logo

مفهوم الأمة الواحدة


بتاريخ : السبت ، 22 رجب ، 1445 الموافق 03 فبراير 2024
بقلم : تيار الاصلاح
مفهوم الأمة الواحدة

الأمة الواحدة هي الجسد الواحد، البنيان الواحد، الشعور الواحد، الفرح الواحد والألم الواحد، التكاتف والتكامل والتكافل، يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم.

قضاياهم واحدة، مشكلاتهم واحدة، همومهم واحدة، هدفهم واحد، تفكيرهم واحد، عقيدتهم واحدة، وشريعتهم واحدة، ودينهم واحد، وربهم واحد، ومنهجهم واحد، وسلوكهم واحد، وبنيانهم واحد، وقبلتهم واحدة، لا يفرقهم لون ولا لغة ولا طبقة ولا جنس ولا عرق.

يقتدي آخرها بالهدى الذي اهتدى به أولها، دون اعتبار لزمان أو مكان ودون اعتبار لجنس أو قوم، ودون اعتبار لنسب أو لون.. فالحبل الموصول بين الجميع هو هذا الدين الواحد الذي يحمله ذلك الرهط الكريم (1).

وعندما يستقر هذا الشعور في قلب إنسان، فيشعر أنه فرع من شجرة طيبة باسقة متطاولة، عميقة الجذور، ممتدة الفروع، متصلة بالسماء وجذورها متأصلة في الأرض، عندها يشعر الإنسان أن للحياة طعمًا آخر، فيضيف إلى حياته هذه حياة كريمة، مستمدة من هذا النسب العريق.

ومصطلح الأمة الواحدة تتغيّر صوره وأشكاله، فتتراوح بين الوحدة السياسية والجغرافية، مرورًا بالوحدة كمفهوم فكري يجمع المنتسبين إليه رغم تباعدهم، وانتهاءً بالوحدة كتطبيق اجتماعي ينصهر فيه الأفراد مُشكلين نسيجًا مترابطًا يجمعهم، وفقًا لرؤية ثقافية واجتماعية متقاربة.

ولفظ الأمة يطلق بإطلاقات متعددة، يطلق على الجماعة كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص: 32]، ويطلق على الرجل الجامع للخير، كما في قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: 120]، ويطلق على الحين والزمان، كما في قوله سبحانه: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45]، أي وتذكر بعد حين من الزمان.

والمراد بالأمة هنا: الدين والملّة، كما في قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22]، أي: على دين وملة معينة (2).

إن تخريب (مفهوم الأمة) يعني تمزيق هويتها، لتصبح أمة سائبة هُلامية ليس لها كيان ولا معالم ولا ذاكرة تاريخية ولا جماعية، مما يؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل والعدو بالصديق، فتفقد ذاتها ومقومات البقاء في التاريخ وعوامل النهوض من جديد، فتتفرق بها السبل ولا تعرف من هي فلا تهتدي للنجاة سبيلًا، وبالتالي تصبح في حالة ضياع.

كانت الأمة الإسلامية أمة واحدة تستظل براية واحدة، وتخضع لقيادة واحدة، فكانت ذات شوكة ومنعة، ثم لم تلبث أن سرت فيها أمراض فتاكة خلخلت بناءها وأفسدت أبناءها فضعفت قوتها وذلت عزتها، فسهل على أعدائها القضاء عليها وتمزيقها إلى دويلات وإمارات استولت على كثير منها فترات طويلة استطاعت فيها أن تفسد عقائدها وأخلاقها وتغير ولاءها.

فأصبحت بعد ذلك الأمة الواحدة أمما مختلفة ومجتمعات متعددة لكل منها شعاره ومذهبه فتمزقت وحدة الأمة وتعددت ولاءاتها بحسب شعاراتها ومذاهبها.

ويؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أهمية وحدة الأمة المسلمة على أساس اشتراك أفرادها في اعتناق الدين الإسلامي، بغض النّظر عن خلفياتهم العرقية أو انتماءاتهم الجغرافية، فوردت لفظة الأمة في آيات عديدة من القرآن الكريم، من ذلك قول الحق تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، وقال تعالى: {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].

وعند ما أراد الله أن يعرف المسلمين بأمتهم التي تجمعهم على مدار القرون، عرفها لهم في صورة أتباع الرسل- كل في زمانه- وقال لهم في نهاية استعراض أجيال هذه الأمة: {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} ولم يقل للعرب: إن أمتكم هي الأمة العربية في جاهليتها وإسلامها سواء! ولا قال لليهود: إن أمتكم هي بنو إسرائيل أو العبرانيون في جاهليتهم وإسلامهم سواء! ولا قال لسلمان الفارسي: إن أمتك هي فارس! ولا لصهيب الرومي: إن أمتك هي الرومان! ولا لبلال الحبشي: إن أمتك هي الحبشة! إنما قال للمسلمين من العرب والفرس والروم والحبش: إن أمتكم هي المسلمون الذين أسلموا حقًا على أيام موسى وهارون، وإبراهيم، ولوط، ونوح، وداود وسليمان، وأيوب، وإسماعيل وإدريس وذي الكفل وذي النون، وزكريا ويحيى، ومريم.. كما جاء في سورة الأنبياء.

هذه هي أمة «المسلمين» في تعريف الله سبحانه، فمن شاء له طريقًا غير طريق الله فليسلكه، ولكن ليقل: إنه ليس من المسلمين! أما نحن الذين أسلمنا لله، فلا نعرف لنا أمة إلا الأمة التي عرفها لنا الله. والله يقص الحق وهو خير الفاصلين (3).

وقال عز وجل: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]، وقال جل وعلا: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13].

وأكد النبي صلى الله عليه وسلم أهمية وحدة الأمة، فقال: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (4).

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويسخط لكم ثلاثًا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم ثلاثًا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (5).

ووردت لفظة “أمة” في نصّ صحيفة المدينة الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم عند مَقدمه يثرب في هجرته، بين المهاجرين والأنصار ووادع فيه يهود: هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم، وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس (6).

كان هذا المفهوم حاضرًا في قلوبهم وواقعهم، فكانت لهم السيادة والريادة، فلا يعتدى على مقدساتهم، ولا تنتهك حرماتهم، بلادهم محفوظة فلا أمة تستطيع عليها اعتداء، ولا أحد يستطيع عليها جورًا.

وإن حدّثت أمة نفسها بغزو المسلمين وهمّت؛ فالرد معروف: الجواب ما ترى دون ما تسمع، أو كما قال سيف الله خالد: لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم أو لأنزلكم إلينا.

وهزيمة الأعداء واقعة لا محالة، ويجري عليهم ما سطرته كتب التاريخ من أمجاد ونخوة وشهامة، وما تلبية المعتصم لنداء امرأة يوم قالت: وامعتصماه عنا ببعيد ... كان ذلك يوم كان الإيمان حيًا في القلوب، يوم كنا خير أمة أخرجت للناس، فلمّا فتر الإيمان وخبت جذوته من القلوب، وانشغل الناس بالدرهم والدينار وتركوا نصرة المستضعفين والمظلومين؛ حق علينا قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» (7).

وما دام الذل موجودًا، فإننا مازلنا بعيدًا عن ديننا وعقيدتنا ومفاهيمنا الأصيلة، والنتيجة: تكالبت علينا الأمم، وحاصرت الشعوب المسلمة، وانتهكت الأعراض، وقتلت مئات الألوف من المسلمين، فما وجدوا منا غير الشكوى والأنين (8).

لكن مع نشوء ما يعرف بالدولة القطرية أثر ذلك كثيرًا في تفتيت الوحدة السياسية للمسلمين، وتقسيم بلادهم إلى أقطار جغرافية متمايزة بعضها عن بعض، وأسهمت وحالة الضعف الديني والفكري والاقتصادي والعلمي- أيضًا- في زيادة الفرقة بين أقطار المسلمين بدرجة جعلت كل قطر يرى أبناء القطر الآخر غرباء وأجانب، إن لم يكونوا خصومًا.

