التعليم المختلط وأثره على أبناءنا

تعليم المرأة أمر مهم جدًا للأمة الإسلامية ونعمة كبيرة؛ لأن جهلها يعد فسادًا وخسارة كبيرة، فالمرأة تشكل نصف المجتمع، كما أنها مربية الأجيال التي يقضي معها الأبناء جل وقتهم مرورًا بالطفولة ثم المراهقة إلى الشباب، وهي التي تربيهم وتغرس الأساسيات في أخلاقهم ومعارفهم، فهي بمثابة المربي والمعلم الأول الذي هو الأهم في حياة أي إنسان؛ لأنه من يوقد الشرارة الأولى في شعلة التعليم، ولو فسد كبريتها لخبت الشعلة ولم تتقد، ولذا كان لا بد لأي أمة تريد التقدم أن تهتم بتعليم المرأة.
وقد أصاب الشاعر حين قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق
وتعليم المرأة أمر يتطلب تهيئ الجو المناسب والآمن لها لتتمكن من حضور المدرسة دون أن تتعرض للأذى، ولذا يُفضَّل أن تنشأ مدارس ودور خاصة بالطالبات؛ حتى تسير عملية التعليم بسلام دون أن يتعرضن للمضايقة أو الفتنة أو تثار حولهن البلبلة، ووجود هذه المدارس نعمة كبيرة لهن وللمجتمع، ففيها تجد الطالبة المناخ المناسب لتعليمها ورقيها فكريًا، وتجد زميلات ورفيقات لها، كما تجد المتنفس الآمن الذي لا تتأذى فيه، وفيها تستنير بنور العلم وتتفتح بصيرتها وتصبح فردًا منتجًا وأكثر إفادة للمجتمع، وذلك دون أن تتضرر أو تتأذي من البيئة خارج البيت.
ونظرًا للمكانة المرموقة التي تحتلها المرأة في المجتمع، فقد أولاها الإسلام كل اهتمام وعمل على إماطة أنواع الأذى التي قد تلحق بها، فأمرها الله بعدم التبرج والالتزام باللباس الشرعي وعدم الاختلاط بالرجل الأجنبي وعدم الخضوع بالقول، ولما للاختلاط في التعليم من خطر بات يهدد مستقبل الشعوب، بدأت كثير من أصوات العقل تنادي بفصل الجنسين في التعليم.
انطلقت الدعوة إلى التعليم المختلط من (رجال) يحملون لواء (تحرير المرأة) لمساواتها مع الرجل في العمل، ونظرًا لما قد تجده المرأة من الحرج بمخالطتها الرجال في سن متأخرة، فقد جعلوا التعليم المبكر المختلط بداية المشوار، حتى تنكسر الحواجز، ويذوب الحياء، وتنصهر المعوقات بين الشباب والفتيات من مرحلة عمرية مبكرة، فإذا جاء الاختلاط في العمل تكون الفتاة اعتادت مخالطة الرجال، فأحسنت في عملها، على حد زعمهم.
ومن المؤسف ظهور وانتشار المدارس المختلطة في الوطن العربي، وهي ظاهرة دخيلة على المسلمين، فقد كان في الماضي المدارس منفصلة في العادة ولا يوجد مجال لاختلاط الطلبة والطالبات، ولذا كان التعليم أكثر جدية وأمانًا، وكان مستوى التحصيل الأكاديمي أفضل وأقوى؛ لأن التلاميذ كانوا يذهبون للمدارس لأجل تحصيل العلم لا غير، وأما بعد دخول المدارس المختلطة أصبح الطلبة والطالبات يتقابلون ويتبادلون الأحاديث، فنتج من ذلك التقليل من تركيز الطلبة على الدراسة، وتغليب جيل من اللاعبين من المراهقين والمراهقات.
وأزيح التعليم جانبًا وأصبح يتنافس مع أمور أخرى تشغل أذهان الطلبة، وانتشر الاختلاط ونتج منه كثير من العلاقات غير الشرعية بين الجنسين؛ وعمت بذلك الفوضى والضياع كما هبط المستوى الأكاديمي والأخلاقي للطلبة، وقد سُئِل مواطن أمريكي عن رأيه في فصل المدارس فأجاب بعفوية: أي تقليل للحمل غير المرغوب به، وهذه قصة حقيقية وليست فكاهة، فهل هناك بعد ذلك قول؟!
