logo

رسالة المسجد


بتاريخ : الخميس ، 3 ربيع الآخر ، 1439 الموافق 21 ديسمبر 2017
بقلم : تيار الاصلاح
رسالة المسجد

المسجد هو تسمية إسلامية لمكان العبادة، وقد لوحظ في هذه التسمية معنى الأصل الذي اشتقت منه الكلمة؛ وهو السجود، الذي يعني الخضوع الكامل لله سبحانه، ذلك الخضوع الذي يأخذ أسمى صوره في الصلاة، وفي ذلك الركن الخاص منها، الذي نقل إليه لفظ السجود، فكأن الصلاة أخص ما بني له المسجد.

ومكانة المسجد في الإسلام عظيمة جدًا، فهو العنصر الأساسي في حياة المسلمين، وكل الأنشطة التي يزاولونها بين جدرانه ترفع من شأنهم، وتقوي عقيدتهم، وتعلي كلمتهم، وتجعلهم مطبوعين بطابع الحيوية والإنجاز، ويعتبر المؤسسة الخالدة التي تمارس فيها الشعائر الدينية بدقة وضبط وانتظام، ويجسد بشكله المادي المعماري عظمة الإسلام، وقوته وهيبته وعزته، وهو أداة تركيز الإيمان في القلوب، ووسيلة اطمئنان النفوس، وانشراح الصدور.

وقد اتفق المصلحون على أن ليس هناك بديل آخر يفيد في الدعوة إلى الله، ويستطيع أن ينفذ إلى قلوب الناس، ويغرس فيها المثل العليا، مثل المسجد؛ في عطائه التربوي، وقدرته على مخاطبة المشاعر وتوجيهها نحو الخير ونشره، وتحمل المشاق في سبيل الدعوة إليه.

والمسجد في الإسلام، باعتباره بيت الله، {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} [الجن:18]، يحتل في نفوس المؤمنين مكانة عالية، ويحظى بهالة من الوقار والتعظيم والقدسية، ويذكر رواده بعظمة الخالق جل وعلا، فيستشعرون معيته، ويحسون بمناجاتهم إياه: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد»(1).

من أجل ذلك أكد الله تعالى أن عمارة مساجد الله لا تكون إلا من قبل من آمن بالله واليوم الآخر، وشهد لعُمّارها بالإيمان في قوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة:18].

وهكذا شهد الله بالإيمان لمن يعمر مسجده، وجعله من أهله في بيته، ونفى عن المشركين عمارتها، ومنعهم منها بقوله: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [التوبة:17].

ولقد عد رسول الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجلًا قلبه معلق بالمساجد.

والحديث عن رسالة المسجد في الإسلام حديث يتناول التحول الإنساني المنبعث من المساجد، التي هي أفضل البقاع في الدنيا، وأعز الأمكنة إلى المؤمنين، الذين يبحثون اليوم عن حياة السعادة والفلاح، ويريدون أن تكون أيامهم المستقبلية عزيزة مشرقة، كما كانت أيام سلفهم الصالح من قبل، ذلك السلف الذي أراد الله به خيرًا فحببها إليه، وتكون في ساحتها التكوين الذي مكنه من أن ينشر دين الله في الأرض.

قال الدكتور القرضاوي: «فكان المسجد النبوي مدرسة الدعوة الإسلامية الأولى، ودار الدولة الإسلامية الكبرى، تلك المدرسة التي فتحت أبوابها لمختلفي الأجناس من عرب وعجم، ومختلف الألوان من بيض وسود، ومختلفي الطبقات من أغنياء وفقراء، ومختلفي الأسنان من شيوخ وشباب وغلمان»(2).

وفتحت صدرها للمرأة تحضر الجماعة، وتشهد دروس العلم، في عصر كانت المرأة مخلوقًا لا حق له في العلم، ولا في مشاركة الرجل الحياة.

مدرسة تلقن العلم والعمل، وتطهر الروح والبدن، وتبصر بالغاية والوسيلة، وتعرف الحق والواجب، وتعنى بالتربية قبل التعليم، وبالتطبيق قبل النظريات، وبتهذيب النفوس قبل حشو الرءوس.

