التقنية الدعوية
نظرًا لأن هذه الدعوة هي قَدَر هذه الأمة وغايتها؛ فقد أصبح لزامًا عليها أن تبحث عن كل الوسائل المتاحة والممكنة للقيام بوظيفة البلاغ المبين، وتقديم رسالة الإسلام إلى العالمين.
وإذا كان الغرب قد حقق تقدمًا في وسائل الإعلام وتقنياته؛ فإن الإسلام لا يقف حائلًا دون الاستفادة من هذه التقنيات؛ لتكون في خدمة الدعوة الإسلامية، إذا ما توفر شرطان أساسيان:
أ- أن يكون استخدام الوسائل لا يعني بالضرورة نقل الأفكار والاتجاهات، فالوسائل أجهزة محايدة تنقل ما يطلب منها.
ب- أن يكون استخدام الوسائل الحديثة لا يعني فساد الوسائل الرئيسة في الدعوة الإسلامية، التي جاءت في الهدي القرآني والسنة المطهرة، وبالتالي لا يعني تركها وإبعادها عن الاستخدام في الساحة الإعلامية.
وبذلك فإن الأمة الإسلامية تستطيع تقديم رصيدها الثقافي والحضاري، مستفيدة من التطور التقني في مجال وسائل الإعلام الحديثة، بجانب ما تتمتع به الوسائل الإسلامية المتميزة في مجال الدعوة الإسلامية؛ من فاعلية وقدرة على المعايشة والاستمرار؛ بل إن الوسائل التقنية الحديثة يمكن استيعابها ضمن الوسائل الإسلامية المتميزة، وما تقدمه من خدمات إعلامية عالية، تقوم بدور كبير إذا ما أحسن استخدامها للإعلام بالرسالة الإسلامية، ليس فقط على المستوى المحلي؛ بل على المستوى الدولي والعالمي(1).
ومن المجالات الطيبة التي استخدمت فيها تلك التقنيات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، بهدف تذكير المؤمنين بدينهم، ودعوة غيرهم إلى الإيمان بالله عز وجل المعبود بحق، اتباعًا لأمره سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل:125]، وقوله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33].
أهمية استخدام التقنيات في الدعوة:
لا يخفى أهمية هذه التقنيات؛ حيث إنها انتشرت انتشارًا واسعًا، فقربت المسافات، ووفرت الكثير من الجهود، وصار الداعية من خلالها يستطيع الوصول إلى شريحة كبيرة من المدعوين، وأنها تنقل الدعوة بطريقة جديدة وشيقة وممتعة، وأن استخدام تلك التقنيات في الدعوة بديل عن الاستخدامات الأخرى قليلة النفع.
وممارسة الدعوة إلى الله تعالى من خلال التقنيات الحديثة والإنترنت خاصة لا تحتاج لشهادات أو دورات معقدة، فلقد تعلم الكثيرون من الدعاة، أصحاب الشهادات الشرعية، الكثير من وسائل وأساليب استغلال هذه الشبكة في الدعوة إلى الله في أيام قليلة، واهتدى على أيديهم خلق كثير، لا يعلمهم إلا الله، فخصوصية التعامل مع الشبكة في أناس متخصصين قد اضمحلت؛ لما تتمتع به هذه الشبكة من المرونة في التعامل معها لدى جميع شرائح المثقفين.
فالإنترنت مثلًا، في أحيان كثيرة، ليس وسيلة احتكاك مباشر بالناس، وهذا الأمر يعطي قدرًا كبيرًا من المرونة للدعاة، فإن الناس سيستفيدون من موقعك الدعوي والمعلومات المتوفرة فيه، وهذا أمر يختلف عن الشيخ الذي يجلس في المسجد ويعلم الناس، فإنه في حال سفره أو مرضه تنقطع الاستفادة من علمه.
عقبات استخدام التقنيات في الدعوة إلى الله:
من أبرز العقبات التي تواجه بعض الدعاة وطلبة العلم حول استخدام التقنيات الحديثة في الدعوة إلى الله، وخاصة الإنترنت، الآتي:
1- قلة العلم بالحاسب الآلي ومهاراته: مع أنها ليست صعبة أو معقدة، فبرامج التشغيل أصبحت مرئية، وأصبح بإمكان أي شخص الالتحاق بدورة لمدة شهر أو أقل، وتكون كافية لاستخدام الحاسب الآلي، وتوظيفه في مجال الدعوة إلى الله تعالى.
