logo

ضوابط في معرفة البدع، ومعاملة المبتدع


بتاريخ : السبت ، 25 جمادى الآخر ، 1440 الموافق 02 مارس 2019
بقلم : تيار الإصلاح
ضوابط في معرفة البدع، ومعاملة المبتدع

المراد بالبدعة، وذكر أنواعها، وحكمها، وكيفية معاملة المبتدع:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واقتفى سنته واتبع هداه، وبعد:

فإن الناظر في أحوال الأمة الإسلامية يجد أن البدع قد انتشرت، وذلك في شتى المجالات، في مجال العقيدة والأصول، وفي مجال العبادات والفروع، وفي مجال المعاملات المختلفة.

ومن أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار تلك البدع ظن الكثيرين أن البدع تنقسم إلى قسمين: بدع سيئة، وبدع حسنة!!

مع أن هذا يتعارض، جملة وتفصيلًا، مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي نص نصًا قاطعًا في تلك القضية فقال: «كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»(1).

كما أنه يتصادم مع سنة صحابته الكرام، أكمل الناس عقولًا، وأزكاهم نفوسًا، وأصدقهم في محبة نبيهم، وأحرصهم على اتباع سنته، واقتفاء أثره، وهم مع ذلك كله خير القرون، وهم من أُمِرنا أن نتبع سنتهم، وهم من لا يعتد بإجماع غير إجماعهم؛ فما رأوه حسنًا فهو عند الله حسن.

وبالرغم من هذا، فإن طائفة غير قليلة من المسلمين أبت إلا أن تحيد عن تلك الشريعة الغراء، وعن هذا المنهج  القويم، وعن تلك السنة المبينة الصريحة، ذلك بدعوى تقسيم البدع إلى حسنة وسيئة.

ولما كان للقوم شبهات دفعتهم إلى هذا التقسيم المحدث، والذي لبَّسوا به على كثير من عوام المسلمين كان لزامًا على أهل العلم أن يذبوا عن دينهم الحنيف تحريف المبطلين، وزيف المضلين.

وفي هذا المقام ننقل عن أهل العلم مختصرًا مما ذكروه، ردًا لتلك الشبهات، لعله يدفع الوهم الناشئ عنها، ويجلي الحقيقة، فيرجع هؤلاء إلى النبع الصافي لينهلوا من أصول دينهم: كتابًا، وسنة، وما استند إليهما من إجماع قائم، أو قياس صحيح.

وقبل الرد على الشبهات نذكِّر ببعض المصطلحات الهامة المتعلقة بالموضوع، كمعنى البدعة وذكر أشهر أقسامها، وبعض ما اشتهر منها، وراج على كثيرين في هذه الأزمنة.

 

معنى البدعة:

أصل هذه الكلمة، في اللغة، من الاختراع، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق، ولا مثال احْتُذِيَ، ولا ألف مثله.

ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقوله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}؛ أي: لم أكن أول رسول إلى أهل الأرض(2).

ويقال: ابتدع فلان بدعة، يعني ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق، وهذا أمر بديع، يقال في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن، فكأنه لم يتقدمه ما هو مثله ولا ما يشبهه.

ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة، فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع، وهيئتها هي البدعة(3).

أما تعريف البدعة شرعًا فهي، كما قال الشاطبي: «طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصَد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه»(4).

وقال ابن رجب: «والمراد بالبدعة ما أُحدِث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة»(5).

وقال السيوطي: «البدعة عبارة عن فعلةٍ تصادم الشريعة بالمخالفة، أو توجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان»(6).

وقال ابن تيمية: «البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من الدين الذي شرعه الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن»(7).

وعرفها الحافظ ابن حجر بقوله: «ما أحدث في الدين وليس له دليل عام ولا خاص يدل عليه»(8).

فقيدت بالدين لأنها فيه تخترع، وإليه يضيفها صاحبها، فخرج بذلك الطريقة المخترعة في أمور الدنيا، أو ما يتعلق بأمر الدنيا، فإنها لا تسمى بدعة شرعًا؛ كالصناعات مثلًا وإن كانت مخترعة، وهذا القيد مأخوذ من قوله:  «أنتم أعلم بأمر دنياكم»(9).

وخرج أيضًا بهذه القيود التي في التعريف المحدثات المتعلقة بالدين مما له أصل شرعي عام أو خاص، فمما أحدث في الدين وكان مستندًا إلى دليل شرعي عام ما ثبت بالمصالح المرسلة؛ مثل جمع القرآن، ومما أحدث في هذا الدين وكان له دليل شرعي خاص إحداث صلاة التراويح، وإحياء الشرائع المهجورة.

وكل هذه التعاريف لها نفس المدلول ولا يوجد اختلاف فيها، والجامع لها أن البدعة محدثٌ، لا دليل عليه، مضاف للدين، سواء كان فعلًا أو قولًا أو اعتقادًا.

أنواع البدع، وبيان البدعة الإضافية:

تنقسم البدع لعدة أقسام، وباعتبارات مختلفة، لكننا نقتصر على ذكر ما يهم موضوعنا، وهو الرد على شبهات المبتدعة.

قال الشيخ صالح الفوزان: «البدعة في الدين نوعان:

النوع الأول: بدعة قولية اعتقادية؛ كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة، وسائر الفرق الضالة، واعتقاداتهم.

