logo

بدل الخلو (حكم أخذ مقابل لإخلاء المنزل المؤجّر بالإيجار القديم؟)


بتاريخ : الثلاثاء ، 18 جمادى الآخر ، 1447 الموافق 09 ديسمبر 2025
بدل الخلو  (حكم أخذ مقابل لإخلاء المنزل المؤجّر بالإيجار القديم؟)

المقصود ببدل الخلو:

يختلف مسمى الخلو على حسب البلد والمكان، مع الاتحاد في المعنى والمفهوم؛ فأهل العراق يسمون الخلو: (السرقفلية) وهي فارسية، بينما أهل الشام يطلقون عليه اسم: (الفروغ أو الفروغية)، وفي المغرب يسمونه: (الجلسة)، وعند أهل مصر يسمى الخلو بـ: (المفتاح أو الزينة) 

وقد عرَفه باحثو الموسوعة الفقهية بأنه: المنفعة التي يملكها المستأجر لعقار الوقف مقابل مال يدفعه لناظر الوقف لتعميره إذا تخرب ولم يوجد ما يعمره به، ويكون عليه لجهة الوقف أجرة معلومة عن باقي المنفعة تسمى حكرا.

وعرَفه معجم لغة الفقهاء بأنه: المال الذي يأخذه من له حق الإخلاء من العقار مقابل تنازله عن حقه في إخلائه المستأجر (بكسر الجيم) منه عند انتهاء مدة الإجارة .

فمثلا إذا استأجر رجل عند آخر محلاً لمدة عشر سنوات فاستغل المحل خمس سنوات وبقيت خمساً أخرى، وطرأ عليه أمر فأراد أن يسافر، فإنه يأخذ خلواً مقابل الخمس سنوات المتبقيات، ولو مضت العشر سنوات فليس له أن يأخذ خلوًا.

وفي عصرنا هذا، وفي ظل قانون الإيجار الدائم، أصبح المالك يعلم أنه لا يقدر على إخراج المستأجر، لذلك فهو يأخذ منه شيئاً زائداً مقابل أن يملكه المنفعة، قبل أن يتعاقد معه، فهل يحل له ذلك؟

وهل يجوز أخذ البدل من قِبل المستأجر - والحالة هذه - ليخرج من العين المستأجرة بهذا القانون، ويسلمها للمالك؟ هذه بعض صور دفع الخلو المعروفة، وهذا هو جانب من محل بحثنا، كما سيأتي.

نشأة الحديث عن الخلو، وبيان صوره المشروعة

من الجدير بالذكر أن قضية "خلو الرجل" ليست من القضايا المستحدثة في عصرنا هذا، وإنما تكلم عليها فقهاء سابقون، من المالكية والحنفية، وغيرهم، خاصة في مصر، وكان ذلك في القرن التاسع الهجري، لكنه كان خاصًا بالأوقاف، ثم عمم بعد ذلك حتى شمل الأملاك الخاصة .

فالخلوات سابقا كانت تبحث في كتب الوقف؛ فمثلاً إذا أوقف أحد مبنى، على مدرسة، له أساتذة وطلبة، لتعليم صحيح البخاري أو غيره، وصار الطالب له سكن في مكان تابع لهذه المدرسة الوقف، وله مبيت وطعام وشراب، وأراد آخر أن يحل محله، فكان مقابل أن يتنازل له عن حقه في هذا السكن وتوابعه يعطيه خلواً.

قال الشيخ عليش الفقيه المالكي:

«حوانيت الأوقاف بمصر جرت عادة سكانها أنه إذا أراد أحدهم الخروج من الدكان أخذ من الآخر مالًا على أن ينتفع بالسكنى فيه، ويسمونه خلوًا وجدك ويتداولون ذلك

بينهم واحدًا بعد واحد، وليس يعود على تلك الأوقاف نفع أصلًا غير أجرة الحانوت؛ بل الغالب أن أجرة الحانوت أقل من أجرة المثل؛ بسبب ما يدفعه الآخذ من المال.

والذي يدور عليه الجواب في ذلك: إن كان الساكن الذي أخذ الخلو يملك منفعة الحانوت مدة فأسكنها غيره وأخذ على ذلك مالًا، فإن كان الآخذ بيده إجارة صحيحة من الناظر أو الوكيل بشروطها بأجرة المثل فهو سائغ له الأخذ على تلك المنفعة التي يملكها، ولا ضرر على الوقف لصدور الأجرة موافقة لأجرة المثل.

وأما إن لم يكن مالكًا للمنفعة بإجارة صحيحة فلا عبرة بخلوه، ويؤجره الناظر لمن شاء بأجرة المثل، ويرجع دافع الدراهم بها على من دفعها له» .

