logo

حماية الأقليات حجة الغرب في مواجهة الإسلاميين


بتاريخ : السبت ، 23 شعبان ، 1446 الموافق 22 فبراير 2025
حماية الأقليات حجة الغرب في مواجهة الإسلاميين

 

كانت قرطاجة من أغنى وأجمل المدن، فأرسلت روما مندوبها (قنصلها) إلى قرطاجة، وتحدث هذا القنصل عن فوائد السلم وفظائع الحرب، وقال لأهل قرطاجة: ألقوا سلاحكم وسلموها فستأخذ روما على عاتقها أمر حمايتكم، فأجابوه إلى طلبه، ثم قال لهم: سلموني سفنكم الحربية فهي كثيرة النفقة ولا فائدة منها بعد أن تعهدت روما بالدفاع عنكم ضد أعدائكم، ففعل المسالمون ما أشار به، وحينئذ قال لهم: شكرًا على تنازلكم، ولم يبق إلا أن تقوموا بتضحية أخرى؛ وهى أن روما دفعًا لكل عصيان أمرتني أن أهدم قرطاجة، وروما تسمح لكم بالإقامة في أي مكان تختارونه، هنا أدرك أهل قرطاجة أخطار المذهب السلمي، وسواء كانت هذه الرواية دقيقة أم هي رمزية ولكنها تمثل تمامًا طريقة الغرب في التعامل مع المسلمين. 

الغرب لا يريد المساعدة الحقيقية، وهذا واضح، والغرب يدندن كثيرًا حول حماية الأقليات، والسبب أيضًا معروف، والغرب يخشى أن يسقط الأنظمة الديكتاتورية فجأة وتصبح القوة على الأرض هي القوة الإسلامية، وهذا ليس في صالحه كما يزين له شياطين الإنس، فيبحثون عن حجة للتدخل السافل والسافر في الدول الإسلامية التي عانت الذل والهوان تحت حكم الطواغيت العلمانية، ولم تكن الأقليات التي يحتجون بحمايتها بمنأى عن ذل الطواغيت وبطشهم، ولكنه مسمار جحا الذي يريد من خلاله التجول في الدار كلما أراد له ذلك.

على مدى أكثر من 1400 عام عاشت الأقليات بمعتقداتها وأديانها في كنف الدولة الإسلامية دون أن تتعرض لأي اضطهاد أو ظلم أو تهجير؛ بل وشارك كثير من أبنائها في بنية الدولة الإسلامية في عصورها المختلفة منذ عهد الراشدين إلى الأمويين إلى العباسيين إلى الدويلات المختلفة في أنحاء العالم الإسلامي على امتداده، وبرز شعراء وكتاب غير مسلمين كتبوا عن الثقافة والحضارة الإسلامية، وبرز شعراء مثل الأخطل التغلبي النصراني، وعشرات من الكتاب والمؤرخين والأدباء وغيرهم، وكان هذا ما يميز الدولة الإسلامية على امتداد العصور. 

قال خلف بن المثنى: لقد شهدنا عشَرَةً في البصرة يجتمعون في مجلس لا يُعرف مثلهم في الدنيا علمًا ونباهة، وهم: الخليل بن أحمد صاحب النحو (وهو سني)، والحِمْيَري الشاعر (وهو شيعي)، وصالح بن عبد القدوس (وهو زنديق ثنوي)، وسفيان بن مجامع (وهو خارجي صفري)، وبشّار بن بُرد (وهو شعوبي خليع ماجن)، وحمّاد عجرد (وهو زنديق شعوبي)، وابن رأس الجالوت الشاعر (وهو يهودي)، وابن نظير المتكلم (وهو نصراني)، وعمر بن المؤيد (وهو مجوسي)، وابن سنان الحرّاني الشاعر (وهو صابئي)، كانوا يجتمعون فيتناشدون الأشعار ويتناقلون الأخبار، ويتحدثون في جو من الود لا تكاد تعرف منهم أن بينهم هذا الاختلاف الشديد في ديانتهم ومذاهبهم. 

