logo

استهداف العلماء


بتاريخ : الاثنين ، 28 ذو القعدة ، 1443 الموافق 27 يونيو 2022
بقلم : تيار الاصلاح
استهداف العلماء

للعلم والعلماء مكانة في الدين لا تُنكَر، وفضل كبير لا يكاد يُحصر؛ فقد جاءت نصوص الشرع متوافرة متعاضدة تعزِّز من مكانتهم، وتبيِّن فضْلَهم؛ فهم من شهود الله على أعظم مشهود به، وهو توحيد الله عز وجل كما قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18]، قال الإمام القرطبي رحمه الله: في هذه الآية دليلٌ على فضل العلم، وشرف العلماء وفضلهم؛ فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء، لقَرَنَهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء.

ويكفيهم شرفًا أن الله تعالى رفع شأنهم، فجعلهم أهلَ خشيته من بين خلقه؛ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وأبى سبحانه التسويةَ بينهم وبين الجهلة بشريعته؛ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزُّمر: 9]، ورفَعَهم الله تعالى درجاتٍ؛ فقال سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وأوجب طاعتهم؛ فقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59]، وأولو الأمر -كما قال العلماء-: هم العلماء، وقال بعض المفسرين: أولو الأمر الأمراء والعلماء.

والعلماء الربانيون يجب احترامهم وإجلالهم، لما يحملونه من دين الله جل وعلا، ومن ميراث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فالعلماء ورثة الأنبياء، وهم الذين استشهد الله عز وجل بهم على أجل مشهود به وهو التوحيد، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، فقال تعالى: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18]، وفي ضمن ذلك تعديلهم فإنه سبحانه وتعالى لا يستشهد بمجروح (1).

وقال ابن عساكر: إن لحوم العلماء مسمومة، وسنة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، فمن أطلق لسانه في العلماء بالانتقاص والثلب، ابتلاه الله عز وجل قبل موته بموت القلب (2).

إنَّ من أوجعِ ما دُهينا به، وأقرب ما فجعنا به، استطالة الأقزام، سفهاء الأحلام، منتحلي الأقلام، على العلماء الأعلام، والصالحين الأخيار، عبر وسائل الإعلام، من صحف، وقنوات قد اتُخِذَت مرصدًا لملاحقة المؤمنين، ومحاربة الصالحين، وتشويه دين رب العالمين، وتحريف سنة سيد المرسلين؛ إضلالًا للعباد، وإيعادًا بالفساد، وصدًا عن الهدى والرشاد.

ولا يخفى على أحدٍ ما أضرمته أحقاد المنافقين في مقالاتهم على علماء الأمة الصالحين، من تحريفٍ لكلامهم، وقذفٍ بالبهتان وتسليط اللسان بقبيح الكلام، ومحاولة إسقاطهم عند عامة أهل الإسلام؛ ولا ننكر أنه كان في عامة الناس سمَّاعون لهم، يسارعون فيهم، يطيرون بما يقرؤون أو يسمعون كُلَّ مَطار، فقد أوجب البيان من كتاب الله القرآن، وسنة رسول الله عليه السلام، ونهجِ السلف الأخيار، لهم من الله الرضوان، {هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138]، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89]، {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].

إن هذه الهجمة الشرسة، وهذا المكر الكُبَّار الذي يقوم ويهدف إلى إسقاط العلماء، وإذهاب مكانتهم، وإضاعة قدرهم في توجيه الأمة، وحماية بيضتها حتى ينفض عنهم الناس، ويقولوا فلا يسمع لقولهم.

ولقد صدق عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- إذ قال: لكل شيء دولة تصيبه؛ فللأشراف على الصعاليك دولة، ثم للصعاليك وسفلة الناس في آخر الزمان دولة، حتى يدال لهم من أشراف الناس؛ فإذا كان ذلك؛ فرويدك الدجال، ثم الساعة، والساعة أدهى وأمرّ (3).

