logo

الرسوم المتحركة والأطفال


بتاريخ : الخميس ، 21 رجب ، 1440 الموافق 28 مارس 2019
بقلم : تيار الاصلاح
الرسوم المتحركة والأطفال

رسوم متحركة بأفكار خبيثة ومعتقدات فاسدة، ومؤامرات تحاك من أجل إضلال الأمة وتدمير شبابها، وتحطيم مستقبلها، تعود عليها أبناؤنا؛ بل أدمنوها، يتحايلون من أجل مشاهدتها، حتى غيبت عقولهم، ومسخت هويتهم، وتحطمت آمال الصالحين فيهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الرسوم المتحركة هي مجموعة من الصور تمر بسرعة معينة لتخدع العين البشرية بأن الصورة بها حركة معتمدة على الخداع البصري؛ حيث إن الصورة تظل ثابتة على العين بمقدار 1/20 من الثانية، وهو كذلك أسلوب فني لإنتاج أفلام سينمائية، يقوم فيه مُنتِج الفيلم بإعداد رسوم للحركة بدلًا من تسجيلها بآلة التصوير كما تبدو في الحقيقة.

ويستدعي إنتاج فيلم للرسوم المتحركة تصوير سلسلة من الرسوم أو الأشياء واحدًا بعد الآخر، بحيث يمثل كل إطار في الشريط الفيلمي رسمًا واحدًا من الرسوم، ويحدث تغيير طفيف في الموضع للمنظر أو الشيء الذي تم تصويره من إطار لآخر، وعندما يدار الشريط في آلة العرض السينمائي تبدو الأشياء وكأنها تتحرك(1).

وتكمن خطورة هذه الرسوم المتحركة في كونها تسيطر على عقل الطفل في وقت هو أحوج ما يكون فيه للتغذية المعرفية، والتطلع لمعرفة الأشياء واكتشافها.

يقول ابن القيم رحمه الله: «ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه، فإنه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا بد يومًا ما»(2).

حكم الرسوم المتحركة:

إن ما يسمى بالأفلام المتحركة أو أفلام الكرتون، وكذا الأفلام المصورة بالفيديو، اختلفت حولها أنظار أهل العلم وتباينت اجتهاداتهم بين مجيز ومانع.

ولعل من المفيد أن نعرض لمجمل المحاذير والمآخذ التي قد تتلبس بها وتشتمل عليها، أو على بعضها، هذه الأفلام.

أولًا: أن يكون مضمون العمل مخلًا بالشريعة الإسلامية؛ كأن يشتمل على ما يناقض أصول الإسلام وعباداته وأخلاقه وآدابه، من تحقير أو تخطئة لها، أو تزيين أو تفضيل لما يخالفها، بالقول أو بالفعل والحركة، وكأن يتقمص الممثل شخصيات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

ثانيًا: أن تشارك فيه المرأة متبرجة غير محتشمة، أو تؤدي أدوارًا غير لائقة بها.

ثالثًا: أن يشتمل على الموسيقى صراحة، بحيث تكون مصاحبة للعمل، وليس للمستخدم خيار في حذفها وإلغائها، وهذه المخالفات أدناها يبلغ حد التحريم على الصحيح من مذاهب أهل العلم؛ إذ النصوص متضافرة على تحريم أي منها، لما تفضي إليه من فساد المعتقد، وهدم الأخلاق، وكسر حاجز الحياء، واستمراء المحرم والتهوين من شأنه، والاشتغال بالباطل، وإضاعة المال، ونحو ذلك.

وعليه فأي عمل اشتمل على شيء من ذلك فهو محرم لا يجوز إعداده ولا الاتجار به ولا مشاهدته، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والرضا بالمنكر وإقراره، والغش للنفس والأهل وعموم المسلمين.

وإلى جانب تلك المخالفات هناك أمران لا ينفك عنهما أي من هذه الأفلام، وهما: التصوير والتمثيل.

والتصوير في أفلام الكرتون أشد منه في الأفلام المصورة؛ لأنه رسم وليس مجرد تصوير فوتوغرافي.

والتمثيل في الأفلام المصورة أشد منه في أفلام الكرتون؛ لأنه تمثيل حقيقي، وليس صورة تتحرك.

وكلا الأمرين: التمثيل والتصوير فيه محاذير، ولأهل العلم فيه اجتهادات مختلفة، لاختلاف درجات كل منهما، فمنهم من منعهما بإطلاق؛ لعموم النصوص الواردة، وهي في التصوير أوضح وأصرح منها في التمثيل.

والتمثيل بالنظر إلى واقعه وحال المشتغلين فيه فاسد مفسد للأخلاق والبيوت، إلا النادر منه، وعند بعضهم هذا النادر لا حكم له، ولهذا منعوه بإطلاق.

وليس المقام هنا مقام بسط واستدلال؛ إذ الكلام في التصوير وأنواعه مستفيض، وكذا التمثيل، والذي يعنينا هنا ما يتحرر به الجواب.

