logo

التدين الأجوف


بتاريخ : الأربعاء ، 18 شوّال ، 1441 الموافق 10 يونيو 2020
بقلم : تيار الاصلاح
التدين الأجوف

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما المفلس؟»، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» (1)، وهذا نتيجة الفهم الخاطئ للإسلام وللدين وللتدين، فلم تمنعه الصلاة ولم يمنعه الصوم ولم تمنعه الزكاة؛ لم تمنعه هذه العبادات وتلك الطاعات من الشتم والقذف والاعتداء على غيره، فلم تغن عنه طاعات ولا عباداته من الله شيئًا يوم القيامة.

قال الشافعي رحمه الله: كان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم، ومن أدركناهم، يقولون: إن الإيمان قول، وعمل، ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر (2).

فالعمل الظاهر لا ينفع صاحبه إن لم يكن معه عمل قلبي، والعمل القلبي لا يكفي بلا عمل ظاهر، كما قال الشافعي: لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر، ولذلك فإن الإيمان شعب كثيرة، قال عليه الصلاة والسلام: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» (3).

فتأثير الأعمال الظاهرة على القلب هو ثمرة العمل؛ فإن لم يتأثر القلب فلا قيمة للعمل، وإن لم يظهر كل ذلك في سلوك المرء وأخلاقه ومعاملاته انتكست فطرته وكسدت تجارته، وهلك مع الهالكين. 

وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر: إن أخوف ما أخاف عليكم المنافق العليم.

قالوا: كيف يكون المنافق عليمًا؟

قال: يتكلم بالحكمة، ويعمل بالجور، أو قال: بالمنكر (4).

بعض الناس عنده محافظة على الصف الأول، لكنه لا يخلص في عمله، ولا يكون أمينًا في معاملته.

وبعضهم يحج ويتقاضى رشوة، يصوم فرضًا وتطوعًا وعنده معاملات ربوية، ربما يتدين بحضور بعض مجالس الذكر لكن هنالك تقصير كبير في قضية العقود مع الخلق، والعهود معهم.

وبعضهم ربما يحن إلى سبحة يحركها في يده، ويعالج بها شيئًا في نفسه من شعار يحس به بالانتماء لهذا الدين، لكن في الحقيقة كم مرة يسبح بها؟ وكم مرة يذكر بها؟

سَألَ عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه عن رجلٍ ما إذا كان أحدُ الحاضرين يعرفه، فقام رجلٌ وقال: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين.

فقال عمر: لعلّكَ جاره، فالجارُ أعلمُ النّاس بأخلاقِ جيرانه؟ فقال الرّجلُ: لا.

فقال عمر: لعلّكَ صاحبته في سَفرٍ، فالأسفار مكشفة للطباع؟ فقال الرّجلُ: لا.

فقال عمر: لعلّكَ تاجرتَ معه فعاملته بالدّرهمِ والدّينارِ، فالدّرهمُ والدّينار يكشفان معادن الرّجال؟ فقال الرّجلُ: لا.

فقال عمر: لعلّك رأيته في المسجدِ يهزُّ رأسَه قائمًا وقاعدًا؟ فقال الرّجلُ: أجل.

فقال عمر: اجلسْ فإنّكَ لا تعرفه.

كان ابن الخطّابِ يعرِفُ أنّ المرءَ من الممكن أن يخلعَ دينه على عتبةِ المسجد، ثم ينتعلَ حذاءَه ويخرجَ للدّنيا مسعورًا يأكلُ مالَ هذا وينهشُ عرض ذاك! كان يعرفُ أن اللحى من الممكنِ أن تصبحَ متاريسَ يختبئ خلفها لصوصٌ كُثر، وأنّ العباءة السّوداء ليس بالضرورة تحتها امرأةٌ فاضلة! كان يعرفُ أن السِّواكَ قد يغدو مِسنًّا نشحذ فيه أسناننا ونأكل لحوم بعضنا.

كان يعرفُ أن الصلاةَ من الممكنِ أن تصبحَ مظهرًا أنيقًا لمحتال، وأنّ الحجّ من الممكنِ أن يصبحَ عباءةً اجتماعية مرموقة لوضيعٍ! كان يؤمنُ أنّ التّديّنَ الذي لا ينعكسُ أثرًا في السُّلوكِ هو تديّنٌ أجوف.

الإيمان الكاذب أسوأ من الكُفر الصّريح، وفي كليهما شر، والتعامل مع الآخرين هو محكُّ التدينِ الصحيح.

إذا لم يلحظ الناس الفرقَ بين التاجر المتدينِ والتاجر غير المُتدين فما فائدة التّدينِ إذًا.

