logo

تنمية القيم الخُلقية


بتاريخ : الأربعاء ، 11 شعبان ، 1445 الموافق 21 فبراير 2024
بقلم : تيار الاصلاح
تنمية القيم الخُلقية

لا يمكن لأي مذهب أو نظرية أو فكرة أن تترجم عن ذاتها وتحقق أهدافها بدون وسيلة تمكنها من أن تتجسد في سلوك الناس، وكذلك النظرية الإسلامية (إن صح تسميتها نظرية) لابد أن تترجم واقعًا عمليًا يظهر في تعاملات المسلمين وسلوكهم، وإلا فما قيمة الانتماء إلى منهج لا يخدم متطلبات الحياة اليومية ويدير السلوك العام لمعتنقيه.

«والناظر في هذه العقيدة، كالناظر في سيرة رسولها، يجد العنصر الأخلاقي بارزًا أصيلًا فيها، تقوم عليه أصولها التشريعية وأصولها التهذيبية على السواء.. الدعوة الكبرى في هذه العقيدة إلى الطهارة والنظافة والأمانة والصدق والعدل والرحمة والبر وحفظ العهد، ومطابقة القول للفعل، ومطابقتهما معًا للنية والضمير، والنهي عن الجور والظلم والخداع والغش وأكل أموال الناس بالباطل، والاعتداء على الحرمات والأعراض، وإشاعة الفاحشة بأية صورة من الصور.. والتشريعات في هذه العقيدة لحماية هذه الأسس وصيانة العنصر الأخلاقي في الشعور والسلوك، وفي أعماق الضمير وفي واقع المجتمع، وفي العلاقات الفردية والجماعية والدولية على السواء.

والرسول الكريم يقول: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (1).. فيلخص رسالته في هذا الهدف النبيل.

وهذا الاعتبار هو الاعتبار الفذ في أخلاقية الإسلام، فهي أخلاقية لم تنبع من البيئة، ولا من اعتبارات أرضية إطلاقًا، وهي لا تستمد ولا تعتمد على اعتبار من اعتبارات العرف أو المصلحة أو الارتباطات التي كانت قائمة في الجيل، إنما تستمد من السماء وتعتمد على السماء، تستمد من هتاف السماء للأرض لكي تتطلع إلى الأفق.

وتستمد من صفات الله المطلقة ليحققها البشر في حدود الطاقة، كي يحققوا إنسانيتهم العليا، وكي يصبحوا أهلًا لتكريم الله لهم واستخلافهم في الأرض وكي يتأهلوا للحياة الرفيعة الأخرى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55]، ومن ثم فهي غير مقيدة ولا محدودة بحدود من أي اعتبارات قائمة في الأرض إنما هي طليقة ترتفع إلى أقصى ما يطيقه البشر، لأنها تتطلع إلى تحقيق صفات الله الطليقة من كل حد ومن كل قيد.

ثم إنها ليست فضائل مفردة: صدق، وأمانة، وعدل، ورحمة، وبر.... إنما هي منهج متكامل، تتعاون فيه التربية التهذيبية مع الشرائع التنظيمية وتقوم عليه فكرة الحياة كلها واتجاهاتها جميعًا، وت