logo

تضمين الأمين


بتاريخ : السبت ، 21 ذو الحجة ، 1439 الموافق 01 سبتمبر 2018
تضمين الأمين

تمهيد:
الحائز للشيء إما أن يكون مالكًا له أو لا، فإن لم يكن مالكًا له فإما أن تكون يده يد أمانة أو يد ضمان.

وممن اتفق الفقهاء على أن أيديهم يد أمانة: يد الوديع، والمستأجر، والمضارب، والشريك، والرسول، والأجير الخاص، والوكيل بغير أجر، والولي، والملتقط بقصد التعريف، ومن ألقت الريح في بيته متاعًا لغيره، والوصي على مال الصغير والمحجور، والناظر على الوقف وبيت المال.

وممن اختلف الفقهاء هل أيديهم يد أمانة أم يد ضمان: يد المستعير، والمرتهن، والوكيل بأجر، والأجير المشترك، والصناع.

ويرجع السبب في هذا الخلاف إلى عدة أسباب، منها(1):

الأول: أن بعض هذه الأيدي يتنازعها شَبَهان؛ شبه إلى الأيدي الأمينة، وشبه إلى الأيدي الضامنة، فمن ترجح في نظره غلبة شبهها بالأيدي الأمينة جعلها منها، ومن ترجح عنده غلبة شبهها بالأيدي الضامنة اعتبرها من زمرتها.

الثاني: استحسان بعض الفقهاء تضمين بعض الأيدي الأمينة في الأصل؛ نظرًا لقيام التهمة في هلاك ما بأيدي أربابها من متاع الغير بسبب تعديهم أو تقصيرهم.

والثالث: اختلاف العلماء في ثبوت أو دلالة بعض النصوص التي وردت في بعض الأيدي.

مثل حديث: «ليس على المستعير غير المغِل ضمان»(2) و«على اليد ما أخذَتْ حتى تؤديه»(3)...

وسؤالنا الآن: متى يجوز تضمين من اتفق الفقهاء أنه لا يضمن؛ لأن يده يد أمانة؟

هذا ما سنحاول، إن شاء الله، الإجابة عنه في الصفحات التالية:

أسباب تضمين الأمين(4):

الحق أن هناك أسبابًا عديدة لتضمين الأمين في الفقه الإسلامي، لكن منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، وإليك تفصيل ذلك:

السبب الأول: التعدي:

في اللغة:

التعدي: الظلم البراح (5)، والتعدي أيضًا: تجاوز ما ينبغي أن يقتصر عليه(6)، أو هو: مجاوزة الشيء إلى غيره(7)، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:229].

وفي الاصطلاح:

هو: مجاوزة ما ينبغي أن يقتصر عليه شرعًا أو عرفًا أو عادة.

وضابط التعدي هو: مخالفة ما حده الشرع أو العرف(8).

 ومن صور التعدي الموجب للضمان: «تعدي الوديع على الوديعة بانتفاعه بها أو جحودها، وكتعدي العامل في المضاربة بتقليب المال فيما لم يأذن صاحب المال له فيه، وكتعدي الأجير بمخالفة أمر المستأجر صراحة أو دلالة»(9).

وهذا السبب من أسباب تضمين الأمين متفق عليه بين الفقهاء:

فأما الحنفية:

ففي البحر الرائق: «وشرط الضمان التعدي»(10).

وفي البدائع: «الأصل ألَّا يجب الضمان إلا على المتعدي، لقوله عز وجل: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:193]»(11).

وفي موضع آخر منه: «ولو دفع إلى إنسان مالًا ليقضي دينه، فقضاه الموكل بنفسه، ثم قضاه الوكيل...، فإذا علم بفعل الموكل فقد علم بالعزل فصار متعديًا في الدفع فيلزمه الضمان، وإذا لم يعلم فلم يوجد منه التعدي فلا ضمان عليه»(12).

وأما المالكية:

ففي البيان والتحصيل: «فإن تعدى ضمن»(13).

وفي التلقين: «والوديعة أمانة محضة لا تضمن إلا بالتعدي»(14).

وأما الشافعية:

ففي الأم: «إذا تعدى ضمن، وإذا لم يتعد لم يضمن»(15).

وفي روضة الطالبين: «فلا ضمان على من تلف في يده شيء منها بلا تعد، فإن تعدى ضمن»(16).

وأما الحنابلة:

ففي المبدع: «ومن تلف بيده بغير تفريط لم يضمن، وإن فرط أو تعدى ضمن»(17).

وفي شرح منتهى الإرادات: «فإن فرط أو تعدى ضمن»(18).

السبب الثاني: التفريط:

التفريط في اللغة: «التضييع، وقد فرط في الشيء: ضيعه»(19)، و«فرط في الأمر يفرط فرطًا، أي قصر فيه وضيعه حتى فات...، وفرط عليه: أي عجل وعدا، ومنه قوله تعالى: {إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه:45]، وفرط إليه مني قول: أي سبق»(20).

و«الفرق بين الإفراط والتفريط؛ أن الإفراط يستعمل في تجاوز الحد من جانب الزيادة والكمال، والتفريط يستعمل في تجاوز الحد من جانب النقصان والتقصير»(21).

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، والصلة بين الوسط والتفريط: التضاد(22).

وهذا السبب من أسباب تضمين الأمين متفق عليه أيضًا بين الفقهاء.

فأما الحنفية:

ففي الجوهرة: «...ضمن لأنه فرط، وأما إذا لم يفرط... فإنه لا ضمان عليه»(23).

وفي البناية: «لا يضمن إلا إذا فرط»(24).

وأما المالكية:

ففي المقدمات الممهدات: «قيام البينة ينفي التهمة والتفريط، وذلك معنى يسقط الضمان»(25).

وفيه أيضًا: «الوديعة لا تلزم ذمته إلا بالتفريط»(26).

وفي الذخيرة: «...تضمين الأول والثاني؛ لأن الأول متعد بالتفريط والمخالفة، والثاني بوضع اليد»(27).

وفيه أيضًا: «وإن أوقد نارًا على سطحه في يوم ريح عاصف ضمن ما أتلفته مما كان يغلب على الظن عند وقودها وصولها إليه، وإن عصفت الريح بعد الوقود بغتة فلا ضمان لعدم التفريط»(28).

وفي شرح مختصر خليل: «إذا تلف جزء النصاب بعد الحول، أو تلف ما عزله من الزكاة بعد الحول وما في حكمه، فإن كان بتفريط في حفظها ضمن مطلقًا»(29).

وفي حاشية الدسوقي: «فلا ضمان إلا بالتفريط»(30).

وأما الشافعية:

ففي الحاوي: «الضمان إنما يجب فيما حصل فيه التفريط»(31).

وفي المجموع: «الوديعة لا تضمن إلا بالتفريط»(32).

وفي متن أبي شجاع: «ولا يضمن إلا بالتفريط»(33).

وأما الحنابلة:

فقد سبق قوله في المبدع: «ومن تلف بيده بغير تفريط لم يضمن، وإن فرط أو تعدى ضمن»(34).

وفي شرح منتهى الإرادات: «فإن فرط أو تعدى ضمن»(35).

وفي المغني: «إن تعدى المستودع فيها، أو فرط في حفظها، فتلفت، ضمن، بغير خلاف نعلمه»(36).

وقال: «مع عدم التفريط فلا ضمان على أحد»(37).

وعلى ذلك فإذا فرَّط المضارب، أو الوديع، أو المستأجر، أو الشريك، ونحوهم من الأمناء، في المحافظة على ما بحوزته من الأعيان أو الأموال المؤتمن عليها فإنه يضمن بتفريطه، حيث إنه متسببٌ في تلفها بترك ما وجب عليه في حفظها(38).