فنقول، استنادًا إلى ما ذهب إليه جماعات من العلماء من جواز التصوير الفوتوغرافي للحاجة، فإننا نرى، بالنظر إلى الواقع، أن إيجاد البدائل المرئية الهادفة، المشتملة على عناصر النجاح، القادرة على المنافسة في عالم أصبحت فيه الأسر والأطفال تلاميذ على شاشات التلفاز وأفلام الفيديو وصفحات الإنترنت، نرى أن إعداد مثل هذه المواد حاجة ماسة، ومصلحة راجحة، يغتفر في سبيلها ما دونها مما يصنف في خانة المخالفات الشرعية بالنظر الجزئي، وذلك لأمور، منها:

أولًا: عموم البلوى بالنظر إلى الأفلام بأنواعها، ومن عامة طبقات المجتمع، ومعلوم أن أغلب ما يشاهد، إن لم يكن كله، مما لا يتفق وآداب الإسلام؛ بل هو خارج عن هديه خروجًا كليًا أو جزئيًا.

وليس من الحكمة ولا من النظر السديد أن يترك هؤلاء فريسة لهذه الأفلام الهدامة بحجة أن التصوير، مثلًا، أو التمثيل حرام، في حين أنه تم استثناء بعض الأحوال؛ كالتصوير للتوثيق، والتمثيل للتعليم؛ ونحو ذلك، وما نحن بصدده أعظم خطرًا في أثره وأولى بالاستثناء والاعتبار.

ثانيًا: لا وجه فيما نرى لترك الناس، على جهة المعاقبة لهم على إدخال التلفاز أو الدش، والتخلية بينهم وبين شياطين الإنس والجن، يعبثون بعقائدهم وأخلاقهم وأعراضهم، ونقف مكتوفي الأيدي، سلبيين، نكتفي بالنقد واللوم والتهديد بالعقاب وبالآثار السيئة، جزاء ما فعل الناس بأنفسهم، وهذا وإن كان ضروريًا، فإنه غير كاف، وبالتجربة، في حجز الناس عن الباطل؛ بل لا بد من العمل الإيجابي، ومواجهة الباطل بمثل سلاحه، وإيجاد البديل المقنع، جنبًا إلى جنب مع الدعوة والبيان والتحذير، وإلا فإننا لم نستفرغ الوسع في النصح، ولم نتماش مع ما تمليه قواعد الشريعة ومقاصدها، يبين ذلك الوجه الثالث.

ثالثًا: مع التسليم بوجود بعض المحاذير الشرعية، التي لا ينفك منها مثل هذا النوع من العمل الإعلامي، فإننا نرى أنها عامل مهم في تخفيف الشر ومزاحمته، وتخفيف الشر ما أمكن أمر اعتبره الشارع؛ إذ هو معنى ما تقرر من أن ارتكاب أخف الضررين، ودفع كبرى المفسدتين مصلحة شرعية، وقد جاء الشرع بتحصيل المصالح وتكميلها، ودفع المفاسد وتقليلها، ومع يقيننا أنه لو أمكن، عمليًا، دفع مفاسد الأفلام بمجرد التحذير منها لم نستجز عمل البديل لمجرد التسلية والمتعة، ولكن الواقع ينطق بغير ذلك.

رابعًا: أن الأفلام الخالية من صور النساء المتبرجات ومن الموسيقى، ذات الأهداف الخيرة في مضامينها وإخراجها؛ كالتعليم وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وذكر وقائع التاريخ والإشادة بأعلام الإسلام، وما شابه ذلك من المعاني والمقاصد الصحيحة؛ هذه الأفلام تترك أثرًا طيبًا على النشء وعلى المشاهد عمومًا، في زمن اختفت فيه القدوة الصالحة من وسائل الإعلام إلا ما ندر فيه، وأصبح المهرجون والمغنون واللاعبون، ذكورًا وإناثًا، هم وجوه الناس ومثلهم العليا.

خامسًا: أن إيجاد البديل المناسب جزء من إقامة الحجة على القائمين على القنوات الفضائية وأجهزة التلفاز، وأصحاب محلات الفيديو، من جهة، وعلى المشاهد والمستهلك من جهة أخرى، الذين يجلبون إلى الناس وإلى بيوتهم الأفلام الماجنة، وإذا قيل لهم في ذلك، قالوا: هذا هو الموجود.

ومع تسليمنا بخطأ هذا المنطق، إلا أنه، ومرة أخرى، لا يكفي أن يكون منطقهم هذا نقطة مفاصلة بيننا وبينهم، فالدمار والعقوبات الإلهية والفوضى والانحلال سوف نكتوي بنارها جميعًا، كما أننا يجب أن نقف من الناس موقف الأطباء من المرضى، فنعمل على حجب أسباب المرض، ونؤخر، ما أمكن، أسباب الهلاك وموجبات العقوبة.