أما نقرأ في كتاب الله تعالى وجوب طاعتهم، ورَدِّ الأمر إليهم؟ وذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، قال مجاهد، وعطاء، والحسن البصري، وأبو العالية: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} يعني: العلماء (4).

وقيل هم العلماء الدينيون الذين يعلمون الناس ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر (5).

أما نقرأ في كتاب الله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]؟ فأين الصحفيون والمفتونون بقولهم عن هذا الأمر الرباني؟ لا يسألون، بل يعارضون ويشتمون؟

أما نقرأ قوله تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُواْ الألْبَابِ} [آل عمران: 7]، الله أكبر، ما أعظم مقام العلماء في هذا الثناء من الله تعالى.

كيف يطيب لمسلم أن يحتقر أهل العلم ويتسمع لكلام المنافقين فيهم وهو يعلم أن الله تعالى قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته في أعظم أمر وهو التوحيد؟! والله لا يكون هذا من مسلم حق.

أما نقرأ قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، أرأيتم كيف رفع الله تعالى شأن العلماء فوق أهل الإيمان درجات؟ وهؤلاء الصحفيون يريدون أن يضعوهم ويذلوهم.

وبهذا يتبين لنا أنه من لم يرفع لأهل العلم مقامًا، ولم يحفظ لهم مكانة، أنه غير مستجيب لله تعالى في أمره، كما بان لذي عينين أن العلمانيين يعارضون الله تعالى، ويسعون في وضْع مَن رفعه الله تعالى، وخفْض من أعلاه الله تعالى؛ وويل لمن يريد محادة الله تعالى.

هناك من ابتلي بضعف الإيمان، وسلاطة اللسان، فصرف همته، ووجه طاقته، وضيع أوقاته، سبًّا وتجريحًا، وتنقيصًا وتسفيهًا لعلماء الأمة ورجالها المخلصين، الذين نذروا أنفسهم لحماية حوزة الدين، وإرشاد المسلمين، وتنبيه الغافلين؛ فالجناية على العلماء خرق في الدين (6).

ها هو عمر بن الخطاب يخطب فيقول، معلنًا مِنة الله تعالى على العباد بأهل العلم: الحمد لله الذي امتنَّ على العباد بأن يجعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى؛ كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، يقتلونهم في سالف الدهر، فما نسيهم ربك، وما كان ربك نَسِيَّا، جعَل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالتهم، فلا تقصر عنهم؛ فإنهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة (7).

لقد تواردت آثار بأن من علامات الساعة وأشراطها أن يستعلي السفهاء على العلماء، وأن يظهر أهل المنكر، ويُخَوَّن الأمناء ويؤتمن الخونة، ويُصدَّق الكاذب ويكذب الصادق، حتى يصبح المؤمن في ذلة أليمة، يقول الإمام علي رضي الله عنه عن ذلة أهل الحق في آخر الزمان: يأتي على الناس زمان المؤمن فيه أذل من الأمة (8).

لقد صار استهداف العلماء في زماننا هذا ديدنا للظلمة والطواغيت تارة بالقتل، وتارة بالنفي والمطاردة، وتارة بالحبس، وتارة بيد غلاة موتورين، وتارة بيد عملاء مأجورين.

واستهداف العلماء والحكماء -بل والأنبياء– سياسة اتبعها الطواغيت من قديم الزمان؛ قال تعالى مخاطبًا النبي صلى الله علي وسلم، وحاكيًا عن المشركين قولهم الأثيم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].

قال العلامة السعدي مفسرًا هذه الآية: أي: {وَ} اذكر أيها الرسول ما منَّ اللّه به عليك {إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} حين تشاور المشركون في دار الندوة فيما يصنعون بالنبي صلى الله عليه وسلم، إما أن يثبتوه عندهم بالحبس ويوثقوه، وإما أن يقتلوه فيستريحوا –بزعمهم– من شره، وإما أن يخرجوه ويجلوه من ديارهم (9).

