logo

كيف تتحدث بثقة أمام الناس؟


بتاريخ : الاثنين ، 4 شوّال ، 1436 الموافق 20 يوليو 2015
بقلم : فيفان بوكان
كيف تتحدث بثقة أمام الناس؟

"تفشل خططنا إذا لم يكن لها هدف؛ فحين لا يدري البحَّار أي مَرْفأ يريد فلن تكون هناك ريح مواتية". سينكا

حين تُقدِّم صديقًا لشخص يراه لأول مرة فإنك تحاول أن تقيم علاقة في الثواني الأولي، في الغالب، من خلال البحث عن اهتمام مشترك يربط بين الغريبين.

ولإقامة علاقة مع مستمعك حاول أن تستغل الثواني الأولى؛ ابتسم، ابتسم، ابتسم.

وانتظر على الأقل حتى يردَّ واحد منهم فقط الابتسامة قبل أن تنطق كلمتك الأولى.

اجذب مستمعك:

إنّ أي متحدث كُفْء يستخدم أربع كلمات أساسية لكي يلفت انتباه مستمعه, سواء كان هذا المستمع فردًا واحدًا أو مائة فرد، هذه الكلمات هي: مرحبًا, أنت, انظر، لذلك.

حين تبتسم فإنك تقول لجمهورك: مرحبًا.

وحين تقدم موضوعك يصبح المستمع أنت.

وحين تلقي حديثك فإن مستمعك ينظر.

وحين تصل لخاتمتك يصل المستمع إلى (لذلك).

إنّ كل حديث, بصرف النظر عن طوله أو موضوعه, يحتاج إلى مقدمة، والمقدمة هي الفقرة الأولى من الحديث، ولها دوران لجذب انتباه المستمع, فهي:

1- تقود المستمع إلى موضوعك.

2- تثير اهتمامه.

إنّ جملة الفرض (إعلان الهدف) تأتِي في نهاية الفقرة الأولى، وتلعب دور منصة الإطلاق بالنسبة لحديثك، وهذه الجملة تكون هي الهدف من إلقاء الحديث، وتعد مستمعك للأسباب التي تقول من أجلها مثلًا: إن إجازتك في باريس كانت كارثة.

وفيما يلي ثمانية أنواع من المقدمات المتصلة الفعالة، وتستطيع أن تختار من بينها ما يناسب موضوعك وهدفك ومستمعك.

1- تضييق من العام إلى الخاص:

إن موضوعًا مثل: إجازتك في باريس، سهل ولا يحتاج إلى تحديد أكثر، ولكن إذا قلت: إن برنامج المعونة الخارجية يحتاج إلى مراجعة، فإنك تتحدث عن موضوع شائك له أكثر من وجه.

وتستطيع أن تقلّل درجة تعقد الموضوع، وذلك بتضييق الموضوع؛ مثل: نريد أن يكون لنا موقفًا صارمًا بخصوص المعدات الحربية التي نرسلها للشرق الأدنَى، وحتى هذا الموضوع يمكن أن يضيق بناءً على طول الحديث الذي ستلقيه.

ونحن نسمي هذا المنهج الاستقرائي، والذي يقترب من المنهج الاستنباطي، في النقاط التالية:

- إنه يقلل عمق واتساع الموضوع.

- يقلل الموضوع لفكرة واحدة.

- يمكن مناقشته تحديدًا.

2- ضع نفسك موضع الخبير في موضوعك:

إذا كنت غير معروف للمستمع, فسوف يقدِّمك أحد المرموقين (نأمل أن يكون بصورة مناسبة وجيدة)، والذي سيعلن عن قدرتك على الحديث في الموضوع، وإذا كان ذلك غير كافٍ لكسب الثقة والاحترام لك, فإنك ربما تحتاج إلى تأسيس مصداقية أكبر لدى المستمع، وإذا كانت مهنتك وذكاؤك وتعليمك وخبرتك تمكنك من إظهارك كخبير في موضوعك فلا تتردّد في بيان ذلك صراحة.

لنقل مثلًا أنك سمسار أراضٍ قادر على مناقشة استخدام الأرض، وقوانين القسيم والإعارة والنقل، وفحوص السندات، وقانون البناء وغيرها، وطلب منك الحديث إلى مجلس المدينة، إنّ خبرتك تجعلك أثقل من الرحّالة الذي لم يمتلك أبدًا سوى خيمة وإناء للطعام، وإن حديثك عن إنشاء مركز تجاري سيكون أكثر مصداقية من حديثه، وستجد المستمع مؤهلًا لسماع كفاءاتك كخبير لمساعدتهم على الوصول إلى النتيجة المطلوبة.