السبب الثالث: التجهيل:

في اللغة:

الجهل: خلاف العلم، وقد جهل فلان جهلًا وجهالة، وتجاهل؛ أي: أرى من نفسه ذلك وليس به، واستجهله: عدّه جاهلًا، واستخفه أيضًا، والتجهيل: أن تنسبه إلى الجهل، والمجهلة: الأمر الذي يحملك على الجهل، ومنه قولهم: الولد مجهلة(39).

وفي الاصطلاح:

ألَّا يبين حال الوديعة وكان يعلم أن وارثه لا يعلمها(40)، أي: ألا يبين الأمين قبل موته حال ما بيده للغير من وديعة، أو لقطة، أو مال يتيم ونحوه، وكان يعلم أن وارثه لا يعلمها إن مات وهو على ذلك(41).

فالواجب على الأمين أن يبين ويوصي ويميز ما عنده من أمانات الناس؛ لترد إلى أصحابها إن لم يتمكن هو من ردها لموت أو غيره، فإن مات قبل أن يبين ذلك أصبح ضامنًا، وتستوفى تلك الأمانات من تركته.

وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58].

قال ابن عباس: «لم يرخص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمانة»(42)، وعلق القرطبي قائلًا: «قلت: وهذا إجماع، وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها الأبرار منهم والفجار، قاله ابن المنذر»(43).

والفقهاء متفقون، من حيث الجملة، على تضمين الأمين بتجهيله، مع أن الحنفية وحدهم هم من استخدم لفظ (التجهيل)، إلا أن باقي المذاهب قد استخدمت تعبيرات أخرى، لكن الجميع متفقون على تضمين الأمين بذلك، مع الخلاف في بعض التفصيلات.

فأما الحنفية:

ففي المبسوط: «فالأمين بالتجهيل يصير ضامنًا»(44).

وفي البدائع: «المودع والمستعير والمستبضع، وكل من كان المال في يده أمانة، إذا مات قبل البيان ولا تعرف الأمانة بعينها، فإنه يكون عليه دينًا في تركته؛ لأنه صار بالتجهيل مستهلكًا للوديعة»(45).

وفيه أيضًا: «التجهيل عند الموت سبب لوجوب الضمان»(46).

وفي الهداية: «والأمانة تصير مضمونة بالتجهيل»(47).

وأما المالكية:

ففي المدونة: «وقال مالك في رجل هلك، وقد كان أخذ مالًا قراضًا، وعنده ودائع للناس، وعليه ديون ولم يوجد القراض ولا الودائع عنده بعينه، ولم يوص بشيء، قال مالك: يتحاص أهل الودائع وأهل القراض وأهل الدين فيما ترك»(48).

وأما الشافعية:

ففي أسنى المطالب، عند كلامه عن الحكم الثاني من أحكام الوديعة؛ وهو أنها أمانة، قال: «الحكم الثاني: الأمانة؛ لأن الوديع يحفظها للمالك، فيده كيده، ولو ضمن لرغب الناس عن قبول الودائع، وإنما يضمن بالتقصير، وله، أي للتقصير، أسباب ثمانية:...

السبب الثالث: ترك الإيصاء بها: فعلى ذي مرض مخوف، أو حبس لقتل إن تمكن من الرد والإيداع والوصيةِ الردُّ لها إلى المالك أو وكيله، ثم إن عجز عن الرد إليهما فعليه الوصية بها... فإن ترك ذلك ضمن؛ لأنه عرضها للفوات؛ إذ الوارث يعتمد ظاهر اليد ويدعيها لنفسه»(49).

«لو حضره الوفاة فحكمه حكم من حضره سفر، فليودع الحاكم أو أمينًا إن عجز عن الحاكم، أو ليوص إلى وارثه وليشهد عليه صيانة عن الإنكار، فإن سكت ولم يخبر به أحدًا ضمن إلا إذا مات فجأة»(50).

وأما الحنابلة:

ففي المغني: «مسألة: قال: «وإذا مات وعنده وديعة لا تتميز من ماله، فصاحبها غريم بها» وجملته أن الرجل إذا مات، وثبت أن عنده وديعة لم توجد بعينها، فهي دين عليه، يغرم من تركته»(51).

وقال أحمد: «والوديعة إذا ذهبت من بين متاعه يضمن كما ضمَّن عمر أنسًا»(52).

أدلة تضمين الأمين بالتجهيل:

الدليل الأول:

موته مجهلًا حال الأمانة التي بيده يعتبر مَنْعًا للأمانة عن ربها ظلمًا، وذلك موجب لضمانه(53).

الدليل الثاني:

لأنه بالتجهيل صار متملكًا لها، فإن اليد المجهولة عند الموت تنقلب يد ملك؛ ولهذا، لو شهد الشهود بها كان ذلك بمنزلة الشهادة بالملك، حتى يقضي القاضي للوارث والمودع بالتمليك؛ فيصير ضامنًا(54).

الدليل الثالث:

لأنه بالتجهيل يصير مسلطًا غرماءه وورثته على أخذها، والمودع بمثل هذا التسليط يصير ضامنًا؛ كما لو دل سارقًا على سرقتها(55).

الدليل الرابع:

لأنه التزم أداء الأمانة، ومن أداء الأمانة بيانها عند موته، وردها على المالك إذا طلب، فكما يضمن بترك الرد بعد الطلب يضمن أيضًا بترك البيان عند الموت(56).

الدليل الخامس:

«لأنه لما مات مجهلًا للوديعة، فقد أتلفها معنًى؛ لخروجها من أن يكون منتفعًا بها في حق المالك بالتجهيل»(57).

السبب الرابع: العرف:

للعرف عند بعض الفقهاء أثر كبير في تضمين الأمين أو عدم تضمينه، فقد قرر عدد من الفقهاء، خاصة الحنفية والمالكية، في مواضع عدة، أنه إذا قضى العرف بتضمينه ضمن، وإن لم يقض بتضمينه لم يضمن.

فعند الحنفية:

وضعوا قاعدة: «والمعروف بالعرف كالمشروط بالنص»(58).

وفي الأشباه والنظائر: «ورد عليَّ سؤال فيمن آجر مطبخًا لطبخ السكر وفيه فخار، أذن للمستأجر في استعمالها فتلف ذلك، وقد جرى العرف في المطابخ بضمانها على المستأجر.

فأجبت بأن المعروف كالمشروط، فصار كأنه صرح بضمانها عليه، والعارية إذا اشترط فيها الضمان على المستعير تصير مضمونة عندنا في رواية»(59).

وقال صاحب المحيط البرهاني: «وفي (مجموع النوازل): سئل نجم الدين عمن دفع خفًا إلى خفَّاف ليصلحه، فتركه الخفاف في حانوته، فسرق ليلًا؛ هل يضمن؟ قال: لا إن كان في الحانوت حافظ، أو في السوق حارس، وكان الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين رحمه الله يفتي بعدم الضمان، وإن لم يكن حافظ ولا حارس، وقد قيل: يعتبر العرف إن كان العرف فيما بين الناس أنهم يتركون الأشياء في الحوانيت من غير حافظ فيها، ومن غير حارس في السوق، فلا ضمان، وإن كان العرف بخلافه يجب الضمان.

وكذلك قيل: لو ترك باب الدكان مفتوحًا، وكان في موضع ذلك عرفهم وعادتهم لا ضمان»(60).

 وقال أيضًا: «أهل موضع جرى العرف بينهم أن البقار إذا أدخل السرح في السكك أرسل كل بقرة في سكة صاحبها، ولا يسلمها إلى صاحبها، ففعل الراعي كذلك فضاعت بقرة أو شاة قبل أن تصل إلى صاحبها، فقال أبو نصر الدبوسي: لا ضمان عليه لما مر غير مرة، أن المعروف كالمشروط»(61).