سادسًا: أن واجب حماية المجتمعات الإسلامية من أسباب الانحلال والفساد هو واجب الحكام والحكومات بالدرجة الأولى؛ لأن بيدهم قرار المنع، وإليهم يرجع تشجيع البديل الأفضل وإحلاله.

يلي ذلك العلماء وأهل الإصلاح في الدعوة وإقامة الحجة، والاجتهاد في حث الناس على مقاومة الفساد وأسبابه بالوسائل المناسبة، ومنها تشجيع القادرين من أهل المال والاختصاص بالتعاون والتفكير في إيجاد البدائل، وتذليل العقبات لهم، وفي مقدمتها دراسة الأمر من وجوهه المختلفة، والنظر في المصالح العامة والمقاصد الشرعية، وتنزيل النصوص منازلها منها، وتشجيعهم وضبط مسيرتهم.

سابعًا: إن تغير وسائل التخاطب وأنماط الحياة وأساليب التأثير حقيقة ماثلة لا يمكن تجاهلها بعدم التعامل معها، أو تجاوزها واختزالها، ومطلوب منا نحن المسلمين أن نعيش عصرنا بالإسلام، وأن نجتهد لكل نازلة بما يتناسب وطبيعتها وظروفها، وأن نقر بشدة وطأة أعداء الإسلام الإعلامية والثقافية على بلاد المسلمين، وأن وسائل المسلمين في مقاومة هذا الغزو ضعيفة جدًا، وأنها حرب غير متكافئة، وإذا كنا نسلم بجواز مصالحة العدو مرحليًا في حال الضعف، حتى نتمكن من أسباب القوة والمقاومة، فإننا أمام حرب لا تجدي معها المهادنة؛ بل المطلوب هو التسليم المطلق وبدون شروط.

أفلا يكون إفساح المجال أمام الأفلام الهادفة ضمن قيود تراعي خصوصيتنا الإسلامية، لتحقيق الكفاية أو مقاربتها، ألصق بالحكمة ومقاصد الشريعة من إغلاق الباب في وجوه أصحاب النوايا الحسنة، الراغبين في سد هذا الثغر؛ لنصبح عيالًا على البديل الأسوأ، بحجة أن هؤلاء كفار، دينهم ما تهواه نفوسهم، ونحن مسلمون، لنا موازيننا في القبول والرفض، فكيف سمحنا لهذه الموازين أن تختل في تلقي زبالة أفكارهم وقمامة رذائلهم، ولم نجتهد، وفق موازيننا، في إبداع الوسائل المقاومة لهم.

وإذا كنا نعذر أنفسنا في الأول بالعجز عن منع المنكر، فلا عذر لنا في الثاني بمقاومته بكل وسيلة هي أقل ضررًا منه، هذا مقتضى العقل وعين مقاصد الشرع.

ولا بد أن نفرق بين من يدعو إلى التنازل عن الثوابت، واقتحام المحرمات لذاتها، مجاراة لأعداء الإسلام وتزينًا أمامهم، وبين من أفزعه الواقع المؤلم، ونهض لإيجاد البديل، مرتكبًا أخف الضررين، دون توسع، مجتنبًا الوقوع في المحرم لذاته، متذرعًا بما وسع بعض المجتهدين من أهل العلم المعتبرين في التجوز فيه، فيما يتعلق بالمحرم لغيره، إذا دعت مصلحة راجحة لاستخدامه.

فلهذه الأسباب ونحوها فإننا نرى، والله أعلم، أن إنتاج وتصوير الأفلام الكرتونية والمسرحيات الهادفة، المنضبطة بالضوابط المذكورة سابقًا، أشبه بالصواب، تيسيرًا على الناس، واستصلاحًا لما أمكن، وتخفيفًا للشر ومزاحمة له، وإقامة للحجة في ترك ما هو أعظم شرًا منها، ومراعاة لاختلاف أحوال الناس في طرائق التعلم والتلقي، ومخاطبة الناس باللغة التي هي أكثر تأثيرًا من غيرها، وأن ما يرتكب في سبيل ذلك مما لا بد منه من مخالفات، لا تبلغ ما ذكرنا من المحاذير التي لا يتأول في تجاوزها، فإنه مغتفر مغمور بالمصلحة الكبرى المرجوة، على أن يجتهد أهل العلم والمختصون بالبحث الدائم عن الوسائل التي تؤدي الغرض، وتكون أسلم وأبعد من المخالفات الشرعية حسب الإمكان، والله تعالى أعلم(3).

لا يخفى أن الشريعة جاءت بتحريم تصوير ورسم ونحت كل ما فيه روح من خلق الله تعالى؛ بل جاء التشديد والوعيد الشديد على من فعل ذلك؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون»(4).

وقد استثنت الشريعة من التحريم الصورَ التي يلعب بها الأطفال، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: «ما هذا يا عائشة؟»، قالت: «بناتي»، ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع، فقال: «ما هذا الذي أرى وسطهن؟»، قالت: «فرس»، قال: «وما هذا الذي عليه؟»، قالت: «جناحان»، قال: «فرس له جناحان؟!» قالت: «أما سمعت أن لسليمان خيلًا لها أجنحة؟!»، قالت: «فضحك حتى رأيت نواجذه»(5).

