القلوب الصخرية
يلحظ المطَّلع على حال العباد في زماننا هذا انتشارَ داءٍ خطير بينهم، أدَّى إلى تكاسلٍ عن الطاعات وأعمال الخير، وعلَّق العبد آماله بالدنيا، ونسي آخرته، إنه داء تسبَّب في جعل الحياة موحشةً مظلمة، رتيبة رغم الملهيات والملذَّات ورغد العيش الـمُتنعَّم به، فما ذاك الداء العضال يا ترى؟! إنه تحجر القلب، وما أدراك ما تحجر القلب؟!
قال تعالى في كتابه العزيز: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]؛ قال القرطبي رحمه الله: القسوةُ: الصلابة والشدة واليبس، وهي عبارة عن خلوِّها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى (1).
وقال عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ} [الزمر: 22]؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله: أي: لا تلين لكتابه، ولا تتذكر بآياته، ولا تطمئن بذكره، بل هي مُعرِضة عن ربها، مُلتفتة إلى غيره، فهؤلاء لهم الويل الشديد، والشرُّ الكبير (2).
إن نعمة رقَّة القلب من أجلِّ النعم وأعظمها، وما من قلبٍ يُحرَم هذه النعمة إلا كان موعودًا بغضب الله وعذابه، وما رقَّ قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقًا إلى الخيرات، مُشمِّرًا إلى الطاعات، أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته، وأبعد ما يكون عن معاصيه ومكارهه.
أعراض ومظاهر تحجر القلوب:
1- التكاسل عن الطاعات وأعمال الخير، وربما التفريط فيها أو أداؤها بلا خشوع وطمأنينة، فضلًا عن نظرِ بعضهم إلى الفرائض والواجبات الشرعية كأنها أثقال ينوء بها.
2- عدم التأثُّر بآيات القرآن الكريم والمواعظ والرقائق؛ فقاسي القلب يسمعُ آيات الوعد والوعيد، فلا يتأثر بها، ولا يخشع قلبُه لها، ويزيد على ذلك بأن يغفل عن قراءة القرآن وسماعه، ويجد ثقلًا وانصرافًا عنه، مع أن الله تعالى يقول: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45].
قال تعالى مادحًا المؤمنين من أهل الكتاب: {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83]. قال ابن القيم: متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أنَّ قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي (3).
وقال تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 23]. يقول ابن كثير: هذه صفة الأبرار، عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف، {ثمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ} لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه (4).
3- التعلُّق الزائد بالدنيا، والولع بها، وإيثارها على الآخرة، فتصبح الدنيا همَّه وشغله الشاغل، ومثل هذا يُبتلى بالحسد والأنانية والبُخل والشح.
4- ضعف تعظيم الله تعالى في قلبه، وخُفوت جَذوة الإيمان في نفسه، فلا يغضب لانتهاك محارم الله، ولا يَعرف معروفًا، ولا يُنكر منكرًا، ولا يبالي باقتراف المعاصي والمحرَّمات.
5- الوحشة المظلمة التي يجدُها قاسي القلب، فيغدو ضيِّق الصدر، قلقًا متوترًا لا يطمئنُّ أو يهنأ بعيش، وما علم ذاك أنه السبب في هذه الوحشة وبيده علاجها (5).
6- عدم الاتعاظ بالموت: قال الغزالي: الآن لا ننظر إلى جماعة يحضرون جنازة إلا وأكثرهم يضحكون، ويلهون، ولا يتكلمون إلا في ميراثه، وما خلفه لورثته، ولا يتفكر أقرانه وأقاربه إلا في الحيلة التي بها يتناول بعض ما خلفه، ولا يتفكر واحد منهم إلا ما شاء الله في جنازة نفسه، وفي حاله إذا حمل عليها، ولا سبب لهذه الغفلة إلا قسوة القلوب، بكثرة المعاصي والذنوب، حتى نسينا الله تعالى واليوم الآخر، والأهوال التي بين أيدينا، فصرنا نلهو، ونغفل، ونشتغل بما لا يعنينا (6).
كيف يحدث تحجر القلب؟
تحجر القلب ناشئ عن البعد عن الوحي، ألا ترى الله تعالى يقول: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16].
نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى، لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم واشتروا به ثمنًا قليلًا ونبذوه وراء ظهورهم، وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة، وقلدوا الرجال في دين الله، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، فعند ذلك قست قلوبهم، فلا يقبلون موعظة، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد.
كما قال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: 13]، أي: فسدت قلوبهم فقست وصار من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه، وتركوا الأعمال التي أمروا بها، وارتكبوا ما نهو عنه؛ ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية (7).
