إن شانئك هو الأبتر
لقد أعلى الله ذِكر وشأن وقَدْر رسولنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4]، وما رفعه الله لا يخفضه أحدٌ، ولا يستطيعه مخلوق؛ ولذا جعل مبغضه وعدوه صلى الله عليه وسلم هو: الأقل، الأذل، الأحقر، منقطع الدابر، منقطع الذِّكر، المنقطع عن الخير، فقال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، وتكفل سبحانه بالدفاع عنه فقال: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]، وقال تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].
قال الرازي: واعلم أنه عام في كل ما ذكروه من النبوة، وشهرته في الأرض والسماوات، اسمه مكتوب على العرش، وأنه يذكر معه في الشهادة والتشهد، وأنه تعالى ذكره في الكتب المتقدمة، وانتشار ذكره في الآفاق، وأنه ختمت به النبوة، وأنه يذكر في الخطب والأذان ومفاتيح الرسائل، وعند الختم وجعل ذكره في القرآن مقرونًا بذكره: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: 13]، {وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: 92].
ويناديه باسم الرسول والنبي، حين ينادي غيره بالاسم يا موسى يا عيسى، وأيضًا جعله في القلوب بحيث يستطيبون ذكره وهو معنى قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]، كأنه تعالى يقول: أملأ العالم من أتباعك كلهم يثنون عليك ويصلون عليك ويحفظون سنتك.
بل ما من فريضة من فرائض الصلاة إلا ومعه سنة فهم يمتثلون في الفريضة أمري، وفي السنة أمرك وجعلت طاعتك طاعتي وبيعتك بيعتي {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} [النساء: 80]، {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ} [الفتح: 10]، لا تأنف السلاطين من أتباعك، بل جراءة لأجهل الملوك أن ينصب خليفة من غير قبيلتك، فالقراء يحفظون ألفاظ منشورك، والمفسرون يفسرون معاني فرقانك، والوعاظ يبلغون وعظك؛ بل العلماء والسلاطين يصلون إلى خدمتك، ويسلمون من وراء الباب عليك، ويمسحون وجوههم بتراب روضتك، ويرجون شفاعتك، فشرفك باق إلى يوم القيامة (1).
قال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣]، الشانئ: هو المبغض، يعني من يبغضك يا محمد ويشنؤك هو الأبتر، هو الأقطع، هو الناقص، الممحوق البركة، فالشانئ: هو المبغض كما في قوله جل وعلا: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، فالشانئ: هو المبغض فالذي يبغض النبي عليه الصلاة والسلام لا شك أنه هو الأبتر، هو الناقص، هو المقطوع، هو الذاهب البركة، لا بركة فيه ولا خير.
إن مبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره.
والأبتر: المقطوع النسلِ، الذي لا يولد له خير ولا عمل صالح، فلا يتولد عنه خير ولا عمل صالح.
قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة: نزلت في العاص بن وائل.
وقال محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال: كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره؛ فأنزل الله هذه السورة.
عن ابن عباس قال: قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش: أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج، وأهل السدانة وأهل السقاية؟ فقال: أنتم خير منه. قال: فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (2).
وعن ابن عباس: نزلت في أبي جهل، وعنه: {إِنَّ شَانِئَكَ} يعني: عدوك، وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر، وغيرهم.
قال عكرمة: الأبتر: الفرد، وقال السدي: كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا: بتر، فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: بتر محمد، فأنزل الله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}.
وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره، وحاشا وكلا؛ بل قد أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد، مستمرًا على دوام الآباد، إلى يوم الحشر والمعاد صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم التناد (3).
قال ابن عباس: إن العاصي بن وائل السهمي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام عند باب بني سهم فتحدث معه، وأناس من صناديد قريش في المسجد، فلما دخل العاصي عليهم قالوا له: من الذي كنت تتحدث معه؟ فقال: ذلك الأبتر، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن مات ابنه القاسم قبل عبد الله، فانقطع بموت عبد الله الذكور من ولده صلى الله عليه وسلم يومئذ، وكانوا يصفون من ليس له ابن بأبتر؛ فأنزل الله هذه السورة، فحصل القصر في قوله إن شانئك هو الأبتر؛ لأن ضمير الفصل يفيد قصر صفة الأبتر على الموصوف وهو شانئ النبي صلى الله عليه وسلم، قصر المسند على المسند إليه، وهو قصر قلب، أي هو الأبتر لا أنت.
والأبتر: حقيقته المقطوع بعضه، وغلب على المقطوع ذنبه من الدواب، ويستعار لمن نقص منه ما هو من الخير في نظر الناس تشبيهًا بالدابة المقطوع ذنبها، تشبيه معقول بمحسوس (4).
قيل لأبي بكر بن عياش: إن بالمسجد قومًا يجلسون ويجلس إليهم، فقال: من جلس للناس جلس الناس إليه، ولكن أهل السنة يموتون ويحيا ذكرهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرُهم؛ لأن أهل السنة أحيَوْا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لهم نصيب من قوله: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤]، وأهل البدعة شنئوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان لهم نصيب من قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣].
