logo

الطائفة الدرزية في الموازين الشرعية


بتاريخ : السبت ، 5 ربيع الآخر ، 1447 الموافق 27 سبتمبر 2025
بقلم : تيار الإصلاح
الطائفة الدرزية في الموازين الشرعية

الدروز طائفة سرية من طوائف الباطنية يتظاهرون بالإسلام، ويلبسون أحيانًا لباس التدين والزهد والورع، ويظهرون الغيرة الدينية الكاذبة، ويتلونون ألوانًا عدة من الرفض والتصوف وحب آل البيت، ويزعمون أنهم حملة لواء الإصلاح بين الناس وجمع شملهم ليلبسوا على الناس ويخدعوهم عن دينهم، حتى إذا سنحت لهم الفرصة وقويت شوكتهم ووجدوا من الحكام من يواليهم وينصرهم ظهروا على حقيقتهم، وأعلنوا عقائدهم وكشفوا عن مقاصدهم، وكانوا دعاة شر وفساد ومعاول هدم للديانات والعقائد والأخلاق.

يتبين ذلك لمن تتبع تاريخهم وعرف سيرتهم من يوم وضع عبد الله بن سبأ اليهودي أصولهم وبذر بذورهم فورثها لاحقهم عن سابقهم وتواصوا بها وأحكموا تطبيقها واستمر ذلك إلى وقتنا الحاضر.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحه الله: كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون، بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم، لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين، بل هم الكفرة الضالون، فلا يُباح أكل طعامهم، وتسبى نساؤهم، وتؤخذ أموالهم، فإنهم زنادقة مرتدين لا تقبل توبتهم، بل يقتلون أينما ثقفوا، ويلعنون كما وصفوا، ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ، ويجب قتل علمائهم وصلحائهم، لئلا يضلوا غيرهم، ويحرم النوم معهم في بيوتهم، ورفقتهم، والمشي معهم، وتشييع جنائزهم إذا علم موتها، ويحرم على ولاة أمور المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم المقام عليه (1).

إذا كان هذا هو حكم شيخ الإسلام في هذه الطائفة، فلماذا كان هذا الحكم بهذه الدرجة من القسوة كما يظن البعض، لكن دعونا نفهم هذه الطائفة ونعرف معتقداتهم وأفكارهم، وماذا كان من خيانتهم للإسلام والمسلمين، وتآمرهم مع الأعداء واستخدامهم من قبلهم للنكاية بالأمة الإسلامية والنيل منها ومحاولة القضاء عليها في القديم والحديث، منذ نشأتها وحتى الآن.

هم طائفة من غلاة الباطنية، يعتقدون ألوهية الحاكم بأمره، انشقوا عن الإسماعيلية في الظاهر وإن كانوا متفقين معهم في جوهر عقائدهم.

وقد تفرعت هذه العقيدة من المذهب الإسماعيلي الشيعي، لكنها سرعان ما اتخذت طريقًا فكريًا وروحيًا مستقلًا، مبتعدة عن العقيدة الإسماعيلية التقليدية، لتؤسس نظامًا دينيًا خاصًا.

تنسب هذه الطائفة إلى أحد دعاة الباطنية الذين قالوا بألوهية الحاكم العبيدي، ويسمى هذا الداعي محمد بن إسماعيل، ويقال له: درزي، من أصل فارسي ويعرف بـ (نشتكين)، قدم إلى مصر ودخل في خدمة الحاكم ثم كان أول من أعلن ألوهية ذلك الحاكم المفتون، ودعا الناس إلى عبادته وتوحيده، وادعى أن الإله حل في علي بن أبي طالب، وأن روح علي انتقلت إلى أولاده واحدًا بعد واحد حتى انتقلت إلى الحاكم، وقد فوض إليه الحاكم الأمور بمصر ليطيعه الناس في الدعوة.

ولم يكن نشتكين في هذا الميدان وحده، بل كان معه ضال آخر فارسي أيضًا يسمى (حمزة بن علي الزوزني) من أهالي زوزن بإيران، وكان له الأثر البارز في تاريخ الدروز فيما بعد، بل هو زعيم المذهب الدرزي ومؤسسه.

