الدعوة النسائية العقبات وسبل الارتقاء
إن مهمة الهداية والإرشاد الجليلة التي كان الأنبياء يبعثون لها في العصور الماضية قد ألقيت على عاتق هذه الأمة التي تخلُف خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في هذه المهمة، ونؤكد على أن الدعوة إلى الله تعالى ليست حكرًا على الرجال كما يظن البعض؛ بل إن الدعوة مهمة الرجل والمرأة على حدٍ سواء، وكل منهما لبنة في صرح هذا البناء الشامخ.
فقامت نساء صالحات مصلحات حملن همّ هذا الدين، وأشعلن مصابيح الهدى في طرقات اعتلاها الظلام، حملنها سائرات بها في قوافل الداعيات، على خطى الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، سائرات في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل.
والمرأة بحكم معاشرتها لمجتمع النساء تستطيع أن تطرق كافة المجالات التي تحتاجها المرأة في مجال الدعوة، كذلك تميز الأولويات في القضايا الخاصة بهن، وتستطيع وبشكل واضح ملاحظة الأخطاء؛ سواء ما يتعلق بالعقيدة أو العبادات المفروضة أو السلوك، مما يدفعها إلى التنبيه وتصحيح الخطأ.
ويتسنى للمرأة القيام بالدعوة الفردية التي يصعب على الرجل القيام بها مع تحريم الخلوة (1).
حاجة الدعوة لجهود كبيرة:
وقد بين العلماء أن الدعوة إلى الله وإلى النشاط فيها فرض كفاية على الراجح، وللدعوة النسوية مكانتها في هذا الجانب؛ إذ تشكل أهمية قصوى؛ لكونها تسد ثغرة عظيمة لا يستطيع الدعاة من الرجال القيام عليها بالصورة التي تستطيعها الداعيات، وفي وقتنا الحاضر يسر الله تعالى أمر الدعوة بأكثر من طريق لم تتيسر لمن قبلنا في السابق، فكان لزامًا على الداعيات استغلال هذه الوسائل والطرق الدعوية بصورةٍ مُثلى؛ للارتقاء بالعمل الدعوي النسوي، لكن مع هذا فقد وجدنا خللًا ونقصًا في أداء الدعوة إلى الله في الجانب النسوي تحديدًا؛ لوجود عقبات كثيرة تعترض طريق الدعوة النسوية، وتنقص من شأنها، وتقلِّل من قيمتها، وتقطع عليها طريق تحقيق الأهداف الدعوية، وفيما يأتي بعض من هذه العقبات، مع اقتراح سبل للعلاج، أحببتُ أن أخوض فيها بيانًا من حيث الواقع والتجربة العملية.
عقبات الدعوة النسائية:
معوقات الدعوة كثيرة جدًا، وأبرز هذه المعوقات المعوق الفكري أو الهجمة الفكرية المعاصرة خاصة في هذا الزمان، عن طريق تشويه أفكار الناس عن المرأة، ومحاولة بث هذا الفكر داخل عقول النساء، وأن هذه المرأة ينبغي لها أن تكون مساوية للرجل، وينبغي لها أن تتحرر، وينبغي لها أن تنطلق من قيودها، وتعمل كيفما تشاء، وتذهب متى تشاء، وتذهب وتأتي بأي أسلوب وفي أي وقت وبأي كيفية، ليس للرجل عليها سلطة.
هذه الأفكار يراد منها أن تكون المجتمعات الإسلامية مشابهة للمجتمعات الغربية التي انتشر فيها الانحلال، الذي أدى بها الآن إلى الانهيار، وبالتالي فالمجتمعات الغربية تأمل من المجتمع المسلم أن يسلك نفس المسلك فينهار، فيتساوى المجتمع المسلم مع المجتمع الغربي في هذا الجانب، ويتفوقون علينا في العدد والعدة، ويكونون هم المسيطرين، وبالتالي يحاولون نشر ذلك بشكل قوي جدًا، والهجمة في المؤلفات الفكرية والأفكار المطروحة فيما يرتبط بالسفور والاختلاط والمساواة وغيرها أمرها واضح وبين، ولا تحتاج إلى مزيد بيان لضيق الوقت.