ولعل شاهد ذلك ما يحدث في بعض الأزمنة التي تثار فيها حروب ونزاعات بين أقطار شقيقة لأسباب لا تخدم سوى أهداف القوى الاستعمارية التي خرجت من الأرض، لكنها بقيت مسيطرة على الفكر والقرار.

فأمتنا تعرف بهويتها التي تتكون من المقومات والمكونات والعوامل والحقائق التالية:

أولًا: وحدة العقيدة:

إن أول عامل في نشوء الأمم وتكوين هويتها هو وحدة العقيدة، فكل مجموعة من الناس مهما بلغ عددها وتحمل عقيدة واحدة وتعتقد بها فإنها تُعتبر أمة واحدة، ولو كانت هذه المجموعة تنتمي لعدة أجناس مختلفة أو شعوب وقوميات متعددة ويعيشون في أمصار مختلفة، وبناء على ذلك يُمكن أن يُختصر مفهوم الأمة بشخص واحد يؤمن وحده بعقيدة لا يؤمن بها غيره، وأكبر دليل على ذلك إبراهيم عليه السلام فالله سبحانه وتعالى وصفه بأنه أمة وحده لأن أحدًا من قومه لم يؤمن بما يدعو إليه {إِنَّ إِبرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكِينَ} [النحل: 120].

إن التصور الإسلامي يقطع الوشائج والصلات التي لا تقوم على أساس العقيدة والعمل، ولا يعترف بقربى ولا رحم إذا أنبتت وشيجة العقيدة والعمل ويسقط جميع الروابط والاعتبارات ما لم تتصل بعروة العقيدة والعمل.. وهو يفصل بين جيل من الأمة الواحدة وجيل إذا خالف أحد الجيلين الآخر في عقيدته، بل يفصل بين الوالد والولد، والزوج والزوجة إذا انقطع بينهما حبل العقيدة، فعرب الشرك شيء وعرب الإسلام شيء آخر، ولا صلة بينهما ولا قربى ولا وشيجة، والذين آمنوا من أهل الكتاب شيء، والذين انحرفوا عن دين إبراهيم وموسى وعيسى شيء آخر، ولا صلة بينهما ولا قربى ولا وشيجة، إن الأسرة ليست آباء وأبناء وأحفادًا، إنما هي هؤلاء حين تجمعهم عقيدة واحدة، وإن الأمة ليست مجموعة أجيال متتابعة من جنس معين.

إنما هي مجموعة من المؤمنين مهما اختلفت أجناسهم وأوطانهم وألوانهم، وهذا هو التصور الإيماني، الذي ينبثق من خلال هذا البيان الرباني، في كتاب الله الكريم (9).

 ثانيًا: وحدة الأمة:

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبٌّكُم فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52]، إن وحدة العقيدة تجعل من جميع اتباعها (أمة واحدة)، فالمسلمون أصحاب العقيدة الواحدة (أمة واحدة) يسعى بذمتهم أدناهم مهما كانت جنسيتهم، ومهما كان لونهم، ومهما كانت لغتهم، وأينما وُجدوا جغرافيًا، حتى ولو في القطب الشمالي والجنوبي وأدغال إفريقيا، فـ(وحدة الأمة) هي الناتج الطبيعي والحتمي لوحدة العقيدة، فمن المستحيل بل من الغباء أن ينتمي الإنسان إلى أمتين في آن واحد، فكيف لإنسان أن ينتمي إلى عقيدتين مختلفتين لأمتين مختلفتين بل ومتناقضتين في آن واحد، فهل مثلًا ممكن أن يكون الإنسان مؤمنًا وكافرًا في نفس اللحظة؟ وهذا ما يقع فيه -وللأسف الشديد- كثير من الدعاة والعلماء، ومن الذين يسمون بـ(المفكرين الإسلاميين)، وبعض الأحزاب والحركات الإسلامية، والتي تحوّل بعضها إلى طوائف وفرق وأمم شتى، فيقولون (أمتانا العربية والإسلامية)، أو يستخدمون مصطلح (الأمتين العربية والإسلامية)، أو (أمتنا العربية) بدلًا من مفهوم ومصطلح (الأمة الإسلامية، أو أمتنا الإسلامية)، وهم بذلك يقعون بالفخ الذي صنعه المستعمر الكافر من أجل تمزيق (الأمة الإسلامية)، فهو الذي شطر الأمة إلى شطرين (قومي وإسلامي).

