logo

أبحث عن داعية


بتاريخ : الأحد ، 20 ربيع الآخر ، 1439 الموافق 07 يناير 2018
بقلم : تيار الاصلاح
أبحث عن داعية

الأمة التي تموت فيها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي أمة هالكة؛ لأن فشو المنكرات في أمة إنما هو إيذان بانهيارها وانفصامها.

قال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهوُنَّ عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يدي الظالم، ولتأطرُنه على الحق أطْرًا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعنهم»(1).

وقال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»(2).

إن واقع المسلمين اليوم بحاجة ماسة إلى إصلاح، كما أن حاضر الإنسانية، المشْرف على الانهيار، بحاجة إلى إنقاذ، وليس هناك وسيلة للإصلاح والإنقاذ إلا الإسلام وحده، وإن من أهم الوسائل لتوصيل الإسلام إلى الناس الدعوة إلى الله تعالى، ولا يتم ذلك إلا بتوفر عنصر الدعاة، الذين يجب أن تتوفر فيهم الصفات الفاضلة، التي تؤهلهم أن يكونوا عنوانًا لهذه الدعوة، ومحطًا لأنظار الناس الذين يتطلعون إلى مستقبل أفضل.

والغاية من الدعوة إلى الله تعالى هي أن يلتزم الناس طريق الله عز وجل، وأن يستقيموا على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليست الغاية هي التعنيف وكثرة الكلام.

ولاجتناء هذه الثمرة العظيمة لا بد من لزوم ضوابط أدبية معينة للداعية؛ حتى لا يضيع جهده هباءً.

فلو أن إنسانًا أوتي علمًا كثيرًا، ولم يؤت حكمةً يستطيع بها إيصال نفع هذا العلم إلى غيره من بني جلدته وملته، لانحصر نفعه، ولم يؤت ثماره المأمولة.

وكثيرون هم الذين يسيئون إلى ما معهم من الحق لسوء عرضهم له، وكثيرون أيضًا هم الذين يروجون لباطلهم؛ فقط لحسن عرضهم، وروعة بيانهم، وجودة منطقهم.

قال جل شأنه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125].

وعليه؛ فالدعوة المثمرة تقوم على أسس ثلاثة: الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال الحسن؛ أي: الذي يراد منه الوصول للحق، لا الإفحام وحب الظهور.

ومن أبدع ما قيل: مر بالمعروف بمعروف، وانه عن المنكر بغير منكر.

إن الداعية للمدعوين كالطبيب للمرضى، فلا يسوغ أن تبدر منه لفظة نابية تسيء إلى شخصه، وتنزع الثقة منه، وترفع عنه وسام الوقار والهيبة والقدوة، وتجرح نفوس الناس، وهو إنما تحرك لسانه لعلاج تلك النفوس.

 إن خلوص نية الداعية وتجردها لربه تعالى وتقدس يمنحه قوةً وثباتًا على الحق، وإقدامًا على الدعوة، فإذا لم يكن الإخلاص كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثقيلًا على النفس كأنه جبل.

أين أجد هذا الداعية:

أوَّلًا: أبحث عن داعية يفقه أن ثمرة الدعوة ليست لقمةً سائغة، وأن طريق الدعوة ليس مطمورًا بالزعفران، محفوفًا بالورود والرياحين، وإنما هو طريق صعب، كثير المراقي والمنازل، يحفه قُطاع الطرق من كل ناحية، وقد لا يشم رائحة الثمرة، وإنما هو الجهد يبذل، والثواب يدخر، وإنما السيل اجتماع النقط.

إنه طريق شاق وصعب، ناح لأجله نوح، والتقم الحوتُ يونس، وذُبِح يحيى، ونشر بالمنشار زكريا، وابتُلي أيوب، ورفع عيسى صلى الله وسلم عليهم أجمعين.