إن هذا القلب البشري سريع التقلب، سريع النسيان وهو يشف ويشرق فيفيض بالنور، ويرف كالشعاع؛ فإذا طال عليه الأمد بلا تذكير ولا تذكر تبلد وقسا وانطمست إشراقته، وأظلم وأعتم! فلا بد من تذكير هذا القلب حتى يذكر ويخشع، ولا بد من الطرق عليه حتى يرق ويشف؛ ولا بد من اليقظة الدائمة كي لا يصيبه التبلد والقساوة.
ولكن لا يأس من قلب خمد وجمد وقسا وتبلد فإنه يمكن أن تدب فيه الحياة، وأن يشرق فيه النور، وأن يخشع لذكر الله فالله يحيي الأرض بعد موتها، فتنبض بالحياة، وتزخر بالنبت والزهر، وتمنح الأكل والثمار؛ كذلك القلوب حين يشاء الله (8).
قال تعالى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43].
قال ابن عاشور: ولكن اعتراهم ما في خلقتهم من المكابرة وعدم الرجوع عن الباطل كأنَّ قلوبهم لا تتأثر فشبهت بالشيء القاسي -والقسوة: الصلابة- وقد وجد الشيطان من طباعهم عونًا على نفث مراده فيهم فحسَّن لهم تلك القساوة وأغراهم بالاستمرار على آثامهم وأعمالهم (9).
قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 74].
قال السعدي: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم} أي: اشتدت وغلظت، فلم تؤثر فيها الموعظة، {مِّن بَعْدِ ذَلِكَ} أي: من بعد ما أنعم عليكم بالنعم العظيمة وأراكم الآيات، ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم، لأنَّ ما شاهدتم، مما يوجب رقة القلب وانقياده، ثم وصف قسوتها بأنها {كَالْحِجَارَةِ} التي هي أشد قسوة من الحديد، لأنَّ الحديد والرصاص إذا أذيب في النار، ذاب بخلاف الأحجار وقوله: {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} أي: إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار (10).
وقال الطبري: فقوله: {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} يعني فقلوبكم كالحجارة صلابةً، ويبسًا، وغلظًا، وشدةً، أو أشد قسوة (11).
وقال تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الزمر: 22].
أسباب تحجر القلوب:
1- الغفلة عن ذكر الله وتدبر القرآن:
قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 142] قال أبو السعود في قوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21]: أُريدَ به توبيخ الإنسانِ على قسوةِ قلبهِ، وعدم تخشعِه عندَ تلاوتِه، وقلةِ تدبرِه فيه (12).
وقال تعالى في الإعراض عن تدبر الآيات الكونية: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
والغفل داء وَبِيل، ومرض خطير، إذا استحوذ على القلوب، وتمكَّن من النفوس، واستأثر على الجوارح، أدَّى إلى انغلاقِ كلِّ أبواب الهداية، وقد أخبر الله تعالى عن أصحابِ الغفلة أنهم أصحابُ قلوب قاسية، لا ترق ولا تلين، ولا تنتفع بالموعظة، مع أن لهم أعينًا يبصرون بها ظواهر الأشياء، ولكنهم لا يشاهدون بها حقائق الأمور، ولا يُميِّزون بها بين النافع والضار، كما أن لهم آذانًا يسمعون بها الباطل؛ كالكذب، والغناء، والفحش، ولكنهم لا ينتفعون بها في سماع الحق من كتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فأنَّى لهؤلاء الفوز والنجاة وتلك حالهم؟ وأنَّى لهم الهدى والاستقامة وتلك طريقتهم؟
يقول جل وعز: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
2- كثرة المعاصي:
فالمعصية -وإن كانت صغيرة- تمهِّد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي، ولا يدرك صاحبها الخطر، وتتسرَّب واحدة تلو الأخرى إلى قلبه؛ حتى لا يبالي بها، فيضعف في قلبه تعظيم الله، وتعظيم حرماته؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا أخطأ خطيئة، نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقِل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلوَ قلبه، وهو الرانُ الذي ذكر الله: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] (13).
قال المحاسبي: اعلم أن الذنوب تورث الغفلة، والغفلة تورث القسوة، والقسوة تورث البعد من الله، والبعد من الله يورث النار، وإنما يتفكر في هذا الأحياء، وأما الأموات فقد أماتوا أنفسهم بحب الدنيا (14).
قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذُّل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها.
3- التفريط في الفرائض وانتهاك المحرمات:
قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: 13] وبيَّن ذلك بقوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا} [النساء: 155].