إن كلماته البسيطة تلك عبرت بكل وضوح عن ماهية المشكلة الأكبر في التعليم المختلط، ألا وهي العلاقات غير الشرعية بين الطلبة وما ينتج عنها من زنا وحمل سفاح وما يتبعه من دمار للمجتمع المسلم وتفكك الروابط الأسرية؛ حيث يتفرق هؤلاء التلاميذ عادة بمجرد حدوث الحمل دون زواج ولا رباط أسري، وذلك لأنهم ليسوا على قدر كاف من المسئولية، وليس لهم دخل مالي ليعيشهم، ولا إدراك أو خبرة توجههم لعواقب الأمور، بل علاقتهم تلك ليست إلا نزوات مراهقة عابرة للترفيه والتسلية فحسب.
ولعل من تلك المشاكل: عمليات الاستهجان والسخرية التي تُقابل بها الفتاة عند مشاركتها داخل الصف من قبل زملائها الشباب، فأصبحت الفتاة خائفة تتوجس أي كلمة من زملائها، ومنها: عدم القدرة على مراعاة الفروق الفردية بين الفتيات والفتيان {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36]، ومنها أيضًا: الاعتداءات الفعلية أو القولية من قبل الذكور أيضًا مما يؤثر على نفسية الفتاة، ومنها: ما لاحظوه من تدنٍ في مستويات الطلاب عمومًا والفتيات خصوصًا، كل ذلك أدى إلى اهتزاز ثقة الفتيات بأنفسهن، بل وانعدامها أحيانًا.
ومن المشاكل التي تواجه الطلاب في التعليم المختلط: النظرات العاطفية التي تحرق بعض الفتيات من قبل بعض المعلمين، أو بعض الشباب من قبل بعض المعلمات، أو من قبل الطلاب والطالبات تجاه بعض المعلمين والمعلمات، أو النظرات التي تكون بين الطلاب والطالبات، وهذه النظرات المتبادلة ربما جرّت إلى علاقات غير مشروعة، وكم يكون النجاح سهلًا إذا لبى التلميذ متطلبات معلمته، وحققت التلميذة رغبات معلمها.
واسألوا التعليم المختلط كم هُتك فيه من عرض، وكم فُضّت فيه من بكارة، وكم قتلت فيه من فضيلة، وكم صار منبعًا لإحياء الرذيلة، وكم صار دركة بدأت فيها مسيرة بعض الساقطات!! وانظروا إلى الضحكات المتعاليات في ردهات الجامعات أمام الملأ، فإذا تواروا عن الأنظار؛ فهل نتوقع منهم إقامة الصلاة، أو سيكون جر المرفوع، ونصب المضموم؟!!
ورغم ذلك نجده لا يوفر شيء يُذكَر، حيث عدد الطلبة الذين يمكن استيعابهم يظل كما هو، بل ربما تتمكن المدرسة المنفصلة من استيعاب عدد أكبر من الطلبة، فمثلًا يمكن اجلاس أربع طالبات على التخت الواحد بدلًا من ثلاث لكونهم من جنس واحد، بعكس لو كان الطلبة من جنسين مختلفين فيصعب التوفير في المساحة المطلوبة للجلوس، إذ كل طالب لا بد له من مساحة معينة وتكون أكبر من المساحة المطلوبة لنفس العدد من الطلبة من نفس الجنس.
وأما بالنسبة للأداء الأكاديمي فقد أثبت الواقع أن المدارس المنفصلة أعلى مستوى وتحصيل من المدارس المختلطة، ودليل ذلك ما نراه في تفوق مدارس البنات المسيحية الخاصة في أمريكا وارتفاع مستواها، وذلك لعدم وجود ما يشغل الطالبات عن التحصيل الدراسي، حتى أن الأسر الأمريكية المحافظة تدفع رسومها العالية لأجل التحصيل الأكاديمي وحفظ بناتهم.
والاختلاط تنتج عنه تلك العلاقات الضارة في وقت حرج من حياة الطلبة؛ وهي فترة المراهقة، فتشغل أذهانهم وتلهيهم عن واجباتهم ودروسهم المدرسية مما يضير بمستواهم الأكاديمي ويجعلهم يتعلقون بأوهام بدلًا من الحقائق.
فتجد الطالب من هؤلاء أصبح لا يكترث بشيء سوى بمحبوبه من الجنس الآخر.