فالقومية هي صناعة صهيوصليبية، فبالقومية تم هدم دولة الإسلام العثمانية فصارت (القومية العربية والأمة العربية، والقومية الطورانية، والأمة التركية) بديل الإسلام و(أمة الإسلام)، فهذا تبديل لكلام الله سبحانه وتعالى، وهذا ما يُفسر بأن دعاة (القومية العربية والتركية) في عهد (الدولة العثمانية) كان معظمهم من غير المسلمين، فدعاة (القومية العربية) كان معظمهم من الموارنة اللبنانيين تحديدًا، وقد تبيّن فيما بعد أنهم من أشد الناس عداوة للعروبة والإسلام، وأن دعوتهم للقومية كانت مرحلية من أجل القضاء على دولة الإسلام، فبعد أن تحقق هدفهم بتمزيق المسلمين وهدم دولة الإسلام تنكروا للعروبة، حتى صاروا يُطالبون بتغيير الأحرف العربية واستبدالها بأحرف لاتينية.

فنحن أمة واحدة، فلا يجوز أن نُجامل أحدًا على حساب عقيدتنا وهويتنا.

فالقومية هي التي مزقت الأمة وديارها، فمن رحمها وُلِد الكيان اليهودي في فلسطين، وفي ظلها نمى وترعرع وحقق هذا الكيان أعظم مجازره وانتهاكاته؛ بل أهداه أبطال القومية هذه الانتصارات على طبق من ذهب، ولا زال دعاة القومية يتغنون بهؤلاء الأبطال المُزيفين الذين صنعوا هزائم أغرب من الخيال، وفي ظل هذه القومية نعيش عصر الانحطاط والذل والهوان، وتتداعى علينا الأمم، وفي ظلها أصبحنا غثاء كغثاء السيل، بل والأنكى من ذلك أن دعاة القومية المُفلسة اليوم يعتبرون زعماء القومية الذين أوصلونا إلى ما نحن عليه مرجعيتهم في دعوتهم لمشاريعهم النهضوية على أساس قومي، ما هذا الجهل والغباء والهراء؟

فهل هناك إنسان عاقل يجعل مرجعيته وقدوته ومثله الأعلى قادة فاشلين ومهزومين وخائبين جلبوا الخزي والعار لأمتهم؟ إنها عقلية المهزوم والمُغيّب فكريًا، وفاقد الوعي.

ثالثًا: وحدة الأحاسيس والمشاعر والعواطف لتصبح الأمة كالجسد الواحد:

إن وحدة العقيدة ينبثق عنها وحدة الأحاسيس والعواطف والمشاعر أي (وحدة الضمير والوجدان)، وهذه الوحدة ينتج عنها أن أبناء الأمة الواحدة لا يُوالون إلا الله والرسول والذين آمنوا، {إِنَّمَا وَلِيٌّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ (56) يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُم هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَالكُفَّارَ أَولِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ (57)} [المائدة: 55- 57]، فالذي لا يتولى الله ورسوله والمؤمنين فإنه ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فالموالاة تعني أن الحب والبغض لا يكون إلا في الله، وهذا يعني أنه إذا ما لحق بالمسلمين أذى في أي مكان في الأرض تجد أن المسلمين أينما وجدوا في مشارق الأرض ومغاربها يتألمون لهذا الأذى ويشعرون بمشاعرهم ويحسون بمصائبهم ويفرحون لفرحهم، وكأنهم أقاربهم من لحمهم ودمهم، ويعتبرون قضايا المسلمين في أصقاع الأرض قضاياهم.