وفي البحر الرائق: «قوله: لا أساكنه شهر كذا، توقيت الحلف بالشهر، فينبغي أن لا يحنث؛ إذ معناه لا أساكنه مدة شهر كذا، ثم رأيت في الخانية والتتارخانية أنه تصح نيته في ذلك، ويدين في كل من مسألتي التعريف والتنكير، والظاهر الاحتمال لكل منهما، فإذا كان العرف يقضي بشيء منهما اتبع»(62).

وعند المالكية:

فقد قعدوا قاعدة: «العرف كالشرط»(63).

وفي شرح مختصر خليل: «وبيع الماء من باب بيع الجزاف، ولكن جرى العرف بضمان بائعه إذا انشق ظرفه قبل تفريغه»(64).

 وفيه أيضًا: «ص: وتخصص وتقيد بالعرف، ش: ضمير يعود على الشيء الموكل فيه أو على لفظ الموكل، والمعنى أنه إذا كان لفظ الموكل عامًا فإنه يتخصص بالعرف، كما إذا قال: وكلتك على بيع دوابي، وكان العرف يقتضي تخصيص ذلك ببعض أنواع الدواب فإنه يتخصص»(65).

 وفي حاشية الدسوقي: «إذا قال له: اشتر لي عبدًا، فإنه يتقيد بالعرف إذا كان العرف يقتضي تقييده بما يليق به (فلا يعدوه)؛ أي: لا يتجاوز ما خصصه العرف أو قيده»(66).

وقال ابن رحال بعد أن نقل قول من قال بعدم تضمين الحراس: «والعرف الآن ضمان الحارسين؛ لأنهم إنما يُستأجرون على ذلك»(67).

وعند الشافعية:

في نهاية المطلب: «ومما يتعلق بذلك أنَّ دار المودَع إذا كانت لا تتهيأ لمرابط الدواب، لعزتها أو لضيق مضطربها، فحُكْم العرف يقتضي حفظ الدابة في الإصطبل القريب من الدار، وإن بعُد، واطّرد العرفُ في احتمال مثله في مثل هذه الدابة، فلا يمتنع حفظها في ذلك الموضع»(68)، وعليه فلا يكون مفرطًا إن هلكت الدواب في ذلك الإصطبل؛ للعرف.

وعند الحنابلة:

فقالوا: «وإن قطع العلف عن الدابة المودعة بغير قول صاحبها ضمن؛ لأن العلف من كمال الحفظ؛ بل هو الحفظ بعينه؛ لأن العرف يقتضي علفها وسقيها، فكأنه مأمور به عرفًا»(69).

السبب الخامس: تطوع الأمين بالتزام الضمان بعد العقد:

وقد اختلف الفقهاء في وجوب الضمان على الأمين إذا تطوع به، وكان خلافهم على قولين:

القول الأول: إن تطوع الأمين بالضمان من غير شرط لزمه ذلك:

وهو قول المالكية.

فالقاعدة عند الإمام مالك: «يلزم المعروف من أوجبه على نفسه»(70).

وقال محمد بن رشد: «والمعروف، على مذهب مالك وجميع أصحابه، لازم لمن أوجبه على نفسه، يُحْكَم به عليه ما لم يمت أو يفلس»(71).

وقال أيضًا: «العقد إذا سلم من الشرط، وكان أمرًا طاع به بعده على غير رأي ولا مواطأة، فذلك جائز لا بأس به؛ لأنه معروف طاع به وأوجبه على نفسه لا مكروه فيه»(72).

مما يستدل به لهذا القول:

الدليل الأول:

قوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج:29].

وجه الاستدلال:

يلزم الأمين ما تطوع به من الضمان قياسًا على النذر؛ فقد كانت ذمة الناذر خالية، فلما أوجبه على نفسه لزمه، فكذلك الأمين؛ كانت ذمته خالية من الضمان فلما أوجبه على نفسه لزمه كذلك.

الدليل الثاني:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء»(73).

وجه الاستدلال:

أن الأصل في الأمين أنه لا يجب عليه الضمان، فلما تبرع به لزمه؛ قياسًا على من وهب شيئًا فإنه لا ينبغي له أن يعود فيه.

نوقش:

الأصل في الهبة، لغير الوالدين، عدم اللزوم، الرجوع فيها ليس بمحرم، وإن لم يكن من مكارم الأخلاق.

الدليل الثالث:

«لأن ذلك معروف، والمعروف من أوجبه على نفسه لزمه»(74).

القول الثاني: لا يجوز تضمين الأمين وإن تبرع بذلك:

وبه قال الحنفية والحنابلة.

فأما الحنفية فقد قالوا: «...المودع والمستعير لو ضمنا الوديعة والعارية للمودع والمعير لم يجز لذلك»(75).

 وقال الحنابلة: «إذا شرط رب الوديعة على المستودع ضمان الوديعة، فقبله، أو قال: أنا ضامن لها، لم يضمن، قال أحمد في المودع: إذا قال: أنا ضامن لها، فسرقت، فلا شيء عليه، وكذلك كل ما أصله الأمانة؛ كالمضاربة، ومال الشركة، والرهن، والوكالة؛ وبهذا قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر»(76).

مما يستدل به لهذا القول:

الدليل الأول:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان»(77)، والمراد بالمغل: الخائن.

وجه الاستدلال:

أن الله تعالى قد قرر ألا ضمان عليه؛ لذا، فلا يعتد بكل ما خالف ذلك، ولو كان تطوع الأمين نفسه بإيجابه؛ لأنه من إيجاب ما لا يجب.

نوقش:

الحديث ضعيف، قال البيهقي: «وأما الذي روي: «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان»، فإنه إنما يصح من قول شريح، ولا يصح عن غيره، وإنما رواه عمرو بن عبد الجبار، عن عبيدة بن حسان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن عبد الجبار، وعبيد بن حسان ضعيفان»(78).

الدليل الثاني:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أودع وديعة فلا ضمان عليه»(79).

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضمان على مؤتمن»(80).

وجه الاستدلال:

الدلالة واضحة؛ حيث نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمين أن يكون ضامنًا، وعليه فلا يكون ضامنًا وإن تطوع بذلك.

الدليل الثالث:

أن الشارع الحكيم لم يجعل على الأمين ضمانًا، فإيجاب «الضمان تغيير لحكم الشرع»(81)، وهو ما لا يجوز.

الراجح:

نميل إلى ترجيح رأي المالكية؛ أن الأمين يلزمه الضمان إذا ألزم به نفسه متطوعًا، وذلك للأسباب الآتية:

أولًا: قوة أدلتهم، ومناقشتهم لأدلة الفريق الثاني.

ثانيًا: أن من القواعد المقررة أن من تنازل عن حقه لغيره حل لهذا الغير أخذه، كحديث: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه»(82)، وعليه: فقد طابت نفس الأمين بهذا الضمان، الذي قد يكلفه شيئًا من ماله إن تلفت الأمانة في يده بلا تعد ولا تفريط، فيضمنها.

ثالثًا: شهادة النصوص التي استدل بها المالكية لقاعدتهم التي قرروها: «المعروف يلزم من أوجبه على نفسه»، خاصة ما يتعلق بالنذر.

رابعًا: أن الأحاديث التي احتج بها أصحاب القول الثاني؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضمان على مؤتمن»، عمومات يجوز تخصيصها؛ فقد خصها العلماء بأسباب عديدة توجب الضمان على المؤتمن، منها: التعدي والتفريط والتجهيل...

أيضًا فهي تبين الأصل في الأمين؛ ألا ضمان عليه، ويصح أن يستثنى من هذا الأصل: إلا ما تبرع الأمين بضمانه.