ولأجله نزل الأمر الإلهي على خاتمهم صلى الله عليه وسلم: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر:94]، فصدع، تأمل قوة اللفظ!، بأمر ربه بشجاعة نادرة، ورباطة جأش عظيمة، وصبر خارق، وعمل دءوب، وجِدٍّ عديم النظير، وصلابة على الحق رائعة، ومضى مضاء السهم في الفضاء، مخترقًا كل حواجز التثبيط والأذى والتوهين، ووثب وثبة الأسد رام فريسة على شدة مسغبة، لا يلوي على شيء، يَسبق ولا يُسبق، واستل سيف الحق فهوى به على هامة كل المثبطات الدنيا، ورمى بسهام الحقيقة في نحور الأباطيل، فخارت قواها وهوت إلى الأرض، إلى أسفل، إلى حيث جاءت.

ابتسمت الدنيا لروعته، وأصاخ التاريخ بسمعه لدعوته، وجثا على ركبتيه يسجل أحداث الدعوة الجديدة التي ستخلق الدنيا خلقًا جديدًا.

ودارت المحاورات الساخنة بينه وبين قومه، فبينما هم يثورون، ويزبدون، ويرعدون، وتغلي نفوسهم كالمرجل، إذا به ثابت الجنان، هادئ الأعصاب، مستكين النفس، ينظر إليهم من عليائه في تواضع جم، نظرة المربي الأريب إلى صبية يتناحرون على حطام، نظرةً ملؤها الرحمة والشفقة، رءوف رحيم.

فلو رأيته وهو يجوب بقاع الأرض، ويطوف بمدائنها، ويكسر كل قوانين المادية الزائفة، ويتخطى كل حدود الأرضية النازلة، ويحطم كل مقاييس الوقت والزمن، ويقطع الأميال ماشيًا في سبيل رسالته، ويبيت على الطوى في سبيل دعوته، ويؤذى ويهان، ويطرد ويتوعد، ويبتلى بما تئن تحت وطأته الجبال، فيصبر ويحتسب.

لو رأيته صلى الله عليه وسلم وهو كذلك لعلمت أن الدعوة إلى الله سبحانه تحتاج إلى أبطال ذوى صبر دءوب، وجد وشجاعة وهمة، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنةٌ} [الأحزاب:21].

فهذه الهمة الفولاذية، وهذا المضاء الثاقب، وتلك العزيمة الصادقة، وذلك الصبر الخارق - كل هذه من أهم عوامل نجاح الدعوة، فالصبر الصبر، فلعل إشراقات صبح تنجلي.

ولولا هذا لما كان لهذه الدعوة العظيمة أثر يذكر في تاريخ البشر.

ثانيًا: أبحث عن داعية دائمًا ما يُثقل نفسَه بالعِلم النافع، والعمل الصالح؛ إذ هو في مقام الدعوة يقدم نفسه أسوةً للمدعوين وقدوة، وفاقد الشيء لا يعطيه، والحق جل جلاله يقول: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة:44]، ويقول جلت حكمته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف:2-3].

قال ابن جريج: «أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة، ويدعون العمل بما يأمرون به الناس، فعيرهم الله بذلك، فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة»(3).

وفى الحكم: فعل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل في رجل.

قال أبو الدرداء: «لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتًا»(4).

ونفوس الناس مطبوعة على النفور من قول لا يقارنه عمل.

قال الرازي: «وسبب التعجب وجوه، الأول: أن المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرشاد الغير إلى تحصيل المصلحة، وتحذيره عما يوقعه في المفسدة، والإحسان إلى النفس أولى من الإحسان إلى الغير، وذلك معلوم بشواهد العقل والنقل، فمن وعظ ولم يتعظ فكأنه أتى بفعل متناقض لا يقبله العقل؛ فلهذا قال: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

الثاني: أن من وعظ الناس وأظهر علمه للخلق، ثم لم يتعظ صار ذلك الوعظ سببًا لرغبة الناس في المعصية؛ لأن الناس يقولون: إنه مع هذا العلم لولا أنه مطلع على أنه لا أصل لهذه التخويفات، وإلا لما أقدم على المعصية، فيصير هذا داعيًا لهم إلى التهاون بالدين والجراءة على المعصية، فإذا كان غرض الواعظ الزجر عن المعصية، ثم أتى بفعل يوجب الجراءة على المعصية؛ فكأنه جمع بين المتناقضين، وذلك لا يليق بأفعال العقلاء، فلهذا قال: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

الثالث: أن من وعظ فلا بد وأن يجتهد في أن يصير وعظه نافذًا في القلوب، والإقدام على المعصية مما ينفر القلوب عن القبول، فمن وعظ كان غرضه أن يصير وعظه مؤثرًا في القلوب، ومن عصى كان غرضه ألا يصير وعظه مؤثرًا في القلوب، فالجمع بينهما متناقض غير لائق بالعقلاء، ولهذا قال علي رضي الله عنه: «قصم ظهري رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك»(5).