وهذا ما يدفع كثيرًا من شباب الإسلام في أصقاع الأرض المختلفة من العرب والعجم إلى التداعي لنصرة إخوانهم المسلمين في كل مكان، إذا ما تعرضوا لعدوان، وديارهم إلى احتلال من الكفار.

رابعًا: وحدة التاريخ المشترك:

 لم يكن في التاريخ قبل مجيء الإسلام أمة تسمى الأمة الإسلامية، فلم تك شيئًا مذكورًا، فعندما نزل الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء في غار حراء بقول الله سبحانه وتعالى: {اقْرَأ} في تلك اللحظة وُلدت أمتنا في التاريخ، فنحن (أمة اقرأ). فكُل من لا يعترف بتاريخ ميلاد أمتنا بلحظة نزول القرآن كيف سيكون من أمتنا؟! التي بدأت مسيرتها التاريخية منذ تلك اللحظة، بدءًا من السيرة النبوية، ومرورًا بالخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، والأيوبيين والمماليك، وانتهاءً بالعثمانيين.

إن هذه الدول الإسلامية المُتعاقبة هي التي صنعت تاريخنا وبلورت هويتنا ووجودنا في التاريخ، فصار لنا حضارة قائمة على العدل والرحمة نباهي بها الأمم، وتاريخ عسكري وسياسي، وتراث أدبي وفكري وثقافي، فكل من ينتمي لأمتنا ويحمل هويتها لا بد أن يعتبر هذه الدول الإسلامية دولته، وتاريخها تاريخه، وأن أئمتها وقادتها وزعماءها وأبطالها أئمته وقدوته وقادته وزعماؤه وأبطاله، ويعتز بهم ويفتخر، وأنهم جزء من ضميره ووجدانه، ومحل احترام واعتزاز وفخر لديه.

إن كل من ينتمي لأمتنا لا بد له أن يعتبر جميع المعارك التي صُنع فيها تاريخ المسلمين هي المعارك التي يعتز ويفتخر بها، وهي التي تشكّل تاريخه وذاكرته التاريخية.

خامسًا: وحدة الثقافة:

إن أمتنا الإسلامية ذات ثقافة واحدة مُنبثقة من عقيدتها الواحدة، من القرآن والسنة، فعقيدتنا ينبثق عنها منظومة ثقافية تشتمل على أثمن وأعظم وأنبل وأثمن القيم الإنسانية الرفيعة، التي ترتقي بإنسانية الإنسان وتنظم له علاقاته مع الله أولًا، ثم مع نفسه ومع غيره من الناس من المسلمين وغير المسلمين، ومع جميع مخلوقات الله من حيوان وجماد ونبات ومع الكون كله، ومن أتفه الأمور الحياتية إلى أعظمها شأنًا، فهذه المنظومة تحرر الإنسان من العبودية لغير الله، فتجعله عزيزًا كريمًا يأبى الذل والهوان والخضوع لغير الله، وهي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتدعو إلى صلة الأرحام وإيتاء ذي القربى، والصدق والأمانة، وعدم الغش، والكرم والشجاعة، والتعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، والإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء، والطهارة، والتواضع، والعدل والرحمة، والمُفاضلة بين الناس على أساس التقوى، والوفاء بالعهود وعدم الغدر، ونصرة المظلوم، وطاعة الوالدين وبرهما.

ومنظومتنا الثقافية تدعو إلى العمل وإتقانه وعدم التواكل، وتدعو ثقافتنا إلى العزة والكرامة، والخلق الحسن، ورفض الظلم، وعدم أكل مال الناس بالباطل، فهل يُوجد أعظم من هكذا منظومة ثقافية، هي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا بل هي عبادة نتعبد بها إلى الله.

