خطبة العيد بين التقليد والتجديد
العيد مناسبة عظيمة، يجتمع فيها ما لا يجتمع في غيرها من الناس، فيخرج الرجال والنساء، والكبار والصغار، حتى الحيض وذوات الخدور، كما في حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: «كنا نؤمر أن نَخرج يوم العيد حتى نُخْرِجَ البكر [وهي التي لم تتزوج بعد] من خدرها، حتى نخرج الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وَطُهْرَتَهُ»(1)؛ أي: التطهر من الذنوب فيه وما يحصل فيه من الأجر والبركة، رجاء بركة المشهد الكريم.
وعنها رضي الله عنها قالت: «أُمِرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور فيشهدان جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحيض عن مصلاهن.
قالت امرأة: (يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب؟)، فقال صلى الله عليه وسلم: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها)»(2).
هذا يدل على تأكيد خروج النساء إلى العيدين؛ لأنه إذا أمرت المرأة أن تلبس من لا جلباب لها، فمن لها جلباب أولى أن تخرج وتشهد دعوة المؤمنين رجاء بركة ذلك اليوم(3).
ولا شك أن اجتماعًا كهذا ينبغي أن يكون له أهمية خاصة لدى الدعاة، فالاهتمام بخطبة العيد ينبغي أن يكون على قدر هذه المناسبة الجليلة، التي لا تتكرر إلا مرتين في العام.
ومع ذلك فإن الوقت المتاح لهذه الخطبة ليس كثيرًا؛ وهذا مما يصعب الأمر على الدعاة، فضيق الوقت يحتاج إلى عبارات أكثر تركيزًا وإفادة؛ حتى يثمر هذا اللقاء الطيب ثمارًا طيبة.
ومع ذلك فإن بعض الدعاة يعتبر أن خطبة العيد مناسبة عادية تقليدية، فلا يهتم بها ولا يستعد لها؛ بل ما قيل العام الماضي وقبل الماضي هو ما سيقال هذا العام والعام المقبل إن قدر الله له الحياة.
خطبة عقيمة مملة تتكرر كل عام، يستطيع البعض أن يقرأها على الداعية قبل اللقاء، الغالبية من الناس تعرف ماذا سيقول، حتى بات لدى الناس ملل من التكرار، وأصبح البعض يذهب عقب الصلاة مباشرة دون الاستماع للخطبة، فالأمر معروف لديه، ولا جديد.
والأهم من ذلك أن الخطب التي تفرض على الدعاة الرسميين، التي خلت من كل معاني الخطبة، وتحولت إلى بيان يلقى على مسامع الناس، يستطيع أي إنسان يجيد القراءة أن يتلوه على المستمعين، فالخطبة، مجازُا، في هذه الحالة بلا روح؛ بل وبلا قيمة.
صحيح أن العلماء يربطون بين الخطبة وبين ما يريده الداعية من المناسبة الحالية، من الحديث عن العبادة بعد رمضان مثلًا في عيد الفطر، ومن أحكام الأضحية مثلًا في عيد الأضحى، إلا أن هذا الأمر ليس إلزاميًا، وليس بالضرورة أن يكون الحديث كله عن هذا الأمر أو ذاك، ولكن على الداعية أن يوطن نفسه على إدارة وقت الخطبة، فيشمل موضوعًا عامًا وقضية هامة تفيد هذا الجمع الحاشد، الذي قلما يجتمع إلا في هذه المناسبات، فيعمل على تناول قضية كبرى ذات أهمية عظيمة لإفادة ما يمكن إفادته من الناس.
بل إن الداعية الفطن اللبيب الذي يستطيع أن يربط بين العيد والأحداث الكبار التي تمر بها الأمة، فعلى سبيل المثال قضية الأضحية والمعاني التي أرادها الله من الأضحية {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج:37]، ومن هذه الآية يستطيع الداعية أن يربط بين الأضحية وغيرها من الموضوعات الهامة، أليس من تقوى الله تعالى الشعور بأمتنا المصابة الجريحة، أليس من تقوى الله تعالى العمل على وحدة الأمة ولم شملها، أليس من تقوى الله تعالى نصرة المستضعفين وإغاثة الملهوفين، وغيرها من المعاني التي تدل على تقوى الله تعالى واستشعار رقابته جل وعلا.
إن نظرة متأنية إلى خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ليجد ما يبرهن على صحة ذلك، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف»(4).
فالقضية إذن قضية أمة تحتاج من يحمل همها ويدافع عنها، فإذا تخلى عنها الدعاة فمن لها:
فمن سها عن نوقه جنح الظلام يتولى رعيها راعي الحمام
بل من العجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم ليحرك المجتمع كله إلى حالة من التكافل والشعور بالآخرين ومعاونتهم ومساعدتهم، فقد أخبر عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: «قام النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بالصلاة ثم خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء صدقةً».
قيل لعطاء: «أترى حقًا أنه على الإمام الآن أن يأتي النساء فيذكرهن حين يفرغ؟»، فقال: «إن ذلك لحق عليهم وما لهم ألا يفعلوا»(5).