وهذا اعتبره معوقًا؛ لأن بعض النساء تكون قد تشربت هذه الأفكار، وبالتالي لا تستطيع المرأة أن تدعو؛ لأن بعضًا من هذه الرواسب قد رسخ في ذهنها.
كذلك إذا أرادت أن تدعو أخريات قد تجابه نساء يحملن هذه الأفكار فيكون مجال الدعوة ضيقًا؛ نتيجة لمحاولة إقناع هذه وتلك من التخلص من هذه الأفكار التي انغرست في أذهانهن.
كذلك من المعوقات الدعوية: وسائل الإعلام، أو الهجمة الإعلامية، سواء كانت تلفازًا، أو فيديو، أو صحافة، أو إذاعة، أو غيرها، وهذه الوسائل الإعلامية كلنا جميعًا بلا استثناء نعلم مدى تأثيرها على المرأة بخاصة، فالمرأة دائمًا تعكف وتمكث وتبقى في البيت، والإعلام أمامها من تلفاز وغيره يعمل طوال الوقت، كل الوقت الذي تعيشه المرأة نجد أن الإعلام يبث فكره ابتداء ليدخل في عقلها وفكرها.
إذًا: هذه المرأة الداعية ستجابه هذه الهجمة الإعلامية الصارخة من قبل هؤلاء الأعداء.
كذلك من معوقات الدعوة: الجهل، كثير من النسوة يجهلن العلم الشرعي؛ لأنه ليس لديهن من العلم الشرعي إلا أقل القليل، وهذا الجهل يؤدي بهن إلى ألا يعلمن دورهن في هذه الحياة، ولا يعلمن أنهن مسئولات عن تربية أولادهن التربية السليمة، بل ولا يعرفن كيف يربين أولادهن، ولا يعرفن شئون الزوج، ولا شئون الدعوة بشكل عام؛ نتيجة للجهل، لذلك على النساء أن يركزن على الجوانب العلمية عن طريق التلقي العلمي، ولله الحمد والمنة فالجوانب العلمية ممكن أن تؤخذ الآن عن طريق الكتب الموجودة والمنتشرة في الأسواق، وعن طريق التسجيلات التي فيها من الدروس العلمية الشيء الكثير، وعن طريق حضور بعض الدروس العلمية التي ممكن أن تحضرها النساء، وهذه جوانب مفتوحة وموجودة وليس فيها إشكال.
المعوق الرابع: الحياء، الحياء معوق كذلك من معوقات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بالنسبة للمرأة، فالمرأة حيية، فهي تخجل وتستحي وتتأثر بسرعة؛ نتيجة لهذه الفطرة التي وجدت فيها، وكون المرأة تستحي فإن هذا يعد جانبًا فاضلًا فيها، ولكنه إذا زاد عن حده يعد عيبًا وخاصة في المجال الدعوي؛ لأنها قد تدخل في مجتمع ترى فيه من المنكرات الشيء الكثير، ومع ذلك لا تستطيع أن تغير وتدعو وتنهى وتأمر وغير ذلك؛ لأنها تستحي وتخجل، وكثيرًا ما نسمع أن المرأة تقول: أنا رأيت كذا وكذا، فإن قيل لها: لماذا لم تنصحي؟ تقول: والله أستحي وأخجل.
إذًا: هذا خجل مذموم فيها، وهو معوق ينبغي على المرأة أن تراعيه وتنتبه له؛ فالحياء له حدود ونطاق معين، فإذا تجاوزها سمي هذا تقصيرًا وذلًا، وسمي بأسماء مختلفة متفاوتة.