أبحث عن داعية يتأدب بكل آداب الإسلام التي يدعو إليها ظاهرًا وباطنًا؛ حتى لا يكون حاله كما قال الشاعر:

يا أيها الرجل المعلم غيره       هلا لنفـسك كان ذا التعليم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها       فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

داعية يرسم صورةً حسنة للاستقامة ولأهلها، ويقدم البرهان العملي لكل الناس على أن الاستقامة ممكنة، وأن المنهج المدعو إليه مقدور وميسور، لا عنت فيه ولا تعسف، ويطمئنهم كذلك إلى سلامة المنهج وصحته.

داعية يعلم أن الله عز ثناؤه إنما اصطفاه للدعوة إليه؛ لأنه فطره على أن يكون رئيسًا في الخير، فالنزول عن هذه الدرجة الرفيعة والمكانة السامية هو تبدل للخبيث بالطيب.

فإذا أعوزه قائد وأنيس فها هو ذا الحبيب صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ومن سلك سبيلهم، وتاريخ الإسلام حافل بهم.

إن العلم والمعرفة شرط لازم لا بد منه في الداعية، ولا نعني بها المعرفة التامة الشاملة للجزئيات والكليات في دينه؛ فإن ذلك فوق طاقة الإنسان؛ لأن العلم بحر عميق لا يستطيع الإنسان ولوجه كله؛ حيث يقول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85].

المعرفة على نوعين:

النوع الأول:

علم للأصول العامة لفكرته، وللخطوط العريضة فيها، وللمقاصد الأساسية التي جاء بها الإسلام، وللكليات الكبرى التي تنظم كثيرًا من الأحكام التي يحتاجها كل مسلم مما عُرِف من الدين بالضرورة.

ويمكننا ذكر بعض الأمور التي يتطلب معرفتها والعلم بها :

1- أن يكون قد قرأ القرآن كله، وقرأ تفسيرًا موجزًا؛ يبصره بالمعنى الإجمالي للآيات المحكمة .

2- أن يكون قد وقف على طائفة جيدة من الأحاديث الصحاح، وفهم معناها الإجمالي .

3- أن يعرف من أحكام دينه ما يمكنه من القيام بالعبادات على الوجه الصحيح، وأحكام ما يحتاج إليه من المعاملات .

4- أن يتعرف على أصول العقيدة ويفهمها.

5- أن يطلع على السيرة النبوية، فهي من أهم الأمور التي تبصره بدينه، وتعرفه على كثير من القضايا التي يجب أن يعرفها، فهي تطبيق حي للفكرة الإسلامية، والسبيل الأمثل للدعوة، وعلى أقل تقدير يمكنه أن يطلع على موجز لأحداثها .

6- وعلى الداعية أن يدرس طرق الدعوة وأساليبها، وأصول التبليغ المناسبة لمجتمعه وبيئته .

7- معرفة الأصول العامة للأفكار المناوئة لدعوته، السائدة في مجال من يدعوهم إلى الإسلام، ومعرفة مآخذها وعيوبها.

النوع الثاني:

العزم على التعرف على الفروع والجزئيات والشروع فيه؛ لأن الوقوف على الفروع وإدراك حكمتها يكمل معرفة الأصول والكليات، وأيضًا حتى لا يحرج من طرح سؤال عليه فيعتذر، ولا يليق بالداعية أن تتكرر اعتذاراته بعدم المعرفة .

ولا بد من التنويه هنا أنني أقصد مما ذكرت إيجاد الداعية النموذج، وليس معنى هذا أنه لا يجوز لمن لم تتوفر له المعرفة كما ذكرت أن يدعو إلى الله؛ كلا، فإن الدعوة مجالها واسع، ويستطيع كل مسلم أن يدعو إلى الله؛ بل يجب على كل مسلم أن يمارس الدعوة بقدر استطاعته، فمن رأى منكرًا وكان قادرًا على إزالته، ومن وجد أخًا له وقع في خطأ فيجب عليه نصيحته؛ لأن الدين النصيحة.

