logo

أنقذوا أولادكم من النار


بتاريخ : الجمعة ، 27 شعبان ، 1437 الموافق 03 يونيو 2016
بقلم : تيار الإصلاح
أنقذوا أولادكم من النار

إن تنشئة الطفل المسلم على عقيدة الإسلام لهو من أهم الأمور التي يجب أن يعيها الوالدان، وقد ترك الوالدان أبناءهما بدون تربية إسلامية قائمة على التوحيد وبناء الأخلاق الكريمة داخل نفوسهم، وكذلك تركا أبناءهما إلى

وسائل الترفيه وإلى أصحابهم، فخرج لنا جيل لا يعرف أي شيء عن دينه، سوى أن هذا الدين اسمه الإسلام، وأن أركانه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.

 

لكن هل يعرف هذا الجيل ما معنى لا إله إلا الله؟؛ بل هل يعرف ربه؟ هل يعرف صفاته وأسمائه؟ هل يعرف هذا الجيل معنى (محمد رسول الله)؟، للأسف كلها أسئلة إجابتها واحدة، هي: لا، إلا من رحم الله عز وجل، فليس الأمر على إطلاقه، لكن الغالب الأعم هو أن أولاد المسلمين لا يعرفون عن دينهم إلا اسمه ورمزه.

 

وبالتالي، كان من الطبيعي أن يكونوا فريسة لأعداء الدين، سواء من المنصرين أو الملحدين.

 

هل تعلم أن مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام، تتلقى يوميًا ما يقرب من حالتين إلى ثلاث حالات من حالات الإلحاد؟، وذلك في مصر فقط، وهذا من خلال أب مكلوم أو أم مكلومة تشكو ابنها أو ابنتها التي لا تؤمن بالله عز وجل.

 

ومما يؤلم القلب أكثر أن أعمار هؤلاء الأبناء هي ما بين الثالثة عشر ربيعًا والسادسة عشر ربيعًا.

 

إن هذه الحالة التي وصلت إليها مجتمعاتنا هي بسبب تقصيرنا، نحن الآباء، في معرفة ديننا، وبالتالي لم نتمكن من تلقين أبنائنا قواعد الإسلام وتعليمهم قواعد العقيدة الإسلامية، فأخرجنا جيلًا ليس لديه أي أساس ولا سلاح يدافع وينافح به عن دينه؛ بل كان هذا الجيل عرضة لكل مخبول يريد أن يغير مفاهيم وعقائد شباب المسلمين.

 

إن الأسرة المسلمة، ممثلة في الوالد والوالدة، يجب عليها أن تربي أبناءها التربية الإسلامية الصحيحة، وأن تعرفهم بالله عز وجل، معرفة صحيحة كاملة، فتعلم الأبناء عقيدة التوحيد، وأن الله هو الرزاق والخالق، وأنه هو المعبود، وإنه هو القادر على كل شيء في هذا الكون، وأنه هو الذي يسير الكون، ويعلم الغيب ويعلم ما كان وسيكون وما هو كائن، وكل هذا مع الأدلة التي يجب أن يتشربها النشء المسلم؛ حتى تكون له هذه العقيدة حصنًا منيعًا من حزب الشيطان وأهله وأفكاره.

 

فالأسرة المسلمة مهما بلغت من الحذر والحيطة لأبنائها، فلن تستطيع أبدًا أن تمنع أمثال تلك الأفكار الإلحادية من الوصول إليهم، إلا من رحم الله عز وجل؛ وذلك لأننا في عصر الفضاء المفتوح، فهناك قنوات كثيرة تبث سمومها هنا وهناك، وفي طيات هذه السموم تجد الكفر والزندقة والإلحاد، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، والأبناء يتلقفون هذه البرامج في صورة برامج ساخرة أو ترفيهية، إلا أنه لا يبقى في العقل الباطن إلا المفهوم الذي أراد هذا البرنامج إيصاله، كمفهوم الحرية المطلقة، بمعنى: أفعل ما أشاء، وقتما أشاء، كيفما أشاء، وذلك تحت مسمى الحرية الشخصية.

 

وكذلك هناك مواقع على الشبكة العنكبوتية، لا تقدر بعدد، تبث سموم الإلحاد بكل ما أوتيت من قوة؛ بل وتخاطب به المسلمين فقط، ففي أكثر من صفحة على الفيس بوك التي تنشر الإلحاد وتدعو إليه، تقوم هذه الصفحة بإيراد آية أو حديث، وتقوم بتشكيك المسلمين في عقيدتهم، وهدم دينهم، وتستخدم في ذلك العقل والمنطق، وفي أحيان كثيرة الخداع.

 

ومن خلال قراءتي لتلك الشبهات، وردود أولئك الملحدين على من يدافع عن الإسلام في هذه الصفحات الملحدة، أدركت، وبشكل يقيني، أن من يقوم على مثل هذه الصفحات هو متعلم جيد جدًا، وقارئ للقرآن وللسنة ولأحكام هذا الدين، ومتعمق في دواخل هذا الدين؛ مما يدل على أن هؤلاء الملحدين جاءوا يحاربون هذا الدين بكل قوة، وقد أعدوا العدة لذلك، ويدفعهم أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى؛ بدليل أن هذه الصفحات، وتلك المدونات والمواقع، لم تهاجم غير الإسلام إلا نادرًا.

 

أيها المسلمون، أنقذوا أولادكم من النار، أيها المسلمون، أنقذوا أنفسكم من شدة الحساب، لأنكم مسئولون أمام الله عز وجل عن أبنائكم، ولا تتعللوا بأن الأبناء ما زالوا صغارًا، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جارية صغيرة غير حرة، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله(1).

 

فهذه جارية صغيرة وغير حرة، أي لا تملك من أمرها شيئًا، ومع ذلك فهي تعلم أن هناك إلهًا، وهو في السماء، وأن محمدًا رسول الله.

 

وهذا عبد الله بن عباس، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، يركب مع النبي صلى الله عليه وسلم خلفه على دابة، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف»(2).

 

فهذا غلام لم يبلغ العاشرة من عمره بعد، يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أصولًا في عقيدة الإسلام، يعلمه أنه لن ينفعه ولن يدفع عنه الضر إلا الله عز وجل؛ لأنه هو الخالق، وهو القادر على كل شيء.

 

إن الأبناء أمانة في أعناق الآباء والأمهات، فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه، فيجب على كل أسرة مسلمة أن تتعلم أمور دينها؛ حتى تحصن أبناءها من شبهات المضلين ومكائدهم.

 

____________________________________________
(1) صحيح مسلم (537).

(2) صحيح الجامع الصغير، للألباني (7957).