logo

أساليب التعامل مع الغضب


بتاريخ : الجمعة ، 28 رمضان ، 1435 الموافق 25 يوليو 2014
بقلم : د. محمد السعيد أبو حلاوة
أساليب التعامل مع الغضب

يستخدم الناس مجموعة متنوعة من العمليات الشعورية وغير الشعورية للتعامل مع مشاعر الغضب، ويوجد ثلاث مداخل أساسية للتعبير عن الغضب: التعبير، القمع أو الكظم، والتهدئة.

 

 أ‌. التعبير:

مطلوب من الإنسان أن يعبر عن مشاعر الغضب بطريقة توكيدية إيجابية، وليس بطريقة عدوانية، ولكي يتمكن الإنسان من فعل ذلك يجب أن يتعلم مهارات التعبير الإيجابي الصريح عن احتياجاته، مهارات إشباع أو تحقيق هذه الاحتياجات دون الإضرار بالآخرين، وعندما يقال إنه يجب على الإنسان أن يعبر عن الغضب بطريقة توكيدية ليس معناه أن يصبح لحوحًا كثير المطالب مسيطرًا أو متسلطًا على الآخرين؛ إذ إن كل ما يعنيه ذلك أن يحترم الإنسان ذاته، ويحترم الآخرين في نفس الوقت.

 

ب. القمع أو الكظم:

 

يتبع القمع أو الكظم بطبيعة الحال التعديل، ويحث ذلك عندما يكبح الإنسان جماح غضبه، ويتوقف عن التفكير فيه، مع التركيز على التفكير أو فعل شيء ما إيجابي بديل.

 

والهدف هنا كف أو قمع الغضب وتحويله إلى سلوك بناء، والغضب، وفق نمط الاستجابة هذا، معناه إذا لم يكن مسموحًا لإنسان التعبير عن غضبه بصورة علنية مباشرة فإن الشحنة الانفعالية المرتبطة به غالبًا ما تتحول إلى الداخل، مما يسبب التوتر السلوكي العام، كارتفاع ضغط الدم؛ بل والاكتئاب.

 

والغضب غير المعبر عنه يسبب غير ذلك من المشكلات، ويمكن أن يفضي إلى صيغ التعبير المرضي عنه، مثل السلوك السلبي الانسحابي، أو الاعتداء، أو التهجم المباشر على الآخرين دون إخبارهم بالأسباب، ومثل هذا السلوك يميز الشخصيات العدائية الساخرة غير الناضجة التي تتوجه في سلوكياتها بصورة عامة إلى التقليل من شأن الآخرين؛ النقد العلني الفج لكل شيء، التعليقات الساخرة.

 

مثل هذه الشخصيات تفتقد إلى مهارات التعبير الإيجابي عن الغضب، ويعاني أصحابها من الكثير من مشكلات العلاقات الاجتماعية المتبادلة مع الآخرين.

 

ج. التهدئة:

 

يستطيع الإنسان تهدئة نفسه، أو بتعبير آخر تطييب خاطر نفسه، ويعني ذلك ليس فقط السيطرة على سلوكياته التعبيرية الخارجية؛ بل السيطرة على استجاباته الداخلية.

 

ونملك في واقع الأمر حرية اختيار طريقة تعبيرنا عن الغضب، وعليه لكل منا أسلوب خاص في التعامل مع الغضب بناء على اختلافنا في الخلفية الأسرية، التكوين المزاجي، الثقافة، الجنس، العمر، وغيرهم.

 

ومن هذه الأساليب:

 

1. السلبي:

 

كأن لا تعبر عن مشاعرك وانفعالاتك مباشرة؛ وبدلًا من ذلك تحبسها داخلك، واعلم أن هذا الأسلوب يترب عليه معاناتك من الكثير من المشكلات النفسية والبدنية، ثم اعلم أيضًا أن تراكم الانفعالات والمشاعر قد يصل بك في توقيت وظرف وموقف غير مناسب إلى أن تنفجر في نوبة أو ثورة غضب قد لا تتحمل تبعاتها.

 

2. العدواني:

 

هل تغضب من كل شيء؟ من أتفه الأسباب؟ هنا قد يكون لدى بعض الأشخاص عنف وعدوان يدفعهم إلى السيطرة على الآخرين، ومحصلة ردود الأفعال العدوانية الناتجة عن الغضب كره الآخرين لك، ومناصبتهم العداء لك، ونبذهم لك بكل الطرق.

 

3. التوكيدي:

 

وهو أسلوب يميز الشخص الذي يعبر عن مشاعر أو انفعال الغضب بطرق صحية وسوية؛ إذ نجده يعبر عن حاجاته ومشاعره بصورة محترمة مهذبة، تركز على التعامل المباشر مع انفعالاته ومشاعره، وتهدف في نفس الوقت إلى تعزيز علاقاته الاجتماعية الإيجابية مع الآخرين.