قال الحافظ ابن حجر: «واستُدلَّ بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب، من أجل لعب البنات بهن، وخُصَّ ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض، ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن»(6).

وسئل الشيخ ابن عثيمين: «ما حكم صور الكرتون التي تخرج في التلفزيون؟»

فأجاب: «أما صور الكرتون التي ذكرتم أنها تخرج في التلفزيون؛ فإن كانت على شكل آدمي فحكم النظر فيها محلُّ ترددٍ، هل يلحق بالصور الحقيقية أو لا؟ والأقرب أنه لا يلحق بها.

وإن كانت على شكل غير آدمي فلا بأس بمشاهدتها، إذا لم يصحبها أمر منكر، من موسيقى أو نحوها، ولم تُلْه عن واجب»(7).

بعض الإيجابيات من مشاهدة الرسوم المتحركة:

1- تزود الطفل بمعلوماتٍ ثقافية كبيرة وبشكل سهل محبوب:

فبعض أفلام الرسوم المتحركة تسلط الضوء على بيئات جغرافية معينة، والبعض الآخر يسلط الضوء على قضايا علمية، كعمل أجهزة جسم الإنسان المختلفة، الأمر الذي يكسب الطفل معارف متقدمة في مرحلة مبكرة.

2- تنمية خيال الطفل وتغذية قدراته:

وتنمية الخيال من أكثر ما يساعد على نمو العقل، وتهيئته للإبداع، ويعلمه أساليب مبتكرة ومتعددة في التفكير والسلوك.

3- تعليم اللغة العربية الفصحى:

والتي غالبًا لا يسمعها الطفل في بيته ولا حتى في مدرسته، ومن المعلوم أن تقويم لسان الطفل على اللغة السليمة مقصد من مقاصد العلم والتربية.

يقول ابن تيمية: «واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًا بيّنًا، ويؤثر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخُلُق، وأيضًا فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب»(8).

4- تلبية بعض الحاجات والغرائز النفسية النافعة:

كالرحمة والمودة وبر الوالدين والمنافسة والسعي للنجاح ومواجهة التحديات...، وغير ذلك كثير من المعاني الإيجابية التي يمكن غرسها في ثنايا حلقات أفلام الكرتون.

السلبيات المترتبة على مشاهدة الرسوم المتحركة:

1- السلبيات المترتبة على مشاهدة التلفاز بشكل عام، وهي سلبيات كثيرة، منها: الإضرار بصحة العينين، وتعويد الكسل والخمول، وتعويد التلقي وعدم المشاركة، وبذلك تعيق النمو المعرفي الطبيعي، وذلك أن العلم بالتعلم والبحث والطلب، والتلفاز ينتقل بالمتابع من البحث إلى التلقي فقط، كما أن في متابعة التلفاز إضعافًا لروح المودة بين أفراد الأسرة، وذلك حين ينشغلون بالمتابعة عن تبادل الحديث مع بعضهم البعض.

يقول ابن القيم في معرض الحديث عما يجب على الولي من التربية: «ويجنبه الكسل والبطالة والدعة والراحة؛ بل يأخذه بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يجم نفسه وبدنه للشغل، فإن الكسل والبطالة عواقب سوء، ومغبة ندم، وللجد والتعب عواقب حميدة، إما في الدنيا، وإما في العقبى، وإما فيهما»(9).

2- تقديم مفاهيم عقدية وفكرية وعملية مخالفة للإسلام: وذلك حين تنغرس في بعض الأفلام مفاهيم الاختلاط والتبرج المحرم، وبعض أفلام الكرتون؛ مثل ما يعرف بـ (توم وجيري)، تحوي مفاهيم محرفة عن الآخرة، والجنة والنار والحساب، كما أن بعضها يحتوي قصصًا مشوهة للأنبياء والرسل، وبعضها الآخر يحتوي على سخرية من الإسلام والمسلمين، وأفلام أخرى؛ مثل ما يعرف بـ(البُكيمون)، تحوي عقائد لديانات شرقية وثنية، وغير ذلك كثير, وإن لم تحمل ما يخالف الإسلام مخالفة ظاهرة، فهي تحمل في طياتها ثقافة غربية غريبة عن مجتمعاتنا وديننا(10).

التأثير النفسي للرسوم المتحركة:

اعتبر بعض الباحثين الاجتماعيين أن مشاهدة الرسوم المتحركة من قبل الأطفال سلوكًا سلبيًا، فالطفل يجلس لساعات أمام التلفاز يشاهده دون قيامه بأي عمل إيجابي، يستقبل المَشاهد ويقلدها في فعله وسلوكه، دون معرفته بسلبيتها وإيجابيتها.