الجانب الخامس من معوقات الدعوة للمرأة الداعية: شئون المنزل، فالمرأة كثيرًا ما تشتكي كثرة أعمالها في منزلها، وأن هذا العمل يعيقها كثيرًا عن أداء كثير من المهمات الدعوية التي تتمنى أن تقوم بها، وهذا حقيقة فيه جانب من الصحة وجانب من الخطأ كذلك، فإن قيام المرأة بشئون المنزل وإشرافها على منزلها ليكون منزلًا مريحًا يشعر فيه الزوج بالراحة النفسية والاطمئنان القلبي، ويشعر فيه كذلك الأولاد بالراحة يعد بحد ذاته أمرًا وجانبًا دعويًا مهمًا، فإن الطفل أو الزوج إذا لم يجد منزلًا يرتاح فيه ويطمئن فيه قلبه فإنه سيتركه ويخرج ليبحث عن غيره من الأماكن التي يمضي فيها الوقت، فيمضي الوقت في سهرات ولقاءات، وفي غير ذلك.
وهذا بحد ذاته قد يؤدي إلى انحراف هذا الزوج إن كان قابلًا لذلك، ونفس العملية تنقل إلى الأولاد، وبالتالي فإن جعل المرأة شئون المنزل معوقًا هذا ليس على إطلاقه، لكن أن تجعل المرأة كل شئون المنزل هي المعوق، أو تمضي كل وقتها في شئون المنزل ولا تعطي لأولادها أو لزوجها إلا أقل القليل أو فضول الأوقات؛ فهذا يعتبر معوقًا، فالذي ينبغي للمرأة أن توازن بين هذين الشيئين، وأن تعطي كل شيء ما يناسبه، فتركز على شئون المنزل في الوقت الذي يكون فيه الزوج والأولاد في أماكن أخرى، إما في عمل أو غير ذلك، فإذا عادوا إلى البيت وجدوا البيت قد انتهى العمل الأساسي الذي يرتبط بتنظيمه وتنظيفه وغير ذلك، ويجد الأولاد الراحة مع أمهم، ويجد الزوج الراحة مع زوجته، وهذا بحد ذاته يعد أمرًا دعويًا مهمًا.
المعوق السادس: قضية المواصلات، فكثير من النسوة يتمنين الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وعندهن القدرة على ذلك، فتقول إحداهن: بإمكاني أن ألقي محاضرة أو ندوة، وعندي العلم الذي يؤهلني لأن أؤدي جوانب دعوية، ولكنني لا أستطيع أن أنتقل من مكان إلى آخر؛ بحكم أنني لا أجد المواصلات المناسبة، فزوجي إما أنه يرفض أن يذهب بي، وإما أنه مشغول باستمرار، وبالتالي فلا مجال للانتقال، فهنا لا بد أن تضعي نصب عينيك أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وأن الله سبحانه وتعالى بين ذلك، وقال: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، فأنت ستثابين على نيتك، فنيتك وهدفك الذي تهدفين له صالح، ولكنك تتحيين الفرصة، فإن لم تأت الفرصة فضعي نصب عينيك أنك ستؤجرين على حسب النية التي تنوينها.
وفي الفترة الأخيرة أصبحت الشبكة العنكبوتية والبث المباشر، مع برامج التواصل؛ كل ذلك أصبح بديلًا عن التنقل والسفر؛ مع الالتزام بالضوابط الشرعية.
