logo

مَن يسيطر عليك؟


بتاريخ : الخميس ، 29 ذو القعدة ، 1440 الموافق 01 أغسطس 2019
بقلم : علي الغامدي
مَن يسيطر عليك؟

من خلال هذه الحياة، وتعايُشي مع كثير من البشر، وجدتُ أن هناك فئةً منهم لديها حب السيطرة والنفوذ على مَن حولهم؛ حتى يُصبحوا أداةً لتنفيذ رغباتهم وطموحاتهم غير المبررة.

فمنهم مَن يودُّ أن يسيطر على أفكارك.

ومنهم من يود أن يسيطر على علاقاتك.

ومنهم من يود أن يسيطر على قراراتك؛ فتُصبِح مشلول العقل والإرادة.

ومنهم من يود أن يسيطر على أملاكك وقوة عيالك.

ومنهم من يود السيطرة حتى على ما يدور في داخلك من أفكار ومشاعر وأحاسيس.

ومن طرق السيطرة الخفية أيضًا، التي ليس لها علاقة بلصوص البشر، ما يدور في داخلك من أفكار وقناعات خاطئة، جعلت منك أسيرَ ومشلولَ الإرادةِ والانطلاقِ إلى فضاء الحرية، وقَبول الآخر.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نتعرف على هؤلاء اللصوص الخارجيين والداخليين؛ حتى نتَّقي أذاهم وسطوتَهم؟

فيما يخصُّ لصوص الخارج عليك أن تَعِيَ أخي أن هؤلاء النوع من البشر يمتازون بدهاء وذكاء عالٍ جدًّا، وليس من السهل اكتشافهم كما تظن، وسوف أذكر بعض صفاتهم وطرقهم في السيطرة على مَن حولهم؛ فمنها:

١- منهم مَن يحاول بكل ما يستطيع قَطْع علاقاتك مع مَن حولك، وعزلك؛ حتى يتسنى له الاستفراد بك.

٢- منهم مَن يقوم بتشويه كل مَن حولك، ويُظهر نفسه أنه الأفضل والأنقى والأطهر، ثم بعد ذلك يفرض عليك ما يريد منك القيام به دون عناء أو مشقة.

٣- من صفات بعضهم أنه يحاول بكل ما يستطيع أن يعرف تفاصيل حياتك الشخصية، وعلاقاتك العامة؛ حتى يَسهل عليه وضع الخطة المناسبة للانقضاض عليك.

٤- من لديهم حب سيطرة على ممتلكاتك ومدخراتك، ستجدهم يبذلون الجهد لمعرفة كل تفاصيل أمورك المالية، ومن ثم محاولة توجيهك بما يتناسب مع رغباتهم وشهواتهم ومشاريعهم.

٥- من لديهم حب سيطرة على أفكارك، ستجدهم يُشوِّهون كل الأفكار المضادة لأفكارهم السلبية؛ حتى يسهل لهم بعد ذلك توجيهُك إلى الوجهة التي يرغبون في إيصالك إليها.

أما فيما يخص الجزء الأصعب واللص الأدهى، الذي يحاول السيطرة عليك وتقييد قدراتك، فهو نفسك التي بين جنبيك، وكيفية سيطرتها على انطلاقك وحريتك، ومن أساليبها ما يلي:

١- إذا وجدت نفسك أسيرَ قناة فضائية بعينها أو كاتبٍ بعينه، فعليك أن تعلم أنك وقعتَ في مصيدة السيطرة والنفوذ.

٢- إذا كانت أغلب قراءتك في اتجاه واحد، ولا تقرأ للمخالفين والمعارضين، فأنت مُسيطَر عليك، ولكن للأسف بإرادتك.

٣- الحب المفرط قد يُوقِع الإنسان تحت سيطرة وتحكُّم الآخرين، فعليك بضبط أحاسيسك ومشاعرك؛ حتى لا تصبح أُلعوبةً بيدِ مَن تعلقت به.

