مخالفة هوى النفس
اتباع الهوى سببًا من أسباب الضلال، فقد قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50]، أي: ولا أحد أضل ممن اتبع هواه وشيطانه، دون أن تكون معه هداية من الله تعالى تهديه إلى طريق الحق، لأن هذا الضال قد استحب العمى على الهدى، وآثر الغواية على الرشد.
قال السعدي: قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} فلم يأتوا بكتاب أهدى منهما، {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} أي: فاعلم أن تركهم اتباعك، ليسوا ذاهبين إلى حق يعرفونه، ولا إلى هدى، وإنما ذلك مجرد اتباع لأهوائهم، {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} فهذا من أضل الناس، حيث عرض عليه الهدى، والصراط المستقيم، الموصل إلى الله وإلى دار كرامته، فلم يلتفت إليه ولم يقبل عليه، ودعاه هواه إلى سلوك الطرق الموصلة إلى الهلاك والشقاء فاتبعه وترك الهدى، فهل أحد أضل ممن هذا وصفه؟ ولكن ظلمه وعدوانه، وعدم محبته للحق، هو الذي أوجب له: أن يبقى على ضلاله ولا يهديه الله، فلهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أي: الذين صار الظلم لهم وصفًا والعناد لهم نعتًا، جاءهم الهدى فرفضوه، وعرض لهم الهوى، فتبعوه، سدوا على أنفسهم أبواب الهداية وطرقها، وفتحوا عليهم أبواب الغواية وسبلها، فهم في غيهم وظلمهم يعمهون، وفي شقائهم وهلاكهم يترددون.
وفي قوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} دليل على أن كل من لم يستجب للرسول، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يذهب إلى هدى، وإنما ذهب إلى هوى (1).
عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وأما المهلكات؛ فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» (2).
فإذا اجتمع الهوى والعُجب في النفس ازداد هلاكُ الإنسان، فالإنسان يتبع هواه فيؤثر دنياه على الآخرة، وكلما أراد في الدنيا شيئًا أخذه، وحاول فيه وسعى له، ولم ينل منها إلا ما قسمه الله عز وجل له.
لا يكمل إيمان أحدكم حتى يكون في متابعة الشرع وموافقته له كموافقته لمألوفاته، فيستمر على الطاعة من غير كلفة وكراهية، وذلك عند ذهاب كدر النفس، وبقاء صفوتها، وهذه حالة نادرة إلا في المحفوظين من أوليائه، وقيل في معناه: حتى يحب ما أمر به ويكره ما نهى عنه، أي يقدم الشرع على هواه (3).
وروى شدّاد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله» (4).
وعن أبي الدرداء: إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه فإن كان عمله تبعًا لهواه فيومه يوم سوء، وإن كان عمله تبعًا لعلمه فيومه يوم صالح (5).
فاتباع الأمر المحبوب لإرضاء النفس دون نظر في صلاحه أو فساده فذلك سبب الضلال وسوء السيرة.
قال عمر: إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا (6).
وسئل ابن المقفع عن الهوى فقال: هوان سرقت نونه، فأخذه شام فنظمه وقال:
نون الهوان من الهوى مسروقة فإذا هويت فقد لقيت هوانًا
ومُطْلِقُ الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة، ويحث على نيل الشهوات عاجلًا وإن كانت سببًا لأعظم الآلام عاجلًا وآجلًا، فللدنيا عاقبة قبل عاقبة الآخرة، والهوى يعمي صاحبه من ملاحظتها، والمروءةُ والدينُ والعقلُ ينهى عن لذة تعقب ألمًا، وشهوة تورث ندمًا.
ومن لا مروءة له، يؤثر ما يهواه وإن ثلم مروءته أو عدمها؛ لضعف ناهي المروءة، فأين هذا من قول الشافعي رحمه الله تعالى: لو علمت أن الماء البارد يثلم مروءتي لما شربته.
وليعلم اللبيب أن مدمني الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذون بها، وهم مع ذلك لا يستطيعون تركها؛ لأنها قد صارت عندهم بمنزلة العيش الذي لا بد لهم منه، ولهذا ترى مدمن الخمر والجماع لا يلتذ به عشر معشار التذاذ من يفعله نادرًا في الأحيان، غير أن العادة مقتضية ذلك، فيلقي نفسه في المهالك لنيل ما تطالبه به العادة، ولو زال عنه رين الهوى لعلم أنه قد شقي من حيث قدر السعادة، واغتم من حيث ظن الفرح، وألم من حيث أراد اللذة، فهو كالطائر المخدوع بحبة القمح، لا هو نال الحبة، ولا هو تخلص مما وقع فيه (7).