وقد برز مؤخرًا نمط العنف في سلوك الطفل؛ ويرجع أسبابه لتقليد المشاهد العنيفة التي تقوم بها شخصيات الرسوم المحبوبة لديه, ولا يقتصر التأثير على ذلك فحسب، فقد امتد ليشمل تغيير نظرة الطفل لواقعه؛ وذلك لتخيله بأن أحداث الرسوم المتحركة الخيالية هي واقعه.

ولا يمكننا غض النظر عما يملكه التلفاز من قدرة تربوية هائلة؛ فهو، كما يتصوره الجزء الآخر من الباحثين، قادر على تعليم الأطفال القراءة والكتابة، وحتى أداء التمارين الرياضية، وهكذا فإن هذا الصندوق الصغير يمتلك قوى سحرية قادرة على تجاوز كل مواطن الضعف والقصور التربويين.

إن أشرطة الأطفال، وخاصة الرسوم المتحركة، تعمل عملها في تلقين الطفل أكبر ما يمكن من معلومات، وأشرطة الفيديو والتسجيلات تنفذ محتوياتها إلى سمع الطفل وفؤاده، وتنقش فيه نقشًا، والطفل يأخذ ويتعلم ويتفاعل بسرعة مذهلة.

إن حصيلة ما يتلقفه الطفل من معلومات ما بين ازدياده، أي بعد الفطام، إلى سن البلوغ (الرابعة عشرة) تفوق كل ما يتلقاه بعد ذلك من علم ومعرفة بقية عمره، مهما امتد عشرات السنين(11).

ولمشاهدة الرسوم المتحركة آثار نفسية عديدة، من أهمها:

(1) التلقي لا المشاركة:

ذلك أن التلفاز يجعل الطفل يفضل مشاهدة الأحداث والأعمال على المشاركة فيها، خلافًا للكمبيوتر الذي يجعل الطفل يفضل صناعة الأحداث لا المشاركة فيها فقط، ولعل هذا الأثر السالب لجهاز التلفاز هو الذي يفسر لنا لماذا قنع الكثيرون، في أمتنا الإسلامية، بالمشاهدة دون المشاركة.

(2) إعاقة النمو المعرفي الطبيعي:

ذلك أن المعرفة الطبيعية هي أن يتحرك طالب المعرفة مستخدمًا حواسه كلها أو جلها، ويختار ويبحث ويجرب ويتعلم {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا} [النمل:69]، لكن التلفاز، في غالبه، يقدم المعرفة دون اختيار ولا حركة، كما أنه يكتفي من حواس الطفل بالسمع والرؤية، ولا يعمل على شحذ هذه الحواس وترقيتها عند الطفل، فلا يعلمه كيف ينتقل من السماع المباشر للسماع الفعّال، من الكلمات والعبارات إلى الإيماءات والحركات، ثم إلى الأحاسيس والخلجات.

(3) الإضرار بالصحة: تقليص درجة التفاعل بين أفراد الأسرة:

إن أفراد الأسرة كثيرًا ما ينغمسون في برامج التلفزيون المخصصة للتسلية، لدرجة أنهم يتوقفون حتى عن التخاطب معًا(12).

(4) تقديم مفاهيم عقدية وفكرية مخالفة للإسلام:

إن كون الرسوم المتحركة موجهة للأطفال لم يمنع دعاة الباطل أن يستخدموها في بث أفكارهم، وللتدليل على ذلك نذكر مثال الرسوم المتحركة الشهيرة التي تحمل اسم (عائلة سيمبسون) لصاحبها مات قرونينق، الذي صرّح أنه يريد أن ينقل أفكاره عبر أعماله بطريقة تجعل الناس يتقبلونها، وشرع في بث مفاهيم خطيرة كثيرة في هذه الرسوم المتحركة، منها:

- رفض الخضوع لسلطة (الوالدين أو الحكومة).

- الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق، أما الجهل فجميل والمعرفة ليست كذلك.

بيد أن أخطر ما قدمه هو تلك الحلقة التي ظهر فيها الأب في العائلة، وقد أخذته مجموعة تسمي نفسها (قاطعي الأحجار)!! عندما انضم لهم الأب، وجد أحد الأعضاء علامة في الأب رافقته منذ ميلاده، هذه العلامة جعلت المجموعة تقدسه وتعلن أنه الفرد المختار، ولأجل ما امتلكه من قوة ومجد بدأ يظن نفسه أنه الرب، حتى قال: من يتساءل أن هناك ربًا، الآن أنا أدرك أن هناك ربًا، وأنه أنا، ربما يقول البعض أن هذه مجرد رسوم متحركة للأطفال، تسلية غير مؤذية، لكن تأثيرها على المستمعين كبير؛ مما يجعلها حملة إعلامية ناجحة، تلقن السامعين أمورًا دون شعورهم، وهذا ما أقره صانع هذه الرسوم المتحركة.