لكن المستعمرين الفرنسيين والبريطانيين وغيرهم من الأوروبيين حينما قاموا باحتلال مناطق شاسعة من الدول العربية والإسلامية لعبوا على وتر الأقليات بشكل كبير، واستخدموا ذوي النفوس الضعيفة منهم ليكونوا أدوات لهم في إعانتهم على احتلال وتفتيت الدول العربية والإسلامية، كما استخدموهم في الجيوش التي أسسوها في تلك الدول، وكانت بلاد الشام والعراق من أبرز تلك المناطق، فاستخدم الفرنسيون الأقليات في كل من سوريا ولبنان، واستخدم البريطانيون الأقليات في العراق بشكل كبير، فصنعوا من خلال ذلك الشقاق داخل المجتمعات في هاتين الدولتين، اللتين كانتا قبل الحرب العالمية الأولى مع غيرهما من دول العالم الإسلامي الأخرى امتدادًا متداخلًا ضمن نطاق الدولة العثمانية، وقبلها ضمن نطاق الدول المتعاقبة من الأموية إلى العباسية وغيرهما، حتى أن كلًا من دمشق وبغداد كانتا عواصم لهاتين الدولتين. 

بعد الحرب العالمية الأولى قام الغرب بتمزيق العالم الإسلامي إلى دول ودويلات، وجعل للأقليات نفوذًا غير مسبوق، لا سيما في الجيوش التي أسسها على النظام الغربي، والتي ما زالت قائمة إلى اليوم، حيث تحولت في معظمها من جيوش تابعة للمستعمر إلى جيوش وطنية من خلال استقلال شكلي وأبقى الرباط قائمًا مع قيادات هذه الدول، واستخدم الانقلابات العسكرية والبعثات والمنح التعليمية العسكرية وسيلة للسيطرة عليها، ولم يكن العسكر في معظم هذه الدول إلا سببًا رئيسيًا في هزائمها، وكانت مناوشاتهم فيما بينهم أكثر من مناوشاتهم مع أعدائهم، حيث استنزفت الثروات والرجال والعتاد في حروب لا طائل من ورائها، ولما شعرت الدول الغربية بأن هناك نهضة للشعوب استخدمت تلك الجيوش في ضرب الشعب؛ وهي التي موجهة في الأساس لحمايته.

فكانت الجيوش والأقليات هي السلاح الذي استخدمه الغرب في تدمير نهضة الشعوب العربية ومحاولتها الانفلات من ربقة الاحتلال غير المباشر لها، لكن هذه أيضًا لها جولة وهي في طريقها للاندثار، وطالما بقيت إرادة الشعوب باقية ورغبتها في الحرية قائمة، فإن عجلة الزمان سوف تدور وسوف يدفع البغاة الثمن (1). 

إن من أكبر المشاكل السياسية التي واجهت الخلافة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، والتي كانت سببًا في سقوطها هي إثارة الأقليات سواء اليهودية أو المسيحية، الأرمنية أو البلغارية، وكانت الدولة الصليبية لا تكف عن استثارة الأقليات، المسيحية واليهودية لتشغل بال السلطان لكي لا يهدأ ولا يستقر، كانت روسيا تستثير المسيحيين الأرثوذكس لأنها هي أرثوذكسية المذهب، وكانت بريطانيا تتكلف بإثارة الأقليات الكاثوليكية والبروتستانتية مع أنها هي بروتستانتية، وكانت تلك الأقليات، ومن أبرزها الأقلية الأرمنية لا تكف عن إثارة المشاكل للدولة العثمانية، كل يوم مشكلة في ركن من أركان الدولة، ويضطر "السلطان" أن يضرب بيد من حديد على مثيري الفتن، فيقول الأعداء: انظروا هذا هو الجلاد، هذا هو الدكتاتور، هذا هو البربري الذي لا يعرف الرحمة يقتلَّ رعاياه، يستثيرونهم ليثوروا ضد الدولة، ضد الإسلام، يريدون أن يقوضوا الإسلام، فإذا فتك بهم، وما كان أمامه إلا أن يفتك بهم، يقولون: "انظروا إلى السفاح".