فالشروع في الدعوة إلى الله تعالى لا يتوقف عند قدر معين من المعرفة والعلم؛ بل إن على المسلم أن يتكلم بالحق ويدعو إليه بالشكل المناسب، وعليه أن يتابع تزوده بالعلم والمعرفة باستمرار من أجل أن يضيء له الطريق، ويدله على الصراط المستقيم.

ثالثًا: أبحث عن داعية يراعي أحوال المدعوين، وأن يعتبر أفهام المخاطبين، فيخاطب كل فئة من الناس حسب فهومهم.

وفى تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:79]، قال الإمام البخاري رحمه الله: «وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (كونوا ربانيين: حلماء فقهاء)، ويقال: الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره»(6).

وفى نفس الكتاب والباب السابق قال علي رضي الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟»(7).

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما أنت محدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة»(8).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث كل واحد من الناس حسب حاله، فحين يسأله واحد من أصحابه: «أي العمل أفضل؟»، فيجيبه صلى الله عليه وسلم بقوله: «الإيمان بالله، والجهاد في سبيله»(9).

ويجيب آخر سأله نفس السؤال بقوله: «الصلاة لوقتها»(10).

ويجيب ثالث بغير ذلك، ورابع بغير هذه كلها... إلخ.

وهذا هو الصواب في فقه الدعوة؛ كما علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم حين أتاه الأعرابي ثائر الرأس، يسمع الصحابة دوي صوته، وسأله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فأخبره، وأوضح له أركانه فقط، فقال الرجل: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال صلى الله عليه وسلم: «أفلحَ والله إنْ صَدَق»(11).

نعم، لم يلزمه بأكثر من الأركان، وهذا مقتضى حال حديثي العهد بالإسلام.

وحين بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن بين له مقتضى حالهم، فقال له: «إنك تأتي قومًا أهل كتاب»؛(12)؛ أي: لهم معاملة خاصة.

وكان صلى الله عليه وسلم يثني على أصحابه بما فيهم من خصال الخير؛ يتألفهم ويتودد إليهم بذلك؛ قال للأشج: «إنَّ فيك خصلتَينِ يحبهما الله: الحِلم والأناة»(13).

رابعًا: أبحث عن داعية يكون لطيفًا أليفًا، طلق الوجه، دائم البشر، غير عابس ولا هازل، ولا صخاب ولا فحاش.

إن الداعية الحسن هو الذي لديه العزيمة والإصرار دائمًا على أن يطور مهاراته الدعوية، ويستفيد من قدراته ومواهبه وتجاربه.

وأنه ليس النجاح فقط أن تكتشف ما يحب الآخرون، وأن تتعامل مع المدعوين بمقتضى ذلك، وإنما من النجاح أن تتعلم كيف تمارس مهارات تخطب بها ود الآخرين ومحبتهم.

ولا ينبغي أن تستخفك التوافه فتستحمق على عجل، ولكن إذا صعدت الجبل فانظر إلى القمة، ولا تلتفت للصخور المتناثرة حولك، اصعد بخطوات ثابتة واثقة، ولا تقفز فتزل قدمك.

وإن مهاراتك الدعوية في التعامل مع الناس وفي دعوتهم هي التي تحدد مدى انجذابهم إليك، وحبهم لما تدعو إليه.

وإنك أيها الداعية مسئول عن تشكيل ثقافة الناس وفكرتهم عن الحياة.

وإنك متى لم تحتج إلى الناس احتاج الناس إليك، فإذا لم تطمع في مالهم طمعوا هم في علمك.

ولعل ابتسامةً رقيقة تفتح لك قلوبًا كثيرة.

وإن الناس قد يحتملون فقر إنسان أو دمامته أو بساطته إذا كان خفيف الظل، دائم البشر؛ لكنهم قل أن يصبروا على ثقيل الظل، سيئ الخلق.

وعامل البشر على أنهم بشر، لا على أشكالهم أو أموالهم أو وظائفهم.

ولا تحسب الناس نوعًا واحدًا، فلهم طبائع لست تحصيها.

