أسباب الذل والهوان
إنه ليس أشد إفسادًا للفطرة من الذل الذي يعشش في صدور ونفوس الأذلاء، فيقوم بتحطيم فضائل النفس وأخلاقها، ويحلل مقّوماتها ودوافعها، ويغرس فيها من طباع العبيد السيئة، فلا تنعم إلا تحت سوط الجلاد، وتتمرد حين يرفع عنها السوط، وتتبطر حين يتاح لها شيء من النعمة والقوة.
وهكذا البنية النفسية المفككة، والجبلة الهابطة المتداعية، تأبى على القوم أن يرتفعوا إلى مستوى الغاية التي من أجلها خلقوا، ومن أجلها عاشوا، ليخرجهم الله من الذل والهوان، وليرفعهم من المهانة والضعة، فإن للحرية ثمن، وللعزة تكاليف، وللأمانة الكبرى التي ناطهم الله بها فدية.
ولكن كثير من الناس لا يريدون أن يؤدوا الثمن، ولا يريدون أن ينهضوا بالتكاليف، ولا يريدون أن يدفعوا الفدية؛ حتى بأن يتركوا مألوف حياتهم الرتيبة الهينة، حتى بأن يغيروا مألوف طعامهم وشرابهم، وأن يكيفوا أنفسهم بظروف حياتهم الجديدة، في طريقهم إلى العزة والحرية والكرامة (1).
فليس أفسد للنفس البشرية من الذل والخضوع للطغيان طويلًا، ومن الحياة في ظل الإرهاب والخوف والتخفي والالتواء لتفادي الأخطار والعذاب، والحركة في الظلام، مع الذعر الدائم والتوقع الدائم للبلاء.
لقد عاش بنو إسرائيل يقتل فرعون أبناءهم ويستحيي نساءهم، فإذا فتر هذا النوع البشع من الإرهاب الوحشي، عاشوا حياة الذل والسخرة والمطاردة على كل حال.
وفسدت نفوسهم وفسدت طبيعتهم والتوت فطرتهم وانحرفت تصوراتهم وامتلأت نفوسهم بالجبن والذل من جانب، وبالحقد والقسوة من الجانب الآخر، وهما جانبان متلازمان في النفس البشرية حيثما تعرضت طويلًا للإرهاب والطغيان.
لقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينظر بنور الله، فيرى حقيقة تركيب النفس البشرية وطبيعتها، وهو يقول لعماله على الأمصار موصيًا لهم بالناس: ولا تضربوا أبشارهم فتذلوهم، كان يعلم أن ضرب البشرة يذل الناس، وكان الإسلام في قلبه يريد منه ألا يذل الناس في حكومة الإسلام وفي مملكة الله، فالناس في مملكة الله أعزاء، ويجب أن يكونوا أعزاء وألا يضربهم الحكام فيذلوهم، لأنهم ليسوا عبيدًا للحكام.
إنما هم عبيد لله أعزاء على غير الله.
ولقد ضربت أبشار بني إسرائيل في طاغوت الفرعونية حتى ذلوا، بل كان ضرب الأبشار هو أخف ما يتعرضون له من الأذى في فترات الرخاء، ولقد ضربت أبشار المصريين كذلك حتى ذلوا هم الآخرون واستخفهم فرعون، ضربت أبشارهم في عهود الطاغوت الفرعوني ثم ضربت أبشارهم في عهود الطاغوت الروماني.
ولم يستنقذهم من هذا الذل إلا الإسلام، يوم جاءهم بالحرية فأطلقهم من العبودية للبشر بالعبودية لرب البشر.
وكانت هذه هي معجزة البعث الإسلامي لنفوس الأقباط في مصر، وللنفوس في كل مكان -حتى لمن لم يعتنقوا الإسلام- كانت هذه هي معجزة هذا البعث الذي يستنقذ الأرواح من ركام آلاف السنين من الذل القديم، فتنتفض هكذا انتفاضة الكرامة التي أطلقها الإسلام في أرواحهم وما كان غير الإسلام ليطلقها في مثل هذه الأرواح.