النوع الثاني: بدعة في العبادات؛ كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها، وهي أقسام:

القسم الأول: ما يكون في أصل العبادة: بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع؛ كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صيامًا غير مشروع أصلًا، أو أعيادًا غير مشروعة؛ كأعياد الموالد وغيرها.

القسم الثاني: ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلًا.

القسم الثالث: ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة؛ بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مطربة، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

القسم الرابع: ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع، كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، فإن أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل»(10).

ومن أشهر البدع المنتشرة في هذا الزمان أيضًا:

من بدع العقائد: تأويل صفات الله تعالى.

ومن بدع العبادات: تحديد صلاة التراويح بعدد، التلفظ بالنية في العبادات، تلقين الميت، الذكر الجماعي، والاجتماع يوم عرفة بالأمصار.

ومن بدع العادات: بدع الخطوبة؛ مثل قراءة الفاتحة عند الخطبة، لبس دبلة الخطوبة، والخلوة بالمخطوبة، بدع العقد والاحتفال، وبدع العرس، بدع الملابس، وبدع الزينة، الاحتفال بالمناسبات الدينية والدنيوية، وتسمية بعضها أعيادًا.

وقال الشيخ الألباني: «إن البدعة المنصوص على ضلالتها من الشارع هي:

أ- كل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد.

ب- كل أمر يتقرب إلى الله به وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ج- كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه، فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي.

د- ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار.

هـ- ما نص على استحبابه بعض العلماء، سيما المتأخرين منهم، ولا دليل عليه.

و- كل عبادة لم تأت كيفيتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع.

ز- الغلو في العبادة.

ح- كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود؛ مثل المكان أو الزمان أو صفة أو عدد»(11).

وهذه الصورة الأخيرة في كلام الشيخ الألباني، وكذلك القسمين الثالث والرابع في كلام الشيخ الفوزان، تمثيل للبدع الإضافية.

ومن الأمثلة أيضًا على البدعة الإضافية ما يلي:

1- الأذان للعيدين ولصلاة الكسوف، فالأذان في أصله مشروع، ولكن الأذان للعيدين والكسوف لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

2- ومن ذلك تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات التي لم تشرع لها تخصيصًا؛ كتخصيص اليوم الفلاني بكذا وكذا من الركعات، أو بصدقة كذا أو كذا، أو الليلة الفلانية بقيام كذا وكذا ركعة، أو بختم القرآن فيها أو ما أشبه ذلك.

3- ختم الصلاة على الهيئة المعروفة التي يفعلها كثير من الأئمة؛ فإنه من جهة كونه قرآنًا وذكرًا ودعاءً مشروع، ومن جهة ما عرض له من رفع الصوت في المسجد ومن جهة كونه لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم غير مشروع.

4- الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، بحيث تجعل جزءًا من الأذان، كما هو المعهود في كثير من المساجد، فمن جهة فالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروعان ثابتان.

ومن جهة أخرى من حيث جعلهما جزءًا من الأذان غير مشروعين(12).

والخلاصة: أن الإحداث في الدين قد يكون باختراع شيء جديد مطلقًا وإدخاله في الدين، فيكون العمل كله بدعة لا دليل عليها، لا في الجملة ولا في التفصيل، ومثالها: التقرب إلى الله تعالى بالرهبانية، ونحو تحكيم العقل ورفض النصوص في دين الله تعالى، فهذه تسمى: بدعة حقيقية.

وقد يكون للبدعة شائبة من الأدلة، لكن أضيف لها وألصق بها ما ليس عليه دليل، فمن جهة الأصل عليها دليل، ومن جهة ما أضيف إليها، من كيفية أو صفة أو تفاصيل، لا دليل عليها، فهذه تسمى (بدعة إضافية)؛ ومثالها: تخصيص يوم، لم يخصه الشارع، بصوم، فإن أصل الصوم في ذاته مشروع، وتخصيصه بيوم مخصوص، لم يخصه الشارع به، بدعة، فصاحب البدعة الإضافية يتقرب إلى الله تعالى بمشروع وغير مشروع، والتقرب إلى الله يجب أن يكون بمحض المشروع.

قال ابن تيمية: «البدعة لا تكون حقًا محضًا؛ إذ لو كانت كذلك لكانت مشروعة، ولا تكون مصلحتها راجحة على مفسدتها؛ إذ لو كانت كذلك لما اشتبهت على أحد، وإنما يكون فيها بعض الحق وبعض الباطل»(13).

السنة التركية:

السنة التركية: هي أن يترك النبي فعل أمر من الأمور مع كون موجبه وسببه المقتضي له قائمًا ثابتًا، والمانع منه منتفيًا، فإن فِعْلَه بدعة وتركه سنة.

مثال على ذلك: التأذين للعيدين أو الكسوفين فقد تركه النبي ولم يفعله مع قيام المقتضي على فعله، فكان تركه هو السنة؛ لتركه صلى الله عليه وسلم، وفعله هو البدعة.

وكذا استلام الركنين الشاميين في الطواف؛ فترك الاستلام لهما سنة وفعله بدعة.

قال الحافظ ابن حجر: «أجاب الشافعي عن قول من قال: ليس شيء من البيت مهجورًا، بأن لم ندع استلامها هجرًا للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به؟ ولكن نتبع السنة فعلًا أو تركًا...»(14).

وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في فتاواه: «وكذا ما تركه مع قيام المقتضي؛ فيكون تركه سنة، وفعله بدعة مذمومة، وخرج بقولنا مع قيام المقتضي في حياته إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وجمع المصحف وما تركه لوجود مانع؛ كالاجتماع للتراويح؛ فإن المقتضى التام يدخل فيه عدم المانع»(15).

وسئل السبكي الشافعي عن بعض المحدثات فقال: «الحمد لله، هذه بدعة لا يشك فيها أحد ولا يرتاب في ذلك، ويكفي أنها لم تعرف في زمن النبي ولا في زمن أصحابه، ولا عن أحد من علماء السلف»(16).

إذًا القاعدة: كل عبادة تركها السلف ولم يَجْرِ العمل بها وإن لم يرد بها النهي عنها دليل خاص وإن دلت عليها أدلة الشارع بعمومها فهي بدعة ضلالة، لأنه تركه مع وجود المقتضي لفعلها يدل على أن فعلها بدعة مذمومة(17).

والغرض أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون بالفعل تكون بالترك، فكما كلفنا الله تعالى باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله الذي يتقرب به كذلك طالبنا باتباعه في تركه، فيكون الترك سنة، والفعل سنة، وكما لا نتقرب إلى الله تعالى بترك ما فعل لا نتقرب إليه بفعل ما ترك، فالفاعل لما ترك كالتارك لما فعل، ولا فرق بينهما.

وكذلك قد يقع الابتداع بالترك كمن يحرم على نفسه شيئًا، أو يقصد تركه تدينًا، أو يتدين بضد ما شرع الله تعالى؛ لأن هذا معارضة للشارع، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة:87]، ففي الآية أن تحريم الحلال اعتداء لا يحبه الله تعالى(18).

الفرق بين البدع والمعاصي:

المعاصي والبدع فيها تعد على حرمات الله وتجن على شريعته، ولكن المعاصي والبدع تختلف بسبب اختلاف بواعثها وآثارها؛ لهذا ذكر العلماء فروقًا بينها، منها:

1- أن مرتكب المعصية قصده نيل غرضه وشهوته العاجلة، متكلًا على العفو ورفع الحرج الثابت في الشريعة، فهو إلى الطمع في رحمة الله أقرب، كما أن إيمانه لا يتزحزح في أن هذه المعصية ممنوعة شرعًا، وإنْ اقترفها فهو يخاف الله ويرجوه، والخوف والرجاء شعبتان من شعب الإيمان.

2- أن مرتكب المعصية ليس في ذهنه أن معصيته هذه من الشرع في شيء، فهو لا يعتقد إباحتها فضلًا عن أن يعتقد شرعيتها، كما أنه بمعصيته لم ينقص من الدين شيئًا، في حين أن المبتدع ببدعته قد جاء بتشريع زائد أو ناقص أو تغيير للأصل الصحيح، وكل ذلك قد يكون على انفراد أو ملحقًا بما هو مشروع، فيكون قادحًا في المشروع، ولو فعل أحد مثل هذا في نفس الشريعة عامدًا لكفر؛ إذ الزيادة والنقصان فيها أو التغيير قل أو كثر كفر، ولكن من فعل هذا بتأويل فاسد أو برأي خاطئ فإنه يكون مخالفًا لشرع الله، ولا أقل من أن تكون هذه المخالفة بدعة يمنعها الشارع منعًا قاطعًا(19).

حكم البدعة والابتداع:

وردت عن الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة نصوص متكاثرة في النهي عن الابتداع، وذم البدع وأهلها، وتفيد هذه النقولات إفادة قاطعة بتحريم البدعة والابتداع في الدين جملة، ومن ذلك:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم»(20).

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة»(21).

وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «اتقوا الله يا معشر القراء، خذوا طريق من قبلكم، فوالله، لئن سبقتم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، وإن تركتموه يمينًا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا»(22).

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة»(23).

وقال أبو إدريس الخولاني: «لأن أرى في المسجد نارًا لا أستطيع أطفيها أحب إلي من أن أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها»(24).

فالنصوص المتكاثرة تفيد قاعدة شرعية وتقررها على أتم وجه، وهي أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يرد الدليل الشرعي عليها، فلا يتعبد لله تعالى إلا بعبادة دل الدليل عليها، سواء من أصلها أو من جهة عددها أو هيئتها.

وقال ابن تيمية: «البدع هي مبادئ الكفر، ومظان الكفر، كما أن السنن المشروعة هي مظاهر الإيمان»(25).

فمع أن البدعة محرمة فقد تبلغ بصاحبها الكفر، فمن البدع المكفرة: اعتقاد بعض المبادئ الكفرية؛ كمقالات الفلاسفة مثلًا، وكالطواف على القبور بقصد التقرب لأصحابها ونحو ذلك.

فالحاصل: أن البدع كلها محرمة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة»، وأن ما سمي بدعة ولم يطلق عليه وصف الذم والتحريم فهو ليس بدعة في الدين، وأن البدع مع تحريمها في الجملة فإنها ليست على رتبة واحدة.

الأدلة المختصرة على تحريم الابتداع في الدين، ونصوص الأئمة في ذلك:

أولًا: من القرآن الكريم:

قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].