٤- حب المال المفرط قد يُوقعك عبدًا ذليلًا تحت سطوته وتجبره، اجعل هذه الدنيا في يدك، ولا تجعلها في قلبك.

٥- حب الرئاسة والنفوذ، والوصول لها بأي طريقة كانت، إيجابية أو سلبية، المهم والهدف بالنسبة لك الوصولُ إليها، سيجعل منك شخصًا لا مبادئ له؛ فكن على حذر أن تقع تحت سيطرة هذا المارد الذي أجهز على خلق كثير.

٦- شهواتك (رغباتك المُحرَّمة) إن لم تُلجمها بالتقوى فستقع تحت سيطرتها ونفوذها الأخَّاذ، وستكون عبدًا ذليلًا، ولكن بإرادتك للأسف.

٧- لعل من الأمور الخفية التي تكون سببًا في السيطرة عليك، أخي الكريم، وعلى تفكيرك، المعلومةَ الخاطئة التي وصلت إليك، سواء كانت عن طريق كتاب أو مقال أو حوار تلفزيوني، والخطير في الأمر هنا أن هناك مجموعة ممن يصنعون التوجهات الفكرية للأجيال والجماهير يتعمدون مثل هذه الأخطاء؛ حتى يتسنَّى لهم قيادة هذه الجماهير الغافلة إلى حيث يريدون.

لعل سَعَة الاطلاع والبحث هو ما سيجعلك تكتشف هذه المعلومات المغلوطة التي سيطرت عليك فترة من الزمن.

٨- من أمور السيطرة التي قد تستغربونها وتتعجبون منها سيطرة المرءوس على رئيسه، والتمكن من توجيهه وتوجيه قراراته بالطريقة التي تتناسب مع رغبات هذا المرءوس الخاطئة، والتي تتقاطع مع سياسة المؤسسة ومبادئها.

وهي همسة أهمسها في أذن كل قائد: انتبه لمن حولك، ونوِّع في مستشاريك، ولا تكن أسيرَ شخص بعينه أو مجموعة بعينها.

٩- كما أن سيطرة العادات والتقاليد المخالفة للأخلاق والمبادئ على كثير من الناس، خاصة في المجتمع القَبَلي، تُمثل أحد أنواع السيطرة الخطيرة، التي يجب أن نتخلص منها، ولا يكون ذلك إلا بالعِلم والفَهم وسَعَة الإدراك.

١٠- من الأمور التي تجعل كثيرًا من الناس تحت السيطرة قضية الخوف؛ الخوف على المستقبل، الخوف على فقدان الوظيفة...، وغيرها الكثير من أنواع الخوف الذي يُعتبر المُثبِّطَ الأكبر والأكثر إيلامًا على النفس البشرية.

اجعل خوفك فقط من الله، ومن الله وحده، عندها ستَنعتِقُ من عبودية البشر إلى عبودية الله وحده، وما أجملها وما أشرفها من عبودية!

ومما زادني شرفًا وتِيهًا       وكدتُ بأَخْمَصي أطأُ الثريَّا

دخولي تحت قولك: "يا عبادي"       وأن صيَّرتَ أحمد لي نبيَّا

هذه بعض الطرق التي من خلالها يتم السيطرة عليك؛ منها خارجي التأثير، ومنها داخلي التأثير، ويكمن السر في تحولك وانعتاقك منها معرفتها أولًا، ثم القيام بالتخلص منها، وبذلك تكون خطَوْتَ خُطوة إلى الأمام، وانطلقت في سماء الحرية الرحبة.

فائدة:

لعلي أستثني في مقالي هذا مَن كان لهم دور إيجابي في غرس القيم، وشحذ الهمم، والارتقاء بالنفوس؛ فهؤلاء لهم منَّا تحيةُ إجلال وإكبار.

 

المصدر: موقع الألوكة