التسليم للنصوص الشرعية
التسليم للنصوص الشرعية بالرضا والقبول من أصول الإسلام، وأساسيات هذا الدين التي لا يقوم ولا يتم إلا بها؛ فالإسلام هو الاستسلام لله، والانقياد له ظاهرًا وباطنًا؛ وهو الخضوع له والعبودية له، قال أهل اللغة: أسلم الرجل، إذا استسلم، {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:112].
قال القرطبي: «ومعنى {أَسْلَمَ} استسلم وخضع، وقيل: أخلص عمله، وخص الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يُرى من الإنسان، ولأنه موضع الحواس، وفيه يظهر العز والذل»(1).
ولهذا قال زيد بن عمرو بن نفيل.
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت لــــه المــزن تحـــمــل عذبــــــــًا زلالًا
فالتسليم هو: خضوع القلب، وانقياده لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والاستسلام للنصوص من أجل مقامات الإيمان...، وهو محض الصِّدِّيقيَّة التي هي بعد درجة النبوة، وأكمل الناس تسليمًا أكملهم صديقيةً(2).
ولا أحد أحسن دينًا، ولا أصوب طريقًا، ولا أهدى سبيلًا ممن أسلم وجهه لله تعالى فانقاد له بالطاعة التامة؛ {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء:125]؛ فهذه حال المؤمن؛ كمال التسليم والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق دون أن يحمله معارضة خيال باطل يسميه معقولًا، أو يحمله شبهةً، أو شكًا، أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالات أذهانهم(3).
قال الرازي: «فاعلم أن دين الإسلام مبني على أمرين: الاعتقاد والعمل؛ أما الاعتقاد فإليه الإشارة بقوله: {أَسْلَمَ وَجْهَهُ}؛ وذلك لأن الإسلام هو الانقياد والخضوع، والوجه أحسن أعضاء الإنسان، فالإنسان إذا عرف بقلبه ربه وأقر بربوبيته وبعبودية نفسه فقد أسلم وجهه لله، وأما العمل فإليه الإشارة بقوله {وَهُوَ مُحْسِنٌ} ويدخل فيه فعل الحسنات وترك السيئات، فتأمل في هذه اللفظة المختصرة واحتوائها على جميع المقاصد والأغراض.
وأيضًا فقوله: {أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ} يفيد الحصر، معناه أنه أسلم نفسه لله، وما أسلم لغير الله وهذا تنبيه على أن كمال الإيمان لا يحصل إلا عند تفويض جميع الأمور إلى الخالق وإظهار التبري من الحول والقوة.
وأيضًا ففيه تنبيه على فساد طريقة من استعان بغير الله، فإن المشركين كانوا يستعينون بالأصنام ويقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، والدهرية والطبيعيون يستعينون بالأفلاك والكواكب والطبائع وغيرها، واليهود كانوا يقولون في دفع عقاب الآخرة عنهم: أنهم من أولاد الأنبياء، والنصارى كانوا يقولون: ثالث ثلاثة، فجميع الفرق قد استعانوا بغير الله.
وأما المعتزلة فهم في الحقيقة ما أسلمت وجوههم لله؛ لأنهم يرون الطاعة الموجبة لثوابهم من أنفسهم، والمعصية الموجبة لعقابهم من أنفسهم، فهم في الحقيقة لا يرجون إلا أنفسهم، ولا يخافون إلا أنفسهم.
وأما أهل السنة الذين فوضوا التدبير والتكوين والإبداع والخلق إلى الحق سبحانه وتعالى، واعتقدوا أنه لا موجد ولا مؤثر إلا الله، فهم الذين أسلموا وجوههم لله، وعولوا بالكلية على فضل الله، وانقطع نظرهم عن كل شيء ما سوى الله(4).