وقال سبحانه: {وَمَا لَكُمْ أَلّا تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} [الأنعام: 119]، قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: {وَإِنَّ كَثِيرًا} من الناس الذين يجادلونكم في أكل ما حرم الله عليكم، أيها المؤمنون بالله، من الميتة، {لَّيُضِلُّونَ} أتباعهم {بِأَهْوَائِهِم} من غير علم منهم بصحة ما يقولون، ولا برهان عندهم بما فيه يجادلون، إلا ركوبًا منهم لأهوائهم، واتباعًا منهم لدواعي نفوسهم، اعتداء وخلافًا لأمر الله ونهيه، وطاعة للشياطين {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}، يقول: إن ربك، يا محمد، الذي أحل لك ما أحل وحرم عليك ما حرم، هو أعلم بمن اعتدى حدوده فتجاوزها إلى خلافها، وهو لهم بالمرصاد (8).
وقال سبحانه {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26]،
قال أبو عبيدة: لم نجد الهوى يوضع إلا في الشر لا يقال: فلان يهوى الخير إنما يقال يريد الخير ويحبه، وقيل: سمى الهوى هوى لأنه يهوى بصاحبه في النار، وأنشد في ذم الهوى:
إن الهوى الهوان بعينه فإذا هويت فقد لقيت هوانًا (9).
وقال عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
قال الرازي: إن متابعة الهوى توجب الضلال عن سبيل الله؛ فتقريره أن الهوى يدعو إلى الاستغراق في اللذات الجسمانية، والاستغراق فيها يمنع من الاشتغال بطلب السعادات الروحانية التي هي الباقيات الصالحات، لأنهما حالتان متضادتان فبقدر ما يزداد أحدهما ينقص الآخر (10).
ومن الملاحظة العجيبة أن آيات التحذير من الهوى جاءت مرتبطة بلفظ الضلال، فالعلاقة بين الهوى والضلال علاقة شديدة التلازم والترابط، فكلما وجد الهوى وجد الضلال، فما اتبع أحد طريق الهوى إلا وقع في الضلال.
والتعبير القرآني المبدع يرسم نموذجًا عجيبًا للنفس البشرية حيث تترك الأصل الثابت وتتبع الهوى المتقلب، حين تتعبد هواها وتخضع له، وتجعله مصدرًا لتصوراتها، وأحكامها ومشاعرها وتحركاتها، وتقيمه إلها قاهرًا لها مسؤولًا عنها، تتلقى إشارته المتقلبة بالطاعة والتسليم والقبول، يرسم هذه الصورة ويعجب منها في استنكار شديد {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} أفرأيت إنه كائن عجيب يستحق الفرجة والتعجيب؟ وهو يستحق من الله أن يضله، فلا يتداركه برحمة الهدى فما أبقى في قلبه مكانًا للهدى وهو يتعبد هواه المريض، {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}، على علم من الله باستحقاقه للضلالة، أو على علم منه بالحق لا يقوم لهواه ولا يصده عن اتخاذه إلها يطاع، وهذا يقتضي إضلال الله له، والإملاء له عمياه، {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}، فانطمست فيه تلك المنافذ التي يدخل منها النور، وتلك المدارك التي يتسرب منها الهدى، وتعطلت فيه أدوات الإدراك بطاعته للهوى، طاعة العباد والتسليم، {فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ} والهدى هدى، وما من أحد يملك لأحد هدى أو ضلالة، فذلك من شأن الله الذي لا يشاركه فيه أحد، حتى رسله المختارون، {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}، ومن تذكر صحا وتنبه وتخلص من ربقة الهوى، وعاد إلى النهج الثابت الواضح، الذي لا يضل سالكوه (11).
وهذه السنة سنة الله في إضلال من اتبع هواه تحققت في أقوام سابقة وستمضي دائمًا في كل قوم يتبعون أهواءهم ويحيدون عن الحق (12).
قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} [القصص: 44]، وقال تعالى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات: 40- 41].
وقد حذر الله عز وجل نبيه داود عليه السلام من أن يؤثر هواه في قضائه بين الناس على الحق والعدل فيه فيكون نتيجة ذلك ميله عن طريق الله الذي جعله الله عز وجل لأهل الإيمان به، فيكون من الهالكين بضلاله عن سبيل الله، قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26].