وقد بدأ درزي في إعلان مذهبه الهدام بتأليف كتاب أعلن فيه ألوهية الحاكم، ثم جاء به إلى أشهر مكان في القاهرة -الجامع الأزهر- وبدأ يقرأه على الناس، فأحدث ضجة يبن الناس، وثارت غيرتهم الإسلامية وأرادوا قتله فهرب واختفى عند الحاكم فأعطاه مالًا وأمره أن يخرج إلى الشام لينشر الدعوة هناك، فخرج إليها ونزل بوادي تيم الله بن ثعلبة غربي دمشق، فدعاهم إلى تأليه الحاكم ونشر فيهم مبادئ الدروز ووزع فيهم المال فاستجابوا له، حيث أخذ ينشر مذهبه إلى أن هلك سنة 410هـ مقتولًا.

لكن المؤسس الفعلي للعقيدة الدرزية هو حمزة بن علي بن أحمد، الذي يُعتبر أول الدعاة وأبرز المنظرين للعقيدة، وقد قدّم ما يُعرف بـ ”رسائل الحكمة”، وهي مجموعة من النصوص الفلسفية والدينية التي تُعد المرجع العقائدي الأول للطائفة، شاركه في الدعوة كل من إسماعيل التميمي وبهاء الدين أبو الحسن الزوزني، الذين ساهموا في صياغة المفاهيم العقائدية الجديدة للطائفة، ولما توفي الحاكم وتولى ابنه على الملقب الظاهر لإعزاز دين الله، وتبرأ من الدعوة إلى تأليه أبيه طوردت الدعوة في مصر، ففر حمزة إلى الشام وتبعه بعض من استجاب له واستقر أكثرهم في المقاطعة التي سميت فيما بعد (جبل الدروز) في سورية.

أبرز أسمائهم:

1- الدروز:

هذا هو الاسم المشهور عنهم والمتداول على ألسنة الناس، وهو نسبة إلى نشتكين الدرزي، وقد رأينا أنه مع شهرة هذا الاسم عنهم إلا أنهم لا يحبون أن يطلق عليهم؛ لأنه ينسبهم إلى درزي المذكور وهم قد انحرفوا عن موالاته بعد أن اختلف هو وحمزة بن علي، وصاروا بعد ذلك يلعنونه ويحكمون عليه بالضلال والكفر بمبادئهم لما سبق ذكره.

2- الموحدين:

هذا هو الاسم الذي يحبونه ويطلقونه على أنفسهم في كتبهم التي يقدسونها.

ويجب ملاحظة أن هذه التسمية لا تعني توحيد الله عز وجل الذي يعبده المؤمنون، ولكن معناها الإخلاص في توحيد الحاكم بأمره حيث يذكر حمزة ابن علي الزوزني ذلك بقوله: التوحيد لمولانا عوض الشهادتين (2).

وهذه العقيدة على تفاهتها وجدت من يستمع لها ويدين بها إلى وقتنا الحاضر مع شدة حرصهم على كتمانها، الأمر الذي جعل المعلومات حولهم ناقصة جدًا ومتضاربة في كثير منها، وهي في مجملها تتألف من أفكار شتى ونظريات مختلفة فلسفية وهندية ويونانية وفارسية وفرعونية، ثم أحاطوها بالسرية الكاملة لا يبيحون لأحد أن يطَّلع عليها غيرهم، كما لا يبيحون لأحد منهم أن يفشي سرًا من أسرارها.

ولا مانع مع الحفاظ على هذا التكتم أن يتظاهر الدرزي -كما أوصاه علماؤه- بإنكار هذه المبادئ أمام الآخرين إذا لم تكن له قوة أمامهم، مستعملًا في ذلك ما بوسعه من النفاق والكذب والخداع، وأن يظهر لكل أهل مذهب الرضى عن مذهبهم والسلوك في سبيلهم على طريقة الباطنية.