إسلام الوجه لله هو التوجه إليه وحده، وتخصيصه بالعبادة دون سواه، كما أشار إلى ذلك في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، وغيرها من الآيات، وقد عبر هنا عن إسلام القلب وصحة القصد إلى الشيء بإسلام الوجه، كما عبر عنه بتوجيه الوجه في قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام:79]؛ لأن قاصد الشيء يقبل عليه بوجهه لا يوليه دبره، فلما كان توجيه الوجه إلى شيء له جهة تابعًا لقصده واشتغال القلب به عبر عنه به، وجعل التوجه بالوجه إلى جهة مخصوصة (وهي القبلة) بأمر الله مذكرًا بإقبال القلب على الله، الذي لا تحدده الجهات، فالإنسان يتضرع ويسجد لله تعالى بوجهه، وعلى الوجه يظهر أثر الخشوع، وظاهر أن المراد من إسلام الوجه لله توحيده بالعبادة والإخلاص له في العمل، بألا يجعل العبد بينه وبينه وسطاء يقربونه إليه زلفى؛ فإنه أقرب إليه من حبل الوريد، ومن هنا يفهم معنى الإسلام الذي يكون به المرء مسلمًا(5).
قال الزهري رحمه الله: «من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم، ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام»(6).
فالوحي الإلهي لا سبيل إلى مقابلته إلا بالسمع والطاعة والإذعان والقبول، وليس لنا بعده الخيرة، وكل الخيرة في التسليم له والقول به، ولو خالفه من بين المشرق والمغرب(7).
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب:36]؛ فلا ينبغي ولا يليق ممن اتصف بالإيمان إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما.
ولا يليق بمؤمن ولا مؤمنة {إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} من الأمور وأُلزِما به {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي: الخيار؛ هل يفعلونه أو لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى به من نفسه؛ فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر الله ورسوله.
وقد أقسم تعالى بذاته المقدسة أنه لا يثبت لأحد إيمان، ولا يكون من أهله، حتى يُحَكِّم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
فلا يصح إيمان أحد حتى يحكم النصوص في جميع أموره، وينقاد لها في الظاهر والباطن، ويسلم تسليمًا كليًا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة(8).
قال الشوكاني رحمه الله: «وفي هذا الوعيد الشديد ما تقشعر له الجلود، وترجف له الأفئدة؛ فإنه أولًا أقسم سبحانه بنفسه مؤكدًا لهذا القسم بحرف النفي بأنهم لا يؤمنون، فنفى عنهم الإيمان حتى يحصل لهم تحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم لم يكتف سبحانه بذلك حتى قال: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}، فضم إلى التحكيم أمرًا آخر؛ وهو عدم وجود حرج في صدورهم، فلا يكون مجرد التحكيم والإذعان كافيًا حتى يكون من صميم القلب، عن رضا واطمئنان وانشراح قلب وطيب نفس، ثم لم يكتف بهذا كله؛ بل ضم إليه قوله: {وَيُسَلِّمُوا}؛ أي: يذعنوا، وينقادوا ظاهرًا وباطنًا.
ثم لم يكتف بذلك؛ بل ضم إليه المصدر المؤكد، فقال: {تَسْلِيمًا}؛ فلا يثبت الإيمان لعبد حتى يقع منه هذا التحكيم، ولا يجد الحرج في صدره بما قضي عليه، ويسلم لحكم الله وشرعه تسليمًا لا يخالطه رد، ولا تشوبه مخالفة»(9).
والتسليم بما دلت عليه النصوص هو الفرقان بين أهل الحق وأهل الباطل، قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: «جماع الفرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال والرشاد والغي وطريق الشقاوة والهلاك أن يجعل ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه؛ وبه يحصل الفرقان والهدى، والعلم والإيمان، فيصدق بأنه حق وصدق، وما سواه من كلام سائر الناس يعرض عليه؛ فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل»(10).
والتسليم لنصوص الكتاب والسنة هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ فإن الشهادة لله بالوحدانية الموجبة لإفراده بالعبودية مبناها على التسليم التام له في أمره ونهيه وخبره، وعدم المعارضة وإيراد الأسئلة {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23]، ومقتضى الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وألا يُعبد الله إلا بما شرع.