3- استخدم المقارنة:

إن هدفك هو إظهار تفوق شيء على آخر، لاحظ أنك هنا تتحدث عن شيئين لتقرر أيهما أفضل، ومن المستحيل أن تقيم كل شيء يتضمنه موضوعك؛ مثلًا: تستطيع أن تقارن مزايا الكلية المحلية بالجامعة, تستطيع أن تقارن بين تويوتا وفولكس فاجن.

إذا كنت تناقش فكرة توظيف سكرتير جديد للشركة, فربّما تدخل للموضوع بجملة "أعتقد أنّ الشخص الحاصل على دبلومة سكرتارية لسنتين أفضل من شخص نُدرّبه على العمل"، وهذا يفرض عليك أن توضح أن فكرة ما أفضل من أخرى.

4- استخدم التفاصيل:

التخصيصات أكثر فعالية من التعميمات، الأرقام والإحصاءات تكون غالبًا مقنعة ولكنها تكون أكثر فائدة عندما تقرب لأقل رقم.

لنقل: إنك تناقش الأرق الذي يؤثر على الإنتاجية في شركتك, وأنت تعلم أنه من ثلاثين إلى أربعين شخصًا من كل مائة يعانون من عدم النوم، قدر عدد مستمعيك، واقسم عددهم على ثلاثة.

يمكنك أن تبدأ فتقول: إنّ ثلث الموجودين بهذه الحجرة، حوالَي ثلاثين، يعانون من الأرق، وتعلمون كيف أن عدم النوم يؤثر على الإنتاجية، وإليكم بعض الأفكار التي يذكرها الأطباء لمساعدتكم على حل هذه المشكلة.

5- استشهد بخبير:

إذا لم تكن أنت نفسك خبيرًا في الموضوع الذي تتحدث عنه فحاول أن تستشهد بمن هم خبراء لإعطاء مصداقية لمقدمتك، وتأكد من أن الخبير الذي تستشهد به خبير فعلًا في هذا الموضوع، مثلًا لو استخدمت لاعب السلة الشهير مايكل جوردون وأنت تتحدث عن القانون المشترك, فإن ذلك لن يكون مقنعًا مثل استخدامك محاميًا متخصصًا في هذا المجال.

لنفترض أنك تتحدث أمام نقابتك عن بناء مفاعل نووي في منطقتك، وأنت تعلم أن المعارضة ستكون شديدة ومسموعة، وبصرف النظر عن وجهة النظر التي تؤيدها لا تعتمد على الكلام الذي تسمعه من رجال الشارع، أو من مذيع مفرط في التفاؤل، أو من طالب من جامعة قريبة، اذهب لمن يملك حقائق مدروسة، وإذا كان ممكنًا اختر شخصًا معروفًا ومحترمًا حتى لو كان المستمع ضد آرائه؛ إذ يكون عليهم أن يستمعوا لرأيه على الأقل.

6- استخدم الحكايات:

إن استخدام قصص ونوادر من الحياة تعطي المستمع خلاصات عن طبيعة الإنسان, وربما تكون هذه القصص فكاهية أو غير فكاهية، أحيانًا تكون حزينة ولكنها تساعدك في جذب المستمع إليك، حاول أن تجمع قصصًا عن سلوكيات غريبة أو غير معتادة أو مثيرة أو مضحكة أو مخيفة، مثلًا: طفل يبلغ 12 سنة يختطف طائرة ويقلع بها دون إذن, محنة كلب يسير من (مايين) لـ(تكساس) بحثًا عن الأسرة التي فقدته وهي راحلة, أو الأم التي تبلغ 80 سنة في أول رحلة لها بالطائرة إلى روسيا، كل هذه الأحداث مؤثرة لأنها حقيقية وغير عادية، وهي تضفي على الموضوع لونًا وجاذبية، وخاصة إذا ربطت هذه الحكايات بموضوعك ومستمعك.

ولنضرب لذلك مثالًا: لنقل إنك تتحدث بعد حادثة مرور، وأنت تجادل من أجل إنشاء إشارة المرور التي طالت الوعود بإنشائها عند المنعطف الخطير الذي وقعت عنده الحادثة، وأنت تطلب سرعة العمل، ذكر مستمعيك بالطفل الذي يبلغ ستّ سنوات الذي صدمه سائح أول أيام الدراسة، حيث لم ير السائح إشارة المرور التي تخفيها الشجيرات.