وقد قام أحد علماء الدروز ويسمى عبد الله النجار بإصدار كتابه مذهب الدروز والتوحيد، وبيَّن حقيقة هذا المذهب، فقامت ضجة حوله وحول كتابه، وحاكمه مشايخ الدروز لفضحه أسرار المذهب، وجمعوا نسخ الكتاب من الأسواق وأحرقوها، وقد استغلوا أحداث لبنان واغتالوا النجار، والذي ذكر من اعتراضه على بعضهم: وإني لأذكر عتاب كبير الأشياخ الثقات؛ لأني ذكرت في أحد الكتب المطبوعة أن أم الحاكم كانت صقلية؛ إذ قال لي: إن الحاكم لا أم له، مرددًا ما جاء في الرسالة 26: حاشا مولانا جل ذكره من الابن والعم والخال (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد (3).

ولا شك أن قيامهم بمثل هذا الإجرام يعتبر دليلًا واضحًا على معرفتهم برداءة مذهبهم وبطلانه؛ إذ الحق لا يخاف صاحبه من إظهاره؛ بل يحب ويتودد إلى الناس لنشره وانتفاع الناس به.

أماكن تواجدهم:

1. في سوريا: ويسكنون في محافظة السويداء، جبل حوران أو جبل الدروز أو جبل العرب كما يقال له، ويعيش منهم في هذه المنطقة أكثر من ثلاث وسبعين قرية.

2. في لبنان: ويسكنون في عدة مناطق منه؛ في الغرب الأسفل، وفي الغرب الأعلى، وفي الشحار والمناصف، وفي الجرد، وفي العرقوب والباروك والجرد الشمالي، وفي الشوف.

3. في فلسطين: عند جبل الكرمل وصفد.

4. في بلاد المغرب بالقرب من مدينة تلمسان قبيلة تعرف ببني عبس تدين بالعقيدة الدرزية دون أن يعرف جيرانهم حقيقة مذهبهم.

وعلماء الدروز من أشد الناس تسترًا على مبادئهم حتى من الموالين لهم، فلا يطلعون أحدًا على أسرار المذهب إلا بعد أن يجتاز امتحانات كثيرة من قبل هؤلاء المشايخ الذين هم بمنزلة السلطة العليا.

وقد وصف محمد كامل حسين ذلك بقوله: وهم من الناحية الدينية ينقسمون إلى عقال أو أجاويد، أي الذين لهم الحق في معرفة شيء من العقيدة السرية، وبين جهال أي الذين ليس لهم الحق في معرفة أسرار الدين.

والعقال ينقسمون بدورهم إلى درجات ثلاث؛ ففي مساء كل يوم جمعة يجتمع العقال في أماكن العبادة التي تعرف بالخلوات (جمع خلوة) بسماع ما يتلى عليهم من الكتاب المقدس، وبعد تلاوة المقدمات يخرج من الخلوة الطبقة الدنيا من العقال، ثم بعد تلاوة بعض الرسائل البسيطة التي ليس بها تأويلات تخرج الطبقة الثانية بحيث لا يبقى إلا رجال الدرجة الأولى الذين لهم وحدهم الحق في سماع الأسرار العليا للعقيدة.

أما الجهال فلا يسمح لهم بحضور هذه الخلوات أو بسماع شيء من الكتب المقدسة إلا في يوم عيدهم، وهو يوافق عيد الأضحى عند المسلمين، على أن طبقة الجهال يسمح لهم بأن ينتقلوا إلى طبقة العقال بعد امتحان عسير شاق، يقوم على ترويض النفس وإخضاع شهواتها مدة طويلة؛ إذ لا يقبل في طبقة العقال من يدمن التدخين مثلًا، وقد يستمر الامتحان أكثر من سنة بأكملها حتى يثق الشيوخ بأحقية الطالب أن ينتقل من طبقة الجهال إلى طبقة العقال (4).

والنساء في المجتمع الدرزي ينقسمن أيضًا إلى عاقلات وجاهلات مثل الرجال تمامًا، لا فرق بين المرأة والرجل.