كذلك من معوقات الدعوة: رب الأسرة، وكثيرًا ما يكون رب الأسرة معوقًا من معوقات الدعوة؛ إما لأنه منحرف، أو لأنه لا يفهم مبدأ القوامة المذكور في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، فبعضهم لا يفهم مبدأ القوامة فهمًا سليمًا، فيرى أن القوامة هي أن يضغط على المرأة ويتحكم فيها كيفما يشاء، ويصرفها كيفما يشاء، فتجده يأمر زوجته بالأمر الخاطئ فلا بد لها أن تطيع، ويأمرها بما يشاء وكيف يشاء، فأقول: إن عدم فهم من الرجل يعد معوقًا بالنسبة لهذه المرأة، وعلى المرأة الداعية أن تراعي هذا القصور في رب الأسرة، فتحاول أن تعالجه أولًا، ويعد ذلك أمرًا دعويًا منها له، فإذا عولج ونجح العلاج فإنها بعد ذلك ستستفيد من رب الأسرة في المجالات الدعوية الأخرى (2).
وهناك عقبات أخرى تعاني منها الدعوة النسائية:
1- انخفاض مستوى كفاءة الداعيات اللواتي يعملن في الساحة الدعوية؛ إذ يلزم في هذا الجانب الوقوف على متغيرات الواقع المعاصر التي تتطلب رفع كفاءة الداعية؛ لمواكبة هذه المتغيرات علميًّا وعمليًّا.
2- عدم الرغبة في التجديد للوسائل الدعوية، وهي من الأهمية بمكان في هذا الوقت، وترجع عدم الرغبة إلى تلافي تبعة التجديد في الوسائل.
3- قلة الإمكانيات (المادة والوسائل) في ظل وجود التخطيط والأهداف لبعض الأنشطة الدعوية، وأكبر مشكلة تكمن في الإمكانيات المادية والبشرية؛ حيث لا توجد القدرة عند المؤسسات الدعوية على رفد المُجتمَع المسلم بالداعيات ذوات الكفاءة الدعوية.
4- المشغلات الحياتية والاجتماعية، فأكبر عقبة تقف أمام المرأة الداعية الانشغال بالواجبات الاجتماعية في داخل أسرتها، وفقدانها للقدرة على الموازنة بين الجانب الدعوي والجانب الاجتماعي.
يقول الشيخ سعد الغنام في أثناء حديثه عن الأثر المترتب على إهمال المرأة الدعوة داخل نطاق البيت والأسرة: إن عجز المرأة عن إقامة محضنٍ تربوي في مقر بيتها، يعني شللها التام عن القيام بدور فعال في المجتمع الكبير، وهذا هو الواقع مع الأسف، ونرجو ألا يكون ذلك سببًا للإحباط بقدر ما يكون دافعًا للتصحيح والنقد الهادف، التربويون يقولون بأن السنوات الأولى من حياة الطفل تترك آثارًا عميقة في نفسه، فهل يا ترى استشعرت المرأة المسلمة هذه المرحلة الذهبية للنقش والتكوين لتجذير مسائل العقيدة والأخلاق؟
ولا شك أن خلايا المجتمع تبدأ من الأسرة، ولذلك سارعت وسائل الدمار العقدي والأخلاقي لتقويض دعائم الأسرة المسلمة، ومن ثم تفتيت المجتمع الإسلامي وإفراغه من محتواه.
كثيرة هي البيوت التي تضج بالمنكر بأنواعه وفنونه، ولا تخلو كذلك من وجود فتيات صابرات ويسكتن على ذلك على مضض ويستعظمن ممارسة الدعوة في بيوتهن رهبة وإكبارًا لأمرها (3).
5- تسلط بعض الآداب الاجتماعية السلبية التي تجعل المرأة الداعية قاصرة عن أداء عملها الدعوي؛ كالخوف والخجَل والخشية من الفشل والمحاباة للمخاطبات بالدعوة.
6- جعل الجانب الدعوي فضلة، قياسًا بالجوانب الحياتية الأخرى؛ إذ تجعل المرأة الداعية الدعوة آخر اهتمامات؛ إذ تعطيها فضول أوقاتها.
7- عدم الشمولية في وضع الأطر الكلية لاستيعاب مشكلات الدعوة، وضعف التخطيط والتنظيم والتقويم من قبل المسؤولين عن الدعوة النسوية، وترك الجزئيات وتفاصيل الدعوة إلى الداعيات حسب ظروف البيئة المحيطة بهن؛ مما سبب انعدام المرجعية النسائية، وانتشار العشوائية والتخبط في الأعمال الدعوية.