(5) العنف والجريمة:

إن من أكثر الموضوعات تناولًا في الرسوم المتحركة الموضوعات المتعلقة بالعنف والجريمة، ذلك أنها توفر عنصري الإثارة والتشويق، الذَيْن يضمنا نجاح الرسوم المتحركة في سوق التوزيع، ومن ثم يرفع أرباح القائمين عليها، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب؛ بل تروّعهم، إلا أنهم يعتادون عليها تدريجيًا، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها وتقليدها، ويؤثر ذلك على نفسياتهم واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم، حتى في سن الطفولة، الأمر الذي يزداد استحواذًا عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع(13).

وقد أكدت دراسات عديدة أن هناك ارتباطًا بين العنف التلفزيوني والسلوك العدواني، ومن اللافت للنظر اتفاق ثلاثة أساليب بحثية، هي: الدراسة المختبرية، والتجارب الميدانية، والدراسة الطبيعية على ذات النتيجة العامة، وهي الربط بين العدوان ومشاهدة التلفزيون حيث يتأثر الجنسان بطرق متشابهة(14).

وقد عانت المجتمعات الغربية من تفشي ظاهرة العنف، ونقلت وسائل الاعلام، ولا تزال تنقل، أخبار حوادث إطلاق النار في المدارس، والسبب، كما أخبر مراهق روماني اختطف طفلًا عمره 11 عامًا وضربه حتى الموت، هو مشاهدة شيء مشابه على شاشة التلفزيون.

(6) إشباع الشعور الباطن للطفل بمفاهيم الثقافة الغربية:

إن الطفل عندما يشاهد الرسوم المتحركة، التي هي، في غالبها، من إنتاج الحضارة الغربية، لا يشاهد عرضًا مسليًا يضحكه ويفرحه فحسب؛ بل يشاهد عرضًا ينقل له نسقًا ثقافيًا متكاملًا يشتمل على:

(1) أفكار الغرب: إن الرسوم المتحركة المنتجة في الغرب مهما بدت بريئة ولا تخالف الإسلام، إلا أنها لا تخلو من تحيز للثقافة الغربية، هذا التحيز يكون أحيانًا خفيًا لا ينتبه إليه إلا المتوسمون، يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: «فقصص (توم وجيري) تبدو بريئة، ولكنها تحوي دائمًا صراعًا بين الذكاء والغباء، أما الخير والشر فلا مكان لهما، وهذا انعكاس لمنظومة قيمية كامنة وراء المنتج، وكل المنتجات الحضارية تجسد التحيز(15).

والرسوم المتحركة في أكثر الأحيان تروج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة والسلوك، والسعي للوصول للنصر والغلبة، في حمى السباق والمنافسة، بكل طريق، فـ(الغاية تبرر الوسيلة).

كما تعمل على تحريف القدوة، وذلك بإحلال الأبطال الأسطوريين محل القدوة بدلًا من الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين، فتجد الأطفال يقلدون الرجل الخارق (سوبر مان)، والرجل الوطواط (باتمان)، والرجل العنكبوت، ونحو ذلك من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها، فتضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من بعدٍ إيماني.

(2) روح التربية الغربية: إننا إن تجاوزنا عن ترويج الرسوم المتحركة للأفكار الغربية، فلا مجال للتجاوز عن نقلها لروح التربية الغربية، يقول الدكتور وهبة الزحيلي: «أما برامج الصغار وبعض برامج الكبار فإنها تبث روح التربية الغربية، وتروج التقاليد الغربية، وترغب بالحفلات والأندية الغربية»(16)؛ ذلك أنها لا تكتفي بنقلها للمتعة والضحكة والإثارة؛ بل تنقل عادات اللباس، من ألوان وطريقة تفصيل وعري وتبرج، وعادات الزينة، من قصة شعر وربطة عنق ومساحيق تجميل، وعادات المعيشة، من ديكور وزخرفة وطريقة أكل وشرب وثمل ونوم وحديث وتسوق ونزهة، وعادات التعامل، من عبارات مجاملة واختلاط، وعناق وقبلات، ومخاصمة وسباب وشتائم، ونحو ذلك من بقية مفردات النسق الثقافي الغربي.

هذا النسق الثقافي المغاير يتكرر أمام الطفل كل يوم فيألفه ويتأثر به، ويطبقه في دائرته الخاصة، حتى إذا ما تكاملت شخصيته لم يجد منه فكاكًا؛ فصار نهجًا معلنًا ورأيًا أصيلًا لا دخيلًا!! كيف لا وقد عرفه قبل أن يعرف الهوى، فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا، فلا يجد حرجًا في الدفاع عنه والدعوة إليه؛ بل والتضحية من أجله.

(7) التأثير الاجتماعي: يلعب التلفاز دورًا في تفكك العلاقات الاجتماعية للطفل، وبما أن عقل الطفل وإمكاناته محدودة وشديدة الحساسية، فإن تقليده لما يراه خلال الساعات التي يقضيها أمام التلفاز تضاهي القيم الأسرية والمجتمعية، فأصبحت هذه القيم الأسرية والمجتمعية عرضة للاضمحلال، لتحل محلها القيم التي تبثها الرسوم المتحركة، من عنف وجريمة وغيرها من القيم السلبية.