إن كل من يُنكر هذه الحقائق المُكونة لهويتنا فهو ليس من أمتنا، ولو كان من آبائنا وإخواننا وعشيرتنا، وإن كل من يعمل أو يسعى أو يفكر بوضع أو إيجاد هوية جديدة لأمتنا فما هو إلا مستهدف لأمتنا وهويتها مهما تلبس من لبوس (10).

خطورة فرقة الأمة:

وإذا لم يعمل المسلمون على تحقيق مفهوم الأمة الواحدة؛ ظهر الفساد وكثرت الأخطار، ومن آثار ذلك:

مخالفة أمر الله ورسوله: فاختلاف المسلمين وتفرقهم مخالفة لما ورد في الكتاب والسنة من الأمر بالوحدة واجتماع الكلمة.

اختلاف القلوب وتفريق الدين: فإن الاختلاف في الأعمال الظاهرة كصور أداء العبادات، وتحديد مواقيتها الزمانية أو المكانية، أو تباين مواقف المسلمين في القضايا المصيرية، يؤدي إلى اختلاف القلوب ويدل على تنافر المقاصد والنوايا، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة بتسوية الصفوف عند الصلاة.

الفشل وذهاب الريح: ومن أعظم أضرار اختلاف المسلمين وتفرق كلمتهم الفشل وذهاب الريح، وقد ذكرهما الله تعالى في القرآن لخطورتهما، فقال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]، والفشل وذهاب الريح تعبير بليغ عن نقص قوة المسلمين وقصورهم عن بلوغ مقاصدهم في تقوية جيوشهم وإرهاب أعدائهم.

وتغيير واقع الأمة الضعيف والمتفرق، يتوقف على عودتها من جديد إلى الاعتصام بحبل الله جميعًا كما يوضح القرآن الكريم، وهي دعوة للأمة المسلمة دائمة وقائمة مستمرة في كل زمان ومكان، فما دام في الأرض مسلمون، وجب عليهم الالتفاف حول القرآن قلبًا واحدًا، وإن كانت قوالبهم شتى، فالقرآن يوحد الأمة، ويجمع كلمتها، ويؤلف شملها، ويوجد لها من القاسم المشترك ما يجعلها متِّحدًا متضامنًا، متعاونًا متماسكا، لذا يقول جل وعلا: {وَأَنَّ هذَا صِرٰطِيْ مُسْتَقِيمًا فَاتَّبـِعُوه وَلاَ تَتَّبـِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بـِكُمْ عَنْ سَبِيلِه ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِه لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153]

وقد ركز النبي صلى الله عليه وسلم على وحدة الأمة وأخوّتها مثلما ركز عليها كتاب الله، حيث فَسَّر ما أراده الله تعالى وما أُوحِيَ إليه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بـالجابية فقال: يا أيها الناس! إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فقال: «عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو مع الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة» (11)

عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة شبرًا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» (12).

ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ليأمر أمته بشيء ذي بال دون أن يرسي له دعائمه بيده: عمله، وسيرته، وتحركاته الميدانية كلها؛ فعندما ركز القرآن على اتحاد الأمة وتضامن المؤمن بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا بالقول، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بالمدينة المنورة بالفعل، وجعل هذه المؤاخاة كأخوة النسب وقرابة الرحم، فأزالت هذه المؤاخاة كل ما كان بينهم، من نزعة الجاهلية، وأثرة العصبية.

وقرر النبي صلى الله عليه وسلم القواعد التي تجعل المسلمين متآخين متناصرين متراحمين فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» (13).

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من تراب» (14).