2- قلة معرفة اللغات: من العقبات كذلك في توظيف التقنيات الحديثة في الدعوة إلى الله الجهل باللغات الأخرى، والتي إن عرفها الداعية خاطب مجموعات كبيرة في العالم.
3- بعض النواحي الفنية: ومن العقبات التي تقف أمام الدعاة في استخدام الإنترنت، أو غيرها من الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله، هي قضية النواحي الفنية، فهناك بطء وانقطاع في الخدمة في بعض الأماكن، كما أن هناك خدمات لا يستطيع الشخص العادي استخدامها.
4- ضعف القناعة: من أهم النقاط التي تقف أمام استخدام التقنيات الحديثة، وخاصة الإنترنت، فلدى بعض الدعاة ضعف أو عدم قناعة في استخدام التقنيات أصلًا، إما بسبب عدم إتقانهم لهذه الخدمة، أو بسبب عدم معرفتهم بالخدمات التي تقدمها.
5- الخوف: وأقصد به الخوف السلبي لدى البعض، وخاصة ممن وهبه الله العلم والصلاح، فهو يخاف من الدخول إلى عالم التقنيات الحديثة خوفًا من الوقوع في معصية، أو مشاركة في منكر، ومع أن الاحتياط مطلوب إلا أن مثل هذا الفعل يفرح به أهل الفساد ليمارسوا دورهم بعيدًا عن معرفة أهل الخير والصلاح، وتبقى الساحة خالية لهم وحدهم.
إننا لا نشك مطلقًا في أن الإسلام غنى ومليء بالأحكام والتشريعات والمصطلحات الربانية؛ لكن هذا لا يتعارض مطلقًا مع ما أقره الإسلام من قبول أي فكرة سوية جادة من غير المسلمين، نظرية كانت هذه الفكرة أو عملية، ما دامت تتفق مع أسس الإسلام ومبادئه، ألم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم فكرة حفر الخندق وهى من أساليب الفرس؟
إن الحكمة تقتضي من المسلم المعتدل عدم رفض الأفكار والمبادئ المفروضة أو المطروحة علينا من أي مجتمع آخر، دون مناقشتها من مفهومهم لها، ثم مناقشة هذه الأفكار من مفهوم الإسلام لها، عندئذ سيكون موقفنا واضحًا ومحددًا، ولن يخرج عن أحد أمرين:
الأول: أن تصطدم الفكرة المستحدثة مع ثوابتنا شكلًا وموضوعًا، فنرفضها شكلًا وموضوعًا، غير أن الرفض في هذه الحالة رفض تمليه علينا عقيدتنا، وليس رفضًا لمجرد أننا نخاف، أو نتحرج من كل ما هو جديد ومستحدث، وشتان بين الرفض في الحالتين .
الآخر: أن تكون هذه الفكرة المستحدثة غير مصطدمة مع ثوابتنا الدينية في بعض جوانبها الشكلية أو الموضوعية، أو الاثنين معًا، وذلك من خلال ما يتضمنه ديننا من مفاهيم عامة وأحكام مجملة، فلا ضير من قبولها، ويمكن أن نصل حينئذ إلى جوانب اتفاق في بعض النقاط.
وبالتالي نكون قد أنصفنا ديننا، وأثبتنا للذين يستحدثون هذه المصطلحات أن إسلامنا بمنهجه الشامل نستقي من طبيعته الدينية ما يوافق أفكار ومبادئ أي عصر من العصور، وأي حضارة من الحضارات، ما دامت أنها أفكار بناءة، وفيها خير للبشرية(2).
المتأمل واقعَ العمل الدعوي ومناشطه يرى، ولله الحمد، أنه يجري من خلال قنوات عديدة، ونشاطات متميزة في الدعوة والإرشاد إلى دين الحق، وتمثله هيئات ومؤسسات حافلة بالأعمال الإسلامية المختلفة، وساحاته الإعلامية آخذة في شق طريقها بقوة وثبات، ترعاها بتوفيق الله أيد مخلصة، حتى علا بعضها منابر دعوية انتشر صيتها وارتفع ذكرها، ولا نملك إزاء تقصيرنا تجاهها إلا أن ندعو لهؤلاء بأن يخلص الله لهم العمل، ويحقق الهدف الذي يؤمَّل من رجالها وأنصارها، بل وعامة الأمة الإسلامية.
كذلك على المتصدي للعمل الدعوي، سواء بالوسائل الحديثة أو غيرها، أن يكون متفهمًا للمسائل والموضوعات التي يتصدى لها، فإننا كثيرًا ما نرى من الطيبين ممن ينشرون ما ليس ثابتًا ولا معتمدًا؛ سواء من الأحاديث المنكرة أو الموضوعة أو الضعيفة، أو الدعوات الصوفية المنحرفة أو مثالها، فعلى كل منا أن يتعلم قبل أن يشتغل في ذلك.
كذلك من المهم أن يلزم هؤلاء الشباب القائم بالدعوة إلى الله شيوخًا ودعاة موثوقين أثباتًا، يعرِضون عليهم أعمالهم، ويستشيرونهم فيها قبل نشرها، ويتداولون محتوياتها قبل التحمس لها.
إننا إذا أدركنا ذلك، وأدركنا أن العالم الإسلامي يمتلك من المقومات المختلفة للتقدم ما يؤهله للقيام بدوره، فليس من العسير استخلاص الوسائل والطرق الكفيلة باللحوق بركب الحضارة؛ بل والتقدم التقني في عالمنا الإسلامي.
أنواع التقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها في الدعوة:
ولأن مهمة الدعوة إلى الله تعالى مطلقةٌ وغير مُقيدة بزمان أو مكان؛ فإن هذا يعني ضرورة أن تنطلق الدعوة بموجب مُتطلبات العصر الذي تنطلق فيه، والتركيز هنا ينصب على الوسائل التي تُستخدم للتبليغ.
والوسائل تتجدد وتتطور وتتغير بحسب التطورات العلمية والتقنية، التي تنطلق بسرعة عجيبة، تستلزم المتابعة الدقيقة إذا ما أُريد للدعوة أن تؤثر في الناس، وتتماشى مع مستوياتهم التفكيرية، التي تُمليها عليهم ظروفهم التكوينية في التنشئة والتربية والتعليم.
ولقد كان الدعاة فيما مضى يدعون إلى الله تعالى بطرق مختلفة وأساليب متنوعة، بدءًا بالخطاب المباشر لجمع من الناس في مكان معين، ثم بكتابة الكتب والرسائل والمؤلفات وإرسالها إلى مختلف الأماكن والأمصار، ومرورًا بتسجيل الأحاديث عبر الإذاعة وأشرطة التسجيل، ونشرها في مختلف الأجهزة المسموعة، ثم إعداد البرامج الدعوية وتصويرها وبثها عبر أجهزة التلفاز والفيديو والمحطات الفضائية، وعندما انتشر استخدام الحاسب الآلي ظهرت البرامج الحاسوبية المعنية بهذا الشأن، حاملةً الكثير من البرامج الدعوية المختلفة لخدمة الدعوة إلى الله تعالى.
ومع ظهور شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، في عصرنا الحاضر، كان لا بد أن تصبح هذه الشبكة العنكبوتية المذهلة واحدةً من أحدث وأهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى؛ لما لها من الأهمية والتأثير، ولما يترتب على تسخيرها في هذا المجال من النفع العظيم والخير العميم متى أُحسن استخدامها، لا سيما في هذا العصر الذي تطورت فيه العلوم التقنية تطورًا كبيرًا مُذهلًا.
والتقنيات التي يمكن استخدامها في الدعوة إلى الله كثيرة ومتعددة، وينبغي عدم الاقتصار على بعضها دون الآخر، وذلك بهدف تعميم الدعوة عن طريق كل الوسائل المتاحة؛ حتى ينتشر الخير وتعم الفائدة، ومن تلك التقنيات الحديثة:
الهاتف والجوال، الإنترنت، الإذاعة والتلفاز، القنوات الفضائية، الصحف والمجلات، لوحات الإعلانات الالكترونية بالأماكن العامة وغيرها.
والإنترنت وسيلة جديدة، ينبغي استخدامها في إبلاغ الدعوة إلى الناس جميعًا؛ بإنشاء المواقع، وتجهيز المادة العلمية، والاستعانة بأهل الفقه للدعوة، والعارفين بأسرار الشريعة، والقادرين على الرد على ما يوجه إليها من تساؤلات أو شبهات، ويُمثل استخدامها في الوفاء بحاجات الدعوة واحدًا من التحديات التي يجب أن ينهض بها المسلمون، خاصة وأن هذه الوسيلة ليست حكرًا على أحد، وليس هناك حظر على استخدام المسلمين لها.
أهمية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت:
نظرًا لما تمتاز به شبكة الإنترنت من انتشار واسع، وقُدرة على الوصول إلى الملايين في كل مكان على سطح الأرض، فإن الحاجة ماسة للإفادة منها في الدعوة إلى الله تعالى، على اعتبار أنها وسيلة من الوسائل الحية في هذا العصر، وأنها تحظى بقبول جيد، وانتشار كبير، وتفاعل إيجابي من الملايين الذين يُقبلون عليها في أرجاء العالم.
وليس هذا فحسب؛ فإن أعداء الإسلام قد تنبهوا إلى أهمية هذه الشبكة (الإنترنت)، في نشر شبهاتهم، وبث أباطيلهم، فاستغلوها استغلالًا واضحًا في غزوهم لنا فكريًا.
لهذا فإن الواجب يُحتم علينا أن نُضاعف اهتماماتنا بهذا الشأن، وأن نحاول اللحاق بالركب الحضاري الذي سُبقنا إليه في هذا المجال، على الرغم من أننا أحق الناس به.
وتتمثل أهمية الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت في الكثير من النقاط، التي نشير إلى أبرزها فيما يلي:
1- لما كان تبليغ الدعوة إلى الناس مما أخذ الله عز وجل عليه الميثاق من أهل العلم؛ فإن إيصال هذا الدين الحق إلى مشارق الأرض ومغاربها، بواسطة هذه الشبكة، أمر مطلوب، وهو من أعمال البر والخير، والمُنفق عليه مأجور بإذن الله تعالى.
2 - أن هذه الشبكة جعلت من العالم قرية صغيرة، يستطيع أن يتواصل من يعيش في أقصاها مع من يقطن في أدناها؛ فكان لا بد من الإفادة منها في مهمة الدعوة إلى الله تعالى.
إن على الدعاة إلى الله عز وجل ألا يستهينوا بما جد من الوسائل والأساليب التي يستخدمها الناس في مجالات الحياة المختلفة؛ بل إن عليهم أن يكونوا في طليعة المُنتفعين بها، وما دامت الدعوة فريضة واجبة فإن كل ما يساعد على حسن تبليغها يكون واجبًا؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
3- الإنترنت وسيلة دعوية حرة، يمكن للدعاة إلى الله تعالى من خلالها التواصل الدعوي المفتوح والمستمر مع أعداد كبيرة، وأجناس متنوعة من البشر في شتى بقاع الأرض، يبثون الخير في نفوسهم، ويحثونهم على التمسك بالفضائل، ويهدونهم إلى طريق الله المستقيم، دون الخضوع لأي سياسات، أو رغبات، أو أنظمة، أو تعليمات.
4- أن الدعوة إلى الله تعالى من خلال شبكة الإنترنت غير مكلفة ماديًا؛ إذ إن الإنترنت هو أرخص وسيلة للاتصال، والإعلان، والدعاية، والنشر؛ فلو قارنا بين إنشاء محطة إذاعية أو تلفزيونية، أو حتى إصدار جريدة أو مجلة للدعوة إلى الله فكم ستكون التكلفة؟
وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن في هذا مدعاةً لاغتنام هذه الوسيلة الحديثة، وتكثيف الجهود الدعوية من خلالها قدر المُستطاع، لا سيما وأن كثيرًا من خدمات الإنترنت، التي تقدمها بعض الشركات العالمية في هذا الشأن، أصبحت مجانية.
5- في الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإنترنت تصحيح لكثير من المفاهيم الخاطئة، والمعلومات غير الصحيحة التي تنتشر بين كثير من الناس، الذين لا يعرفون من الإسلام إلا ما تتحدث به بعض الفرق الضالة والجماعات المنحرفة؛ إذ إن هناك مواقع مشبوهة ومنحرفة كثيرة تدعو إلى الإسلام، بعيدة كل البعد عن الدين الحق الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من عند الله.
6- أن معظم مستخدمي شبكة الإنترنت، في الغالب، من الطبقة المثقفة والفئة المتعلمة الواعية؛ كأساتذة الجامعات، والطلاب، وكبار المسئولين، والمهنيين، ورجال الأعمال، وغيرهم من الفئات الذين يكون أفرادها في العادة أصحاب التأثير الفاعل في مجتمعاتهم؛ فكان لا بد من استثمار هذه الوسيلة في الدعوة إلى الله تعالى للوصول إليهم من خلالها، ودعوتهم إلى دين الله الحق، فلعل الله أن يهديهم إليه.
7- أن شبكة الإنترنت وسيلة دعوية متاحة للجميع في أي وقت من الأوقات؛ فهي غير محددة بوقت معين أو زمن محدد؛ لأنها تعمل على مدى اليوم والليلة وطول أيام السنة، ويمكن للراغبين في الإفادة من الإنترنت الدخول إليه في أي ساعة من ليل أو نهار.
8- إقبال الناس المتزايد على استخدام هذه الشبكة، فقد أصبح الإنترنت اليوم مرجعًا لكل باحث عن معلومة معينة، وملاذًا لكل طالب علم ديني أو دنيوي، وإذا كان من الصعوبة فيما مضى الحصول على معلومات صحيحة وشاملة عن الإسلام في كثير من بلدان العالم؛ فقد اختلف الوضع تمامًا في وقتنا الحاضر؛ حيث أصبح دين الإسلام يصل بكل سهولة ويُسْر إلى بيوت الناس، وأماكن عملهم، ومدارسهم، ومعاهدهم، وفي كل مكان يمكن أن يكونوا فيه.
9- سهولة استخدام هذه الوسيلة في الأغراض الدعوية؛ حيث إن ممارسة مهمة الدعوة إلى الله تعالى وتعلم أساليبها عبر شبكة الإنترنت سهلة جدًا، ولا تحتاج لكثير جهد وطول خبرة، ويمكن لمن يرغب في ذلك تعلُم كيفية إنشاء الصفحات الخاصة بهذا الشأن، أو الدخول في حوارات دعوية مع الآخرين، وهو أمر يمكن أن يتم في فترة وجيزة جدًا(3).
الوعي والفهم:
إن الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني الإسلامي أو تطويره مهمة لمواكبة قضايا العصر، مع مراعاة الضوابط سالفة الذكر، ومفتاح التجديد هو الوعي والفهم للإسلام من ينابيعه الصافية، بحيث يُفهم فهمًا سليمًا خالصًا من الشوائب، من خلال رجال يُحسنون عرض مفاهيم الإسلام وأحكامه بصياغة جيدة، تنقِّي الفكر من الخرافة، والعقيدة من الشرك، والعبادة من البدع والأهواء، والأخلاق من التحلل والانهيار، رجال يتبنون الجمع بين القديم النافع والجديد الصالح، ويدعون إلى الانفتاح على العالم دون الذوبان فيه، منهجهم في الخطاب الديني الثبات على الأهداف، والفهم للمقاصد، والتمسك بالأصول، والتيسير في الفروع.
أمواج الفتن:
إن الدعوة إلى الله تعالى تَلزم القادر عليها من أهل العلم الشرعي المؤصل والمنهج الصحيح إذا تعيّنت الحاجة لذلك؛ بسبب قلة العلم الشرعي والمنهج الصحيح؛ لكثرة المناهج ودعاة الضلال، وقلة تحصين كثير من الناس لانشغالهم عن العلم الصحيح من مصادره الأصيلة وأهله الموثوقين، المبني على الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.
وينبغي في دعوة الناس في هذا الزمان، الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن ودعاة الضلال وسَهَّل ترويجَها وسائلُ الاتصال الحديثة، أن يسلك الدعاة الطرق التالية:
1- الدعوة إلى المعين الصافي والوحيين بفهم السلف الصالح، والتجديد في الوسائل المباحة التي ليس فيها محظور شرعي.
2- الوصول لكل شريحة من شرائح المجتمع بالوسائل المباحة التي يرغبونها، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يطرح لهم فيها ما يناسبهم.
3- الحرص على التركيز في الطرح على تأصيل العقيدة الصحيحة، مع الاختصار والإيجاز قدر الإمكان.
4- الحرص على تعميق المنهج الوسطي الصحيح، وربطه بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه القدوة الذي تتفق عليه جميع الشرائح.
5- اللين في الخطاب مع الربط بالدليل من أكبر الأسباب في قبوله.
6- ربط الناس بالعلماء الربانيين الكبار في الفتوى في جميع القضايا والأمور الشرعية؛ لأنه سبب في اجتماعهم وسيرهم على المنهج الشرعي، وعدم اضطرابهم عند تعدد الفتوى(4).
***
______________
(1) الإعلام من المنطلق الغربي إلى التأصيل الإسلامي، مجلة البيان (العدد:110).
(2) التقنية الحديثة واستخدامها في الدعوة إلى الله، د. داود العريني.
(3) استخدام الإنترنت في الدعوة إلي الله، منتديات: رسالة الإسلام.
(4) تطوير الخطاب الدعوي لمواكبة قضايا العصر، والتصدي للانحرافات باستخدام التّقنية الحديثة، موقع: ملتقى الخطباء.