أما الحاكم عندهم فقد رفعه قوم إلى درجة الألوهية وهم الدروز، واعتقد فيه قوم أنه إمام المسلمين وخليفة رب العالمين وهم الإسماعيلية الفاطميون، وذهب أكثر المؤرخين إلى أنه كان شاذ الطباع مريضًا بالعقل، يأتي بأعمال تضحك الثكلى تدل على الجنون.

إن الحاكم أمر الرعية إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا على أقدامهم صفوفًا إعظامًا لذكره واحترامًا لاسمه، فكان يفعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين.

وكان أهل مصر على الخصوص إذا قاموا خروا سجدًا حتى إنه يسجد بسجودهم في الأسواق وغيرها، وكان جبارًا عنيدًا وشيطانًا مريدًا، كثير التلون في أقواله وأفعاله (5).

كان يدور بنفسه في الأسواق على حمار له وكان لا يركب إلا حمارًا -فمن وجده قد غش في معيشة أمر عبدًا له يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمى، وهو منكر لم يسبقه إليه أحد، وأما القتلى فقد قدر بعض العلماء ضحايا الحاكم بثمانية عشر ألف شخص من مختلف الطبقات (6).

البنية الاجتماعية والثقافية للدروز:

يُعرف المجتمع الدرزي بترابطه القوي، وتمسكه بعاداته وتقاليده التي تتكامل مع تعاليم العقيدة، ومن أبرز سماته:

الزواج الداخلي: لا يُسمح عادة بالزواج من خارج الطائفة.

تمييز طبقي ديني: بين العقال والجهّال، حيث يحتفظ العقال بالأسرار الدينية ويتزهدون في الحياة.

الحرص على التعليم والاندماج المدني: حيث يشجع الدروز على التحصيل العلمي والانخراط في مؤسسات الدولة، مع الحفاظ على خصوصيتهم الدينية.

معتقدات الطائفة الدرزية:

يستمد الدروز عقائدهم من مجموعة من الرسائل تبلغ (111) رسالة أطلقوا عليها "رسائل الحكمة" وهي رسائل منسوبة إلى أئمتهم كحمزة بن علي والمقتني بهاء الدين وغيرهم، وقد أصبحت هذه الرسائل بالنسبة للدروز بعد غيبة هؤلاء الأئمة قائمة بالأمر والنهي والتحليل والتحريم.

وعقائد الدروز تدور كلها حول تأليه الحاكم بأمر الله، والزعم بأن الله سبحانه وتعالى حل فيه، ويعتقد الدروز أن الحاكم هو الصورة الإنسانية للإله..

الجانب الثاني من معتقدات الدروز هو إسقاط التكاليف ونقض الشريعة، وتعاليم الدروز كلها تقريبًا تهدف إلى هذا الجانب وتؤكد أن دعوة الحاكم هدفها الرئيسي ليس هدم الشريعة الإسلامية الظاهرة فحسب، بل تهدف أيضًا إلى إلغاء التأويل الباطني للشريعة الذي تبناه غلاة الشيعة كالإسماعيلية، ورسائل الدروز المقدسة تفيض بالنصوص التي تشير إلى هذا (7).

– يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله، ويعتقدون بغيبته ورجوعه، لقد كان حمزة بن علي مؤسس العقيدة الدرزية والملقب في "مصحف المنفرد بذاته" بالرقيب العتيد، قد وضع ميثاقًا أطلق عليه ميثاق ولي الزمان، ذهب فيه إلى تأليه الحاكم بأمر الله تأليهًا صريحًا، وأوجب على كل من يمارس شعائر دينه أن يعترف بكل محتوياته، وأن يتعهد بالإيمان بكل فقراته.

على أن "مصحف المنفرد بذاته" أحيانًا لا يكتفي في "أعرافه" بمجرد تأليه الحاكم بأمر الله وسوق عبارات تسبيحه، وإنما يعمد إلى استعمال تعبيرات وتوجيهات واتهامات.. فيها الكثير من ألفاظ الضلال والمخادعة والكفر والنفاق (8).