8- عدم المنهجية السليمة والضوابط الواقعية والأهداف الواضحة للعمل الدعوي النسوي، ضمن المؤسسات الدعوية النسوية.
9- تقديم الأعمال الشخصية على الأعمال الدعوية العامة، والاهتمام بالجزئيات الفردية والشخصية، وإعطاؤها الأولوية على الأعمال العامة، مما أضعف الجانب الدعوي النسوي في جانبها الأهم (4).
10- عدم وجود خلفية إسلامية كاملة هو السبب الذي تتوقف بسببه الكثير من النساء عن الدعوة إلى الله عز وجل، وهو ما لا يمكن قبوله في ظل ثورة المعلومات التي تميز العالم في الوقت الراهن، والتي يمكن للمرأة في ظلها أن تقوم بتثقيف نفسها، مستفيدة في الوقت نفسه من خبرات علماء الدين والداعيات الأخريات، وحضور الندوات والمحاضرات، وذلك حتى تستطيع أن تقوم بدورها الدعوي على أكمل وجه.
11- المؤسف أن الكثير من الداعيات المسلمات يؤكدن أن بنات جنسهن هن السبب الرئيسي في عدم نجاحهن بصورة كاملة، حيث يتشككون في الحصول على المعلومة وتلقي النصيحة من النساء، وهو الأمر الذي يجب على الداعيات أنفسهن أن يسعين إلى القضاء عليه وتغييره من خلال عملهن المتواصل في أوساط النساء، وهو ما سيؤدي لثقتهن في قدرة المرأة على العمل كداعية.
12- وهناك أيضًا فساد البيئة التي تعمل فيها المرأة مثلًا، سواء كانت هذه البيئة: مدرسة، أو مؤسسة، أو مستشفى، أو معهدًا، أو غير ذلك، فإن البيئة إذا كانت بيئة فاسدة فإنها تؤثر في نفسية المرأة، وتضغط عليها ضغطًا شديدًا (5).
سبل الارتقاء بالدعوة النسائية:
هناك بعض المقترحات من خلال التجربة الواقعية في الجانب الدعوي؛ إذ تمثل خلاصة لبعض الآراء والأفكار المستخلَصة من التجربة العملية، وكذلك الاستفادة من بعض الاستبيانات من قبل المتخصصين في الجانب الإحصائي:
1- الاهتمام بالأعمال الدعوية القائمة، وذلك بحصرها وتصنيفها إلى: أعمال دعوية– ثقافية– إعلامية– تربوية، وترشيدها والاستفادة من الأعمال والنماذج المطروحة في الساحة الدعوية، وتطوُّر الدعوة النسوية، بحيث يمكن الوقوف على مكامن الضعف فيها، والدواعي وسبل العلاج، وأي المناطق متقدمة على غيرها، وكيفية دعمها واستمراريتها.
2- توظيف الطاقات المبدعة والمبرزة العاملة في الساحة الدعوية، حسب ميولها العلمي والعملي، وإبداعاتها، وفق التصنيفات السابقة؛ إذ الدعوة إبداع وابتكار، لا تتوقف على وسيلة معينة.
3- تعميم بعض الأعمال الناجحة المقامة في الساحة، سواء على الصعيد العلمي والثقافي والإعلامي والتربوي والدعوي، وذلك بتنفيذها عمليًّا، وبتوحيد الجهود المبذولة حسب الإمكان.
4- الاهتمام بمدارس التحفيظ النسوية، باعتبارها قنوات قائمة للدعوة، تستقطب شرائح كبيرة ومتنوعة من النساء، وذلك بتسهيل التوصيل الدعوي عن طريق التركيز على الجوانب الأهم على حساب غيرها، من باب التدرج بالأهم فالمهم.