السبب السادس: المصلحة:

فقد تكون المصلحة سببًا من أسباب تضمين الأمين، ونضرب مثالًا لذلك بما عُرِف بين الفقهاء بتضمين الصناع، أو الأجير المشترك؛ كالقصار، والخياط، والصباغ، والصائغ، والنجار، والبناء.

فالأصل في الصناع أنهم مؤتمنون على ما في أيديهم من أمانات الخلق، لا يضمنونها بغير التعدي والتفريط، لكن ضمنهم الفقهاء للمصلحة وللضرورة، وهذي بعض نصوص الفقهاء:

أولًا: الحنفية:

فقد كان أبو حنيفة رحمه الله يقول: «والأجير المشترك ضامن لما جنت يده»(83).

«ولو دفع ثوبًا إلى قصار ليقصره، وضمنه رجل، فضمانه باطل في قول أبي حنيفة رحمه الله، وكذلك من يشبهه من الصناع؛ لأن العين عنده أمانة في يد الأجير المشترك؛ ولهذا لو هلك من غير صنعه لم يضمن، وأما في قول من يضمن الأجير المشترك ما هلك عنده بسبب يمكن التحرز عنه، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، فالكفيل ضامن؛ لأن العين عندهما مضمونة في يد القابض بنفسها»(84).

وفي تبيين الحقائق: «تضمين الأجير المشترك كان نوع استحسان عندهما صيانة لأموال الناس؛ لأنه يتقبل الأعمال من خلق كثير رغبة في كثرة الأجرة، وقد يعجز عن القيام بها فيقعد عنده طويلًا، فيجب عليه الضمان إذا هلكت بما يمكن التحرز عنه؛ حتى لا يتوانى في حفظها»(85).

«وأما استئجار الصناع؛ من الحائك والخياط والصباغ ونحوهم، فالخلاف إن كان في الجنس بأن دفع ثوبًا إلى صباغ ليصبغه لونًا فصبغه لونًا آخر فصاحب الثوب بالخيار: إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض، وسلم الثوب للأجير، وإن شاء أخذ الثوب، وأعطاه ما زاد الصبغ فيه إن كان الصبغ مما يزيد»(86).

ثانيًا: المالكية:

قال محمد بن رشد: «الأصل في الصناع أن لا ضمان عليهم؛ لأنهم أجراء، وقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم عن الأجير الضمان، فأخرج أهل العلم الصناع من ذلك لنصبهم أنفسهم لأعمال الناس، وأخذ أمتعتهم، وإذا لم ينصب نفسه لذلك بقي على الأصل، وسقط عنه الضمان»(87).

وقال أيضًا: «الأصل في الصناع أنه لا ضمان عليهم لأنهم أجراء، وإنما ضمنوا لمصلحة العامة»(88).

«الأصل في الصناع ألا ضمان عليهم، وأنهم مؤتمنون؛ لأنهم أجراء، وقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم الضمان عن الأجراء في الائتمان، وضمنوهم نظرًا واجتهادًا، لضرورة الناس إلى استعمالهم؛ فلو علموا أنهم يؤتمنون ولا يضمنون، ويصدقون فيما يدعون من التلف؛ لتسارعوا إلى أخذ أموال الناس، واجترءوا على أكلها؛ فكان ذلك ذريعة إلى إتلاف الأموال وإهلاكها، ولَلَحِق أربابَ السلع في ذلك ضررٌ شديدٌ؛ لأنهم بين أن يدفعوها إليهم فيعرضونها للهلاك، أو يمسكوها مع حاجتهم إلى استعمالها فيضر ذلك بهم؛ إذ لا يحسن كل أحد أن يخيط ثوبه، ويعمل جميع ما يحتاج إلى استعماله، فكان هذا من الأمور العامة الغالبة، التي يجب مراعتها(89) والنظر فيها للفريقين جميعًا، فكان الحض في دفعها إليهم على التضمين، حتى إذا علم إهلاكها بالبينة من غير تضييع لم يضمنوا، لإزالة الضرر عنهم، كما إذا لم يعلم الهلاك والتلف ضمنوا لإزالة الضرر عن أهل الأموال، هذا قول مالك رحمه الله؛ أنهم ضامنون لما غابوا عليه وادعوا تلفه، ولم يعلم ذلك إلا بقولهم، ولا ضمان عليهم فيما ثبت ضياعه بالبينة من غير تضييع، وتابعه على ذلك جميع أصحابه، إلا أشهب، فإنه ضمنهم وإن قامت البينة على التلف»(90).

الحنابلة:

في مسائل الإمام أحمد: «قلت: ضمان الصناع، والحائك، والصائغ، والصباغ، والراعي؟ قال: عليهم الضمان ما كان من جناية أيديهم»(91).

أدلة تضمين الصناع:

الدليل الأول:

عن أبي جعفر أن عليًا رضي الله عنه كان يُضَمِّن الخياط والقصار، وغيرهما من الصناع؛ احتياطًا للناس أن لا يضيعوا متاعهم(92).

نوقش:

الرواية عن علي رضي الله عنه متضاربة؛ فعن أبي جعفر أيضًا أن عليًا رضي الله عنه لم يكن يضمن القصار في الرواية والصباغ والصائغ(93).

قال الشافعي: «وقد رُوي من وجه لا يُثبت أهلُ الحديث مثلَه»(94).

وفي المجموع: «وقد رُوي فيه شيءٌ عن عمر وعلى، وليس يثبت عند أهل الحديث عنهما»(95).

الدليل الثاني:

عن بكير بن الأشج قال: «كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضمن الصنّاع ما أفسدوا من متاع الناس، أو ضاع على أيديهم»(96).

الدليل الثالث:

عن شريح رحمه الله أنه أتاه رجل بصباغ فقال: إني أعطيت هذا ثوبي ليصبغه فاحترق بيته، فقال له شريح رحمه الله: اضمن له ثوبه، فقال الصباغ: كيف أضمن له ثوبه وقد احترق بيتي، فقال له شريح: أرأيت لو احترق بيته أكنت تدع له أجرك؟(97).

الدليل الرابع:

المصلحة والضرورة، فالأمر كما روي عن علي بن أبي طالب ضمن الغسال والصباغ، وقال: «لا يُصلح الناسَ إلا ذلك»(98).

قال الشاطبي: «إن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم قضوا بتضمين الصناع، قال علي رضي الله عنه: «لا يصلح الناس إلا ذاك».

ووجه المصلحة فيه: أن الناس لهم حاجة إلى الصناع، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط، وترك الحفظ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين: إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا ولا يضمنوا عند دعواهم الهلاك والضياع، فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة، فكانت المصلحة في التضمين، هذا معنى قوله: لا يصلح الناس إلا ذاك.

ولا يقال: إن هذا نوع من الفساد، وهو تضمين البريء؛ إذ لعله ما أفسد ولا فرط؛ فالتضمين مع هذا الإمكان نوع من الفساد؛ لأنا نقول: إذا تقابلت المصلحة والمضرة فشأن العقلاء النظر إلى التفاوت، ووقوع التلف من الصناع من غير تسبب ولا تفريط بعيد، والغالب عند فوات الأموال أنها لا تستند إلى التلف السماوي؛ بل ترجع إلى صنع العباد على وجه المباشرة أو التفريط»(99).

وأما الشافعية فلهم في ذلك قولان، والمذهب عندهم عدم تضمين الصناع؛ إبقاءً على الأصل وهو أنهم أمناء، والأمين لا يضمن إن لم يتعد أو يفرط، ولقد ضعفوا المروي في ذلك عن عمر وعلي رضي الله عنهما(100).

قال الشافعي: «الأجراء كلهم سواء، وما تلف في أيديهم من غير جنايتهم ففيه واحد من قولين، أحدهما: الضمان؛ لأنه أخذ الأجر، والقول الآخر لا ضمان إلا بالعدوان.