وإذا لم تلحظ الزوجةُ الفرقَ بين الزوجِ المُتدينِ والزوجِ غير المتدين، فما قيمة هذا التدين، والعكس بالعكس.

 وإذا لم يلحظ الأبوان الفرق بين برِّ الولد المُتدَيّنِ وغير المُتدَيّنِ فلماذا هذا التّديّن؟!

مصيبة ألا يكون لنا من حجنا إلا التمر، وماء زمزم، وسجاجيد الصلاةِ المصنوعةِ في الصينِ.

مصيبةٌ أن تكون الصلوات حركاتٍ سُويديّة تستفيدُ منها العضلاتُ والمفاصلُ ولا يستفيدُ القلب.

مظاهرُ التّديّنِ أمرٌ محمود، ونحنُ نعتزُّ بديننا شكلًا ومضمونًا؛ ولكن العيب أن نتمسّكَ بالشّكلِ ونتركَ المضمون.

فالدّينُ الذي حوّل رعاة الغنمِ إلى قادةٍ للأممِ لم يُغيّر أشكالهم وإنّما غيّر مضامينهم؛ أبو جهل كان يلبسُ ذات العباءة والعمامة التي كان يلبسها أبو بكر.

ولحية أُميّة بن خلف كانتْ طويلة كلحية عبد الله بن مسعود.

وسيف عُتبة كان من نفس المعدن الذي كان منه سيف خالد.

تشابهت الأشكالُ واختلفت المضامين (5).

قال ابن القيم رحمه الله: ولهذا تجد الرجل يتورع عن القطرة من الخمر، أو من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة، ولكنه يطلق لسانه في الغيبة والنميمة في أعراض الخلق، كما يحكى أن رجلًا خلا بامرأة أجنبية، فلما أراد مواقعتها، قال: يا هذه غطي وجهك، فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام (6).

قال ابن الجوزي رحمه الله: فإن الإنسان لو ضرب بالسياط ما أفطر في رمضان عادة قد استمرت، ويأخذ أعراض الناس وأموالهم عادة غالبة (7).

حين نصف إنسانًا بأنه ملتزم بالإسلام، فإننا نتحدث عن صلاته، وصيامه، وصدقاته، ولباسه أو لباسها، وهذا ما نجد الناس يهرعون إليه حين ينوون الالتزام، فيصبون جل اهتمامهم بهذه الجوانب، والتي هي فعلًا من جوانب الإسلام الأساسية والضرورية، ولكنهم ينسون جوانب أخرى، ربما تكون بنفس القدر من الأهمية.

فما نشاهده اليوم هو نفس ما شاهده حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي في القرن الخامس الهجري؛ حيث رأى انكباب الناس على علم الفقه، وظاهر العبادات، وعزوفهم عن علم القلوب، والباطن، والروحانيات.. وهذا ما دفعه لتأليف كتابه الشهير "إحياء علوم الدين"، الذي ما زال يطبع ويحقق ويدرس ليومنا هذا؛ حيث إنه من أعظم ما ألّف في هذا المجال.

رأى حجة الإسلام أن الناس اهتموا بظاهر العبادات، وتحقيق شروطها الفقهية، من أركان وواجبات وسنن، ولكنهم أهملوا تمامًا الجانب الروحي للعبادة، كالخشوع، واستحضار معنى العبادة، وفهم الحكمة منها وغايتها، فكان منهم أن لم تغير عبادتهم هذه شيئًا من تصرفاتهم وأفعالهم، مع أن الله سبحانه ذكر في كتابه الكريم: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45].

وهذا ذاته ما يحصل اليوم، فقد انشغل الناس بحسن مظهر العبادة، وتحقيق شروطها وأركانها الظاهرة، ولكنهم نسوا الغاية الأساسية من هذه العبادة، وهي تغييرنا للأفضل، وتغيير حياتنا وتحسين عاداتنا.. فأصبحنا نرى المصلين يقيمون صفًا مستقيمًا في المسجد، وأحذيتهم متناثرة في الخارج، لم يستطيعوا نقل انضباطهم في الصلاة لحياتهم العامة.

وكذلك نرى البعض يكثرون الصلاة والصيام، ولكنهم لا ينتهون عن أي خلق سيئ، ويؤذون جيرانهم وأقاربهم، وكأن الإسلام لم يأمر بالإحسان إليهم.. مع أن الأخلاق الحسنة وعدم إيذاء الناس من صلب الإسلام، حيث قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» (8)، وأيضًا: «أكمل الناس إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا» (9)، وغيرها الكثير من الأحاديث التي تأمر الإنسان بحسن معاملة الآخرين، والابتعاد عن كل ما قد يؤذيهم، وقد عد الإمام الغزالي في كتاب الإحياء، في باب آداب الأكل، فقط أكثر من عشرين أدبًا، أغلبها يصب في مجاملة الناس وملاطفتهم وعدم إيذائهم.