من أكثر النكات إثارة للضحك والسخرية على مدى نصف قرن من التاريخ السوري الحديث النكتة التي كان يضحك بها النظام السوري على العالم، ألا وهي نكتة «حماية الأقليات» موحيًا بذلك أن الأقليات في سوريا تعيش في رعب دائم من الأكثرية، وهي بالتالي تحتاج إلى حام على الدوام، مع العلم أن الأقليات السورية لم تتعرض في تاريخها لواحد بالمائة من الأذى الذي تعرضت له على أيدي النظام الأسدي.  

وقد نجح النظام في ترويج وتعميم تلك الكذبة السمجة لفترة من الزمن، لكن حبل الكذب مهما طال يبقى قصيرًا، حيث يظهر اليوم أمام الجميع عاريًا تمامًا بعد أن سقطت ورقة حماية الأقليات التي كان يغطي بها عوراته التي لا تعد ولا تحصى. 

لا شك أن النظام وحلفاءه الطائفيين نجحوا في استغلال البعبع الإسلامي على مدى سنوات لمصلحته الخاصة داخليًا وخارجيًا، لكن ماذا بعد أن انكشفت خدعة حماية الأقليات؟

والمؤلم جدًا في الأمر أن كذبة «حماية الأقليات» انطلت لردح من الزمن على الغرب نفسه دون أن يعلم الغرب المسيحي أن أكبر المتضررين من النظام السوري هم المسيحيون السوريون أنفسهم.

يقول الباحث السوري المسيحي جورج كدر في دراسة له بعنوان «هندسة الفتن» إن الهجرة الكبرى للمسيحيين السوريين كانت على مدى السنواتِ الثلاثين الماضية.

والأرقام تقول إنّ أكبر هجرة للأقليّات كانت في عهد الديكتاتوريّة التي ادّعت حماية الأقليّات، فقد انخفض عدد المسيحيين منذ وصول حافظ الأسد إلى السلطة بشكل كارثيّ؛ فبعد أن كانت نسبتهم 16,5 بالمئة من السوريين مطلع السبعينيّات، قد تصل اليوم إلى أقلّ من 6 بالمئة وربما أقل بكثير، حسب كدر.

وحتى الحاضنة الشعبية للعائلة الحاكمة في سوريا في الساحل السوري لم تدفع بتاريخها ثمنًا باهظًا كالثمن الذي دفعته خلال العشر سنوات الماضية، فقد استخدمها النظام كرأس حربة ضد الأكثرية، وورطها في صراع تاريخي مع المسلمين في سوريا الذين يشكلون أكثر من ثمانين بالمائة من سكان البلاد.

لقد صرح أحد المتحدثين باسم النظام في السنوات الأولى للأحداث وعلى شاشة الجزيرة بأن العلويين فقدوا أكثر من مائتي ألف قتيل، وهذا يعني أن الرقم ربما تضاعف خلال السنوات اللاحقة من المواجهة بين النظام والأكثرية السنية.

وقد ذكرت صحيفة «الحياة» في تقرير لها من الساحل قبل سنوات أن العديد من البلدات العلوية أصبحت بلا رجال؛ لأن العائلة الحاكمة زجت بهم في أتون الحرب ضد الأكثرية.

وماذا كانت مكافأة الأقلية العلوية المذبوحة التي يستخدمها النظام في حربه على السوريين؟ إنها تعيش منذ سنوات أسوأ فترة في تاريخها، ويكاد يكون وضعها اليوم أسوأ بمرات من وضع النازحين السوريين الذين تجمعوا في الشمال السوري أو حتى في بلاد اللجوء.

وقد خرجت أصوات علوية قوية للغاية في الآونة الأخيرة ضد النظام رغم القبضة الأمنية الوحشية المسلطة على الحاضنة الشعبية للعائلة الحاكمة في الساحل السوري.

ولمن لا يعرف؛ فإن عقاب العلوي الذي يتمرد على النظام أكبر بمرات من عقاب أي مكون سوري آخر، فالمطلوب من العلويين المسحوقين المذبوحين المهمشين المنتوفين أن يصمتوا حتى لو لم يجدوا لقمة الخبز لأطفالهم. 