حال السلف مع النصوص الشرعية:
لقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في التسليم والإجلال للنصوص الشرعية، وفي ذلك نماذج كثيرة تربو عن الحصر، ومنها:
لما نزل تحريم الخمر، وقرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم الآيات في ذلك، وبلغ قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91]، قال عمر رضي الله عنه: «انتهينا انتهينا»(11).
ثم نادى المنادي في المدينة: «ألا إن الخمر قد حُرِّمت»، فسارع الناس إلى جرار الخمر في بيوتهم فكسروها، حتى جرت في سكك المدينة(12)، قال أنس رضي الله عنه: «فما راجعوها ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل»(13).
ولما نزلت آية الحجاب: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31]، شققن نساء الأنصار والمهاجرات مروطهن فاختمرن بها(14).
ولما أُخبر الصحابة رضي الله عنهم بتحول القبلة نحو الكعبة، وكانت وجوههم إلى الشام، استداروا إلى الكعبة(15) مباشرةً وهم في الصلاة.
ولما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه في الصلاة خلع الصحابة رضي الله عنهم نعالهم اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم.
وعندما رأى خاتم الذهب في يد رجل أخذه منه وألقاه، ولما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: «خذ خاتمك انتفع به»، قال: «لا والله، لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم»(16).
ولما حلف أبو بكر رضي الله عنه ألا ينفق على مسطح بن أثاثة رضي الله عنه؛ لكلامه في ابنته عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك أنزل الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]؛ فقال أبو بكر رضي الله عنه: «والله لا أنزعها منه أبدًا»(17).
ولما زوج معقل بن يسار رضي الله عنه أخته لرجل من الصحابة فطلقها، ثم ندم وجاء يخطبها حلف ألا يرجعها إليه، فأنزل الله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:232]، فلما سمعها معقل رضي الله عنه قال: «سمعًا لربي وطاعة»، ثم دعاه فقال: «أزوجك وأكرمك»(18).
ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المغيرة رضي الله عنه أن ينظر إلى المرأة التي خطبها، تردد أهلها في الأمر وكرهوا ذلك، فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها، فقالت: «إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فإني أنشدك [أي: أسألك بالله ألا تنظر إلي]»(19).
ولما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيت من الأنصار أن يزوجوا ابنتهم من جليبيب رضي الله عنه تردد أهلها في تزويجه، فقالت الفتاة: «أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه»(20).
ولما كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ذاهبًا إلى المسجد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب: «اجلسوا»، فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ من خطبته، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «زادك الله حرصًا على طواعية الله وطواعية رسوله»(21).
وسعد بن عبادة رضي الله عنه لما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير دور الأنصار: بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير»، وجد في نفسه وقال: «خلفنا، فكنا آخر الأربع، أسرجوا لي حماري آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فكلمه ابن أخيه سهل فقال: «أتذهب لترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم، أوليس حسبك أن تكون رابع أربع؟!»، فرجع وقال: «الله ورسوله أعلم»، وأمر بحماره فحل عنه(22).
وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يمسح ظاهر خفيه ويقول: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه»(23).
ورافع بن خديج رضي الله عنه يقول: «كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي، فقال: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا)»(24).
ولما أساء أحدهم القول مع عمر رضي الله عنه وهَمَّ أن يبطش به ذَكَّره أحدُهم بقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله»(25).
وسكبت جارية لعلي بن الحسين رحمه الله عليه الماء ليتهيأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه، فرفع رأسه إليها فقالت: «إن الله عز وجل يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}»، قال: «قد كظمت غيظي»، قالت: «{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}» قال: «قد عفوت عنك»، قالت: «{وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}»، قال: «اذهبي فأنت حرة»(26).
وقد التزم سلف هذه الأمة هذا المنهج الذي كان عليه الصحابة؛ فكانت حالهم قائمةً على التسليم للنصوص الشرعية وتلقيها بكامل الرضا؛ فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه، ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولا وجده(27).
بل كانوا يسارعون لتطبيق النص الشرعي من غير تردد ولا شك.
