العلم سلاح الداعية
يقف الداعية على ثغر من ثغور الأمة وبدون سلاح فلا حاجة لوقفته؛ بل قد يكون وقوفه خسارة عظيمة ومصيبة لا تحمد عقباها؛ لأنه سيكون عونًا للأعداء في معرفة بعض الثغور، أو عبئًا على قومه لوقوعه أسيرًا للمقايضة والمفاصلة؛ فيكون بلاءً على قومه، وشرًا على أمته من حيث لا يشعر.
إن الداعية إن لم يتسلح بالعلم فسينال الخصم منه كل ما يريد، ويكون حجة على أمته، واتهامًا لبني جلدته، فالخصم ماكر ومستميت في الباطل، فإن لم يكن الداعية مجهزًا مستعدًا فسيكون خطرًا على قومه.
الداعية جندي حامل لواء العز، حامي حمى الديار من كل زنديق وعربيد وفاسق ومبتدع وجاهل وأحمق، إنه الطبيب المعالج للقلوب المريضة والأرواح السقيمة، والمهندس الباني لصرح الإسلام العظيم، والمعلم والمربي، والمبلغ عن الله رسالته، والحامل عن النبي دعوته.
والعلم مادة الدعوة إلى الله جل وعلا، ودعوة إلى الله بلا علم قد تضر ولا تنفع، وقد يصاحبها الانحراف والضلال.
وما الداعية بلا علم إلا كواقف على شاطئ البحر ينتظر وينظر؛ فإذا الأمواج تتقاذف سمكة من الأسماك يَمْنَة ويَسْرَة، تطفو بها تارة، وتغوص بها أخرى، فيشفق عليها مما هي فيه، فيأخذها، ثم يرميها على الشاطئ ظنًا منه أنه أنقذها، وما علم أنه أهلكها، وإن للخير سبلًا، وكم من مريد للخير لا يدركه.
قال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء:113].
والعلم عزيز الجانب، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إذا أعطيته كلك كنت من إعطائه إياك البعض على خطر.