وجاء في الموسوعة الفقهية:

أما إنشاء الخلو قصدا بتعاقد بين المستأجر والمالك مقابل دراهم معينة ليمكنه من وضع بناء أو نحوه في الأرض أو الحانوت على أن يكون للمستأجر الخلو، فقد أفتى بصحته بعض متأخري الحنفية...



المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي، د. محمد عثمان شبير، ص67-68.      

 الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 54(.

انظر: معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي وحامد صادق قنيبي (1/200).

بدل الخلو، لحسن محمد نجار، إمام وخطيب مسجد الجامعة بالكويت، مركز أبحاث فقه المعاملات الإسلامية.

ذكر بعض الباحثين أن نشأة الحديث عن بدل الخلو كانت في عهد السلطان الغوري، حيث بنى دكاكين واشترط على من يكتريها أن يدفع له قيمة جملية تعطيه حق البقاء فيها. ولكن بدل الخلو لم يكن منتشراً، ثم لما ألزمت القوانين الوضعية في بعض الدول بعدم إخراج المستأجرين مهما طالت المدة فتضرر الملاك بذلك إذ أصبحت الأجرة زهيدةً بمرور الزمن فصار الملاك يطالبون ببدل الخلو دفعاً للضرر المتوقع، ثم تبعهم المستأجرون في ذلك وارتفعت الأسعار تبعاً للموقع، ثم راجت الفكرة وانتشرت بسبب الازدهار الاقتصادي وارتفاع الأجور وتعويضاً لما قد يحدثه المستأجر في دكانه فيطالب المستأجر الجديد ببدل الخلو. وأما في الوقف فقد يكون سببه الرغبة في بنائه على أن يحتسب ما ينفقه المستأجر من الخلو. (انظر: أبو صهيب البيضاوي – حكم بدل الخلو – نظرة شرعية).

الكدك أو الجدك: أن يضع المستأجر في الحانوت أشياء متصلة أو منفصلة فيكون أحق بها من غيره بأجرة المثل. ويعرف المعاصرون إيجار الجدك بأنه: قيام المستأجر بتأجير المحل التجاري علي ان تكون الإجارة شاملة بعض المنقولات التي يقوم المستأجر باستعمالها في المحل التجاري وتكون في حيازته علي سبيل عارية الاستعمال وعليه ان يردها للمؤجر في نهاية مدة الايجار او في حالة انتهائه لاي من الاسباب. منتدى المحاسبين المصريين، البيضاوي – حكم بدل الخلو.

فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، للشيخ عليش (2/250).

وكذلك الحكم عند المالكية، فقد قال الشيخ عليش: الخلو ربما يقاس عليه الجدك المتعارف في حوانيت مصر، فإن الخلو إذا صح في الوقف ففي الملك أولى لأن المالك يفعل في ملكه ما يشاء اهـ..

... وكذلك عند الحنابلة الذين أجازوا بيع المنفعة يجوز عندهم على ما خرجه البهوتي إنشاء الخلو بمال يدفع إلى ناظر الوقف بشروطه كما تقدم)[1].

وكلام هؤلاء الأئمة وإن كان منصبا على الوقف، لكنهم قاسوا عليه الخلو، وبكل حال فالآن فقد نقلت الخلوات إلى الإيجارات، فالإيجارات اليوم على النحو الذي تنعقد فيه شبيهة بالوقف، ولما أصبح المستأجر كأنه مالك ولا يخرج، وجدت الخلوات، فالخلو مقابل أن يملك الرجل المستأجر هذا المكان ومنفعته دون تحديد زمان[2].

صور بدل الخلو عند المعاصرين:

بدل الخلو له عدة صور جائزة، وليس فيها إشكال، وبيانها فيما يلي:

الصورة الأولى:

أن يأخذ المالك بدل الخلو من المستأجر، لأنه بحاجة إلى المال ليوسع العقار مثلا فهذا جائز لأنه بيع جزء من المنفعة مجردا.

الصورة الثانية:

أن يأخذ المالك بدل الخلو من المستأجر بسبب أن القوانين تحد من حقه في إيجار عقاره بأجرة المثل، وتلزمه بتسعيرة جبرية، أو تحد من حقه في إخلاء الساكن عند نهاية المدة.

ويكون السبب أحيانا أن أسعار الأجرة تغيرت بسبب التضخم النقدي للعملة الورقية، فيلجأ المالك لأخذ الخلو ليعوض، وهذا جائز أيضا لأنه إنما هو جُعل لتمكين المستأجر من العقار، أو هو جزء من المعاوضة على المنفعة، لكنه جزء منفصل فقط[3] .