عملية استصلاح نفوس بني إسرائيل من ذل الطاغوت الفرعوني هي التي سيواجهها موسى عليه السلام في هذه الحلقة -بعد خروجه ببني إسرائيل من مصر وتجاوزه بهم البحر- وسنرى من خلال القصص القرآني هذه النفوس، وهي تواجه الحرية بكل رواسب الذل، وتواجه الرسالة بكل رواسب الجاهلية، وتواجه موسى عليه السلام بكل الالتواءات والانحرافات والانحلالات والجهالات التي ترسبت فيها على الزمن الطويل (2).
إن للذل ضريبة كما أن للكرامة ضريبة، وإن ضريبة الذل لأفدح في كثير من الأحايين، وإن بعض النفوس الضعيفة ليخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هربًا من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة رخيصة، مفزعة قلقة، تخاف من ظلها، وتفرق من صداها، يحسبون كل صيحة عليهم، ولتجدنهم أحرص الناس على حياة، هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيرًا ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون (3).
قال الله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112].
وها يذكر الله لنا أسباب ذل اليهود لنحذر من الوقوع فيها، ولئلا نقع فيما وقعوا فيه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم» (4).
والمقدمات المتشابهة ستؤدي إلى النتائج نفسها، إذن فالكلام عن اليهود يعنينا، حتى نعرف موطن الخلل فنصلحَه، ومنبع الشر فنتقيه.
وقد ذكر الله عز وجل في هذه الآية أربعة أسباب للذل، لهذا القدر المضروب على فئات من الناس:
1- يكفرون بآيات الله، وما يمكن أن يتحرر البشر من الذل والخوف والقلق ويستمتعوا بالكرامة الحقيقية التي أكرمهم بها الله؛ إلا حين يتفرد الله سبحانه بالربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية، ويتجرد منها العبيد في كل صورة من الصور.
وما كان الخلاف على مدار التاريخ بين الجاهلية والإسلام، ولا كانت المعركة بين الحق والطاغوت، على ألوهية الله سبحانه للكون وتصريف أموره في عالم الأسباب والنواميس الكونية؛ إنما كان الخلاف وكانت المعركة على من يكون هو رب الناس، الذي يحكمهم بشرعه، ويصرفهم بأمره، ويدينهم بطاعته؟
لقد كان الطواغيت المجرمون في الأرض يغتصبون هذا الحق ويزاولونه في حياة الناس، ويذلونهم بهذا الاغتصاب لسلطان الله، ويجعلونهم عبيدًا لهم من دون الله، وكانت الرسالات والرسل والدعوات الإسلامية تجاهد دائمًا لانتزاع هذا السلطان المغتصب من أيدي الطواغيت ورده إلى صاحبه الشرعي، الله سبحانه.
والله سبحانه غني عن العالمين، لا ينقص في ملكه شيئًا عصيان العصاة وطغيان الطغاة، ولا يزيد في ملكه شيئًا طاعة الطائعين وعبادة العابدين، ولكن البشر- هم أنفسهم- الذين يذلون ويصغرون ويسفلون حين يدينون لغير الله من عباده وهم الذين يعزون ويكرمون ويستعلون حين يدينون لله وحده، ويتحررون من العبودية للعبيد، ولما كان الله سبحانه يريد لعباده العزة والكرامة والاستعلاء فقد أرسل رسله ليردوا الناس إلى عبادة الله وحده، وليخرجوهم من عبادة العبيد، لخيرهم هم أنفسهم، والله غني عن العالمين.
إن الحياة البشرية لا تبلغ مستوى الكرامة الذي يريده الله للإنسان إلا بأن يعزم البشر أن يدينوا لله وحده، وأن يخلعوا من رقابهم نير الدينونة لغير الله، ذلك النير المذل لكرامة الإنسان في أية صورة قد كان! والدينونة لله وحده تتمثل في ربوبيته للناس وحده، والربوبية تعني القوامة على البشر، وتصريف حياتهم بشرع وأمر من عند الله، لا من عند أحد سواه (5).