(8) المزج بين الواقع والخيال: هناك ميل لدى الأطفال للخلط بين الواقع الذي يعيشون فيه وبين الخيال، فالمَشاهد التي تعرضها الرسوم المتحركة، من العنف وغيرها، يبدو للطفل على أنها حدثت فعلًا، يوجد لديهم القدرة على التمييز بين ما هو واقع وما هو خيال.

 (9) الخيال في عروض الكرتون: يُعد التخيّل مادة أولية خصبة يعتمد عليها الفن الكرتوني، وقد يكون سهلًا ماتعًا، منطلقًا من الواقع الفكري للناشئ، إلا أنه بالمقابل قد يكون خيالًا جامحًا مرتكزًا على المبالغة والتهويل؛ مما يسبب عدم اتزان فكري لدى الناشئ، وهذا ما يجعله مشتت المفاهيم مضطرب السلوك، فتنتكس موازين المعرفة لديه(17).

(10) كرتون الحب والغرام: يعمد هذا النوع من الفن الكرتوني إلى غرس روح التفلّت من القيم النبيلة في العلاقة بين الجنسين؛ حيث يتم التركيز فيه على التبرج والرقص والخلاعة، فها هي ذي السنفورة الجميلة تأخذ بألباب السنافر الذكور، وها هم أولاء يتنافسون لمراقصتها أو تقبيلها، وها هي ذي القطة الفاتنة تتمايل لتثيره وتغويه، مستخدمة شتى صنوف الإغراء ووسائل الغواية.

أما حفلات الفن الكرتوني فهي تعكس واقع بعض الناس غير المتلائم مع بيئتنا، ويحاول هذا الفن تعميمه على مجتمعاتنا، فترى الحفلات الصاخبة المبتذلة تقدم للناشئة عبر هذا النوع من الفن على أنها مثال يحتذى، أو، على الأقل، أن يُعدّ ذلك أمرًا اعتياديًا يمكن تمثُّله مستقبلًا عند سنوح أول فرصة.

هذه المناظر المثيرة وأمثالها تنبّه في الطفل العواطف الخاصة والمشاعر الحميمة، التي تكون عادة بين الرجل والمرأة، وليت الأمر اقتصر على هذا الحد، إنما هذا التنبيه للغريزة قد انتقل إلى الحيوانات والجمادات؛ فكل شيء يمكن أن يُحَب ويُقبّل ويبادل الغرام، حتى السيارات والدراجات والفواكه والنجوم والشجر والأزهار، وهذا تنبيه للغريزة مبكر جدًا، وله تأثيره السلبي المدمر على سلوك الطفل وأخلاقه(18).

المخرج والعلاج:

لتلافي سلبيات مشاهدة الرسوم المتحركة يجب الاهتمام بالآتي:

1- تعميق التربية الإسلامية في نفوس الأطفال:

فالحق أبلج والباطل لجلج، ومتى وجد الطفل الفكرة الصحيحة وقعت في نفسه موقعًا طيبًا، ذلك أنه وُلد على الفطرة، والإسلام هو دين الفطرة، والأفكار المنحرفة لا تسود إلا في غياب الفكرة الصحيحة، فإذا جرى تقديم منظور إسلامي عن طريق تثقيف الأطفال، وتعليمهم عن القيم الإسلامية ودستور الحياة الإسلامي فإنهم سيكتسبون موقفًا مبنيًا على تقييمٍ ناقد لوسائل الإعلام من وجهة نظر إسلامية، ويمكن تقديم هذا النوع من التربية ذات التوجه الإسلامي في الأسرة والمدرسة، وكذلك في المرافق الموجودة في المجتمع(19).

وإذا قدم الآباء للأطفال نموذج دور لسلوك إسلامي منضبط، وأوضحوا للأطفال أن الجرائم والعنف والحياة المنحلة أمور غير مرغوب فيها، فإن الأطفال يكبرون وهم يحملون مواقف إيجابية، ويتحلون بنفسية تحميهم من الآثار السالبة لوسائل الإعلام، إن أفضل السبل لإبطال تأثير التلفزيون هو قيام الآباء والمعلمين بتثقيف الأطفال وتهذيبهم(20).

إن الأسرة والمجتمع يمكن أن يسهما في صياغة قالب لموقف عقلي إيجابي وظاهرة نفسية بناءة في الأطفال، ولهذا الدور أبعاد متعددة، هي:

أولًا: البعد الأسري: على الآباء وأفراد الأسرة إعلام الأطفال عن القيم الإسلامية بأسلوب يستطيع الأطفال إدراكه، كما يجب إبراز النماذج الإسلامية للأدوار في وقت مناسب بأسلوب لائق.