ومن يطَّلع على هذا الكتاب تقع عيناه على عبارات تأليه الحاكم بأمر الله في كل "عرف" من "أعرافه" وفي أكثر صفحاته، ثم هو بعد ذلك محاولة لتقليد أسلوب القرآن الكريم، ويضم عددًا غير قليل من آيات القرآن الكريم، ولكنه يجريها في خدمة تأليه الحاكم بأمر الله، هذا فضلًا عن تحريف كثير من آيات القرآن الكريم، أو الإتيان بآية من هنا وجملة قرآنية من هناك، ومحاولة الربط بينها والذهاب بها جميعًا بعيدًا عن معنى النص القرآني وتكريسها لهدف تأليه الحاكم بأمر الله الفاطمي (9).

- التقمص والتناسخ: يؤمن الدروز بعقيدة التقمص؛ بمعنى أن الإنسان إذا انتهت حياته وصعدت روحه فإنها لا تذهب إلى الحياة البرزخية المعترف بها عند المذاهب الإسلامية، ولكنها تتقمص مولودًا جديدًا.

- النطق: النطق هو أن الروح حين تنتقل من جسد إلى جسد تحمل معلومات عن دورها في الجيل السابق، يعني في الجسم الذي كانت تتقمصه قبل قميصها الحالي، وفي هذه الحالة تتحدث أو تنطق بما تذكره من وقائع عن حياتها السابقة.

- الثواب والعقاب: يكون الثواب والجزاء بمقدار ما تكتسب النفس من المعرفة والعقيدة في أدوار تقمصها المتعاقبة، وانتقالها من جسد إلى جسد.

- يوم الدين: يوم الحساب في العقيدة الدرزية ليس يوم قيامة، إذ ليس فيه موت للأرواح ولا قيامة لها ولا بعث ولا نشور، فالأرواح لا تموت لتبعث ولا تنام لتوقظ، بل إن يوم الحساب أو الدينونة نهاية مراحل الأرواح وتطورها، إذ يبلغ التوحيد- حسب العقيدة الدرزية- غايته من الانتصار على العقائد الشركية، وينتهي الانتقال والمرور في الأقمصة المادية لتتصل الأرواح الصالحة بالعقل الكلي كل على قدر تكاملها، هذا هو يوم الحساب في العقيدة الدرزية فهو نهاية النهايات، أما العقاب فهو العذاب عن التقصير في الوصول إلى هذه الدرجات وتلك المراتب والغايات.

يقول أحمد الخطيب معلِّقًا: وقد جعل الدروز بدل أركان الإسلام سبعة خصال توحيدية، وهم يعتقدون بتناسخ الأرواح، وانتقالها إلى الأجساد الإنسانية، لهذا فإنهم لا يعتقدون بالجنة والنار والثواب والعقاب فالثواب يكون بانتقال الروح إلى منزلة أرفع حينما تنتقل من جسد إلى جسد، ويكون العقاب بتدني منزلتها. أما القرآن الكريم فإنهم يقولون أنه من صنع سلمان الفارسي والذي هو حمزة في عصر الحاكم (10).

- إنكارهم التكاليف: ويضيف غالب عواجي إلى هذه الاعتقادات المذكورة سالفًا، إنكار الدروز لمجموع التكاليف الشرعية، حيث يقول: لا يؤمن الدروز بوجوب القيام بتلك التكاليف التي جاء بها الشرع في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، وقد جعلوا للمكلف طريقة يستطيع أن يتخلص بها من كل تكليف أو عمل، وهي ما بينها عنهم الدكتور محمد كامل حسين بقوله: واتخذوا لهم فرائض أطلقوا عليها الفرائض التوحيدية، وهي معرفة الباري (أي الحاكم) وتنزيهه عن جميع الصفات والأسماء، ثم معرفة الإمام قائم الزمان وهو حمزة بن علي بن أحمد وتمييزه عن سائر الحدود (أي كبار دعاتهم)، ووجوب طاعته طاعة تامة، ثم معرفة الحدود بأسمائهم وألقابهم ومراتبهم ووجوب طاعتهم، فإذا اعترف الإنسان بهذه الفرائض التوحيدية الثلاثة أصبح موحدًا، وليس عليه أن يقوم بتكاليف أي فريضة من الفرائض، ومعنى هذا أن شريعة الدروز تتلخص في إسقاط الفرائض الدينية التكليفية وعدم إقامة الفرائض الدينية الإسلامية (11).