إنَّ وحدة الأمة الإسلامية وتضامنها، وتلاحمها وتماسكها، واجتنابها جميع دواعي الفرقة والشتات، والتنازع والاختلاف، مطلب مهم من المطالب الشرعية، وفريضة من فرائض الإسلام، وواجب من الواجبات التي كَلَّفَ اللهُ بها عباده المؤمنين؛ فلا محيد لهم عن الوحدة والأخوة إذا كانوا مؤمنين، ونهى الله سبحانه هذه الأمة أن تكون كالأمم الماضية في تفرقها واختلافها، من بعد ما قامت الحجة عليها، فأصبحت مستحقة للعذاب الأليم (15).

ومهمة المسلم تتلخص في تعويض العالم عما يفتقده في الجانب الذي يجهله، جانب الروح وكل ما يتعلق بخالق الكون، وقد جنح العالم جنوحًا كبيرًا تجاه المادة حتى وسد نفسه إلها من دون الله، فتعطشت روحه لخالقها، ولذلك نجد أن أكثر البلاد انتحارًا، هي أكثر البلاد رفاهية وغنى، لقد تعبأ الإنسان بالمادة فتاقت روحه لشيء لم يعرفه، لم يأخذ بيده أحد إليه، لم يوجهه أحد وجهة صحيحة، ولم تكف الأديان الوضعية والأديان المحرفة في ملء تلك الفجوة لديه، إله السماء، قيم السماء، الأخلاق المستمدة من دين السماء، كل هذا افتقده إنسان المادة، إنسان التقدم العلمي والتأخر الإنساني، وهذا هو دور المسلم بعدما أفلست كل الأديان، وكل القوانين، والحضارة الغربية ذاتها في إعطائه السلام والتوافق النفسي الذي يريده.

إن على الأمة المسلمة اليوم مهمتان في غاية الخطورة والعجلة قبل أن تضيع مع الإنسانية الضائعة وهما:

أولًا: أن تستعيد ذاتها وهويتها ووحدتها، وأن تعلم أن سر قوتها هو تطبيق الفكرة الإسلامية الخالصة، الفكرة التي أنزلت على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء دون تفسير المفسرين، وفهم المتأخرين، وتأثير المحتلين والمستبدين، الفكرة التي استطاعت أن تؤاخي بين بلال وأبي بكر رضي الله عنهما، والتي استطاعت أن تصنع جنديًا يحمل الذهب من بلاد الفرس لمدينة رسول الله على جواده بدون أن يفكر في مجرد النظر إليه ليلقيه بين يدي أمير المؤمنين عمر، والتي استطاعت أن تجعل جنديا مسلمًا "ربعي بن عامر" يقف أمام رستم يخبره بأنه جاء من قلب الجزيرة العربية لكي ينقذه هو من جور دينه لعدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا لسعة الدنيا والآخرة، دون أن ينبهر بالبسط المفروشة، والذهب المقامة منه الخيمة، لم ينبهر بمنتجات حضارية واهية، بينما يحمل بين جنبيه إنسانًا حضاريًا قادرًا على أن يسوس العالم بكلمة.

الفكرة التي تدفع الأمة لعدم قبول الظلم، والتبعية، والفساد، والتفكك، والوقوع في الخلافات المذهبية، والحدود المصنوعة بأيدي مستعمر، الفكرة التي تفرق بين القدر الإلهي، والظلم البشري فترفض وتنافح لتصل لمبتغاها، على الأمة أن تدرك وتعي أن الإسلام وحده هو القادر على الخروج بها من مأزقها، والأحداث العالمية مواتية اليوم لتبدأ من جديد، وتنهض بذاتها لتستحق مهمة الشهادة بالوصول للوسطية والخيرية وتحقيق الشروط التي فرضها ربها على كل أمة قائمة، وإلا فهو الاستبدال بعد التمحيص الطويل، إن الغرب قد وصل لقمة حضارته المادية ولم يجد السعادة المنشودة بعد، ولم يستطع الحفاظ على السلام الإنساني اللازم لاستمرار البشرية، فصار لزامًا على المسلم أن يتحرك كي يوازن تلك الحضارة قبل أن تسحق ما تبقى من إنسانية، ولن يقبل منه الغرب عطاءً وهو على دونيته مجرد عبء على تلك الحضارة ومستهلك لها، بل عليه أن ينتفض، وينفض غبار "الوهن" عن نفسه أولًا، وفي هذا الخضم يقول مالك بن نبي: هل ترون إلى أرض عطشى تنتظر الري من الماء؟ هل نستطيع ريّها بماء يجري تحت مستواها؟ إن الإجابة ستكون بالطبع لا، باستثناء المجنون أو صاحب الشطحات الصوفية إذ يعتقد أن الماء سوف يصعد إليها فيسقيها، لا لن يسقي الماء الأرض بالصعود إليها، وإنما بالانحدار وذلك بالسنن الكونية الإلهية عن طريق الجاذبية، سنة الله تقضي أن ينحدر إلى الأرض إذا كان مستواه يقضي بذلك (16).