وهؤلاء النشء حديثي السن وليسوا في مرحلة نضج كاف يمكنهم من معرفة ما يصلح لهم، كما أن معظمهم مراهقين لم يكتمل تكوين شخصياتهم ويستقر على حال بعد، وتبعًا لذلك فإن مشاعرهم أيضًا لم تنضج وتتمكن، فحب المراهق عادة ليس بثابت وسرعان ما يزول عندما ينتقل لمرحلة الشباب؛ وذلك لحداثة سنه وعدم إدراكه لعواقب الأمور ووجوهها المختلفة، فهو إنسان غير مكتمل النضج بعد، ولذا كثيرًا ما يندم الإنسان على قرارات أخذها في مرحلة المراهقة، تلك المرحلة التي تعتريها كثير من العواصف النفسية التي يمكن أن تؤثر سلبًا على الإنسان إن لم يتعامل معها بحكمة وصبر.
وفصل المدارس قد يساعد على تنظيم عملية وضع وتدريس المناهج التعليمية وتطبيقاتها، فهناك بعض المواد تناسب البنين دون البنات وكذلك العكس، وهذا قد يكون مفيد في المدارس الخاصة التي لديها شيء من المرونة والحرية في أنواع المناهج.
كما أن فصل التعليم يوفر جو مريح لكل من الطلبة والطالبات، فلا شك أن طباع الأولاد تختلف عن طباع البنات، وكل من الفريقين له عادات وسلوكيات تختلف عن الآخر، فمثلًا تجد أصوات الطلبة عالية ويميلون للألعاب التي تناسبهم أكثر مثل كرة القدم ونحوها؛ بينما مدارس البنات تكون عادة أكثر هدوء، كما أن الطالبات يملن للألعاب التي تناسبهم، وهذه الراحة والخصوصية لا تختص بالطلبة والطالبات فقط؛ بل تمتد للمعلمين والمعلمات أيضًا، حيث يكون هناك جو من الاسترخاء وعدم التكلف في المدرسة عند فصل الجنسين.
وفي مدارس البنات يفضل تعيين معلمات فقط، وفي مدارس البنين يفضل تعيين معلمين فقط، فذلك أفضل للطلبة والمعلمين في نفس الوقت.
وفصل التعليم كذلك قد يساعد على تصميم المدارس والدور التعليمية بطرق معينة، وكذلك عمل تصميم يساعد على حفظ خصوصيات الطالبات؛ مثل توفير ستائر أو مظلات وفصول أقل انفتاحًا ونحوها، بينما مدارس البنين تكون أقل خصوصية وبها ملاعب كرة القدم ونحوها (1).
إن جذور الاختلاط في التعليم بين الجنسين في الدول الإسلامية ترجع لقدوم المدارس والجامعات الأجنبية التنصيرية، إلى بعض بلاد المسلمين التي ما لبثت مع مرور الزمان أن تحول إلى مدارس وجامعات مختلطة بين الطلاب والطالبات بعد أن كانت غير مختلطة في بداية إنشائها.
ثم كانت الدعوة لاختلاط الجنسين في المدارس والجامعات على أيدي بعض أبناء المسلمين ممن افتتنوا بما لدى الكفار من تقدم علمي، فظنوا أن هذا من آثار الاختلاط فرفعوا راياتهم منادين ومدافعين عن الاختلاط.
بدأ الاختلاط في دور التعليم والجامعات في بلاد المسلمين، منذ نحو قرن من الزمان، ولم يكتمل القرن الماضي الهجري إلا وأغلب الجامعات والمعاهد والكليات والمدارس في ديار المسلمين مختلطة.
وبالتالي كان لذلك اعتبارات كثيرة، ومن تلك الاعتبارات السلبيات العديدة التي ذكرتها الأبحاث في التعليم المختلط، ومن أبرزها:
- مشكلات أخلاقية: كالتصنع في التصرفات من قبل الجنسين، أو تعرض الفتيات لمضايقات الشباب، أو انتشار الجرائم الأخلاقية مثل الزنا، فإن كثرة المخالطة مع وجود عوامل الفتنة تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة، وفساد الأخلاق عند الطرفين.
- مشكلات أكاديمية: منها عدم الحرية في النقاش أثناء المحاضرات، وهذا يظهر في عدم رغبة الطلاب والطالبات بالمشاركة في الدرس خيفة أن يخطئ أحدهم فيُحرَج أمام الجنس الآخر، فتتشوه صورته أمام من يود كسب رضاه من الجنس الآخر، ومنها التمييز بين الطلاب على أساس الجنس.