– ينكرون جميع أحكام الإسلام من صلاة وحج وصيام وتحريم للميتة والخمر، فلا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام، وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في لبنان، ولا يزورون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق.

– يزعمون أن شريعة محمد بن إسماعيل نسخت شريعة محمد بن عبد الله.

- يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض، وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد.

– لا يؤمنون بجنة ولا بنار؛ وإنما يؤمنون بتناسخ الأرواح.

– يبغضون جميع أهل الديانات الأخرى لا سيما المسلمون، ويستبيحون دماءهم وأموالهم.

– لا يؤمنون بالأنبياء سوى أنبيائهم المزعومين، وهم: حمزة، إسماعيل، محمد الكلمة، أبو الخير وبهاء.

- يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض، وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد.

- لا يتلقى الدرزي عقيدته، ولا يبوحون بها إليه، ولا يكون مكلفًا بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين وهو سن العقل لديهم.

- ويؤمن الدروز بميثاق ولي الزمان وهو قسم أزلي يصبح به الشخص درزيًا، وتدين الطائفة الدرزية بمذهب التوحيد، وقد تأثرت تلك العقيدة بتيارات فلسفية ودينية متعددة ومن أصول مختلفة.

وهكذا نرى أن الدروز كوَّنوا لهم دينًا جديدًا استمدوه من بعض الوثنيات القديمة، والفلسفة اليونانية، وبعض التصورات المسيحية، وخلطوا ذلك كله، بل بنوه على بعض آراء الشيعة الإسماعيلية، ومن ثم لا ينبغي أن يُعَدُّوا من المسلمين، أو يُعامَلوا معاملة الفرق الإسلامية (12).

ويبرز مبدأ السرية في نشر الأفكار كأحد أسس العقيدة الدرزية، ويؤمن الدروز بوحدانية الله المطلقة وأن الله هو الخالق والمتحكم الأزلي في الكون وأن العقل البشري غير قادر على استيعاب عظمته، كما يؤمنون بالقرآن الكريم، ولكنهم يفسرونه تفسيرًا باطنيًا خاصًا بهم بعيدًا عن المعاني الواضحة في النص.

وللدروز كتاب يسمى رسائل الحكمة ألفه حمزة بن علي بن أحمد الزوزاني، وهو تفسير للقرآن، ويمنع الاطلاع على هذا الكتاب من قبل أي شخص سوى شيوخ الطائفة الدرزية الذي يعرفون بـ ”شيوخ العقل”.

ويعزز هذا من سرية تعاليمهم ومدى تعقيد وخصوصية عقيدتهم، ورغم أن العقيدة الدرزية تطورت في الأصل من الإسماعيلية إلا أن الدروز لا يعرفون أنفسهم كمسلمين، ويعتمد بعضهم ذلك لأسباب سياسية بحتة، كشكل من أشكال التقية حفاظًا على دينهم وسلامتهم وتجنبًا لأي خلاف مع المسلمين.

ويعد النبي شعيب شخصية محورية في العقيدة الدرزية، حيث يحتفى بذكراه، ويكرم بشكل خاص، وينظر إليه كمرشد روحي ومؤسس للأفكار والمبادئ الدينية للطائفة، ويعتقد الدروز أن تعاليم النبي شعيب تشكل الأساس الروحي لمذهبهم؛ ولكن هذا الاعتقاد بعيدًا عن الحقيقة التاريخية والشرعية.

