الخطبة المكتوبة وقتل المواهب
الخطابة فن مشافهة الجمهور للتأثير عليهم أو استمالتهم، وقد يزيد بعض الناس كونها بكلام بليغ، إلا أن هذا القيد شرط كمال يكون حسب حالة المخاطبين؛ لأن حقيقة البلاغة في الكلام إنما هي مطابقة الكلام لمقتضيات الأحوال، وقد يقتضي الحال أحيانًا أن يتخلى الخطيب عن الأساليب البلاغية الصناعية.
فالخطابة كلام جيد المعاني، متين الأسلوب، مؤثر في من يستمع إليه، يخاطب به جمهور من الناس، بهدف استمالته إلى رأي معين، أو إقناعه بفكرة، أو إرشاده إلى طريق يسير فيه، أو منعه من الانحراف في ضلالة.
والخطابة هي من أقدم فنون النثر؛ لأنها تعتمد علي المشافهة في مخاطبة الجماهير، بغية الإقناع والإمتاع، وجذب انتباههم وتحريك مشاعرهم، وذلك يقتضي من الخطيب تنوع الأسلوب، وجودة الإلقاء، وتحسين الصوت، ونطق الإشارة بكلام بليغ وجيز، وهي قطعة من النثر الرفيع، قد تطول أو تقصر حسب الحاجة لها.
ومن هذه التعريفات السابقة نستخلص عناصر الخطبة وأركانها، فنجد ضرورة وجود الآتي:
فن؛ أي: خبرة، ومعرفة، ومرانة، وملكة.
مخاطبة؛ أي: مشافهة، ومواجهة.
خطيب؛ أي: لا مقرئ أو مُلقٍ يقرأ كتابًا أو يلقي موضوعًا.
جمهور؛ أي: جمع كثير من المستمعين.
تأثير؛ أي: إثارة عواطف وتنبيه شعور.
وإذا ما انعدم عنصر أو ركن من الخمس افتقدت الخطابة جزءًا مهمًا منها، ولا ينبغي أن تسمى خطابة؛ للآتي:
أ- لأنه إذا انعدم الفن والخبرة كان الكلام تهريجًا.
ب- وإذا عدمت المخاطبة كان تلاوةً أو ترديدًا.
ت- وإذا لم يوجد جمهور كان الكلام حديثًا أو وصيةً.
ث- وإذا لم يوجد خطيب كان إلقاءً، وقد يكون بالنيابة عن غيره.
ج- وإذا لم يحصل تأثير كانت عديمة الثمرة ومضيعةً للوقت.
يقول الشيخ على محفوظ: «ما أعظم مكانة الخطيب في النفوس، وأنفذ كلامه في القلوب، وأشد إثارته للعواطف، والخطيب أمير القوم الذي تتجه نحوه أنظارهم، وتحدق به أبصارهم، وتلتف حوله قلوبهم، وتترامى إليه آمالهم، يستلينهم بالقول إذا قسوا، ويستخضعهم به إذا عصوا، ويمتلك نفوسهم بالرغبة تارة وبالرهبة أخرى، وينفخ فيهم، وقت الحاجة، روح الحماس، فيقذف بهم الجبال فيدكونها بين يديه، ويلين لهم بالقول فإذا استوهبهم الأموال، بل الأرواح، وهبوها له، فوالله، إنها لمكانة سامية, وسلطان نافذ القوة في الأرواح, لا يدانيه نفوذ الأمراء وقوتهم الجبروتية في الأجسام»(1).
وتعتبر الخطابة أثرًا من آثار الرقي الإنساني، ومظهرًا من مظاهر التقدم الاجتماعي، ولهذا عني بها كل شعب، واهتمت بها كل الأمم في كل زمان ومكان، واتخذتها أداةً لتوجيه الجماعات، وإصلاح المجتمعات.
وقد كان للعرب في ذلك الحظ الأوفى، فحفلوا بها في الجاهلية، وساعد عليها وجود عدة أسباب اجتماعية أدت إلى ازدهارها ورفعة شأنها، فوصلت إلى القمة، وتوجت بالشرف والاعتزاز، من تلك الأسباب ما يأتي:
1- طبيعة مواضيع الخطابة: وهي إما حث على حرب، أو حض على سلم، وبطبيعة الحال لا يتعرض لهذه المواضيع إلا من كان سيدًا مطاعًا؛ لأنه الذي يُسمع قوله ويطاع أمره في مثل تلك المواقف، وهو الذي يملك إعلان الحرب وقبول الصلح.