فلا غرو أن تخرج من الخلفاء أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ومن القواد أمثال أبي عبيدة، وخالد وعمرو، ومن القراء أمثال ابن مسعود وأبي بن كعب، ومن العلماء أمثال زيد بن ثابت وابن عباس، ومن فضليات النساء، أمثال فاطمة وعائشة وحفصة وأم عمارة وأم سليم.

كان المسجد المحمدي مدرسة الدعوة، وكان كذلك دار الدولة، فيه يهيئ النبي صلى الله عليه وسلم العمل للعاطل، والعلم للجاهل، والمعونة للفقير، ويرشد إلى الأمور الصحية والاجتماعية، ويذيع الأنباء التي تهم الأمة، ويلتقي بسفراء الدول، ويرتب جنود المعارك في الحرب، ويبعث الدعاة والمندوبين في السلم.

هكذا كان المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وظل كذلك في عهد أصحابه ومن تبعهم بإحسان.

يقول ابن باديس حول الرسالة الرائدة للمسجد في مجال التعليم: «المسجد والتعليم صنوان في الإسلام، من يوم ظهر الإسلام، فما بنى النبي صلى الله عليه وسلم يوم استقر في دار الإسلام بيته حتى بنى المسجد، ولما بنى المسجد كان يقيم الصلاة فيه، ويجلس لتعليم أصحابه، فارتبط المسجد بالتعليم كارتباطه بالصلاة، فكما لا مسجد بدون صلاة، كذلك لا مسجد بدون تعليم، وحاجة الإسلام إليه كحاجته إلى الصلاة».

ويبرز الشيخ ابن باديس الدور الإيجابي الذي تؤديه المساجد في تعليم وتثقيف العامة، فيقول: «إذا كانت المساجد معمورة بدروس العلم فإن العامة التي تنتاب تلك المساجد تكون من العلم على حظ وافر، وتتكون منها طبقة مثقفة الفكر، صحيحة العقيدة، بصيرة بالدين، فتكمل هي في نفوسها، ولا تهمل، وقد عرفت العلم وذاقت حلاوته، تعليم أبنائها، وهكذا ينتشر التعليم في الأمة ويكثر طلابه من أبنائها، أما إذا خلت المساجد من الدروس، كما هو حالنا اليوم في الغالب، فإن العامة تعمى عن العلم والدين، وتنقطع علاقتها به، وتبرد حرارة شوقها إليه، وتمسي والدين فيها غريب.

وما انتهى المسلمون اليوم إلى ما هم عليه، من انحراف في عقائدهم وسلوكهم، وجمود في فكرهم، إنما سببه هو انعدام التعليم الديني في المساجد، التي أصبحت مؤسسات رسمية خاضعة لتوجيهات الساسة...، ولن يرجى لهم شيء من السعادة الإسلامية إلا إذا أقبلوا على التعليم الديني، فأقاموه في مساجدهم كما يقيمون الصلاة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من إقامته بمسجده.

لقد تضاءلت وظائف المسجد في عصرنا الحاضر إلى درجة أن أصبح أحادي الوظيفة؛ إذ تنحصر وظيفته في صلاة الجماعة في أوقات الفرائض، وتقلص دوره إلى إقامة شعائرها فحسب(3).

وفي المسجد يتم البناء التربوي متكاملًا، وعلى هذا فلا سبيل إلى النهوض بالمسلمين فيما يتعلق بدينهم وتراثهم وبعث روح الإسلام الفاعلة في نفوسهم إلا برجعة واعية وحثيثة إلى رسالة المسجد، ولا تعني هذه العودة إلغاء كل ما وجد في حياتنا من تطورات مادية، وتوزيع لبعض الوظائف التي كانت للمسجد، فنغلق المدارس والأندية وسائر مراكز النشاط الاجتماعي والثقافي، لا؛ لا نقول ذلك، ولكن ما نريده هو أن تتضافر جهود المخلصين؛ لننقل إلى كل هذه الجهات، التي أخذت من وظائف المسجد، ننقل إليها روح المسجد؛ فتصبح هي بدورها امتدادًا فاعلًا لرسالة المسجد في حياة المجتمع.