ومر مالك بن عبد الله الخثعمي بجابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو يقود بغلًا له، فقال له مالك: «أي أبا عبد الله، اركب، فقد حملك الله»، فقال جابر رضي الله عنه: «أُصلح دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرَّمه الله على النار)»، فسار حتى إذا كان حيث لم يسمعه الصوت نادى بأعلى صوته: «يا أبا عبد الله، اركب فقد حملك الله»، فعرف جابر الذي يريد، فقال: «أصلح دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار)»، فتواثب الناس عن دوابهم، فما رُئِي يوم أكثر ماشيًا منه(28).
ومن قال منهم قولًا يخالف النص الشرعي رجع عنه بمجرد أن يبلغه.
لقي عبدُ الواحد بن زياد زفرَ بن الهذيل رحمه الله فقال له: «صرتم حديثًا في الناس وضحكة»، قال: «وما ذاك؟»، قال: «تقولون: ادرءوا الحدود بالشبهات، ثم جئتم إلى أعظم الحدود فقلتم: تقام بالشبهات»، قال: «وما هو؟»، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يُقتل مسلمٌ بكافر)(29)، فقلتم: يقتل به»، يعني بالذمي، قال: «فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه»، قال الذهبي رحمه الله: «هكذا يكون العالم وقافًا مع النص»(30).
وحتى من قَلَّ علمه من السلف كان إيمانه وتصديقه بالنص الشرعي عظيمًا.
قال أبو إسحاق الحبال رحمه الله: «كنا يومًا نقرأ على شيخ، فقرأنا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قتَّات)(31)، وكان في الجماعة رجل يبيع القت [وهو علف الدواب] فقام وبكى، وقال: (أتوب إلى الله من بيع القت)، فقيل له: (ليس هو الذي يبيع القت؛ لكنه النمام الذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم)، فسكن بكاؤه، وطابت نفسه»(32).
قال ابن القيم رحمه الله: «وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال، ولا يقرون ذلك»(33).
وعن أبي قتادة أنهم كانوا عند عمران بن حصين رضي الله عنه في رهط منهم، وفيهم بُشَيْرُ بن كعب، فحدثهم عمران يومئذ فقال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحياء خير كله)»، فقال بشير بن كعب: «إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينةً ووقارًا لله، ومنه ضعفًا»، فغضب عمران حتى احمرتا عيناه، وقال: «ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه؟!» فأعاد عمران الحديث فأعاد بشير، فغضب عمران، فما زلنا نقول فيه: «إنه منا يا أبا نجيد، إنه لا بأس به»(34).
وعن أبي المخارق قال: «ذكر عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن درهمين بدرهم، فقال فلان: (ما أرى بهذا بأسًا، يدًا بيد)، فقال عبادة: (أقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، وتقول: لا أرى به بأسًا، والله لا يظلني وإياك سقف أبدًا)»(35).
ولما ذكر ابن المبارك رحمه الله حديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن...»، قال قائل: «ما هذا؟» على معنى الإنكار، فغضب ابن المبارك رحمه الله وقال: «يمنعنا هؤلاء أن نحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما جهلنا معنى حديث تركناه! لا؛ بل نرويه كما سمعنا، ونلزم الجهل أنفسنا»(36).
قال أبو معاوية محمد بن خازم: «كنت أقرأ حديث الأعمش عن أبي صالح على أمير المؤمنين هارون الرشيد، فكلما قلت: (قال رسول الله)، قال هارون: (صلى الله على سيدي ومولاي)، حتى ذكرت حديث: (التقى آدم وموسى)، فقال عم هارون الرشيد: (أين التقيا يا أبا معاوية؟!)، فغضب الرشيد من ذلك غضبًا شديدًا، وقال: (أتعترض على الحديث، علي بالنطع والسيف)، فأحضر ذلك، فقام الناس إليه يشفعون فيه، فقال الرشيد: (هذه زندقة)، ثم أمر بسجنه، وأقسم ألا يخرج حتى يخبره من ألقى إليه هذا، فأقسم عمه بالأيمان المغلظة ما قال هذا له أحد؛ وإنما كانت هذه الكلمة بادرةً مني، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه منها، فأطلقه»(37).