قال المزني: هذا أولاهما به؛ لأنه قطع بأن لا ضمان على الحجام، يأمره الرجل أن يحجمه أو يختن غلامه أو يبيطر دابته»(101).

«وقال الربيع: كان الشافعي رحمه الله يذهب إلى أنه لا ضمان على الأجير، قولًا واحدًا، وإنما كان لا يبوح به لفساد الصناع، هذا مذهبنا»(102)؛ يعني خوفًا من أن يتمادى الصناع في الإهمال؛ فيفضي ذلك إلى ضياع أموال الناس بفشو التلف بين أصحاب الحرف(103).

ومما يستدل لهم به:

الدليل الأول:

أن العين أمانة في يد الأجير؛ لأنه متطوع بالحفظ، إذ الأُجرة مقابل العمل، والأصل في الأمانات ألا تضمن.

الدليل الثاني:

أن قبضه للعين إنما هو لمصلحة المستأجر، فلا يضمن إلا إذا تعدَّى أو قصر»(104).

السبب السابع: اشتراط الضمان على الأمين:

اختلف الفقهاء في تضمين الأمين بالشرط على عدة أقوال، وكانت صورة خلافهم كالآتي:

القول الأول: لا يجوز تضمين الأمين بالشرط:

ويقع الشرط باطلًا؛ لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وهو القول الراجح عند الحنفية، وقول المالكية إلا مطرف، والشافعية، ومشهور الحنابلة.

فأما الحنفية:

ففي المبسوط: «واشتراط الضمان على الأمين باطل»(105).

وفي رد المحتار: «واشتراط الضمان على الأمين؛ كالحمامي والخاني، باطل، به يفتى»(106).

وفي العناية: «... كاشتراط الضمان على المودع والمستعير، فإنهما لو ضمنا الوديعة والعارية للمودع والمعير لم يجز لذلك»(107).

وفي مجمع الأنهر: «والمتاع في يده، أي في يد الأجير، أمانة؛ لا يضمن إن هلك... وإن... شرط عليه ضمانه؛ لأنه شرط لا يقتضيه العقد به، أي بعدم الضمان»(108).

وأما المالكية:

ففي بداية المجتهد: «إذا شرط رب المال الضمان على العامل، فقال مالك: لا يجوز القراض وهو فاسد... وعمدة مالك: أن اشتراط الضمان زيادة غرر في القراض نفسه»(109).

وأما الشافعية:

ففي الحاوي الكبير: «قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو قال: دفعها إلي أمانة على أني ضامن لها، لم يكن بشرط ضمان ما أصله أمانة".

قال الماوردي: وهذا كما قال: كان عقد كل أمانة كالوديعة والمضاربة لم يصر مضمونًا باشتراط الضمان، وكل عقد كان مضمونًا؛ كالعواري لم يسقط ضمانه باشتراط سقوطه؛ لأن العقود معتبرة بما استقر من أحكام أصولها، ولا يغير الشرط الأصل عن حكمه»(110).

وفي البيان: «فإن شرط المودع الضمان على المودع... لم يجب عليه الضمان بذلك، وهو قول كافة العلماء، إلا عبيد الله بن الحسن العنبري، فإنه قال: عليه الضمان، وهذا غير صحيح؛ لما ذكرناه من الخبر، فلم يفرق بين أن يشترط الضمان، أو لا يشترط، ولأن ما كان أصله الأمانة.. لم يصر مضمونًا بالشرط، كالمضمون لا يصير أمانة بالشرط»(111).

وفي المجموع: «فإن ضمن المؤجر على المستأجر ضمان العين فالشرط فاسد؛ لأنه ينافي مقتضى العقد»(112).

وقال الخطابي: «والشيء إذا كان حكمه في الأصل على الأمانة فإن الشرط لا يغيره عن حكم أصله»(113).

وأما الحنابلة:

ففي المغني: «إذا شرط رب الوديعة على المستودع ضمان الوديعة، فقبله أو قال: أنا ضامن لها، لم يضمن، قال أحمد في المودع: إذا قال: أنا ضامن لها، فسرقت، فلا شيء عليه، وكذلك كل ما أصله الأمانة؛ كالمضاربة، ومال الشركة، والرهن، والوكالة، وبهذا قال الثوري، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر؛ وذلك لأنه شرط ضمان ما لم يوجد سبب ضمانه، فلم يلزمه، كما لو شرط ضمان ما يتلف في يد مالكه»(114).

وفيه أيضًا: «فصل: فإن شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين، فالشرط فاسد؛ لأنه ينافي مقتضى العقد، وهل تفسد الإجارة به؟ فيه وجهان، بناءً على الشروط الفاسدة في البيع»(115).

مما يستدل به لهذا القول:

الدليل الأول:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضمان على مؤتمن»(116).

وجه الاستدلال:

حيث لم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم ضمانًا على مؤتمن أصلًا، ولزومه بالشرط إيجاب لما لم يوجبه الشرع، وهذا ممنوع.

الدليل الثاني:

عن ابن عمر أنه قال: «لا يصلح الكراء بالضمان»(117).

الدليل الثالث:

لو وجب الضمان على الأمين من غير تفريط، لامتنع الناس من قبول الأمانات والودائع...، وهذا يؤدي إلى الضرر والمشقة(118).

الدليل الرابع:

لأن ما لا يجب ضمانه لا يصير بالشرط مضمونًا؛ كما أن ما يجب ضمانه لا ينتفي ضمانه بشرط نفيه(119).

الدليل الخامس:

لأنه شرط ضمان ما لم يوجد سبب ضمانه، فلم يلزمه، كما لو شرط ضمان ما يتلف في يد مالكه(120).

الدليل السادس:

البراءة الأصلية؛ فالأصل في الأمين براءة ذمته من الضمان.

القول الثاني: إن شرط عليه الضمان من أمر مخوف، لزمه الشرط:

وبه قال مطرف من المالكية.

ففي البيان والتحصيل: «أن يشترط المعير أو الراهن على المستعير أو المرتهن الضمان فيما لا يغاب عليه من الحيوان، أو مع قيام البينة فيما يغاب عليه، فهذا قول مالك فيه وجميع أصحابه، أن الشرط باطل جملة من غير تفصيل، حاشا مطرفًا؛ فإنه قال: إن شرط عليه الضمان لأمر خافه من طريق مخوفة أو نهر أو لصوص أو ما أشبه ذلك، فالشرط لازم إن عطبت في الأمر الذي خافه واشترط الضمان من أجله»(121).

وعلق عليه في حاشية الدسوقي قائلًا: «والمعتمد أنه لا ضمان، ولا عبرة بشرطه ولو لأمر خافه»(122).

القول الثالث: يلزم الأمين الضمان بالشرط:

وهو رواية عن الإمام أحمد.

ففي المغني أن الإمام أحمد سُئل عن اشتراط ضمان ما لا يجب ضمانه، فقال: «المسلمون على شروطهم، وهذا يدل على نفي الضمان بشرطه، ووجوبه بشرطه(123).

مما يستدل به لهذا القول:

الدليل الأول:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1].

وجه الاستدلال:

حيث أوجب الله عز وجل على المؤمنين الإيفاء بالعقود؛ أي بكل ما توجبه العقود، ومن ذلك ما تضمنته من شروط.

الدليل الثاني:

عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا حرم حلالًا، أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرم حلالًا، أو أحل حرامًا»(124).

وجه الاستدلال:

الحديث واضح الدلالة على وجوب الالتزام بما شرطه المسلم على نفسه، أو اشتُرط عليه ورضي به، وشرط تضمين الأمين لا يخرج عن ذلك.