وقال تعالى محذرًا خاتم الأنبياء والمرسلين من طاعة من أغفل الله قلبه عن ذكره، واتبع هواه المتقلب وآثره على الحق، قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].
ومن المواطن التي حذر الله عز وجل عباده من اتباع الهوى فيها ما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].
وقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} [المائدة: 77].
وقال تعالى مبينًا عدم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم للهوى تجنبًا لما يستتبعه الهوى من الضلال: {قُل لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: 56].
وقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)} [الأعراف: 175- 176].
وهكذا يتبين لنا بجلاء أهمية الهوى، وإن الوقوع في ذلك وقوع في الضلال وبالتالي الوقوع في الفساد الشامل للسماء والأرض ومن فيهم كما قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71].
فالحق واحد ثابت، والأهواء كثيرة متقلبة، وبالحق الواحد يدبر الكون كله فلا ينحرف ناموسه لهوى عارض ولا تتخلف سنته لرغبة طارئة، ولو خضع الكون للأهواء العارضة والرغبات الطارئة لفسد كله، ولفسد الناس معه، ولفسدت القيم والأوضاع، واختلت الموازين والمقاييس، وتأرجحت كلها بين الغضب والرضى والحب والبغض والرغبة والرهبة والنشاط والخمول وسائر ما يعرض من الأهواء والمواجد والانفعالات والتأثرات، وبناء الكون وبما فيه الإنسان يحتاج إلى الثبات والاستقرار والاطراد على قاعدة ثابتة، ونهج مرسوم لا يتخلف ولا يتأرجح ولا يحيد (13).
معينات على مخالفة هوى النفس:
أحدها: عزيمةُ حرٍّ يغار لنفسه وعليها، وجرعةُ صبر، يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعة، وقوةُ نفس، تشجعه على شرب تلك الجرعة، والشجاعة كلها صبر ساعة، وخير عيش أدركه العبد بصبره، وملاحظةُ حسنِ موقع العاقبة والشفاء بتلك الجرعة، وملاحظةُ الألم الزائد على لذة طاعة هواه.
الثاني: إبقاؤه على منزلته عند الله تعالى وفي قلوب عباده، وهو خير وأنفع له من لذة موافقة الهوى.
الثالث: إيثاره لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية.
الرابع: فرحه بغلبة عدوه وقهره له، وردّه خاسئًا بغيظه وغمه وهمه، حيث لم ينل منه أمنيته، والله تعالى يحب من عبده أن يراغم عدوه ويغيظه، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120]، وقال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}، وعلامة المحبة الصادقة مغايظة أعداء المحبوب ومراغمتهم.
الخامس: التفكر في أنه لم يخلق للهوى، وإنما هيئ لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصيته للهوى، كما قيل:
قد هيئوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
السادس: أن لا يختار لنفسه أن يكون الحيوان البهيم أحسن حالًا منه؛ فإن الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه، فيؤثر النافع على الضار، والإنسان أعطي العقل لهذا المعنى، فإذا لم يميز به بين ما يضره وما ينفعه، أو عرف ذلك وآثر ما يضره، كان حال الحيوان البهيم أحسن منه.
السابع: أن يسير بقلبه في عواقب الهوى، فيتأمل كم أفاتت طاعة الهوى من فضيلة! وكم أوقعت في رذيلة! وكم من لذة فوّتت لذات! وكم من شهوة كسرت جاهًا ونكّست رأسًا! وقبحت ذِكْرًا، وأورثت ذمًا، وأعقبت ذُلًا، وألزمت عارًا لا يغسله الماء، غير أن عين صاحب الهوى عمياء.
الثامن: أن يأنف لنفسه من ذل طاعة الهوى، فإنه ما أطاع أحد هواه قط، إلا وجد في نفسه ذلًا، ولا يغتر بصولة أتباع الهوى وكبرهم، فهم أذل الناس بواطن، قد أجمعوا بين فصيلتي الكبر والذل.
التاسع: أن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه، ونيل اللذة المطلوبة، فإنه لا يحد بينهما نسبة البتة، فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا.
العاشر: أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه، فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمة وميلًا إلى هواه، طمع فيه وصرعه، وألجمه بلجام الهوى، وساقه حيث أراد، ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة، لم يطمع فيه إلا اختلاسًا وسرقة.