وللدروز أماكن مقدسة عديدة؛ منها مقام النبي شعيب في فلسطين، ومقام الخضر في كفر ياسيف، ومقام الأمير سيد في عبيا في لبنان، ومقام السيد المسيح في السويداء بسوريا، وتعتبر خلوات البياضة في لبنان من أشهر أماكن العبادة، وللدروز عدة أعياد دينية منها عيد النبي شعيب، وعيد الخضر، وعيد سيدنا أبو عبد الله.

ويؤمن الدروز بتناسخ الأرواح أي رجوع الروح البشرية إلى الحياة بمجرد وفاة صاحبها، وذلك عن طريق انتقالها إلى جسد مولود آخر، ويتميز المجتمع الدرزي بالتماسك والانغلاق، حيث من النادر أن تجد درزيًا متزوجًا من خارج الطائفة أو العكس.

كما يَمنع رجال الدين أو العقال تعدد الزوجات، لأن ذلك في نظرهم يضرب في مبدأ الإنصاف بين الجنسين، ويؤمن الدروز بالظهور الإلهي ويعتبرون أن الله يتجلى في بعض البشر، كما يعترفون بوجود سبعة أنبياء رئيسيين، وهم آدم ونوح وإبراهيم وموسى ومحمد عليه الصلاة والسلام، ومحمد بن إسماعيل الدرزي وأخيرًا حمزة بن علي.

إن النتيجة التي يخرج بها الباحث في مذهب هذه الطائفة - كما يقول أحمد الخطيب: أن هذا المذهب لا صلة له بالإسلام والمسلمين، وكل مزاعم أتباع هذا المذهب عن إسلاميتهم إنما هو طريق من طرق السرية والنفاق أمام المسلمين، ومع أن هذا الأمر لا يعرفه عامة المسلمين، إلا أنه معروف لدى علماء الإسلام قديمًا وحديثًا، ولم يعاملهم من يعرف حقيقتهم إلا على هذا الأساس، ولهذا فقد أفتى علماء المسلمين بعدم صحة حكم القاضي الدرزي على المسلمين، لأن الدرزي لا ملة له كالمنافق والزنديق وإن سمَّى نفسه مسلمًا، ولا تُقبل شهادتهم على أحد سواء كان مثلهم في الاعتقاد أو مخالفًا لهم (13)..

منذ تأسيس دولة إسرائيل، وقد أثبتت الدروز التضامن مع روح الحركة الصهيونية، بينما ينأون بأنفسهم عن المواضيع العربية والإسلامية التي تبناها نظراؤهم المسيحيون والمسلمون.

وتمشيا مع الممارسات الدينية الدرزية وهي خدمة الدولة التي يعيشون فيها، خلافًا لنظرائهم المسيحيين والمسلمين، يتم تجنيد بشكل إجباري للذكور الدروز في جيش الدفاع الإسرائيلي.

وشجعت الحكومة الإسرائيلية على هوية منفصلة وهي الهوية "الدرزية الإسرائيلية " والتي اعترفت بها رسميا من قبل الحكومة الإسرائيلية حيث تم فصل الطائفة الدرزية عن المجتمع الإسلامي والديانة الإسلامية وجعلها ديانة مستقلة في القانون الإسرائيلي في وقت مبكر من عام 1957.

وللطائفة الدرزية في إسرائيل مركز متميز بين الأقليات في إسرائيل، حيث يتولى أبناؤها مناصب مهمة في حقول السياسة والحياة العامة والجيش.

------------

(1) فتاوي شيخ الإسلام (35/ 161- 162).

(2) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص: 278).

(3) مذهب الدروز والتوحيد (ص: ١٠٥- ١٠٦)، عن الحركات الباطنية (ص: ٢٣٧).

(4) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (2/ 610).

(5) حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (1/ 601).

(6) فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (2/ 613).

(7) دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين (الخوارج والشيعة) (ص: 392- 400).

(8) إسلام بلا مذاهب (ص: 275) فما بعدها.

(9) المصدر السابق.

(10) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص: 217).

(11) فرق معاصرة (ص: 628- 629).

(12) دراسة عن الفرق (ص: 405- 406).

(13) الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (ص: 315).