قال أبو إسماعيل الصابوني رحمه الله معلقًا على هذه القصة: «هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد رحمه الله مع من اعترض على الخبر الصحيح الذي سمعه بـ (كيف) على طريق الإنكار له والابتعاد عنه، ولم يتلقه بالقبول كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم»(38).
ونظر سعيد بن المسيب رحمه الله إلى رجل صلى بعد النداء من صلاة الصبح فأكثر الصلاة، فحصبه ثم قال: «إذا لم يكن أحدكم يعلم فليسأل؛ إنه لا صلاة بعد النداء إلا ركعتين»، فانصرف فقال: «يا أبا محمد، أتخشى أن يعذبني الله بكثرة الصلاة؟»، قال: «بل أخشى أن يعذبك الله بترك السنة»(39).
ومثله ما جاء عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله أن رجلًا جاءه فقال: «من أين أحرم؟»، قال: «من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «فإن زدت على ذلك»، قال: «فلا تفعل؛ فإني أخاف عليك الفتنة»، قال: «وما في هذه من الفتنة؟! إنما هي أميال أزيدها»، قال: «فإن الله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63]، وأي فتنة أعظم من أن ترى أن اختيارك لنفسك خير من اختيار الله ورسوله»(40).
ومن التسليم للنصوص الشرعية ألا يتقدم الإنسان على المشرع برأيه؛ كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات:1]؛ فلا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهي ولا إذن ولا تصرف حتى يأمر هو وينهى ويأذن.
وهذا باق إلى يوم القيامة لم يُنسخ؛ فالتقدم بين يدي سنته بعد وفاته كالتقدم بين يديه في حياته، ولا فرق بينهما عند كل ذي عقل سليم.
قال أبو عبيدة رحمه الله: «تقول العرب: لا تقدم بين يدي الإمام، وبين يدي الأب؛ أي: لا تعجلوا بالأمر والنهي دونه».
وقال غيره: «لا تأمروا حتى يأمر، ولا تنهوا حتى ينهى».
فإذا كان رفع الأصوات فوق صوته سببًا لحبوط الأعمال، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به(41).
وهذه حال السلف؛ فالسنة أجل في صدورهم من أن يقدموا عليها رأيًا فقهيًا، أو بحثًا جدليًا، أو خيالاً صوفيًا، أو تناقضًا كلاميًا، أو قياسًا فلسفيًا، أو حكمًا سياسيًا؛ فمن قدم عليها شيئًا من ذلك فباب الصواب عليه مسدود؛ وهو عن طريق الرشاد مصدود(42).
قال البخاري رحمه الله: «سمعت الحميدي يقول: (كنا عند الشافعي، فأتاه رجل فسأله عن مسألة فقال: قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا)، فقال رجل للشافعي: (ما تقول أنت؟!)، فقال: (سبحان الله! تراني في كنيسة؟! تراني في بيعة؟! ترى على وسطي زنارًا؟! أقول لك: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تقول: ما تقول أنت؟!)»(43).
وقال الربيع بن سليمان رحمه الله: «سأل رجل الشافعي عن مسألة، فقال: (يروى فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم)، فقال له السائل: (يا أبا عبد الله، تقول به؟)، فرأيت الشافعي أرعد وانتفض، فقال: (يا هذا، أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم أقل به؟ نعم على السمع والبصر، نعم على السمع والبصر)»(44).
والتسليم عند السلف تسليم تام للوحي؛ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران:7]؛ فهم يسلمون بكل ما جاء عن الله تعالى وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، كحال أهل الكتاب ومن شابههم من أهل الأهواء(45).
الانحراف بفهم النص عن التسليم للنص الشرعي:
فمن مظاهر الانحراف:
١- التأويل المذموم:
فالظاهرية مثلًا لا تستحضر مقاصد الشريعة ولا عللها وحكمها؛ فيعتريها نقص في فهم مراد الشارع؛ يؤدي إلى خطأ في تنزيل أحكام الشريعة على الواقع؛ مما يجعل الحكم في الواقع لا يكون حسب مراد الله.
