الانهزامية عند بعض الدعاة
تفاءل تفــاءل ولا تيــأَسَـنْ ولا تعتذر بالقضا والقدر
إذا المــرء يومًا أراد العـلا فلابـد أن يستحِثَّ السِّـيرَ
إنه لا عزة للأمة الإسلامية ولا مكانة لها ما دامت لا تضحي لدينها، ولا تثأر لعقيدتها، ولن تنال العزة والقوة والتمكين في يوم من الأيام بالمال والجاه، أو الانهزامية والخذلان، لقد كانت المبادئ عند الصحابة والتابعين، والغايات التي يسعون لتحقيقها هي رفعة الدين، ونصرة الدعوة وحماية العقيدة؛ فبذلوا لتحقيقها كل غاية ووسيلة، صغرت أم كبرت.
قال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ} [الأحزاب:39]، فلا يحسبون للخلق حسابًا فيما يكلفهم الله به من أمور الرسالة، ولا يخشون أحدًا إلا الله الذي أرسلهم للتبليغ والعمل والتنفيذ، وهو وحده الذي يحاسبهم، وليس للناس عليهم من حساب.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده، فإنه لا يُقَرِّب من أجل، ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يُذَكِّر بعظيم»(1).
وقد كان لتأصيل قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في المجتمع الإسلامي، أن غرس في نفوس المسلمين الصادقين الشجاعة والإقدام، واتخاذ المواقف الجريئة في مواجهة الباطل ونصرة المظلومين، وقد جاء الهدي النبوي معززًا هذه الخلائق البطولية النبيلة، مؤكدًا نصر الله للأبطال المنافحين عن الحق، وخذلانه للجبناء الساكتين عنه(2).
فعن جابر بن عبد الله، وأبي أيوب الأنصاري قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ يخذل مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته»(3).
وقال صلى الله عليه وسلم: »ما ينبغي لمؤمن أن يذ