- مشكلات اجتماعية: منها التقليل من قدر المرأة في المجتمع حيث تصبح عارضة أزياء تلفت الأنظار، فتعتبر نفسها كسلعة قابلة للعرض، ومنها عزوف الشباب عن الزواج والاكتفاء بالعلاقات غير المشروعة.
- مشكلات نفسية: كالقلق والاضطراب والخوف من الجنس الآخر نتيجة ما يرى من ممارسات خاطئة، أو الصراع الداخلي في نفس الشباب (2).
هذا ويمكن أن نوجز أهم تلك الآثار السلبية للاختلاط في النقاط الآتية:
1- ارتكاب الفواحش، وفعل القبائح:
في دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين أكدت فيها أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحًا (بالحرام) وأعمارهن أقل من ستة عشر عامًا، كما أثبتت الدراسة تزايد معدل الجرائم الجنسية (الزنى) والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة (3).
وفي أمريكا بلغت نسبة التلميذات الحوامل سفاحًا (48%) من تلميذات إحدى المدارس الثانوية (4).
هذه هي ثمار التعليم المختلط الزنى بالرضى أو الإكراه، ثم الحمل منه، ثم الإجهاض أو ولادة الأطفال اللقطاء، ثم الانحرافات السلوكية لهؤلاء الأطفال، ثم الجرائم العدوانية لهم كبارًا، وهكذا في سلسلة طويلة من المشاكل الأخلاقية، والأخطار الأمنية التي تكلف المجتمع كثيرًا.
2- تخنث الرجال واسترجال النساء:
عندما يختلط الذكور والإناث في المدارس والجامعات يأخذ كل جنس من صفات وأخلاق الآخر، فيتخنث الرجال ويسترجل النساء، وهذا ما لاحظه المسؤولون عن التعليم: فقد أعلن وزير التعليم الفلبيني (ريكارد جلوديا) أنه يرغب في تعيين عدد أكبر من المدرسين الذكور لتدريس التلاميذ الذكور! حتى يتحلوا بصفات الرجولة بدلًا من الصفات الأنثوية التي يكتسبونها من مدرساتهم.
كما أن اختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس يؤدي إلى استرجال النساء، ففي الدراسة التي أعدتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين اتضح أن السلوك العدواني يزداد لدى الفتيات اللائي يدرسن في مدارس مختلطة (5)، وتخنث الرجال يقضي على الرجولة لديهم، فيصاب بعضهم برقة وميوعة قد تتجاوز ذلك إلى التشبه بالنساء، كما أن استرجال المرأة يجعلها تفقد حياءها الذي هو بمثابة السياج المنيع لصيانتها وحفظها، ثم تتدرج إلى محاكاة الرجال في تصرفاتهم وأفعالهم؛ ونتيجة ذلك النهائية الشذوذ في كلا الجنسين، واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء، كما هو الواقع في كثير من البلاد، التي كثر فيها الاختلاط والمسترجلات من النساء المتشبهات بالرجال، والمخنثون من الرجال المتشبهون بالنساء ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: «لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء» (6)، وفي حديث آخر «لعن صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء» (7).
3- انخفاض مستوى الذكاء:
تبين من خلال مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من مدراس ألمانيا الغربية وبريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة، واستمرار تدهور هذا المستوى وعلى العكس من ذلك تبين أن مدارس الجنس الواحد (غير المختلطة) يرتفع الذكاء بني طلابها.
4- ضعف الإبداع ومحدودية المواهب:
في دراسة أجراها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في بون بألمانيا تبين منها: أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية، مواهبهم محدودة، هواياتهم قليلة، وأنه على العكس منذ لك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد (غير المختلطة)، والسبب في ذلك انشغال كل جنس بالآخر عن الإبداع والابتكار (8).
5- إعاقة التفوق الدراسي:
لاحظ المختصون التربويون أن الاختلاط بين الطلاب والطالبات في المدارس يعوق التفوق الدراسي! فعمدوا إلى فصلهم في عدد من المدارس كتجربة فماذا كانت النتيجة؟ كشفت النتيجة أن البنين عندما يتم فصلهم عن البنات، يحققون نتائج أفضل في شهادة الثانوية العامة، وأثبتت التجربة الفعلية والنتائج التي أسفرت عنها: أن عدد البنين الذين نالوا درجات مرتفعة تزيد أربع مرات على ما كان سيكون عليه الحال لو أن الفصل كان مختلطًا.