لقد كان الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم متضمنًا شرطًا وجزاء والنص القرآني يثبت نص الميثاق وشرطه وجزاءه، بعد ذكر عقد الميثاق وملابسات عقده.. لقد كان عقدًا مع نقباء بني إسرائيل الاثني عشر: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} [المائدة: 12].
فماذا كان من بني إسرائيل! لقد نقضوا ميثاقهم مع الله قتلوا أنبياءهم بغير حق، وبيتوا القتل والصلب لعيسى عليه السلام- وهو آخر أنبيائهم- وحرفوا كتابهم- التوراة- ونسوا شرائعها فلم ينفذوها، ووقفوا من خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام موقفًا لئيمًا ماكرًا عنيدًا، وخانوه وخانوا مواثيقهم معه. فباءوا بالطرد من هدى الله، وقست قلوبهم فلم تعد صالحة لاستقبال هذا الهدى..
فإن جفاف الملامح والسمات ينضح ويشي بجفاف القلوب والأفئدة وطابعهم الأصيل هو تحريف الكلم عن مواضعه تحريف كتابهم أولًا عن صورته التي أنزلها الله على موسى عليه السلام.... ونسيان وإهمال لأوامر دينهم وشريعتهم، وعدم تنفيذها في حياتهم ومجتمعهم، لأن تنفيذها يكلفهم الاستقامة على منهج الله الطاهر النظيف القويم (15).
قال ابن كثير: أخبر تعالى عما أحل بهم من العقوبة عند مخالفتهم ميثاقه ونقضهم عهده، فقال: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ} أي: فبسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم لعناهم، أي أبعدناهم عن الحق وطردناهم عن الهدى، {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} أي: فلا يتعظون بموعظة لغلظها وقساوتها (16).
4- الانشغال بالدنيا والانهماك في طلبها والمنافسة عليها:
فمع أن هذه الدنيا تافهةٌ لا تساوي عند الله جناح بَعوضة، يأتي العبد ويتعلَّق بها ويتلهَّى بملذَّاتها وملاهيها.
ومِن أبلغ ما وُصف به هذا الداء قولُ الإمام الجيلاني: القلبُ يصدأ، فإن تداركه صاحبه بما وصف النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا انتقل إلى السواد؛ يسودُّ لبُعْده عن النور، يسودُّ لحبه الدنيا والتحويز عليها مِن غير ورع؛ لأنه من تمكَّن مِن قلبه حبُّ الدنيا، زال وَرَعُه، وزال حياؤه من ربه عز وجل (17).
وفي حديث أبي مسعود، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «الإيمان يمان ها هنا، ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين، عند أصول أذناب الإبل، حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة، ومضر» (18) قال الخطابي: إنَّما ذمهم لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمر دينهم، وذلك يفضي إلى قسوة القلب (19).
قال ابن القيم: متى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله والاستعداد للقائه، وحلَّ فيه حب المخلوق، والرضا بالحياة الدنيا، والطمأنينة بها، فاعلم أنه قد خسف به (20).
وقال في موضع آخر: شغلوا قلوبهم بالدنيا، ولو شغلوها بالله والدار الآخرة، لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة، ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد إذا غذي القلب بالتذكر، وسقي بالتفكر، ونقى من الدغل، رأى العجائب وألهم الحكمة، ... إذا زهدت القلوب في موائد الدنيا، قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة، وإذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد (21).
5- طول الأمل والتمني:
قال المناوي: طول الأمل غرور وخداع، إذ لا ساعة من ساعات العمر إلا ويمكن فيها انقضاء الأجل، فلا معنى لطول الأمل المورث قسوة القلب، وتسليط الشيطان، وربما جرَّ إلى الطغيان (22).
عن عبد الله رضي الله عنه، قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطًا مربعًا، وخط خطًا في الوسط خارجًا منه، وخط خططًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به -أو: قد أحاط به- وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا» (23).
مثل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود أمل ابن آدم وأجله وإعراض الدنيا التي لا تفارقه بالخطوط، فجعل أجله الخط المحيط، وجعل أمله وإعراضه خارجة من ذلك الخط، ومعلوم في العقول أن ذلك الخط المحيط به الذي هو أجله؛ أقرب إليه من الخطوط الخارجة منه.
في هذا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته على تقصير الأمل، واستشعار الأجل خوف بغتة الأجل، ومن غيب عنه أجله فهو حري بتوقعه وانتظاره خشية هجومه عليه في حال غرة وغفلة، ونعوذ بالله من ذلك، فليرض المؤمن نفسه على استشعار ما نبه عليه، ويجاهد أمله وهواه ويستعين بالله على ذلك، فإن ابن آدم مجبول على الأمل كما قال صلى الله عليه وسلم في الباب بعد هذا: «لا يزال قلب الكبير شابًا في حب الدنيا وطول الأمل» (24).
