حاجة الداعية إلى السكينة
السكينة هي الطمأنينة التي يلقيها الله في قلوب عباده، فتبعث على السكون والوقار، وتثبت القلب عند المخاوف، فلا تزلزله الفتن، ولا تؤثر فيه المحن؛ بل يزداد إيمانًا ويقينًا، وكما قيل: حظك من السكينة في أوقات المحن والمخاوف بقدر حظك من الإيمان والثقة بوعد الله.
وقد ذكرها الله عز وجل في ستة مواضع من كتابه الكريم، كلها تتضمن هذه المعاني من الجلال والوقار الذي يهبه الله تعالى موهبة لعباده المؤمنين، ولرسله المقربين.
يقول ابن القيم رحمه الله: «هذه المنزلة من منازل المواهب، لا من منازل المكاسب، وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع:
الأولى: قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:248].
الثاني: قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة:26].
الثالث: قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة:40].
الرابع: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:4].
الخامس: قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح:18].
السادس: قوله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:26].
وكان شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة، قال: (فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة)، قال: (ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبَة).
وقد جربت أنا أيضًا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه؛ فرأيت لها تأثيرًا عظيمًا في سكونه وطمأنينته.
وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوة اليقين والثبات؛ ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب، كيوم الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار، والعدو فوق رءوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها، وهو عمر، حتى ثبته الله بالصِّدِّيق رضي الله عنه»(1).
بل جعلت السكينة والطمأنينة موجبة لزيادة الإيمان.
قال عمر بن الخطاب: «فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: (ألست نبي الله حقًا؟)، قال: (بلى)، قلت: (ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟)، قال: (بلى)، قلت: (فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟)، قال: (إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري)، قلت: (أوليس كنتَ تحدثنا أنَّا سنأتي البيت فنَطوف به؟)، قال: (بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟)، قلت: (لا)، قال: (فإنك آتيه وَمُطَّوِّفٌ به)، فأتيتُ أبا بكر فقلت: (يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقًا؟)، قال: (بلى)، قلت: (ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟)، قال: (بلى)، قلت: (فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟)، قال: (أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله، إنه على الحق)، قلت: (أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟)، قال: (بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟)، قلت: (لا)، قال: (فإنك آتيه ومطوف به)»(2).
فهذه صورة مما كان يجيش في القلوب.
وكان المؤمنون ضيقي الصدور بشروط قريش الأخرى، من رد من يُسلم ويأتي محمدًا بغير إذن وليه.
فالسكينة لفظ معبر مصور ذو ظلال، والسكينة حين ينزلها الله في قلب تكون طمأنينة وراحة، ويقينًا وثقة، ووقارًا وثباتًا، واستسلامًا ورضًا.
وحين يسترجع الإنسان هذه الصور يدرك معنى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}، ويذوق طعم اللفظ وطعم العبارة، ويتصور الموقف يومئذ ويعيش فيه مع هذه النصوص، ويحس برد السكينة وسلامها في تلك القلوب(3).
وإذا اطمأن القلب, وسكنت النفس شَعَرَ الإنسان ببرد الراحة, وحلاوة اليقين, وواجه الأهوال بشجاعة, وثبت إزاء الخطوب مهما اشتدت, ورأى أن يد الله ممدودة إليه, وأنه القادر على فتح الأبواب المغلقة, فلا يتسرب إليه الجزع, ولا يعرف اليأسُ إلى قلبه سبيلًا.
إن نزول السكينة وزيادة الإيمان بها لهو ثواب كريم على الإيمان السابق، المتمثل في الثقة في الله، والاستسلام لأمره مهما كان هول الموقف.
وهكذا يرقى الإيمان ويسمو، وترسخ قاعدة عظمى من قواعد فقه التزكية الإيمانية، وهي أن من ثواب الإيمان حصول إيمان أعلى منه.
وفي السكينة وجوه؛ أحدها: هو السكون، الثاني: الوقار لله ولرسول الله، وهو من السكون، الثالث: اليقين، والكل من السكون.