قال الشوكاني مناقشًا بعض المبتدعين في شيء من آرائهم: «فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟! إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم، وهذا فيه رد للقرآن! وإن لم يكن من الدين فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين؟!

وهذه حجة قاهرة ودليل عظيم لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدًا، فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي، وترغم به آنافهم، وتدحض به حججهم»، إذ «كل ما أحدث بعد نزول هذه الآية فهو فضلة، وزيادة، وبدعة»(26).

ثانيًا: من السنة النبوية:

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»(27).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي قوله: (كل بدعة ضلالة) بسلب عمومها؛ وهو أن يقال: ليست كل بدعة ضلالة؛ فإن هذا مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم أقرب منه إلى التأويل»(28).

وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها، فقالوا: (وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، قال أحدهم: (أما أنا فأنا أصلي الليل أبدًا)، وقال آخر: (أنا أصوم الدهر ولا أفطر)، وقال آخر: (أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا)، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)»(29).

ثالثًا: أقوال السلف من الصحابة ومن تبعهم من الأئمة:

أما  الصحابة فقد ذكرنا بعضًا من أقوالهم آنفًا، وأما مشاهير الأئمة فهذه بعض النقولات عنهم:

قال الإمام مالك: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا».

وقال الإمام الشافعي يقول: «ليس لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول إلا بالاستدلال»، إلى أن قال: «ولا يقول بما استحسن، فإن القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سبق»(30).

وقال الإمام أحمد: «أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة»(31).

وقال أبو حنيفة: «عليك بالأثر وطريق السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة»(32).

رابعًا: من المعقول: من وجهين:

الأول: أن التشريع حق لرب العالمين، وليس من حق البشر؛ لأن الله الذي وضع الشرائع ألزم الخلق الجري على سنتها، وصار هو المنفرد بذلك؛ لأنه حكم بين العباد فيما كانوا فيه يختلفون.

ولو كان التشريع من مدركات الخلق لم تتنزل الشرائع، ولم تبعث الرسل، وهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه ندًا لله؛ حيث شرع مع الله، وفتح للاختلاف بابًا، ورد قصد الله في الانفراد بالتشريع، قال الله عز وجل: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3].

وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21].

وقال عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].

الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لزامًا عليه أن يقوم بحق الرسالة، فيبلغ الإسلام غير منقوص.

قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]، ولقد فعل صلى الله عليه وسلم، وإلا فما بلغ رسالته، وحاشاه، فما انتقل إلى جوار ربه راضيًا مرضيًا إلا والدين كامل لا يحتاج إلى زيادة.

وقد أشار إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «إنه لم يكن نبي قبلي إلاَ كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم»(33).

وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم»(34).

وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»(35).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «من حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا من الوحي فلا تصدقه، إن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه} [المائدة:67](36).

ولهذا لما قال بعض المشركين لسلمان الفارسي رضي الله عنه: «إني أرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى الخراءة»، قال: «أجل، أمرنا ألا نستقبل القبلة، وألا نستنجي بأيماننا، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار، ليس فيها رجيع ولا عظم»(37).

نماذج عملية تبين منهج أهل السنة والجماعة، في التعامل مع البدع والتحذير منها:

وهذه آثار عن الصحابة الكرام، ومن أقوال علماء الأمة وأعلامها تبين لنا المنهج الصحيح في تلقي الشرع، وأنه لا مجال لتحسين العقل فيه، أو لتزيين الرأي به، وأن مورد ذلك كله النصوص الشرعية.

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: «باب العبادات والديانات والتقربات متلقاة عن الله ورسوله، فليس لأحد أن يجعل شيئًا عبادة أو قربة إلا بدليل شرعي»(38).

وقال ابن كثير رحمه الله، مناقشًا مسألة إهداء ثواب القراءة للموتى؛ حيث جزم بعدم وصولها، معللًا سبب المنع: «إنه ليس من عملهم، ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء»(39).

 وعلى هذا جرى السلف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة والتابعين:

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه»(40).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك»(41).

وقالت امرأة لعائشة رضي الله عنها: «أتقضي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟»، فقالت رضي الله عنها: «أحرورية أنت؟ كنا نحيض في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يأمرنا به»، أو قالت: «فلا نفعله»(42).

وعن نافع أن رجلًا عطس إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقال: «الحمد لله، والسلام على رسوله»، قال ابن عمر: «وأنا أقول: الحمد لله، والسلام على رسول الله، وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال»‏(43).

وقال الإمام الشافعي في كلمته المشهورة التي نقلها عنه أئمة مذهبه وعلماؤه: «من استحسن فقد شرع»(44).

وقد صح عن معاوية رضي الله عنه أنه كان يستلم أركان الكعبة الأربعة، فقال له ابن عباس رضي الله عنه: «إنه لا يستلم هذان الركنان»، فقال معاوية: «ليس شيءٌ من البيت مهجورًا»(45).

وزاد أحمد: فقال ابن عباس رضي الله عنهما: «{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}»، فقال معاوية رضي الله عنه: «صدقت»(46).