الصورة الثالثة:

أن يأخذ المستأجر بدل الخلو من المالك مقابل ترك المستأجر العقار، لأنه بقي له مدة من العقد فهو يعاوض عليها. وهذه معاوضة مشروعة، لا بأس بها[4].

 الصورة الرابعة:

أن يأخذ المستأجر بدل الخلو من المال مقابل أن المستأجر أعطى لمالك سابق الخلو، فيقول له المالك الجديد أخرج وأنا أعطيك مقابل ما دفعته وخروجك. ـ

وهذه معاوضة مشروعة أيضا، لا بأس بها.

الصورة الخامسة:

أن يأخذ المستأجر بدل الخلو من مستأجر لاحق، لأنه ثمة بقية في مدة العقد، فيقول الجديد تنازل لي وأعطيك عوض فهذا جائز.

فهذه الصور لا إشكال فيها، ويجوز معها أخذ الخلو، وقد صار ذلك معروفاً ومعمولاً به في كثيرٍ من بلاد المسلمين، جرى به العرف، وتعامل به الناس.

 وكذلك أفتى جماعةٌ من فقهاء الحنفية والمالكية المتأخرين بجوازه، فيكون له من قوة الثبوت، قوة الثابت بدليلٍ شرعي، لأن العرف معتبرٌ شرعاً فيما لا يخالف النص، كما هو مذهب كثيرٍ من العلماء[5].

   الصورة الممنوعة في بدل الخلو:

وبقيت صورة من صور بذل بدل الخلو، وهي: أن تكون القوانين تجيز للمستأجر القديم أن يجبر المالك على تجديد العقد كلما انتهى، أو تتيح له البقاء في السكن المؤجر ونحوه أبدا، فيقول المستأجر الجديد أنا مستعد أن أتنازل عن هذا الحق، وأدع لك العقار مقابل عوض.

فهذه الصورة - باتفاق العلماء - لا يجوز فيها أخذ بدل الخلو؛ لأن المستأجر بذلك يعاوض على حق غير شرعي، وأخذه لهذا المال هو استحلال لأكل أموال الناس بالباطل.

وما تجيزه القوانين الوضعية من ذلك لا يؤبه له؛ لأنها لا تحل حراما، ولا تحرم حلالا، وإنما الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه.

وقد سبق نقل إجماع أهل العلم، واتفاق أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم على بطلان عقد الإجارة إذا لم تحدد فيه المدة[6].

 

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:

إذا استأجر إنسان بيتا أو شقة أو معرضا مثلا مدة، وبقي له منها زمن، جاز له أن يؤجرها لمثله بقية تلك المدة بقليل أو كثير، دون غبن، أما إن كانت مدة إجارته قد انتهت فليس له أن يؤجر ذلك البيت أو الشقة أو المعرض -مثلا- أحدا إلا برضا المالك، وإلا كان ما أخذه من الأجرة محرما، سواء كان قليلا أم كثيرا؛ لأن منافع البيت بعد انتهاء مدة الإجارة حق لمالك العين. فتصرف غيره فيها بغير رضاه اعتداء على حقه، فكان ممنوعا: وكان الكسب من ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، لكن إذا كان المستأجر للمحل له مال في المحل من فرش أو ديكورات أو مكيفات أو إنارة، ونحو ذلك فلا مانع أن يتفق المالك أو المستأجر الجديد مع مالكها على ثمن معلوم لتلك الأموال، ولا يسمى هذا نقل قدم، وإنما هو بيع[7].

وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: ما رأي الدين في المبالغ التي تدفع كخلو لإيجار الأماكن والمحلات، سواء من المؤجر للمستأجر أو من المستأجر للمؤجر؟

فأجاب:

"إذا استأجر الإنسان محلاً مدة معلومة: فله أن يسْكُنه تلك المدة ، وأن يؤجِّره لغيره ممن هو مثله في الاستعمال ، أو أقل منه ؛ أي: أن له أن يستغل منفعة المحل بنفسه ، وبوكيله

أما إذا تمت مدته: فإنه يجب عليه إخلاء المحل لصاحبه الذي أجَّره إياه، ولا حق له في البقاء، إلا بإذن صاحبه، وليس له الحق في أن يمتنع عن إخلاء المحل إلا بأن يدفع له ما يسمى بـ " نقل القدم" أو "الخلو"؛ إلا إذا كان له مدة باقية فيه"[8] انتهى

ويقول الدكتور حسام الدين عفانة:

يتعامل بعض الناس بتعاملاتٍ غير صحيحة في خلو الرِجْل، ... ومنها: ما يفعله بعض مستأجري الدور السكنية والشقق والمحلات التجارية الذين يطالبون ببدل خلو مقابل إخلاء المأجور بعد انتهاء مدة الإجارة، فمطالبتهم تلك باطلة، وإن أخذوا بدل الخلو، فإنه يكون أكلاً لأموال الناس بالباطل[9].اهـ.