عاقبة وجزاء من يقع في العلماء بالسب والطعن:

1- استحق اسم الفسوق بعد أن كان كامل الإيمان:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].

ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الكبر بطر الحق وغمط الناس» (10)، والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرًا عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له؛ ولهذا قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}، فنص على نهي الرجال وعطف بنهي النساء.

قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومقاتل بن حيان: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: لا يطعن بعضكم على بعض (11).

2- سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة:

وكما أن الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر كفاعله، وقد قال تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

وقال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25]، أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم (12).

والتقدير: ويحملوا أوزارًا ناشئة عن أوزار الذين يضلونهم، أي ناشئة لهم عن تسببهم في ضلال المضللين- بفتح اللام-، فإن تسببهم في الضلال يقتضي مساواة المضلل للضال في جريمة الضلال، إذ لولا إضلاله إياه لاهتدى بنظره أو بسؤال الناصحين (13).

وصدق القائل حيث قال:

وما من كاتب إلا سيلقى      غداة الحشر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء     يسرُّك في القيامة أن تراه

فالسعيد من إذا مات ماتت معه سيئاته.

يقول الشاطبي رحمه الله تعالى: وطوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة يعذب بها في قبره، ويسأل عنها إلى انقراضها (14).

فمن سن سنة الطعن والسب في العلماء وتبعه على هذا غيره، فعليه وزره، ووزر من تبعه، فإن مات دون توبة، وخلف هذه السنَّة بعده، لحقه شؤم هذه المعصية حتى بعد موته، نعوذ بالله من الخِذلان.

3- أنه من شرار الخلق:

عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخياركم؟» قالوا: بلى، قال: «الذين إذا رءوا ذكر الله، أفلا أخبركم بشراركم؟» قالوا: بلى، قال: «المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون البراء العنت» (15)، فهؤلاء الأشرار يطلبون العيوب القبيحة للشرفاء المنزهين عن الفواحش.

فالنم خلق ذميم؛ لأنه باعث للفتن وقاطع للصلات وزارع للحقَدْ، ومفرق للجماعات، يجعل الصديقين عدوين والأخوين أجنبيين، والزوجين متنافرين، فهذه المعصية معصية النميمة، ولا يرضاها لنفسه إِلا من انحطت قيمته ودنؤت نَفْسهُ، وكَانَ عندها حقيرًا، وصار كالذباب ينقل الجراثيم.

وأما من كَانَ يشعر بنفسه، فلا يرضى لها هذه الحالة، وهي حرام بجَمِيع أنواعها، سواء كانت بين الأصدقاء والأصحاب أو عَنْدَ أرباب الجاه والسُّلْطَان، وهي شر أنواع النميمة وأشد خطرًا فإن هذه هِيَ السعاية ولا يخفى ما وراء ذَلِكَ من المفاسد العظيمة، فكم جرت من ويلات على كثير من الأبرياء الْمُؤْمِنِين الغافلين، طاهري القُلُوب سليمي الصدور، فقضت على أرواحهم وأموالهم، وَكَمْ نكلت بكثير من الْعُلَمَاء فأخرجتهم من ديارهم وأموالهم، وأصبحوا عرضة للمحن والنوائب، وَكَمْ ضرت بصالحين مطمئنين فأودعتهم السجون وسلبتهم الحقوق، وجعلت للفسقة عَلَيْهمْ سلطانًا (16).

4- أنه عرضة لحرب الله عليه:

ففي الحديث الذي رواه البخاري أن رب العالمين قال في الحديث القدسي: «من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب...» (17).

قال ابن حجر: المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته، المخلص في عبادته، وقد استشكل وجود أحد يعاديه؛ لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه، وأجيب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلًا؛ بل قد تقع عن بغض ينشأ عن التعصب؛ كالرافضي في بغضه لأبي بكر، والمبتدع في بغضه للسني، فتقع المعاداة من الجانبين، أما من جانب الولي فلله تعالى وفي الله، وأما من جانب الآخر فلما تقدم، وكذا الفاسق المتجاهر ببغضه الولي في الله، وببغضه الآخر لإنكاره عليه وملازمته لنهيه عن شهواته، وقد تطلق المعاداة ويراد بها الوقوع من أحد الجانبين بالفعل ومن الآخر بالقوة (18).