ولكي تؤتي رسالة المسجد ثمارها المرجوة فيجب إعداد الأئمة للقيام بواجب الدعوة إلى الله والتوجيه والتعليم، ممن زُوِّدوا بعلوم القرآن والسنَّة واللغة العربية وآدابها، وممن درسوا المذاهب الفكرية والتيارات السياسية الموجهة للإسلام، وأن يكون الإمام قدوة طيبة، يعيش عصره بعلومه ومعارفه، ويفقه دينه بشرائعه وأحكامه، ويخشى ربه ويتقيه، ولكي يوفر هذا الأنموذج فلا بد من إعداده إعدادًا خاصًّا، وتوفير سبل الحياة الكريمة له(4).

ومعلوم أن المساجد منطلق لإشاعة التوجيه الديني، ومركز الإشعاع الروحي، ومحل أداء الفريضة الكبرى في الإسلام وشريعته الأولى، وهو المدرسة التي تلقى فيها أحكام الشريعة، وتعاليم الدين الحنيف، يجلو صدأ القلوب، ويخلصها من أدران المادة الطاغية، يغذي النفوس، وينير العقول، وهو مأوى أفئدة المؤمنين، وملتقى المصلين، الذين يتلقون فيه كل يوم خمس مرات دروسًا عملية في المساواة والطاعة والانقياد لرب العالمين.

ويعيش رواد المسجد فترة في حياتهم تصلهم بالسماء، وتفتح لهم نوافذ مضيئة، وتثبت أقدامهم في الأرض، وتشعرهم أنهم على أرض صلبة، لا تدنسها الأوحال، ولا تزل فيها الأقدام.

والمسجد مركز الجماعة المسلمة، ونقطة تجمعها ولقائها، ومكان تشاورها وتبادل أرائها، ومركز العلم والتعلم فيها، ودار العدل والقضاء، والخلية الاجتماعية الطاهرة التي تنبض بالحياة، يؤدي رسالة نبيلة تتمثل في تعليم كتاب الله تعالى ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ويعتبر منتدى عامًا مفتوحًا أمام الجميع، ونزلًا للضيف والغريب، وملجأً للمسكين، وروافد للتعليم الأصيل(5).

وللمسجد دور حقيقي في قيادة وتوجيه المجتمع الإسلامي، فقد حدثنا التاريخ أنه في صدر الإسلام، وعبر عصور تاريخه الحافل بالأمجاد، أدى وظائف وخدمات عظيمة، دينية وعلمية واجتماعية وصحية وسياسية وعسكرية، فقد كان في حياته صلى الله عليه وسلم، وحياة خلفائه من بعده، ينبض بالحياة والحركة، فهو المسجد والمعبد والمنتدى والمستشفى والمدرسة والجامعة والمحكمة وبيت الشورى ومركز الدعوة والإفتاء، وملجأ الغريب والفقير وابن السبيل، الذين يجدون فيه الراحة والاطمئنان، والعون على الحاجات الضرورية لكل إنسان.

وإذا كان الإسلام قد حض على العلم وأمر بالتعلم، واعتبر القرآن الكريم التعليم من وظائف النبي صلى الله عليه وسلم وعمله، إذ يقول: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة:129]، فقد اتخذ المسجد النبوي أول معاهد العلم في زمنه صلى الله عليه وسلم إلى جانب مسجد قباء والمساجد الأخرى المشيدة بعده بالمدينة، والتي ذكرها الإمام السهيلي بقوله: «كانت مساجد المدينة تسعة، سوى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كلهم يصلون بأذان بلال»(6).

وذكر الغزالي في فاتحة العلوم عن مكحول أن عشرة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم حدثوه فقالوا: كنا ندرس العلم في مسجد قباء، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تعلموا ما شئتم أن تتعلموا فليس يأجركم الله حتى تعملوا»(7.(

إن المسجد الذي صلح به أول هذه الأمة هو الذي سيصلح به آخرها، وإن التأثير العجيب الذي أحدثه في المشرق هو نفسه الذي أحدثه في المغرب، والتعليم المسجدي هو الذي يحافظ على الأصالة ويركز الهوية في النفوس، ويجعل الطفل ينمو معه مداركه في جو مشحون بالإيمان بالله، وزاخر بالحنان العائلي في إطار الرغبة والرجاء في الله، وحافل بأسباب المحبة والعطف التي تسيطر على أطفاله، وتربط فيما بينهم برباط من الحياء والإخاء والتعايش العفوي، وتجعل مربيهم بدوره يحنو عليهم حنو الإسلام، الممزوج بالجد والإخلاص، والمطبوع بالدفء الرباني المعين في مراحل تكوينهم، وطبعهم بطابع العلم والإيمان والإحسان.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم»(8).