ويقول: إذا انتهت مدة عقد الإجارة فلا يجوز للمستأجر أخذ الخلو ويجب عليه إعادة المحل لمالكه لأن المالك أحق بملكه، وبهذه المناسبة أذكر المستأجرين أنه لا يجوز لهم شرعا الامتناع عن إخلاء الدور المؤجرة أو المحلات المؤجرة إذا رغب أصحابها في عدم تجديد عقد الإجارة وما يقال إن القانون يحمي المستأجر فيمنع إخراجه ويمنع زيادة الأجرة فهذا كلام باطل شرعاً فيحق شرعاً للمالك ألا يجدد عقد الإجارة بعد انتهاء مدة العقد المتفق عليها كما وأنه يجوز للمالك أن يزيد الأجرة بعد انتهاء مدة العقد.

ولا يعني هذا الكلام أن يقوم المالك باستغلال حاجات الناس وزيادة الأجرة بشكل غير معقول، وإنما تزداد الأجرة على حسب ما هو متعارف عليه في البلد بدون ظلم لأحد وعلى الناس أن يتراحموا في هذا الأمر. اهـ

هذا، وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة، بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية الواردة إلى المجمع بخصوص بدل الخلو، قرر ما يلي:

أولاً: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:

1 - أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.

2- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك وذلك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.

3- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد، في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.

4- أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول، قبل انتهاء المدة، أو بعد انتهائها.

ثانياً: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية -وهو ما يسمى في بعض البلاد خلواً-، فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.

ثالثاً: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغاً مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً، لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك.

أما إذا انقضت مدة الإجارة، ولم يتجدد العقد، صراحة أو ضمناً، عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو، لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر. رابعاً: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد، في أثناء مدة الإجارة، على التنازل عن بقية مدة العقد، لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية.

على أنه في الإيجارات الطويلة المدة، خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين، لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك:

أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو، لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين. انتهى[10].

وهو يتفق مع ما ذكرناه آنفا، في الجملة.

هل خلو الرجل من الحقوق التي تورث؟

جمهور الفقهاء – وهو الصحيح - على أن الخلو من المنافع والحقوق المعتبرة شرعاً، وبناءً على ذلك يجري عليه البيع والشراء، وكذلك يورث وتصح الوصية به، لأن الوصية أخت الميراث.

وإذا تقرر ان بدل خلو الرِجْل من الحقوق التي تورث، فإنه إذا كانت صورة الخلو مطابقة لما أجازه الفقهاء من صور خلو الرِجْل، فحينئذ يجري فيه الميراث الشرعي ويوزع على الورثة، كلٌ حسب نصيبه الشرعي [11].

وأما إذا كان رجل يسكن في بيتٍ استأجره والدُه منذ مدةٍ، بنظام الإيجار الدائم، ثم اشترى هذا الرجل البيتَ من مالكه، فطالبه إخوته بحقهم في خلو الرِجْل بحجة أنهم ورثة الخلو عن أبيهم، فلا حق له ولا لهم في هذا الخلو.

ولو كانت أرضا مستأجرة بنظام الإيجار الدائم، فليست ميراثا لمستأجرها إذا توفي، حتى تقسم بين الورثة، وإنما هي ملك لصاحبها المؤجر، وأما قانون تأبيد الإجارة والذي يمكن المستأجر من الانتفاع بالأرض هو وورثته إلى ما لا نهاية أو إلى أن يتركوها بمحض إرادتهم هو قانون باطل مضاد للشريعة التي أوجبت أن تكون المدة في عقد الإجارة مدة محدودة ولو طالت إذا كان ذلك بالتراضي بين طرفي العقد.

جاء في فتاوى الشبكة الإسلامية:

إذا كان عقد الإيجار مازال سارياً، بمعنى أن مدة الإيجار باقية، فلا مانع من ترك هذا المنزل مقابل مبلغ يدفعه المالك، أما إذا كان عقد الإيجار منتهياً، فلا حق لكم في البقاء في المنزل إلا بإذن صاحبه ولو كان القانون يلزم المستأجر بالاستمرار في الإيجار فلا عبرة به، ذلك أن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر عند انتهاء مدة العقد.

