فن معالجة الأخطاء
الخطأ سلوك بشري لا بد أن نقع فيه، حكماء كنا أو جهلاء، وأيضًا ليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيرًا فنكبره ونضخمه.
إذن لا بد من معالجة الخطأ بحكمة وروية، وأيًا كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت وآخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء.
وإليكم هذه القواعد لمعالجة الأخطاء:
القاعدة الأولى: اللوم للمخطئ لا يأتي بخير غالبًا:
تذكر أن اللوم لا يأتي بنتائج إيجابية في الغالب، فحاول أن تتجنبه، وكما يقول أنس بن مالك رضي الله عنه أنه خدم الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنوات ما لامه على شيء قط.
فاللوم مثل السهم القاتل ما إن ينطلق حتى ترده الريح على صاحبه فيؤذيه؛ ذلك أن اللوم يحطم كبرياء النفس، ويكفيك أنه ليس في الدنيا أحد يحب اللوم.
القاعدة الثانية: أَبْعِد الحاجز الضبابي عن عين المخطئ:
المخطئ أحيانًا لا يشعر أنه مخطئ، فكيف نوجه له لومًا مباشرًا وعتابًا قاسيًا وهو يرى أنه مصيب.
إذن لا بد أن نزيل الغشاوة عن عينيه ليعلم أنه على خطأ، وفي قصة الشاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم درس في ذلك.
القاعدة الثالثة: استخدام العبارات اللطيفة في إصلاح الخطأ:
كلنا ندرك أنه من البيان سحرًا، فلماذا لا نستخدم هذا السحر الحلال في معالجة الأخطاء.
فمثلًا حينما نقول للمخطئ: «لو فعلت كذا لكان أفضل»، «ما رأيك لو تفعل كذا...»، «أنا أقترح أن تفعل كذا...»، «ما وجهة نظرك».
أليست أفضل من قولنا: «يا قليل التهذيب والأدب»، «ألا تسمع...»، «ألا تعقل...»، «أمجنون أنت...»، «كم مرة قلت لك...».
- فرق شاسع بين الأسلوبين؛ إشعارنا بتقديرنا واحترامنا للآخر يجعله يعترف بالخطأ ويصلحه.
القاعدة الرابعة: ترك الجدال أكثر إقناعًا:
تجنب الجدال في معالجة الأخطاء فهي أكثر وأعمق أثرًا من الخطأ نفسه، وتذكر أنك بالجدال قد تخسر؛ لأن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته فيدافع عن الخطأ بكرامته فيجد في الجدال متسعًا، ويصعب عليه الرجوع عن الخطأ فلا نغلق عليه الأبواب، ولنجعلها مفتوحة ليسهل عليه الرجوع عن الخطأ.
القاعدة الخامسة: ضع نفسك موضع المخطئ ثم ابحث عن الحل:
حاول أن تضع نفسك موضع المخطئ، وفكر من وجهة نظره، وفكر في الخيارات الممكنة التي ممكن أن يتقبلها فاختر منها ما يناسبه.
القاعدة السادسة: ما كان الرفق في شيء إلا زانه:
بالرفق نكسب، ونصلح الخطأ، ونحافظ على كرامة المخطئ.
وكلنا يذكر قصة الأعرابي الذي بال في المسجد كيف عالجها النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق، حتى علم الأعرابي أنه على خطأ.
القاعدة السابعة: دع الآخرين يتوصلون لفكرتك:
عندما يخطئ الإنسان فقد يكون من المناسب في تصحيح الخطأ أن تجعله يكتشف الخطأ بنفسه، ثم تجعله يكتشف الحل بنفسه، والإنسان عندما يكتشف الخطأ ثم يكتشف الحل والصواب فلا شك أنه يكون أكثر حماسًا؛ لأنه يشعر أن الفكرة فكرته هو.
القاعدة الثامنة: عندما تنتقد اذكر جوانب الصواب:
حتى يتقبل الآخرون نقدك المهذب وتصحيحك بالخطأ أشعرهم بالإنصاف خلال نقدك.
انظر كيف كان الرسول ينتقد ويظهر جوانب الصواب، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لزياد: «ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة».
فالإنسان قد يخطئ ولكن قد يكون في عمله نسبة من الصحة لماذا نغفلها.
القاعدة التاسعة: لا تفتش عن الأخطاء الخفية:
حاول أن تصحح الأخطاء الظاهرة، ولا تفتش عن الأخطاء الخفية؛ لأنك بذلك تفسد القلوب؛ لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن تتبع عورات المسلمين.
القاعدة العاشرة: استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن:
عندما يبلغك خطأ عن إنسان فتثبت منه واستفسر عنه مع حسن الظن به، فأنت بذلك تشعره بالاحترام والتقدير كما يشعر هو بالخجل، وأن هذا الخطأ لا يليق بمثله، كأن نقول: وصلني أنك فعلت كذا، ولا أظنه يصدر منك.
القاعدة الحادية عشرة: امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب:
مثلًا عندما تربي ابنك يكون كاتبًا مجيدًا فدربه على الكتابة، واثن عليه، واذكر جوانب الصواب فإنه سيستمر حتمًا.
القاعدة الثانية عشرة: تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب لها كلمة طيبة مرادفة تؤدي المعنى نفسه:
عند الصينيين مثل يقول: نقطة من عسل تصيد ما لا يصيد برميل من العلقم.
ولنعلم أن الكلمة الطيبة تؤثر، والكلام القاسي لا يطيقه الناس.
القاعدة الثالثة عشر: اجعل الخطأ هينًا ويسيرًا، وابْنِ الثقة في النفس لإصلاحه:
الاعتدال سنة في الكون أجمع، وحين يقع الخطأ فليس ذلك مبررًا في المبالغة في تصوير حجمه.
القاعدة الرابعة عشر: تذكر أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم.
وأخيرًا..
فن معالجه الأخطاء فن لا بد أن ندرك أهميته.
________________
المصدر: موقع كنانة أونلاين.