logo

المرونة الدعوية


بتاريخ : الأربعاء ، 4 رجب ، 1439 الموافق 21 مارس 2018
بقلم : تيار الاصلاح
المرونة الدعوية

عن أبي سعيد الخدري قال: «لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريشٍ وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيءٌ، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت فيهم القالة، حتى قال قائلهم: لقي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: (يا رسول الله، إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لِمَا صنعت في هذا الفيء الذي أصبت؛ قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيءٌ)، قال: (فأين أنت من ذلك يا سعد؟)، قال: (يا رسول الله، ما أنا إلا امرؤٌ من قومي، وما أنا؟)، قال: (فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة)، فخرج سعد، فجمع الناس في تلك الحظيرة، فجاء رجالٌ من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم.

فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال: (قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار)، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمِد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهلٌ، ثم قال: (يا معشر الأنصار، ما قالةٌ بلغتني عنكم، وجدةٌ وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلَّالًا فهداكم الله؟ وعالةً فأغناكم الله؟ وأعداءً فألَّف الله بين قلوبكم؟!)، قالوا: (بل الله ورسوله أمَنُّ وأفضل)، قال: (ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟)، قالوا: (وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المنُّ والفضل؟)، قال: (أما والله، لو شئتم لقلتم، فلصدَقْتُم وصُدِّقْتُم؛ أتيتَنا مكذَّبًا فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلًا فأغنيناك، أوجدتم في أنفسكم، يا معشر الأنصار، في لُعاعةٍ من الدنيا تألَّفتُ بها قومًا ليسلِموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ أفلا ترضون، يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟ فوالذي نفس محمدٍ بيده، لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار)، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: (رضينا برسول الله قِسمًا وحظًّا)، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرَّقنا»(1).

يُعَرِّف الأستاذ أنس الأحمدي المرونة بأنها: الاستجابة الانفعالية والعقلية التي تمكِّن الإنسان من التكيّف الإيجابي مع مواقف الحياة المختلفة، سواء كان هذا التكيّف بالتوسط أو القابلية للتغيُّر أو الأخذ بأيسر الحلول، فتكون ثمراتها الصحة النفسية، والنظرة الإيجابية للحياة، والاستمرارية في العطاء، والاتصال الفعال، فهل نزهد في هذه الثمرات وانعكاساتها على الحياة الزوجية السعيدة فقط لأننا نحترف التعصب والعناد؟! ألا يستحق استقرار أسرنا بعض تنازل وكثير مرونة؟(2).

المرونة تعني: يُسْرُ التعامل مع الطوارئ والعوارض في مجال تنفيذ الأهداف، فإن الدقة في التخطيط الداعية إلى التخبط ليست من حُسْنِ الإدارة في شيء.

فالمرونة تجعلُ العمل يسير سيرًا مضبوطًا، ولا يكون في مسيره غضاضةٌ ولا إشكالية، وأما حَصْرُ الأهداف في زمنٍ ومكانٍ وطريقة بالتحديد الدقيق ففيه مَضَرةٌ ومشقة.

الجزء المرن في أي منظومة يكون، غالبًا، هو الأكثر تأثيرًا في قيادتها وتوجيهها، ولا يقتصر ذلك على المنظومات البشرية والاجتماعية؛ بل هي قاعدة صحيحة حتى في المنظومات الآلية، فالسفينة الضخمة العملاقة، التي تمخر العباب حاملة آلاف الأطنان، لها في مؤخرتها السفلى أجزاء مرنة متغيرة، منها الدفة والمراوح، هذه الأجزاء الصغيرة المرنة هي المتحكمة في تحريك وتوجيه هذا الكيان الضخم الكبير، والطائرات العملاقة، التي تحمل مئات الأطنان وتسبح بها في الفضاء، لها جنيحات صغيرة هي عبارة عن أجزاء مرنة في مؤخرة جناحي الطائرة ومؤخرة ذنبها، وهذه الأجزاء الصغيرة المرنة هي المتحكمة في توجيه هذا الطائرة العملاقة، ارتفاعًا وانخفاضًا وانعطافًا إلى اليمين أو اليسار.

