logo

لمن يريد النجاح في الحياة


بتاريخ : الخميس ، 15 ذو القعدة ، 1440 الموافق 18 يوليو 2019
بقلم : عبد المجيد قناوي
لمن يريد النجاح في الحياة

أيها الإنسان، إذا جلست في غرفتك اسأل نفسك: ما أسباب النجاح؟

فستجد الجواب داخل الغرفة!

1- السقف يقول لك: الطموح عاليًا.

2- الشباك يقول لك: التأمل إلى الغد.

3- الساعة تقول لك: الوقت ثمين.

4- المرآة تقول لك: ابدأ بنفسك.

5- الباب يقول لك: ادفع بقوة وانطلق.

6- الاعتماد على الواحد؟

أولًا: الطموح:

إن مَن يَسِرْ في عالَم الطموح فسيواجه المصاعب والكبوات حتمًا.

والنجاح لا يأتي بسهولة، وإلا ناله كل الناس، فالذين يملكون القدرة على الصمود، ومد البصر إلى المستقبل بتأمل وإمعان في العقبات القادمة، والاستعداد الجيد لها، هم الذين يملكون القدرة على التحدي وتحقيق أهدافهم.

والطموح مثل السيل؛ إنه لا يلتفت وراءه، وكثيرًا ما يدفع بالمرء إلى قبول أدنى الوظائف، فبهذا الشكل يتسلق في الوضع نفسه، الذي يزحف فيه (منبطحًا)، صابرًا، ساعيًا، محاولًا، باحثًا كيف يصل، ويعمل إلى أن يبلغ غاية مراده، ويحقق ما يتمناه.

والحياة اليوم أضحت أكثر تعقيدًا، وتزخر بالكثير من المطالب المتزايدة، وها نحن ننتقل من عصر (الاتكالية) إلى عصر (المعلومات والمعرفة)، بكل عواقبه عميقة التأثير؛ لذا نحن في مواجهة تحديات ومشاكل في حياتنا الشخصية، ومع أسرنا، وداخل أماكن العمل، ما كانت لتخطر ببال أحد خلال العقد أو العقدين الماضيَين، وهذه التحديات ليست جديدة من ناحية حجمها فحسب؛ بل هي فريدة من نوعها تمامًا.

وهذه التغيرات الشاملة، التي غيرت أوجه المجتمعات وسلسلة التحولات المقلقة، أثارت، وتثير، الكثير من التساؤلات، أهمها:

هل ما زالت الطرق القديمة تتعامل مع تحديات الوقت الحاضر؟!

ولنفس السبب: هل سيظل كذلك لعشر سنوات أو عشرين سنة قادمة أو أكثر؟

فعلى المرء تحديد الهدف أو الأهداف وتوضيحها، وترتيبها في إطار تتابعي، والاقتراب ممن يسعون إلى إنجاز الأمور الكبيرة؛ كي يتبَوَّءوا مكانة لائقة، والبقاء مع ذوي الأهداف الرفيعة، والطموحات السامية، والناس الجدِّيين؛ فالطموح يجعلك مثلهم تمامًا.

إنه لأمر مشجع جدًا أن تكون مع أناس يمتلكون طموحات توازي طموحاتك، وهذا يضاعف من نجاحك.

وإذا أراد الإنسان تحقيق أقصى طموحاته، وتجاوز أكبر التحديات التي يواجهها، عليه تحديد المبادئ أو القوانين الطبيعية التي تَحكم الأهداف التي يسعى وراءها، ويعمل على تطبيقها.

ثانيًا: الأمل والتأمل:

قال قائل:

ما أضيقَ العيش لولا فسحة الأمل

ويقول بنجامين فرانكلين(1): «الذي يعيش على الأمل يموت وهو صائم».

وسُئل ابن أبي بكرة: «أي شيء أدوم إمتاعًا؟»، فقال: «الأمل».

هذا الأمل يرجع الفضل إليه في جعل الإنسان يتمتع، استباقًا، بالمُتَع التي يمكن ألا يصل إليها أبدًا، ولكن الآمال لا تُدرك إلا بالأعمال.

أما تأمل الشيء فهو تدبره، وإعادة النظر فيه مرة بعد أخرى، في تروٍّ إلى أن تستيقِنَ من معرفة حقيقته.

فعلى المرء التأمل ودوام التفكير العميق في حقيقة أي أمر، والتبصر مَليًا في أي قضية قبل الحكم عليها.

ثالثًا: الوقت:

الوقت هو الحياة، وهو أثمن ما تملك، وأعظم ما يمكنك استثماره، هو حياتك ودنياك، هو حاضرك ومستقبلك، أن تضيعه يعني أن تضيع حياتك، وتفرط في أحلامك وأمانيك، فهو كالقطار السريع؛ من المستحيل إيقافه.

وفي الأثر أن كل يوم جديد ينادي في صبيحته: «يا بن آدم، أنا يوم جديد، على عملك شهيد، فاغتنمني؛ فإني لا أعود إلى يوم القيامة».

والدنيا ساعتان: ساعة تُفرحك، وساعة تُبكيك.

إذًا؛ تعامل مع وقتك بجدية، بحزم، وبقوة.

رابعًا: ابدأ بنفسك:

• تأكد من أنك تهتم بنفسك دومًا؛ لكي تُسعِد نفسك وتسعد الآخرين من حولك.