فالحذَرَ الحذرَ من أن تكره شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو ترده لأجل هواك، أو انتصارًا لمذهبك أو لشيخك، أو لأجل اشتغالك بالشهوات أو بالدنيا، فإن الله لم يوجِب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله والأخذ بما جاء به، بحيث لو خالف العبد جميعَ الخلق واتبع الرسول ما سأله الله عن مخالفة أحد، فإن من يطيع أو يطاع، إنما يطاع تبعًا للرسول، وإلا لو أمر بخلاف ما أمر به الرسول ما أطيع، فاعلم ذلك واسمع وأطع، واتبع ولا تبتدع، تكن أبتر مردودًا عليك عملك، بل لا خير في عمل أبتر من الاتباع ولا خير في عامله، والله أعلم (5).
وقبل أن يدافع الله تعالى عن حبيبه صلى الله عليه وسلم، ويرد على أولئك المفترين، بشَّره ببشارة، فقال: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]، ومع ما في هذه البشارة العظيمة من الخير الكثير، فإن فيها أيضًا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وإزالة لما عسى أن يكون في خاطره من قول من قال فيه: هو أبتر، فقوبل معنـى الأبتر وهو المنقطع بمعنى الكوثر وهو المتناهي في الكثرة؛ إبطالًا لقولهم.
لا يفهم من قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أن مبغضك هو المقطوع؛ أي: إنه مقطوع النسل، بنفس المعنى الذي لمزوا به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذين لمزوه بانقطاع ورثته الذكور، لهم عقب من الذكور، فالعاص بن وائل الذي حكى أكثر المفسرين أن الآية نزلت فيه، له عقب، وابنه الصحابي الجليل عمرو بن العاص، وابن ابنه الصحابي عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وله عقب، ولكن المراد أنهم مبتورون عن الخير، مقطوعون عمَّا ينفعهم في الدار الآخرة، والآية تشمل كل مبغض للنبي صلى الله عليه وسلم مـات على ذلك من أهل الكفر والزندقة والإلحاد، فكلهم بُتْر من الخير بسبب شنآنهم على النبي صلى الله عليه وسلم (6).
إن كل مبغض للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يقدر على فعل شيء سوى أن يبغضه، والمبغض إذا عجز عن الإيذاء يحترق قلبه غيظًا وحسدًا، وهذا ما حصل لأولئك المشركين، وهو ما يحصل لكل من أبغض النبي صلى الله عليه وسلم، وما ضرَّ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، بل أعلى الله ذكره، ورفع شأنه، ونصر دينه، وتَكَفَّلَ بِحِفْظِه إلى يوم الدين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: سورة الكوثر ما أجلها من سورة وأغزر فوائدها على اختصارها وحقيقة معناها تعلم من آخرها، فإنه سبحانه وتعالى بتر شانئ رسوله من كل خير، فيبتر ذكره وأهله وماله، فيخسر ذلك في الآخرة، ويبتر حياته، فلا ينتفع بها ولا يتزود فيها صالحًا لمعاده، ويبتر قلبه، فلا يعي الخير، ولا يؤهله لمعرفته ومحبته والإيمان برسله، ويبتر أعماله، فلا يستعمله في طاعة، ويبتره من الأنصار، فلا يجد له ناصرًا ولا عونًا، ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة، فلا يذوق لها طعمًا، ولا يجد لها حلاوة وإن باشرها بظاهره، فقلبه شارد عنه (7).
وفي قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أنواع من التأكيد: أحدها تصدير الجملة بإن، الثاني: الإتيان بضمير الفصل الدال على قوة الإسناد والاختصاص، الثالث: مجيء الخبر على أفعل التفضيل دون اسم المفعول، الرابع: تعريفه باللام الدالة على حصول هذا الموصوف له بتمامه، وأنه أحق به من غيره ونظير هذا في التأكيد قوله: {لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 68] (8).
قال أحد الباحثين: قد دلَّت الإحصاءات التي تقوم بها المؤسسات الدولية أن اسم محمد صلى الله عليه وسلم هو أكثر الأسماء شيوعًا في العالم الإسلامي، وأن المتأمل في الأذان، وفي تباين أوقاته في الكرة الأرضية، لَيعلمُ علم اليقين أنه لا تمر دقيقة واحدة، إلا يذكر فيها اسم الرسول صلى الله عليه وسلم مقرونًا باسم الله تعالى (9).
تمثل آيات القرآن الكريم بريقًا وضاءًا، ومنارات لهداية بني الإنسانية إلى طريق الحق والإيمان وتوحيد الله تبارك وتعالى، وتعطينا سوره جميعها دروسًا ومعاني وقيم إنسانية سامية في الحياة الدنيا؛ لفهم مناطات التكليف الإلهي، وقيمة هذا الدين العظيم ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
فكل آية من آيات القرآن الكريم نزلت إما مبشرة أو منذرة قبل حادثة أو بعدها، لتبين ثواب وأجر العمل الصالح للإنسان، وعاقبة خطاياه وذنوبه.