٢- القراءة الجديدة للنصوص الشرعية:
أو تجديد الدين أو تجديد التراث أو القراءة الحداثية، فحقيقة هذه القراءة أنها تأويل باطني حديث، فهي قراءة لا تريد البحث عن النص، وإنما تريد البحث من خلال النص، لا تريد الاقتداء بالنص؛ بل التخلص منه.
وهذه ظاهرة قديمة، والجديد فيها هو حجم الانحراف والغلو والعبث في تأويل وتحريف النصوص الشرعية.
الدعوة للقراءة الجديدة للنص الشرعي:
إن من الفتن التي ظهرت في هذا العصر، محييةً منهج الباطنية القدامى بصورة عصرية حداثية، الدعوة إلى إعادة قراءة النص الشرعي قراءة جديدة، تكون، بزعمهم، متواكبةً مع تطورات الحياة المعاصرة ومتناسبةً معها.
وتهدف هذه الدعوة إلى مراجعة شاملة للنصوص الشرعية كافة؛ فهي قراءة لا يستعصي عليها شيء من أصول الدين وفروعه؛ بل حتى قضية التوحيد في الإسلام قابلة للتأويل والقراءة الجديدة.
وقد أدت هذه القراءات الجديدة إلى تحريف معاني القرآن والسنة، ومناقضة قطعيات الشريعة؛ بل ومصادمة الأصول المقررة الثابتة.
وتأتي خطورة هذا الاتجاه من ناحيتين:
الأولى: أن هذه الدعوة قامت على أيدي أناس يتظاهرون بالانتساب لهذا الدين؛ بل ويتسمى بعضهم بـ (المفكر الإسلامي)؛ مما يجعل لدعوتهم رواجًا وقبولًا لدى كثير من الناس.
فهي خطة تقوم على التغيير من داخل البيت الإسلامي، من خلال العبث بالنصوص الشرعية بتحريفها وتفريغها من محتواها الحقيقي، ووضع المحتوى الذي يريدون؛ فهم يطرحون أفكارهم وآراءهم على أنها رؤى إسلامية ناشئة عن الاجتهاد في فهم الدين.
ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من أمثال هؤلاء؛ فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: (يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟)، قال: (نعم)، قلت: (وهل بعد ذلك الشر من خير؟)، قال: (نعم، وفيه دخن)، قلت: (وما دخنه؟)، قال: (قوم يَهدون بغير هديي، تعرف منهم وتُنكر)، قلت: (فهل بعد ذلك الخير من شر؟)، قال: (نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها)، قلت: (يا رسول الله، صفهم لنا)، فقال: (هم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)»(46).
فهم يستشهدون بالنصوص نفسها التي نستشهد بها ولا يجحدونها، ولكن يفسرونها تفسيرًا مغايرًا لتفسير السلف الصالح.
الثانية: أن هذه الظاهرة بدأت تتنامى في عالمنا الإسلامي اليوم، ويقوم بالدعوة إليها أفراد من مختلف الأقطار العربية والإسلامية، وتتلقف الصحف وغيرها من وسائل الإعلام أقوالهم بالتلقي والقبول، وتعرض لهم المقابلات تلو المقابلات.
ومنهم عصرانيون، حداثيون، ليبراليون، وليبرو إسلاميين، وهم متشبعون بمذاهب فلسفية غربية، ويرومون إخضاع نصوص الشريعة لمعطيات هذه المذاهب.
ولا يكاد يخلو بلد إسلامي من ممثلين لهذه الطائفة ومنتمين إليها، يسيرون على طريقتهم، ويرضعون من لبانهم.
وهذه الدعوة دعوة قديمة جديدة؛ فهي قديمة لوجود جذور تاريخية لها، وقد ظهر في هذه الأمة سابقًا من حاول تحريف النصوص عن معانيها بالتأويل الباطل.
وجديدة لأنها تقوم على أسس وقواعد وتأصيلات منهجية لهذا المنحى الباطل؛ فهي مصنع لتوليد المعاني الباطلة الموافقة لرغباتهم وأهوائهم، ومحاولة شرعنتها وإيجاد المستندات لها.