ثانيًا: يجب أن تتخذ ترتيبات من كتب جرى تأليفها من منظور إسلامي، وإذا لم يتم ذلك في المدارس، كما هو الحال في المجتمعات غير الإسلامية، فبالإمكان تنظيم حصص لدروس إسلامية في عطلة نهاية الأسبوع، أو ربما يمكن تنظيم دروس خاصة في البيت بطريقة ناجعة، ويقتضي دعم التلقين الشفوي الذي يمارسه الآباء وأفراد الأسرة بمواد للمطالعة عندما يبلغ الأطفال هذا السن.

ثالثًا: إن ممارسة المعايير المزدوجة أمر بالغ الضرر؛ ومن ثم يجب تفاديه؛ إذ سيعمد الأطفال بطبيعة الحال إلى تقليد الآباء؛ ومن ثم فإن تعليم الأطفال الأمور التي لا يمارسها الآباء لن يعود بأية فائدة، وعلى الآباء أن يقدموا أنفسهم كنماذج أدوار قابلة للتكيّف(21).

 2- تقليل مدة مشاهدة الأطفال للرسوم المتحركة:

إن مشاهدة الأطفال للرسوم المتحركة، وللتلفاز عمومًا، ينبغي ألا يتجاوز متوسطها 3 ساعات أسبوعيًا، هذه الفترة المتوسطة تعلم الطفل كيف يختار بين البدائل الموجودة، وتعلمه الاتزان والتخطيط، وكيفية الاستفادة من الأوقات.

كما أنها، إذا أُحسن الاختيار، تدفع عنه سلبيات التلفاز والرسوم المتحركة المذكورة آنفًا.

3- إيجاد البدائل التي تعمق الثقافة الإسلامية: وذلك بدعم شركات إنتاج الرسوم المتحركة التي تخدم الثقافة الاسلامية، وتراعي مقومات تربيتها، ولا تصادم غزائز الطفل؛ بل توجهها وجهتها الصحيحة.

فغريزة الخوف يمكن أن توجه إلى خشية الله وتقواه ومراقبته، والحذر من ارتكاب الجريمة، والحياء من الإقدام على المنكرات، وغريزة حب الاستطلاع يمكن أن توجه إلى الوقوف على آثار قدرة الله في السموات والأرض والآفاق، وإلى حكمة الله وتقديره لأمر المخلوقات والكائنات، وغريزة المنافسة يمكن أن توجه للمسارعة في الفضائل، والمسابقة في تحصيل العلم والمعارف، وشغل الفراغ بالنافع.

وعواطف الطفل يمكن أن توجه نحو حب الانتماء للحضارة الإسلامية، بكل خصائصها الدينية، وقيمها الأخلاقية، ومكوناتها اللغوية والتاريخية، وبغض الكفر والإلحاد.

وغريزة التقليد والبحث عن القدوة يمكن أن توجّه للتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، والأئمة المصلحين، والقادة الفاتحين على مر العصور، وهكذا كل الغرائز توجه إلى وجهتها الصحيحة، تحقيقًا للإيمان، واتساقًا مع الفطرة.

إن تأثير الرسوم المتحركة على الأطفال كبير خطير؛ ذلك أن لها إيجابيات وسلبيات، تعمل كل واحدة منهن عملها في الطفل، غير أن المسجد والأسرة والمدرسة إن أُحسن استغلالهم وتكاملت أدوارهم يمكن أن يلعبوا دورًا رائدًا في التقليل من خطرها، والتبصير بأوجه ترشيد استخدامها، لتكون عنصر نماء، وسلاح بناء، وسلم ارتقاء إلى كل ما يحبه الله ويرضاه من سبق وريادة، وإدارة وقيادة، ومنعة وسيادة(22).

***

_______________

(1) وسائل الإعلام والأطفال.. وجهة نظر إسلامية، ص1.

(2) تحفة المودود، ص240.

(3) ما حكم الرسوم المتحركة في الشرع؟ عبد الله الفقيه، موقع: إسلام ويب.

(4) أخرجه البخاري (5950) ومسلم (2109).

(5) أخرجه أبو داود (4932).

(6) فتح الباري (10/ 527).

(7) مجموع الفتاوى (2/ سؤال رقم:333).

(8) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 207).

(9) تحفة المودود، ص241.

(10) حكم الرسوم المتحركة، موقع: الإسلام سؤال وجواب.

(11) في أية مرحلة تبدأ التربية، ص4.

(12) وسائل الإعلام والأطفال، ص3.

(13) وسائل الإعلام والأطفال.. رؤية إسلامية، ص5.

(14) المرجع السابق، ص7.

(15) حوار مع الدكتور عبد الوهاب المسيري، مجلة الإسلام وفلسطين (العدد: 55).

(16) قضية الأحداث، ص6.

(17) الفن الواقع والمأمول- قصص توبة الفنانين والفنانات، ص44.

(18) التلفزيون وتربية الطفل المسلم، ص62.

(19) وسائل الإعلام والأطفال، ص14.

(20) المصدر السابق، ص23.

(21) المصدر السابق، ص26.

(22) الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال، موقع: صيد الفوائد.