2- التهاني أو التعازي، وإذا أرادت قبيلة أن تهنئ قبيلةً أخرى بمكرمة، كظهور فارس أو نبوغ شاعر أو غير ذلك، فإنها ستوفد من طرفها من يؤدي ذلك عنها، وبطبيعة الحال أيضًا لن تختار إلا من أشرافها ليمثلوها ويعبروا عنها.
3- المفاخرات والمنافرات، ومن عادة هذين الغرضين ألا يقعا إلا بين قبيلين عظيمين، يرى كل قبيل منهما أنه أعلى وأعظم من القبيل الآخر، فيرفع من شأنه ويحط من قدر من يقابله، وعليه فلن يتقدم لتعداد المفاخر إلا الفضلاء، كل ذلك يجعل مهمة الخطابة فاضلة نبيلة، ويرفعها إلى المكانة العالية.
خصائص الخطابة:
بالنظر إلى أنواع النثر من حكم وأمثال ووصايا ومفاخرات ونحوها وخطابة ومحاضرات، نجدها كلها ما عدا الخطابة والمحاضرة تسير في مجال فردي، ويتسم أغلبها بالاختصار والإيجاز، وتؤدى بأي أسلوب، ويؤديها أي إنسان.
أما الخطابة فهي تخص الجماهير، والخطيب قد يواجه جمهورًا مختلف الطبقات، متنوع المشارب، مختلف المسالك، وقد يشتمل على من لا يعرفهم ولا يعرفونه.
ثم هو يتقدم إليهم موجهًا ومرشدًا، وقد يكون آمرًا ناهيًا، فعليه أن يستميلهم إلى جانبه، ويقنعهم بمذهبه، ويقودهم إلى مسلكه، وقد تكون الفكرة جديدة عليهم، أو ثقيلة على نفوسهم؛ مما يؤدي إلى تردد أو امتناع، ومن ثم فعليه أن يروض نفوسهم وإن كانت جامحة، ويقنع أذهانهم وإن كانت معاندة، فيصبح قائدًا للجماهير الأبية، ومحققًا لرغباته من كافة سامعيه، على اختلاف وجهاتهم، وليس هذا بالأمر الهين، فقد يقدر الإنسان على ترويض الوحوش الكاسرة، وتذليل الحيوانات النافرة، ويعجز عن استمالة بعض النفوس؛ لأنها فوق هذا وذاك، كما شبههم عمر: الناس كجمل أنف.
الفرق بين الخطابة والمحاضرة:
أ- المحاضرة هي القصد إلى حقيقة علمية أو نظرية تلم بأطرافها، وتظهر غامضها، وتزيل لبسها، وعليه فهي تعتمد الحقائق لا الخيالات، وتخاطب العقول لا العواطف، وتستهدف العلم لا الإثارة، وتخص غالبًا المثقفين.
ب- أما الخطابة فهي القصد إلى فكرة ورغبة تُزيَّن أوضاعها، وتحسن أهدافها، وقد تكون معلومةً من قبل، فهي تعمد إلى الإثارة والإقناع، وتخاطب العواطف والشعور، وتستهدف الاستمالة، وتعم المثقفين وغيرهم.
أما الخطابة فقد تكون موضوعاتها معلومةً بالفعل، كما في خطب الجمع مثلًا إذا تناول الخطيب موضوع الصدق والأمانة يحث عليهما، أو موضوع الربا يحذر منه، فإن جميع السامعين يعلمون وجوب الصدق ولزوم الأمانة كما يعلمون تحريم الربا.
إلا أن الخطيب حينما يتكلم عن المعلوم فإنما يريد إثارة العواطف والشعور بما علمت، ويؤثر على السامعين بما يلقيه عليهم، ويصل بهم إلى العمل بالفعل.
فلا يعدم من السامعين من يعزم على تحري الصدق، أو من يندم على التعامل بالربا، وقد يوفق بالتزام هذا والإقلاع عن ذاك، وهذه هي الغاية من الخطابة الناجحة، ومن هنا تظهر خصائصها.
وقد تستخدم الخطابة من قبل الدول أو الحكومات في ترسيخ أفكار معينة، أو محاربة جهات محددة؛ فيمنع الخطيب من ممارسة الخطابة بصورة طبيعية تجعله يؤدي رسالته؛ بل تفرض عليه الموضوعات، ويمنع من الاختيارات، فيصبح الخطيب أشبه بقارئ نشرات، تملى عليه المعلومات، دون النظر لفكره أو عقله أو مكانته العلمية والاجتماعية، حتى يغدو عرضة للسخرية والبذاءات، وتتحول المنابر إلى أبواق للجهات التي تقود البلاد بقوة الحديد والنار، ولا تبقى حرية لرأي أو شخص في تناول القضايا التي يشعر بحاجة بيئته إليها، والخطيب الذي يمتنع عن ممارسة هذا الهراء الفكري يمنع من كونه خطيبًا.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان لسحرًا»(2).