وقد حمل هذا الاتجاه شعارًا هو الأخطر في سياق الشعارات المطروحة في هذا العصر؛ إنه شعار (التحديث والعصرنة للإسلام)؛ فهم يريدون منا ترك ما أجمعت عليه الأمة من معاني القرآن والسنة لفهم جديد مغاير لفهم السلف الصالح يكون متناسبًا مع هذا العصر الذي نعيش فيه!!
ولذلك لما سئل محمد أركون عن كيفية التعامل مع النصوص الواضحة غير المحتملة؛ كقوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11]، قال: «في مثل هذه الحالة لا يمكن فعل أي شيء إلا إعادة طرح مسألة التفسير القرآني؛ لا يمكننا أن نستمر في قبول ألا يكون للمرأة قسمة عادلة!! فعندما يستحيل تكيف النص مع العالم الحالي ينبغي العمل على تغييره».
ويقول محمد شحرور: «لا ضرورة للتقيد بالنصوص الشرعية التي أوحيت إلى محمد رسول الله في كل ما يتعلق بالمتاع والشهوات؛ ففي كل مرة نرى في هذه النصوص تشريعًا لا يتناسب مع الواقع، ويعرقل مسيرة النمو والتقدم والرفاهية، فما علينا إلا أن نميل عنه»(47).
فالرغبة في مسايرة الواقع والافتنان بالحياة الغربية والتأثر بمدارسها الفلسفية، والدارسة في جامعاتهم مع ضغوط الأعداء والجهل بالشريعة؛ كل ذلك كان سببًا في ظهور هذه المدرسة التحريفية(48).
***
______________________
(1) تفسير القرطبي (2/ 75).
(2) مدارج السالكين (2/ 148).
(3) المصدر السابق (2/ 387).
(4) مفاتيح الغيب (11/ 229).
(5) تفسير المنار (1/ 351).
(6) العقيدة الطحاوية (201).
(7) الروح، لابن القيم (136).
(8) تفسير ابن كثير (2/ 349).
(9) فتح القدير (1/ 484).
(10) مجموع الفتاوى (13/ 135).
(11) أخرجه أبو داود (3670).
(12) أخرجه البخاري (4620).
(13) أخرجه مسلم (1980).
(14) أخرجه البخاري (372).
(15) أخرجه البخاري (403) ومسلم (526).
(16) أخرجه مسلم (2090).
(17) أخرجه البخاري (4750).
(18) أخرجه الترمذي (2328).
(19) أخرجه ابن ماجه (1866).
(20) أخرجه أحمد (12393).
(21) دلائل النبوة، للبيهقي (6/ 257).
(22) أخرجه مسلم (2511).
(23) أخرجه أبو داود (162).
(24) أخرجه مسلم (1548).
(25) أخرجه البخاري (4642).
(26) تاريخ دمشق (41/ 387).
(27) مجموع الفتاوى (13/ 28).
(28) أخرجه ابن حبان (4604).
(29) رواه البخاري (3047).
(30) سير أعلام النبلاء (8/ 40).
(31) أخرجه البخاري (6056)، ومسلم (105).
(32) سير أعلام النبلاء (18/ 499).
(33) مختصر الصواعق المرسلة (3/ 1062).
(34) أخرجه الدارمي (443).
(35) أخرجه البخاري (2475).
(36) تعظيم قدر الصلاة (1/ 504).
(37) سير أعلام النبلاء (9/ 288).
(38) عقيدة السلف وأصحاب الحديث (117).
(39) الفقيه والمتفقه (1/ 214).
(40) الباعث في إنكار البدع (22).
(41) مدارج السالكين (2/ 389).
(42) حادي الأرواح (8).
(43) تاريخ دمشق (51/ 287).
(44) الفقيه والمتفقه (1/ 218)، حلية الأولياء (9/ 601).
(45) بدعة إعادة فهم النص، ص31، وما قبلها.
(46) أخرجه البخاري (7084) ومسلم (1847).
(47) الكتاب والقرآن، ص445.
(48) بدعة إعادة فهم النص، ص42.