6- التوسع المذموم في المباحات:
فإنَّ قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة، الأكل، والنوم، والكلام، والمخالطة.
قال أبو سعيد الخادمي: وفي كثرة النوم ضياع العمر، وفوت التهجد، وبلادة الطبع، وقسوة القلب، وفي كثرة الطعام، قسوة القلب (25).
قال الفضيل: ثلاث خصال تقسي القلب: كثرة الأكل، وكثرة النوم، وكثرة الكلام.
قال أبو سليمان الداراني: إنَّ النفس إذا جاعت وعطشت، صفا القلب ورقَّ، وإذا شبعت ورويت، عمي القلبُ (26).
7- كثرة مخالطة الناس في غير مصلحة:
قال المناوي: مخالطة غير التقي، يخل بالدين، ويوقع في الشبه والمحظورات، ... إذ لا تخلو عن فساد، إمَّا بمتابعة في فعل، أو مسامحة في إغضاء عن منكر، فإن سلم من ذلك- ولا يكاد - فلا تخطئه فتنة الغير به (27).
وقال ابن القيم: إن فضول المخالطة هي الداء العضال، الجالب لكلِّ شرٍّ، وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من حزازات، تزول الجبال الراسيات، وهي في القلوب لا تزول، ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة (28).
8- عدم الرحمة بالخلق والإحسان إليهم:
عن عائشة، رضي الله عنها قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: تقبِّلون الصِّبيان؟ فما نقبِّلهم، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرَّحمة» (29).
قال المناوي: لأنَّ الرحمة تتخطى إلى الإحسان إلى الغير، وكل من رحمته رقَّ قلبك له فأحسنت إليه، ومن لم يعط حظه من الرحمة غلظ قلبه وصار فظًّا، لا يرقُّ لأحد ولا لنفسه، فالشديد يشدُّ على نفسه ويعسر ويضيق، فهو من نفسه في تعب، والخلق منه في نصب، مكدوح الروح، مظلم الصدر، عابس الوجه، منكر الطلعة، ذاهبًا بنفسه، تيهًا وعظمةً، سمين الكلام، عظيم النفاق، قليل الذكر لله وللدار الآخرة، فهو أهل لأن يسخط عليه، ويغاضبه ليعاقبه (30).
وفي الحديث «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به» (31).
قال المناوي: المراد نفي الإيمان الكامل، وذلك لأنَّه يدل على قسوة قلبه، وكثرة شحه، وسقوط مروءته، وعظيم لؤمه، وخبث طويته (32).
9- الكسل والفتور:
وقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الكسل، كما في الحديث: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل» (33).
قال المناوي: الكسل.. والفتور عن القيام بالطاعات الفرضية، والنفلية، الذي من ثمراته قسوة القلب (34).
10- التعصب للرأي وكثرة الجدال:
قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
قال الشافعي: المراء في العلم، يقسي القلوب، ويورث الضغائن (35).
11– الابتداع في الدين:
قال تعالى: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: 5].
وقال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112].
قال السعدي: أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومن معه، من المؤمنين، أن يستقيموا كما أمروا، فيسلكوا ما شرعه الله من الشرائع، ويعتقدوا ما أخبر الله به من العقائد الصحيحة، ولا يزيغوا عن ذلك يمنةً ولا يسرةً، ويدوموا على ذلك، ولا يطغوا بأن يتجاوزوا ما حده الله لهم من الاستقامة (36) (37).
نتائج وآثار تحجر القلب:
1- ضعف الإيمان، وسرعة قبول الشبهات، والوقوع في الفتنة والضلال، قال تعالي: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [الحج: 53].
فمعنى قوله: {وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} أي: الغليظة، التي لا يؤثر فيها زجر ولا تذكير، ولا تفهم عن الله وعن رسوله لقسوتها، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان، جعلوه حجة لهم على باطلهم، وجادلوا به وشاقوا الله ورسوله، ولهذا قال: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} أي: مشاقة لله، ومعاندة للحق، ومخالفة له، بعيد من الصواب، فما يلقيه الشيطان، يكون فتنة لهؤلاء الطائفتين، فيظهر به ما في قلوبهم، من الخبث الكامن فيها (38).
2- الفتور عن الطاعة، والوقوع في المحرمات، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- شيوع الكراهية والبغضاء والتنافر بين قلوب الناس قال تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
4- زوال النعمة ونزول المصائب: قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)} [الأنعام: 42- 44].