وقال الطوفي: لما كان ولي الله من تولى الله بالطاعة والتقوى تولاه الله بالحفظ والنصرة، وقد أجرى الله العادة بأن عدو العدو صديق وصديق العدو عدو، فعدو ولي الله عدو الله، فمن عاداه كان كمن حاربه، ومن حاربه فكأنما حارب الله (19).

5- أنه عرضة لاستجابة دعوة العالم المظلوم:

فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، فكيف بدعوة ولي الله الذي قال الله تعالى عنه: «وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه...» (20).

قال الإمام الحافظ ابن العباس الحسن بن سفيان لمن أثقل عليه: يا هذا، قد احتملتك وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة (21).

ولما أنكر السلطان على الوزير نظام الملك صرف الأموال الكثيرة في جهة طلبه العلم، فأجابه الوزير: أقمت لك بها جندًا لا ترد سهامهم بالأسحار، فاستصوب السلطان فعله، وساعده عليه (22).

6- يعاقبه الله من جنس عمله:

وحيث إن الجزاء من جنس العمل، فليحذر الذي يسب العلماء ويطعن فيهم ويستهزئ بهم عاقبة من جنس فعله.

يقول إبراهيم رحمه الله تعالى: إني أجد نفسي تحدثني بالشيء، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به (23).

وقد حكي أن رجلًا كان يجرئ تلامذته على الطعن في العلماء وإهانتهم، وذات يوم تكلم بكلام لم يدعْه أحد تلامذته، فقام إليه فصفعه على رؤوس الأشهاد، فقيل له: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران: 182].

7- يبتلى بموت القلب:

يقول الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى: ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب؛ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] (24).

ويقول مخلد: حدثنا بعض أصحابنا قال: ذكرت يومًا عند الحسن بن ذكوان رجلًا بشيء، فقال: مه! لا تذكر العلماء بشيءٍ، فيميت الله قلبك (25).

8- يبتلى بسوء الخاتمة:

فها هو القاضي الفقيه الشافعي محمد بن عبد الله الزبيدي، ولد سنة عشر وسبعمائة، وشرح التنبيه في أربعة وعشرين مجلدًا، درس وأفتى، وكثرت طلابه ببلاد اليمن، واشتهر ذكره، وبعد صيته، ذكر الجمال المصري: أنه شاهده عند وفاته وقد اندلع لسانه واسود، فكانوا يرون أن ذلك بسبب كثرة وقيعته في الشيخ محيي الدين النووي رحمهم الله جمعيًا (26).

ولله در القائل:

إن السعيدَ له في غيره عِظةٌ       وفي التجارب تحكيمٌ ومعتبر

لماذا الطعن في العلماء؟

1- تعطيل الانتفاع بعلمهم:

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الديك فقال: «لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة» (27)، فكيف بسب ورثة الأنبياء الداعين إلى الله عز وجل، وأفضل الخلق بعد الرسل والأنبياء؟! قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ما نحن لولا كلمات الفقهاء؟ وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: الدنيا كلها ظلمة، إلا مجالس العلماء (28).

وقال الإمام رحمه الله تعالى: إنما الناس بشيوخهم، فإذا ذهب الشيوخ فمع من العيش؟ (29).

2- جرح شهود الشرع (العلماء) جرح المشهود به (القرآن والسنة):

فالقدح في الحامل يفضي إلى القدح بما يحمله من الشرع والدين؛ ولهذا أطبق العلماء على أن من أسباب الإلحاد: القدح في العلماء.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المسجد: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)} [التوبة: 65- 66]، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنا رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65]... الآيات (30).