وفي قصة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، لما جاء إلى أولئك القوم المتحلقين في المسجد، ومعهم حصى يعدون بها التكبير والتهليل والتسبيح، فقال لهم رضي الله عنه: «فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمدٍ! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة»، قالوا: «والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير»، قال: «‏وكم من مريد للخير لن يصيبه»(47).

فهذه قصة جليلة، ترى فيها بجلاء كيف كان علماء الصحابة رضي الله تعالى عنهم يتعاملون مع العبادات بوسائلها ومقاصدها ونيات أصحابها، وبيان ذلك فيما يلي:

أ- قوم يذكرون الله تعالى، تكبيرًا وتهليلًا وتسبيحًا.

ب- استعملوا في ذكرهم حصى كـ (وسيلة) لعد هذا التكبير والتسبيح.

ج- نياتهم في عملهم هذا حسنة، يريدون به عبادة الله وذكره وتعظيمه.

د- ومع ذلك أنكر عليهم ابن مسعود هذا العمل ضمن هذه الوسيلة؛ لأنه لم يعهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم وجود المقتضي له في عصره.

هـ- رتب على عملهم المحدث هذا الإثم لمخالفتهم السنة، ومواقعتهم البدعة.

و- لم يجعل رضي الله عنه حسن نياتهم سبيلًا للتغاضي عن عملهم، أو دليلًا على صحة فعلهم؛ إذ النية الحسنة لا تجعل البدعة سنة، ولا القبيح حسنًا؛ بل لا بد أن يكون مع النية الحسنة والإخلاص موافقة للسنة، ومتابعة للسلف(48).

وعن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه رأى رجلًا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يكثر فيهما الركوع والسجود فنهاه، فقال: «يا أبا محمد، يعذبني الله على الصلاة؟»، قال: «لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة»(49).

قال الألباني رحمه الله: «وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى، وهو سلاح قوي على المبتدعة، الذين يستحسنون كثيرًا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة!! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك»(50).

وقال رجل للإمام مالك: «يا أبا عبد الله، من أين أحرم؟»، قال: «من ذي الحلَيفة، من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقال: «إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر»، قال: «لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة»، فقال: «وأي فتنة في هذه؟! إنما هي أميال أزيدها»، قال: «وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، النور:63](51).

فهذه الأدلة تدل على أن إخلاص أولئك في نيتهم لم يمنع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين ومن تبعهم من الإنكار عليهم بسبب عدم متابعتهم في أعمالهم تلك للرسول صلى الله عليه وسلم.

قواعد في معرفة البدع:

حاول عدد من الباحثين تقصي ضوابط التعرف على البدع، ومما ذكروه من قواعد في هذا الباب ما يلي:

1- العادة المحضة لا يدخلها الابتداع:

من مقررات اعتقاد أهل السنة اعتقادهم الحكمة في أفعال الله تعالى، فربنا سبحانه حكيم عليم بمصالح خلقه، لا يأمر بشيء إلا لحكمة قد يعرفها العباد وقد يجهلونها.

فالأحكام الشرعية الواضحة العلة والحكمة كالبيع والنكاح ونحوها، تسمى: عادات، أو أمور عادية، وأما المجهولة العلة التي شرعت من أجلها، وإن علمنا شيئًا من مصالحها، فهذه هي التعبديات أو الأمور التعبدية، فالعبادات لا إشكال أن الإحداث فيها ابتداع مذموم كما تقدم.

وأما العادات فإنها إن تمحضت عادة ولم يكن فيها شائبة تعبد لم يدخلها الابتداع، وإن كان فيها شائبة تعبد فقد يدخلها الابتداع في هذه الشائبة.

ومثال ذلك النكاح، فإنه من العاديات، فإن أحدث في الذي ليس فيه شائبة تعبد منه لم يكن بدعة مذمومة؛ مثل إقامة الزواجات في أماكن معينة، وكالتوسع في التكاليف، أو اتخاذ عادة في الاجتماع له، ونحو ذلك.

وأما إن حصل الإحداث في الذي فيه شائبة التعبد منه، فهو بدعة، كما لو ألغى المهر عن الزوج، وألزمته به المرأة؛ لأن الشرع قيد النكاح بمثل هذا القيد، فلم يكن للمكلف اختيار فيه، بخلاف الأول، فالعادة من حيث هي عادة لا بدعة فيها، ومن حيث التعبد بها أو وضعها وضع التعبد تدخلها البدعة.

وإذا فعلت العاديات على جهة تخالف الشرع، ووضعت على الناس كالدين الموضوع والأمر المحتوم عليهم دائمًا في أوقات محدودة، على كيفيات مضروبة، بحيث تضاهي المشروع الدائم الذي تحمل عليه العامة، ويؤاخذون به، وتوجب على الممتنع فيه العقوبة كما أخذ الزكاة.

مثال ذلك الضرائب والقوانين الوضعية التي تخالف الشريعة إذا صارت دينًا ونظامًا يتقرب به إلى الله فهي بدعة، أما الأنظمة أو القوانين التي لا تخالف الشريعة؛ بل توافق مقاصدها إذا وضعت بما يناسب الزمان والمكان، وحسب ما تقتضيه المصلحة فهذا ليس من البدع في شيء؛ مثل قوانين الإدارة والمرور.

والغرض: أن البدع لا تدخل في العادات إلا إذا قصد بتلك العادات التقرب إلى الله ومضاهاة الشريعة(52).