قال الحسن البصري: «أيها المؤمن، لن تعدم المساجد إحدى خمس فوائد؛ أولها: مغفرة من الله تكفر ما سلف من الخطيئة، وثانيها: اكتساب رجل صالح تحبه في الله، وثالثها: أن تعرف جيرانك فتتفقد مريضهم وفقيرهم، ورابعها: أن تكف سمعك وبصرك عن الحرام، وخامسها: أن تسمع آية تهديك».

المسجد في عهد سلفنا الصالح كان مدرسة الأجيال، وملتقى الأبطال، خرج من بين جنباته المفسر للقرآن العالم به، والمحدث والفقيه والخطيب، والمجاهد، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والداعي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت رحاب المساجد آنذاك قادة الدنيا، الذين غيروا وجه التاريخ، وأصبحت سيرتهم غُرّة في جبين الزمن، وأنموذجًا لم تعرف البشرية مثله، ولكم أن تسألوا: وما هي تلك المساجد العظيمة التي أخرجت هؤلاء العظماء؟ إنها مساجد بنيت من الجريد وسعف النخيل، إنها مساجد بنيت من الطين، قد تجد فيها سراجًا ضعيفًا وقد لا تجده، إنها مساجد لم تكن مكيفة ولا منمقة ولا مزخرفة، لا، لكن أخرجت أولئك العظماء؛ لأن العبرة بأهل الدار وليس بالدار، فهل من نظرة بعين العبرة لحال مساجدنا ومساجدهم، ما عرف التاريخ في مساجد فيها وسائل الراحة كمساجد الناس اليوم، ولكن أين الخريجون منها؟!

وسائل تفعيل إحياء رسالة المسجد:

1- الوسيلة الأولى: عقد الدروس الشرعية والدورات العلمية: وذلك بواسطة العلماء وطلاب العلم في شتى صنوف العلوم الشرعية، من عقيدة وفقه وحديث وتفسير وغيرها، وذلك بين الفينة والأخرى، لا سيما في مواسم العُطَل والإجازات.

ومما يدل على أن المسجد كان مهد مثل هذه الدروس العلمية قصة أبي هريرة رضي الله عنه حين مر بسوق المدينة، فوقف عليها فقال: «يا أهل السوق، ما أعجزكم!»، قالوا: «وما ذاك يا أبا هريرة؟»، قال: «ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم ها هنا! ألا تذهبون فتأخذوا نصيبكم منه!»، قالوا: «وأين هو؟»، قال: «في المسجد»، فخرجوا سراعًا، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: «ما لكم؟»، فقالوا: «يا أبا هريرة، قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نرَ فيه شيئًا يُقْسَم»، فقال لهم أبو هريرة: «وما رأيتم في المسجد أحدًا؟»، قالوا: «بلى، رأينا قومًا يصلون، وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يتذاكرون الحلال والحرام»، فقال لهم أبو هريرة: «ويحكم! فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم»(9).

ولهذا كان الواحد من السلف إذا أراد أن يطلب العلم توجه، أول ما يتوجه، إلى بيت الله؛ فعن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئ على برد له أحمر، فقلت له: «يا رسول الله، إني جئت أطلب العلم»، فقال: «مرحبًا بطالب العلم، إن طالب العلم تحفّه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضًا حتى يبلغوا السماء الدنيا، من محبتهم لما يطلب»(10).

وقد ألمح صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حين قال: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده»(11)، والشاهد من الحديث قوله: «في بيت من بيوت الله»؛ وذلك لأن الغالب في حلقات القرآن وفي دروس العلم أن تكون في بيوت الله، ومن أولى أولويات الدروس العلمية: حلقات تحفيظ القرآن الكريم للناشئة؛ فما زالت مساجد المسلمين عامرة منذ القديم بمثل تلك الحلقات التي يتخرج فيها حفظة كتاب الله، وهناك بعض المساجد تجعل حلقات التحفيظ في مدرسة أو دار خاصة بالتحفيظ مستقلة عن المسجد، مستقلة عنه حسب الظروف.