لقد أمر الله تعالى عباده بالتدبّر في معاني آيات القرآن الكريم للتّعرُّف على أساس عقيدتهم وبيان أصول عباداتهم، كما أمرهم بذلك لمعرفة قصص الأنبياء وأولو العزم من الرّسل عليهم السلام، وما تعرّضوا له من أذيّةٍ من الكفار وأعداء الله، وكذلك للاعتبار بقصص مَن سبقهم من الأمم بما يفيدهم في دنياهم ويجعلهم على الطريق المستقيم الذي يرتضيه الله لعباده.
قال تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، ولعل اختيار هذه الآية الكريمة، جاء ردًا على الإساءة لأعظم مخلوق من بني الإنسان خلصه الله؛ سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم، والذي لا يقارن اسمه وصفاته ومنزلته عند الله بأحد من الخلق.
وقد اهتزت لتلك الإساءة قلوب وعقول ونفوس الملايين من المسلمين وغير المسلمين، وتحركت أقلام عشرات الآلاف من الكتاب والإعلاميين والباحثين والمفكرين والدعاة وطلائع من النشطاء الشباب في مشارق الأرض ومغاربها، وصدرت تصريحات حكومية وغير حكومية تندد رافضة لخطاب البغضاء والكراهية والعنصرية، رافضين المساس برمزية هذا النبي الكريم وأصول وقيم الدين الإسلامي الحنيف، وبأن ذلك الفعل يتناقض، بل يبتعد كل البعد عن حرية الرأي والتعبير والتفكير، ويتعدى ذلك إلى المساس بالمقدسات والرموز الدينية، وكرامة الملايين من المسلمين.
أوقفتني تلك الحادثة لأقرأ وأتدبر آية كريمة من آيات القرآن الكريم، ولأفهم معانيها في كتب التفسير ومصادره لتكون دالة في كل زمان ومكان، على فعل الأشرار ومبغضي الإنسانية، ولتبيان ذلهم وسوء تقديرهم وضياع هيبتهم في الدنيا والآخرة.
إنه من عاش مع آيات القرآن الكريم؛ حفظًا وفهمًا لمعانيها، وحملًا لأسرارها في صدره؛ سرت روح الحياة إلى قلبه، وأزهرت شجرة سعادته، وتعامل مع منطق الحياة بأسلوب مختلف، فالقرآن للقلب كالروح للبدن، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52].
إن كلمات القرآن تسدد خطانا وترشدنا لما هو خير وما هو شر للإنسانية في هذا الكون الفسيح، وآية {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}؛ بمثابة قاعدة من قواعد إدارة الحياة والتعامل مع فقه الأزمات، وكأن الخطاب الرباني لنبي الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه، يخبره بأن الشتم والسب والكلام البغيض، وكاره رسول الله الكريم والدين الإسلامي الحنيف هو خاسر وخامل ومقطوع ذكره في الحياة الدنيا والآخرة.
كما أن هذا الهجوم الظالم من أعداء الله على شخصية الرسول الكريم ودينه ستكون بإذن الله سببًا في هداية كثير من الناس، وتفكرهم بهذا النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، وتعرفهم على سيرته وتعاليمه وهديه، وعلى كتاب الله العزيز الذي أنزل عليه، وذلك لمن أراد لهم الهداية سبحانه وتعالى. قال تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلًا} [فاطر: 43} (10).
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب» (11).
فكيف بمن عادى الأنبياء؟ ومن حارب الله حرب، وإذا استقريت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء وقابلوهم بقبيح القول أو العمل، وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة، وباؤوا بغضب من الله، ولم يكن لهم نصير لقتلهم الأنبياء بغير حق مضمومًا إلى كفرهم، كما ذكر الله ذلك في كتابه، ولعلك لا تجد أحدًا آذى نبيًا من الأنبياء، ثم لم يتب إلا ولا بد أن يصيبه الله بقارعة، وقد ذكرنا ما جربه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرضوا لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة، وهذا باب واسع لا يحاط به (12).
فالواجب على الأمة المسلمة الدفاع عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم، ودفع كل الشبه المغرضة ودفعها بحق مبين، وأن عمل المسلمين بالسنة وتطبيقهم لها في أقوالهم وأعمالهم وسلوكهم، وكل تصرفاتهم تدل على عمق محبتهم لمحمد صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
كل من شنأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره.
__________________
(1) تفسير الرازي (32/ 208).
(2) تفسير ابن كثير (8/ 504).
(3) تفسير ابن كثير (8/ 505).
(4) التحرير والتنوير (30/ 576).
(5) مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٦/ ٥٢٨).
(6) سورة الكوثر/ شبكة الألوكة.
(7) مجموع الفتاوى (16/ 528).
(8) مجموع الفتاوى (16/ 533).
(9) الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الكوثر/ منتديات الألوكة.
(10) إن شانئك هو الأبتر/ إسلام أون لاين.).
(11) أخرجه البخاري (6502).
(12) وامحمداه إن شانئك هو الأبتر (4/ 522).