إحسان الظن بالله
كلما كان العبد حسن الظن بالله، حسن الرجاء له، صادق التوكل عليه؛ فإن الله لا يخيب أمله، ولا يضيع عمله، فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل، ولا يضيع عمل عامل.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل قال: «أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله»(1).
وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»(2).
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: «أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به»(3)، وقال النووي: «قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه»(4)، وقال في موضع آخر حول هذا الحديث أيضًا: «قال القاضي: قيل: معناه بالغفران له إذا استغفر، والقبول إذا تاب، والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا طلب، وقيل: المراد به الرجاء وتأميل العفو، وهو أصح»(5).
وعن جابر رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)»(6).
قال الخطابي رحمه الله في شرح هذا الحديث: «وقد يكون أيضًا حسن الظن بالله من ناحية الرجاء وتأميل العفو»(7)، وقال العظيم آبادي في عون المعبود: «أي لا يموت أحدكم في حال من الأحوال إلا في هذه الحالة، وهي حسن الظن بالله بأن يغفر له؛ فالنهي وإن كان في الظاهر عن الموت، لكن في الحقيقة عن حالة ينقطع عندها الرجاء لسوء العمل كيلا يصادفه الموت عليها، قاله علي القاري».
ثم قال: «وقال النووي في شرح المهذب: معنى تحسين الظن بالله تعالى أن يظن أن الله تعالى يرحمه، ويرجو ذلك بتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله تعالى وعفوه، وما وعد به أهل التوحيد، وما سيبدلهم من الرحمة يوم القيامة، كما قال سبحانه وتعالى في الحديث الصحيح: «أنا عند ظن عبدي بي» هذا هو الصواب في معنى الحديث، وهو الذي قاله جمهور العلماء»(8).
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: «قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: (لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا)، فقال: (ما ظنك، يا أبا بكر، باثنين الله ثالثهما)»(9)؛ أي: ناصرهما ومعينهما.
دخل واثلة بن الأسقع على أبي الأسود الجرشي في مرضه الذي مات فيه، فسلم عليه وجلس، فأخذ أبو الأسود يمين واثلة، فمسح بها على عينيه ووجهه لبيعته بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له واثلة: «واحدة أسألك عنها»، قال: «وما هي؟»، قال: «كيف ظنك بربك؟»، فقال أبو الأسود، وأشار برأسه؛ أي حسن، قال واثلة: «أبشر، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)»(10).
يتبين من خلال ما سبق أن من مفهوم حسن الظن بالله عز وجل ظن ما يليق بالله سبحانه وتعالى من ظن الإجابة والقبول والمغفرة والمجازاة، وإنفاذ الوعد، وكل ما تقتضيه أسماؤه وصفاته سبحانه؛ ولذا فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في ظن السوء: «وإنما كان هذا ظن سوء، وظن الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل وظن غير الحق؛ لأنه ظن غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وذاته المبرأة من كل عيب وسوء، بخلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالربوبية والإلهية، وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه»(11).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: «أذنب عبد ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك»(12).
فإن المؤمن حين يحسن الظن بربه لا يزال قلبه مطمئنًا ونفسه آمنة تغمرها سعادة الرضا بقضاء الله وقدره، وخضوعه لربه سبحانه، فالقلب المؤمن حسن الظن بربه، يتوقع منه الخير دائمًا، يتوقع منه الخير في السراء والضراء، ويؤمن بأن الله يريد به الخير في الحالين؛ وسر ذلك أن قلبه موصول بالله، وفيض الخير من الله لا ينقطع أبدًا؛ فمتى اتصل القلب به لمس هذه الحقيقة الأصيلة وأحسها إحساس مباشرة وتذوق(13).
بل إن من أحسن الظن بربه وتوكل عليه حق توكله جعل الله له في كل أمره يسرًا، ومن كل كرب فرجًا ومخرجًا، قال بعض الصالحين: «استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل في كشفها؛ فإن ذلك أقرب إلى الفرج»(14).
ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان؛ فإن المحسن أحسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه، وألا يخلف وعده، وأن يقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات؛ فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه.
قال ابن القيم رحمه الله مفرقًا بين حسن الظن بالله والغرور: «وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه، وساعده وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور»(15).
فعلى المؤمن مع إحسانه الظن بربه ألا يغفل عن محاسبة الله سبحانه لعباده بعدله وحكمته، ومجازاته لهم بما كانوا يعملون؛ حتى لا يقع في الغرور فيوبق نفسه.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه عرض له رجل فقال: «كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟»، فقال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: {هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18])»(16)، فما أحلم الله بعباده، وما أشد كرمه، سبحانه رحمته وسعت كل شيء.
أقسام الظن وأحكامه:
وصفوة القول أن الظن لا يخرج عن أمور خمسة:
الأول: الظن المحرم، وهو سوء الظن بالله، ويقابله وجوب حسن الظن بالله.
الثاني: حرمة سوء الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة، والمطلوب حسن الظن بهم.
الثالث: الظن المباح، وهو الذي يعرض في قلب المسلم في أخيه بسبب ما يوجب الريبة، وهذا الظن لا يُحَقَّقُ.
الرابع: الظن المندوب إليه، وهو حسن الظن بالأخ المسلم، وعليه الثواب.
الخامس: الظن المأمور به، وهو الظن فيما لم ينص عليه دليل يوصلنا إلى العلم، وقد تعبدنا الله بالاقتصار على الغالب الظني فيه؛ كقبول شهادة العدول، وتحري القبلة، وتقويم المستهلكات وأروش الجنايات التي لم يرد نص في تقديرها(17).
قال الحسن: «ألا إنما عمل الناس على قدر ظنهم بربهم، فأما المؤمن فأحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل»، ثم قال: «قال الله تبارك وتعالى: {وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ} إلى قوله: {وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ} الآية [فصلت:22-23]»(18).