ويقول العلامة بكر أبو زيد: بادرة ملعونة... وهي تكفير العلماء، والحط من أقدارهم، فهذا من عمل الشيطان، وباب ضلالة وإضلال، وفساد وإفساد، وإذا جرح شهود الشرع جرح المشهود به، لكن الأغرار لا يفقهون ولا يثبتون.

فالعلماء عقول الأمة، والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء (31).

إذا كان احترام العلماء والمفكرين وأصحاب الفكر والقلم والمعرفة والمعلمين هو الشرط الأهم في نهوض أي أمة وتقدمها على جميع المسارات والأصعدة؛ فإن العمل على عكس ذلك سواء بالتقليل من منزلة العلماء ومكانتهم في المجتمع، أو جعلهم محل تندر واستهزاء على وسائل الإعلام، أو شن حملة عليهم ومهاجمتهم وملاحقتهم والإساءة إليهم هو العامل الأول في المزيد من تراجع أي أمة وتقهقرها وانحدارها في ظلمات الجهل والتخلف والرجعية.

ومع التأكيد على أن الاستهزاء بالعلماء أو النيل من مكانتهم في المجتمع يشمل بلا شك علماء الدين والدنيا معًا، إلا أن الأخطر بلا ريب هو المساس بعلماء العقيدة والشريعة والدين، فمن المعلوم أن الغاية الأولى من العلم معرفة الله تعالى وعبادته بشكل صحيح كما أمر، فما فائدة علوم الدنيا إذا لم تكن وسيلة للوصول إلى اليقين بوجود الله تعالى وعبادته؟

لقد أمر الله تعالى باحترام العلماء وتوقيرهم، وأوجب طاعتهم بالمعروف بعد طاعة الله تعالى ورسوله فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، وقد أكد معظم علماء التفسير أن المقصود بأولي الأمر في الآية: الأمراء والعلماء، قال ابن كثير: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ} يعني: أهل الفقه والدين، وكذا قال مجاهد وعطاء والحسن البصري وأبو العالية: {وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ} يعني: العلماء، والظاهر -والله أعلم- أن الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء (32).

واعتبر النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الأنبياء، وأمر باحترامهم وتوقيرهم، ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» (33).

وحذر النبي صلى الله عليه من استهداف العلماء والنيل منهم والتعرض لهم بشر وسوء، ففي الحديث عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا» (34).

ليس العجب أن يستهدف أعداء الأمة علماءها وفقهاءها- وعلى رأسهم أصحاب العمائم وخطباء المنابر ومن يعلمون الناس أمور دينهم– فهذا دأبهم وديدنهم منذ بزوغ فجر الإسلام وحتى الآن ... ولكن العجب كل العجب أن يتم استهداف علماء الأمة من قبل بني جلدتهم وداخل بلدانهم الإسلامية وعلى وسائل الإعلام العربية (35).

نماذج مشرقة من علماء الأمة:

يحرص أصحاب السلطة على استمالة العلماء لصفهم نظرًا لتأثيرهم على عوام الناس، فيعملون جاهدين على إفساد العلماء طمعًا بتأمين غطاء لهم كي لا تقوم ثورة بوجه فسادهم، مما يؤدي لانقسام العلماء إلى فريقين: علماء السلطان وعلماء الاسلام، مما يعرض العلماء لامتحانات يفوز فيها الثابتون ويسقط خلالها المضللون.

رفض المبايعة للسلطة (سعيد بن المسيب):

عقد عبد الملك لابنيه (الوليد وسليمان) بالعهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان، وعامله يومئذ على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي، فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوا، وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما، وقال: حتى أنظر، فضربه هشام ستين سوطًا، وطاف به في تُبَّان من شَعر، حتى بلغ به رأس الثنيَّة، فلما كرُّوا به قال: أين تكرون بي؟ قالوا: إلى السجن، فقال: والله لولا أني ظننته الصلب ما لبست هذا التُّبَّان أبدًا، فردوه إلى السجن، فحبسه وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه (36).

