والعرف له اعتبار *** فلذا الحكم عليه قد يدار)[135].

وهذا أيضا هو ما عليه عمل قوانين الكثير من البلدان الإسلامية المعاصرة[136].

الترجيح

إجمالا، من الممكن القول بأن الأولى أن يحكم في مثل تلك الحالات – عند التنازع - بما جرى به العرف؛ فإن كان العرف يقضي باعتبار مصاريف العلاج من النفقة، فيجب عليه أن ينفق عليها، في حدود استطاعته، وإلا فلا. لكن لا تكون هذه النفقة دينا في ذمته عند الإعسار، خلافا لمذهب الجمهور في نفقة الطعام والكسوة والسكن، وموافقة لما ذهب المالكية إليه في ذلك.

وبشيء من التفصيل، يمكن أن يقال: يجب أن ينظر هنا إلى أمور:

النظر الأول: عقد الزواج، فينظر هل نص فيه على شرط تحمل الزوج تلك النفقة، فإن كان فإنه يلزم بها، وإلا، فـ:

النظر الثاني: حال الزوجة من ناحية اليسار والإعسار؛ فإن كانت غنية، أو تستطيع النفقة على نفسها، فيتوجه القول بأن النفقة عليها، سواء قلنا بوجوب التداوي أو استحبابه أو إباحته.

النظر الثالث: إذا ظهر أن الزوجة فقيرة، فننظر في حال الزوج، ونفرق بين كون الزوج غنيا يستطيع الإنفاق على علاج زوجته بدون تضييق على الأسرة، وبدون انتقاص من حاجاتها الأساسية، وبين كونه فقيرا أو متوسط الحال، لا يستطيع تحمل مثل هذه النفقة إلا بمشقة، وبما يختل معه كيان الأسرة من ناحية سد احتياجاتها الأساسية.

ففي الحال الأولى يتوجب عليه الإنفاق، إما عملا بالعرف الجاري، وهو في الغالب يقضي بتحمله عنها تلك النفقة في زمننا المعاصر، ما دام مستطيعًا، وإما باعتبار أن ذلك من المعاشرة بالمعروف المأمور بها، والأمر للوجوب.

هل يلزم الزوج أن يقوم بالتأمين الصحي عن زوجته؟

وعلى القول بوجوب نفقة علاج الزوجة على زوجها، فهل يلزمه أيضا أن يقوم بالتأمين الصحي عنها؟ هذا مما يكثر السؤال عنه في هذا العصر، والجواب أن يقال: إما أن يكون التأمين الصحي التكافلي متوفرا، ففي هذه الحال يلزم الزوج التأمين، إلا إذا كان قادراً على علاجها في حال مرضها بدون تأمين، وعليه ففي الدول التي تكون تكاليف العلاج باهظة ويعجز عنها الزوج فيلزمه التأمين.

وإما أن يكون التأمين التكافلي غير متوفر، ففي هذه الحال لا يجوز له التأمين إلا في صورة ما إذا ألزمه ولي الأمر أو نائبه من الجهات المختصة في البلد.

 وأما إذا كان عاجزاً عن توفير العلاج لزوجته بدون تأمين، ولا يتوفر التأمين التكافلي في البلد، فحينئذ يتوجه القول بعدم إلزامه بالتأمين؛ لأن نفقة الزوجة منوطة بالمعروف، والتأمين التجاري ليس من المعروف، على أن يتكفل بما يستطيع من نفقة العلاج قدر وسعه بالمعروف، والله تعالى أعلم[137].

هل يجب على الزوج تكاليف علاج العقم عند الزوجة؟ ودفع مصاريف عملية التلقيح المجهري ونحوها؟

هذه المسألة ينتابها النظر من عدة جوانب؛ منها:

أولا: هل العقم يعد من الأمراض التي يشرع التداوي منها كسائر الأدواء؟ من الناس من يقول: إن العقم ليس مرضا، بمعنى أن بقاء الإنسان عقيما بدون علاج لا يؤثر بشيء في صحته، وأنه لا يوجد علاج للعقم سوى التلقيح الخارجي. ومنهم من يقول: إن المرض هو: "خروج الجسم عن اعتداله الطبيعي"، وهذا ينطبق إلى حد كبير على العقم باعتبار أن القدرة على الإنجاب هي الحالة السوية للإنسان[138].

ثانيا: لو كان الأمر كذلك، ففي هذه الحالة (التلقيح) يلزم أن تكشف عورة المرأة، وأن تبقى في هذه الحالة حتى يؤتى بماء الرجل ويلقح في خليط يحتوي على بويضات المرأة بعد ما تم إخراجهن من فرجها.

وهذا محظور شرعي من وجهين: الأول: كشف العورة بدون ضرورة[139]. الثاني: الاستمناء.

ثالثا: هذه العملية مع كونها ليست ضرورة، يمكن أن تنجح، ويمكن أن لا تنجح، وهو الأغلب، وهي مع ذلك باهظة الثمن، فكيف يلزم بها الزوج، ومع العلم بأن أصل التداوي والعلاج مختلف في حكمه[140]؟

وعلى ما سبق، ومع وجود الخلاف في أصل المسألة، وهي حكم علاج الزوجة؟ وأن مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم من جماهير العلماء هو عدم الوجوب، كما أن مذهبهم عدم وجوب التداوي أصلا، وعلى فرض اختيار القول بجواز علاج العقم وإجراء التلقيح المجهري، فإن الظاهر عدم وجوب ذلك على الزوج، وأنه غير مطالب به، والله أعلم.

هل يجب على الزوج الإنفاق على علاج الضعف الجنسي؟ وأخذ منشطات لذلك؟

نص الفقهاء على جواز استعمال الرجل للأدوية المقوية للغريزة الجنسية إن كان متزوجا، ولم يكن في استعمالها ما يضره، بل يكون له في فعل ذلك الأجر والثواب، إذا قصد إعفاف زوجته وإعطاءها حقها.

قال القرطبي: ( ثم عليه أن يتوخى أوقات حاجتها إلى الرجل فيعفها ويغنيها عن التطلع إلى غيره، وإن رأى الرجل من نفسه عجزا عن إقامة حقها في مضجعها أخذ من الأدوية التي تزيد في باهه، وتقوي شهوته حتى يعفها)[141].

ومن هنا فإن الإنفاق في هذا يعتبر من النفقة الواجبة، ولا يجوز للزوج تضييع حق الزوجة بسبب امتناعه عن شرائها واستعمالها.

العلاج الوقائي، والوسائل العلاجية المخالفة للشرع

العلاج والطب ينقسم إلى: طب دوائي وطب وقائي، والمقصود بالدوائي الذي يستخدم بعد حصول الداء، وهو ما ذكرنا آنفا الخلاف في وجوبه على الزوج، وأما العلاج أو الطب الوقائي، فهو الذي يهدف إلى منع الداء قبل وقوعه، أو منع انتشار العدوى إذا وقعت، ويلحق بذلك أخذ التطعيمات المختلفة ضد الأمراض المتوقع ظهورها، والأوبئة التي يخشى من انتشارها.

ويمكن أن يلحق به ما تتعاطاه المرأة من فيتامينات أثناء الحمل، وأثناء الرضاعة، وكذلك ما تتناوله ليخف وزنها، وتعالج تخمتها، أو ما تطلبه من أغذية لرفع كفاءتها وزيادة مجهودها وتحسين لياقتها البدنية، ونحو ذلك.

ويمكن أن يلحق بذلك أيضا توفير فلاتر لتنقية مياه الشرب، أو أدوات ووسائل لصعق الناموس، ونحو ذلك مما يحتاج إليه لدفع ضرر أو داء محتمل.

وإذا كان الخلاف كائن في وجوب العلاج الدوائي أو عدم وجوبه على الزوج، فهو كذلك، ومن باب أولى في العلاج الوقائي.

فإن خرج عن الطب العلاجي والوقائي إلى أمور بعضها قد يكون معارضاً للشريعة، فحينئذٍ لا يجب بل لا يجوز للزوج أن يسعى في معاونة الزوجة عليه.

قال المختار الشنقيطي: (وذلك مثل: وضع اللولب، فهذا ليس بعلاج ولا دواء، وليس بوقاية من حيث الأصل، وفيه استباحة الفرج مع اشتماله على المحاذير، من استباحة النظر إلى الفرج، والإيلاج في الفرج، ومس العورة وكشفها، وكذلك إرباك العادة، فإنه يربك العادة، مع أنه يخالف مقصود الشرع؛ لأنه يقطع النسل في مدة وجوده، ومقصود الشرع من الزواج التكاثر والتناسل... فالمقصود أنه إذا كان علاجها مشتملاً على تغيير الخلقة، أو مشتملاً على محذور، فهذا لا يعالجه؛ لأنه إذا عالجها على هذا الوجه أعانها على معصية الله عز وجل. فيداويها ويعالجها إذا احتاجت)[142].

مصاريف علاج الحمل

إذا كان العلاج للحمل، فواجب على الزوج أن ينفق عليه وأن يقوم به؛ لأن الولد ولده، ولذلك قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:6] فبيّن سبحانه وتعالى أن الحمل مستحق لوالده، ولذلك يُلزم بالنفقة عليه، فإذا احتاجت لدواء لهذا الحمل وجب عليه أن ينفق على هذا الجنين؛ لأن حياته ونجاته بإذن الله عز وجل موقوفة على هذا الدواء أو هذا العلاج، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولذلك يجب عليه أن ينفق، ونفقة حياة الجنين والمحافظة على حياة الجنين أعظم من نفقة ما يتبع ذلك. ولذلك يجب عليه أن يعالج المرأة إذا كان ذلك متعلقاً بحملها، بناءً على ما قرره العلماء رحمهم الله من أن المولود له، وأنه يطالب بنفقة الحمل[143].

 

هل توفير خادم للزوجة من النفقة الواجبة؟

اختلف الفقهاء رحمهم الله في مسألة نفقة الخادم، هل تلزم الزوج أم لا؟، وذلك على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء[144] إلى أن المرأة إن كانت ممن لا تخدم نفسها لكونها من ذوات الأقدار، أو كانت ممن لا يليق بها خدمة نفسها بأن كانت مخدومة في بيت أبيها، أو لكونها مريضة: فإنه يلزم الزوج أن يهيئ لها خادماً وتلزمه نفقته، بخلاف ما لو لم تكن كذلك، بأن كانت ممن تخدم نفسها بنفسها، فلا يلزم الزوج توفير الخادم حينئذ، بل ذكر الحنابلة وغيرهم أنه يلزم الزوج توفير من يؤنس زوجته، وذلك فيما إذا كانت بمكان مخوف، ويجعلون ذلك من موجبات المعاشرة بالمعروف.

القول الثاني: ذهب ابن حزم إلى أنه ليس على الزوج أن ينفق على خادم زوجته، قال: "ولو أنه ابن الخليفة وهي بنت الخليفة"، إنما عليه أن يقوم لها بمن يأتيها بالطعام والماء، مهيأ ممكناً للأكل – غدوة وعشية -، وبمن يكفيها جميع العمل من الكنس والفرش، وعليه أن يأتيها بكسوتها كذلك[145].

أدلة القول الأول:

استدل جمهور الفقهاء بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19].

وجه الاستدلال: أن من العشرة بالمعروف أن يقيم لها خادماً، لأنها مما يحتاج إليه في الدوام فأشبه النفقة.

ويناقش هذا الاستدلال بأن الآية الكريمة غير صريحة في إلزام الزوج بخادم، غاية ما هنالك أنه يلزمه إحسان صحبة زوجته، وهذه حاصلة بدون إخدامها.

أدلة القول الثاني:

استدل ابن حزم بأنه لم يأت نص قط بإيجاب نفقة خادم الزوجة على زوجها، فإيجاب نفقة الخادم على الزوج ظلم وجور، ولأن الواجب عليه أن يقوم عليها بمن يقدم لها الطعام مهيأ ممكناً للأكل، فهذه هي صفة الرزق والكسوة الواردة في النص، قال: "ولم يأت نص قط بإيجاب نفقة خادمها عليه، فهو ظلم وجور"[146].