قال القاشاني: «السكينة نور في القلب، يسكن به إلى شاهده ويطمئن، وهو من مبادئ عين اليقين، بعد علم اليقين، كأنه وجدان يقيني معه لذة وسرور»(4).
والسكينة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على قلوب المؤمنين هي ما وقع في قلوبهم من رضا وطمأنينة وسكينة، بعد هذه الموجات التي تدافعت في صدورهم، من وساوس الحيرة والبلبلة، ساعة صلح الحديبية، فلقد اضطربت كثير من القلوب، وزاغت كثير من الأبصار، وقصرت كثير من الأفهام عن أن ترى ما وراء هذا الصلح من خير كثير، وفتح مبين، فوقعت فيما وقعت فيه من حيرة وبلبال.
وقد كانت هذه التجربة القاسية، التي عاناها المؤمنون من أحداث الحديبية، باعثًا يحرك، في قوة وعنف، ما في كيانهم من مشاعر، وما في عقولهم من مدارك؛ ليقابلوا بها هذه المتناقضات التي بدت لهم من ظاهر موقفهم الذي اتخذوه من النبي مع أحداث الحديبية، حتى إذا بلغ الأمر غايته، من ضيق الصدور وحرج النفوس، طلع عليهم، من حيث لم يحتسبوا ولم يقدروا، ما وراء هذا الصلح من خير كثير، وفتح مبين، فكان لذلك من السلطان على العقول، والأثر في النفوس، ما للقائه المكروب المضطرب في محيط الصحراء، تطلع عليه من حيث لا يحتسب قافلة تنتشله من يد هذا الضياع المستبد به!!
إنه بعث له من عالم الموتى، وحياة مجددة له بين الأحياء، وإنها لحياة عزيزة غالية، تلك الحياة الجديدة التي لبسها، وإنه لواجد فيما يستقبل من حياة طعمًا جديدًا لتلك الحياة، وحرصًا شديدًا على ألا ينفق شيئًا منها في غير النافع المفيد.
كذلك تمامًا كان شأن المؤمنين أثناء صلح الحديبية، ثم بعد هذا الصلح، وما لقيهم على طريقهم من فتح مبين، ونصر عزيز، فازدادوا إيمانًا مع إيمانهم، ويقينًا إلى يقينهم، وهكذا يربي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين، ويصنع لهم من الأحداث والمواقف ما يثبت به خطوهم على طريق الإيمان، فلا تنال من إيمانهم الأحداث، ولا تتسرب إلى مشاعرهم الوساوس(5).
السكينة ما يسكن إليه القلب من البصائر والحجج، فيرتقي القلب بوجودها عن حد الفكرة إلى روح اليقين وثلج الفؤاد، فتصير العلوم ضرورية، وهذا للخواص، فأما عوام المسلمين فالمراد منها: السكون والطمأنينة واليقين، ويقال: من أوصاف القلب في اليقين المعارف والبصائر والسكينة، وفي التفاسير: السكينة ريح هفافة، وقالوا: لها وجه كوجه الإنسان، وقيل: لها جناحان(6).
فوائد السَّكينة:
للتحلي بهذه الصفة فوائد وآثار طيبة، تخص الفرد المتحلي بها، وتعم المجتمع من حوله.
قال ابن عثيمين: «السكينة هي عدم الحركة الكثيرة، وعدم الطيش؛ بل يكون ساكنًا في قلبه، وفي جوارحه، وفي مقاله، ولا شك أن هذين الوصفين، الوقار والسكينة، من خير الخصال التي يمن الله بها على العبد؛ لأن ضد ذلك أن يكون الإنسان لا شخصية له ولا هيبة له، وليس وقورًا ذا هيبة؛ بل هو مهين، قد وضع نفسه ونزلها، وكذلك السكينة ضدها أن يكون الإنسان كثير الحركات، كثير التلفت، لا يُرى عليه أثر سكينة قلبه ولا قوله ولا فعله، فإذا مَنَّ الله على العبد بذلك فإنه ينال بذلك خلقين كريمين»(7).
ومن فوائد السكينة ما يلي:
1- السكينة رداء ينزل فيثبت القلوب الطائرة، ويهدئ الانفعالات الثائرة.