2- يقتلون الأنبياء بغير حق، ويشبهه في زماننا قتل الدعاة بدعوة الأنبياء عليهم السلام، فقد قال الله تعالى في آية أخرى في السورة ذاتها: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: 21]، وقال تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: 61].
قال ابن كثير: أي: وإنما حملهم على ذلك الكبر والبغي والحسد، فأعقبهم ذلك الذلة والصغار والمسكنة أبدا، متصلا بذلة الآخرة، ثم قال تعالى: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} أي: إنما حملهم على الكفر بآيات الله وقتل رسل الله وقيضوا لذلك أنهم كانوا يكثرون العصيان لأوامر الله، عز وجل، والغشيان لمعاصي الله، والاعتداء في شرع الله، فعياذًا بالله من ذلك، والله المستعان (6).
عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم ثلاثمائة نبي، ثم يقوم سوق بقلهم في آخر النهار (7).
وحتى وإن كان زمان الأنبياء قد انتهى فإن العلة ما زالت قائمة، كما قال الرازي: أن هؤلاء المتأخرين وإن كان لم يصدر عنهم قتل الأنبياء عليهم السلام لكنهم كانوا راضين بذلك، فإن أسلافهم هم الذين قتلوا الأنبياء وهؤلاء المتأخرون كانوا راضين بفعل أسلافهم، فنسب ذلك الفعل إليهم من حيث كان ذلك الفعل القبيح فعلًا لآبائهم وأسلافهم مع أنهم كانوا مصوبين لأسلافهم في تلك الأفعال (8).
فإذا حصل في مجتمع ما أن قتل الدعاة إلى الله، وحوربوا وضيق عليهم؛ فسكت عوام الناس ولم ينصروهم؛ إيثارًا للدنيا وجبنًا وخوفًا من المذلة على أيدي الظالمين؛ فإن الله عز وجل لن يكرم ولن يعز أناسًا هذا حالهم، فكيف يكرم أناسًا لا يكرمون دينه والدعاة إليه؟! فلينظر كل واحد ماذا قدم للدعاة الذين يُظلمون ويُضيق عليهم في أي بلد.
3- المعصية، فالمعاصي بكافة أشكالها تؤدي إلى ذلك، فقوله: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}: أي أن الذي أورث في قلوبهم الجحود بالحق، والتمادي في الباطل، هو ارتكاسهم في المعاصي، وتعودهم الاعتداء على الناس، فإن المعاصي تنكت نكتا سوداء في القلب، فإذا استمر الشخص عليها وضعت عليه أغلفة من الظلمة تمنع أن يصل الحق إليه، فعمى القلب عن الحق وصم، ولذا قال تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}، وقانا الله شر المعاصي، وجعل قلوبنا تشرق بنور حكمته، ووفقنا لقصد السبيل، وجنبنا جائره، إنه سميع الدعاء (9).
والجملة الكريمة على هذا الرأي تفيد أن التردي في المعاصي، وارتكاب ما نهى الله عنه، وتجاوز الحدود المشروعة، يؤدى إلى الانتقال من صغير الذنوب إلى كبيرها، ومن حقيرها إلى عظيمها؛ لأن هؤلاء اليهود حين استمرءوا المعاصي، هانت على نفوسهم الفضائل، وانكسرت أمام شهواتهم كل المثل العليا فكذبوا بآيات الله تكذيبًا، وقتلوا من جاءهم بالهدى ودين الحق (10).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري» (11)، عندما تعصي تذكر أن هناك ضريبة ستدفعها.
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذلَّ إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
4- الاعتداء، {وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} المعتدي كثيرًا ما يعتدي ويظلم غيره لأنه تأخذه العزة بالإثم، يريد أن يكرم نفسه على حساب الآخرين، فيأتيه الإذلال من الله تعالى.
ومن أصيب بالذل في هذه الدنيا فإنه سيصاب بالذل الأعظم يوم المعاد، قال عز وجل {وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [يونس:27]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ} [المجادلة: 20].
ولو نظرنا إلى واقع هذه الأمة الإسلامية لوجدنا أنه واقع مرير لا يُفرح وإنما يُحزن، وسبب ذلك أننا بعدنا عن طاعة الله عز وجل، وانهمكنا في هذه الدنيا، ولذا قالها -صلوات ربي وسلامه عليه- كما في سنن أبي داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا لدينكم» (12).
ولذا بيَّن عليه الصلاة والسلام أن من خالف أمر الله لَحِقَه الصَغار والذل والهوان، قال صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الصغار والذل على من خالف أمري» (13).
وقال الحسن البصري رحمه الله، كما ذكر ذلك ابن القيم في الجواب الكافي، مبينًا أن من خالف أمر الله عز وجل فإنه في ذل ولو كان من أثرى الناس، قال الحسن رحمه الله: فإنه مهما طقطقت بهم البغال، وسارت بهم البراذين، أبى الله إلا أن يذل من عصاه، فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم (14).
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} [المجادلة: 20].
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرًا عن الكفار المعاندين المحادين لله ورسوله، يعني: الذين هم في حد والشرع في حد، أي: مجانبون للحق مشاقون له، هم في ناحية والهدى في ناحية، {أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} أي: في الأشقياء المبعدين المطرودين عن الصواب، الأذلين في الدنيا والآخرة (15).
وقال الشوكاني: {أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} أي: أولئك المحادون لله ورسوله، المتصفون بتلك الصفات المتقدمة، من جملة من أذله الله من الأمم السابقة واللاحقة لأنهم لما حادوا الله ورسوله صاروا من الذل بهذا المكان قال عطاء: يريد الذل في الدنيا والخزي في الآخرة (16).
5- النفاق والاعتزاز بغير الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].
قال الكلاباذي: قال الله عز وجل: {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8]، فكان الأذل هو الأعز عند نفسه بكثرة أتباعه وكثرة أنصاره، فالذلة هي التعزز بمن لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، ولا يملك موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فهو كما قال الله عز وجل: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73]، فلا أذل ممن رد إلى نفسه الأمارة بالسوء، وانفرد في متابعة هواه، وظلمة رأيه، وانقطع عمن له العزة، فإن العزة لله، ولرسوله، وللمؤمنين، فيجوز أن يكون الذلة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعوذ منها متابعة الهوى في دين الله عز وجل، والتعزز بما دون الله تعالى (17).
6- الكبر والأنفة عن قبول الحق، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان» (18).
قال ابن القيم: من تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه في المدح والتعظيم والخضوع والرجاء، وتعليق القلب به خوفًا ورجاء والتجاء واستعانة، فقد تشبه بالله ونازعه في ربوبيته وإلهيته، وهو حقيق بأن يهينه غاية الهوان، ويذله غاية الذل، ويجعله تحت أقدام خلقه (19).
فمن رغب بالعزة فعليه بطاعة الله عز وجل، ومن أراد أن يعز نفسه من غير منهج الله فإنه يكون من أذل خلق الله، فمن بحث عن الألفاظ والأوصاف التي ترفعه فإنها لا ترفعه إذا لم تكن من طريق الله عز وجل؛ ولذا، في حديث أبي هريرة، كما في صحيح البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك» زاد ابن أبي شيبة في روايته: «لا مالك إلا الله عز وجل»، قال الأشعث: قال سفيان: مثل شاهان شاه، وقال أحمد بن حنبل، سألت أبا عمرو عن أخنع؟ فقال: أوضع (20)، هو أراد أن يعلو بهذا اللقب، يريد أن يكون ملك الأملاك، فماذا صنع به؟ «إن أخنع»، يعني: إن أوضع وأحقر وأذل اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك، قال بعض العلماء: إذا كان هذا الاسم ذليلًا وضيعًا مهينًا، فما ظنكم بمن تسمى به؟.
ولذا يقول إبراهيم النخعي رحمه الله، كما ذكر ذلك عنه ابن حجر رحمه الله في الفتح يقول: كان السلف يكرهون أن يستذلوا، ولكنهم إذا قدروا عفوا، رضي الله عنهم (21).