2- كل عبادة وردت مطلقة فتقييدها بدعة.

فالشرع قد حث على عبادات وأطلق وقت أدائها، فصلاة الليل عبادة مشروعة في كل ليلة، وصيام النفل المطلق مندوب إليه كل يوم، فمتى قيدت هذه العبادة، كأن خص القيام بليلة الجمعة مثلًا، أو الصيام بيوم؛ كالجمعة من كل أسبوع، دون معنى يخصه، فإن تخصيصه بذلك بدعة إضافية.

قال أبو شامة: «لا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع؛ بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع، وخصه بنوع من العبادة، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها؛ كصوم يوم عرفة وعاشوراء»(53).

وقال ابن تيمية: «من أحدث عملًا في يوم؛ كإحداث صوم أول خميس من رجب، والصلاة في ليلة تلك الجمعة، فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد القلب؛ وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله، وأن الصوم فيه مستحب استحبابًا زائدًا...؛ إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة»، إلى أن قال: «ومن قال إن الصلاة أو الصوم في هذه الليلة كغيرها، هذا اعتقادي، ومع ذلك فأنا أخصّها، فلا بد أن يكون باعثه إما موافقة غيره، وإما اتباع العادة، وإما خوف اللوم له، ونحو ذلك، وإلا فهو كاذب... فعلمت أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل ما جاءوا به عن الله»(54).

أما لو استند التقييد إلى سبب معقول؛ كجعل قراءة القرآن في وقت معين لكونه أفرغ من الأعمال، أو أهدأ من الأوقات؛ بحيث لو زال هذا السبب لزال التقييد، فإنه لا بأس به، ولا يكون من تقييد العبادة الذي يجعلها بدعة.

3- كل عبادة وردت مقيّدة فإطلاقها بدعة:

تأتي بعض العبادات مقيّدة بسبب معين، أو بمحل معين، فإذا طردها البعض دائمًا، أو في محل غير ما قيدت به، صارت بدعة من هذا الوجه.

مثال ذلك أن الطواف لم يشرع إلا حول الكعبة، ولم يشرع السعي بين جبلين سوى الصفا والمروة، فلو طاف أحد حول غير الكعبة أو سعى بين جبلين آخرين فهذه بدعة.

قال ابن رجب: «وليس ما كان قربة في عبادة يكون قربة في غيرها مطلقًا، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا قائمًا في الشمس فسأل عنه، فقيل: (إنه نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل وأن يصوم)، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقعد ويستظل وأن يتم صومه، فلم يجعل قيامه وبروزه للشمس قربة يوفي بنذرهما...، مع أن الصيام عبادة في مواضع أخرى؛ كالصلاة والأذان والدعاء بعرفة، والبروز للشمس قربة للمحرم، فدل على أنه ليس كل ما كان قربة في موطن يكون قربة في كل المواطن، وإنما يتبع في ذلك ما وردت به الشريعة في مواضعها»(55).

4- تغيير الحدود الشرعية المقدَّرة بدعة:

الأحكام الشرعية الثابتة المقدرة؛ كأنصبة المواريث، وعقوبات ارتكاب موجبات الحدود، جعلها الشارع أحكامًا ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل، فالتغيير فيها ابتداع في الدين؛ كمن زاد في الصلاة المفروضة، أو نقص منها، أو غير أنصبة الزكاة مثلًا(56).

 

5-  شروط اعتبار الفعل ذريعة إلى البدعة:

يشترط في أي فعل حتى يعتبر ذريعة مفضية إلى البدعة فيلتحق بها ثلاثة شروط:

1- أن يكون هذا الفعل مفضيًا إلى البدعة، ويكون كذلك بواحد من أمور ثلاثة:

أ‌- إظهار هذا العمل وإشهاره في مجامع الناس؛ كإقامة النافلة جماعة في المساجد، ولا سيما ممن يقتدى به.

ب‌- المداومة على هذا العمل والالتزام به.

ت‌- اعتقاد فضيلة هذا العمل، وتحري فعله عن قصد وعمد(57).

 وقد سئل الإمام أحمد: «تكره أن يجتمع القوم يدعون الله ويرفعون أيديهم؟»، قال: «ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا»(58).

قال الشاطبي: «وبالجملة؛ فكل عمل أصله ثابت شرعًا إلا أن في إظهار العمل به والمداومة عليه ما يخاف أن يعتقد أنه سنة فتركه مطلوب من باب سد الذرائع»(59).

2- أن يكون إفضاء هذا العمل إلى البدعة مقطوعًا به أو غالبًا، أما إن كان إفضاء هذا الفعل إلى البدعة حسب العادة نادرًا أو قليلًا فإنه لا عبرة بالقليل النادر؛ لأن الأحكام تبنى على الغالب.

3- ألَّا يترتب على اعتبار هذه الذريعة المفضية إلى البدعة بسدها والمنع منها مفسدة أخرى أعظم من مفسدة البدعة، فإذا كان كذلك قدم أدنى المفسدتين دفعًا لأعلاهما.

مثال ذلك: أن الإمام أحمد قيل له عن بعض الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار، فقال: «دعهم فهذا أفضل ما أنفقوا فيه الذهب»، قال ابن تيمية رحمه الله تعليقًا على ذلك: «مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة، وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه مفسدة كُرِه لأجلها، فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا وإلَّا اعتاضوا بفساد لا صلاح فيه؛ مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور؛ من كتب الأسمار أو الأشعار أو حكمة فارس والروم»(60).