وفي الإنسان هذا الاستعداد وهذه المرونة، وإلا ما استطاع أن يواجه ظروف الحياة وأطوارها، وهي ليست ثابتة من حوله، وفي المنهج الرباني الموضوع لهذا الإنسان ذات الخصائص، بحكم أنه صادر من المصدر الذي صدر منه الإنسان، ومودع خصائصه ذاتها، ومعدّ للعمل معه إلى آخر الزمان.

وهكذا يستطيع ذلك المنهج وتستطيع هذه النصوص أن تلتقط الفرد الإنساني، وأن تلتقط المجموعة الإنسانية، من أي مستوى، ومن أية درجة من درجات المرتقى الصاعد، فينتهي به وبها إلى القمة السامقة(3).

لنكن جميعًا، والدعاة خاصة، مثل دفة السفينة، لم يضرها أن تكون صغيرة، ولم يضرها أن تكون في المؤخرة، ولم يضرها أن تكون مغمورة تحت سطح الماء لا يراها أحد، فهي بحركتها ومرونتها العالية هي المحرك والدافع والموجه لهذا الكيان الضخم العملاق، ولو تصلبت أو توقفت لتوقفت حركة الفلك وتعطلت فائدتها؛ بل ربما غرقت بمن فيها وما فيها في لجة الخضم.

وأود أن أشير هنا إلى أننا نعني بالمرونة القدرة على التكيف الإيجابي المقصود والمحسوب مع الظروف والأحوال والمواقف المختلفة، بناء على الفقه العميق للسياقات والأطر، والحساب الدقيق للمصالح والمفاسد.

وقد عقد الإمام ابن القيم لذلك فصله الممتع في كتابه (إعلام الموقعين)، وقال في مقدمة هذا الفصل: «وهذا فصل عظيم النفع جدًا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه، ما يُعلم أن الشريعة الباهرة، التي في أعلى رتب المصالح، لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد، في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كله، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل.

فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم، أتم دلالة وأصدقها، وهي نوره الذي به أبصر المبصرون، وهداه الذي به اهتدى المهتدون، وشفاؤه الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل»(4).

وعلى الداعية أن يكون مرنًا بهذا المفهوم (التكيف الإيجابي المحسوب)، لا بمفهوم المجاراة السلبية، التي هي لون من الضعف والتبعية؛ إذ المقصود أن يكون قائدًا قدوة موجهًا مؤثرًا، لا أن يكون إمّعة يعطي الدنية في دينه، وسأحاول تلخيص أهم الجوانب التي ينبغي أن يكون فيها الداعية مرنًا مرونة عالية، يستطيع بها التغيير نحو الأفضل.

1- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في الصبر والتحمل والاحتساب.

2- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في الرفق ولين الجانب.

3- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في التعامل مع الشرائح والأنماط والفئات المختلفة، في ثقافاتها واهتماماتها وطرق تفكيرها وسلوكياتها المختلفة، كل بحسبه.

4- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في فهم واستيعاب وجهات النظر المخالفة، ومعرفة مقاصدها ومنطلقاتها، والتعامل الإيجابي معها.

5- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في استيعاب متغيرات عصره ومستجدات حياة الناس، وفهمها الفهم الدقيق، الذي يستطيع معه القياس والاجتهاد على بصيرة.

6- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في إدارة الذات، بما يضمن ضبط النفس في التفكير والانفعالات والتصرفات، والتجرد من حظ النفس، والانتصار للحق وحده.

7- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في إدارة الوقت، بما يضمن إيتاء كل ذي حق حقه.

8- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في التلوين في الأساليب والطرق والاستراتيجيات، والاجتهاد في التجديد والابتكار فيها بما يكون هو الأنسب للموقف الذي هو فيه.

9- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في الإفادة من علوم وتجارب الآخرين، وتقنيات العصر المختلفة، بما يخدم رسالته السامية، وليكن دائم البحث عن الحكمة، التي هي ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أولى بها.

10- لتكن لدى الداعية المرونة العالية في التعلم الدائم، والإفادة من الأخطاء ومن نقد الآخرين(5).