وتحدث إلى الناس بما يستمتعون هم باستماعه، لا بما تستمتع أنت بحكايته.

واعلم أن أول لقاء يطبع 70% من الصورة عنك، فعامل كل إنسان على أن هذا هو اللقاء الأول والأخير.

وإنك، أيها الداعية، تتعامل مع القلوب والنفوس، لا مع الأبدان.

وإنك كلما أشعرت الناس بقيمتهم، وأظهرت الاهتمام بهم، ملكت قلوبهم وأحبوك، فأظهر لهم عواطفك، وكن صريحًا، عبر لهم عن حبك إياهم، وعن فرحك بلقياهم.

وكن لماحًا، واعلم أنه مهما بلغ الشخص من النجاح إلا أنه يبقى بشرًا يطرب للثناء، فأثن على أهل الفضل والخير بما هم أهله، تكسب قلوبهم.

ولا تتدخل في شئون الناس إلا لضرورة ومنفعة لهم ولك.

ولا تجرح مشاعر الآخرين، وإن أساءوا إليك، وإن أثقلوا عليك.

واعلم أن الناس متى علموا أنك تعرف لهم حسناتهم كما تعرف سيئاتهم فإنهم يقبلون منك التوجيه والنصح.

واعلم أن المطلوب أن يعرف الناس أخطاءهم، وليس شرطًا أن يصححوها أمامك، فلا تعجل، ولا تيأس.

ولا تروج الشائعات، فبئس مطية الرجل (زعموا)، وكفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع.

وقبل أن تبدأ في نزع شجرة الشر من قلوب الآخرين ابحث عن شجرة الخير فيهم واسقها.

واجعل لسانك عذبًا، فالكلمة الطيبة صدقة.

ونبه على الخطأ باختصار، ولا تلق محاضرة.

وإذا كنت جادًا فكن بطلًا، وابدأ الآن.

إنه لجدير بنا أن نتبصر وأن نتذاكر، وأن يعظ بعضنا بعضًا فيما يتعلق بشئون دعوتنا والقيام بها، وجميعنا في زحمة المشاغل والعمل قد ينسى عيوبه أو بعض أخطائه، وقد يفوته الوقت لتدارك نقائصه، وكل بني آدم خطاء، ونحن لا نخلو من النقائص والعيوب أبدًا، فجدير بنا أن نتحادث وأن نتذاكر فيما يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى، ونحتسب عند الله عز وجل ما نقضيه من الأوقات ونحن نعظ أنفسنا وإخواننا، ونرقق قلوبنا لنعرف في أي طريق نسير، وما هي المعالم التي يجب أن نسلكها، وما هي الأخطاء التي يجب أن نتجنبها.

نحن ننتمي إلى الإسلام، وهذا الانتماء هو الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به وسمانا به. ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو إمام الدعاة، وهو القدوة والداعية المعلم الذي أمر الله تبارك وتعالى باقتفاء نهجه، وأن نتأسى به في دعوتنا وخلقنا ومعاملاتنا وعباداتنا وكل حال من أحوالنا، أنزل الله تبارك وتعالى عليه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].

كان الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الحي لأصحابه، كان، كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، خلقه القرآن، ما كان في القرآن من خلق فهو في النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وكانت حياته صلى الله عليه وسلم ترجمة واقعية حية لما ينزله عليه الروح الأمين من عند ربه تعالى من الآيات البينات في التوحيد، والإخلاص، واليقين، والتوكل، والصبر، والجهاد، والمصابرة في الدعوة، والمثابرة في العلم، وفي المعاملة، والمعاشرة، والرفق، والحلم؛ كما أثنى عليه تبارك وتعالى في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

فالله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار، وقد اصطفى واختار هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم؛ ليكون معلمًا للبشرية في كل مكان وفي كل ميدان.

وما من دعوة، سواء كانت هذه الدعوة حقًا أم باطلًا، إلا وهي تحاول أن تدعي الطابع الأخلاقي والصفة الأخلاقية؛ لكي تنتشر ولكي تروج، وما من داعية، أيًا كانت دعوته وإلى أي شيء يدعو، إلا والأخلاق سمة بارزة في دعوته، أو يحاول أن يكون كذلك، فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! وكيف بالصحابة الكرام؟! وكيف بهذه الأمة التي أمرها الله سبحانه وتعالى أن تكون ربانية، ورباها النبي صلى الله عليه وسلم حتى كانت كذلك؟! فمن اتبع النبي صلى الله عليه وسلم فهو، بمقتضى هذه الآية، لا بد أن يتخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله.