الحادي عشر: أن يعلم أن الهوى ما خالط شيئًا إلا أفسده:
فإن وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة، وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء، وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة، وإن وقع في الحُكْمِ أخرج صاحبه إلى الظلم وصده عن الحق، وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور، وإن وقع في الولاية والعزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين، حيث يولي بهواه ويعزل بهواه، وإن وقع في العبادة خرجت عن أن تكون طاعة وقربة، فما قارن شيئًا إلا أفسده.
الثاني عشر: أن يعلم أن الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إلا من باب هواه، فإنه يطيف به من أين يدخل عليه حتى يفسد عليه قلبه وأعماله، فلا يجد مدخلًا إلا من باب الهوى، فيسري معه سريان السم في الأعضاء.
الثالث عشر: أن الله سبحانه وتعالى جعل الهوى مضادًا لما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل اتباعه مقابلًا لمتابعة رسله، وقسم الناس إلى قسمين:
1- أتباع الوحي.
2- وأتباع الهوى.
وهذا كثير في القرآن كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: 50]، وقوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 120]، ونظائره.
الرابع عشر: أن الله سبحانه وتعالى شبه أتباع الهوى بأخس الحيوانات صورة ومعنى، فشبههم بالكلب تارة، كقوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: 176].
وبالحمر تارة، كقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)} [المدثر: 50، 51]، وقلب صورهم إلى صورة القردة والخنازير تارة.
الخامس عشر: أن متبع الهوى ليس أهلًا أن يطاع، ولا يكون إمامًا ولا متبوعًا، فإن الله سبحانه وتعالى عزله عن الإمامة ونهى عن طاعته:
أما عزله، فإن الله سبحانه وتعالى قال لخليله إبراهيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]، أي لا ينال عهدي بالإمامة ظالمًا، وكل من اتبع هواه فهو ظالم كما قال الله تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الروم: 29].
وأما النهي عن طاعته؛ فلقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].
السادس عشر: أن الله سبحانه وتعالى جعل متبع الهوى بمنزلة عابد الوثن، فقال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43]، في موضعين من كتابه، قال الحسن: هو المنافق، لا يهوى شيئًا إلا ركبه، وقال أيضًا: المنافق عبد هواه، لا يهوى شيئًا إلا فعله.
السابع عشر: أن الهوى هو حظار جهنم المحيط بها حولها، فمن وقع فيه وقع فيها، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» (14).
الثامن عشر: أنه يُخاف على من اتبع الهوى أن ينسلخ من الإيمان وهو لا يشعر! وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» (15)، وصح عنه أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم، شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى» (16).
التاسع عشر: أن مخالفة الهوى تورث العبد قوة في بدنه وقلبه ولسانه، قال بعض السلف: الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده، وفي الحديث الصحيح المرفوع: «ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (17)، وكلما تمرن على مخالفة هواه، اكتسب قوة إلى قوته.
العشرون: أن أغزر الناس مروءة أشدهم مخالفة لهواه، قال معاوية: المروءة ترك الشهوات، وعصيان الهوى، فاتباع الهوى يزمن المروءة، ومخالفته تنعشها.
الواحد والعشرون: أنه ما من يوم إلا والهوى والعقل يعتلجان في صاحبه، فأيها قوي على صاحبه طرده وتحكم، وكان الحكم له، قال أبو الدرداء: إذا أصبح الرجل، اجتمع هواه وعمله، فإن كان عمله تبعًا لهواه، فيومه يوم سوء، وإن كان هواه تبعًا لعمله، فيومه يوم صالح.
الثاني والعشرون: أن الله سبحانه وتعالى جعل الخطأ واتباع الهوى قرينين، وجعل الصواب ومخالفة الهوى قرينين، كما قال بعض السلف: إذا أشكل عليك أمران لا تدري أيها أرشد، فخالف أقربهما من هواك، فإن أقرب ما يكون الخطأ في متابعة الهوى.
الثالث والعشرون: أن الهوى داء ودواؤه مخالفته، قال بعض العارفين: إن شئت أخبرتك بدائك، وإن شئت أخبرتك بدوائك، داؤك هواك، ودواؤك ترك هواك ومخالفته.
وقال بشر الحافي رحمه الله تعالى: البلاء كله في هواك، والشفاء كله في مخالفتك إياه.
الرابع والعشرون: أن جهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكفار، فليس بدونه، قال رجل للحسن البصري رحمه الله تعالى: يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال: جهادك هواك.