إننا بحاجة ماسة إلى من يجدد للأمة دينها، إلى من ينقلها من حالة اللاوعي التي سقطت فيها إلى حالة الوعي التي تنهض من خلالها، نحتاج للأمة أن تنهض من جديد، أن تقيم للعالم حضارتها المجيدة، ولا يمكن أن يكون ذلك من خلال ترديد الخطب والكلمات التي تردد منذ سنوات، إن الأمة بحاجة إلى من يوقظها من غفلتها، ويرفع من همتها، ويجاهد ويكافح من أجل بقائها في القيادة والريادة، والله غالب على أمره.
إن شعور بعض الدعاة بعجزهم وضعفهم، وعدم جدوى خطبهم وكلماتهم؛ إن هذا لهو الخزي المهين، والذل المستبين، إن غفلة بعض الدعاة عن دورهم الهام هو ما يجعلهم يسأمون وييأسون من إمكانية التغيير والإصلاح، وبالتالي لا أهمية عندهم للكلمات، ولا جدوى للخطب والمواعظ، فكلماتهم ميتة لا حياة فيها، وخطبهم مملة لا خير فيها.
إننا نريد أن ننتقل بالأمة من حالة الغثائية هذه واللامبالاة إلى مرحلة تهتم لشأنها، وتسعى لإصلاح ما يمكن إصلاحه، واستعادة ما يمكن من كرامتها.
يقول الرافعي: «ما أشد حاجتنا نحن المسلمين إلى أن نفهم أعيادنا فهمًا جديدًا، نتلقاها به ونأخذها من ناحيته، فتجئ أيامًا سعيدة عاملة، تنبه فينا أوصافها القوية، وتجدد نفوسنا بمعانيها، لا كما تجئ الآن كالحة عاطلة ممسوحة من المعنى، أكبر عملها تجديد الثياب، وتحديد الفراغ، وزيادة ابتسامة على النفاق.
فالعيد إنما هو المعنى الذي يكون في اليوم لا اليوم نفسه، وكما يفهم الناس هذا المعنى يتلقون هذا اليوم، وكان العيد في الإسلام هو عيد الفكرة العابدة، فأصبح عيد الفكرة العابثة، وكانت عبادة الفكرة جمعها الأمة في إرادة واحدة على حقيقة عملية، فأصبح عبث الفكرة جمعها الأمة على تقليد بغير حقيقة، له مظهر المنفعة وليس له معناها.
كان العيد إثبات الأمة وجودها الروحاني في أجمل معانيه، فأصبح إثبات الأمة وجودها الحيواني في أكثر معانيه، وكان يوم استرواح من جِدها، فعاد يوم استراحة الضعف من ذله، وكان يوم المبدأ فرجع يوم المادة.
ليس العيد إلا إشعار هذه الأمة بأن فيها قوة تغيير الأيام، لا إشعارها بأن الأيام تتغير، وليس العيد للأمة إلا يومًا تعرض فيه جمال نظامها الاجتماعي، فيكون يوم الشعور الواحد في نفوس الجميع، والكلمة الواحدة في ألسنة الجميع، يوم الشعور بالقدرة على تغيير الأيام لا القدرة على تغيير الثياب.
وليس العيد إلا تعليم الأمة كيف تتسع روح الجوار وتمتد، حتى يرجع البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة، يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي، وتظهر فضيلة الإخلاص مستعلنة للجميع، ويهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة، وكأنما العيد هو إطلاق روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.
وليس العيد إلا التقاء الكبار والصغار في معنى الفرح بالحياة الناجحة المتقدمة في طريقها، وترك الصغار يلقون درسهم الطبيعي في حماسة الفرح والبهجة، ويعلمون كبارهم كيف توضع المعاني في بعض الألفاظ التي فرغت عندهم من معانيها، ويبصرونهم كيف ينبغي أن تعمل الصفات الإنسانية في الجموع عمل الحليف لحليفه، لا عمل المنابذ لمنابذه، فالعيد يوم تسلط العنصر الحي على نفسية الشعب.
وليس العيد إلا تعليم الأمة كيف توجه بقوتها حركة الزمن إلى معنى واحد كلما شاءت، فقد وضع لها الدين هذه القاعدة لتخرج عليها الأمثلة، فتجعل للوطن عيدًا ماليًا اقتصاديًا تبتسم فيه الدراهم بعضها إلى بعض، وتخترع للصناعة عيدها، وتوجد للعلم عيده، وتبتدع للفن مجالي زينته، وبالجملة تنشئ لنفسها أيامًا تعمل عمل القواد العسكريين في قيادة الشعب، يقوده كل يوم منها إلى معنى من معاني النصر.
هذه المعاني السياسية القوية هي التي من أجلها فرض العيد ميراثًا دهريًا في الإسلام، ليستخرج أهل كل زمن من معاني زمنهم فيضيفوا إلى المثال أمثلةً مما يبدعه نشاط الأمة، ويحققه خيالها، وتقتضيه مصالحها»(6).
خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بمنى: «أتدرون أي يوم هذا؟»، قالوا: «الله ورسوله أعلم»، فقال: «فإن هذا يوم حرام، أفتدرون أي بلد هذا؟»، قالوا: «الله ورسوله أعلم»، قال: «بلد حرام، أفتدرون أي شهر هذا؟»، قالوا: «الله ورسوله أعلم»، قال: «شهر حرام»، قال: «فإن الله حرم عليكم دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا، وقال: «هذا يوم الحج الأكبر»، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اشهد» وودع الناس، فقالوا: «هذه حجة الوداع»(7).
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره، وأخذ إنسان بخطامه، فقال: «أتدرون أي يوم هذا؟»، قالوا: «الله ورسوله أعلم»، حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، فقال: «أليس بيوم النحر؟» قلنا: «بلى يا رسول الله»، قال: «فأي شهر هذا؟»، قلنا: «الله ورسوله أعلم»، قال: «أليس بذي الحجة؟»، قلنا: «بلى يا رسول الله»، قال: «فأي بلد هذا؟»، قلنا: «الله ورسوله أعلم»، حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، قال: «أليس بالبلدة؟»، قلنا: «بلى يا رسول الله»، قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، فليبلغ الشاهد الغائب»، ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما، وإلى جُزَيْعَةٍ من الغنم فقسمها بيننا(8).
إن الدماء والأموال والأعراض قضايا كبرى وهامة، فكان حديث النبي صلى الله عليه وسلم عنها في هذه الجموع الغفيرة، عن قواعد الأمن السلمي بين البشر، وقيم المجتمع الناجح البنَّاء.
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم حرمة هذه الثلاث، الدماءِ والأموال والأعراض، تأكيدًا بالغًا، وغلظ شأنها تغليظًا عظيمًا، وجَعل حرمتها كحرمة اليوم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام، وكرر ذلك على أسماعهم اهتمامًا بالمقام وتعظيمًا للأمر، وأمر شاهدَهم أن يبلغ غائبهم بذلك، وقد استدعى عليه الصلاة والسلام اهتمامهم، وشدَّ أذهانهم بسؤالهم عن اليوم الذي هم فيه، وعن الشهر وعن البلد، وذَكَّرهم بحرمتها، وحرمتُها معلومة عندهم، متقررة في نفوسهم، وهو عليه الصلاة والسلام إنما ذكر ذلك توطئة لبيان حرمة دم المسلم وماله وعرضه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وإنما شبه حرمة الدم والعرض والمال بحرمة اليوم والشهر والبلد لأن المخاطبين بذلك كانوا لا يرون تلك الأشياء، ولا يرون هتك حرمتها، ويعيبون على من فعل ذلك أشد العيب، وإنما قدم السؤال عنها تذكارًا لحرمتها، وتقريرًا لما ثبت في نفوسهم ليبني عليه ما أراد تقريره على سبيل التأكيد»(9).
وإن من أكثر الأمور غرابة في زمننا هذا هو رغبة الكثير من المصلين عن سماع الخطبة، لا سيما في عيد الأضحى؛ وذلك من أجل التعجل بذبح الأضحية؛ بل بلغ بالبعض الأمر أن يتركوا صلاة العيد من أجل ذلك، ناسين أو متجاهلين أن الأضحية لا بد لها من وقت تذبح فيه، بعد الصلاة، أما من يذبح قبل الصلاة، فهذا لا يجوز شرعًا ولا تجزئ أضحية.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: «خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة فقال: (من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة، فإنه قبل الصلاة ولا نسك له)، فقال أبو بردة بن نيار خال البراء: (يا رسول الله، فإني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة، قال: (شاتك شاة لحم)، قال: (يا رسول الله، فإن عندنا عناقًا لنا جذعة هي أحب إلي من شاتين، أفتجزي عني؟)، قال: (نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك)»(10).
وعن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم النحر، ثم خطب، ثم ذبح، فقال: «من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح بسم الله»(11).
قال الشيخ ابن عثيمين في أحكام الأضحية عن وقت ذبح الأضحية: «من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته، لكن لو حصل له عذر بالتأخير عن أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت، أو يوكل من يذبحها فينسى الوكيل حتى يخرج الوقت، فلا بأس أن تذبح بعد خروج الوقت للعذر، وقياسًا على من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها.
ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلًا ونهارًا، والذبح في النهار أولى، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل، وكل يوم أفضل مما يليه؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير».
***
______________
(1) أخرجه البخاري (928).
(2) أخرجه البخاري (318) ومسلم (890).
(3) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (2/ 570).
(4) أخرجه البخاري (913).
(5) أخرجه البخاري (918)، ومسلم (885).
(6) وحي القلم، ص38.
(7) أخرجه البخاري (1742).
(8) أخرجه مسلم (1679).
(9) فتح الباري (3/ 576).
(10) أخرجه البخاري (955).
(11) أخرجه البخاري (985).