5- الاهتمام بالمحاضرات العامة، وتفعيلها، وربطها بالأنشطة الإحصائية التي من خلالها يتعرف القائمون على الدعوة على موطن اهتمامات النساء، والسلبيات الحاصلة بسبب ذلك، ومعالجتها عن طريق ترتيب محاضرات حسب الحاجة المتعلقة بالجانب النسوي.
6- إيجاد السبل التوعوية للأسر وأولياء الأمور، أولًا من جهة تنظيم الأسرة، وربطها بالقيم الإسلامية النبيلة، وثانيًا من أجل الاهتمام بالمَحاضن الدعوية والعلمية النسوية، ورفدها بالفتيات بغية تنشئتهن على الأخلاق والآداب الإسلامية، وثالثًا من جهة ترسيخ الوعي والشعور بالمسؤولية لدى الآباء وأولياء الأمور؛ للتفاعل مع الأنشطة الدعوية النسوية المختلفة (6).
وعلى كل مسلمة تغار على دينها أن تقوم بالدعوة إلى الله، حتى ولو بقليل من المعلومات، كما ينبغي أن تدرك أنه لا يشترط في الداعية أن تكون كاملة وعلى قدر كبير جدًا من المعلومات، فكل إنسان لديه العديد من القدرات والمعلومات التي يمكن أن يستفيد منها الآخرين، فكل سيدة تدعو من حولها بما تعرفه أو بما عرفته، وعملت به أو بما تعرفه ولم تعمل به، حتى تشجع نفسها والأخريات معها.
ما أحوج البشر اليوم إلى الإسلام بعد ما كان من فشل جميع المذاهب الأرضية، في منحهم السعادة والعدالة، ما أحوجهم إلى الإسلام يردّ إليهم كيانهم وإنسانيتهم، ويخلّصهم من معاناتهم وضياعهم، ما أحوجهم إلى مبادئه وشرائعه تكفل لهم السعادة والاطمئنان والأمن والاستقرار.
إن حاجتهم إليه اليوم ليست بأقل من حاجة الناس إليه أيام بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أحد ينكر كيف كان دور الإسلام في حياة البشرية؛ دوره في تخليص روح البشر من الوهم والخرافة، ومن العبودية والرق، ومن الفساد والتعفن، ومن الانحراف والانحلال، ومن القلق والضياع، ودوره في تخليص المجتمع الإنساني من التفكك والانهيار والاستغلال، دوره في بناء العالم على أسس من العفة والنظافة والإيجابية والبناء والحرية، ومن المعرفة واليقين، والثقة والإيمان، والعدالة والكرامة، ومن العمل الدائب لتنمية الحياة وترقيتها، وإعطاء كل ذي حق حقه في الحياة.
ومن هنا تبدو ضخامة الواجب الذي ينتظر العلماء والمصلحين، إن عليهم أن يبذلوا أقصى ما في طاقاتهم لإنقاذ البشرية من شقائها وآلامها، وضياعها وحيرتها، عليهم أن يهبوا أنفسهم للكشف عما في الإسلام من سموّ وجمال، ونظام وكمال، كي تتجلى الحقيقة ناصعة أمام من يبتغي أن يحقق إنسانيته، ويأخذ طريقه إلى الله سبحانه ليسعد بمعرفته وينعم برضاه (7).
_____________
(1) الدعوة النسائية ومعوقاتها (ص: 21).
(2) المرأة الداعية/ إسلام ويب.
(3) معوقات أمام المرأة في الدعوة- موقع المرأة العربية.
(4) الدعوة النسائية العقبات وسبل الارتقاء بها/ مهارات الدعوة.
(5) الدعوة النسائية درجة ثانية/ صيد الفوائد.
(6) الدعوة النسوية العقبات وسبل الارتقاء/ شبكة الألوكة.
(7) الدعوة النسائية ومعوقاتها (ص: 19)