لكن مع ذلك، هناك حالة تململ غير مسبوقة في العلاقة بين العائلة الحاكمة والمجتمع العلوي الذي قدم مئات الألوف من القرابين على مذبح العائلة ليجد نفسه اليوم في أسوأ وضع معيشي كارثي بعد أن هرب عشرات الآلاف من شبابه إلى العراق وغيره بحثًا عن لقمة عيش، وبعد أن كانت مكافأة العائلات التي فقدت شبابها في الحرب ساعة حائط صناعة صينية وفي أحسن الأحوال «صندوق برتقال» أو «باكيت شاي» (2).

لقد سقطت وانفضحت خرافة «حماية الأقليات» التي يتشدق بها الغربيون في الخارج ونعالهم في الداخل.

يقول محمد عمارة: إن الغرب الذي حارب من أجل تقرير المصير لنصف مليون كاثوليكي في تيمور الشرقية، هو الذي يحارب ضد حق المسلمين في تقرير المصير بكشمير وفلسطين والبوسنة وكوسوفو! والغرب الذي يضغط على بلادنا ويفرض عليها العقوبات والمحاصرات بحجة الانتصار للأقليات النصرانية، هو الذي يحول بين الأغلبيات وبين حقها في أن تحكم بالقانون الذي تريد -الشريعة الإسلامية- وأن تتميز ثقافتها بمنظومة القيم التي تؤمن بها وتريدها!

ويستطرد قائلًا: بل إن الغرب الذي يلعب بورقة الأقليات النصرانية في الشرق الإسلامي، لا يؤمن بنصرانية تلك الأقليات وإنما يعتبرها "كفرًا" بالنصرانية، ويسعى لنشر نصرانيته هو بين أبناء هذه الأقليات.. ويسعى كذلك إلى تنصير أبناء المسلمين. 

ويشرح الكاتب الهدف من وراء اللعب بهذه الورقة فيقول: إن الهدف هو منع بلادنا وأمتنا من التقدم والتحرر والنهوض، فلقد أراد الغرب ويريد تحويل الأقليات في بلادنا من "لبنات" في جدار الأمن القومي والمشروع الحضاري، إلى "ثغرات" اختراق لأمننا القومي ومشروعنا الحضاري.. ولما كانت المرجعية لمشروعنا النهضوي هي الإسلام، فإن المقصد الأول والأساسي من وراء اللعب بأوراق كل الأقليات إنما هو افتعال المشكلات وتضخيم العقبات أمام المشروع الإسلامي لنهضة العرب والمسلمين.

الإسلام الحضاري، أي الحضارة الإسلامية، هي الميراث الحلال لكل أبناء الشرق، كما قال -بحق- الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا.

ويؤكد أن الوحدة الوطنية لا يمكن أن يكون لها معنى إلا إذا كانت حول المشروع الحضاري الإسلامي الذي هو مشروع الشرق بكل أبنائه ودياناته كبديل للمشروع التغريبي الذي يسعى الغرب إلى فرضه على أمتنا منذ قرنين من الزمان (3).

يقول الله عز وجل: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، فلم يبن المسلمون محاكم للتفتيش، ولم يجبروا أحدًا على تغيير معتقده، بينما وجدنا بعضًا من غير المسلمين؛ إذا دخلوا بلاد المسلمين عنوة منتصرين؛ يلجؤون إلى الإبادات التي تطهر البلاد من غيرهم، أو في أحسن الأحوال يخيرون الناس بين تبديل المعتقد أو الطرد، إن لم نقل القتل، وما الأندلس، أو كوسوفا، أو البوسنة والهرسك عنا ببعيد.

فالإسلام ابتداءً ليست له مشكلة مع المخالفين، ولذلك حفظ وجودهم وضمن لهم استقلاليتهم وخصوصيتهم، أما اليوم وبعد اضمحلال السلطة السياسية للإسلام، فقد بات هذا التنوع سُبَّة على المنطقة، وباعثَ قلاقل وحروب، ومفتاحًا لتقسيم البلاد وإضعافها سياسيًا وجغرافيًا.