2- أن المتحلي بها يمتثل لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السكينة السكينة»(8).
3- متى نزلت على العبد السكينة استقام، وصلحت أحواله، وصلح باله، وإذا ترحلت عنه السكينة ترحل عنه السرور والأمن والدعة والراحة وطيب العيش، فمن أعظم نعم الله على عبده تـنَـزُّل السكينة عليه، ومن أعظم أسبابها الرضا عنه.
4- المتحلي بالسكينة يخشع في صلاته.
5- إن من صفة الناسك السكينة؛ لغلبة التواضع وإتيان القناعة، ورفض الشهوات.
6- السكينة علامة من علامات رضا الله عز وجل.
7- أن من ثمارها محبة الله للعبد، ومن ثَم محبة الناس له.
8- تجعل العبد قادرًا على تحمل المصيبة إذا نزلت.
9- تجعل العبد قادرًا على امتصاص غضبه في المواقف الصعبة.
وغير ذلك من الفوائد العظيمة، التي يجنيها الفرد والمجتمع المسلم من هذا الخلق الكريم(9).
أقسام السَّكِينَة:
1- عامة: وهى التي تخص عامة الخلق، وهى التي يجدها العبد عند القيام بوظائف العبودية، وهي التي تورث الخشوع والخضوع، وجمعية القلب على الله، بحيث يؤدي عبوديته بقلبه وبدنه قانتًا لله عز وجل.
2- خاصة: وهى التي تخص أتباع الرسل بحسب متابعتهم، وهي سكينة الإيمان، وهي سكينةٌ تسكن القلوب عن الريب والشك، ولهذا أنزلها الله على المؤمنين في أصعب المواطن، أحوج ما كانوا إليها، {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح:4]، فذكر نعمته عليهم بالجنود الخارجة عنهم، والجنود الداخلة فيهم، وهي السكينة عند القلق والاضطراب(10).
أعلى مراتب السكينة:
أعلى مراتب السكينة وأخص أقسامها هي سكينة الأنبياء، وقد ذكر ذلك ابن القيم وأورد لها أمثلة، فذكر من أمثلتها:
- «السكينة التي حصلت لإبراهيم الخليل، وقد ألقي في المنجنيق مسافرًا إلى ما أضرم له أعداء الله من النار، فلله تلك السكينة التي كانت في قلبه حين ذلك السفر.
- السكينة التي حصلت لموسى، وقد غشيه فرعون وجنوده من ورائهم، والبحر أمامهم، وقد استغاث بنو إسرائيل: يا موسى، إلى أين تذهب بنا؟! هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون خلفنا.
- وكذلك السكينة التي حصلت له وقت تكليم الله له نداءً ونجاءً، كلامًا حقيقةً، سمعه حقيقةً بأذنه.
- وكذلك السكينة التي حصلت له وقد رأى العصا ثعبانًا مبينًا.
- وكذلك السكينة التي نزلت عليه، وقد رأى حبال القوم وعصيهم كأنها تسعى، فأوجس في نفسه خيفةً.
- وكذلك السكينة التي حصلت لنبينا صلى الله عليه وسلم وقد أشرف عليه وعلى صاحبه عدوهما، وهما في الغار، فلو نظر أحدهم إلى تحت قدميه لرآهما.
- وكذلك السكينة التي نزلت عليه في مواقفه العظيمة، وأعداء الله قد أحاطوا به، كيوم بدر، ويوم حنين، ويوم الخندق وغيره.
فهذه السكينة أمر فوق عقول البشر، وهي من أعظم معجزاته عند أرباب البصائر، فإن الكذاب، ولا سيما على الله، أملق ما يكون، وأخوف ما يكون، وأشده اضطرابًا في مثل هذه المواطن، فلو لم يكن للرسل صلوات الله وسلامه عليهم من الآيات إلا هذه وحدها لكفتهم»(11).
صور السَّكِينَة ودرجاتها:
قال صاحب المنازل: «السكينة اسم لثلاثة أشياء:
أولها: سكينة بني إسرائيل التي أعطوها في التابوت.