إن الإسلام ليس دينًا نسكيًا بحتًا، فإن المسلم ليس مطالبًا بأن يقضي جميع وقته ويومه متعبدًا بنسك معين، بل إن الصلوات المكتوبة لا تكاد تتجاوز الساعة من 24 ساعة، وصيام رمضان شهر من 12 شهرًا، والحج مرة في العمر، فما هي العبادة التي يقضي الإنسان فيها بقية يومه وحياته؟

إننا غالبًا ما نقضي أغلبية يومنا في مخالطة الناس، نبيع ونشتري، ونعمل ونلتقي ونزور ونحتفل، ونحن في جميع هذه الأحوال مطالبون بالإحسان إليهم، فنتعبد إلى الله سبحانه بتطبيق آية {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، وذلك كله في ظل استشعارنا لوجود الله معنا، وتطبيقًا لما يحبه الله ويرضاه من الكلم الطيب والعمل الصالح.

صور من التدين الأجوف:

الحجاب العصري:

ذلك الحجاب الذي تسيء المرأة من خلاله لجذب الأنظار ولفت الانتباه، يحمل الألوان الزاهية المزركشة أو اللامعة أو اللافتة للنظر، أو ظهور الزينة في الأعين مِن تحت النقاب، أو التساهل في كشف الأيدي في الرحلات وغيرها مِن التجمعات أمام أعين الرجال، وهذا ينافي معنى الحجاب والستر، وعدم لفت أو جذب أنظار الرجال.

ونرى ذلك في الأعياد، والمتنزهات والحدائق، والأفراح، ومحلات الشراء، مستسلمة للواقع؛ بدلًا مِن أن تعوِّد بناتها في سنٍّ مبكرٍ على اللبس الواسع أو الإسدالات والعبايات، أو تفصل ملابس تناسبها وتحببها وترغبها، وتكافئها وتشجعها على الحجاب، وتلح وتصبر حتى تنشأ الفتاه على هذا المعنى.

التصوير (السيلفي):

تساهل بعض الإخوة والأخوات في التصوير (السيلفى) في الشارع والميادين العامة، أو وهو يضع يده على ظهرها أو وسطها أو كتفها ينافي معنى الحياء، أو نشر هذه الصور على صفحات الفيس.

التساهل بالحرام:

بعض تصرفات الإخوة على صفحاتهم مع خطيبته أو زوجته مِن كلمات حب وغزل وعشق، أو وضع صورة معها على الشواطئ أو تصوير يدها أو زينتها على صفحته! فهل يجب ستر الوجه واليدين أم الوجه فقط؟!

وبعض المخالفات في الأفراح مِن دخول الزوج أو العاقد في قاعة النساء، ويلبس خطيبته أو زوجته (الشبكة) أو يقبلها، أو يتصور معها أمام النساء.

وكذلك التساهل في إقامة الأفراح في القاعات مع وقوع الاختلاط، وعدم السيطرة على الأقارب والأصدقاء.

وفي قاعات النساء في الأفراح كشف العورات، وإبداء كامل الزينة مع الرقص أحيانًا، وتصوير ذلك، أو الصور التي تلتقط للعروس في كامل زينتها مع صديقاتها، ويُخشى مِن نشر هذه الصور على مواقع.

الرياء العصري:

أن يصوِّر الإنسان نفسه في مناسك العمرة والحج، وذكر تفاصيل حياته وعبادته على صفحته، مع أن الأولى الإخفاء، والبعد عن الظهور والشهرة، والخوف مِن الرياء والعجب وحبوط العمل.

حقيقة التدين:

هي التمسك بجميع أوامر الدين وترك نواهيه ظاهرًا وباطنًا، فمن تمسك بالدين ظاهرًا وباطنًا فهو المتدين حقيقة، ومن تمسك به ظاهرًا وتركه باطنًا فهو مدَّعٍ للتدين، وليس متدينًا، والدعاوى ما لم تكن عليها بينات فأهلها أدعياء، وللتدين مظاهر متعلقة بالقلب والجوارح ينبغي مراعاتها، والحرص على تحقيقها.

أوجز النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة التدين بوصيته لأحد الصحابة لما سأله فقال: «قل: آمنت بالله ثم استقم» (10)، وهذه كلمات جامعات جمعت الدين كله في كلمتين: «قل: آمنت بالله»، يعني: حقق الإيمان في قلبك.