الدليل الثالث:

عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدراعًا، قال: غصب يا محمد؟ قال: «بل عارية مضمونة»، قال: فضاع بعضها، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، قال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب(125).

وجه الاستدلال:

حيث دلَّ قوله صلى الله عليه وسلم: «مضمونة» على أن اشتراط ضمان العارية على المستعير الأمين صحيح ملزم، حيث إنه جعل لفظ «مضمونة» صفة مخصصة، أي أستعيرها منك عارية مشروطًا فيها لا ضمان، ومتصفة بأنها مضمونة، لا عاريةً مطلقةً عن الضمان كما هو الأصل فيها(126).

الراجح:

من خلال استعراض الآراء الثلاثة، وما استدل لبعضهم به، نرانا نميل إلى ترجيح الرأي الثالث، القائل بلزوم الشرط ووجوب الضمان بمقتضاه، ومن أسباب هذا الترجيح ما يلي:

أولًا: قوة أدلة هذا القول، واستنادهم إلى أصل ثابت وهو: «المسلمون على شروطهم»، بل وقوله صلى الله عليه وسلم: «عارية مضمونة»، نص في الموضوع، خاصة عند من قال: إن الأصل في العارية عدم الضمان.

ثانيًا: أن أدلة الفريق الأول عمومات قد خصصت؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضمان على مؤتمن»، وكالبراءة الأصلية، فقد خصصا بالضمان عند التعدي والتفريط وغيرهما.

«ولو كان تضمين الأمين من غير تعدّ أو تفريط يهدم أصلًا شرعيًا، أو يخالف نصًا ثابتًا لما ساغ لأحد من الفقهاء أن يقول بتضمين الأمين للتجهيل أو للتهمة أو للمصلحة أو للعرف والعادة·، ولما وقع اختلاف بين الفقهاء في العديد من الأيدي: هل هي يد أمانة فلا تضمن بدون تعد أو تفريط، أم يد ضمان فتضمن مطلقًا، كيد المستعير والمرتهن والوكيل بأجر والصانع»(127).

ثالثًا: أن شرط تضمين الأمين شرط لا يخل بمقتضى العقد فيلغى؛ بل قد يكون في أحوال كثيرة من مصلحة العقد؛ كتلك الحالة التي أشار إليها مطرف من المالكية.

رابعًا: أن التضمين بالشرط أقوى من التضمين بالعرف أو بالتهمة أو للمصلحة، وقد أجاز كلًا منها طائفة من الفقهاء.

مراجع البحث

القرآن الكريم.

كتب التفسير:

الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1384هـ/1964م.

 كتب السنة:

إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، إشراف: زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1405هـ/1985م.

الجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل، لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر (ج1،2)، ومحمد فؤاد عبد الباقي (ج3)، وإبراهيم عطوة عوض (ج4،5)، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، 1395هـ/1975م.

السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المحقق: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1424هـ/2003م.

السنن الكبرى، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي، حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي، أشرف عليه: شعيب الأرنئوط، قدم له: عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1421هـ/2001م.

المسند، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، المحقق: شعيب الأرنئوط، عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421هـ/2001م.

المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ/1990م.

سنن ابن ماجه، ابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي.

سنن الدارقطني، لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الدارقطني، حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الأرنئوط، حسن عبد المنعم شلبي، عبد اللطيف حرز الله، أحمد برهوم، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1424هـ/2004م.

شعب الإيمان، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي، صاحب الدار السلفية ببومباي، الهند، الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند، الطبعة الأولى، 1423هـ/2003م.

صحيح الجامع الصغير وزياداته، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي.

صحيح وضعيف سنن الترمذي، محمد ناصر الدين الألباني، مصدر الكتاب: برنامج منظومة التحقيقات الحديثية، من إنتاج مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة بالإسكندرية.

معرفة السنن والآثار، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المحقق: عبد المعطي أمين قلعجي، الناشرون: جامعة الدراسات الإسلامية (كراتشي - باكستان)، دار قتيبة (دمشق -بيروت)، دار الوعي (حلب - دمشق)، دار الوفاء (المنصورة - القاهرة)، الطبعة الأولى، 1412هـ/1991م.

شروح الحديث:

معالم السنن، وهو شرح سنن أبي داود، لأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي، الناشر: المطبعة العلمية، حلب، الطبعة الأولى، 1351هـ/1932م.

نيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، تحقيق: عصام الدين الصبابطي، الناشر: دار الحديث، مصر، الطبعة الأولى، 1413هـ/1993م.

الفقه:

أولًا: الفقه الحنفي:

البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري، وفي آخره: تكملة البحر الرائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري، وبالحاشية: منحة الخالق، لابن عابدين، الناشر: دار الكتاب الإسلامي.

البناية شرح الهداية، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى الغيتابي الحنفي بدر الدين العيني، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ/2000م.

الجوهرة النيرة على مختصر القدوري، لأبي بكر بن علي بن محمد الحدادي العبادي الزَّبِيدِيّ اليمني الحنفي، الناشر: المطبعة الخيرية، الطبعة الأولى، 1322هـ.

العناية شرح الهداية، أبو عبد الله أكمل الدين محمد بن محمد بن محمود الرومي البابرتي، الناشر: دار الفكر.

المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، الناشر: دار المعرفة بيروت، تاريخ النشر: 1414هـ/1993م.

المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، أبو المعالي برهان الدين محمود بن أحمد بن مَازَةَ البخاري الحنفي، المحقق: عبد الكريم سامي الجندي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1424هـ/2004م.

الهداية في شرح بداية المبتدي، أبو الحسن برهان الدين علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني، ، المحقق: طلال يوسف، الناشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1406هـ/1986م.

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، عثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي، الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد الشِّلْبِيُّ، الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، القاهرة، الطبعة الأولى، 1313هـ.

رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، الناشر: دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1412هـ/1992م.

مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده, يعرف بداماد أفندي، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

مجمع الضمانات، أبو محمد غانم بن محمد البغدادي الحنفي، الناشر: دار الكتاب الإسلامي.

ثانيًا: الفقه المالكي:

البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة، أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، حققه: د محمد حجي وآخرون، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1408هـ/1988م.

التلقين في الفقه المالكي، أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي، المحقق: أبو أويس محمد بو خبزة الحسني التطواني، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1425هـ/2004م.

التهذيب في اختصار المدونة، لأبي سعيد خلف بن أبي القاسم محمد الأزدي القيرواني، ابن البراذعي المالكي، دراسة وتحقيق: الدكتور محمد الأمين ولد محمد سالم ابن الشيخ، الناشر: دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث، دبي، الطبعة الأولى، 1423هـ/2002م.

الذخيرة، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، المحقق: ج1،8،13: محمد حجي، ج2،6: سعيد أعراب، ج3-5،7،9-12: محمد بو خبزة، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1994م.

المدونة، أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ/1994م.

المقدمات الممهدات، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1408هـ/1988م.

بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، الشهير بابن رشد الحفيد، الناشر: دار الحديث، القاهرة، تاريخ النشر: 1425هـ/2004م.

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، الناشر: دار الفكر.

شرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكي، الناشر: دار الفكر للطباعة، بيروت.

ثالثًا: الفقه الشافعي:

أسنى المطالب في شرح روض الطالب، لأبي يحيى زين الدين زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، الناشر: دار الكتاب الإسلامي.

الأم، أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، الناشر: دار المعرفة، بيروت، سنة النشر: 1410هـ/1990م.

البيان في مذهب الإمام الشافعي، لأبي الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني، المحقق: قاسم النوري، الناشر: دار المنهاج، جدة، الطبعة الأولى، 1421هـ/2000م.

الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، وهو شرح مختصر المزني، لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد البصري البغدادي، الشهير بالماوردي، المحقق: الشيخ علي محمد معوض، الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ/1999م.

الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، اشترك في تأليف هذه السلسلة: الدكتور مصطفى الخن، الدكتور مصطفى البغا، علي الشّرْبجي، الناشر: دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الرابعة، 1413هـ/1992م.

المجموع شرح المهذب، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، مع تكملة السبكي والمطيعي، الناشر: دار الفكر.

الوسيط في المذهب، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، المحقق: أحمد محمود إبراهيم, محمد محمد تامر، الناشر: دار السلام، القاهرة، الطبعة الأولى، 1417هـ.

جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود، شمس الدين محمد بن أحمد بن علي الأسيوطي الشافعي، حققها وخرج أحاديثها: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ/1996م.

روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، تحقيق: زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، عمان، الطبعة الثالثة، 1412هـ/1991م.

متن أبي شجاع المسمى الغاية والتقريب، أبو شجاع شهاب الدين أحمد بن الحسين بن أحمد، أبو الطيب الأصفهاني، الناشر: عالم الكتب.

مختصر المزني، أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني، الناشر: دار المعرفة، بيروت، سنة النشر: 1410هـ/1990م.

نهاية المطلب في دراية المذهب، لأبي المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، الملقب بإمام الحرمين، حققه وصنع فهارسه: ا.د. عبد العظيم محمود الديب، الناشر: دار المنهاج، الطبعة الأولى، 1428هـ/2007م.

رابعًا: الفقه الحنبلي:

الروض المربع شرح زاد المستقنع، منصور بن يونس بن صلاح الدين البهوتي الحنبلي، ومعه: حاشية الشيخ العثيمين وتعليقات الشيخ السعدي، خرج أحاديثه: عبد القدوس محمد نذير، الناشر: دار المؤيد، مؤسسة الرسالة.

المبدع في شرح المقنع، أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن مفلح، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418هـ/1997م.

المغني شرح مختصر الخرقي، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الناشر: مكتبة القاهرة، تاريخ النشر: 1388هـ/1968م.

دقائق أولي النهى لشرح المنتهى، المعروف بشرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس ابن إدريس البهوتي الحنبلي، الناشر: عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1414هـ/1993م.

كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي الحنبلي، الناشر: دار الكتب العلمية.

فقه عام:

الموسوعة الفقهية الكويتية، صادرة عن وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، الطبعة: من 1404-1427هـ، الأجزاء: 1-23: الطبعة الثانية، دار السلاسل، الكويت، الأجزاء: 24-38: الطبعة الأولى، مطابع دار الصفوة، مصر، الأجزاء: 39-45: الطبعة الثانية، طبع الوزارة.

الفتاوى:

مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، برواية إسحاق بن منصور الكوسج المروزي، المحقق: مجموعة من المحققين، الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة، سنة النشر: 1425هـ/2004م.

أصول الفقه والقواعد الفقهية:

الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان، زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري، وضع حواشيه وخرج أحاديثه: الشيخ زكريا عميرات، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ/1999م.

اللغة:

التعريفات، علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني، ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403هـ/1983م.

الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1407هـ‍/1987م.

العين، لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، المحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، الناشر: دار ومكتبة الهلال.

المُنَجَّد في اللغة، لأبي الحسن علي بن الحسن الهُنائي الأزدي، الملقب بـ (كراع النمل)، تحقيق: دكتور أحمد مختار عمر، دكتور ضاحي عبد الباقي، الناشر: عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الثانية، 1988م.

شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، نشوان بن سعيد الحميري اليمني، المحقق: د حسين بن عبد الله العمري، مطهر بن علي الإرياني، د. يوسف محمد عبد الله، الناشر: دار الفكر المعاصر، بيروت لبنان، دار الفكر، دمشق سورية، الطبعة الأولى، 1420هـ/1999م.

لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن على، ابن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي، الناشر: دار صادر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1414هـ.

مختار الصحاح، لأبي عبد الله زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي، المحقق: يوسف الشيخ محمد، الناشر: المكتبة العصرية، الدار النموذجية، بيروت، صيدا، الطبعة الخامسة، 1420هـ/1999م.

معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ/1979م.

أخرى:

الاعتصام، لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي، الشهير بالشاطبي، تحقيق: سليم بن عيد الهلالي، الناشر: دار ابن عفان، السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ/1992م.

الزواجر عن اقتراف الكبائر، لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، الناشر: دار الفكر، الطبعة الأولى، 1407هـ/1987م.

الفتاوى الاقتصادية، لمجموعة من المؤلفين، المصدر: المكتبة الشاملة.

مقالات على الشبكة العنكبوتية:

المضاربة المشتركة من أهم صيغ التمويل المصرفي الإسلامي، د. عادل سالم محمد الصغير، أمين اللجنة الإدارية لكلية الدراسات الإسلامية بالبيضاء، ومؤسس قسم الاقتصاد الإسلامي بها، نقلًا عن موقع: موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي.

مدى صحة تضمين الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي، ا.د. نزيه حماد، نقلًا عن موقع: المختار الإسلامي.

_________________

(1) انظر في هذه الأسباب: (مدى صحة تضمين الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي)، أ.د. نزيه حماد، نقلًا عن موقع: المختار الإسلامي.

(2) سيأتي، إن شاء الله، تخريجه، والتعليق عليه.

(3) رواه النسائي في السنن الكبرى (كتاب: العارية والوديعة، المنيحة)، وابن ماجه (أبواب الصدقات، باب: الوديعة)، وضعفه الألباني في إرواء الغليل (1516).

(4) انظر: مدى صحة تضمين الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي، أ. د نزيه حماد، نقلًا عن موقع: المختار الإسلامي.

(5) العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي (2/ 213).

(6) معجم مقاييس اللغة، للقزويني (4/ 249).

(7) مختار الصحاح، للرازي (1/ 203)، وشمس العلوم، للحميري (7/ 4424).

(8) الموسوعة الفقهية الكويتية (28/ 222).

(9) انظر: الفتاوى الاقتصادية، لمجموعة من المؤلفين، نقلًا عن موقع المكتبة الشاملة.

(10) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لابن نجيم (8/ 43).

(11) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للكاساني (4/ 210).

(12) المصدر السابق (6/ 35).

(13) البيان والتحصيل، لابن رشد (9/ 349).

(14) التلقين في الفقه المالكي، لابن نصر الثعلبي (2/ 172).

(15) الأم، للشافعي (6/ 186).

(16) روضة الطالبين، للنووي (5/ 361).

(17) المبدع في شرح المقنع، لابن مفلح (4/ 387).

(18) شرح منتهى الإرادات (2/ 202).

(19) المُنَجَّد في اللغة، لعلي بن الحسن الهُنائي الأزدي (1/ 285).

(20) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، للجوهري (11/ 48).

(21) التعريفات، للجرجاني (1/ 32).

(22) انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (43/ 139).

(23) الجوهرة النيرة، للزبيدي (2/ 139).

(24) البناية شرح الهداية، لبدر الدين العيني (10/ 136).

(25) المقدمات الممهدات، لابن رشد (2/ 472).

(26) المصدر السابق (2/ 457).

(27) الذخيرة، للقرافي (9/ 164).

(28) المصدر السابق (12/ 258).

(29) شرح مختصر خليل، للخرشي (2/ 226).

(30) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 28).

(31) الحاوي الكبير، للماوردي (6/ 134).

(32) المجموع شرح المهذب، للنووي (7/ 313).

(33) متن أبي شجاع (1/ 24).

