كيف نلجأ إلى الله
إن مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل فلن يَخيبَ لنا في ربنا أمل
الله في كل خطب حسبنا وكفى إليه نرفع شكوانا ونبتهلُ
من ذا نلوذُ به في كَشفِ كُربتِنَا ومن عليه سوى الرحمنِ نتكلُ
فافزعْ إلى اللهِ واقرعْ بابَ رحمتِهِ فهو الرجاءُ لمن أعيت به السبلُ (1).
يأتي دائمًا الكرب بعد المعصية، ويشعر الإنسان في أوقات كثيرة بالضيق، نتيجة ما قدمت يداه من الشر، والبعد عن الله سبحانه وتعالى واليأس من روح الله والعياذ بالله، فالقنوط أكثر ما يجلب البلاء، قال تعالى: {ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [الأنفال: 51]، إلا أن اللبيب هو من يلجأ إلى الله بعد المعصية ويسارع بالاستغفار.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)} [آل عمران: 135- 136].
وقال جل شأنه: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110].
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أن رجلًا أذنب ذنبًا، فقال: أي رب، أذنبت ذنبًا أو قال: عملت عملًا فاغفر لي، فقال تبارك وتعالى: عبدي عمل ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب، ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبًا آخر أو، قال: عمل ذنبًا آخر، قال: رب إني عملت ذنبًا فاغفر لي، فقال تبارك وتعالى: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبًا آخر أو أذنب ذنبًا آخر، فقال: رب إني عملت ذنبًا فاغفر لي، فقال الله تبارك وتعالى: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء» (2).
إن هذا الدين ليدرك ضعف هذا المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحيانًا إلى درك الفاحشة، وتهيج به فورة اللحم والدم فينزو نزوة الحيوان في حمى الشهوة، وتدفعه نزواته وشهواته وأطماعه ورغباته إلى المخالفة عن أمر الله في حمى الاندفاع.
يدرك ضعفه هذا فلا يقسو عليه، ولا يبادر إلى طرده من رحمة الله حين يظلم نفسه، حين يرتكب الفاحشة.. المعصية الكبيرة.. وحسبه أن شعلة الإيمان ما تزال في روحه لم تنطفئ، وأن نداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجف، وأن صلته بالله ما تزال حية لم تذبل، وأنه يعرف أنه عبد يخطئ، وأن له ربًا يغفر.. وإذن فما يزال هذا المخلوق الضعيف الخاطئ المذنب بخير.. إنه سائر في الدرب لم ينقطع به الطريق، ممسك بالعروة لم ينقطع به الحبل، فليعثر ما شاء له ضعفه أن يعثر، فهو واصل في النهاية ما دامت الشعلة معه، والحبل في يده، ما دام يذكر الله ولا ينساه، ويستغفره، ويقر بالعبودية له، ولا يتبجح بمعصيته.
إنه لا يغلق في وجه هذا المخلوق الضعيف الضال باب التوبة، ولا يلقيه منبوذًا حائرًا في التيه! ولا يدعه مطرودًا خائفًا من المآب.. إنه يطمعه في المغفرة، ويدله على الطريق، ويأخذ بيده المرتعشة، ويسند خطوته المتعثرة، وينير له الطريق، ليفيء إلى الحمى الآمن، ويثوب إلى الكنف الأمين.
شيء واحد يتطلبه: ألا يجف قلبه، وتظلم روحه، فينسى الله.. وما دام يذكر الله، ما دام في روحه ذلك المشعل الهادي، ما دام في ضميره ذلك الهاتف الحادي، ما دام في قلبه ذلك الندى البليل.. فسيطلع النور في روحه من جديد، وسيؤوب إلى الحمى الآمن من جديد، وستنبت البذرة الهامدة من جديد.
إن طفلك الذي يخطئ ويعرف أن السوط- لا سواه- في الدار.. سيروح آبقًا شاردًا لا يثوب إلى الدار أبدًا، فأما إذا كان يعلم أن إلى جانب السوط يدًا حانية، تربت على ضعفه حين يعتذر من الذنب، وتقبل عذره حين يستغفر من الخطيئة.. فإنه سيعود، وهكذا يأخذ الإسلام هذا المخلوق البشري الضعيف في لحظات ضعفه، فإنه يعلم أن فيه بجانب الضعف قوة، وبجانب الثقلة رفرفة، وبجانب النزوة الحيوانية أشواقًا ربانية، فهو يعطف عليه في لحظة الضعف ليأخذ بيده إلى مراقي الصعود، ويربت عليه في لحظة العثرة ليحلق به إلى الأفق من جديد، ما دام يذكر الله ولا ينساه، ولا يصر على الخطيئة وهو يعلم أنها الخطيئة (3).
واللجوء إلى الله وحده الذي لا إله غيره، ولا ندّ له، ولا شريك معه، فهو المحقق للغاية؛ لأن الله هو صاحب السلطان المطلق، والقدرة الشاملة، والرحمة الواسعة، ولكن لا بدّ للعبد من اتخاذ الأسباب المساعدة على إجابة الدعاء، فمن قصر في اتخاذ الأسباب اعتمادًا على الله فهو جاهل بالله، كما أن من التجأ إلى غير الله من الأصنام والأوثان فهو مشرك بالله تعالى.
قال أبو طالب المكي: وكان ابن مسعود يحلف بالله تعالى ما أحسن عبد ظنه بالله تعالى إلا أعطاه ذلك، لأن الخير كله بيده، فإذا أعطاه حسن الظن به، فقد أعطاه ما يظنه لأن الذي حسن ظنه به هو الذي أراد أن يحققه له، وقال ابن عطاء: إن لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه، حسن ظنك به لأجل معاملته معك، فهل عودك إلا حسنًا؟ وهل أسدى إليك إلا مننا؟ (4).
لذا كان المؤمنون أشد حبًّا لله من كل ما سواه، ولا يتشكك المؤمن في عدالة الله إطلاقًا، فلا يشرك به شيئًا، ويلجأ إليه في جميع أموره، وهو مستقر دائم حال الشدة وحال الرخاء في حب الله وتعظيمه، فلا يعدل عنه إلى غيره، بخلاف المشركين، فإنهم يعدلون عن أندادهم إلى الله عند الشدائد، فيفزعون إليه، ويخضعون له، ويتخذون أندادهم وسائط بينهم وبين الله، فيقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، ويعبدون الصنم زمانًا، ثم يرفضونه إلى غيره، أو يأكلونه كما أكلت باهلة إلهها من حيس عام المجاعة (5).
هذه الضرورة يدركها كل إنسان، وليس المسلم فقط، فكل إنسان يعرف الله عز وجل ويدرك هذه الضرورة، وهي اللجوء إلى الله عز وجل والتوجه إلى العلو، سواء كان توجهًا فعليًا أو توجهًا قلبيًا.
والناس في هذا درجات، فالمسلم الموقن الصادق المتقي لله عز وجل يستصحب في كل أموره دائمًا هذه الحقيقة، فيتوجه إلى العلو حينما يدعو الله عز وجل، يتوجه قلبه وجوارحه، أما توجه قلبه فهذا أمر دائم، أما توجه جوارحه فعندما يدعو أو يعبر عن شيء من كمالات الله عز وجل يجد أنه يشير إلى العلو، دون أن يقصد أحيانًا، أي: يشير بفطرته.
أما العاصي والكافر ونحوهما فإنهم عند الضرورة -أي: عند الأمور الملحة وعندما يمسهم الضر- تجدهم بفطرتهم تتوجه قلوبهم وجوارحهم إلى الله عز وجل، حتى عند المفاجئة التي ليس من طبع الإنسان أن يفكر فيها بسرعة، فعندما يداهمه أمر يجد أنه متوجه إلى الله عز وجل إلى جهة العلو بجوارحه وبقلبه، بل الحيوانات كذلك، فالحيوانات عندما يمسها شيء من الضر -خاصة عند النزع- أو عندما تفقد شيئًا من الأمور الغالية عليها -كأن تفقد الدابة ولدها- تجدها تشخص ببصرها إلى الله عز وجل إلى جهة السماء، فهذا أمر فطري يدرك في الحيوان وفي الإنسان.
لكن الفلسفة أحيانًا تضيع الحقائق الفطرية وتضيع الأمور التي يقتضيها العقل السليم، ودليل ذلك أن الناس إذا تمادوا في الفلسفات أنكروا البدهيات المشاهدة أمامهم فضلًا عن البدهيات العقلية؛ لأنه يوجد من الفلاسفة من يذهب إلى الشك في وجود نفسه، فالناس ليس في أوهامهم وظنونهم دلالة، والعقول لا تنضبط بشيء، فمن أضل الله عقله فلن يهتدي بالحق، فليس فيما يوجد من شذوذات عند المتكلمين والفلاسفة دليل على ما في الفطر والعقول السليمة، إنما الدليل ما عليه جمهور العقلاء وما تقتضيه النصوص الشرعية والفطرة السلمية التي يعبر عنها السذج من الناس.
فإذا اختلف المتجادلون فليلجئوا إلى ما عليه أهل الفطرة السليمة الذين لم تدخلهم الفلسفة، فسيجدون عندهم حقيقة الأمور الفطرية، نعم؛ ليس عندهم فقه شرعي، لكن الحقيقة في الأمور الفطرية تجدها عند السذج السالمين من الأهواء، السالمين من البدع، السالمين من الفلسفات الدخيلة، تجد عندهم كثيرًا من الحقائق التي يماري فيها أهل الأهواء، سواء ما يتعلق بوجود الله عز وجل، وبعلوه سبحانه وفوقيته، وما يتعلق بأسمائه وصفاته وأفعاله (6).
كن لاجئًا إلى الله عز وجل:
موقنًا بأنه ليس لك إلا هو، وليس المعنى بأنك تلجأ إلى الله وقت الأزمة فحسب، بل تلجأ إلى الله في كل شأن من شئونك؛ لأن المسلم إذا صدق في لجوئه إلى الله أتاه نصر الله، ولذلك قيل:
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج
فما دام أن الأزمة تشتد وتزيد شدة، فقد قرب انفراجها، وهكذا كل أزمة عندما تشتد وتضيق ندرك أنه ما تبقى لها إلا قليل، وأن حلها قد دنى، كما أن انتظار الفرج نوع من العبادات.
قال سيدنا علي: عندي أمل في أي شيء.
يعني: أعيش على الأمل، فإن حصل فيكون خيرًا، وإذا لم يحصل فيكون خيرًا، لكن الناس من خوف الخوف في خوف، ومن خوف الذل في ذل، ومن خوف الفقر في فقر، يظل الواحد يتكلم عن الفقر وعن الخوف، فليكن عندك أمل في نصر الله عز وجل، لكن علينا أن ننصر الله أولًا، قال تعالى: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].
فلا بد أن تدرك أنك بغير الله عاجز، عاجز في بيتك في عملك؛ ولو كنت مديرًا ولو كنت رئيسًا ولو كنت وزيرًا.
إذا أراد الله لعبده خيرًا رزقه قوة الرجاء والإيمان به سبحانه وتعالى، فالشيطان قد قعد لك على طريق التوبة، يقول لك: لِمَ تتوب؟ ولِمَ تترك هذه المعاصي ما دمت قد ألفتها؟
فمن ابتلي بالشهوات والفتن والملهيات ثم أعرض عنها لله وفي الله فإن الله لا يخيبه، وسيعوضه إيمانًا يجد حلاوته في قلبه وحاله، وسيجد عاقبة ما فعل من الخير.
لا تيأس ولا تظن أن هذه المعاصي والفتن تمنعك وتحول بينك وبين الله، ففي الحديث القدسي: « يقول الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة» (7)، وذلك لأنه تعالى كريم يقيل العثرات ويغفر الزلات، وهذا مثال بالغ في الكثرة جيء به تنبيهًا على أن كرمه وفضله ورحمته لا تتناهى، وأنها أكثر وأوسع مما ذكر (8).
فالرجاء واليقين في الله سبحانه وتعالى، كم من أناس نعلمهم وقد أسرفوا في المعاصي ولكن الله منّ عليهم في آخر اللحظات بقلوب أقبلت بالصدق واليقين، فبدل الله أحوالهم، فلا إله إلا الله كيف بدلت سيئاتهم حسنات! وكيف تأذن الله بغفران الخطيئات وزيادة في الدرجات {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد:41] لا تعجز، وكن قوي الإيمان بالله جل جلاله.
والله أعلم كم من أبواب رحمةٍ فتحها على المعذبين، الله أعلم كم من أبواب برٍ وإحسان أغدقها على عباده الموقنين، أيقِن بالله وثِق بأن الله سبحانه وتعالى سيعطيك فلن يخيب الله رجاءك.
من هذا الذي وقف بباب الله فطرده عن بابه؟ ثق ثقة تامة أنك عندما تعلنها توبة إلى الله، فإن الله يحب منك ذلك، ووالله ما دعوت ربك ورجوته، وملأت قلبك بحبه إلا أراك الله السعادة في الدنيا والآخرة، فقد قال تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «ومن تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» (9)، ويفرح بتوبة التائبين سبحانه، رغم أن العبد مذنب ومخطئ ومسيء، ولكن الله يفرح بتوبته! ما أرحمه وما أكرمه سبحانه لا إله إلا هو! يفرح بتوبة التائبين، والتوبة لنا فلن نبلغ ضره فنضره أو نبلغ نفعه فننفعه (10).
فاللجوء إلى الله في صدق وإخلاص إذًا هو الطريق لحل كل الأزمات والمعضلات، وسبب مباشر لتفريج الكربات وأنواع الضيق وشتى أنواع الهموم والغموم؛ لهذا رأينا بعضًا من علمائنا الأفاضل يشيرون إلى هذا المعنى إشارات بالغة الأهمية نورد بعضًا منها لأهميتها في إظهار هذا المعنى وتأكيده.
هذا الشيخ عبد الرحمن الثعالبي يقول في تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن تفسيرًا لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].
قال الحسن بن أبي الحسن: سببها أن قومًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت الآية و{أُجِيبُ} قال قوم المعنى أجيب إن شئت، وقال قوم: إن الله تعالى يجيب كل الدعاء، فإما أن تظهر الإجابة في الدنيا، وإما أن يكفر عنه، وإما أن يدخر له أجر في الآخرة، وهذا بحسب حديث الموطأ، عن زيد بن أسلم؛ أنه كان يقول: ما من داع يدعو، إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه (11).
قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، فيلمس وجدانهم وهو يذكرهم بخوالج أنفسهم، وواقع أحوالهم.
فالمضطر في لحظات الكربة والضيق لا يجد له ملجأ إلا الله يدعوه ليكشف عنه الضر والسوء، ذلك حين تضيق الحلقة، وتشتد الخنقة، وتتخاذل القوى، وتتهاوي الأسناد، وينظر الإنسان حواليه فيجد نفسه مجردًا من وسائل النصرة وأسباب الخلاص، لا قوته، ولا قوة في الأرض تنجده، وكل ما كان يعده لساعة الشدة قد زاغ عنه أو تخلى.
وكل من كان يرجوه للكربة قد تنكر له أو تولى.. في هذه اللحظة تستيقظ الفطرة فتلجأ إلى القوة الوحيدة التي تملك الغوث والنجدة، ويتجه الإنسان إلى الله ولو كان قد نسيه من قبل في ساعات الرخاء، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، هو وحده دون سواه، يجيبه ويكشف عنه السوء، ويرده إلى الأمن والسلامة، وينجيه من الضيقة الآخذة بالخنَّاق.
والناس يغفلون عن هذا الحقيقة في ساعات الرخاء، وفترات الغفلة، يغفلون عنها فيلتمسون القوة والنصرة والحماية في قوة من قوى الأرض الهزيلة، فأما حين تلجئهم الشدة، ويضطرهم الكرب، فتزول عن فطرتهم غشاوة الغفلة، ويرجعون إلى ربهم منيبين مهما يكونوا من قبل غافلين أو مكابرين.
والقرآن يرد المكابرين الجاحدين إلى هذه الحقيقة الكامنة في فطرتهم، ويسوقها لهم في مجال الحقائق الكونية التي ساقها من قبل: حقائق خلق السماوات والأرض، وإنزال الماء من السماء، وإنبات الحدائق البهيجة، وجعل الأرض قرارًا، والجبال رواسي، وإجراء الأنهار، والحاجز بين البحرين، فالتجاء المضطر إلى الله، واستجابة الله له دون سواه حقيقة كهذه الحقائق هذه في الآفاق وتلك في النفس سواء بسواء (12).
ولا يمنعن أحد من الدعاء فإن الله قد أجاب دعاء شر الخلق إبليس عليه لعائن الله، وإن للدعاء أركانًا وأجنحة وأسبابًا وأوقاتًا؛ فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه أُنجح.
فأركانه حضور القلب والرأفة والاستكانة والخشوع، وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، ووقت الفطر، وما بين الأذان والإقامة، وغيرها من المواقيت التي حددها الذي لا ينطق عن الهوى؛ محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهم أسبابه الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (13).
لقد ابتلى الله الناس منذ بدء الخليفة، وابتلى الأنبياء وأولى العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكان الله يستجيب دعواتهم وينجيهم من المحن والضيق.
ونحن العباد الضعفاء نرجو رحمته ونخشى عذابه، ودرجه الإيمان والصبر تختلف من شخص إلى آخر، وما لنا إلا أن نتوجه إلى الله العفو الغفور المجيب للدعوات بأكف الضراعة ليستجيب دعواتنا.
والحكمة من الابتلاء أن يُعلم الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، ولو كان الأمر كله رخاءً ويسرًا لادّعى كلُ مدّع أنه صادق في دعواه.
قال بعضهم: فائدة الدعاء إظهار الفاقة بين يدي الله تعلى، وإلا فالرب يفعل ما يشاء.
والله يغفر الذنوب جميعًا، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
فالثقة برحمة الله وفرجه في رأفته، وفي عدالته، وفي لطفه، وفي عنايته بالمؤمن ورعايته له، إنه يتولى برحمته من حقق العبودية، وأفعاله سبحانه حميدة دائمًا لأنه حميد مجيد.
المؤمنون يلجؤون إلى الله دائمًا بالدعاء والتضرع فيستجيب الله لهم كلما أخلصوا عملهم لوجهه، حسب أحوالهم وحكمته، قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9].
عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من بلهجيم، قال: قلت: يا رسول الله، إلام تدعو؟ قال: «أدعو إلى الله وحده، الذي إن مسك ضر فدعوته، كشف عنك، والذي إن ضللت بأرض قفر دعوته، رد عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته، أنبت عليك»، قال: قلت: فأوصني، قال: «لا تسبن أحدًا، ولا تزهدن في المعروف، ولو أن تلقى أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، وائتزر إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإن إسبال الإزار من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة» (14).
أدم عليه السلام حينما أكل من الشجرة بوسوسة إبليس -عليه لعائن الله- فلجأ إلى ربه مستغيثًا به من عدوه {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [الأعراف: 22- 23]، فكانت توبة الله عليه: {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37].
وهذا نوح أول رسل الله إلى الأرض يستغيث بربه {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)} [القمر: 10- 13].
وهذا أبو الأنبياء خليل الله إبراهيم عليه السلام يفزع إلى ربه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101)} [الصافات: 100- 102].
وهذا موسى كليم الله عليه السلام يسجل القرآن كثرة دعائه ربه واستجابته جل جلاله إليه، {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16]، {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 24- 25]، {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)} [طه: 25- 37].
وهذا سليمان عليه السلام يدعو ربه: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)} [ص: 35- 39]، وهذا أيوب وذو النون وزكريا كل منهم يدعو فيستجيب الله دعاءه {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} [الأنبياء: 83- 90].
وهؤلاء المؤمنون عمومًا يدعون الله دعوات مباركات في آخر سورة آل عمران من بدء قوله: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} إلى قوله جل جلاله: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [آل عمران: 191- 195].
وإذا فلقد كان صدقُ اللجأ إلى الله سببًا مباشرًا في إجابة من دعا الله سبحانه وتعالى من الأنبياء والصالحين؛ كما هو ظاهر النصوص التي سقنا نماذج منها استغناء بها عن الحصر لدلالتها على المقصود وكفايتها فيه، فهل بعد هذا يرغب عاقل عن هذا العلاج الناجع لكل كرب وكل هم وغم بل وكل داء دواء، وقد كان هذا ديدن الأنبياء والمرسلين والصالحين.
ولكن هذه الحجب التي تحول بين النفوس البشرية وبين إدراك الحق لا تلبث أن تنقشع عند ما يتعرض الإنسان للشدائد ولا يجد له نصيرًا إلا الله الذي خلقه الرؤوف اللطيف البر الرحيم، عندئذ يلجأ إليه في تضرع وإنابة صادقًا فلا يخيبه الله مهما كان حاله، فيستجيب له يكشف ما به من ضر ويفرج كربته {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يونس: 12]، {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67]، {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} [الروم: 33]، والله الذي خلق هذه الأنفس ويعلم ضعفها وشدة حاجتها إليه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]، وعدم استغنائها عنه ، يقيل عثرتها كلما عادت إليه في تضرع وإنابة لأنه اللطيف البر الرحيم {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى: 19]، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى:25]، لهذا كثرت نصوص القرآن المؤكدة لهذا المعنى {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} [الزمر: 8]، {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر:49]، {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [يونس: 22]، {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65]، {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [لقمان: 32]، وهكذا يسوق القرآن الأدلة والبراهين على هذه الحقيقة النفسية والإيمانية حتى لا يبقى غبش ولا غموض ولا شبهَ عند من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
فالله من جوده وكرمه ولطفه ورحمته وإحسانه إلى خلقه يبين لهم أنه سبحانه وتعالى هو المرجو وحده، وهو القادر وحده على تفريج الكربات والشدائد، وأن السبيل الوحيد لذلك هو صدق اللجأ إليه وحده والتضرع إليه في إنابة، ومتى ما حصل ذلك من العبد كائنًا من كان، فإن الله يستجيب دعاءه، ويكشف ما به، ويفرج كربته، فيجعل له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل كربة فرجًا (15).
-----------
(1) تسبيح ومناجاة (ص: 166).
(2) أخرجه ابن حبان (622).
(3) في ظلال القرآن (1/ 476- 477).
(4) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1542).
(5) التفسير المنير للزحيلي (2/ 68).
(6) شرح الطحاوية لناصر العقل (61/ 3)، بترقيم الشاملة آليًا.
(7) أخرجه الترمذي (3540).
(8) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (4/ 355).
(9) أخرجه البخاري (7405)، ومسلم (2675).
(10) دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي (28/ 20).
(11) موطأ مالك (2/ 304).
(12) في ظلال القرآن (5/ 2658).
(13) تفسير القرطبي (2/ 311).
(14) أخرجه أحمد (20636).
(15) صدق اللجوء إلى الله وأثرة في إجابه الدعاء/ المشتاقون إلى الجنة.