قال قتادة: كان ابن المسيب إذا أراد أحد أن يجالسه قال: إنهم قد جلدوني، ومنعوا الناس أن يجالسوني (37).

الإمام سعيد بن جُبَير والحجاج:

خرج سعيد بن جبير مع ابن الأشعث على الحجاج، ثم إنه اختفى وتنقل في النواحي اثنتي عشرة سنة، ثم وقعوا به، فأحضروه إلى الحجاج، فقال: يا شقي بن كسير – يعني: ما أنت سعيد بن جبير – أما قدمت الكوفة وليس يؤم بها إلا عربي فجعلتك إمامًا؟! قال: بلى، قال: أما وليتك القضاء، فضج أهل الكوفة وقالوا: لا يصلح للقضاء إلا عربي، فاستقضيت أبا بردة بن أبي موسى وأمرته ألا يقطع أمرًا دونك؟! قال: بلى، قال: أما جعلتك في سمارِي، وكلهم رؤوس العرب؟! قال: بلى، قال: أما أعطيتك مائة ألف تفرقها على أهل الحاجة؟! قال: بلى، قال: فما أخرجك علي؟! قال: بيعة كانت في عنقي لابن الأشعث، فغضب الحجاج وقال: أما كانت بيعة أمير المؤمنين في عنقك من قبل؟! يا حرسي، اضرب عنقه، فضرب عنقه – رحمه الله (38).

رفض تولي المنصب:

كان أبو حنيفة يخرج كل يوم فيضرب ليدخل في القضاء فيأبى، ولقد بكى في بعض الأيام، فلما أطلق قال: كان غم والدتي أشد عليّ من الضرب (39).

محنة الإمام مالك بن أنس:

قال الإمام الذهبي: قال محمد بن جرير: كان مالك قد ضرب بالسياط، واختُلِف في سبب ذلك؛ فحدثني العباس بن الوليد، حدثنا ابن ذكوان، عن مروان الطاطري، أن أبا جعفر نهى مالكًا عن الحديث: ليس على مستكرَهٍ طلاق، ثم دس إليه من يسأله، فحدثه به على رؤوس الناس، فضربه بالسياط، وذلك لخوف السلطان من التجرؤ على نقض البيعة ممن أكره عليها (40).

الإكراه على اعتقاد خاطئ:

في عام (218هـ) وبسبب شرذمة هلكى من ضلال المعتزلة يرأسهم أحمد بن أبي دؤاد، ظهرت بدعة القول بخلق القرآن، واستطاعوا أن يلبسوا على الخليفة بهذا القول حتى اعتقده، فكتب الخليفة المأمون إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم يأمره أن يمتحن القضاة والمحدثين بالقول بخلق القرآن، وأمره بأن من أجاب منهم شهر أمره في الناس، ومن لم يجب منهم أن يبعثه إلى عسكر أمير المؤمنين يرسف في أغلاله، حتى يصل إلى أمير المؤمنين فيرى فيه رأيه، فأجاب أكثرهم إلا أربعة؛ وهم: أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، والحسن بن حماد “سجادة”، وعبيد الله بن عمر القوارِيري، ثم أجاب سجادة، ثم أجاب القوارِيري، وأرسل أحمد وابن نوح إلى الخليفة، فسارَا مقيَّدين في مَحمَل على جملٍ، وفي الطريق جعل الإمام أحمد يدعو الله عز وجل ألا يجمع بينهما وبين المأمون، وألا يرياه ولا يراهما، فلما كانوا ببعض الطريق بلغهم موت المأمون، فعادوا إلى بغداد (41).

الإكراه على عقد مجالس العلم في ديوان الحاكم:

بعث الأمير خالد بن أحمد الذُّهلي والي بُخارَى إلى محمد بن إسماعيل: احمل إلي كتاب “الجامع والتاريخ” وغيرهما لأسمع منك، فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة، فاحضرني في مسجدي أو في داري، وإن لم يعجبك هذا، فأنت سلطان فامنعني من الجلوس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة؛ لأني لا أكتم العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار» (42)، قال: فكان سبب الوحشة بينهما (43).