 

ومن الخصائص الإيجابية لهذا الأسلوب:

 

أ‌. التركيز على سلوك الشخص أو آثار الغضب وليس على الشخص نفسه.

ب. التوجه نحو تحسين العلاقات الاجتماعية المتبادلة معه.

ج. التأكيد على تمكين الشخص من تصحيح خطأه.

د. اعتبار الموقف فرصة لاستخدام مهارات التفاوض وحل الصراع.

 

ما الغضب الجيد أو الإيجابي؟

 

1. الغضب إشارة تحذيرية لك وللآخرين من حولك يفيد بأن هناك شيئًا ما خطأ.

نحن نستخدم الغضب كطريقة لنقل مشاعرنا المتعلقة بالأشياء التي لا نحبها، فإن لم نعبر على الإطلاق عن غضبنا نحو الأطفال ربما لا يعرفون ما نتوقعه؟، وكيف نشعر؟، وما مدى أهمية توقعاتنا بالنسبة لهم؟

 

2. قد يحتاج إلى الغضب في الموقف الخطر.

يعطينا الغضب القوة للاستجابة في المواقف التي تتطلب أن نفعل تصرفات بدنية، أو لفظية تفوق قدرتنا العادية؛ إذ ربما يجعلنا نرفع صوتنا احتجاجًا على حدث أو موقف لا نستحسنه، أو يدفعنا إلى أن نجري بسرعة شديدة لإنقاذ شخص من التعرض للاعتداء أو الإهانة.

 

3. يمكن أن يساعد الغضب الشخص إذا عبر عنه بطرق سوية صحية في أن يشعر بحسن الحال، وبالقوة والجدارة الشخصية.

إذ نحتاج كلنا إلى التنفيس عن إحباطنا، وأن نشعر بالقدرة على السيطرة على مشاعرنا وانفعالاتنا، فعندما نعبر عن غضبنا بطرق توكيدية سوية فإننا نعمل على حل المشكلة.

 

4. التعبير عن الغضب طريقة تظهر بها أنك تهتم وتقدر شخصًا آخر.

نميل كلنا بطبيعة الحال إلى الغضب عندما يكون شخص ما نحبه ونقدره على وشك القيام بفعل ما يخيب أملنا، يحبطنا، أو يتحدانا ويزعجنا، فإن لم نغضب في مناسبات ما من شخصٍ قريب منا ربما لا نستطيع أن ندخل معه في علاقات اجتماعية على النحو المطلوب.

 

5. الغضب خطوة نحو حل المشاكل.

عندما نغضب ندرك أن هناك مشكلة ما، وإذا استخدمنا الغضب لينبهنا إلى حقيقة وجود مشكلة ما هنا نعرف أننا في مسارنا لحلها.

 

6. الغضب طريقة لجذب انتباه الآخرين.

قد تشعر في بعض الأوقات أنك تتعرض للتجاهل، وأن مطالبك ورغباتك لا تولى أي اهتمام، وعندما تعبر عن غضبك فإنك تزيد من احتمالات أن ينتبه إليك أو ينتبه إلى مطالبك ورغباتك.

 

ما نريد أن نقوله أن الآباء أو المعلمين غالبًا ما يسيئون تفسير سوء تصرفات أبنائهم وتلاميذهم، ووفقًا لما تراه جان نيلسون فإن الأبناء أو التلاميذ يسيئون التصرف بسبب:

 

1. احتياجهم إلى الانتباه، وأن يهتم بهم الآخرون.

2. عندما يحتاجون إلى القوة كوسيلة لإثبات قوتهم.

3. سعيهم إلى الانتقام أو الثأر.

4. عندما يجبرون على التوقف عن نشاط أو لعب يحبونه.

وبسبب عدم تقدير الآباء أو المعلمين لوجهة نظر الطفل الذي يسيء التصرف، تؤسس استجاباتهم أو ردود أفعالهم نحوه على المعتقدات التالية:

 

أ‌. إذا سعى الطفل إلى جذب الانتباه يتصور الآباء أو المعلمون أنه يحاول مضايقتهم أو إزعاجهم.

ب. إذا احتاج الطفل إلى القوة، أو أراد أن يثبت قوته يشعر الآباء أو المعلمون بأنه يهددهم أو يثيرهم.

ج. إذا سعى الطفل إلى الانتقام يشعر الآباء أو المعلمون أنه سيؤذيهم أو يهينهم.

د. إذا قاوم أو رفض الطفل التوقف عن اللعب أو عن نشاط ما يشعر الآباء أو المعلمون بأنهم عاجزون عن ضبط الطفل وتأديبه.

 

وتؤدي صور عدم الفهم هذه، المتعلقة بأسباب سوء التصرف لدى الطفل، إلى تصعيد الغضب لدى كل من الأطفال والآباء أو المعلمين في نفس الوقت.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: موقع كنانة أونلاين.