• اتبع خُطا الأشخاص الناجحين، واستخدم حديث الذات المشجع لتحفيز نفسك.

• أثن على نفسك عندما تفعل شيئًا جيدًا أو عندما تبذل مجهودًا طيبًا.

• ذكِّر نفسك بالمكافآت التي تنتظرك إذا ثابرت على المحاولة ونجحت، ولا تنس أن الحديث السلبي مع الذات سيؤدي إلى العكس تمامًا، كلما أمكن.

• تحدث بصوت مرتفع باستخدام لهجة إيجابية وتحفيزية.

خامسًا: ادفع بقوة وانطلق:

اعزم بكل قوة وثبات وإصرار على أن تحقق كل ما تريد أن تصل إليه، ثم انطلق من وضعك الحالي إلى الهدف الذي ترغب في أن تكون فيه في المستقبل.

إن الغزال/الغزالة تبلغ سرعتها 90 كيلومتر/الساعة، بينما تبلغ سرعة الأسد 58 كيلومتر/الساعة، وبرغم ذلك الفارق إلا أن الأسد يتمكن من اصطيادها.

أتدري لماذا؟

الجواب وبكل بساطة: لأن الغزالة عندما تهرب من الأسد بعد رؤيته تؤمن بأن الأسد مفترسها لا محالة، وأنها ضعيفة مقارنة بالأسد.

وخوفها من عدم النجاة، يجعلها تُكثر من الالتفات دومًا إلى الوراء؛ من أجل تحديد المسافة التي تفصل بينها وبين الأسد، هذه الالتفاتة القاتلة هي التي تؤثر سلبًا على سرعة الغزالة، وهي التي تقلص من الفارق بين سرعة الأسد والغزالة، وبالتالي يتمكن الأسد من اللحاق بالغزالة، ومن ثَم افتراسها.

لو لم تلتفت الغزالة إلى الوراء لما تمكن الأسد من افتراسها.

ولو عرفت الغزالة أن لديها نقطة قوة في سرعتها، كما أن للأسد قوة في حجمه وقوته، لنجت منه.

فكم من الأوقات التفتنا إلى الماضي فافترَسنا بإحباطاته وهمومه وعثراته!

وكم من خوف من عدم النجاح جعلنا نقع فريسة لواقعنا!

 

وكم من إحباط داخلي جعلنا لا نثق بأننا قادرون على النجاة وتحقيق أهدافنا، وقتلنا الخوف في داخلنا!

فكن أنت أيها (الإنسان) الأسد في تحديد هدفك أو أهدافك، واتِّخذ القرار المناسب والصائب، واندفع نحوه بكل قوة، واستغل كل طاقاتك، ولا تكن كالغزال أو الغزالة التي تنظر للخلف وتهرب في خطوط متعرجة، ولا تستطيع اتخاذ خط مستقيم؛ فتقع فريسة بسبب الخوف.

هذا يعطينا دروسًا في الحياة.

أما سادسًا: فالاعتماد على الواحد:

لم يبق من الغرفة ما لم نذكره سوى (الأرض)؛ فهي تقول لك: ضع أمنياتك في السجود؛ فإن الله لن يردَّك خائبًا، ولما كان الدعاء من أنفع الأدوية فعلى الإنسان المسلم أن يتسلح به.

فالاعتماد على الله المعبود بطاعته ربًّا وإلهًا، الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وهو رب العزة الذي خلقنا وأوجدنا، أحيانا ثم يميتنا، ثم يحيينا ثم إليه نرجع، وله الأمر في الدنيا والآخرة سبحانه وتعالى، يقول في كتابه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].

والنبي محمد صلى الله عليه وسلم لما سُئل: «أقريب ربك فنُناجيه، أم بعيد فنناديه؟».

فجاء قول الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186]، فجعل الله الجواب منه لعباده مباشرة وإن كان الذي سيُبلِّغ الجواب هو رسوله، ولم يقل: "فقل إني قريب"؛ حتى يبيِّن لعباده القرب؛ لأن قوله: "قل" هو عملية تُطيل القرب، ويريد الله سبحانه وتعالى أن يجعل القرب في الجواب بدون وساطة.

ومن العادة: البعيد يُنادى، أما القريب فيناجى، وهذا إخبار منه سبحانه عن قربه منا، القرب اللائق بجلاله.

وقوله تعالى أيضًا لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].

فإذا عزمت، أختي الكريمة/أخي الكريم، على أمر من الأمور، بعد الاستشارة والاستنارة، فأمضِهِ مُعتمدًا على الله وحده، ولا تتردد؛ لأن الله تعالى يقول أيضًا في كتابه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطلاق:2-3].

{لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7]

{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} [الشرح:5-6].

_______________

(1) بنجامين فرانكلين (Benjamin Franklin)، ولد في 1706 وتوفي 1790، واحد من أهم وأبرز مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية، كان مؤلفًا؛ وهو عالم ومخترع ورجل دولة ودبلوماسي.

كان شخصية رئيسية في التنوير وتاريخ الفيزياء؛ حيث كان صاحب تجارب ونظريات واكتشافات متعلقة بالفيزياء.

 

المصدر: موقع: الألوكة