7- اتباع الهوى، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
قال ابن تيمية: من قهره هواه ذل وهان وهلك وباد.
وقال ابن القيم: لكل عبد بداية ونهاية، فمن كانت بدايته اتباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلاء المتبوع بحسب ما اتبع من هواه؛ بل يصير له ذلك في نهايته عذابا يعذب به في قلبه.
وقال ابن القيم أيضًا: تجد في المتبع لهواه، من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ما جعله الله سبحانه فيمن حصاه، ... وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته، والذل قرين معصيته (22).
وقال أبو سعيد الخادمي: من غلب عليه الهوى يغلب عليه الهوان والذلة فيصير مستقبحًا ومستنكرًا؛ ولأنه أسير وشأن الأسير مهان على كل حال لعل ذلك إنما هو عند التعمق وعند تجرده لتلذذ النفس كما يقال إن الإصرار على المباحات قد ينقلب صغيرة وإلا فبالنية الحميدة يكون المباح حسنة مثابًا به (23).
8- ترك الجهاد وحب الدنيا وكراهية الموت، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليهم ذلًا لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم» (24).
قال ابن رجب: من أعظم ما حصل به الذل من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ما كان عليه من جهاد أعداء الله، فمن سلك سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم عز، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه (25).
فمن ترك ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الجهاد مع قدرته واشتغل عنه بتحصيل الدنيا من وجوهها المباحة حصل له من الذل، فكيف إذا اشتغل عن الجهاد بجمع الدنيا من وجوهها المحرمة؟
وقال أبو العتاهية:
ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحبك للدنيا هو الذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصة إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
9- سؤال الناس والتطلع لما في أيديهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» (26).
قال ابن حجر: فيه الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها؛ ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط (27).
10- موالاة الكافرين، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا} [النساء: 139].
وما يستعز المؤمن بغير الله وهو مؤمن، وما يطلب العزة والنصرة والقوة عند أعداء الله وهو يؤمن بالله، وما أحوج ناسًا ممن يدعون الإسلام ويتسمون بأسماء المسلمين، وهم يستعينون بأعدى أعداء الله في الأرض، أن يتدبروا هذا القرآن، إن كانت بهم رغبة في أن يكونوا مسلمين، وإلا فإن الله غني عن العالمين! ومما يلحق بطلب العزة عند الكفار وولايتهم من دون المؤمنين: الاعتزاز بالآباء والأجداد الذين ماتوا على الكفر واعتبار أن بينهم وبين الجيل المسلم نسبًا وقرابة! كما يعتز ناس بالفراعنة والأشوريين والفينيقيين والبابليين وعرب الجاهلية اعتزازًا جاهليًا، وحمية جاهلية.
وأولى مراتب النفاق أن يجلس المؤمن مجلسًا يسمع فيه آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، فيسكت ويتغاضى، يسمي ذلك تسامحًا، أو يسميه دهاء، أو يسميه سعة صدر وأفق وإيمانًا بحرية الرأي!!!
وهي هي الهزيمة الداخلية تدب في أوصاله وهو يموه على نفسه في أول الطريق، حياء منه أن تأخذه نفسه متلبسًا بالضعف والهوان! إن الحمية لله، ولدين الله، ولآيات الله؛ هي آية الإيمان، وما تفتر هذه الحمية إلا وينهار بعدها كل سد وينزاح بعدها كل حاجز، وينجرف الحطام الواهي عند دفعة التيار، وإن الحمية لتكبت في أول الأمر عمدًا، ثم تهمد، ثم تخمد، ثم تموت (28).
11- التفرق وتنافر القلوب، جاءت نصوص عديدة في الشريعة تحذر من التفرق لما لذلك من أثر سلبي من ضعف قوة المسلمين وذهاب عزهم ولحوق الذل والمهانة بهم.
قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103].
وقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105].
وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
كل إنسان خلقه الله إلا وكرامته جزء من فطرته، وعزته تاج على رأسه، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70]؛ وإذا كان كل مولود يولد على الفطرة التي يشوهها أبواه، فإن كل إنسان يولد كريما فيسلبه الأشرار كرامته، ويجعلونه عبدًا خاضعًا لأهوائهم ونزواتهم، يتمتعون بذلك في الوقت الذي يشقى هو باستعبادهم له، وهذا وفق طبيعة الأشياء ومقتضى العقل السليم.
غير أن الواقع يشهد بتغير في الأحوال، ويكشف مظاهر وأهوال، حيث أن المستعبد أصبح يسعد باستعباده، والمهان يسعد بهوانه ويستعذب ذله واحتقاره، وهو أمر يضاعف المعاناة لدى النفوس الأبية والقلوب المحترقة، حرقة على الرضى بالذل، وألم باستحسان الهوان، هذه سيرة هذه الأزمان، أصبحت لصيقة بمن الأصل فيهم العزة والكرامة؛ إنهم المسلمون.
وإنها لَقِمة الشعور بالمرارة والأسى أن تنقلب الموازين؛ ويصير الغالب مغلوبًا والحاكم محكومًا والمخدوم خادمًا، أن نصير أمة كانت تصبح على الكرامة وتمسي على الشرف أمةً تصبح على ذل وتمسي على مهانة.
هذا وصف لا تخطئه العين ولا يفقده الحس، لمن كان لا زال يبصر ويحس في زمن فُقِد فيه الإحساس، حيث تتوالى الإهانة من كل حدب وصوب، من القريب والبعيد، في الصحافة والإعلام والفن والسينما والملتقيات واللقاءات، في السلم والحرب في الجد والعبث والضحية دائمًا المسلم الذي كرّمه الله بالإسلام دين الكرامة، فأين يكمن الإشكال؟ وهل يليق بمسلم حقًا أن يصيبه من هذا الذي ذكرت ولو ذرة من ذلك؟ أليس يقول رب العزة: {وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8]؟
لن ألوم أحدًا بقدر ما ألوم كل مسلم على نفسه، فإن الاستهانة بشرع الله ورّثته استهانة العالم به، واحتقار الدين جلب احتقار الشعوب له، فالجزاء من جنس العمل {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18]، ومن يكرمه الله عز وجل لا بد له من الأخذ بالأسباب الشرعية، قال جل جلاله: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ} [محمد:35].
إنه الإيمان الذي يقتضي العمل تعظيمًا لدين الله، فيحقق العظمة لصاحبه، فقد كان المسلم مكرمًا معظمًا يوم كان مسلمًا يقدر الله حق قدره، فكانت صفة المسلم كافية لأن يقام له ويقعد، ولكنها تلك الأيام، حين يجيش الخليفة المعتصم جيشًا جرارًا انتصارًا لعرض امرأة أهانها النصارى، فنادت وامعتصماه، فلبى النداء وهو لا يعرف من تكون إلا أنها مسلمة، شرفها فوق العيون ودونه النحور، إنها العزة الإيمانية (29).
من الوسائل المعينة على دفع الذل واجتنابه:
1- الإيمان بالله والمداومة على العمل الصالح:
قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 26].
قال ابن كثير: يخبر تعالى أنَّ لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الحسنى في الدار الآخرة.. {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ} أي: قتام وسواد في عرصات المحشر، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة، {وَلَا ذِلَّةٌ} أي: هوان وصغار، أي: لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر، بل هم كما قال تعالى في حقهم: {فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]، أي: نضرة في وجوههم، وسرورًا في قلوبهم (30).
2- الدعاء بارتفاع الذُّل وحصول العز:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أَظْلِم أو أُظْلَم» (31).
قال الطِّيبي: قوله: «والذلة» أي من أن أكون ذليلًا في أعين الناس؛ بحيث يستخفونه ويحقرون شأنه، والأظهر أن المراد بها الذلة الحاصلة من المعصية، أو التذلل للأغنياء على وجه المسكنة، والمراد بهذه الأدعية تعليم الأمة (32).
3- موالاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصالح المؤمنين:
قال تعالى: {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].