الترجيح

لا بد من القول بأنه ليس لدينا دليل صريح في إلزام الزوج بتوفير خادم لزوجته أصلاً، حتى قال ابن المنذر: "ليس في وجوب نفقة خدم المرأة أصل يعتمد عليه، من حديث يجب قبوله، وإنما هو شيء قاله أهل العلم، فيفرض من ذلك لخادم واحد، وهو أقل ما قيل، ويوقف ما زاد على ذلك"[147].

وقال ابن رشد الحفيد: "ولست أعرف دليلاً شرعياً لإيجاب النفقة على الخادم إلا تشبيه الإخدام بالإسكان، فإنهم اتفقوا على أن الإسكان على الزوج للنص الوارد في وجوبه للمطلقة الرجعية"[148].

ولا يخفى أن هذا التشبيه فيه بعد، للفرق بين الإسكان والإخدام، فالأول ضروري والثاني حاجي.

إذا ثبت هذا فإن مرجع النفقة عند النزاع: العرف العام في البلد، فإن تعارف الناس على أن تخدم الزوجة بخادم وكانت الزوجة من سروات الناس ممن يخدم مثلها، وكان الزوج موسراً فيلزم بذلك، فلا.

ويشهد لذلك أيضاً ما رواه ابن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها وأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فانطلقت فلم تجده، ولقيت عائشة رضي الله عنها فأخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها، قالت: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على مكانكما"، فقعد بيننا، حتى وجدت برد قدمه على صدري، ثم قال: "ألا أعلمكما خيراً مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين، وتسبحاه ثلاثاً وثلاثين، وتحمداه ثلاثاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم"[149].

ووجه الشاهد من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم علياً رضي الله عنه بإحضار خادم لزوجه رضي الله عنها، مع شرفها رضي الله عنها وتضررها بعدمه؛ لأن العرف حينئذ لا يلزمه بذلك، ولكونه معسراً.

وفي عصرنا الحاضر صار من عادة بعض الأسر في بعض البلاد توفير خادمة تساعد الزوجة في عمل البيت، وعلى هذا فإن طلبت الزوجة خادماً وكانت ممن يخدم في بيت أهلها، فإنه يلزم الزوج توفير خادم، وإلا فلا.

حاجة الزوجة لأكثر من خادم، وهل يشترط يسار الزوج في إخدام زوجته؟

قال ابن هبيرة: (واختلفوا في الزوجة إذا احتاجت أن يخدمها زوجها أكثر من خادم؛ فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: لا يلزمه إلا خادم واحد وإن احتاجت إلى أكثر منه. وقال مالك في المشهور عنه: إذا احتاجت إلى خادمين فأكثر لكثرة مالها لزمه ذلك، وعنه رواية أخرى كمذهب الجماعة)[150].

ووافق الإمام مالك في المشهور عنه: أبو يوسف من الحنفية، فقال: إن المرأة إذا كانت غنية وزفت إليه بخدم كثير استحقت نفقة الجميع، وكذلك إذا كانت ممن يجل مقدارها عن خدمة خادم واحد، فعلى الزوج أن ينفق على من لا بد منه من الخدم ممن هو أكثر من الخادم الواحد، أو الاثنين أو أكثر من ذلك[151].

قال ابن عابدين: (فالحاصل: أن المذهب الاقتصار على الواحد مطلقا، والمأخوذ به عند المشايخ قول أبي يوسف)[152].

وأما عن يسار الزوج، وهل يعتبر ذلك في إخدام زوجته، أم يلزم توفير الخادم مطلقاً، فقد اختلف الفقهاء في ذلك أيضا على قولين:

القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة[153] إلى أنه ليس على الزوج المعسر نفقة خادم، وإن كان لها خادم قبل ذلك. واحتجوا بأن الواجب على الزوج المعسر من النفقة أدنى الكفاية، والخادم يقصد للكمال والترفيه، ولأن الضرر لا يزال بمثله.

القول الثاني: ذهب الشافعية وأكثر الحنابلة[154] إلى أنه لا يشترط يسار الزوج، بل يرون استواء الموسر والمعسر لمن لا يليق بها خدمة نفسها. واحتجوا بأنه كسائر المؤن، يجب في حال اليسار والإعسار.

الترجيح:

الراجح أنه يشترط أن يكون الزوج مقتدراً موسراً ليلزم بنفقة الخادم، فإن كان عاجزاً فلا يلزمه لأنه وجب على سبيل المواساة وهي قدر زائد على الوفاء بالضروريات، فالنفس تقوم من غير خادم، وما كان هذا سبيله يسقط مع العجز، والقاعدة أن الضرر لا يزال بالضرر[155].

هل يجزئ للزوج إخدامها باليهود والنصارى، أو بأجنبي عنها؟ أو بنفسه؟

قال النووي: (وهل يجوز أن يكون من اليهود والنصارى؟ فيه وجهان: (أحدهما): أنه يجوز لأنهم يصلحون للخدمة، (والثانى): لا يجوز لأن النفس تعاف من استخدامهم).

وقال ابن قدامة: (وهل يجوز أن يكون من أهل الكتاب؟ فيه وجهان. الصحيح منهما جوازه؛ لأن استخدامهم مباح، وقد ذكرنا فيما مضى أن الصحيح إباحة النظر لهم، والثاني، لا يجوز؛ لأن في إباحة نظرهم اختلافا، وتعافهم النفس، ولا يتنظفون من النجاسة)[156].

وقال أبو الحسين العمراني: (ولا يكون الخادم لها إلا امرأة، أو رجلًا من ذوي محارمها؛ لأنها تحتاج إلى نظر الخادم، وقد يخلو بها، فلم يجز أن يكون رجلًا أجنبيًا)[157].

وقال النووي في المجموع: (وإن قالت المرأة: أنا أخدم نفسي وآخذ أجرة الخادم لم يجبر الزوج عليه لأن القصد بالخدمة ترفيهها وتوفيرها على حقه، وذلك لا يحصل بخدمتها. وإن قال الزوج أنا أخدمها بنفسي ففيه وجهان: (أحدهما)، وهو قول أبي إسحاق انه يلزمها الرضا به، لأنه تقع الكفاية بخدمته، (والثانى): لا يلزمها الرضا به لأنها تحتشمه ولا تستوفى حقها من الخدمة)[158].

نفقة النظافة والزينة

 ذهب الفقهاء إلى أنه يجب للزوجة على زوجها ما تحتاج إليه من المشط والدهن لرأسها والسدر أو نحوه مما تغسل به رأسها، وما يعود بنظافتها من آلات التنظيف. وعلل بعضهم ذلك بالقياس على لزوم تنظيف الدار المستأجرة على المستأجر، والأقرب أن يقال إن هذا مما جرت العادة بافتقار المرأة إليه.

وأما نفقة الزينة، فذهب فقهاء المذاهب إلى أنه لا يجب على الزوج ثمن الطيب إذا كان للتلذذ والاستمتاع، لأنه حق له، فلا يجب عليه ما يدعوه إليه، بخلاف ما يراد به قطع الرائحة الكريهة فإنه يلزمه عندهم، واختلفوا فيما عدا ذلك من الزينة المعتادة التي تزيل الشعث، وذلك كما يأتي:

القول الأول: لا يلزم الزوج نفقة الزينة لزوجته: وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة.

القول الثاني: يلزم الزوج الزينة التي تضار الزوجة بتركها: وبه قالت المالكية، وهو وجه عند الحنابلة، وذهب ابن حمدان منهم إلى أنها تلزمه إذا طلبت الزوجة.

استدل الجمهور بأن قالوا: الزينة ليست من قبيل الضروريات للمرأة، وغايتها إمتاع الرجل، فإذا لم يطالب بها لم يلزمه ثمنها.

واستدل المالكية بقوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف، قالوا: إن من مقتضيات المعروف أن يفرض لها ما تحتاجه من الزينة مما اعتاده أهل البلد، ولأن المرأة تتضرر بترك الزينة المعتادة فلزمه توفير الكحل والدهن المعتادين، وكذا الحناء المعتاد لشعرها ولا ليديها، لأنه للشعر يراد به إزالة الشعث فهو ملحق بالضروري، بخلاف حناء اليدين الذي هو زينة محضة.

الترجيح:

الذي يظهر رجحان مذهب المالكية، وأنه يلزم الزوج في هذا العصر توفير الزينة المعتادة لزوجته إذا كان قادراً، ويحصل الإجزاء بتوفير ما يزيل عنها الشعث، وهو الحد الأدنى من الزينة دون إجباره على ما زاد عن هذا الحد.

ويدل لذلك أن النفقة منوطة بالعرف، وقد جرت العادة في عصرنا هذا على التزام الزوج بتوفير زينة زوجته، ومن لا يقوم بذلك يعد مقصراً في النفقة، خصوصاً مع توسع النساء اليوم في التزين بالمساحيق الباهظة الثمن، فالعدل أن يوفر للزوجة الحد الأدنى من ذلك.

واشتراط قدرة الزوج هنا يعني أنه إذا عجز عنها تسقط عنه لكونها ليست من الضروريات، وذلك كما لو كان معسراً وكانت الزينة المعتادة تجحف بماله، وهذا أحد فروع قاعدة: لا ضرر ولا ضرار.

ويؤيد هذا أن الحنابلة صرحوا باستثناء ما لو طلب الزوج منها التزين فحينئذ يلزمونه بنفقة الزينة وهو ما نبه عليه غير واحد، وعادة الرجال في زماننا طلب ذلك من الزوجة، والله تعالى أعلم[159].

 

النفقة ومتطلبات الزوجة المعاصرة

مع تطور المدنية، وحصول طفرة في الصناعة الحديثة، وظهور الأجهزة الأتوماتيكية المختلفة، ووسائل الترفيه المتمثلة تارة في أجهزة طهي وإعداد طعام، كالميكرويف، وتارة في آلات غسيل، وتارة في وسائل إعلامية مشاهدة، وتارة في أجهزة تريد أو تدفئة، وغير ذلك من الأدوات العصرية الحديثة التي ملأت أكثر البيوت، حصل أن تغيرت تبعا لذلك متطلبات الناس ومنهم المرأة، فصارت تطلب من زوجها في كثير من الأحيان ما قد يشق عليه، فهل يلزمه الإنفاق في هذه الأجهزة المختلفة، وإحضار ما تطلبه الزوجة منها؟

نقول: مع عدم وجود شرط عليه عند العقد، بالتزامه بإحضار نحو هذه الأجهزة، الظاهر أن ذلك ينزل منزلة الخادم، لأن أغلب هذه الأجهزة خادمة للزوجة في أداء عملها، أو إنجازه بصورة أسرع. وعليه، فيجري في هذه المسألة الخلاف الذي ذكرناه آنفا في حكم نفقة الخادم. ويكون الراجح عدم إلزام الزوج بهذه النفقة إلا بشرطين:

الأول: أن يكون العرف قد جرى بأن مثل هذه المتطلبات تلبى للزوجة، لكونها صارت من الأساسيات في المعيشة، أو لكون الزوجة مثلها يخدم بمثل ذلك.

الثاني: أن يكون الزوج مقتدرًا موسرًا، فإن كان عاجزاً فلا يلزمه، لأن هذه النفقة إنما وجبت على سبيل المواساة، وهي قدر زائد على الوفاء بالضروريات.

نفقة مستلزمات التخسيس أو الذهاب للجيم، وأدوات الزينة، وتصفيف الشعر والكوافير ونحوها

ومثل ذلك يقال في ما تطلبه بعض الزوجات من مال زائد، لتوفير طعام مخصوص للتخسيس وعمل الرجيم، أو تكلفة الذهاب للجم، أو الأكل الجاهز، والعطور الفاخرة، العدسات الملونة[160]، والشامبوهات وصبغات الشعر، والسيارة الفارهة، وملابس الخروج الموسمية، وهدايا المناسبات، و السفر للمصيف، ونحو ذلك، فإنها- بصورة عامة - لا تجب على الزوج.

