كيف تكسب مناقشتك؟
ست طرق لإقناع الطرف الآخر بوجهة نظرك:
هل سبق أن انهزمت في مناقشتك، وشعرت أن الحق معك لكنك لا تعرف كيف توصل وجهة نظرك؟
هل سبق أن تحولت مناقشتك إلى معركة وجدانية حامية، ربما تطورت إلى معركة بالألفاظ؟
هل شعرت يومًا أن الطرف الآخر في النقاش معك خرج صامتًا لأنه فقط يريدك أن تسكت، وليس لأنه مقتنع بكلامك؟
إذا سبق وحصل لك شيء مما سبق فاعلم أنك لست مناقشًا جيدًا، ولا تجيد بعض أصول المناقشة؛ لأن النقاش فن راق وحساس، لا يجيده الجميع، وله أصول خاصة؛ إذ لا يجب أن نكثر منه إلا إذا شعرنا بأننا نود توضيح وجهة نظر هامة حول موضوع مفيد؛ لأن النقاش في هذه الحالة يزيد ثقافة الإنسان واطلاعه، أما إذا كان حول موضوع تافه أو غير مهم، وشعرت أن النقاش حوله لن يضيف جديدًا فالأولى تركه؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا»(1).
وهذه النقاط الست ستساعدك بإذن الله على أن تكون مناقشًا جيدًا، وعادلًا وقويًا في نفس الوقت، بحيث تستطيع إقناع الطرف الأخر بوجهة نظرك دون أن تسبب له جرحًا أو إحراجًا.
أولًا: دعه يتكلم ويعرض قضيته:
لا تقاطع محدثك، ودعه يعرض قضيته كاملة حتى لا يشعر بأنك لم تفهمه؛ لأنك إذا قاطعته أثناء كلامه فإنك تحفزه نفسيًا على عدم الاستماع إليك؛ لأن الشخص الذي يبقى لديه كلام في صدره سيركز تفكيره في كيفية التحدث، ولن يستطيع الإنصات لك جيدًا ولا فهم ما تقوله، وأنت تريده أن يسمع ويفهم حتى يقتنع، كما أن سؤاله عن أشياء ذكرها أو طلبك منه إعادة بعض ما قاله له أهمية كبيرة؛ لأنه يُشعِر الطرف الآخر بأنك تستمع إليه، وتهتم بكلامه ووجهة نظره، وهذا يقلل الحافز العدائي لديه، ويجعله يشعر بأنك عادل.
ثانيًا: توقف قليلًا قبل أن تجيب:
عندما يوجه لك سؤالًا تَطَلَّعْ إليه، وتوقف لبرهة قبل الرد؛ لأن ذلك يوضح أنك تفكر وتهتم بما قاله، ولست متحفزًا للهجوم.
ثالثًا: لا تصر على الفوز بنسبة مائة في المائة:
لا تحاول أن تبرهن على صحة موقفك بالكامل، وأن الطرف الآخر مخطئ تمامًا في كل ما يقول.
إذا أردت الإقناع فأقر ببعض النقاط التي يوردها، حتى ولو كانت بسيطة، وبيّن له أنك تتفق معه فيها؛ لأنه سيصبح أكثر ميلًا للإقرار بوجهة نظرك، وحاول دائمًا أن تكرر هذه العبارة: «أنا أتفهم وجهة نظرك»، «أنا اقدر ما تقول، وأشاركك في شعورك».
رابعًا: اعرض قضيتك بطريقة رقيقة ومعتدلة:
أحيانًا عند المعارضة قد تحاول عرض وجهة نظرك، أو نقد وجهة نظر محدثك بشيء من التهويل والانفعال، وهذا خطأ فادح، فالشواهد العلمية أثبتت أن الحقائق التي تعرض بهدوء أشد أثرًا في إقناع الآخرين مما يفعله التهديد والانفعال في الكلام، وقد تستطيع بالكلام المنفعل والصراخ والاندفاع أن تنتصر في نقاشك، وتحوز استحسان الحاضرين، ولكنك لن تستطيع إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرك بهذه الطريقة، وسيخرج صامتًا، لكنه غير مقتنع أبدًا، ولن يعمل برأيك.
خامسًا: تحدث من خلال طرف آخر:
إذا أردت استحضار دليل على وجهة نظرك فلا تذكر رأيك الخاص، ولكن حاول ذكر رأي أشخاص آخرين؛ لأن الطرف الآخر سيتضايق، وسيشكك في مصداقية كلامك لو كان كله عن رأيك وتجاربك الشخصية، على العكس مما لو ذكرت له آراء وتجارب بعض الأشخاص المشهورين وغيرهم، وبعض ما ورد في الكتب والإحصائيات؛ لأنها أدلة أقوى بكثير.
سادسًا: اسمح له بالحفاظ على ماء وجهه:
إن الأشخاص الماهرين، والذين لديهم موهبة النقاش، هم الذين يعرفون كيف يجعلون الطرف الآخر يقر بوجهة نظرهم، دون أن يشعر بالحرج أو الإهانة، ويتركون له مخرجًا لطيفًا من موقفه، إذا أردت أن يعترف الطرف الآخر لك بوجهة نظرك فاترك له مجالاً ليهرب من خلاله من موقفه؛ كأن تعطيه سببًا مثلًا لعدم تطبيق وجهة نظره، أو معلومة جديدة لم يكن يعرف بها، أو أي سبب يرمي عليه المسئولية لعدم صحة وجهة نظره، مع توضيحك له بأن مبدأه الأساسي صحيح، ولو أي جزء منه، ولكن لهذا السبب، الذي وضحته، وليس بسبب وجهة نظره نفسها، فإنها غير مناسبة.
أما الهجوم التام على وجهة نظره، أو السخرية منها، فسيدفعه لا إراديًا للتمسك بها أكثر، ورفض كلامك دون استماع له؛ لأن تنازله في هذه الحالة سيظهر وكأنه خوف وضعف، وهو ما لا يريد إظهاره مهما كلف الأمر.
ــــــــــــ
المراجع:
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، للألباني (273).
المصدر:
موقع: المنتدى العربي لإدارة الموارد البشرية.