(34) المبدع في شرح المقنع، لابن مفلح (4/ 387).

(35) شرح منتهى الإرادات (2/ 202).

(36) المغني، لابن قدامة (6/ 437).

(37) المصدر السابق (9/ 194).

(38) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، للبهوتي (4/ 167).

(39) انظر: الصحاح تاج اللغة، للجوهري (4/ 1664 وما بعدها)، ولسان العرب، لابن منظور (11/ 129)، وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، لنشوان بن سعيد الحميري (2/ 1205)، ومختار الصحاح، للرازي (1/ 63).

(40) مجمع الضمانات، لغانم بن محمد البغدادي (1/ 87).

(41) الموسوعة الفقهية الكويتية (10/ 173).

(42) الزواجر عن اقتراف الكبائر، لابن حجر الهيتمي (1/ 442)، تفسير القرطبي (5/ 256).

(43) تفسير القرطبي (5/ 256).

(44) المبسوط، للسرخسي (22/ 19، 60، 143) (25/ 68، 69).

(45) بدائع الصنائع، للكاساني (6/ 115).

(46) المصدر السابق (6/ 274).

(47) الهداية في شرح بداية المبتدي، للمرغيناني (3/ 128).

(48) المدونة، لمالك بن أنس (3/ 664).

(49) أسنى المطالب في شرح روض الطالب، للشيخ زكريا الأنصاري (3/ 77).

(50) الوسيط في المذهب، للغزالي (4/ 502).

(51) المغني، لابن قدامة (6/ 445).

(52) مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، للمروزي (6/ 3011).

(53) انظر: المبسوط، للسرخسي (18/ 52)، والبحر الرائق، لابن نجيم (7/ 275).

(54) المبسوط (11/ 129).

(55) المبسوط (11/ 129)، وانظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 77).

(56) المبسوط (11/ 129).

(57) بدائع الصنائع (6/ 213).

(58) المبسوط (15/ 157)، وبدائع الصنائع (5/ 167)، وتبيين الحقائق، للزيلعي (4/ 31).

(59) الأشباه والنظائر، لابن نجيم (1/ 85).

(60) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (5/ 534).

(61) المصدر السابق (7/ 604).

(62) البحر الرائق، لابن نجيم (4/ 335).

(63) المقدمات الممهدات (2/ 466)، والبيان والتحصيل (4/ 247)، والذخيرة، للقرافي (6/ 272).

(64) شرح مختصر خليل، للخرشي (5/ 30).

(65) المصدر السابق (6/ 71).

(66) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/ 381).

(67) كشف القناع عن تضمين الصُناع، للحسن بن رحال المعداني المالكي، تحقيق: محمد أبو الأجفان، الدار التونسية للنشر، نقلًا عن بحث بعنوان: مدى صحة تضمين الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي، أ. د نزيه حماد، موقع: المختار الإسلامي.

(68) نهاية المطلب في دراية المذهب، للجويني (11/ 391).

(69) الروض المربع شرح زاد المستقنع، للبهوتي (1/ 438).

(70) المدونة، لمالك بن أنس (4/ 102).

(71) البيان والتحصيل (8/ 43-44).

(72) المصدر السابق (8/ 67).

(73) المصدر السابق.

(74) التهذيب في اختصار المدونة، لابن البراذعي (4/ 20)، والبيان والتحصيل (8/ 67).

(75) العناية شرح الهداية، للبابرتي (7/ 219)، بتصرف بسيط.

(76) المغني، لابن قدامة (6/ 437).

(77) سنن الدارقطني (كتاب: البيوع)، وضعفه الألباني في إرواء الغليل (1547).

(78) معرفة السنن والآثار، للبيهقي (كتاب: الصلح، باب: العارية).

(79) رواه ابن ماجه (أبواب الصدقات، باب: الوديعة)، والبيهقي في السنن الكبرى (كتاب: الوديعة، باب: لا ضمان على مؤتمن)، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (1547).

(80) رواه البيهقي في السنن الكبرى (كتاب: الوديعة، باب: لا ضمان على مؤتمن)، وسنن الدارقطني (كتاب: البيوع)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته (7518).

(81) البناية شرح الهداية، للعيني (8/ 467).

(82) رواه أحمد (مسند البصريين، حديث عم أبي حرة الرقاشي)، والبيهقي في شعب الإيمان، واللفظ له (فصل في الترغيب في النكاح)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته (7662-2780).

(83) المبسوط (15/ 81).

(84) المصدر السابق (20/ 103).

(85) تبيين الحقائق، للزيلعي (5/ 138).

(86) بدائع الصنائع، للكاساني (4/ 216).

(87) البيان والتحصيل (4/ 243).

(88) المصدر السابق (15/ 335).

(89) كذا في الأصل، ولعل الصواب: مراعاتها.

(90) المقدمات الممهدات، لابن رشد (2/ 243).

(91) مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (6/ 2653).

(92) المبسوط (15/ 81)، وانظر: الأم، للشافعي (9/ 34).

(93) المبسوط (15/ 81-82).

(94) معرفة السنن والآثار (8/ 338).

(95) المجموع شرح المهذب (15/ 99).

(96) المبسوط (15/ 82)، الأصل للشيباني (3/ 430)، وانظر: الأم للشافعي (9/ 34).

(97) المبسوط (15/ 81)، وانظر: الأم للشافعي (7/ 102).

(98) معرفة السنن والآثار، للبيهقي (8/ 338).

(99) الاعتصام، للشاطبي (3/ 18).

(100) المجموع شرح المهذب (15/ 99).

(101) مختصر المزني (8/ 226)، والأم، للشافعي (6/ 188)، وانظر: جواهر العقود (1/ 216).

(102) البيان في مذهب الإمام الشافعي، لأبي الحسين العمراني (7/ 385).

(103) المجموع شرح المهذب (15/ 109).

(104) الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (6/ 154).

(105) المبسوط (11/ 157) (15/ 84، 161).

(106) رد المحتار، لابن عابدين (5/ 664).

(107) العناية شرح الهداية (7/ 219).

(108) مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 391).

(109) بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لابن رشد (4/ 23).

(110) الحاوي الكبير، للماوردي (7/ 45).

(111) البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 477).

(112) المجموع شرح المهذب (15/ 51).

(113) معالم السنن، للخطابي (3/ 176).

(114) المغني، لابن قدامة (6/ 437).

(115) المصدر السابق (5/ 396).

(116) السنن الكبرى، للبيهقي (كتاب: الوديعة، باب: لا ضمان على مؤتمن)، وسنن الدارقطني (كتاب: البيوع)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته (7518).

(117) المجموع شرح المهذب (15/ 51).

(118) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 477).

(119) انظر: المجموع شرح المهذب (15/ 51).

(120) المغني، لابن قدامة (6/ 437).

(121) البيان والتحصيل، لابن رشد (4/ 227).

(122) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (3/ 436).

(123) المغني، لابن قدامة (5/ 397).

(124) رواه الترمذي، واللفظ له (أبواب الأحكام، باب: ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس)، والحاكم (كتاب: الأحكام)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (1352).

(125) رواه النسائي في السنن الكبرى (كتاب: العارية والوديعة، باب: ذكر اختلاف شريك، وإسرائيل على عبد العزيز بن رفيع في هذا الحديث)، وأحمد (مسند المكيين، مسند صفوان بن أمية الجمحي).

(126) انظر: نيل الأوطار، للشوكاني (5/ 358).

(127) انظر: المضاربة المشتركة من أهم صيغ التمويل المصرفي الإسلامي، د. عادل سالم محمد الصغير، أمين اللجنة الإدارية لكلية الدراسات الإسلامية بالبيضاء، ومؤسس قسم الاقتصاد الإسلامي بها، نقلًا عن موقع: موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي.