logo

الإحباط قوة دافعة للنجاح


بتاريخ : الأحد ، 2 رمضان ، 1435 الموافق 29 يونيو 2014
بقلم : مبارك عامر بقنه
الإحباط قوة دافعة للنجاح

قد يواجه المرء في حياته كثيرًا من المشاكل والعقبات، التي تحول بينه وبين تحقيق أهدافه، وتختلف درجة وشدة هذه العقبات، حتى تصل شدتها إلى أن يصيب المرءَ حالةٌ من الإحباط واليأس، تجعله يستسلم لهذه المعوقات،

ويعتقد أنه لا خلاص منها.

 

وإذا أراد الإنسان تغيير حاله، وتطوير ذاته، والسعي إلى الكمال، فإنه حتمًا سيواجه معوقات كبيرة وكثيرة، وأول هذه المعوقات وأشدها هي نفسه؛ إذ إن أكبر المعوقات هي التي تنبعث من الذات، ولهذا نجد القرآن الكريم ينسب الخلل والقصور إلى النفس الإنسانية، قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165].

 

فالمصائب والأخطاء في غالبها مبعثها من النفس، فعملية البناء والهدم تبدأ أولًا من الداخل من النفس، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].

 

وغالب الحال أن التأثير الخارجي لا يكون له أثر كبير ما لم يكن هناك قابلية من الداخل.

 

وعندما ندرك أن أساس التغيير، سلبًا وإيجابًا، هو التغيير الداخلي، وأن العوامل الخارجية ليست أساسية في التغيير، فإن الاهتمام الأولي يكون للداخل، سواء كان للفرد أو الأمة بمجموعها في مقابلة الأمم.

 

وهذا المسلك ضروري لمن أراد أن يتغلب على كثير من الإخفاقات، ويتخلص من الإحباط، فعليه أن يتجه إلى نفسه فيقوم بإصلاحها وتهذيبها وتقويمها.

 

ومن أراد أن يغير من حاله، ويرتقي بها في سلم الكمال، فعليه أن يوطّن نفسه على مواجهة الصعاب، وليعلم أن الطريق لن يكون سهلًا خاليًا من الأكدار والمنغصات، ومن أراد التغيير دون أن تواجهه مشاكل في الطريق، فهو لم يعرف حقيقة الحياة وطبيعة التحول والترقي.

 

وإذا كانت المعاناة من ضروريات التغيير، فإن الأمر السلبي، الذي قد يصاحب التغيير، هو حالة الإحباط التي قد تصيب الإنسان من هذه المعاناة، والحقيقة أن الإنسان قد يجعل من الإحباط قوة دافعة للإنجاز، وتحقيق أهدافه وطموحاته، فبالإمكان تحويل الإحباط إلى حدث إيجابي.

 

إننا إذا نظرنا إلى الشيء الإيجابي في أمر ما، فإننا نكون قادرين على حل مشاكلنا، وتجاوز الوضع بطريقة أسرع وأسهل من هؤلاء الذين لا يرون إلا السلبيات، والوقوف عند الإحباطات.

 

فهناك فرق بين أن تكون ضحية أو أن تكون المنتصر، فأنت إذا نظرت إلى الإحباط على أنه منحة وهدية فإنك تكون قادرًا على تجاوز هذا الإحباط، وتحسين حياتك وتحقيق أحلامك.

 

إن تفاعلنا الأولي مع أي عقبة قد يُشكّل نوعًا من الإحباط، أو يبعث أفكارًا تدميرية لا تنتج لنا عملًا إيجابيًا؛ لذا علينا أن نغير نظرتنا إلى الوضع، وأن نتعامل مع الإحباط، إن وجد، بالصورة التالية.

 

أولًا: الإحباط يدل على أنك بحاجة إلى أن تتخذ خطوة للوراء:

 

كثير من الناس تشغلهم الأحداث، الجزئية والجانبية، عن الهدف الكلي والغاية الكبرى التي يسعى إليها؛ ولذلك على الإنسان أن يقف ويبتعد قليلًا عن الحدث؛ كي ينظر إلى الصورة بشكل كامل.

 

اتخذ وقتًا كافيًا لإعادة تأكيد الهدف الأساسي، وانظر هل لازلت تسير في الطريق الصحيح؟ فهذه الوقفة التأملية قد تكتشف فيها أنك قد سلكت طريقًا لم يخطر على بالك أنك قد تسلكه يومًا ما.

 

ثانيًا: العقبات تعطي فرصة رائعة للعصف الذهني:

 

أحيانًا عندما نضع الخطط؛ فإننا مباشرة نفكر في الحل، ونتجه إليه دون دراسة كافية للخيارات الممكنة، وعندما تصاب بالإحباط فإنك تتجه إلى العصف الذهني، وهي دراسة لجميع الحلول والخيارات الممكنة، وبالتالي قد تكتشف طرقًا أكثر فعالية بقليل من الجهد والتفكير.

 

ثالثًا: الإحباط علامة بأنك بحاجة للراحة:

 

بعض الأشخاص عندما يواجهون عقبات في الطريق فإنهم يضخمون هذه العقبات، ويعطونها أكثر مما تستحق من الوقت والجهد؛ مما قد يسبب ضغطًا نفسيًا يحول بينه وبين إدراك الحل، وإعطاء النفس فترة من الراحة أمر ضروري، فالضغط النفسي قد يصور الأمر على غير حقيقته؛ مما يتعذر على الإنسان اكتشاف الحل، فقد نبذل جهدًا قويًا وعملًا شاقًا تجاه تحقيق أهدافنا أو مشروعاتنا، ومع ذلك نجد الإخفاق، وأحيانًا نلتصق بعمل ما حتى إننا لا نستطيع أن نرى عملًا غيره، ولا ندري لماذا؟ وهذه النقطة بالذات تجعل كثيرًا من الناس يقلعون، ويتركون أعمالهم التي شرعوا فيها، ولهذا إعطاء النفس قسطًا من الراحة أمر ضروري للاستمرار.

 

رابعًا: الإحباط فرصة للنجاح:

 

إذا نظرت إلى الإحباطات التي تواجهها كفرص وخبرات اكتسبتها فإنك ستواصل في مسيرك، وتتغلب على العقبات والمشاكل التي تواجهك، فليس هناك فشل مطلق؛ بل مع الفشل هناك خبرات ومعلومات حصلت عليها، فغالب الشر ينطوي على شيء من الخير، إننا نحتاج فقط أن نتعلم كيف نتعامل مع الإحباط، ونظرتنا وطريقتنا مهمة جدًا في ذلك، وقد قيل: يرى المتشائم العقبات في كل فرصة، ويرى المتفائل الفرصة في كل عقبة.

 

لذلك انظر إلى عملك بدقة ستجد على الأقل هناك شيئًا صحيحًا، وهذا رائع، عندها اسأل نفسك: كيف يمكن تطوير ذلك النجاح؟ بوضعك هذا السؤال فأنت أخرجت نفسك من الحالة السلبية المحبطة، وعدت لتركز على الوضع الإيجابي؛ وبالتالي ستتغلب على المشاكل التي تواجهها بإذن الله تعالى.

 

إن سبب إحباطنا، أحيانًا، هو في مكوثنا على حال واحد وعدم التغيير، ونظن أن هذا هو قدرنا، ويجب علينا أن نرضى بهذا الواقع ونتعايش معه، وهذا في واقع الأمر سلب لقدرات الإنسان؛ فالإنسان إذا كان في وضع سيئ فعليه أن يغير هذا الوضع، فهو لن يخسر حالة حسنة، والحياة مكان للفرص، ولن تنال الفرص إلا بالسعي والبحث عن هذه الفرص.

 

ختامًا:

إذا علمت أن بقاء الحال من المحال، فما تعيشه من لحظات إحباط فهي لن تدوم، وكلما أزداد الكرب والضيق قرب الفرج كما قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:110].

ــــــــــــ

المصدر: موقع صيد الفوائد.