2- الوسيلة الثانية: إلقاء المحاضرات والندوات: والمقصود بذلك المحاضرات التي يحتاجها المسلمون في حياتهم، وهذه تختلف عما سبق من حيث إنها لا تركز على شريحة معينة من المجتمع كطلبة العلم؛ بل تتوجه إلى عموم الناس؛ المتعلم وغير المتعلم، من النساء والرجال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير»(12)، وإن من أهم المواضيع العامة التي يحتاجها الناس كلهم بيان أركان الدين الخمسة، وأعظمها الصلاة، وحث الناس على أدائها في جماعة، خصوصًا فريضة الفجر؛ فما بنيت المساجد إلا للصلاة وذِكْر الله، ومن المواضيع المناسبة في هذا الموطن ما يتعلق بالأسرة والبيت وتربية النشء، ومسائل النكاح والطلاق والمشاكل الاجتماعية والأسرية التي تعاني منها كثير من بيوت المسلمين.

3- الوسيلة الثالثة: إلقاء بعض الكلمات والمواعظ الموجزة: يتم إلقاؤها بين فينة وأخرى، يستفيد منها جميع روّاد المسجد، خاصة أهل الحي، على أن يُرَاعى في ذلك كله الأوقات المناسبة؛ حتى لا يملّ الناس، وهكذا كان هديه صلى الله عليه وسلم؛ فقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا»(13)؛ هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس موعظة، وهؤلاء هم الصحابة أحب العالمين للموعظة، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يذكّر الناس كل خميس اتباعًا لهدي النبي الكريم.

والمهم في هذا الأمر عدم إملال الناس وتنفيرهم، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال؛ فقد يكون التذكير يومًا بعد يوم، أو يومًا بعد يومين، وقد يكون أسبوعيًا، والضابط في ذلك كله هو الحاجة مع وجود النشاط.

4- الوسيلة الرابعة: إنكار المخالفات الشرعية نصحًا لعامة المسلمين: وذلك عند وقوع أحد منهم في مخالفة داخل المسجد، وقد جاءت السنَّة بالنهي عن أمور تتعلق بالمساجد؛ كالبيع والشراء فيها، ونشدان الضالة، ورفع الأصوات؛ ونحو ذلك.

ولعلِّي أضرب مثالًا واحدًا لإحدى المخالفات التي أعتقد أنها منتشرة، وقلّ أن يخلو منها مسجد، تلك هي المرور بين يدي المصلي، والمرء يعجب أشد العجب من تهاون الناس في هذا الأمر؛ فالمار لا يبالي كثيرًا بأخيه المصلي؛ بل لا يبالي بإخوانه المصلين، فتجده يقطع صفوف المصلين واحدًا تلو الآخر، وكأنه لم يقع في محرم بَلْهَ كبيرة من كبائر الذنوب.

هذا مثال واحد من المخالفات في بيوت الله جل وعلا، وإذا كان نشدان الضالة وإشهار السلاح ونحوها يندر أن تقع في المساجد اليوم، فهناك ما هو أشد منها؛ كإصدار النغمات الموسيقية أو الأغاني عبر الهواتف المحمولة، وغيرها من الأمور التي تحرم في كل مكان فضلًا عن المساجد، والتي هي أحب البقاع إلى الله.

5- الوسيلة الخامسة: إماتة البدع وإحياء السنن: يجب التعاون على إماتة البدع والخرافات من المسجد إن وُجدت، ثم إحياء السنن التي أُميتت وما أكثرها! والبدع هي من المخالفات التي ينبغي القيام بالنصيحة عند حدوثها، ولكني أفردتُ البدع عن سائر المخالفات لفداحة الآثار المترتبة على ارتكابها مقارنة بالمخالفات التي تم الإشارة إلى بعضها؛ فالبدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها، كما قال سفيان الثوري رحمه الله، ولست بحاجة لأن أعدّد البدع، فالبدع التي تكثر في المساجد من بدع الاحتفالات بالمناسبات الحولية؛ مثل الاحتفال بالمولد النبوي، أو الاحتفال بليلة النصف من شعبان، أو غيرها من المناسبات، وكذلك البدع المتعلقة بالأذان وبالأذكار دبر الصلوات، وكلها مما ينبغي التعاون على إزالته.