ثانيًا: الإيمان بالفكرة، أو بمعنى آخر أن تدرك الأمة حجمها الحقيقي بدون تعالٍ أو كبر، وأن تعرف قيمة رسالتك وأهميتها ودورها في إصلاح شأن العالم، فالذي لا يؤمن بذاته، لا يمكن أن يقنع غيره بها، وبمدارسة تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم نجد أنه لولا إيمانهم بالفكرة خاصة بعد وفاة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ما وصل إلينا الدين بهذا الوضوح والصدق، فجعل الله عز وجل إيمانهم النسق الأمثل للإيمان، فيقول تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة: 136- 137] لقد مهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطريق لحمل هذا الدين بأجسادهم وأرواحهم وعقولهم وقلوبهم التي تشربت الفكرة وآمنت بها وتحركت من أجلها وماتت في سبيلها، آمن بها أبو بكر حتى يقول في رحلة الإسراء والمعراج: "إن قال فقد صدق"، وآمن بها ثلة من الأولين فهجروا ديارهم وأهليهم وتجارتهم هجرتين للحبشة ثم إلى يثرب، آمن بها جيش المسلمين، فلم يدفن من الصحابة بالمدينة إلا أكثر من عشرة آلاف صحابي بقليل، بينما البقية الباقية استشهدوا أو ماتوا في بلاد غريبة فاتحين، فصنعوا بالسلام والحب والأخلاق والسمو حضارة بجناحي الدنيا والآخرة، القوة والرحمة والعدالة المطلقة النابعة من دين رب العالمين والتي لم تتوفر في حضارة غيرها.

لقد آمن البدوي في وسط الجزيرة العربية الصلدة بدينه وفكرته، فغير نفسه وفق مكانة هذا الدين فنال شرف تحمل السير به والدعوة إليه، تحول من راع لبضع غنيمات في قلب الصحراء، لفاتح عظيم دانت له الدنيا.

فعلى المعنيين اليوم والدعاة أن يعدوا الأمة جيدًا لذلك الإيمان، وتلك المهمة، فالعالم في حاجة اليوم قبل الغد (17).

----------

(1) في ظلال القرآن (2/ 1137).

(2) التفسير الوسيط لطنطاوي (9/ 248).

(3) في ظلال القرآن (4/ 1892).

(4) أخرجه مسلم (2586).

(5) أخرجه مسلم (1715).

(6) سيرة ابن هشام (1/ 501).

(7) أخرجه أبو داود (3462).

(8) أرشيف منتدى الألوكة- 2).

(9) في ظلال القرآن (1/ 113).

(10) مفاهيمنا ومصطلحاتنا مفهوم الأمة والهوية/ مداد.

(11) أخرجه الترمذي (2165).

(12) أخرجه أبو داود (4758).

(13) أخرجه البخاري (2442)، ومسلم (2580).

(14) أخرجه الترمذي (3955).

(15) تربية الأبناء على مفهوم الأمة الواحدة/ المنتدى الإسلامي العالمي للتربية.

(16) دور المسلم ورسالته (ص: 39).

(17) الأمة في الإسلام: مفهومها ورسالتها/ بصائر.