أضف لحكايتك نتائج الحادث: كسرت ساق الطفل وحوضه، وفقد عامًا دراسيًا، وربما يعيش بقية حياته يمشي بصورة غير طبيعية، وهذه المناشدة ربما تكون أكثر تأثيرًا من أية إحصاءات عن الحوادث في بلدك.

7- عرف مصطلحاتك:

إن آلاف الكلمات قد خلت اللغة منذ الحرب العالمية الثانية, لقد وضعت التكنولوجيا مصطلحات لا يعرفها الشخص المتوسط، وهذه الكلمات تُحَيّر غير المتخصصين وتستعصي عليهم، من المهم أن تتأكد أن المستمع يفهم مصطلحاتك التي تستخدمها في الموضوع، ربما تحتاج إلى استخدام طباشير أو لوحة إذا كان الموضوع معقدًا، مثل إنشاء المفاعل النووي، والذي يتطلب مصطلحات متخصصة.

8- استخدم أمثلة:

لا شيء يثير أكبر من: على سبيل المثال...، ومثلًا...، وفي ذات مرة...، وتذكر...، لنفترض أنك تتحدث في معرض سيارات حيث تبحث عن حوافز لزيادة ترويجها، إنك تستخدم أمثلة لنجاحات التجار، لقد أقام جاك رايلي في سالزفابل احتفالًا صاخبًا في قطعة أرض فراغ بالقرب من مصنعه لاستعراض السيارات, وقد قدم العديد من استعراضات السيارات، وأتاح للحضور تجربتها، وقد ذكر رايلي أنّ هذا الاحتفال المثير قد جذب الكثيرين، وكانت النتيجة شراء الكثير من السيارات.

قام تاجر التجزئة ببيع كميات ضخمة من بضاعته عن طريق تقديم جوائز ومجاملة الزبائن بالفطائر والقهوة، يقول التاجر: إنّ الفكرة حققت نجاحًا مذهلًا واستحقت كل مليم صرف عليها.

تذكر أن أمثلتك يجب أن تكون مرتبطة بالمستمع حتى تحقق التأثير المطلوب، إنّ الناس يهتمون بكل شيء له علاقة بصحتهم وأموالهم وعلاقاتهم ونجاحهم.

9- المقدمات مهمة:

تستحق المقدمات أن تقضي فيها بعض الوقت والفكر والمجهود، إنك تكسب نصف المعركة حين تجذب مشاهديك وتسيطر عليهم من خلال المقدمة.

إنّ تشبيه الحديث بالمعركة ليس تشبيهًا بعيدًا، الحديث فعلًا معركة، إنك تحارب من أجل جذب انتباه المستمعين حين تحاول تسليتهم أو إخبارهم بشيء أو إقناعهم، وأنت تحاول أن تجعل الوقت الذي يستمعون فيه إليك وقتًا مفيدًا.

إنّ المشاهد يستحق أن تعطيه أفضل ما عندك مقابل الوقت الذي يعطيه لك، والانتباه الذي يعيرك إياه، إذا أعطيت المقدمة الاهتمام الذي تستحقه فإن المستمع سيعيرك الاهتمام الذي تستحقه.

10- كيف تخرج من الموضوع:

إن كثيرًا من المتحدثين ينهون حديثهم بصورة مفاجئة ويجلسون، وهناك من يقدم فكرة جديدة ولا يكملها, حيث يترك المستمع ولديه شعور بأنه مخدوع وحائر.

إن أبسط وأسهل وأفضل خاتمة للحديث هي تلخيص النقاط الرئيسية فيه، مثلًا: الآن تستطيعون أن تفهموا لماذا جعل المسكنُ السيئُ والجيرانُ المزعجون وارتفاعُ ثمن كل شيء إجازتِي في باريس تجربة لا أود أن أكررها.

تذكر مباراة البيسبول، حين يبدأ اللاعب هجمة ويدور حول القواعد من أجل إحراز هدف، فإنّه لا يترك اللعبة في نصف الطريق ويذهب ليجلس مع المشاهدين.

وحديثك مثل لعبة البيسبول، حين تنتهي من آخره يجب أن تعود لنقطة البداية, بمراجعة نقاطك واسترجاع أهم ما ذكرت من أسباب تؤيد وجهة نظرك، يجب أن تترك المستمع بنهاية مرضية تختم الموضوع، وتزينه بربطة جميلة وأنيقة.

* من كتاب: (كيف تتحدث بثقة أمام الناس) لفيفان بوكان.

__________________

المصدر: موقع مهارات النجاح للتنمية البشرية.