6- الوسيلة السادسة: بناء المساجد وتشييدها: والنصوص الدالة على فضل بناء المساجد كثيرة، من أشهرها حديث عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من بنى مسجدًا لله يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتًا في الجنة»(14)، وفي رواية: «بنى الله له مثله في الجنة».

وإن التوسع العمراني في المدن من أهم الدواعي في الإكثار من بناء المساجد وتشييدها، فينبغي حث أهل الغنى والجِدَة على بناء المساجد، خصوصًا في المناطق النائية، أو المجمعات السكنية التي يقطنها أعداد كبيرة من المسلمين، وكذلك الشركات التجارية الضخمة، التي يرتادها مئات الموظفين يوميًا.

ومن أهم المحاذير المتعلقة بتشييد المساجد، والتي ينبغي الحذر منها: الإسراف والتبذير في البناء ومتعلقاته، ومن أبرز مظاهر التبذير، التي قلّ أن يخلو منها مسجد: الزخرفة والتزيين؛ فإن ذلك فضلًا عن أنه منهي عنه(15)؛ ففيه من الإسراف والتبذير الشيء الكثير؛ بل فيه إضاعة لأموال المسلمين فيما لا فائدة فيه، وقد نُهِينا عن إضاعة المال، بالإضافة إلى إشغال المصلي عن صلاته التي هي سبب وجود المسجد، والأَوْلى صرف مثل هذه الأموال فيما يتطلبه المسجد من حاجات بعد البناء؛ كترميمه، أو تنظيفه، أو نحو ذلك.

7- الوسيلة السابعة: تعويد الصبيان على ارتياد المسجد: لا سيما المميزين منهم؛ مع تعليمهم آداب المسجد، وكان الصبيان، المميِّز منهم وغير المميِّز، في عهد السلف يدخلون المسجد، وكل ما ورد من أحاديث في منع الصبيان من دخول المسجد فلا تصح، ويردُّها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة، ولا ينبغي تنفير الأولاد من بيوت الله بحجة أنهم مصدر إزعاج للمصلين، أو سبب لذهاب الخشوع في الصلاة؛ فهذه حجج واهية، وما وسع الصحابة ينبغي أن يسعنا، ومثل هذا الإزعاج إن صدر يمكن معالجته بأساليب صحيحة أخرى، غير الطرد من المسجد، فإن الطرد فيه مفاسد كثيرة، أولها بُغض الصبي للمسجد، ونفرته منه، لا سيما إذا كبر، وكفى بهذه مفسدة، والشارع الحكيم حرص على ترغيبهم في الصلاة بالمسجد لا تنفيرهم منه، بالإضافة إلى أن تعويدهم الحضور للمسجد فيه فوائد أخرى عدا أداء الصلاة، ومن ذلك رؤيتهم منظر التلاحم بين المسلمين بمختلف فئاتهم، ولمسهم معالم التآخي بين المصلين، فينشئون على مثل هذه المفاهيم، وإذا حضروا الجمعة تعلموا أدب الإنصات وحُسن الاستماع، هذا إذا كانوا غير مميِّزين، أما المميِّز منهم فإنه لا شك سيستفيد مما يسمع من خطبة أو محاضرة، وسيتعلم الأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية، والتي سينقلها إلى أهل بيته لاحقًا؛ فإن الاستجابة في الناشئة أسرع منها في الكبار، وكما قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا       على ما كان عوّده أبوهُ

8- الوسيلة الثامنة: مكتبة المسجد: إنَّ إنشاء مكتبة للاستعارة والمطالعة بداخل المسجد، أو بجانبه، تحت إشراف طلبة العلم المميزين، من مستلزمات إقامة الدروس العلمية، والدورات الشرعية، التي سبقت الإشارة إليها، فلا شك أن طلبة العلم سيحتاج أكثرهم لشيء من الكتب والمراجع الموثوقة، من أجل الدروس والمحاضرات، وليحذروا من كتب المبتدعة وأهل الضلال.