2:00معاملة المبتدع:

الكلام على الناس، والحكم على أقوالهم وأفعالهم، وتقرير طريقة التعامل معهم، أو الموقف منهم مبناه العدل، والتزام أُصول وقواعد منهج أهل السنة.

 قال سبحانه: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8]، وحَرّم الله تعالى إيذاء المؤمنين أو الإساءة إليهم فقال: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58].

قال ابن تيمية: «ولما كان أتباع الأنبياء هم أهل العلم والعدل، كان كلام أهل الإسلام والسنة مع الكفار وأهل البدع بالعلم والعدل، لا بالظن وما تهوى الأنفس»(61).

ويمكننا من خلال تلمس مواقف وأقوال أهل العلم أن نبين معالم أساسية لطريقة التعامل مع المبتدع والموقف منه:

1- فأول هذه القواعد أن البدع متفاوتة وليست مرتبة واحدة:

وهذا سبق بيانه، وأصحاب البدع الذين خالفوا السنة في أصول عظيمة ليسوا كمن خالفها في أمور دقيقة، وبناءً عليه يراعى في التعامل مع أصحاب البدع مدى مخالفة بدعهم للسنة.

قال ابن تيمية: «وأصحاب ابن كُلّاب؛ كالحارث المحاسبي، وأبي العباس القلانسي ونحوهما خير من الأشعرية، وكلما كان الرجل إلى السلف والأئمة أقرب كان قوله أعلى وأفضل»(62).

وقال: «متكلمة أهل الإثبات من الكلابية والكرامية والأشعرية... فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف؛ بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم، لكن من كان بالحديث من هؤلاء أعلم كان بمذهب السلف أعلم، وله أتبع، وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها وقلة ابتداعها»(63).

2- إقامة الحجة شرط في التبديع:

فمن أتى ببدعة سواء كانت مكفرة أو دونها فإنه لا يُحْكم عليه بمقتضى هذه البدعة حتى تقام عليه الحجة، يقول ابن تيمية: «إني من أعظم الناس نهيًا أن يُنسب مُعَين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرًا تارة، وفاسقًا أخرى، وعاصيًا أُخرى، وإني أقرر أن الله غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية، والمسائل العلمية، وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية»(64).

3- لا يلزم أن يكون غير المبتدع أفضل منه:

فالتفاوت في درجات العباد والتفاضل بينهم يكون بحسب تفاضلهم في الأعمال الصالحة، وما يقوم بقلوبهم من إيمان وصدق وإخلاص، والمبتدع مع أنه قد لا يأثم ببدعته، إذا كان متأوّلًا مجتهدًا أو لم تقم عليه الحجّة مثلًا، فإنه لو كان آثمًا ببدعته فإن إثمه فيها كسائر المعاصي التي تقع من العباد.

يقول ابن تيمية: «وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكًا، فإن المنازع قد يكون مجتهدًا مخطئًا يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته»(65).

فليس مجرد عدم الابتداع معيارًا للتفضيل، وإن كان من أسباب الفضل؛ لأن الشخص الواحد قد يجتمع فيه ما يثاب عليه وما يعاقب عليه، والعبرة بالراجح منهما.

يقول ابن تيمية: «وإذا اجتمع في شخص واحد خير وشر، وطاعة وفجور، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بقدر ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة»(66).

وهذا باب من العدل والإنصاف عظيم يمتاز به أهل السنة.

4- لا يلزم من وقوع الشخص في بدعة، ولا من انتسابه لطريقة مبتدعة أن يخرج عن أهل السنة:

إذ ارتكابه للبدعة متى كان عن اجتهاد تأول لا يجعله مبتدعًا آثمًا، مع أنه ينكر عليه ويبيّن خطؤه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»(67).

وقد قرر ابن تيمية أن كثيرًا من مجتهدي السلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة لسبب من الأسباب، وهذا جعلهم معذورين، يشملهم قول الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286].

والبدع غير المغلظة لا يكون مرتكبها خارجًا عن أهل السنة وعن الفرقة الناجية، ولو كان آثمًا ببدعته، قال ابن تيمية: «وأما المرجئة فليسوا من هذه البدع المغلظة؛ بل دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة، وما كانوا يُعَدّون إلا من أهل السنة، حتى تغلّظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة»(68).

ومن كان قوله واعتقاده موافقًا لمنهج أهل السنة فإنه لا يخرج عنه بمجرد انتسابه لطائفة معينة تخالف أهل السنة؛ إذ العبرة بالحقائق والمعاني لا بمجرد الانتسابات والألقاب.

5- مراعاة المصالح والمفاسد:

الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، وهي ترجح خير الخيرين وتدفع شر الشرين، ولا يسوغ في هذه الشريعة دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع الضرر الخفيف بتحصيل ضرر عظيم.

وهذا الضابط يراعى، مع ما سبق، في طريقة الإنكار والاحتساب، وفي الاجتماع أو الاتفاق على شيء مخصوص؛ ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج بن يوسف، والمختار بن أبي عبيد الثقفي وغيرهما؛ لأن تفويت الجمعة والجماعة أعظم فسادًا من الاقتداء بإمام فاجر أو مبتدع.