فمعنى قوله: {وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ}: أنه لم يكن فيها لين يوجب التضرع، ولم ينزجروا وإنما ابتلوا به {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي: من الشرك؛ فالاستدراك على المعنى لبيان الصارف لهم عن التضرع، وأنه لا مانع لهم إلا قساوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم المزينة لهم (39).
علاج تحجر القلوب:
العلاج لما يحيك في هذه الصدور هو مداواتها بتدبر القرآن بالله عليك تأمل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57].
فتحجر القلب، وطول الأمد والتسويف هي العوامل الأساسية للغفلة وإيثار الدنيا والخشية والذكر: هي العوامل الأساسية لإيثار الآخرة، ثم عرض الدنيا في حقيقتها بقوله: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: 20].
فوصف الداء والدواء معا في هذا السياق فالداء: هو الغرور، والدواء: هو المسابقة إلى مغفرة من الله ورضوانه (40).
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]
هذا القرآن له سحر عجيب في إحياء القلب وتحريك النفوس وعمارتها بالشوق لباريها جل وعلا وسر ذلك أن هذا القرآن له سطوة خفية مذهلة في صناعة الاخبات والخضوع في النفس البشرية كما يقول تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 54].
كما يصور الحق تبارك وتعالى ذلك بقوله: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللهِ} [الزمر: 23].
وكما ينزل الماء من السماء فينبت لهم به زرعًا مختلفًا ألوانه كذلك ينزل من السماء ذكرًا تتلقاه القلوب الحية فتفتح وتنشرح وتتحرك حركة الحياة، وتتلقاه القلوب القاسية كما تتلقاه الصخرة القاسية التي لا حياة فيها ولا نداوة! والله يشرح للإسلام قلوبًا يعلم منها الخير، ويصلها بنوره فتشرق به وتستضيء والفرق بين هذه القلوب وقلوب أخرى قاسية فرق بعيد.
وهذه الآية تصور حقيقة القلوب التي تتلقى الإسلام فتنشرح له وتندى به وتصور حالها مع الله حال الانشراح والتفتح والنداوة والبشاشة، والإشراق والاستنارة كما تصور حقيقة القلوب الأخرى في قساوتها وغلظتها وموتها وجفافها، وعتمتها وظلامها ومن يشرح الله صدره للإسلام ويمد له من نوره، ليس قطعًا كالقاسية قلوبهم من ذكر الله وشتان شتان بين هؤلاء وهؤلاء (41).
-----------
(1) تفسير القرطبي (1/ 462).
(2) تفسير السعدي (ص: 722).
(3) بدائع الفوائد (3/ 224).
(4) تفسير ابن كثير (7/ 55).
(5) قسوة القلب/ منتديات الألوكة.
(6) إحياء علوم الدين (4/ 484).
(7) تفسير ابن كثير (8/ 20).
(8) في ظلال القرآن (6/ 3489).
(9) التحرير والتنوير (7/ 229).
(10) تفسير السعدي (ص: 55).
(11) تفسير الطبري (2/ 234).
(12) تفسير أبي السعود (8/ 233).
(13) أخرجه الترمذي (3334).
(14) رسالة المسترشدين للمحاسبي (ص: 155).
(15) في ظلال القرآن (2/ 858- 859).
(16) تفسير ابن كثير (3/ 66).
(17) الزهد لابن أبي حاتم (ص: 8).
(18) أخرجه البخاري (3302)، ومسلم (51).
(19) فيض القدير للمناوي (4/ 607).
(20) بدائع الفوائد (3/ 743).
(21) الفوائد لابن القيم (1/ 98).
(22) فيض القدير (5/ 417).
(23) أخرجه البخاري (6417).
(24) شرح صحيح البخاري لابن بطال (10/ 150).
(25) ريقة محمودية (4/ 97).
(26) الجوع لابن أبي الدنيا (1/ 188).
(27) فيض القدير (6/ 525).
(28) بدائع الفوائد (2/ 498).
(29) أخرجه البخاري (5998).
(30) فيض القدير للمناوي (1/ 689).
(31) صحيح الجامع (5505).
(32) فيض القدير (5/520).
(33) أخرجه البخاري (2823) ومسلم (2722).
(34) فيض القدير (1/ 278).
(35) تفسير ابن رجب الحنبلي (1/ 457).
(36) تفسير السعدي (1/ 390).
(37) أسباب قسوة القلب والغلظة والفظاظة/ الدرر السنية.
(38) تفسير السعدي (ص: 542).
(39) تفسير القاسمي (4/ 359).
(40) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (8/ 506).
(41) في ظلال القرآن (5/ 3048).