السكينة الثانية: هي التي تنطق على لسان المحدثين، ليست هي شيئًا يملك، إنما هي شيء من لطائف صنع الحق، تلقي على لسان المحدث الحكمةَ، كما يلقي المَلَكُ الوحيَ على قلوب الأنبياء، وتنطق بنكت الحقائق مع ترويح الأسرار، وكشف الشبه.
السكينة الثالثة: هي التي نزلت على قلب النبي، وقلوب المؤمنين، وهي شيء يجمع قوةً وروحًا، يسكن إليه الخائف، ويتسلى به الحزين والضجر، ويسكن إليه العصي والجريء والأبي.
وأما سكينة الوقار التي نزَّلها نعتًا لأربابها: فإنها ضياء.
تلك السكينة الثالثة التي ذكرناها، وهي على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: سكينة الخشوع عند القيام للخدمة: رعاية وتعظيمًا وحضورًا.
الدرجة الثانية: السكينة عند المعاملة بمحاسبة النفوس، وملاطفة الخلق، ومراقبة الحق.
الدرجة الثالثة: السكينة التي تثبت الرضا بالقسم، وتمنع من الشطح الفاحش، وتوقف صاحبها على حد الرتبة، والسكينة لا تنزل إلا في قلب نبي أو ولي»(12).
الوسائل المعينة على التَّخلُّق بخُلق السَّكِينَة:
1- الامتثال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالسكينة»(13).
2- مصاحبة ذوي الطبع الهادئ، وأصحاب السكينة فـــ«المرء على دين خليله»(14).
3- القراءة في كتب السيرة النبوية.
4- معرفة فوائد وآثار السكينة.
5- التحلي بالصبر: فالصبر من الفضائل الخلقية، التي تُعَوِّد الإنسان السكينة والاطمئنان، وتكون بلسمًا لجراحه، ودواءً لمرضه وبلائه، فالصابر يتلقى المكاره بالقبول، فيحبس نفسه عن السخط، فيتحلى بالسكينة والوقار(15).
المواطن التي تطلب عندها السكينة:
والمقصود أن العبد محتاج إلى السكينة عند الوساوس المعترضة في أصل الإيمان؛ ليثبت قلبه ولا يزيغ، وعند الوساوس والخطرات القادحة في أعمال الإيمان؛ لئلا تقوى وتصير همومًا وغمومًا، وإرادات ينقص بها إيمانه، وعند أسباب المخاوف على اختلافها؛ ليثبت قلبه، ويسكن جأشه، وعند أسباب الفرح؛ لئلا يطمح به مركبه، فيجاوز الحد الذي لا يعبر، فينقلب ترحًا وحزنًا، وكم ممن أنعم الله عليه بما يفرحه، فجمح به مركب الفرح، وتجاوز الحد، فانقلب ترحًا عاجلًا، ولو أعين بسكينة تعدل فرحه لأريد به الخير، وبالله التوفيق.
وعند هجوم الأسباب المؤلمة، على اختلافها، الظاهرة والباطنة، فما أحوجه إلى السكينة حينئذ، وما أنفعها له وأجداها عليه، وأحسن عاقبتها.
والسكينة في هذه المواطن علامة على الظفر، وحصول المحبوب، واندفاع المكروه، وفقدها علامة على ضد ذلك، لا يخطئ هذا ولا هذا، والله المستعان(16).
***
________________
(1) مدارج السالكين (2/ 471).
(2) أخرجه البخاري (2731).
(3) في ظلال القرآن (6/ 3318).
(4) تفسير القاسمي (8/ 485).
(5) التفسير القرآني للقرآن (13/ 400).
(6) تفسير القشيري (3/ 419).
(7) شرح رياض الصالحين (4/ 90).
(8) أخرجه مسلم (1218).
(9) فوائد السكينة، موسوعة الأخلاق.
(10) السكينة، موقع: الكلم الطيب.
(11) إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 154).
(12) مدارج السالكين (2/ 478).
(13) أخرجه البخاري (1671)، ومسلم (1282).
(14) أخرجه أبو داود (4833).
(15) فوائد السكينة، موقع: طريق الإسلام.
(16) إعلام الموقعين (4/ 156).