وفي حالة بقاء مدة الإجارة وأخذ عوضٍ مقابل التنازل عنها، فإن المبلغ المأخوذ حق للمستأجر وهو الوالد ينضاف إلى تركته، ويقسم بين الورثة. . . كلٌ حسب نصيبه الشرعي[12].  

خلاصة البحث (أهم النتائج):

نخلص مما سبق إلى ما يلي:

·      حقيقة خلو الرِجْل: هو تنازل مالك المنفعة، عن ملكيته لها لغيره مقابل بدل مادي.

·      الخلو له صور كثيرة جائزة، جاء بيانها وتفصيلها في ثنايا البحث.

·      يجوز أخذ بدل الخلو ضمن الإجارة الصحيحة، بشروطها المعتبرة، إذا كانت مدة الإجارة باقية.

·      الخلو المأخوذ ترتيبا على عقد الإجارة المؤبد، حرام؛ لأنه مبني على باطل.

·      الخلو من المنافع والحقوق المعتبرة شرعاً، فيجري عليه البيع والشراء، وتصح الوصية به، ويجري فيه الميراث الشرعي، ويقسم حسب أنصبة الوارثين.

 



 [1]الموسوعة الفقهية الكويتية (19/ 29).

[2] انظر الشيخ مشهور حسن سلمان– موقع طريق الإسلام، فتوى له في هذا الموضوع.

[3]  انظر: فتوى لحامد العلي بذلك على موقع الشيخ.

[4] وقد جاءت بذلك فتوى اللجنة الدائمة للفتوى في السعودية رقم (6007).

[5]  وسيأتي قريبا نماذج من هذه الفتاوى وأقوال العلماء.

[6] انظر: الفقه الاسلامي وادلته، وحامد العلي (حكم أخذ مبلغا لإخلاء المنزل المؤجّر بالإيجار القديم- موقع طريق الاسلام[6] - 1 15/ 92)).

14 " فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 92).

 [8]المنتقى من فتاوى الفوزان " (3 / 221 السؤال رقم 336 (

[9] انظر – موقع يسألونك - للشيخ.

[10] مجلة المجمع الفقهي مجـلة المـجـمع عـدد4/ ج3/ص2329/2330.

[11] وقد نقل الشيخ عليش المالكي فتوى للشيخ العلامة ناصر الدين اللقاني المتوفى سنة 958 هـ جواباً على سؤال نصه: [ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في خلوات الحوانيت التي صارت عرفاً بين الناس في هذه البلدة وغيرها، وبذلت الناس في ذلك مالاً كثيراً حتى وصل الحانوت في بعض الأسواق أربعمائة دينارٍ ذهباً، فهل إذا مات شخصٌ وله وارثٌ شرعيٌ يستحق خلو حانوته عملاً بما عليه الناس أم لا؟ . . . أفتونا مأجورين]  فأجاب بما نصه [الحمد لله رب العالمين: نعم، إذا مات شخصٌ وله وارثٌ شرعيٌ يستحق خلو حانوته عملاً بما عليه الناس. . . ] فتح العلي المالك2/249-250. قال الشيخ أحمد الغرقاوي المالكي معلقاً على فتوى العلامة اللقاني: [ وقد تقدمت فتوى العلامة الناصر اللقاني بأن الخلو المذكور صحيحٌ معتبرٌ معمولٌ به، لكون العرف جرى به، سيما وفتواه مخرَّجةٌ على النصوص، وقد أُجمع على العمل بها، واشتهرت في المشارق والمغارب، وانحط الأمر على المصير إليها وتلقيها بالقبول، وهو إن لم يستند فيها إلى نصٍ صريحٍ، لكن العمل عليها؛ وقد وافقه عليها من هو مقدمٌ عليه في الفقه كما سيأتي بيانه. ولا يضر عندنا عدم استناد المفتي للنص فيما أفتى به، لأنه يجوز للمفتي إذا لم يجد نصاً في النازلة تخريجها على النصوص بالشروط الآتية كما صرَّح به الشهاب القرافي] رسالة في تحقيق الخلو عند المالكية ص43. ثم ذكر من وافقه عليها، ومنهم أخوه الشيخ محمد اللقاني، وابن نجيم الحنفي، وعبد الرحمن العمادي.  وقد قال بتوريث الخلو جماعةٌ من الفقهاء المعاصرين كالشيخ مصطفى الزرقا وبدران أبو العينين بدران وغيرهما. وأقرته بعض القوانين المطبقة في بعض البلدان كما هو الحال في مصر والجزائر. (منقول عن: حسام الدين عفانة – شبكة يسألونك).

[12] فتاوى الشبكة الإسلامية (12/ 3670).