logo

الإدارة الناجحة لصحة الأبدان


بتاريخ : الخميس ، 24 ربيع الآخر ، 1439 الموافق 11 يناير 2018
الإدارة الناجحة لصحة الأبدان

عزيزي القارئ، أهلًا بك

بدن الإنسان هو مطيته ومركبه إلى الدار الآخرة، ووسيلته إلى النجاح والتفوق في أعماله،  والصحة هي أغلى ما يملك الإنسان، ولا يقدر ثمنها إلا من عانى الألم، وتجرع مرارة الأدوية، وسهر الليالي من شدة أوجاعه؛ لذلك يجب الحفاظ على الصحة من خلال القيام بجميع ما يفيدها، والابتعاد عن جميع ما يؤذيها.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ» [رواه البخاري برقم (6412)]، وعناية الإنسان بصحته من صفات الناجحين، فغالبًا لا تقرأ عن أحد العظماء والناجحين إلا وتجد له عناية بصحة بدنه، وقدوتنا فيهم الأنبياء والصالحين؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن غلبت على الآدمي نفسه، فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس» [أخرجه الثلاثة والحاكم وصححه].

قال العلامة ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: «وهذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها، وقد روي أن "ابن ماسويه" لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة قال: (لو استعمل الناس هذه الكلمات سلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت المارستانات، ودكاكين الصيادلة)، وإنما قال هذا لأن أصل كل داء التخم».

وإليك، عزيزي القارئ، باقة من النصائح التي يسديها إليك خبراء الطب والصحة العامة من أجل الاحتفاظ بصحة جيدة.

البقاء بمزاج جيد:

الصحة النفسية تؤثر بشكل كبير على الصحة البدنية للمرء، ولكن هذه النصيحة تعد هي الأصعب في النصائح المطروحة مطلقًا! وهي النصيحة التي نسمعها من الأطباء دائمًا ولا يجد أكثرنا إلى تنفيذها والالتزام بها سبيلًا، فكلما زار أحدنا الطبيب لسبب ما تكن نصيحته بعد وصف الدواء: «تجنب الضغط النفسي»، ولا يدري المريض كيف يفعل ذلك؛ لأن الحياة لا تخلو من الهموم والمشاكل، ولعل المقصود هنا عدم إعطائها حجمًا كبيرًا، أو السماح لها بتعكير المزاج؛ لأن الغرق والاستسلام للضغوط النفسية من أكثر الأمور التي تقلل من الإنتاجية، كما أنها تقلل من مناعة الجسم، وتسهم في اختلال توازن الهرمونات؛ مما يتسبب في الإصابة بمجموعة مشاكل صحية، من أشهرها وأوسعها انتشارًا السكري، والضغط؛ لذلك من المهم التخلص من التوتر بطريقة أو أخرى؛ كعمل شيء ترفيهي، أو شرب كوب من الأعشاب الساخنة، أو الاشتراك في دورات تدريبية لمواجهة الضغوط، والعمل على حلها.

ولعل أفضل الطرق للبقاء بمزاج جيد هو ارتباط الإنسان بربه جل وعلا، والتعود على اللجوء إليه بالدعاء والتضرع في الرخاء والشدة، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [سورة غافر:60].

الحركة المستمرة:

فالكون كله مبني على الحركة، وكذلك خلايا أجسامنا في حركة مستمرة، والمشكلة  الصحية التي يواجهها الناس اليوم هي إحدى سلبيات التقدم التقني المذهل، الذي يختصر حركة الإنسان في كثير من الأمور لتحل محله الآلات والأزرار؛ بل وبمجرد اللمس فقط!

ولكن من أراد أن يحافظ على صحة بدنه فعليه أن يقوم بتغيير نمط الحياة السائد اليوم؛ كالبقاء ساعات طويلة على مقاعد الدراسة، أو خلف مكاتب العمل، أو خلف شاشات التلفاز والحواسيب والهواتف الذكية، فإنها تزيد معدلات الإصابة بالعديد من الأمراض؛ لأن الرياضة والحركة مهمة في تنشيط الدورة الدموية، التي بدورها تنشط جميع أجهزة الجسم وأعضائه، فتقوم بأعمالها بشكل أفضل؛ مما يخلصها من السموم، ويحرق الدهون الزائدة، وبالتالي يتمتع المرء بصحة أفضل.

من الناحية العلمية، بينت الدراسات المستفيضة أن ممارسة الحركة والنشاط البدني، بجميع أنواعه، يحفز الجسم على إفراز هرمونات ومواد تساعد في إعادة بناء الجسم بطريقة صحية، وتجدد الخلايا التالفة، وهذا بدوره يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة والخبيثة.

إضافةً إلى أن حرق الدهون المصاحب للحركة يحافظ على التوازن بين السعرات الحرارية الداخلة للجسم (عن طريق الأكل) والخارجة منه، وفي الكثير من الأحيان يجعل الخارج أكثر، وبالتالي يسيطر على احتمالات زيادة الوزن والإصابة بالسمنة، أما من الناحية النفسية فإن الحركة تحسن من المزاج، وتقي من الإصابة بالاكتئاب والتوتر.