خامسًا: أبحث عن داعية يتآلف مع الدعاة وينسق معهم :

التجمع على أساس رابطة العقيدة والإيمان هو خير تجمع على الأرض، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:9].

 لذلك فإن أهم ما يجمع الدعاة ويؤلف بينهم هو اتحادهم في العقيدة والدعوة إليها، فهم يدعون إلى دين واحد، ويعبدون إلهًا واحدًا، ويريدون جمع الناس في أمة واحدة، وينهجون منهجًا واحدًا، همهم اتباع الناس لهذا الدين، وتطبيق منهج الله القويم؛ ولهذا يعملون ويتعاونون للوصول إلى هدفهم النبيل {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]، فالعمل الدعوي من أعظم أوجه البر الذي يتطلب التعاون والتشاور والتناصح.

قال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم} [الشوري:38]، وقد قال رسول الله: «الدين النصيحة»، قالوا: لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم»(14).

فأي عمل مبني على الأخوة الصادقة والمحبة النابعة من القلب فهو عمل ناجح ومتميز، كما أن العمل بهذا الأدب الدعوي يعمق المحبة بين الدعاة، ويؤلف بين قلوبهم، ويدفع الشرور والشحناء عنهم، ويعالج إعجاب كل ذي رأي برأيه، كما من شأنه تعميق الاستفادة من التجارب الشخصية، ووضع الخطط والمناهج السليمة من أجل الاستفادة من الوسائل المعاصرة والتجارب الشخصية في نشر الدعوة الإسلامية.

فالتآلف مع الدعاة والتنسيق بينهم أمر مهم؛ يصدر عنه التخطيط السليم والنجاح الباهر في مجال الدعوة، وحين أغفل المسلمون التخطيط والتنسيق وغفلوا عن أهميته، اضطربت دعوتهم، وتعثرت خطاهم، وتمكن منهم أعداؤهم فحاكوا لهم من الخطط ما أعجزهم.

وقابل المسلمون تخطيط الأعداء بنوع من ردود الأفعال الفردية، والتخبط والارتجال؛ فكثرت الأخطاء الدعوية، وتكررت في حياة الدعاة والعاملين؛ مما جعل الحاجة كبيرة للتنسيق والإعداد والتخطيط المبني على المحبة والأخوة بين الدعاة، ولا بأس هنا من وضع بعض الضوابط للتخطيط الدعوي؛ حتى يؤدي وظيفته على الوجه الأفضل:

1- أن يكون التخطيط من أهله، وأهله هم أهل الاختصاص والكفاءات العلمية والعملية في مختلف جوانب الحياة .

2- أن يكون التخطيط جماعيًا: بعيدًا عن التفردات الشخصية، بأن يجتمع معظم الدعاة من علماء ومفكرين، في مختلف المجالات الدعوية، ويختاروا نخبة منهم للتفرغ لهذه المهمة، وهم يمدونها بآرائهم واقتراحاتهم ليضعوا الخطط اللازمة .

3- أن يكون التخطيط متعقلًا: فلا يبنى على ردود الأفعال والعواطف، وينظر فيه إلى المستقبل، بعيدًا عن الآنية والتعجل .

4- أن يكون متوازنًا: يحقق انسجامًا بين الواجبات والإمكانات، فلا انسياق مع الواجبات مع الغفلة عن الإمكانات، ولا وقوفًا عند الإمكانات المحدودة وجمودًا عليها .

5- أن يكون منضبطًا بالأحكام الشرعية، فلا يخالف حكمًا شرعيًا، ومقتبسًا من منهج القرآن والسنة، فإن القرآن يهدي للتي هي أقوم، إلى غير ذلك من ضوابط يلحظها العاملون، ويؤكدها الواقع المؤلم.

فالداعية ليس لديه وقت ولا فراغ، كل وقته مسخر لخدمة هذا الدين والأعمال الصالحة التي تعود على الإنسان بالنفع والخير دائمًا، فكل دقيقة من عمره حسنات، وكل ثانية من وقته قربات، فهو لا ينسى الناس أبدًا؛ لأنهم عدته؛ فبدعوتهم يتقرب إلى الله، فهو لا ينسى دعوته، ولا حرج للداعية أن يضحي بوقته ونفسه في سبيل مولاه؛ بل هو الحق، فليبع وقته ودمه ودموعه وكتبه وأوراقه وليله ونهاره: {وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود:79].

جل وقته يقضيه في اهتمامه بأمور المسلمين، إما في الدعوة إلى الله المباشرة، عن طريق الدروس والمواعظ والخطب والندوات والنصائح وغيرها، أو عن طريق مساعدة الناس المادية، فبيته ينبغي أن يكون مفتوحًا لجميع المحتاجين، ولا يرد أحدًا قدم إلى بابه سائلًا، أو صاحب حاجة، إلا وقد أعطاه ولبى حاجته، أو الوقوف بجانب الناس ومساعدتهم معنويًا واجتماعيًا، من خلال المشاركة في المناسبات السارة والحزينة، فيشارك الناس إذا دعوه إلى أفراحهم، ويشاركهم في أحزانهم.

إن الداعية إلى الله طبيب، يكره المرض لكنه يحب المريض، وحتى ينجح في مهمته الإنسانية، التي كلفه الله بها، فلا بد أن تتوافر فيه الشروط التالية:

1- التجرد وإخلاص النية لله:

فكلما كان الداعية تقيًا نقيًا، متجردًا في دعوته، لا يبتغي بها غير وجه الله عز وجل، كلما تقبل الله دعوته، وأعانه على أدائها، وحبس له عليها الأجر الوفير، والإخلاص سر من أسرار الله لا يعطيه إلا لمن أحبه، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282].

2- معرفة فضل وأهمية الدعوة:

فإن معرفة الداعية لفضل الدعوة، وأجر الدعاة إلى الله، يكون حافزًا ودافعًا للتفاني في الدعوة، وإن من أخطر الأمور ألا يعرف الداعية قيمة الجوهرة التي ينقلها، ولا أهمية الرسالة التي يحملها.

3- الرغبة في السير بطريق الدعوة:

فكلما كان الداعية محبًا لهذه الدعوة، راغبًا للسير في طريقها، كلما كان عمله متقنًا، فلا يصلح للسير في هذا الطريق إلا من دخله بحب ورغبة، ومن سار فيه بقناعة ووعي.

4- الصبر الجميل:

فمما لا شك فيه أن الصبر من أهم الخصال التي يجب أن يتحلى بها الدعاة إلى الله، في كل المراحل؛ ومع كل العناصر، فهو محتاج إلى الصبر للحصول على العلم الشرعي اللازم للدعوة، ومحتاج للصبر في التعامل مع المدعوين، الذين يستهدفهم بدعوته، محتاج إلى الصبر الجميل لمواجهة العقبات التي ستعترض طريق دعوته، قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر:1-3].

5- التحلي بالخلق الحسن:

فينبغي على الداعية أن يكون من أحسن الناس أخلاقًا، فيكون صادقًا لا يكذب، أمينًا لا يغش، وفيًا لا يخون، عفيف اللسان، فإذا وعد لا يخلف، وإذا حدث لا يكذب، وإذا عاهد لا يغدر، وإذا خاصم لا يفجر، ألم تر كيف أعد الله نبيه لتحمل مهام الدعوة بخصلتي الصدق والأمانة، حتى اشتهر بين الناس، كل الناس، بأنه الصادق الأمين، يصدقه الناس فيما يقول، ويأتمنونه على أسرارهم وأموالهم.

6- الاتصاف بالحكمة والحنكة:

فلا بد للداعية أن يكون حكيمًا، نافذ البصيرة، بعيد النظر، والحكمة هي وضع الشيء المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب بالقدر المناسب، والحكمة تقتضي أن يكون عارفًا بما يجب تقديمه، وما يمكن تأخيره، وأن يكون مدركًا للضروري والحاجي والتحسيني، عارفًا بترتب الأولويات، والمراتب والدرجات، إلى آخر هذه الأمور المهمات.