فالعزة لله سبحانه ولرسوله وللمؤمنين، ومن والاهم وسار على هداهم ينتفي عنه ذل الدنيا والآخرة، ويحصل له عز الدنيا والآخرة.
4- طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].
لو أطاعوه -الرسول صلى الله عليه وسلم- لما أصابهم ما لحقهم من الذُّل والهوان بالفشل والهزيمة في الحرب تارة؛ والقتل والأسر تارة أخرى، وبالعجز المبين عن أن يقفوا في سبيل دعوته، ويمنعوا انتشارها في أقطار المعمورة، ويحولوا دون دخول الناس في دين الله أفواجًا، وما كان عنادهم ولا مجادلتهم عن يقين يعتقدونه، ولا شبه لم يجل الشك عنها، ولكن تكبرًا وعتوًا؛ مخافة أن تزول عنهم مناصب توارثوها، ومظاهر تخيلوا أن العز والمجد في المحافظة عليها (33).
5- مخالفة هوى النفس:
قال ابن تيمية: من قهر هواه عز وساد (34)، وقال ابن القيم: من كانت بدايته مخالفة هواه وطاعة داعي رشده، كانت نهايته العز والشرف والغنى، والجاه عند الله وعند الناس، قال أبو علي الدقاق: من ملك شهوته في حال شبيبته أعزه الله تعالى في حال كهولته (35).
6- الاستعلاء بالإيمان:
حين كان بنو إسرائيل يؤدون ضريبة الذل لفرعون وهو يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم لم تتدخل يد القدرة لإدارة المعركة، فهم لم يكونوا يؤدون هذه الضريبة إلا ذلًا واستكانة وخوفًا، فأما حين استعلن الإيمان في قلوب الذين آمنوا بموسى واستعدوا لاحتمال التعذيب وهم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج ودون تحرج، ودون اتقاء للتعذيب، فأما عند ذلك فقد تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة، وإعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح والقلوب.
هذه هي العبرة التي يبرزها السياق بذلك الإجمال، وبتتابع المشهدين بلا عائق من التفصيلات، ليستيقنها أصحاب الدعوات، ويعرفوا متى يرتقبون النصر من عند الله وهم مجردون من عدة الأرض، والطغاة يملكون المال والجند والسلاح (36).
***
____________
(1) في ظلال القرآن (1/ 74)، بتصرف شديد.
(2) المصدر السابق (3/ 1364- 1365).
(3) في ظلال القرآن (3/ 1684).
(4) أخرجه البخاري (7320).
(5) في ظلال القرآن (4/ 1853).
(6) تفسير ابن كثير (2/ 104).
(7) المرجع السابق.
(8) تفسير الرازي (8/ 330).
(9) زهرة التفاسير (3/ 1365).
(10) التفسير الوسيط لطنطاوي (2/ 224).
(11) صحيح البخاري (4/ 40).
(12) أخرجه أبو داود (3462).
(13) سبق تخريجه.
(14) ما أسباب الذل؟/ ملتقى الخطباء.
(15) تفسير ابن كثير (8/ 53).
(16) فتح القدير (5/ 230).
(17) بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 136).
(18) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (557).
(19) الجواب الكافي (ص: 137).
(20) أخرجه مسلم (2143).
(21) فتح الباري لابن حجر (5/ 99).
(22) روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 483).
(23) بريقة محمودية (2/ 76).
(24) أخرجه أحمد (4824).
(25) الحكم الجديرة بالإذاعة (ص: 40).
(26) أخرجه البخاري (1471).
(27) فتح الباري لابن حجر (3/ 336).
(28) في ظلال القرآن (2/ 780).
(29) يا للذل والهوان فإلى متى؟/ طريق الإسلام
(30) تفسير القرآن العظيم (4/ 263).
(31) أخرجه أبو داود (1544).
(32) عون المعبود وحاشية ابن القيم (4/ 282).
(33) الأدب النبوي (ص: 291).
(34) غذاء الألباب (2/ 458).
(35) روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 483).
(36) في ظلال القرآن (4/ 2345).