يقول ذو النون: «حرمة الجليس أن تَسُرَّهُ، فإن لم تسره فلا تَسُؤْهُ، لم يكسب محبة الناس في هذا الزمان إلا رجل خفيف المرونة عليهم، وأحسن القول فيهم، وأطاب العشرة معهم»(6).

إن المرونة في دعوة الناس لحملهم على الالتزام بمبادئ الإسلام، وترغيبهم في ذلك بشتى الوسائل شيء مرغوب فيه، أما إذا تعلق الأمر بالمساومة على مبادئ الدعوة، وتغيير حقائقها، فينبغي حينئذ للداعية أن يقف وقفة صارمة صحيحة، وإفهام المدعوين أن الله غني عن العالمين، وأن دخولهم في الدعوة تكريم لهم، وتشريف لمقامهم، وليس تشريفًا للدعوة، وقد قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف:29]،(7)، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتنازل أمام المبادئ الثابتة، لكنه صلى الله عليه وسلم يبين الرخصة إذا كان في الأمر متسع لها.

لدينا فرضية في البرمجة العصبية تقول: إن الشخص الذي لديه مرونة عالية في التفكير والسلوك هو الذي تكون لديه سيطرة وتحكم أكبر في الأوضاع.

ويختصرها البعض بقوله: إن الأكثر مرونة هو الأكثر سيطرة وتأثيرًا، إن المرونة هي القدرة على التغيير، تغيير أي شيء من روتين الحياة، من العادات، من السلوكيات، من طرق التفكير، من استراتيجيات التعامل، أي شيء يمكن تجعلك في سعة من أمرك، وتجدد حياتك بشكل يدفع الملل والسأم، وتحررك من أسر تغييره فيما عدا الثوابت.

إن قدرتك على التغيير تكسبك خيارات جديدة، والروتين وسجن العادة، وهذا كله يجعل حياتك أرحب وأسهل، شرط أن يكون التغيير إيجابيًا، محسوب العواقب والآثار.  

ونركز هنا على التوجيهات الإسلامية المتعلقة بهذا الموضوع، ونبين أن ديننا العظيم قد راعى هذا الجانب في توجيهاته المختلفة، وربى أبناءه على المرونة، وأن من أعظم الشواهد على ذلك (صيام رمضان)، الذي هو ركن من أركان الإسلام، وصيامه فرض عين على المكلفين من أبناء الإسلام؛ حيث يدرب المسلم على التغيير ويكسبه المرونة، في نظامه العبادي والغذائي والاجتماعي والسلوكي، بشكل إيجابي مقصود، يترك آثارًا إيجابية لا حصر لها(8).

وبناءً على ذلك فإنه يجوز لأصحاب الدعوة الإسلامية، في كل عصر، أن يستعملوا المرونة في كيفية الدعوة، من حيث التكتم والجهر، أو اللين والقوة، حسبما يقتضيه الظرف وحال العصر الذي يعيشون فيه، وهي مرونة حددتها الشريعة الإسلامية، اعتمادًا على واقع سيرته صلى الله عليه وسلم، على أن يكون النظر في كل ذلك إلى مصلحة المسلمين ومصلحة الدعوة الإسلامية.

ومن أجل هذا أجمع جمهور الفقهاء على أن المسلمين إذا كانوا من قلة العدد أو ضعف العدة، بحيث يغلب على الظن أنهم سيقتلون من غير أي نكاية في أعدائهم إذا ما أجمعوا قتالهم، فينبغي أن تقدم هنا مصلحة حفظ النفس؛ لأن المصلحة المقابلة؛ وهي مصلحة حفظ الدين، موهومة أو منفية الوقوع(9).

إن أعمالنا الدعوية في الميادين الواقعية تعيشُ نوبَةً من الخلل المستطير، المنبئ عن خطورة كامنة، جرَّ تلك الخطورة عدمُ حُسْنِ تصرُّفٍ في أداء العمل الدعوي في ميادينه.

فكثيرًا ما نأخذُ قواعدَ وأصولًا دعويةً ونقتنع بها، ونتعرف على أساليب كثيرة في الدعوة، لكن الخلل في تطبيق هذه الأمور.