وسمعت شيخنا -يعني ابن تيمية- يقول: جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين، فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولا حتى يخرج إليهم.
الخامس والعشرون: أن اتباع الهوى يُغلق عن العبد أبواب التوفيق ويفتح عليه أبواب الخذلان، فتراه يلهج بأن الله لو وفق لكان كذا وكذا، وقد سد على نفسه طرق التوفيق باتباعه هواه، قال الفضيل ابن عياض: من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات، انقطعت عنه موارد التوفيق.
السادس والعشرون: أن من نصر هواه فسد عليه عقله ورأيه؛ لأنه قد خان الله في عقله فأفسده عليه، وهذا شأنه سبحانه وتعالى في كل من خانه في أمر من الأمور، فإنه يفسده عليه.
وقال المعتصم يومًا لبعض أصحابه: يا فلان، إذا نُصِرَ الهوى؛ ذهب الرأي.
وسمعت رجلًا يقول لشيخنا: إذا خان الرجل في نقد الدراهم سلبه الله معرفة النقد أو قال نسيه، فقال الشيخ: هكذا من خان الله تعالى ورسوله في مسائل العلم.
السابع والعشرون: أن من فسح لنفسه في اتباع الهوى، ضيق عليها في قبره ويوم معاده، ومن ضيق عليها بمخالفة الهوى، وسع عليها في قبره ومعاده، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 12]، فلما كان في الصبر الذي هو حبس النفس عن الهوى خشونة وتضييق، جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة.
الثامن والعشرون: أن اتباع الهوى يحل العزائم ويوهنها، ومخالفته تشدها وتقويها، والعزائم هي مركب العبد الذي يسيره إلى الله والدار الآخرة، فمتى تعطل المركوب أوشك أن ينقطع المسافر.
قيل ليحيى بن معاذ: من أصح الناس عزمًا؟ قال: الغالب لهواه.
التاسع والعشرون: أن مخالفة الهوى مطردة للداء عن القلب والبدن، ومتابعته مجلبة لداء القلب والبدن، فأمراض القلب كلها من متابعة الهوى، ولو فتشت على أمراض البدن لرأيت غالبها من إيثار الهوى على ما ينبغي تركه.
الثلاثون: أن أصل العداوة والشر والحسد الواقع بين الناس من اتباع الهوى، فمن خالف هواه أراح قلبه وبدنه وجوارحه، فاستراح وأراح.
الواحد والثلاثون: أن الله سبحانه وتعالى جعل في العبد هوى وعقلًا، فأيهما ظهر توارى الآخر، كما قال أبو علي الثقفي: من غلبه هواه توارى عنه عقله، فانظر عاقبة من استتر عنه عقله وظهر عليه خلافه، وقال علي بن سهل رحمه الله: العقل والهوى يتنازعان، فالتوفيق قرين العقل، والخذلان قرين الهوى، والنفس واقفة بينهما، فأيهما غلب كانت النفس معه.
الثاني والثلاثون: أن الله سبحانه وتعالى جعل القلب ملك الجوارح ومعدن معرفته ومحبته وعبوديته، وامتحنه بسلطانين وجيشين وعونين وعدتين، فالحق والزهد والهدى سلطان، وأعوانه الملائكة، وجيشه الصدق والإخلاص ومجانبة الهوى.
والباطل سلطان، وأعوانه الشياطين، وجنده وعدته اتباع الهوى، والنفس واقفة بين الجيشين، ولا يقدم جيش الباطل على القلب إلا من ثغرتها وناحيتها، فهي تخامر على القلب وتصير مع عدوه عليه، فتكون الدائرة عليه، فهي التي تعطي عدوها عدة من قبلها، وتفتح له باب المدينة فيدخل ويتملك ويقع الخذلان على القلب.
الثالث والثلاثون: أن أعدى عدو للمرء شيطانه وهواه، وأصدق صديق له عقله والملك الناصح له، فإذا اتبع هواه أعطي بيده لعدوه، واستأسر له وأشمته به وساء صديقه ووليه، وهذا هو بعينه هو جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
الرابع والثلاثون: أن لكل عبد بداية ونهاية، فمن كانت بدايته اتباع الهوى، كانت نهايته الذل والصغار والحرمان، والبلاء المتبوع بحسب ما اتبع من هواه، بل يصير له ذلك في نهايته عذابًا يعذب به في قلبه.