وقد أظهرت دراسة بمعهد (كيل) بألمانيا أنه عندما حدث انفصال.. كانت البنات أكثر انتباهًا، وأصبحت درجاتهن أفضل كثيرًا.
6- قتل روح المنافسة:
ذكرت الدكتورة (كارلس شوستر) خبيرة التربية الألمانية أن توحد نوع الجنس في المدارس (البنين في مدارس البنين والبنات في مدارس البنات) يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين التلاميذ أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع (9).
بعد ذكر هذه الآثار السلبية لاختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس والجامعات التي هي قليل من كثير بقي الرد على قضية تطرح بين الفينة والأخرى قد يظن أنه لا علاقة لها بالاختلاط في التعليم، وهي مهدها وأساسها تلكم القضية هي (تعليم النساء للبنين في الصف الأول والثاني الابتدائي)، وقد رد على هذه القضية كثير من التربويين رجالًا ونساءً من عملوا في سلك التربية والتعليم، كما رد عليها العلماء والمشايخ حفظهم الله تعالى (10).
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: أرى من واجبي التنبيه على ما في هذا الاقتراح من الأضرار والعواقب الوخيمة، وذلك أن تولي النساء تعليم الصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي على اختلاطهن بالمراهقين والبالغين من الأولاد الذكور؛ لأن بعض الأولاد لا يلتحق بالمرحلة الابتدائية إلا وهو مراهق، وقد يكون بعضهم بالغًا؛ ولأن الصبي إذا بلغ العشر يعتبر مراهقًا ويميل بطبعه إلى النساء، لأن مثله يمكن أن يتزوج، ويفعل ما يفعله الرجال، وهناك أمر آخر وهو أن تعليم النساء للصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى الاختلاط، ثم يمتد ذلك إلى المراحل الأخرى فهو فتح لباب الاختلاط في جميع المراحل بلا شك )11).
فمن يدعو إلى تعليم النساء للبنين في الصف الأول والثاني الابتدائي، وليعلم أنه بدعوته تلك يفتح باب الاختلاط في جميع المراحل ولو بعد حين.
وما ذكره الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد من أن: التربية لباس يفصل على قامة الأمة، متسق مع تعاليمها وآدابها وأهدافها التي تعيش من أجلها، وتموت في سبيلها، لباس منسجم مع مبادئها ومعتقداتها وتاريخها، وأن التربية ليست عملية بيع وشراء، وليست بضاعة تصدر أو تستورد، وأن الأمم لتخسر أكثر مما تكسب حينما تعمد في تربيتها لناشئتها ورسمها لمناهجها على استيراد المناهج ووضع الخطط بعيدًا عن أصالتها ومبادئها وتاريخها (12).
قال علماء اللجنة الدائمة: اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة، ويتضاعف الإثم وتعظم الجريمة إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئًا من عوراتهن، أو لبسن ملابس شفافة تشف عما وراءها، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن، أو داعبن الطلاب أو الأساتذة ومزحن معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض (13).
إن من حرص الشارع على التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم: أن رغب في ذلك حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيدًا عما يتعلق بالدنيا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» (14)، وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف، قال الإمام النووي رحمه الله: وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال وذم أول صفوفهن لعكس ذلك (15).
--------------
(1) التعليم المختلط وتبعاته/ طريق الإسلام.
(2) التعليم المختلط تطور أم تخلف/ موقع رسالتي.
(3) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط، ترجمة د. وجيه عبد الرحمن (ص: 8).
(4) المرأة المسلمة، وهبي غاوجي (ص: 238).
(5) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط (ص: 8).
(6) أخرجه أبو داود (4097).
(7) (أخرجه البخاري (5886).
(8) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط (ص: 7- 8).
(9) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط (ص: 7).
(10) الاختلاط في التعليم.. مفاسد أخلاقية وأضرار تربوية/ طريق الإسلام.
(11) فتاوى إسلامية (3/104) جمع الشيخ الدكتور محمد المسند.
(12) الاختلاط في التعليم تاريخ وهموم/ مجلة المعرفة (رجب 1417هـ)، بتصرف.
(13) فتاوى اللجنة الدائمة (17/ 53).
(14) أخرجه مسلم (440).
(15) شرح صحيح مسلم للإمام النووي(4/ 159).