فكيف يسحر الناس ويبهرهم خطيب كل ما عنده هو القدرة على ترديد ما يملى عليه، لا يحرك ساكنًا، فالكلام إن خرج من قلب يؤمن به ويستشعر معانيه ملك زمام القلوب وغيَّر أحوالها، أما إن خرج من اللسان فلا يجاوز الآذان.
إنهم يقتلون المواهب، ويدمرون الأفكار حين يصبحون أوصياء على الخطباء، فيلجمونهم عن الكلام، ويعطلونهم عن التفكير.
وتصبح كل قدرات الخطيب عندهم هي القدرة على تنفيذ ما يملى عليه، وترديد ما يكتب له، دون مراعاة لسنوات عمره التي أمضاها في المدارس والجامعات للحصول على شهادة تؤهله لصعود المنابر عند أرباب الشهادات.
يقول هتلر، الزعيم الألماني المعروف، وأحد أشهر الخطباء في العالم: «إن القوة التي حركت أعظم الانهيارات التاريخية، ذات الطبيعة السياسية والدينية، كانت منذ بداية التاريخ هي القوة السحرية التي تنطوي عليها الكلمة المنطوقة وحدها»(3).
وفى تأثير خطب نابليون بونابرت في صناعة الأحداث يقول إميل لودفيج: «لقد حوَّل بونابرت معاركه الأولى بسحر بيانه إلى انتصارات كبيرة، فجعل لها مكانًا في التاريخ»(4).
يقول شهر بن حوشب رضي الله عنه: «إذا حدث الرجل القوم فإن حديثه يقع من قلوبهم موقعه من قلبه»(5).
ويقول يحيى بن معاذ: «القلوب كالقدور في الصدور، تغلى بما فيها، ومغارفها ألسنتها، فانتظر الرجل حتى يتكلم، فإن لسـانه يغترف لك ما في قلبه من بين حلو وحامض، وعذب وأجاج، يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه»(6).
أما أن يغترف اللسان من قلوب غيره فلن تجد لكلامه حرارة، ولا في نثره إشارة؛ بل عبارات باردة، وإشارات صامتة لا تنفع ولا تضر.
إن الكلمة إذا خرجت من قلب يؤمن بها ويتحرك بها ويعتقدها لا شك أن وقعها في القلوب أشد، أما الكلمات التي تردد كترديد الببغاوات فلا خير فيها ولا حياة.
ولما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم حنين، وأعطى المؤلفة قلوبهم دون أن يعطي الأنصار منها شيئًا، قال بعضهم: «لقي والله رسول الله قومه»، فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا رسول الله, إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم حين جعلت الغنائم في قومك وفي سائر العرب ولم يكن فيهم من ذلك شيء», وحينئذ طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع له الأنصار, ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم بينهم خطيبًا, فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله, ثم قال: «يا معشر الأنصار، ألم آتكم ضلالًا فهداكم الله، وعالةً فأغناكم الله, وأعداءً فألف الله بين قلوبكم؟»، قالوا: «بلى»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟»، قالوا: «وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟»، قال: «والله، لو شئتم لقلتم فَصَدَقتم وصدّقتم، جئتنا طريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك، وخائفًا فأمّناك، ومخذولًا فنصرناك»، فقالوا: «المن لله ولرسوله»، فقال صلى الله عليه وسلم: «أوجدتم في نفوسكم، يا معشر الأنصار، في لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام؟ أفلا ترضون، يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شِعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار»، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: «رضينا برسول الله قسمًا وحظًا»(7).
وبالتأمل في هذه الخطبة الجامعة نجد أنها أسهمت في تحويل مجرى الأحداث من الضد إلى الضد, فحولت الشاكين إلى معتذرين, والغاضبين إلى راضين, وهدأت نفوسهم الثائرة, وعبروا عن أسفهم لما حدث، وإيثارهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أي شيء سواه، وذلك في صورة بكاء زادت حدته حتى اخضلت منه لحاهم.
ومثل هذه الخطبة النبوية، التي غيرت مجرى الأحداث، خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكادت تحدث فتنة, وقد وقى الله المسلمين شر هذه الفتنة بخطبة أبي بكر رضي الله عنه، والتي جاء فيها قوله: «من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، والقصة بكاملها مذكورة في كتب التاريخ والسير.