فلو تأملت حال كل ذي حال سيئة زرية؛ لرأيت بدايته الذهاب مع هواه وإيثاره على عقله، ومن كانت بدايته مخالفة هواه وطاعة داعي رشده، كانت نهايته العز والشرف والغنى والجاه عند الله وعند الناس، قال أبو علي الدقاق: من ملك شهوته في حال شبيبته، أعزه الله تعالى في حال كهولته.
وقيل للمهلب بن أبي صفرة: بم نلت ما نلت؟ قال بطاعة الحزم، وعصيان الهوى.
فهذا في بداية الدنيا ونهايتها، وأما الآخرة فقد جعل الله سبحانه الجنة نهاية من خالف هواه، والنار نهاية من اتبع هواه.
الخامس والثلاثون: أن الهوى رِقٌّ في القلب، وغل في العنق، وقيد في الرجل، ومتابعه أسير لكل سيء الملكة، فمن خالفه عتَقَ من رقه وصار حرًا، وخلع الغل من عنقه والقيد من رجله وصار بمنزلة رجل سالم لرجل، بعد أن كان رجلًا فيه شركاء متشاكسون.
السادس والثلاثون: أن مخالفة الهوى تقيم العبد في مقام من لو أقسم على الله لأبره، فيقضي له من الحوائج أضعاف أضعافِ ما فاته من هواه، فهو كمن رغب عن بعرة فأعطي عوضها دُرة، ومتبع الهوى يفوته من مصالحه العاجلة والآجلة والعيش الهنيء ما لا نسبة لما ظفر به من هواه البتة.
فتأمل انبساط يد يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ولسانه وقدمه ونفسه، بعد خروجه من السجن لما قبض نفسه عن الحرام.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: رأيت سفيان الثوري رحمه الله تعالى في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: لم يكن إلا أن وضعت في لحدي، حتى وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى، فحاسبني حسابًا يسيرًا، ثم أُمِرَ بي إلى الجنة، فبينا أنا أدور بين أشجارها وأنهارها لا أسمع حسًا ولا حركة، إذ سمعت قائلًا يقول: سفيان بن سعيد؟ فقلت: سفيان بن سعيد! فقال: تحفظ أنك آثرت الله عز وجل على هواك يومًا؟ قلت: إي والله، فأخذني النثار من كل جانب.
السابع والثلاثون: أن مخالفة الهوى توجب شرف الدنيا وشرف الآخرة وعز الظاهر وعز الباطن، ومتابعته تضع العبد في الدنيا والآخرة وتذله في الظاهر وفي الباطن.
الثامن والثلاثون: أنك إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وجدتهم إنما نالوا ذلك الظل بمخالفة الهوى؛ فإن الإمام المسلط القادر، لا يتمكن من العدل إلا بمخالفة هواه، والشابَ المؤثر لعبادة الله على داعي شبابه، لولا مخالفة هواه لم يقدر على ذلك، والرجلَ الذي قلبه معلق بالمساجد، إنما حمله على ذلك مخالفة الهوى الداعي له إلى أماكن اللذات، والمتصدقَ المخفي لصدقته عن شماله لولا قهره لهواه لم يقدر على ذلك، والذي دعته المرأة الجميلة الشريفة فخاف الله عز وجل وخالف هواه، والذي ذكر الله عز وجل خاليًا ففاضت عيناه من خشيته إنما أوصله إلى ذلك مخالفة هواه، فلم يكن لحر الموقف وعرقه وشدته سبيل عليهم يوم القيامة، وأصحاب الهوى قد بلغ منهم الحر والعرق كل مبلغ، وهم ينتظرون بعد هذا دخول سجن الهوى (18).
***
---------
(1) تيسير الكريم الرحمن (ص: 617).
(2) صحيح الجامع الصغير (3045).
(3) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 266).
(4) أخرجه الحاكم (7639).
(5) تفسير القرطبي (16/ 167).
(6) أخرجه الدارقطني (4280).
(7) روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 470).
(8) تفسير الطبري (12/ 71).
(9) التفسير الوسيط لطنطاوي (4/ 246).
(10) مفاتيح الغيب (26/ 387).
(11) في ظلال القرآن (5/ 3230).
(12) السنن الإلهية (1/ 171).
(13) في ظلال القرآن (4/ 2475).
(14) أخرجه مسلم (2822).
(15) سبق تخريجه.
(16) أخرجه أحمد (19787).
(17) أخرجه البخاري (6114)، ومسلم (2609).
(18) روضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: 471- 486) بتصرف واختصار.