ويجب تشجيع أهل المسجد ورواده على زيارة المكتبة، وحثهم على القراءة؛ إذ هي الغاية من وجود المكتبة.

وينبغي تحديد أوقات معلومة لفتح المكتبة وإغلاقها، ووضع نظام للاستعارة، وكذلك الإعلان عن كل مادة جديدة في المكتبة.

9- الوسيلة التاسعة: تعيين أئمة وخطباء من أهل العلم والإصلاح: إن كل ما ذكر من وسائل لتفعيل دور المسجد متوقف على طبيعة القائمين على بيوت الله، ويأتي في أولهم إمام المسجد وخطيبه، وكذلك مؤذنه، والأصل في هذه الوسيلة هو قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله»(16)، ففيه بيان أهمية هذه الولاية، وأنه ليس كل أحد أحق بها، وأكثر كتب الحديث وكتب الفقه تحدثت عن الإمامة والخطابة والأذان في أبواب خاصة، حيث يتم ذكر الصفات الواجب توفرها في كل من إمام المسجد وخطيبه ومؤذنه؛ بل أُفرِدَ هذا الأمر بالتصنيف في كتب مستقلة؛ لأهمية الدور المنوط بهؤلاء القائمين على بيوت الله.

يقول الشيخ خير الدين وانلي: «ولا يمكن للمسجد أن يقاوم السينما والمدارس التبشيرية واللادينية إلا إذا كان المسئولون عنه ذوي مستوى عالٍ من الثقافة الإسلامية والنخوة الإسلامية والوعي الإسلامي، وإلا إذا حرصت وزارات الأوقاف الإسلامية على العناية بإعداد هؤلاء المسئولين، وكلما كان المسئولون عن المسجد محتسبين لوجه الله كانت الفائدة منهم أكبر»(17).

ولعل من الأساليب الحديثة في إعداد مسئولي المساجد عقد الدورات التدريبية لهم، خصوصًا للأئمة منهم؛ بهدف تعليمهم ما قد يجهلونه من أحكام تخص المسجد وتنمية معارفهم، وهذا التثقيف والتحصيل من متطلبات الولاية التي تقلدوها، وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه؛ إذ كيف نرجو قيام المسجد برسالته وبدوره الفعال والقائمون على المسجد من أجهل الناس، وأدناهم ثقافة ووعيًا؟

10- الوسيلة العاشرة: اللقاءات مع أهل الحي: إن قيام المسجد بأنشطة مختلفة، علمية ودعوية واجتماعية وثقافية وغيرها، يتطلب تقييمًا لمثل هذه الأنشطة بين فترة وأخرى؛ لأنها تبقى أولًا وأخيرًا أعمالًا بشرية، يعتريها النقص ويكتنفها الخلل، ومن أحسن الأساليب لعمل مثل ذلك التقييم عقد لقاء دوري يجمع أهل الحي بإمام المسجد أو من ينوب عنه، لمراجعة أحوال المسجد وشئونه(18).

إن الحياة المعاصرة قد تبدو، في ظاهرها، مستغنية أو معرضة عن توجيه المسجد، لكن حقيقتها أنها أشد ما تكون حاجة إلى هذا التوجيه، بشرط أن يرتفع هذا التوجيه إلى مستوى يجعله أهلًا لأن يستمع إليه، قادرًا على الصمود عند مقارنته بسواه، متجاوزًا هذا المدى لينتزع التسليم بحقه في الهيمنة على كل ما عداه، ثقة فيه واطمئنانًا إليه واستشرافًا للمنفعة الحقيقية فيه.

والمساجد هي أحب البقاع إلى الله، وهي المنطلق الأكبر للدعوة إلى الله، وهي التي قال الله عنها: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)} [النور:36-37].

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ للمساجد أوتادًا؛ الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم»، ثم قال: «جليس المسجد على ثلاث خصالٍ: أَخ مستفاد، أو كلمة محكمة، أو رحمة منتظرة»(19)، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسجد بيت كل تقي»(20).