ولا ننسى دور النشاط البدني في زيادة التركيز خلال اليوم، وهذا يزيد من إنتاجية الموظف في عمله، وربة الأسرة في بيتها، والطالب في مدرسته.

لكن، ما هي الحركة الصحية؟

تأتي الرياضة والنشاط البدني؛ كالجري والسباحة وركوب الخيل، على قمة هرم الأنشطة البدنية المقترحة.

وديننا الإسلامي دين الحركة المثمرة والنشاط الدائم، فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا» [رواه البخاري]، وعن مكحول أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام أن علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية. [كنز العمال، للمتقي الهندي].

ومن ثم تأتي الحركة اليومية من المشي وممارسة الأعمال المنزلية والمهنية؛ كشريحة مهمة في قائمة الحركة الصحية، البعض قد يستصغر دور المشي في الاستراحات القصيرة أثناء العمل, لكن حتى هذه الدقائق تصب في مصلحة البدن، وخصوصًا إذا أصبحت روتينًا يوميًا في حياة الفرد.

شرب ما يكفي من الماء يوميًا:

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء:30].

يتكون الجسم من الماء بشكل أساسي، ويؤثر نقصه على جميع العمليات الحيوية في الجسم؛ ولذلك ينصح بتناول حوالي ثمانية أكواب من الماء يوميًا، وزيادة هذه الكمية عند ممارسة جهد بدني، وفي الأيام الحارة.

فعندما يكون تناول الإنسان للماء أقل من الماء الذي يخسره جسمه يصاب الجسم بالجفاف، وتزداد خسارة الماء من الجسم في حالات الجو الحار، وأثناء ممارسة التمارين الرياضية الشديدة، وفي الأماكن المرتفعة، ومع التقدم في العمر التي تقل فيها أيضًا حدة الشعور بالعطش، كما تزداد حاجة الجسم للماء في الحمل والرضاعة، فإنه من اللازم شرب المزيد من الماء في هذه الحالات.

ومن أهم فوائد الماء للحفاظ على صحة الجسم:

- تنظيم سوائل الجسم؛ حيث يتكون الجسم من حوالي 60% من الماء، وتعمل سوائل الجسم في العديد من الوظائف؛ مثل الهضم، والامتصاص، والدوران، وإنتاج اللعاب، ونقل العناصر الغذائية، والمحافظة على درجة حرارة الجسم.

- يساعد شرب الماء على التحكم في السعرات الحرارية المتناولة، ولكن الماء لا يملك قدرة سحرية تساعد في خسارة الوزن، إلا أن استبدال المشروبات العالية بالسعرات الحرارية بالماء يساعد على خفض السعرات الحرارية المتناولة، ويدخل في ذلك الأغذية عالية الاحتواء على الماء؛ كالفواكه، والخضار، والشوربات المصنوعة من المرق، والبقوليات.

- يساعد الماء على منح الطاقة للعضلات؛ حيث إن العضلات التي يختل توازن الماء والمعادن فيها تتقلص؛ مما قد يسبب إرهاق العضلات، ويساعد الماء على تنشيط الجسم؛ إذ إن الجفاف يسبب الشعور بالكسل والإرهاق.

- يساعد الماء في الحفاظ على صحة البشرة، فالجفاف يجعل البشرة تبدو جافة وأكثر تجعدًا، وتساعد الكريمات المرطبة على إبقاء الماء في خلايا البشرة لتبقيها رطبة.

- يحافظ تناول الماء بكميات كافية على صحة الكليتين، اللتين تقومان بتخليص الجسم من السموم عن طريق البول، كما يعمل الماء على تنظيم عمل الجهاز الهضمي، ويمنع الإمساك، خاصةً إذا ما تم تناوله مع الألياف الغذائية، كما يقلل تناول الماء من التوتر.

 

- ليس فقط شرب الماء ولكن أخذ حمام بارد بعد يوم عمل شاق ينعش الجسم، ويزيل التوتر، كما أنه يحسن المناعة.

تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية ناجحة:

أكدت العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يحاطون بمجموعة من الأصدقاء المقربين، ويعيشون ضمن عائلة، هم أقل عرضة للإصابة بالأمراض، وخاصة أمراض القلب، ويتمتعون بصحة أكثر من غيرهم.

الاهتمام بنوعية وكمية الغذاء المتناول:

تقول الحكمة: «المعدة بيت الداء ورأس الدواء»، وهذه مقولة صحيحة تمامًا، فللطعام أثر كبير على صحة الإنسان؛ فبدونه لا يمكن العيش، وتسبب كثرته له العديد من المشاكل؛ لذلك يجب الحرص على تناول مجموعة متنوعة من الأغذية بحيث تشمل جميع العناصر الغذائية الأساسية؛ مثل البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون، والعناصر الغذائية الصغيرة؛ مثل الفيتامينات والأملاح، بشكل متوازن، دون زيادة أو نقصان، من خلال تناول أصناف متنوعة من الطعام في الوجبة، وليس صنفًا واحدًا أو اثنين؛ مثل الأرز مع اللحم مثلًا؛ بل الأرز مع اللحم وطبق من سلطة الخضار.

مع وافر تمنياتنا بالصحة والعافية للقارئ الكريم.

موقع: مفكرة الإسلام