ومن هنا وجب أن يوفيهم الناسُ حقَّهم من التعظيم والتقدير والإجلال، وحفظ الحرمات، وما يوجد من بعض الناس في بعض المجالس أو المنتديات، أو بعض وسائل الإعلام من انتقاصٍ أو ازدراء لأهل العلم؛ بسبب خلافهم، أو قولهم الحق والصدع به - يجب إنكاره والرد على قائله ونصحه؛ لأن الوقوع في العلماء إسقاط لهم، وحرمان للناس من الإفادة من علمهم، وحينئذ يتَّخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فيفتون بغير علم فيضلون؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا، اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسُئلوا فأفتَوْا بغير علمٍ، فضلُّوا وأضلُّوا» (44).

وإنما جاء الشرع بهذا التوقيرِ والتعظيم للعلماء؛ لما فيه من مصالحَ عظيمةٍ؛ فإن توقير العلماء أدعى إلى توقير علمِهم الذي يحملونه، وأقربُ إلى أن يحرصوا على بذْله للناس؛ فإن التوقير والأدب والتلطف، يستدر بها العطف والود، كما أن في ازدرائهم وإهانتهم خطرًا على المجتمع بكتمانهم العلم، أو عجزهم عن إبلاغه، أو استهانة الناس بهذا العلم الذي يحملونه (45).

 

-----------

(1) مدارج السالكين (2/ 441).

(2) شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة (2/ 13)، بترقيم الشاملة آليًا.

(3) الفتن لنعيم بن حماد (1/ 243).

(4) تفسير ابن كثير (2/ 345).

(5) تفسير الكشاف (1/ 524).

(6) فتنة الاستطالة على العلماء/ ملتقى الخطباء.

(7) البدع لابن وضاح (1/ 26).

(8) الفتن لنعيم بن حماد (1/ 191).

(9) تيسير الكريم الرحمن (ص: 319).

(10) أخرجه مسلم (91).

(11) تفسير ابن كثير (7/ 376).

(12) تفسير ابن كثير (4/ 5).

(13) التحرير والتنوير (14/ 133).

(14) الموافقات (1/ 361).

(15) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (246).

(16) موارد الظمآن لدروس الزمان (5/ 8).

(17) أخرجه البخاري (6502).

(18) فتح الباري لابن حجر (11/ 342).

(19) فتح الباري لابن حجر (11/ 343).

(20) أخرجه البخاري (6502).

(21) سير أعلام النبلاء (14/ 159).

(22) تحفة الطالبين (ص: 115).

(23) كشف الخفاء (1/ 333).

(24) مصدر سابق.

(25) الصمت لابن أبي الدنيا (ص: 268).

(26) الدرر الكامنة (4/ 106).

(27) أخرجه أبو داود (5101).

(28) جامع بيان العلم (ص: 236).

(29) كتاب اللطائف من علوم المعارف (ص: 843).

(30) تفسير ابن كثير (2/ 193).

(31) حرمة أهل العلم (ص: 319- 320) بتصرف واختصار.

(32) تفسير ابن كثير (2/ 345).

(33) أخرجه أبو داود (4845).

(34) أخرجه أحمد (22755).

(35) إعلامنا واستهداف العلماء/ شبكة المسلم.

(36) سير أعلام النبلاء (5/ 130).

(37) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 172).

(38) البداية والنهاية (12/ 464).

(39) تاريخ بغداد (15/ 449).

(40) سير أعلام النبلاء (7/ 169).

(41) البداية والنهاية (10/ 300).

(42) أخرجه أبو داود (3658).

(43) تاريخ بغداد وذيوله (2/ 32).

(44) أخرجه البخاري (100)، ومسلم (2673).

(45) تعظيم قدر العلماء وخطورة تنقصهم/ الألوكة.