ونخلص من هذا إلى أن المكانة التي يتبوءها الخطيب لا تدانيها مكانة, وأن تأثيره في الناس وسلطانه على قلوبهم ونفوسهم يبلغ مبلغًا عظيمًا, وذلك مع كمال الحب له, وجميل الثناء عليه, وهذا فضلًا عما أعده الله تعالى من جميل المثوبة وعظيم الجزاء لمن يبذلون جهدهم في هذا المجال طلبًا لمرضاة الله, وانتصارًا لدينه ودعوته؛ إذ إن كل ما ورد في القرآن أو السنة من ثواب أعده الله للدعاة إليه ينال الخطباء منه بنصيب وافر، فإذا قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].
وقف أحد الخطباء بين جمهوره ليقنعهم بشيء ما، فوقف أحد معارضيه، وشرح فساد رأيه من وجهة نظره، فصفق الحاضرون جميعًا لهذا المعارض، وأرسلوا ضحكاتهم وسخرياتهم من الخطيب, وما أن انتهى الناس من التصفيق والضحك بدأ الخطيب في هدوء تام يقول للحاضرين: «أيها السادة، إلى هنا صفقتم وضحكتم لأن هذا الرجل خدعكم بكلام معسول, ولكن انظروا ها هنا ما يستحق أن تتأملوه»، ثم بدأ يشرح من جديد في هدوء وثبات كأن لم يعترضه أحد، أو يسخر منه أحد(8).
يقول أبو العباس أحمد القلقشندي: «الألفاظ من المعاني بمنزلة الثياب من الأبدان, فالوجه الصبيح يزداد حسنًا بالحلل الفاخرة والملابس البهية, والقبيح يزول عنه بعض القبح, كما أن الحسن ينقص حسنه برثاثة ثيابه, وعدم بهجة ملبوسه, والقبيح يزداد قبحًا إلى قبحه, فالألفاظ ظواهر المعاني, تحسن بحسنها وتقبح بقبحها»(9).
ويقول فخر الدين الرازي: «الكلام له جسم وهو اللفظ, وله روح وهو المعنى, وكما أن الإنسان الذي نور روحه بالمعرفة ينبغي أن ينور جسمه بالنظافة, كذلك الكلام، ورب كلمة حكمية لا تؤثر في النفوس لركاكة لفظها»(10).
يقول صاحب كتاب «الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم»: «إن اختلاف الآراء الاجتهادية يثرى به الفقه وينمو ويتسع؛ نظرًا لأن كل رأى يستند إلى أدلة واعتبارات شرعية أفرزتها عقول كبيرة، تجتهد وتستنبط، وتقيس وتستحسن، وتوازن وترجح، وتؤصل الأصـول، وتقعد القواعد وتفرع عليها الفروع والمسائل، وبهذا التعدد المختلف المشارب، المتنوع المسالك، تتسع الثروة الفقهية التشريعية وتختلف ألوانها، من مدرسة الحديث والأثر، إلى مدرسة الرأي والنظر، إلى مدرسة الوقوف عند الظواهر، وفى النهاية يصبح من وراء هذه المدارس والمشارب والمذاهب والأقوال كنوز لا يقدر قدرها، وثروة لا يعرف قيمتها إلا أهل البحث»(11).
فكيف بتنوع الخطب والخطباء، والمواضيع واللقاءات، كيف لا يثري العمل الإسلامي؟
لم يعهد عن الأوائل، خلفاء أم خطباء، أنهم كانوا يعظون الناس من خلال الورقة؛ لأنهم أهل فصاحة وبيان، وأن البلاغة تجري على لسانهم جريان الماء في السيل، فيعبرون بسهولة عما يجول في نفوسهم، ويجيش في صدورهم، ويدور ويحدث في واقعهم بدون أدنى كلفة أو تصنع، وإنما حدث ذلك في عهود متأخرة، حين انحسرت الخطب في دواوين خطب جاهزة، بعد أن كانت قائمةً على الارتجال والبديهة، وما كان يتمتع به الخطباء من أسلوب بياني رائق، من خلال بيانهم لأصول الدين وقواعد الشريعة.
***
________________
(1) فن الخطابة وإعداد الخطيب، ص29.
(2) أخرجه البخاري (5146).
(3) الخطابة في موكب الدعوة، ص33.
(4) خطباء صنعوا التاريخ، ص226.
(5) المنطلق، ص256.
(6) العوائق، ص109.
(7) البداية والنهاية (4/ 356).
(8) الخطابة وإعداد الخطيب (1/ 46).
(9) صبح الأعشى (2/ 210).
(10) نقلًا عن: كيف تكون خطيبًا، ص83.
(11) الدكتور يوسف القرضاوي ـ الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم، ص78-79.