وعلى كل حال فالنظر للمصالح والمفاسد من أصول التعامل مع المبتدع، فينظر في العمل هل مصلحته راجحة بحيث يفضي إلى ضعف الشر، فيكون مشروعًا، أو أنه يزيد الشر فلا يكون مشروعًا، وهذا بلا شك يتفاوت بتفاوت الأحوال والمصالح(69).

__________________

(1) رواه مسلم (866)، بدون ذكر: «وكل ضلالة في النار»، رواه النسائي في سننه (3/ 188-189)، من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، انظر: إرواء الغليل (3/ 73).

(2) الحوادث والبدع، ص40.

(3) الاعتصام للشاطبي، ت الهلالي (1/ 49).

(4) المصدر السابق (1/ 51)، (1/ 54).

(5) جامع العلوم والحكم، ت الأرنئوط (2/ 127).

(6) حقيقه السنة والبدعة = الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع، ص88.

(7) مجموع الفتاوى (4/ 107، 108).

(8) فتح الباري (13/ 254)، بتصرف يسير في العبارة.

(9) رواه مسلم (2363).

(10) عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها، ص177.

(11) انظر: علم أصول البدع، علي الحلبي.

(12) انظر: الاعتصام للشاطبي، ت الهلالي (1/ 367)، وما بعده.

(13) مجموع الفتاوى (27/ 172).

(14) فتح البارير (4/ 220).

(15) الفتاوى الحديثية، لابن حجر الهيتمي، ص200.

(16) فتاوى السبكي (2/ 549).

(17) مفهوم البدعة عند أئمة الشافعية، منتدى التوحيد.

(18) الإبداع في مضار الابتداع، ص43.

(19) مجلة البحوث الإسلامية (14/ 174).

(20) البدع، لابن وضاح (1/ 37)، الباعث على إنكار البدع والحوادث، ص14.

(21) أخرجه أبو الشيخ في تاريخ أصبهان، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في الشعب، بسند صحيح، كما قال الألباني، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/ 154)- ح1620.

(22) البدع، لابن وضاح (1/ 36).

(23) الباعث على إنكار البدع والحوادث، ص17، وصححه الألباني، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (6/ 527).

(24) البدع، لابن وضاح (2/ 78).

(25) مجموع الفتاوى (10/ 565).

(26) القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد، ص82.

(27) سبق تخريجه.

(28) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 93).

(29) رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401).

(30) الرسالة (1/ 21).

(31) أصول السنة، لأحمد بن حنبل، ص14.

(32) منازل الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، موسوعة سيرة السلف.

(33) رواه مسلم (1844).

(34) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (1647) بسند صحيح، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/ 416) ح 1803.

(35) رواه ابن ماجه، ت الأرنئوط (1/ 28) ح42، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/ 610) ح937.

(36) رواه البخاري (7531)، ومسلم (177).

(37) رواه مسلم (262)، وغيره.

(38) مجموع الفتاوى (31/ 35).

(39) تفسير ابن كثير، ت سلامة (7/ 465).

(40) رواه سنن أبي داود، ت الأرنئوط (162)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1/ 140) ح(103).

(41) رواه البخاري (1605)، ومسلم (1270).

(42) رواه البخاري (335)، ومسلم (321).

(43) رواه الترمذي، ت بشار (2738)، وصححه الألباني إسناده في إرواء الغليل (3/ 245).

(44) كالغزالي في المنخول، ص476، والمحلي في «جمع الجوامع (2/ 395)» بحاشيته.

(45) رواه البخاري (1608).

(46) المسند (1877).

(47) رواه الدارمي في سننه (210)، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/ 11).

(48) البراهين على ألا بدعة حسنة في الدين، (منتدى الرقية الشرعية، منتديات كل السلفيين).

(49) رواه البيهقى بسند صحيح، إرواء الغليل (2/ 236).

(50) إرواء الغليل (2/236).

(51) ذكره الشاطبي رحمه الله في «الاعتصام (1 / 174)»، الهروي في «ذم الكلام (3 / 115)» عن الزبير بن بكار، انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة، للألباني (1/ 377).

(52) راجع «الاعتصام»، للشاطبي، قواعد لمعرفة البدع، للجيزاني.

(53) الباعث على إنكار البدع والحوادث، ص51.

(54) اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 107).

(55) جامع العلوم والحكم، ت الأرنئوط (1/ 178).

(56) نقلًا عن: حقيقة البدعة والموقف من أهلها، د. هاني بن عبد الله بن جبير.

(57) كالاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم.

(58) اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 140)، قواعد لمعرفة البدعة، منتديات دار الحديث بمأرب.

(59) الاعتصام، للشاطبي، ت الهلالي (1/ 511).

(60) قواعد معرفة البدع، للجيزاني ص54.

(61) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لابن تيمية (1/ 107).

(62) مجموع الفتاوى (3/ 103).

(63) المصدر السابق (4/ 156).

(64) المصدر السابق (3/ 229).

(65) المصدر السابق (3/ 179).

(66) المصدر السابق (28/ 209).

(67) رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716).

(68) مجموع الفتاوى (3/ 357).

(69) انظر: حقيقة البدعة والموقف من أهلها، د. هاني بن عبد الله بن جبير.