دور المسجد في بناء كيان الأمة:

المسجد هو أول المؤسسات التي انطلق منها شعاع العلم والمعرفة في الإسلام، وهو يحمل خاصية أساسية بالنسبة للمجتمع المسلم، وهو مصدر الانطلاقة الأولى لدعوة الإسلام ونبع الهداية الربانية.

قال ابن تيمية رحمه الله: «وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى: ففيه الصلاة والقراءة والذّكر؛ وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم»(21).

ومن خلال المسجد يحصن المجتمع من انتشار الفاحشة والرذيلة، قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45].

قال القرطبي رحمه الله: «فالصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر، وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة، والصلاة تشغل كل بدن المصلي، فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه وادكر أنه واقف بين يديه، وأنه مطلع عليه ويراه، صلحت لذلك نفسه وتذللت، وخامرها ارتقاب الله تعالى، وظهرت على جوارحه هيبتها، ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة»(22).

ومن خلال المسجد تبثُّ روحُ الوحدة والاجتماع بين أفراد المجتمع؛ فمن أهم وظائف المسجد التربوية أنه يعوِّد المسلمين على التزام الجماعة، والارتباط بها عدة مرات في اليوم الواحد، حيث يستشعر المسلم أهمية أن يكون مع إخوانه، يؤدون شعائر دينهم، وهم في ذلك سواسية كأسنان المشط حين وقوفهم أمام الله سبحانه، فهم متساوون موحدون متوحدون(23).

ومن خلال المسجد تَعُمُّ روحُ الأخوة والتعارف بين المؤمنين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]، إن التعارف قاعدة من قواعد الآداب الإسلامية؛ بل هو ضرورة من ضرورات التعامل بين الناس، فالجار يحتاج إلى جاره، ولا يمكن أن يتعامل معه إلا إذا تعارفا، وكل واحد من الناس قد يحتاج إلى غيره، فكيف يتعامل معه بدون تعارف بينهما؟ والمسجد كفيل بإيجاد تعارف أخوي إيماني لا ينسى؛ ذلك أن المصلين في الحي الواحد لا يلتقون في المسجد غالبًا إلا لأداء صلاة الفريضة، أما إذا كانت تربطهم حلقات الدرس في المسجد فإن لقاءهم يكون أكثر، وكذلك صلاة العيدين والجمعة وغيرها.

فالمسجد بوتقة لا بد منها؛ لتنصهر فيها النفوس، وتتجرد من علائق الدنيا، وفارق الرتب والمناصب، وحواجز الكبر والأنانية، ثم تتلاقى في ساحة العبودية الصادقة لله عز وجل بصدق وإخلاص(24).

ومن خلال المسجد تُصحح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، وترد الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه، بأسلوب مقنع حكيم، بعيدًا عن المهاترة والسباب، ومواجهة الأفكار الهدامة بتقديم الإسلام الصحيح.

***

________________

(1) أخرجه مسلم (482).

(2) العبادة في الإسلام، ص233.

(3) الإسلام والعصر، ص181.

(4) مشكلات الشباب، الحلول المطروحة والحل الإِسلامي، ص129-131.

(5) خطبة الجمعة وقضايا العصر، ص17.

(6) مسالك الأبصار (1/ 131).

(7) فاتحة العلوم، ص19.

(8) مجموع الفتاوى (5/ 118).

(9) صحيح الترغيب والترهيب (83).

(10) أخرجه مسلم (2699).

(11) شرح مسلم، للنووي (17/ 24).

(12) أخرجه البخاري (66).

(13) فتح الباري (1/ 214).

(14) أخرجه أبو داود (449)، وابن ماجه (739).

(15) أخرجه البخاري (6862)، ومسلم (1715(.

(16) أخرجه مسلم (1078).

(17) المسجد في الإسلام، لخير الدين وانلي.

(18) كيف نحيي رسالة المسجد، مجلة البيان (العدد:232).

(19) صحيح الترغيب والترهيب (1/ 252).

(20) المصدر السابق (1/ 253).

(21) الفتاوى الكبرى (5/ 118).

(22) تفسير القرطبي (13/ 348).

(23) الأثر التربوي للمسجد، المكتبة الإسلامية.

(24) الأثر التربوي للمسجد، ص8.