وكما ذكر ابن القيم رحمه الله: «إن حسن الظن يحمل صاحبه على العمل، وإن الغرور يشجع صاحبه على المعاصي»، قال: «ولو أن رجلًا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه منها ما ينفعه، فأهملها، ولم يبذرها، ولم يحرثها، وأحسن ظنه بأنها يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقي وتعاهد الأرض، لعده الناس من أسفه السفهاء»(19).
وواضح أن هذا المعنى في غاية الصحة عندما يكون المرء في حالة الصحة، أما عند المرض، واقتراب الأجل، فالتوبة، والإنابة، واستحضار معاني صفات الرحمة والمغفرة؛ هي الأمور اللازمة، والله تعالى أعلم(20).
ثلاثة من أعلام حسن الظن بالله: قوة القلب، وفسحة الرجا في الذلة، ونفي الإياس بحسن الإنابة.
قال السفاريني: «ظن كثير من الجهال أن حسن الظن بالله والاعتماد على سعة عفوه ورحمته مع تعطيل الأوامر والنواهي كاف, وهذا خطأ قبيح وجهل فضيح, فإن رجاءك لمرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق»(21).
ومصداق هذا قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعراف:169].
قال ابن القيم: «وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع كلامه ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عنه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه، ومسئول عن كل عمل وهو مقيم على مساخطه، مضيع لأوامره معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به، وهل هذا إلا من خدع النفوس وغرور الأماني؟»(22).
إن مما يهم معرفته عند الحديث عن حسن الظن بالله تعالى أن نعلم ما هي البواعث التي تدعو إلى إحسان الظن بالله، وتحتم على المؤمن أن يضعها بين عينيه، ويحاسب نفسه على الأخذ بها.
فمن هذه البواعث:
1- أن يعلم أن في امتثاله لهذا الأمر استجابة لله تعالى، وامتثالًا لأمره، ولوصية رسوله عليه الصلاة والسلام، كما مر في الآيات والأحاديث السابقة.
وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24]، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «فتضمنت هذه الآية أمورًا: أحدها: أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ولرسوله، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات؛ فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله ولرسوله ظاهرًا وباطنًا؛ فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة»(23)، فكفى بهذا باعثًا لكل مؤمن على امتثال كل ما أمر الله به رسوله عليه الصلاة والسلام.
2- إدراك أهمية التعلق بحسن الظن بالله، ومدى أثره على سلوك النفس المؤمنة في حياتها وحتى الممات، ومعرفة حال السلف وعظيم تمسكهم بهذا الأمر وحثهم عليه؛ فإن هذا أحرى في الاقتداء بهم وتمثل منهجهم.
3- ومن أهم البواعث والأسباب التي تفضي إلى حسن الظن بالله تعالى: التدبر والتفكر في أسماء الله وصفاته، وما تقتضيه من معاني العبودية والإخلاص.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «والأسماء الحسنى، والصفات العلى مقتضية لآثارها من العبودية والأمر اقتضاءها لآثارها من الخلق والتكوين؛ فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، أعني من موجبات العلم بها، والتحقق بمعرفتها، وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح»(24).
الفرق بين حسن الظن والغرور:
وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأن حسن الظن إن حمل على العمل، وحث عليه، وساق إليه، فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور، وحسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه هاديًا له إلى الطاعة، زاجرًا له عن المعصية، فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاءً، ورجاؤه بطالة وتفريطًا، فهو المغرور.
ولو أن رجلًا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها، وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض لعده الناس من أسفه السفهاء.
وكذلك لو حسن ظنه وقوي رجاؤه بأن يجيئه ولد من غير جماع، أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم، وحرص تام عليه، وأمثال ذلك.
فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلا والنعيم المقيم، من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ} [البقرة:218].
فتأمل كيف جعل رجاءهم إتيانهم بهذه الطاعات؟
وقال المغترون: إن المفرطين المضيعين لحقوق الله المعطلين لأوامره، الباغين على عباده، المتجرئين على محارمه، أولئك يرجون رحمة الله.
وسر المسألة أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه وقدره وثوابه وكرامته، فيأتي العبد بها ثم يحسن ظنه بربه، ويرجوه ألا يكله إليها، وأن يجعلها موصلة إلى ما ينفعه، ويصرف ما يعارضها ويبطل أثرها(25).
_______________
(1) أخرجه الألباني في صحيح الجامع (4315).
(2) أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675).
(3) فتح الباري (17/ 397).
(4) شرح صحيح مسلم للنووي (14/ 210).
(5) المصدر السابق (14/ 2).
(6) أخرجه مسلم (2877).
(7) معالم السنن مع كتاب سنن أبي داود (3/ 484).
(8) عون المعبود شرح سنن أبي داود (8/ 382).
(9) أخرجه البخاري (3653)، ومسلم (2381).
(10) أخرجه الألباني في صحيح الجامع (4316).
(11) زاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 299).
(12) أخرجه البخاري (7507)، ومسلم (2758).
(13) في ظلال القرآن (6/ 3219).
(14) الفرج بعد الشدة (1/ 154).
(15) الداء والدواء أو الجواب الكافي، ط عالم الفوائد (1/ 86).
(16) أخرجه البخاري (2441).
(17) منهج الدعوة الإسلامية في البناء الاجتماعي، ص412.
(18) الأساس في التفسير (9/ 5044).
(19) الداء والدواء (1/ 86).
(20) حسن الظن بالله تعالى، شبكة الألوكة
(21) غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 468).
(22) الداء والدواء (1/ 46).
(23) الفوائد، ص166.
(24) مفتاح دار السعادة، ص424.
(25) الداء والدواء، ص38-39.