إن كل الصكوك الرئيسة التي أصدرتها الأمم المتحدة، المتعلقة بحقوق الأقليات، لم تُعَرِّف فيها الأقليات تعريفًا واضحًا، وإنما أعطت أوصافًا لما يمكن أن يعتبر أقليات، ونصت بتلقائية مفرطة على أن هؤلاء عندهم مشكلة مع الغالبية المهيمنة على قرار البلد، ثم بنت على ذلك أنه لا بد من التدخل المباشر لحماية حقوق هذه الأقليات، لدرجة أنه كانت تختلق مشاكل وحروبًا لتسويغ فرض هذه الحقوق، التي هي في حقيقتها استعمار من نوع جديد.

مع العلم أنه توجد دول تحكمها أقليات بمفهومهم، وهي متسلطة فيها على الأكثريات، بل وربما مارست ضدها ما يشبه حروب الإبادة، فلو نظرنا إلى بلادنا العربية مثلًا لوجدنا دولا تحكمها أقليات، وتتمتع فيها بامتيازات لا توجد عند الغالبية، وهذا بالتالي يخرجها من حيز مصطلح الأقليات بحسب التعريفات المعتمدة اليوم، وهذا برأيي ينقض هذا التعريف ويجعله غير منضبط، مع تمييزنا بين أقليات وأخرى، إذ ليس كل حكم لأقلية يعني أن الأمر على ما وُصِف، فقد تحكم الأقلية وتكون عادلة، بنَّاءة، تعمل للصالح العام. 

قد تمتع اليهود في المدينة بحكم ذاتي شبه تام، ووزِّع ولاؤهم على قبائل العرب حتى لا يؤخذ بطنٌ بجريرة غيره، وهذا غاية العدل، ولذلك عندما غدر يهود بني قينقاع لم يُجْلَ سواهم، وكذلك عندما غدر بنو النضير لم يحاسب يهود خيبر، وهكذا.. إلا أن اليهود أَبَوْا إلا أن يجتمعوا على الغدر، فجاء الحكم العام بإجلائهم عن الجزيرة نهائيًا.

فالإسلام نظر إلى هذه الجماعات منذ أول يوم على أنهم أمة مع المؤمنين، وأنهم جزء أصيل في المجتمع، لهم حقوق وعليهم واجبات، وإن كنا بحاجة لتحرير مفهوم وصف الأمة الذي أطلقه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك الأمر مع نصارى نجران الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في العام التاسع للهجرة، ونزلوا المسجد النبوي الشريف، فعاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب لهم كتابًا، ومما جاء فيه: «ولنجرانَ وحاشيتِها، جوارُ الله وذِمَّةُ محمدٍ النبيِّ رسولِ الله على أموالِهم، وأنفسِهِم، وملّتِهم، وغائبِهم، وشاهدِهم، وعشيرتِهم، وبِيَعِهِم، وكلّ ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يغيَّرُ أُسْقُفٌ من أسقفيّته، ولا راهبٌ من رهبانيّته، ولا كاهن من كهانته، وليس عليهم رِبِّيَّة ولا دم جاهلية، ولا يُحْشَرُون ولا يُعَشَّرُون ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النَّصَفُ غير ظالمين ولا مظلومين» (4).

فهل تعرف دساتير اليوم وضعًا خاصًا كالذي أعطاه الإسلام لهذه المجموعات التي كانت تشارك المسلمين البلاد؟ 

وهل ضاقت صدور المسلمين بالتعدد الذي كان يُلَوِّنُ مجتمعهم، كما ضاق صدر فرنسا بحجاب تضعه المسلمة على رأسها، وبالأمس ضاقت شوارعها على رجل يصلي في الطريق! وضاق صدر سويسرا بمآذن ترتفع في سمائها؟ أهكذا يكون التسامح وقبول الآخر؟ (5).

-------------

(1) دور الأقليات والجيوش في تدمير المنطقة/ الوطن.

(2) من يحمي النظام السوري من الأقليات؟ القدس العربي.

(3) الأقليات ورقة بيد الغرب لمحاربة الإسلام/ الجزيرة نت.

(4) مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة (ص: 176).

(5) الأقليات حصان طروادة جديد لشرق أوسط جديد/ المجلس الإسلامي السوري.