«ثم استقم»، في أعمالك، في عبادتك، في أخلاقك، في تعاملك مع الحياة، مع الناس.

والاستقامة على دين الله لا تكون إلا بمقتضى العمل بشرع الله، وبما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحتى الإيمان بالله والاستقامة هي دعوى، لكن لها شروط وضوابط وحقيقة، وعلى هذا فإن التدين أمر لا بد أن يحكم حياة المسلم كلها، في قلبه وروحه ونفسه وعواطفه ومشاعره وأعماله ومواقفه، كل هذه الأمور لا بد أن يتحقق فيها معنى التدين.

وحقيقة التدين تتجلى أولًا بالاستقامة على العقيدة، ثم بسلوك سبيل المؤمنين الذين توعد الله من خالفهم، كما قال عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، وسبيل المؤمنين هو سبيل السلف الصالح، ومن سار على نهجهم إلى قيام الساعة، وسبيل المؤمنين إنما يمثله العلماء أهل الحل والعقد إلى يوم القيامة، وإذا لم نقل بهذه الحقيقة ضاعت الأمور، وإلا لماذا أرشدنا الله عز وجل إلى أهل الذكر، ولماذا أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ عن العلماء وقال: «العلماء هم ورثة الأنبياء» (11).

وتتجلى حقيقة التدين من حيث صلاح القلب: في الرقابة لله عز وجل، والذي ينتج عنها تقوى الله، فمن راقب الله اتقاه، وهذه من معاني الإحسان التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، حينما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (12)، بهذا الاستشعار تتحقق الرقابة لله عز وجل في قلب المؤمن وعقله ومشاعره وروحه وعواطفه، فإذا تحققت الرقابة لله عز وجل فإن المسلم لا بد أن يتقي الله، وهذه نتيجة طبيعية، بل نتيجة حتمية، فكل من راقب الله واتقاه فلا بد أن يقوم بما أوجب الله عليه، وأن ينتهي عما نهى الله عنه.

ولذلك فإن حقيقة صلاح القلب إنما تتمثل بهذا المعنى، بالرقابة لله عز وجل؛ لأنه إذا امتلأ قلب المسلم بمحبة الله ورجائه وخشيته والإنابة إليه، إذا استشعر معاني صفات الله وأسمائه وأفعاله، إذا استشعر ما يجب لله عز وجل من التعظيم، فإنه لابد أن يجد أثر ذلك في قلبه وسلوكه، تتحقق التقوى التي أبرز معانيها: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية؛ باتباع ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه.

وتتجلى حقيقة التدين كذلك بالتعبد لله عز وجل، والتعبد لا بد أن يكون على ما شرعه الله عز وجل، فكثير من عباد الأمم وأصحاب الديانات الباطلة قديمًا وحديثًا يتعبون وينصبون في التعبد، لكنهم على غير شرع صحيح، فهؤلاء من الأخسرين أعمالًا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، نسأل الله العافية؛ لأنهم تعبدوا لله على غير ما شرع.

ومن حقيقة التدين: أن يظهر أثر التدين على أفعال الإنسان الظاهرة كما يظهر على أعماله القلبية، فأعماله القلبية قد لا تتجلى حقيقتها غالبًا؛ لأنها أمور غيبية لا يعلمها إلا الله عز وجل، فأمور القلب وما فيه أمور بين العبد وربه عز وجل لا يعلمها إلا هو، لكن أعمال الإنسان اللسانية والقولية والفعلية في عباداته ومعاملاته وتعامله مع الآخرين هي المحك والاختبار.

من حقيقة التدين: اعتبار الآخرة في تدينك، فلا بد أن تضع الآخرة نصب عينيك، بمعنى أن تسعى إلى ما ينجيك ويسعدك في آخرتك، وأن تتجنب ما يعرضك للوعيد، وأن تسعى إلى ما يوصلك إلى رضا الله عز وجل والجنة، ورؤية الرب عز وجل، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعًا ممن يتمتع بذلك، وأن تحرص على اتقاء عذاب الله، نسأل الله الإعاذة من ذلك (13).

***

_____________

(1) أخرجه مسلم (2581).

(2) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (5/ 956).

(3) أخرجه البخاري (9)، ومسلم (35).

(4) أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (685).

(5) التدين الشكلي/ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

(6) عدة الصابرين (ص:70).

(7) صيد الخاطر (ص: 244).

(8) أخرجه البخاري (6018)، ومسلم (47).

(9) صحيح الجامع (1231).

(10) أخرجه ابن حبان (942).

(11) أخرجه أحمد (21715).

(12) أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8).

(13) حقيقة التدين/ ناصر العقل.