بل الأدهى من ذلك كله أننا نَرْكُدُ على حالٍ واحدة  ندوم عليها، فلا نفكر بتقديم أساليب حديثة منها يكون اتساع نطاق الدعوة، وبها يكون التأثير البليغ في المجال الدعوي.

إننا نحرص على أمورٍ وأساليب دعوية كثيرةٍ بدائية لها أثر بالغ، بتوفيق الله، ولكننا في الوقت ذاته نريد الانتقال من هذه الدائرة الضيقة إلى دائرةٍ أوسع وأشمل.

نتحسر حين نرى أهل الكفر ودعاة الباطل قد سبقونا بمفاوز في أساليب نشر دعواتهم، واتسعت رقعُ دعواتهم وأفكارهم في الأرض؛ بل من بني الجِلْدَةِ مَنْ سبق إلى أفكارٍ متعددة النطاق، متسعة الساحة.

لستُ داعيًا إلى سلوك ما تقرر في دين الله تحريمه، وإنما أطالب بأن نسلك أمورًا مباحةً وجائزٌ الأخذ بها، وهي كثيرة ولله الحمد، ولن يَتَبَصَّرها إلا مَن فتح الله على قلبه فأبصر حقائق الدعوة إلى الله(10).

فالمرونة خاصية ثابتة من خصائص الشريعة، ولكنها تعمل في المتغيرات (الوسائل، والأساليب، والفروع، والجزئيات)، فهي تتخذ من الثوابت قاعدة ومرتكزات، فالمرونة حصيلة حركة في إطار ثابت، فهي ليست حركة مطلقة، وليست ثباتًا مطلقًا.

وبذلك تكون المرونة هي الحد الفاصل بين الثبات المطلق، الذي يصل إلى درجة الجمود، والحركة المطلقة، التي تخرج بالشيء عن حدوده وضوابطه؛ أي أن المرونة حركة لا تسلب التماسك، وثبات لا يمنع الحركة(11)، هذا وقد تضمن القرآن الكريم الكثير من الشواهد التي تؤكد على خاصية المرونة وأهميتها.

قال تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَج} [المائدة:6].

ومن ذلك على سبيل المثال ما وقع في صلح الحديبية، يروي ابن هشام قال: «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال: (اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم)، فقال سهيل: (لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اكتب: باسمك اللهم)، فكتبها، ثم قال: (اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو)، فقال سهيل: (لو شهدت أنك رسول الله لم أُقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اكتب: هذا ما صالح عليه محمدُ بن عبد الله سهيل بن عمرو)»(12).

ويعلق عبد الظاهر على هذه القصة بقوله: «أصر سهيل بن عمرو ألا يكتب عليُّ بنُ أبي طالب بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يكتب بدلًا منها باسمك اللهم، وألا يكتب محمدًا رسول الله؛ بل محمد بن عبد الله، وقد وافق صلى الله عليه وسلم على ذلك في مرونة رائعة واعية حكيمة، وقبل صلى الله عليه وسلم في هذا الصلح شروطًا ظاهرها إجحاف بالمسلمين، ولكن عاقبتها كل الخير والفتح المبين، وحقق صلى الله عليه وسلم، بمرونته هذه وبعد نظره، أكبر فتح في تاريخ الدعوة الإسلامية، أوصلها إلى آفاق جديدة ومساحات واسعة، فقد كان هذا الصلح مقدمة فتح بين يدي فتح مكة»(13).

_____________

(1) أخرجه أحمد (11748).

(2) إنما المرونة بالتمرن، منتديات الألوكة.

(3) في ظلال القرآن (1/ 556).

(4) إعلام الموقعين (3/ 14-15).

(5) الأكثر مرونة أكثر تأثيرًا في الدعوة، منتديات منارات.

(6) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (9/ 376).

(7) مباحث في التفسير الموضوعي، ص236.

(8) الأكثر مرونة أكثر تأثيرًا في الدعوة، منتديات منارات.

(9) الأساس في السنة وفقهها- السيرة النبوية (1/ 217).

(10) العقل الدعوي، موقع: صيد الفوائد.

(11) مفهوم الأصالة والمعاصرة وتطبيقاته في التربية الإسلامية، ص141.

(12) سيرة النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 366).

(13) بحوث في الثقافة الإسلامية، ص457.