وذلك لما قد بيناه فيما سبق ونقلناه عن أهل العلم: أن معيار تحديد النفقة الواجبة هو العرف، كما ذكرنا أن هنالك أساسيات لابد من توفيرها للزوجة تمثل أركانا لا توجد النفقة بدون وجودها، وهي ثلاثة: الطعام والكسوة والسكن، وكذلك الدواء على اختيار طائفة من المعاصرين، وخلافا لرأي الأئمة المشهورين: الأربعة وغيرهم من جماهير العلماء.

وبذلك يمكننا القول بأن الأصل أن شراء هذه الموبايلات والأجهزة الذكية، والتي تكون غالية الثمن، كما هو معروف، وكذلك شراء الطعام الجاهز، والذي هو مكلف إذ قوبل بمثله مما هو مصنوع في البيت، وكذلك الترفيه بالسفر للمصيف ونحوه، بما يحتاج غالبا إلى نفقة زائدة عن نفقة الإقامة، وكذلك توفير نوع مخصوص من الطعام لعمل رجيم، للحفاظ على قوام رشيق للزوجة، أو مظهر جذاب، وكذلك تخصيص نفقة خاصة للجيم؛ كل هذه الأشياء ونظائرها من النفقات المستجدة في هذا العصر، لا يمكن أن يلزم بها الزوج، ولم يقل أحد من أهل العلم – فيما نعلم – بوجوب توفير ذلك للزوجة.

وإنما عدوا ذلك من التوسعة التي يؤجر عليها الزوج، مع النية الصالحة، ومن المعاشرة لأهله بالمعروف، شريطة عدم الوقوع في الإسراف، أو اقتراف المعاصي بسبب توفير هذه المتطلبات لبعض الزوجات.

ومع ذلك، وخلافا للأصل، فإنه قد يكون المستوى الاجتماعي للزوجة، أو العرف المعمول به في بعض المجتمعات الحديثة، يقضي بذلك أو بشيء منه، فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب على الزوج المقتدر الالتزام بتوفير هذه المتطلبات للزوجة. وتكون داخلة في النفقة بالمعروف.

ويتأكد هذا الالتزام، ويتعين الوجوب، إذا شرط على الزوج ذلك في العقد، وهذا أحسن، وبه يتفادى النزاع والشقاق. 

ونستطيع أن نستنبط هذا الحكم من كلام الفقهاء من أئمة المذاهب الأربعة وأتباعهم، ومن هؤلاء:

قال ابن نجيم (حنفي): (ومن النفقة التي على الزوج: الحطب والصابون والأشنان والدهن للاستصباح وغيره وثمن ماء الاغتسال؛ لأنه مؤنة الجماع،... وأجرة القابلة على من استأجرها من الزوجة والزوج، فإن جاءت بغير استئجار فلقائل أن يقول: عليه؛ لأنه مؤنة الجماع، ولقائل أن يقول: عليها كأجرة الطبيب، وأما ثمن ماء الوضوء فعليها، فإن كانت غنية تستأجر من ينقله ولا تنقله بنفسها وإن كانت فقيرة فإما أن ينقله الزوج لها أو يدعها تنقله بنفسها، كذا في الخلاصة، وبه علم أن أجرة الحمام عليه)[161].

وجاء في شرح مختصر خليل (مالكي): (ولما قدم الأمور التي تلزم الزوج لزوجته من أجرة القابلة والزينة التي تستضر بتركها، وما أشبه ذلك أخذ يتكلم على الأمور التي لا تلزمه فقال: لا مكحلة ودواء وحجامة وثياب المخرج.

يعني أن الرجل لا يلزمه لزوجته المكحلة، وهي الوعاء التي يجعل الكحل فيها بخلاف الكحل فيلزمه، وكذلك لا يلزمه الدواء عند مرضها لا أعيان ولا أثمان، ومنه أجرة الطبيب، ... وكذلك لا يلزمه لها ثياب المخرج، وهي التي تتزين بها عند ذهابها إلى الزيارة والأفراح وما أشبه ذلك، وهذا هو المشهور، ولو كان الزوج غنيا)[162].

وقال الرملي (شافعي): (نعم، يجب لها ما يزيل شعثها فقط، ووجوبه لمن غاب عنها (لا كحل وخضاب وما يزين) بفتح أوله غير ما ذكر كطيب وعطر لأنه لزيادة التلذذ فهو حقه، فإن أراده هيأه ولزمها استعماله، ... (ودواء مرض وأجرة طبيب وحاجم)[163] وفاصد وخاتن لأنها لحفظ الأصل (ولها طعام أيام المرض وأدمها) وكسوتها وآلة تنظفها وتصرفه للدواء أو غيره لأنها محبوسة له)[164].

وقال البهوتي (حنبلي): (و) يجب (عليه) أي الزوج (مؤنة نظافتها من الدهن) لرأسها (والسدر والصابون وثمن ماء شرب ووضوء وغسل من حيض ونفاس وجنابة ونجاسة وغسل ثياب وكذا المشط وأجرة القيمة ونحوه وتبييض الدست وقت الحاجة) إليه لأن ذلك يراد للتنظيف كتنظيف الدار المؤجرة.

(ولا يجب عليه) أي الزوج (الأدوية وأجرة الطبيب والحجام والفاصد) لأن ذلك يراد لإصلاح الجسم كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار (وكذا ثمن الطيب والحناء والخضاب ونحوه) كالإسفيداج، لأن ذلك من الزينة فلا يجب عليه كشراء الحلي (إلا أن يريد منها التزين به) لأنه هو المريد لذلك (أو قطع رائحة كريهة منها) أي يلزمه ما يراد لقطع رائحة كريهة منها، كما ذكره في المغني والشرح والترغيب (ويلزمها ترك الحناء وزينة نهاها عنه) ذكره الشيخ تقي الدين[165].

هل يجب على الزوج نفقة حجها أو عمرتها؟ وهل يجب عليه الخروج معها أو نفقة محرمها؟

لا يجب على الزوج أن يحجج زوجته، ولو كان ثريا، وإن فعل ذلك تطوعا منه فهو حسن، وذلك بلا شك، مما يقوي أواصر المودة وروابط المحبة ببينه وبينها. وهذا مالم یكن ذلك مشروطاً علیه في عقد النكاح.

وقد سئل سماحة الشیخ ابن باز رحمه الله، ھل یجب على الزوج دفع تكالیف حج زوجته؟ فأجاب: (لا یجب على الزوج دفع تكالیف حج زوجته، وإنما نفقة ذلك علیھا إذا استطاعت؛ ...، لكن إذا تبرع لھا بذلك فھو مشكور ومأجور)[166].

وقال الشيخ الألباني: (لا يجب على الزوج دفع نفقات حج زوجته).

 وقال د. عبد الكريم زيدان: (وليس من حقوق الزوجة على زوجها أن يتحمل نفقة حجها، أو يشاركها في هذه النفقة)[167].

هل تلزم الزوج النفقة على زوجته زمن حجها للنافلة؟

وأما حج النافلة فأكثر أهل العلم، أنه لا یجب علیه أن ینفق علیھا، ولو خرجت بإذنه.

قال ابن قدامة: (وجملة الأمر أنها إذا سافرت في حاجتها، بإذن زوجها، لتجارة لها، أو زيارة، أو حج تطوع، أو عمرة، لم يبق لها حق في نفقة ولا قسم. هكذا ذكر الخرقي والقاضي.

وقال أبو الخطاب في ذلك وجهان. وللشافعي فيه قولان: أحدهما، لا يسقط حقها لأنها سافرت بإذنه، أشبه ما لو سافرت معه. ولنا أن القسم للأنس، والنفقة للتمكين من الاستمتاع، وقد تعذر ذلك بسبب من جهتها، فسقط، كما لو تعذر ذلك قبل دخول بها. وفارق ما إذا سافرت معه لأنه لم يتعذر ذلك)[168].

نفقة المحرم، وهل يجب على الزوج أو المحرم مصاحبة المرأة في سفر حجها؟

إن احتاجت المرأة إلى محرم لتحج، فهل يلزم زوجها الخروج معها؟ وإن خرج محرم غيره، فعلى من تكون نفقته؟

إذا طلبت المرأة من زوجها أو من محرمها الخروج معها إلى الحج ليكون سفرها مع زوج أو ذي محرم فهل يجب عليهما إجابة طلبها، والخروج معها إلى الحج أم لا يجب ذلك عليهما؟

ذهب جمهور العلماء إلى عدم وجوب ذلك، كما ذهبوا إلى أن نفقة المحرم في الحج على المرأة، لأنه من سبیلھا فكان علیھا نفقته، حتى ولو كان محرمھا هو زوجھا.

قال ابن قدامة: (ونفقة المحرم في الحج عليها، نص عليه أحمد، لأنه من سبيلها، فكان عليها نفقته كالراحلة)[169].

وقال السرخسي: (المحرم إذا كان يخرج معها فنفقته في مالها)[170].

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: (يشترط لوجوب الحج على المرأة أن تكون قادرة على نفقة نفسها، ونفقة المحرم إن طلب منها النفقة، لأنه يستحقها عليها عند الحنفية. وكذلك عبر بالنفقة ابن قدامة من الحنابلة. وعبر المالكية والشافعية وابن مفلح من الحنابلة بالأجرة. والمراد أجرة المثل)[171].

وقد رجح الشیخ ابن عثیمین رحمه الله، مذهب الجمهور؛ فقد سئل: ھل یجب على الرجل أن یحج بزوجته لیكون محرمًا لھا؟ وھل ھو مطالب بنفقة زوجته أیام الحج؟ فأجاب: (لا یجب على الزوج أن یحج بزوجته إلا أن یكون مشروطًا علیه حال عقد الزواج، فیجب علیه الوفاء به، ولیس مطالبًا بنفقة زوجته، إلا أن یكون الحج فریضة ویأذن لھا فیه فإنه یلزمه الإنفاق علیھا بقدر الحضر فقط)[172].

بينما ذهب الظاهرية إلى وجوب حج الزوج مع زوجته؛ قال ابن حزم: (فإن كان لها زوج ففرض عليه أن يحج معها، فإن لم يفعل فهو عاص لله تعالى، وتحج هي دونه، وليس له منعها من حج الفرض، وله منعها من حج التطوع)[173].

وحجتهم في ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم»، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج، فقال: «اخرج معها»[174].

قال ابن حزم في شرحه لهذا الحديث مستدلاً به على مذهبه: (فلم يقل عليه الصلاة والسلام: "لا تخرج إلى الحج إلا معك"، ولا نهاها عن الحج أصلاً، بل ألزم الزوج ترك نذره في الجهاد، وألزمه الحج معها، فالفرض في ذلك على الزوج لا عليها)[175].

هل يجب على الزوج الحج معها إذا بذلت له نفقة الخروج؟

هذا، والقائلون بعدم وجوب الخروج على المحرم مع المرأة في سفرها للحج المفروض، وهم الجمهور، يقولون بعدم وجوب الخروج عليه أيضًا حتى لو بذلت المرأة له نفقة السفر والحج معها.

قال ابن عثيمين: (هذا هو الصحيح أنه لا يلزمه أن يسافر معها أي المحرم حتى لو بذلت النفقة، لأننا لو قلنا بالوجوب للزم تأثيمه إذا تخلف فيكون ممن وزر وزر أخرى، فالصحيح أنه لا يجب)[176].

وأما ما ورد في حديث ابن عباس المذكور آنفا، فقد أجابوا عنه بأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل بأن يخرج معها للحج بأنه أمر يفيد الإباحة، أو أنه أمر تخيير، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم، علم من حال السائل أنه يعجبه أن يسافر مع زوجته.

ولعل الأحوط أن على الزوج أن يخرج مع زوجته للحج إذا بذلت له نفقة الحج؛ لأن دلالة الحديث الشريف على وجوب خروج الزوج مع زوجته دلالة ظاهرة، وإنما يقيد وجوب خروج الزوج معها بما لو بذلت له نفقة الحج لأن سفره من أجلها، وليس من حقوق الزوجة على زوجها أن يتحمل نفقة حجها، أو يشاركها في هذه النفقة، ونفقته من جملة نفقات حجها فتلزمها هي[177].

زكاة حلي المرأة

لا يلزم الزوج أن يخرج زكاة الحلي عن امرأته، لأن الزكاة إنما تكون على مالك المال، ومالكته هنا هي الزوجة لأنها صاحبة الحلي؛ فيجب عليها أن تخرج زكاته؛ إما من نفس الحلي أو من قيمته، ولو أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس، ويكون مأجورا مثابا على تطوعه هذا[178].

هذا في غير الحلي المعد للزينة واللبس، وأما هو - أي الحلي- فلا زكاة فيه على الراجح[179].

زكاة المهر المؤخر

الأصل في زكاة مهر الزوجة المؤخر، أنه عليها لا على زوجها، ما دام الزوج غنيا، باذلا له؛ لأنها هي مالكته، فهي التي يجب عليها أن تخرج زكاته، فإن تبرع الزوج بإخراج الزكاة من ماله، وأذنت بذلك الزوجة ونوت ذلك قبل الإخراج، صح.

وهذا إنما هو في المهر المؤخر لغير أجل الوفاة أو الفرقة بفسخ أو طلاق، كما هو العرف الغالب باشتراط ذلك الأجل في العقود لحالية.

وتفصيل ذلك أن الصداق المؤخر يعتبر دَيْنًا للزوجة على زوجها، فالقول في زكاته كالقول في سائر الديون التي للإنسان على غيره؛ فإن كان الدين على قادر على السداد، باذل للدين، غير منكر له ولا مماطل، أي: يمكن استيفاء الدين منه عند طلبه، فتجب زكاته كل عام، لأنه في حكم المال الذي بيد صاحبه.

وإن كان الدين على فقير لا مال له، أو جاحد للدين، ولا بينة تُثبته، فهذا لا زكاة فيه على الراجح، لكن إذا قبضه الإنسان فالأحواط له أن يدفع زكاة سنة واحدة، وإن كان قد مَرَّ عليه عند المدين سنوات.

وعلى هذا؛ فالمهر المؤجل الذي لا تأخذه المرأة إلا بعد المفارقة لا زكاة عليها فيه، لأنها لا تستطيع أن تطالب به في حال استمرار الزوجية، وإذا أخذت المرأة بالأحوط ودفعت زكاته لسنة واحدة إذا قبضته كان ذلك أحسن.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يصح تأجيل صداق المرأة؟ وهل هو دين على الرجل يلزم بدفعه؟ وهل تجب الزكاة فيه؟

فأجاب: " الصداق المؤجل جائز ولا بأس به؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1. والوفاء بالعقد يشمل الوفاء به وبما شرط فيه. فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس، ولكن يحل إن كان قد عيّن له أجلا معلوما، فيحل بهذا الأجل، وإن لم يؤجل فيحل بالفرقة: بطلاق، أو فسخ، أو موت، ويكون دَيْناً على الزوج يُطالَب به بعد حلول أجله في الحياة، وبعد الممات كسائر الديون.

وتجب الزكاة على المرأة في هذا الصداق المؤجل إذا كان الزوج مليّا (أي: غنيا باذلا للدين)، وإن كان فقيرا فلا يلزمها زكاة[180].

وقال ابن تيمية رحمه الله: ( وأما صداقها المؤخر فيجوز أن تطالبه به فإن أعطاها فحسن، وإن امتنع لم يجبر حتى يقع بينهما فرقة بموت أو طلاق أو نحوه)[181].

هل على الزوج سداد دين زوجته، وهل له أن يعطيها من الزكاة لسداد دينها؟

وهكذا لا يجبر الزوج على سداد ديون زوجته، سواء كانت ديونا في حق الله تعالى كالزكاة والكفارات، أو ديونا في حق المخلوقين، فالزوجة هي التي تكفر عن الأيمان التي حلفتها. وإن تبرع الزوج بدفع الكفارة فلا بأس بذلك، وهذا من حسن خلقه وعشرته لزوجته، ولكنه لا يلزمه ذلك[182].

وأما إعطاء الرجل لزوجته من الزكاة لسداد دينها. فقد أجازه كثير من العلماء، ولا بأس به على ما صرح به المالكية والشافعية رحمهم الله.

قال الدردير المالكي رحمه الله: (وهل يمنع إعطاء زوجة) زكاتها (زوجا) لعودها عليها في النفقة (أو يكره تأويلان)، وأما عكسه فيمنع قطعاً ومحل المنع ما لم يكن إعطاء أحدهما الآخر ليدفعه في دينه أو ينفقه على غيره وإلا جاز[183].

وقال اللخمي (مالكي): وإن أعطى أحد الزوجين للآخر ما يقضي به دينه جاز[184].

وقال الشافعي رحمه الله: ( ولا يعطي زوجته؛ لأن نفقتها تلزمه ... وإن كانت امرأته، أو ابن له بلغ فادَان ثم زمن واحتاج، أو أب له دائنا، أعطاهم من سهم الغارمين، وكذلك من سهم ابن السبيل، ويعطيهم بما عدا الفقر والمسكنة؛ لأنه لا يلزمه قضاء الدين عنهم ولا حملهم إلى بلد أرادوه، فلا يكونون أغنياء عن هذا كما كانوا أغنياء عن الفقر والمسكنة بإنفاقه عليهم  ويعطي أباه وجده وأمه وجدته وولده بالغين غير زمنى من صدقته إذا أرادوا سفرا؛ لأنه لا تلزمه نفقتهم في حالاتهم تلك)[185].

وقال الخطيب الشربيني الشافعي: (و) الرابع (من تلزم المزكي نفقته) يزوجية أو بعضيا (لا يدفعها إليهم باسم) أي من سهم (الفقراء و) لا من سهم (المساكين) لغناهم بذلك وله دفعها إليهم من سهم باقي الأصناف إذا كانوا بتلك[186].

وهو أيضا ما يفهم أيضاً من كلام ابن تيمية رحمه الله، وهو اختيار ابن عثيمين الذي قال: (... وعلى هذا فلو أدى الزكاة في غرم لأبيه أو ابنه أو زوجته أو زوجه فلا بأس لأنه لا يلزمه أن يقضي الدين عنهم فإذا كان لا يلزمه وهم محتاجون لقضاء الديون ودفع الزكاة عنهم فلا حرج)[187].

وبهذا يتبين أن دفع الزكاة للزوجة من أجل قضاء دينها الذي ليس عندها وفاء به لا حرج فيه؛ لأنها في هذه الحالة تعطى باسم الغارمين، ومثلها في ذلك الأب أو الابن فلا حرج على كل منهما في دفع زكاة ماله للآخر لسداد دينه، كما ذكرنا ذلك سابقا[188].

 

زكاة الفطر هل يجب على الزوج إخراجها عن زوجته؟ وهل الكفارات كذلك؟

اختلف الفقهاء في زكاة الفطر بالنسبة للمتزوجة: هل يجب على زوجها إخراجها عنها، باعتبارها من جملة النفقة الواجبة عليه، وأنه يلزم الإنسان أن يخرج زكاة الفطرة عمن ينفق عليهم؟ أو أنها تجب عليها، وتلزمها هي؛ باعتبار أن التكليف يتعلق بكل مسلم، والأصل أن الذي يخاطب بالواجب هو الشخص نفسه؟

وجمهور العلماء؛ مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والليث بن سعد، وغيرهم على الرأي الأول: أن زكاة الفطر تجب على الزوج عن زوجته، مطلقاً، أي: وإن كانت زوجته ذات يسار وقدرة وغنى.

واستأنسوا بما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدوا صدقة الفطر عمن تمونون)، ولكنه حديث ضعيف، ضعفه الدارقطني والبيهقي والنووي وابن حجر وغيرهم[189].

وذهب الأحناف إلى أن صدقة الفطر لا تجب على الزوج عن زوجته، وإنما تجب على الزوجة في مالها.

وكذلك ذهب ابن حزم إلى أن زكاة الفطر لا تجب على شخص عن غيره، لا عن أبيه ولا عن أمه ولا عن زوجته ولا عن أحد ممن تلزمه نفقته إلا عن نفسه، وأنه يجب على كل من هؤلاء إخراجها عن نفسه من ماله.

واستدلوا: بحديث ابن عمر: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى)[190].

فدل على أنها مفروضة عليها، فهي مفروضة على الأنثى وحينئذ فتجب عليها في مالها.

قال الحافظ العراقي: (فيه وجوب زكاة الفطر على الأنثى وظاهره إخراجها عن نفسها من غير فرق بين أن يكون لها زوج أم لا، وبهذا قال أبو حنيفة وسفيان الثوري وابن المنذر وداود وابن حزم وابن أشرس من المالكية)[191].

واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، فقال: (فالصحيح أن زكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه، فتجب على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الابنة بنفسها، ولا تجب على الشخص عمن ينفق عليه من زوجة وأقارب، ولأن الأصل في الفرض أنه يجب على كل واحد بعينه دون غيره)[192].

وقال ابن عثيمين أيضا: (الصواب أنه إذا كان الزوج معسراً فإنه يجب على الزوجة أن تخرج فطرتها، بل أن ظاهر السنة أن الزوجة يجب عليها فطرتها ولو كان زوجها موسراً لأن هذه زكاة واجبة على الإنسان نفسه وغيره متحمل عنه، وعلى هذا فالمطالب بإخراج زكاة الفطر هو الإنسان نفسه، لكن لو تبرع به والده مثلاً أو كان من عادتهم أن قيم البيت يخرج عمن في البيت جميعاً فأخرج عنهم فلا بأس)[193].

وكذلك اختاره الشيخ حمد الحمد؛ قال: (وهذا القول - فيما يظهر لي - أصح؛ وذلك لأن الحديث أصح مما تقدم، فالحديث الأول إنما يصح بشواهده وطرقه، وهذا الحديث أصح منه وأظهر فإنه قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الذكر والأنثى " فهي فرض على المرأة في مالها ولأن الأصل في الزكاة وجوبها في المال؛ فالأصح أن الزوج لا تجب عليه صدقة الفطر عن زوجته وإنما تخرجها من مالها، هذا إذا كانت قادرة، وأما إذا لم تكن قادرة فإنه يتوجه القول الأول؛ وذلك لأنه ينفق عليها والصدقة تبع للنفقة كما تقدم)[194].

وفي فتاوى الإسلام سؤال وجواب: "وينبغي للزوج أن يأخذ بالأحوط والأبرأ لذمته، فيخرج زكاة الفطر عن مطلقته الرجعية، ولا سيما وزكاة الفطر شيء يسير، لا يشق على الزوج إخراجه في الغالب"[195].

وننبه هنا إلى فوائد مترتبة على قول الجمهور، وتتعلق بهذه المسألة، وهي:

1 - لا يلزم الرجل إخراج زكاة الفطر عن زوجته التي لم يدخل بها لأنه لا تلزمه نفقتها.

2 - إذا نشزت المرأة في وقت زكاة، الفطر، ففطرتها على نفسها لا على زوجها.

3 - إذا كانت الزوجة كتابية فلا يخرج عنها زكاة الفطر[196].

4 - من لزمت فطرته غيره فأخرجها عن نفسه بغير إذنه، ففيه - عند الحنابلة – وجهان: أحدهما: يجزئه لأدائه ما عليه والثاني: لا يجزئه لأنها تجب على غيره فلا يجزئ إخراجها بغير إذن من وجبت عليه كزكاة المال.

قال ابن عثيمين رحمه الله: (والصحيح الأول أنه إذا أخرجها عن نفسه برئت ذمته وسقط عن الآخر لأن المخاطب بها أولاً الإنسان نفسه وغيره يتحمل عنه)[197].

5 - المرأة إذا طلقت طلاقا رجعيا، فهي في حكم الزوجات لها ما لهن من النفقة والسكنى، ما دامت في العدة، والفطرة تتبع النفقة، فما دام أن نفقة الرجعية على الزوج، فكذلك الفطرة عليه.

6 - الزوج إنما تلزمه زكاة فطرة زوجته إذا كان ينفق عليها، ومعلوم أن النفقة على الزوجة لا يكون إلا إذا تسلم الزوج زوجته، ومكنته من نفسها، أما إذا كانت الزوجة لا تزال في بيت أبيها، فإن النفقة لا تلزم الزوج، وكذلك زكاة الفطر لا تلزمه.

قال ابن قدامة: (كل امرأة لا يلزمه نفقتها, كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه, والصغيرة التي لا يمكن الاستمتاع بها, فإنه لا تلزمه نفقتها ولا فطرتها; لأنها ليست ممن يمون)[198].

هل يجب على الزوج العدل في النفقة بين الزوجات؟ وكيف يكون العدل؟

ذهب أكثر الفقهاء إلى أن معنى العدل في النفقة والكسوة أن ينفق عليهن على قدر الوسع والطاقة، وأما ما عدا ذلك فلا يضره ألا يعدل بينهن، كأن يهدي لواحدة منهن هدية، أو يميل قلبه إلى واحدة منهن، أو يكسوها فوق الواجب عليه، أو يجامع واحدة أكثر من غيرها دون قصد الإضرار بغيرها، فإن عدل كان أفضل.

قال ابن قدامة: (وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن. قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسي إذا كانت الأخرى في كفاية ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه وتكون تلك في كفاية. وهذا لأن التسوية في هذا كله تشق فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج فسقط وجوبه كالتسوية في الوطء)[199].

وقال الحافظ ابن حجر: (فإذا وفَّى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها: لم يضرَّه ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة….، وهذا، لأن التسوية في هذا كله تشق؛ فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج، فسقط وجوبه، كالتسوية في الوطء)[200].

 وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (وإذا قام الزوج بالواجب من النفقة والكسوة، لكل واحدة من زوجاته، فهل يجوز له بعد ذلك أن يفضل إحداهن عن الأخرى في ذلك، أم يجب عليه أن يسوي بينهن في العطاء فيما زاد على الواجب من ذلك، كما وجبت عليه التسوية في أصل الواجب؟

اختلف الفقهاء في ذلك: فذهب الشافعية والحنابلة، وهو الأظهر عند المالكية: إلى أن الزوج إن أقام لكل واحدة من زوجاته ما يجب لها، فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن، بما شاء...، لكنهم قالوا: إن الأولى أن يسوي الرجل بين زوجاته في ذلك، وعلل بعضهم ذلك بأنه للخروج من خلاف من أوجبه)[201].

وذهب طائفة من الفقهاء إلى وجوب العدل في كل شيء؛ فقال ابن نافع: يجب أن يعدل الزوج بين زوجاته فيما يعطي من ماله، بعد إقامته لكل واحدة منهن ما يجب لها.

ونص الحنفية على وجوب التسوية بين الزوجات في النفقة، على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حال الزوج.

أما على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حالهما، فلا تجب التسوية، وهو المفتى به، فلا تجب التسوية بين الزوجات في النفقة لأن إحداهما قد تكون غنية وأخرى فقيرة[202].

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما ذهب إليه ابن نافع، فأوجب العدل في كل ما يمكن فيه العدل.

قال رحمه الله: (وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنة أيضا، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة؛ كما كان يعدل في القسمة؛ مع تنازع الناس في القسم: هل كان واجبا عليه؟ أو مستحبا له؟ وتنازعوا في العدل في النفقة: هل هو واجب؟ أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة)[203].

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (القول الصحيح في العدل بين الزوجات: أنه يجب على الزوج أن يعدل بينهن في كل ما يمكنه العدل فيه، سواءٌ من الهدايا أو النفقات، بل وحتى الجماع إن قدر: يجب عليه أن يعدل فيه)[204].

وعلى ما سبق فإنه لا يجب – عند الجمهور - التسوية في النفقة على الزوجات، فلكل واحدة ما تحتاجه، وقد تحتاج إحداهن ما لا تحتاجه الأخرى. ولو فرض أن الزوج فضل إحدى الزوجتين بشيء من العطية والهبة، زيادة على النفقة، مع إعطاء الأخرى النفقة التي تحتاجها، فلا يكون ظالما، في قول جمهور الفقهاء.

ومع ذلك فالمستحب له أن يسوي بينهما في الهبات والهدايا ونحوها، خروجا من خلاف من أوجب ذلك، فينصح الزوج بمراعاة ذلك[205].

من شرط عليها زوجها نفقة وقسما أقل من ضرتها، ثم تراجعت بعد الزواج، فهل يحق لها ذلك؟

 اختلف أهل العلم فيما إذا اشترط الزوج على زوجته أن ينفق عليها أقل من ضرتها، هل لها أن ترجع عما شُرط عليها وتنازلت عنه، على قولين[206]:

القول الأول: قول جمهور أهل العلم من الحنفية والحنابلة والشافعية والمالكية: لها أن ترجع، وعلى الزوج حينئذ أن يعطيها حقها من القسم والنفقة، فإن لم يستطع الوفاء، أو لم يُرِد: فلها الحق في فسخ النكاح.

والقول الثاني: إذا اشترط الرجل عليها أن يقسم لها أقل من ضرتها، أو أن يجعل لها من الشهر أياما معلومة: فليس لها الرجوع مستقبلا، وهو قول الحسن وعطاء وغيرهما، فإن رجعت مستقبلا وأصرّت على المطالبة بكامل حقها من المبيت أو النفقة، فلا يجبر الزوج على الطلاق، بل تفتدي نفسها وتختلع.

وأظهر القولين في المسألة، والله أعلم، هو القول الثاني؛ فإن هذا شرط رضيت به على نفسها عند العقد، وقد قال صلى الله عليه وسلم (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج)، وكما أنها إذا شَرطت عليه إسقاط بعض حقه لزمه، فكذلك إذا شرط عليها إسقاط بعض حقها فيلزمها.

قال المرداوي: " قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ويحتمل صحة شرط عدم النفقة، قال: لا سيما إذا قلنا: إنه إذا أعسر الزوج ورضيت به: أنها لا تملك المطالبة بالنفقة بعد ... واختار أيضا الصحة فيما إذا شرط عدم الوطء، كشرط ترك ما تستحقه "[207].

ولأن في إجازة رجوعها عما شُرط عليها إضرارا بالزوج، فإنه دخل في هذا النكاح، وتكلف نفقاته، وما التزم لها فيه، بناء على ما تشارطا عليه، فإذا قلنا: إن لها الحق في الرجوع، لم يخف ما عليه فيه من الضرر والغبن.

قال ابن القيم رحمه الله: " وقول من قال: إن حقها يتجدد فلها الرجوع في ذلك متى شاءت: فاسد؛ فإن هذا خرج مخرج المعاوضة، وقد سماه الله تعالى صلحاً، فيلزم كما يلزم ما صالح عليه من الحقوق والأموال، ولو مكنت من طلب حقها بعد ذلك: لكان فيه تأخير الضرر إلى أكمل حالتيه، ولم يكن صلحا، بل كان من أقرب أسباب المعاداة، والشريعة منزهة عن ذلك، ومن علامات المنافق أنه إذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، والقضاء النبوي يرد هذا "[208].

وقال الشيخ ابن عثيمين: " إذا شرط أن يقسم لها أقل من ضرتها، فالمذهب لا يصح، والصحيح أنه يصح، فإذا قال: أنا عندي زوجة سأعطيها يومين وأنت يوما، فرضيت بذلك فلا مانع، فهذه سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنها ـ وهبت يومها لعائشة ـ رضي الله عنها ـ فأقرها النبي ـ عليه الصلاة والسلام "[209]

مسقطات النفقة الزوجية (متى تسقط نفقة الزوجة عن زوجها)؟

تسقط النفقة على الزوجة بأمور كثيرة، وتوضيح ذلك وبيان الأحكام المتعلقة به يحتاج إلى طول وإسهاب، لذا سوف نرجئ الحديث فيه لمبحث خاص، إيثارا لعدم الإطالة.

وصل اللهم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 


[1] رواه البخاري (55).

[2] البحر الرائق (11/243)، انظر: نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني– موقع: الملتقى الفقهي، موقع المسلم.

[3] الاختيار لتعليل المختار (4/ 3). وقال أبو منصور الماتريدي: " في قوله: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)، إضمار النفقة، كأنه يقول: أسكنوهن من حيث سكنتم، وأنفقوا عليهن من وجدكم؛ لأنه لولا هذا الإضمار، لم يكن لقوله: (مِنْ وُجْدِكُمْ) على الظاهر معنى؛ لأنه لما قال: (أَسْكِنُوهُنَّ)، علم أنه جعل الإسكان عليهم، ومن كان عليه الإسكان، فإنما يكون من وجده، فلم يكن في قوله: (مِنْ وُجْدِكُمْ) إلا إعلام ما قد علمناه، وإذا كان كذلك ثبت أن في قوله: (مِنْ وُجْدِكُمْ) إضمارًا يستقيم عليه المعنى في قوله: (مِنْ وُجْدِكُمْ)، وليس بين القراءتين اختلاف، ولكن إحداهما خرجت على الإجمال، والثانية على التفسير على ما قرئ في قوله: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، و: (أَيْمَانَهُمَا)، ولم يحمل ذلك على الاختلاف، بل حملت إحداهما على الإجمال والثانية على التفسير، فكذلك الأول، واللَّه أعلم. مع أنه لم يثبت اللفظ في قراءة ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأقله أن يكون من خبر الآحاد، ومعلوم أن خبر ابن مسعود وإن كان من خبر الآحاد فما يسنده إلى رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ". تفسير الماتريدي (10/ 65).

[4] المجموع شرح المهذب (18/ 237).

[5] أخرجه مسلم (1218).

[6] أخرجه البخاري (5364).

[7] انظر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 3)، التبصرة للخمي (5/ 2019)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (11/ 185)، المغني لابن قدامة (8/ 195).

[8] وقال بعضهم: لما أباح الله تعالى للزوج أن يضر المرأة بثلاث ضرائر ويطلقها ثلاثا جعل لها عليه ثلاثة حقوق مؤكدات: النفقة، والكسوة، والإسكان. وهو يتكلفها غالبًا، فكان له عليها ضعف ما لها عليه من الحقوق لضعف عقلها. انظر: مغني المحتاج (5/ 151).

[9] الإفصاح (2/ 149)، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (3/ 763).

[10] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 76).

[11] المغني لابن قدامة (8/ 195). وبهذا قال أصحاب المذاهب الأربعة، ونقل الإجماع على ذلك أيضا: الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (4/ 15، ط. دار الكتب العلمية)، وابن رشد المالكي في بداية المجتهد (3/ 76، ط. دار الحديث)، وغيرهما.

[12] المغني لابن قدامة (2/ 484).

[13] الإجماع لابن المنذر (ص: 49).

[14] مختصر الفتاوى المصرية (ص: 454).

[15] أي عدتها من طلاق رجعي، لا بائن ولا وفاة، كما سيأتي تفصيل ذلك.

[16] انظر: المغني (8/ 195). قال الحمد في شرح زاد المستقنع للحمد (25/ 53): " وتقدم أن الصحيح أن المتوفي عنها زوجها لها السكنى والنفقة وعليه فالنفقة مدة اعتدادها في بيت زوجها واجبة في تركته "اهـ.

[17] وقد قيل: إن النفقة في مُقابل الاحتباس فقط، وهو قول الحنفيّة. وقيل: إنها في مقابل التمكين. وهو قولٌ عند المالكية، ومذهب الشافعية. وقيل: بل بمجموع الأمرين; التمكين والاحتباس معًا. وهو قول عند المالكية، ومذهب الحنابلة، ويُعبّرون عنه بـ (التمكين التام)، وهذا القول هو الأقرب. انظر: أثر عمل المرأة في النفقة الزوجية (ص: 13)، المؤلف: أ. د. عبد السلام بن محمد الشويعر.

[18] الذخيرة للقرافي (4/ 465).

[19] الحاوي الكبير (9/ 533، 534).

[20] الروض المربع شرح زاد المستقنع (ص: 621). قال: (ولو مع صغر زوج ومرضه وجبه وعنته) ويجبر الولي مع صغر الزوج على بذل نفقتها وكسوتها من مال الصبي؛ لأن النفقه كأرش جناية. ومن بذلت التسليم وزوجها غائب لم يفرض لها حتى يراسله حاكم، ويمضي زمن يمكن قدومه في مثله. اهـ.

[21] انظر: شرح زاد المستقنع للحمد (25/ 54).

[22] المرجع السابق.

[23] المحلى بالآثار (9/ 249)، وفيه: " وينفق الرجل على امرأته من حين يعقد نكاحها دعي إلى البناء أو لم يدع - ولو أنها في المهد - ناشزا كانت أو غير ناشز، غنية كانت أو فقيرة، ذات أب كانت أو يتيمة، بكرا أو ثيبا، حرة كانت أو أمة، على قدر ماله ".

[24] الاختيار لتعليل المختار (4/ 5).

[25] قال في الهامش: "هذا مذهب أبي يوسف، أما مذهب أبي حنيفة ومحمد فهو مثل مذهب الشافعية لان احتباسها كعدمه حيث لا يوصل إلى الغرض المقصود من الزواج فلا تجب لها النفقة". فقه السنة (2/ 171).

[26] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 77).

[27] الروض المربع شرح زاد المستقنع (ص: 621). قال السيد سابق: (وإذا أسلمت المرأة نفسها إلى الزوج، وهي صغيرة لا يجامع مثلها، فعند المالكية والصحيح من مذهب الشافعية أن النفقة لا تجب، لأنه لم يوجد التمكين التام من الاستمتاع فلا تستحق العوض من النفقة. قالوا: وإن كانت كبيرة والزوج صغير فالصحيح أنها تجب، لان التمكين وجد من جهتها، وإنما تعذر الاستيفاء من جهته، فوجبت النفقة كما لو سلمت إلى الزوج، وهو كبير فهرب منها). فقه السنة (2/ 171).

[28] روضة الطالبين (9/ 93).

[29] المغني لابن قدامة (8/ 221).

[30] كشاف القناع عن متن الإقناع (5/ 483).

[31] سبل السلام (1/ 545).

[32] انظر: فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (5/194).

[33] الفتاوى الكبرى (3/ 146). وقد بينا قبل ذلك مأخذ هذا الحكم وعلته، كما ذكرنا مذهب الشافعي في تقديم نفقة الأبناء على الزوجة. فليراجع. هذا، وقد روى أبو داود والنسائي عن أي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عندي دينار فقال: «أنفقه على نفسك» قال: عندي آخر قال: «أنفقه على ولدك» قال: عندي آخر قال: «أنفقه على أهلك» قال: عندي آخر قال: «أنفقه على خادمك». قال: عندي آخر قال: «أنت أعلم». بتقديم ذكر الولد على الزوجة. وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (1/ 604). وقال د/ وهبة الزحيلي: (إذا تعدد مستحقو النفقة ولم يكن لهم إلا قريب واحد، فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه الإنفاق، وإن لم يستطع بدأ بنفسه، ثم بولده الصغير أو الأنثى، أو العاجز، ثم بزوجته. وقال الحنابلة: تقدم الزوجة على الولد). الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (10/ 7369).

[34] الملخص الفقهي (2/ 375).

[35] المغني لابن قدامة (7/ 94)، ووافق الحنفية الحانبلة في ذلك، وذهب المالكية والشافعية إلى بطلان العقد والشرط معا على خلاف عند المالكية فيما يترتب على ذلك، قال القاضي عليش المالكي عند كلامه عن هذا النوع من الشروط: فهذا القسم لا يجوز اشتراطه في عقد النكاح، ويفسد به النكاح إن شرط فيه، ثم اختلف في ذلك، فقيل: يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده، وقيل: يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويسقط الشرط، وهذا هو المشهور. اهـ.

وقال الماوردي الشافعي في كتابه الحاوي: وأما القسم الثالث: وهو ما يختلف حكمه باختلاف مشترطه، فهو ما منع مقصود العقد في إحدى الجهتين دون الأخرى، فمثل أن يتزوجها على ألا يطأها، فإن كان الشرط من جهتها، فتزوجته على ألا يطأها، فالنكاح باطل، لأنها قد منعته ما استحقه عليها من مقصود العقد، وإن كان الشرط من جهته، فتزوجها على ألا يطأها، فالنكاح على مذهب الشافعي صحيح، لأن له الامتناع من وطئها بغير شرط، فلم يكن في الشرط منع من موجب العقد. اهـ.

[36] انظر: الفتاوى الكبرى (5/462)، الشرح الممتع على زاد المستقنع (12/ 189)، فتاوى الشبكة الإسلامية، فتوى رقم (192759)، بعنوان: "للزوجة المطالبة بالنفقة وإن اشترط الزوج عدمها قبل العقد".

[37] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (7/ 207).

[38] وهو: أن لا مهر لها، أو لا نفقة لها، أو أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أكثر.

[39] شرح زاد المستقنع للحمد (20/ 69). واختار ابن تيمية أيضا الصحة فيما إذا شرط عدم الوطء، كشرط ترك ما تستحقه. انظر: الإنصاف (8/165).

[40] ويرى بعض الفقهاء وجوبه، أي وجوب الصبر على عسرته، ولذلك لا يرى الطلاق بإعسار الزوج، كما سيأتي.

[41] رواه البخاري (1462)، واللفظ له، مسلم (1000).

[42] انظر: فتح الباري لابن حجر (3/ 329،330)، وانظر: المغني لابن قدامة (2/ 484)، التاج والإكليل لمختصر خليل (3/ 239).

[43] فتاوى نور على الدرب لابن باز (15/ 331).

[44] الشرح الممتع (6/168-169).

[45] فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (10/ 62). انظر فتاوى الشبكة الإسلامية، الفتوى رقم (52482)، بعنوان: حكم إعطاء الزكاة للزوجة لسداد دينها.

[46] المحلى بالآثار (9/ 254).

[47] زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 462).

[48] المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: 784).

[49] التهذيب في فقه الإمام الشافعي (6/ 349).

[50] البيان في مذهب الإمام الشافعي (11/ 220).

[51] الكافي في فقه الإمام أحمد (3/ 235).

[52] المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد (2/ 116)، وانظر: المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: 785)، مجلة البحوث والدراسات الشرعية - موقع الملتقى الفقهي.  ورجحوا أيضا هذا القول، قالوا: لما تقتضيه أصول الشريعة وقواعدها العامة، وما تشتمل عليه من درء المفاسد وجلب المصالح، ودفع أعلى الضررين بارتكاب أخفهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وما تقتضيه الشريعة من رفع الحرج عن الأمة يؤيد التفريق.

  انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 463). وقال الشوكاني: " وذهب ابن القيم إلى التفصيل وهو إذا تزوجت به عالمة بإعساره أو كان حال الزواج موسراً ثم أعسر فلا فسخ لها، وإن كان هو الذي غرها عند الزواج بأنه موسر ثم تبين لها إعساره كان لها الفسخ " اهـ. نيل الأوطار (6/ 386).

[53] وهي الطعام والكسوة والسكنى. انظر: رد المحتار (3/ 572).

[54] الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 590).

[55] تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (3/ 54)، المبسوط للسرخسي (5/ 191).

[56] انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 463). وقال الشوكاني: " وذهب ابن القيم إلى التفصيل وهو إذا تزوجت به عالمة بإعساره أو كان حال الزواج موسراً ثم أعسر فلا فسخ لها، وإن كان هو الذي غرها عند الزواج بأنه موسر ثم تبين لها إعساره كان لها الفسخ ".اهـ. نيل الأوطار (6/ 386).

[57] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 75).

[58] أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 441).

[59] الشرح الممتع على زاد المستقنع (13/ 491).

[60] المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: 784). وقريبا منه ما اختاره الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله؛ فقال: " ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى قول جيد يجمع بين الحقوق، فقال: ليس لها الفسخ في الحالة الثالثة ـ إذا كان موسراً ثم أعسرـ لأن هذا ليس باختياره، وفي الحالة الثانية ـ إذا تزوجته عالمة بإعساره ـ ليس لها الفسخ، لأنها دخلت على بصيرة ولكن لا يمنعها من التكسب، لأنه إذا كان ينفق عليها له الحق أن يمنعها من التكسب، فإذا كان لا ينفق فليرخص لها في التكسب وهذا قول قوي وإليه ذهب أبو حنيفة ـ رحمه الله". انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (13/ 493).

[61] الحاشية العثيمينية على زاد المستقنع (ص: 558).

[62] انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: 785) – بتصرف يسير.

[63] المغني لابن قدامة (8/206، 207)، المجموع شرح المهذب (18/271، 272).

[64] المجموع شرح المهذب (18/271، 272).

[65] المهذب في فقه الإمام الشافعي (3 / 155)، المجموع شرح المهذب (18/ 272).

[66] انظر: موقع الاسلام سؤال وجواب – فتوى رقم (245408)، وموقع الملتقى الفقهي.

[67] كشاف القناع (5/477).

[68] انظر: موقع الاسلام سؤال وجواب – فتوى رقم (245408).

[69] شرح مختصر خليل للخرشي (4/ 195).

[70] تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (3/ 59).

[71] المغني لابن قدامة (8/ 207).

[72] فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (2/ 145).

[73] المجموع شرح المهذب (18/ 271).

[74] رواه البخاري (1)، واللفظ له، مسلم (1907).

[75] انظر: جريدة الأهرام- الثلاثاء 24 من شوال 1433هـ- 11 سبتمبر2012- السنة 137- العدد (45935). وفي فتاوى الشبكة، الفتوى رقم: (39315): "والذي نراه أوفق لقواعد الشريعة العامة، وأكثر حفظا للحقوق، وأفضل لسير الحياة الزوجية على منهاج قويم، هو القول بأن للزوجة الرجوع على زوجها المعسر بنفقتها حال إعساره إذا أيسر فيما بعد، وهو قول الأئمة الثلاثة كما ذكرنا".

[76] قوله‏:‏ ‏(‏شحيح‏)‏ أي بخيل حريص وهو أعم من البخل لأن البخل مختص بمنع المال والشح يعم منع كل شيء في جميع الأحوال كذا في الفتح‏.‏ (انظر: نيل الأوطار: 6/383).

[77] انظر: موقع الإمام ابن باز. وهذه المسألة تعرف عند العلماء بمسألة الظفر؛ أي: إذا ظفر الإنسان بحقه عند شخص، منكر له، أو رافض أن يؤديه، فإنه يجوز له أن يأخذه في أصح قولي العلماء. انظر: فتاوى موقع الاسلام سؤال وجواب.

[78] انظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 12005).

[79] رواه الترمذي (670)، حسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (2/ 170) ح (670).

[80] انظر: موقع إسلام ويب – فتوى بعنوان: "مدى جواز ادخار المرأة من مصروف البيت لصالح بناتها"، رقم الفتوى: (219787)، انظر: موقع الإسلام سؤال وجواب (6/ 1637).

[81] رواه البخاري (1425)، مسلم (1024).

[82] فتاوى اللجنة الدائمة (10/81).

[83] انظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 16830).

[84] خلافا لما ذهب إليه بعض أهل العلم، ومنهم الشيخ الألباني رحمه الله، وسيأتي ذكر ذلك لاحقا في مبحث خاص.

[85] ويبقى تقدير هذا المبلغ بحسب قدرة الزوج "لينفق ذو سعة من سعته". والزوج الكريم هو الذي لا يضيق على زوجته وأولاده في النفقة خصوصاً إذا كان قادراً على التوسيع عليهم، ولا يشكل المبلغ المدفوع عبئاً بالنسبة له؛ فلو كان راتب الزوج 20 ألف مثلاً فأعطى زوجته 500 شهرياً لتشتري منها ما تحتاجه في حال عدم وجوده، فإن هذا المبلغ لن يؤثر في دخله الشهري ولا في ميزانية مصروفاته والتزاماته الشهرية، بل سيعود بالراحة والسعادة على الزوجة لأنها ستشعر بأن الزوج يهتم لها ويكرمها ويسعى لمنفعتها، وهذا بدوره يزيد من المحبة والألفة والرضا بين الزوجين.

وينبغي أن يوضع في الاعتبار أن هذا قد لا يستقيم في بعض الحالات، مثلا مع بعض الزوجات، وهن المسرفات، تلك اللواتي قال فيهن بعض العلماء، كابن الجوزي رحمه الله، أن على الزوج ألا يعلم زوجته بمقدار دخله، لأن المرأة سفيهة كلما أعطاها زادت مطالبها. وبالمقابل فإن كثيرا من الأزواج، يرى أن زوجته أفضل منه في تدبير أمور البيت، فيجعل المرتب عندها، وهي من يعطيه كفايته. وأيضا ليس جميع الأزواج يفضل من دخولهم شيء، فالغالب أن راتبه ينفد قبل نهاية الشهر، فكيف يعطيها؟. انظر: موقع الملتقى الفقهي – ملتقى فقه الأسرة، وانظر أيضا: فتاوى الشبكة، وفتاوى الإسلام سؤال وجواب، وموقع سيدتي، مقال بعنوان: مصروف الزوجة الشهري.. حق أم هبة من الزوج؟

[86] انظر: فتاوى دار الإفتاء – فتوى رقم (3175)، المفتي: د/ نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، وانظر أيضا: فتاوى الشبكة، الفتوى رقم (296344)، فتاوى الإسلام سؤال وجواب (126316)، فتاوى إسلام أون لاين، فتوى بعنوان: "حكم مساهمة الزوجة في نفقات المعيشة".

[87] رواه أبو داود (2143)، وصححه الألباني. انظر: صحيح أبي داود - الأم (6/ 360)، آداب الزفاف في السنة المطهرة (280).

[88] الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 572). قال: وعرفا هي: الطعام.

[89] الفتاوى الهندية (1/ 549).

[90] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (5/ 151).

[91] المقنع في فقه الإمام أحمد ت الأرناؤوط (ص: 389).

[92] انظر: نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني– موقع: الملتقى الفقهي، موقع المسلم.

[93] وقال النووي: (أما قدره – يعني الطعام - فيختلف باختلاف حال الزوج باليسار والإعسار، ولا تعتبر فيه الكفاية، ولا ينظر إلى حال المرأة في الزهادة والرغبة، ولا إلى منصبها وشرفها، وتستوي فيه المسلمة والذمية، الحرة والأمة، فعلى الموسر مدان، والمعسر مد والمتوسط مد ونصف، والاعتبار بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مائة وثلاثة وسبعون درهما وثلث درهم). روضة الطالبين وعمدة المفتين (9/ 40).

[94] رواه البخاري (5364)، مسلم (1714).

[95] ونسب هذا القول لأبي حنيفة ومالك، كما في المغني لا بن قدامة، ونيل الأوطار للشوكاني، وقال ابن هبيرة: (اختلفوا في نفقات الزوجات، هل يعتبر بحال الزوجين جميعا أو بتقدير الشرع؟ فقال أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد: يعتبر بحال الزوجين جميعا ...

وقال الشافعي رضي الله عنه: هي مقدرة لا اجتهاد فيها، وهي معتبرة بحال الزوج وحده.اهـ. اختلاف الأئمة العلماء (2/ 207). وقال ابن قدامة: " وقال أبو حنيفة ومالك: يعتبر حال المرأة على قدر كفايتها". شرح زاد المستقنع للحمد (25/ 47). لكن قال المواق (مالكي): (اللخمي: المعتبر في النفقة حال الزوجين وحال بلدهما وزمنها وسعرها. ابن عرفة: نقل ابن عبد السلام اعتبار حال الزوج فقط لا أعرفه). انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل (5/ 543)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/ 806). وقال ابن نجيم الحنفي: (الحاصل أنه ينبغي للقاضي إذا أراد فرض النفقة أن ينظر في سعر البلد وينظر ما يكفيها بحسب عرف تلك البلدة ويقوم الأصناف بالدراهم، ثم يقدر بالدرهم كما في المحيط إما باعتبار حاله أو باعتبار حالهما، واختار المصنف الثاني وهو قول الخصاف وفي الهداية وعليه الفتوى، وفي الولوالجية وهو الصحيح وعليه الفتوى وظاهر الرواية اعتبار حاله فقط وهو قول الكرخي وبه قال جمع كثير من المشايخ ونص عليه محمد، وقال في التحفة والبدائع إنه الصحيح نظرا إلى قوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} [الطلاق: 7]، واستدل في الهداية لاعتبار حالهما بحديث هند فإنه اعتبر حالهما، وأما النص فنقول بموجبه أنه مخاطب بقدر وسعه والباقي دين في ذمته، وحاصله أنه عمل بالآية والحديث). البحر الرائق (4/ 190).

[96] الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 84).

[97] تفسير القرطبي (18/ 170).

[98] شرح زاد المستقنع للحمد (25/ 46)، وقال ابن قدامة: (ولنا، أن فيما ذكرناه جمعا بين الدليلين، وعملا بكلا النصين، ورعاية لكلا الجانبين، فيكون أولى). المغني لابن قدامة (8/ 195،196).

[99] نيل الأوطار (6/ 382).

[100] شرح زاد المستقنع للحمد (25/ 48).

[101] المغني (9 / 237).

[102] انظر: موقع الاسلام سؤال وجواب.

[103] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 23).

[104] انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (3/ 601).

[105] مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (4/ 13).

[106] الاختيار لتعليل المختار (4/ 8). وقال ابن عابدين: "والحاصل أن المشهور وهو المتبادر من إطلاق المتون أنه يكفيها بيت له غلق من دار سواء كان في الدار ضرتها أو أحماؤها" انظر: رد المحتار (3/ 601). وأجاز بعض العلماء أن يجمع بينهما في سكن واحد في حالات الضرورة، أو إذا رضيت الزوجتان وأمن الضرر بينهما، وإذا كان الرجل لا مال له، ولا يستطيع أن يجد سكناً، وقد يقع هذا في بعض الأحوال الخاصة، كالنزول في الأماكن التي لا بناء فيها، كأن لا يكون عنده إلا خباءين. انظر: شرح زاد المستقنع للشنقيطي (283/ 9).

[107] قال الصاوي: " وليس المراد أنه في كل شتاء وفي كل صيف يكسوها ما يناسب الوقت، بل المراد أنها إن احتاجت لكسوة كساها في الشتاء ما يناسبه، وفي الصيف ما يناسبه إن جرت عادتهم بذلك في كل بلد بما يناسب أهله بقدر وسعه وحالها". انظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير (2/ 738).

[108] انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 250)، باختصار يسير. وانظر: بدائع الصنائع (4/ 23)، حاشية الصاوي (2/ 738)، مغني المحتاج (5/ 157)، المغني لابن قدامة (8/ 203).

[109] جاء في فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 11079): قال البهوتي في كشاف القناع: "وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكنها كالزوجين سواء". وهذا محل اتفاق بين أهل العلم.

[110] توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام (2/ 165).

[111] انظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (7/ 1070).

[112] رواه مسلم (1480).

[113] انظر: الفقه الميسر (5/ 210).

[114] الاختيار لتعليل المختار (4/ 8).

[115] بداية المبتدي (ص: 89).

[116] انظر: عون المعبود وحاشية ابن القيم (6/ 278).

[117] فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 11075). وفيها أيضا: "وعليه؛ فلو ترك الزوج الإنفاق مدة كان ذلك دينا في ذمته لها، هذا إذا كان تركه مع عدم القدرة عليه، واختلف إن تركه عن إعسار، والظاهر أنه باق في ذمته يجب عليه قضاؤه متى ما قدر، قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة لم يسقط بذلك وكان دينا في ذمته سواء تركها لعذر أوغير عذر في أظهر الروايتين ... ويرى المالكية أن النفقة تسقط بعسر الزوج، وبالتالي لو أنفقت الزوجة على نفسها فترة إعساره فلا تستحق شيئا، قال خليل بن إسحاق: وسقطت بالعسر. فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 16929).

[118] قال ابن قدامة: "وهل تجب نفقة الحمل للحامل من أجل الحمل أو للحمل، فيه روايتان؛ إحداهما: تجب للحمل اختارها أبو بكر؛ لأنها تجب بوجوده، وتسقط عند انفصاله، فدل على أنها له والثانية، تجب لها من أجله؛ لأنها تجب مع اليسار والإعسار، فكانت له كنفقة الزوجات، ولأنها لا تسقط بمضي الزمان، فأشبهت نفقتها في حياته وللشافعي قولان، كالروايتين وينبني على هذا الاختلاف فروع". المغني لابن قدامة (8/ 234).

[119]عون المعبود وحاشية ابن القيم (6/ 272).

[120] انظر: الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (2/ 316)، والحديث رواه أحمد (27100)، وأصله في صحيح مسلم (1480).

[121] المدونة (2/51، 52)، فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 16931).

[122] مغني المحتاج (5/ 105).

[123] فتاوى اللجنة الدائمة (20/ 443).

[124] انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (41/ 53).

[125] المغني (8/ 208).

[126] انظر: موقع الاسلام سؤال وجواب – فتوى رقم (268514). وجاء في آخر الفتوى: "ولا يحل للمرأة أن تتزوج إلا إذا طلقها القاضي، أو حكم بموت الزوج المفقود واعتدت لوفاته. وإذا كان ذلك في دولة غير إسلامية ليس فيها قضاء شرعي، فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي، فيجب عرض القضية عليهم، وهم يتولون النظر فيها، ويكون حكمهم فيها كحكم القاضي. ثم يبقى بعد ذلك الذهاب إلى المحاكم الوضعية من أجل الحصول على الأوراق الرسمية فقط، وليس من أجل الحصول على الحكم".

[127] انظر: نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني – موقع: الملتقى الفقهي، وانظر: فتاوى الشبكة - رقم الفتوى: (108556). بعنوان: " مدى وجوب علاج الزوجة في ميزان الإسلام ".

[128] شرح مختصر خليل للخرشي (4/ 187). وبعض المالكية يرى وجوبه على الزوج.

[129] الحاوي الكبير (11/ 435). ولم أجد هذا النص عن الشافعي في الأم، لكنه موجود في مختصر المزني (8/ 337) ملحقا بالأم.

[130]  انظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7/ 195)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 620)، وانظر: حاشية ابن عابدين (3/575)، شرح الخرشي على مختصر خليل (4/187).

[131] فتاوى اللجنة الدائمة (19/ 261)، (21/169).

[132] شرح زاد المستقنع للشنقيطي (335/ 5).

[133] الفقه الإسلامي وأدلته (10/7380).

[134] شرح زاد المستقنع للحمد (25/ 49).

[135] انظر فتوى بعنوان: هل تجب نفقة علاج الزوجة على الزوج؟، على موقع الشيخ.

[136] يقول: د: خالد بن عبد الله المزبني: " وقد اتجهت مدونات قوانين الأسرة والأحوال الشخصية إلى هذا الرأي، وألزمت الزوج بتوفير نفقة العلاج لزوجته، كما في القانون المصري م100 لسنة 1985م، ومدونة الأسرة المغربية رقم 70.03 م189 [22]، والقانون الليبي عام 1984م م22 [23]، وقانون الأسرة الجزائري لعام 1404هـ م78 [24]، هذه المدونات نصت على أن العلاج من مشمولات النفقة الزوجية، في حين نجد أن الموريتاني جاءت المادة  فيه هكذا: " تشمل النفقة الطعام والكسوة والمسكن وما يعد من الضروريات في العرف"، ولم ينص صراحة على العلاج، وعلى هذا يكون تقدير ذلك مرجعه إلى القضاء عند النزاع ". انظر: نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني – موقع: الملتقى الفقهي.

[137] نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني – موقع: الملتقى الفقهي.

[138] أضف إلى هذا أن العقم، وإن لم يسبب ضرراً مادياً ظاهراً في الجسم إلا أن مضارّه النفسية والاجتماعية تفوق كثيراً من الأمراض العضوية؛ ومن ثَمّ فإن كثيراً من الباحثين المعاصرين لم يترددوا في اعتبار العقم مرضاً. والذي يبدو - والله أعلم - أن العقم لا يمكن عده مرضاً بإطلاق، ولكنه حالة غير سوية قد تكون ناتجة عن أسباب مرضية - وهذا هو الغالب، وقد تكون أحياناً محض قضاء وقدر، ولا علاج له، كما قال تعالى: {... وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}، انظر: الملتقى الفقهي، تحت عنوان: علاج العقم بالوسائل الحديثة - نظرة شرعية. وانظر: ملتقى أهل الحديث، تحت عنوان: هل يجوز علاج العقم؟ هذا، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وجوب التداوي، وأن تركه مع التوكل على الله أفضل. لكن رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أنه إذا كان الدواء يغلب على الظن نفعه وتحقق التلف بتركه، فالراجح أنه يجب حينئذ، ولا يجوز تركه، قال: "فالأقرب أن يقال ما يلي: أن ما علم أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه، فهو واجب". الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/ 234). وفي فتاوى الشبكة الإسلامية (6/ 3212): "الأصل في التداوي هو الإباحة، فلا حرج في الفعل أو الترك، ويدخل فيه التداوي للإنجاب".

[139] هذا، مع التنبيه إلى أن الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة يجب أن تقوم بالكشف على المريضة، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم، على أن يطلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته، وألا يزيد عن ذلك، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة. انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم (85).

[140] انظر: الملتقى الفقهي، تحت عنوان: علاج العقم بالوسائل الحديثة - نظرة شرعية. هذا، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وجوب التداوي، وأن تركه مع التوكل على الله أفضل. لكن رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أنه إذا كان الدواء يغلب على الظن نفعه وتحقق التلف بتركه، فالراجح أنه يجب حينئذ، ولا يجوز تركه، قال: "فالأقرب أن يقال ما يلي: أن ما علم أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه، فهو واجب". الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/ 234). وفي فتاوى الشبكة الإسلامية (6/ 3212): "الأصل في التداوي هو الإباحة، فلا حرج في الفعل أو الترك، ويدخل فيه التداوي للإنجاب".

[141] تفسير القرطبي (3/ 124). قالوا: ويشترط لوجوب ذلك شرطان: الأول: ثبوت الحاجة إلى استعمال هذه الأدوية والمنشطات، فإن لم تكن هناك حاجة داعية كان إسرافا زيادة على الضرر الذي قد يصيب جسمه لذلك. الثاني: ثبوت عدم خطر ذلك على صحته، وهو شرط أساسي، ولا يكفي في ذلك أن يجربه غيره، فقد تكون مناعة غيره ومقاومته للأمراض أكثر منه، وقد تكون به من الأمراض ما يتعارض مع استعمال تلك الأدوية، فلذلك لا يجوز استعمال هذه الأدوية إلا بعد استشارة الطبيب الخبير.

[142] شرح زاد المستقنع للشنقيطي (335/ 5).

[143] انظر: المرجع السابق.

[144] انظر: بدائع الصنائع (4/ 24)، منح الجليل (4/ 391)، المجموع شرح المهذب (18/ 256)، كشاف القناع (5/ 463).

[145] المحلى بالآثار (9/ 251).

[146] المحلى بالآثار (9/ 251).

[147] الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (5/ 158).

[148] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 77).

[149] رواه البخاري (3705)، مسلم (2727).

[150] اختلاف الأئمة العلماء (2/ 207، 208)، عيون المسائل للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: 393).

[151] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 24)، رد المحتار (3/ 589)، الموسوعة الفقهية الكويتية (19/ 40).

[152] رد المحتار (3/ 590).

[153] البناية شرح الهداية (5/ 671)، الشامل في فقه الإمام مالك (1/ 503)،

[154] الإقناع للماوردي (ص: 142)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (6/ 4)، الموسوعة الفقهية الكويتية (19/ 41).

[155] انظر: نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني – موقع: الملتقى الفقهي.

[156] انظر: المجموع شرح المهذب (18/ 257)، وانظر: المغني لابن قدامة (8/ 200). 

[157] البيان في مذهب الإمام الشافعي (11/ 211).

[158] المجموع شرح المهذب (18/ 257).

[159] انظر: نفقة الزوجة في ضوء متغيرات العصر. د: خالد بن عبد الله المزبني – موقع: الملتقى الفقهي.

[160] على القول بجوازها، وبضوابطه.

[161] البحر الرائق (4/ 192).

[162] شرح مختصر خليل للخرشي (4/ 187).

[163] أي لا دواء مرض، ولا أجرة طبيب وحاجم، فليست عليه بل عليها. وعبارة الإقناع توضح ذلك؛ قال الخطيب الشربيني: " ولا يجب لها عليه كحل ولا طيب ولا خضاب ولا ما تتزين به، فإن هيأه لها وجب عليها استعماله ولا يجب لها عليه دواء مرض ولا أجره طبيب وحاجم ونحو ذلك كفاصد وخاتن لأن ذلك لحفظ الأصل ويجب لها طعام أيام المرض وأدمها لأنها محبوسة عليه ولها صرفه في الدواء ونحوه، ويجب لها أجرة حمام بحسب العادة إن كان عادتها دخوله للحاجة إليه عملا بالعرف وذلك في كل شهر مرة كما قاله الماوردي لتخرج من دنس الحيض الذي يكون في كل شهر مرة غالبا، وينبغي كما قال الأذرعي أن ينظر في ذلك لعادة مثلها". انظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/ 486).

[164] نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7/ 195).

[165] كشاف القناع عن متن الإقناع (5/ 463).

[166] مجموع فتاوى ابن باز (16/ 394).

[167] نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 4181). وانظر: المفصل في أحكام المرأة (2 / 177).

[168] قالوا: وأما نفقة قضاء الحج من جراء ارتكاب محظور الجماع، فإن كان أكرهها فعلى الزوج، وإن كانت طاوعت، فعلیھا. انظر: المغني لابن قدامة (7/ 313)، فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 16834)، وفتاوى الإسلام سؤال وجواب – سءال رقم (8916).

[169] المغني لابن قدامة (3/ 231).

[170] انظر: المبسوط للسرخسي (4/ 163)، وفيه أيضا: " يشترط أن تملك قدر نفقة المحرم؛ لأن المحرم إذا كان يخرج معها فنفقته في مالها إلا في رواية عن محمد - رحمه الله تعالى - يقول: نفقة المحرم في ماله؛ لأنه غير مجبر على الخروج، فإذا تبرع به لم يستوجب بتبرعه النفقة عليها ".

[171] الموسوعة الفقهية الكويتية (17/ 37).

[172] من فتوى صوتية للشيخ رحمه الله – موقع يوتيوب. وهي بنصها كاملة على موقع الألوكة.

[173] المحلى بالآثار (5/ 19).

[174] رواه البخاري (1862).

[175] المحلى بالآثار (5/ 19).

[176] تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة (3/ 326).

[177] انظر: مقال بعنوان: فقه الحج - موقع إسلام أون لاين.

[178] انظر: موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 2346).

[179] وهو قول الجمهور، انظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (11/ 13620).

[180] مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (18/30). نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 2600).

[181] مختصر الفتاوى المصرية (ص: 454).

[182] موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 4415).

[183] الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (1/ 499).

[184] انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل (3/ 239).

[185] الأم للشافعي (2/ 88).

[186] الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/ 232).

[187] تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة (3/ 95).

[188] انظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (11/ 14801). الفتوى رقم (52482)، بعنوان: حكم إعطاء الزكاة للزوجة لسداد دينها.

[189] انظر: المجموع (6 / 113)، وتلخيص الحبير (2 / 771). وبهذا القول أخذ علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، فقالوا: "زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه". انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (9 / 367).

واختاره أيضا الشيخ ابن باز رحمه الله، كما في مجموع الفتاوى (14/197).

[190] رواه البخاري (1503)، مسلم (984).

[191] طرح التثريب في شرح التقريب (4/ 58).

[192] الشرح الممتع (6 / 154). وقال أيضا: " ولا تجب على الشخص عمن يمونه من زوجة وأقارب لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على الذكر والأنثى، والحر والعبد، والكبير والصغير من المسلمين». والأصل في الفرض أنه يجب على كل واحد بعينه دون غيره. ولقول الله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164] ولو وجبت زكاة الفطر على الشخص نفسه وعمن يمونه فإنه سوف تزر وازرة وزر أخرى، لكن لو أخرجها عمن يمونهم وبرضاهم فلا بأس بذلك ولا حرج، كما أنه لو قضى إنسان دينا عن غيره وهو راض بذلك فلا حرج، ولأنه يجوز دفع الزكاة عن الغير.اهـ. الشرح الممتع (6/ 155).

[193] تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة (3/ 41).

[194] شرح زاد المستقنع للحمد (9/ 125).

[195] انظر: موقع الإسلام سؤال وجواب (5/ 2624).

[196] انظر: صحيح فقه السنة (2/ 81،82).

[197] تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة (3/ 41).

[198]انظر: المغني (2 / 361)، وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع (2 / 252): "ولا يلزم الزوج فطرة من لا تلزمه نفقتها، كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه".اهـ. بتصرف.

[199] المغني (7/ 232).

[200] فتح الباري لابن حجر (9/ 313).

[201] الموسوعة الفقهية (33/ 186).

[202] المرجع السابق.

[203] انظر: مجموع الفتاوى (32/ 270). وقال أيضا: " وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنَّة أيضاً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة كما كان يعدل في القسمة …. " مجموع الفتاوى (32 / 269). وقال ابن القيم رحمه الله حاكيا عن هديه صلى الله عليه وسلم: " وكان يقسم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة ". زاد المعاد (1 / 145).

[204] فتاوى نور على الدرب (10/252).

[205] انظر: موقع الاسلام سؤال وجواب، فتوى بعنوان: كيف يعدل بين زوجتيه؟ وأخرى بعنوان: هل يجب العدل في النفقة والهدايا بين الزوجات؟

[206] انظر: فتاوى موقع: الإسلام سؤال وجواب – سؤال رقم (242289).

[207] انظر: الإنصاف (8/165).

[208] زاد المعاد (5/139).

[209] الشرح الممتع (12/ 191)، انظر: موقع: فتاوى دار الإفتاء المصرية – فتوى بتاريخ: 19/10/2015، بعنوان: "اشتراط تنازل الزوجة عن نفقتها".