7- الخبرة والتخصص:

فعلى الداعية أن يكون خبيرًا بالوسط الذي يدعو فيه، خاصة بعدما أضحت الدعوة بحرًا واسعًا، وبناءً فارهًا، وأقسامًا شتى، فالدعوة بين الطلاب لها فقهها ولغتها، والدعوة بين العمال لها طريقتها التي تلائمها، والدعوة العامة لها أسلوبها الذي يناسبها، والدعوة النسائية لها خصوصيتها، وهلم جرا.

ولكل قسم من هذه الأقسام أدواته ووسائله التي تناسبه، وليس كل من سار في طريق الدعوة مؤهلًا للعمل في كل فرع من فروعها، وكلما كانت الدعوة أكثر تخصصًا كلما كانت أكثر نجاحًا وتفوقًا.

8- الوعي بما يحاك للدعوة من مخططات:

فلا بد للداعية إلى الله أن يكون واعيًا بما تعاني منه الدعوة من مشكلات؛ بسبب كيد الأعداء الذين يدبرون بليل، ويخططون ليل نهار؛ لوأد صوتها، ومحاصرة نشاطها، وتشويه صورتها، وتجريم حملتها، فيكون ذكيًا يفوت عليهم الفرصة، ويفسد عليهم الخطة، وألا يكون، بسوء فهمه، أداة تدمير ومعول هدم لجهود بذلت، وخطوات وأشواط قطعت.

9- الاستعداد لتحمل الأذى في سبيل الله:

فلا بد للراغب بالسير في طريق الدعوة أن يعلم أن طريق النصر في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة مفروش بالأشواك، مضرج بالدماء، مليء بجثث الشهداء، وأن هذه سنة أصحاب الدعوات، وحملة الرسالات، وقد كان ابن القيم يرحمه الله واعيًا بهذا مدركًا له، حينما بيَّن أن طريق الدعوة طويل، وبسط الدليل على ذلك بقوله: «تعب فيه آدم، وناح نوح، وألقي في النار إبراهيم، وتعرض للذبح إسماعيل، وأوذي فيه موسى، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح فيه السيد الحصور يحيى…»، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت:2-3].

ولا أقول لك هذا لأصرفك عن الدعوة، أو لأرهبك عن السير في طريقها، لا؛ بل حتى لا تظن أنه طريق ممهد مفروش بالورود، ولكي تستعد له وتؤهل نفسك لما فيه من مشاق، فتشمر عن ساعد الجد في طلب الطاعات، وتحاذر من الوقوع في المعاصي والمنكرات.

ما أحوجنا، في هذا الزمان، إلى توافر عدد كبير من الدعاة المخلصين العاملين، المتميزين بتلك الصفات، في كل بلد من بلدان المسلمين، المتعاونين المتفاهمين، يحمي كل منهم ظهر أخيه، فلا يسمح لأحد أن ينال منه شيئًا، ويتبادلون الخبرة فيما بينهم، ولا يتنازعون؛ لا سيما ونحن في هذا الزمان الذي تكالبت فيه قوى الكفر على الإسلام والمسلمين، ينهشون فيهم، ويشوهون دينهم؛ كي يبعدوا الناس عن هذا الدين، ويبقوا هم السائدين .

ما أحوج المسلمين لمثل هؤلاء الدعاة المنافحين المدافعين عن عقيدتهم ودينهم وأوطانهم! ما أحوج المسلمين لمثل هؤلاء الدعاة المجاهدين القائلين للحق، والمدافعين عنه بكل شيء! الذين لا يخافون في الله لومة لائم، من أجل بيان الحقيقة للناس، وتعبيدهم لله رب العالمين، فإن في ذلك النصر المبين بإذن الله تعالى.

_________________

(1) أخرجه أبو داود (4337).

(2) أخرجه مسلم (189).

(3) تفسير ابن كثير (1/ 246).

(4) المصدر السابق (1/ 247).

(5) تفسير الرازي (3/ 488).

(6) أخرجه البخاري (67).

(7) أخرجه البخاري (127).

(8) أخرجه مسلم (5).

(9) أخرجه البخاري (26).

(10) أخرجه مسلم (7534).

(11) أخرجه الترمذي (1533).

(12) أخرجه الترمذي (625).

(13) أخرجه مسلم (17).

(14) أخرجه مسلم (55).