logo

كيف أقوم بواجب النهي عن المنكر تجاه أبي؟


بتاريخ : الاثنين ، 2 جمادى الأول ، 1446 الموافق 04 نوفمبر 2024
كيف أقوم بواجب النهي عن المنكر تجاه أبي؟

أنا شاب مسلم تواجهني غالبًا تحديات بشأن قيامي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجاه أبي، وأتساءل كيف يمكنني أداء هذا الواجب، دون أن أظهر وكأني قليل الأدب والاحترام لهم؟.

 

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات الشرعية على المسلمين، حتى لقد جُعِلَ علامة على هذه الأمة وشرطاً لخيريتها؛ قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} آل عمران/110، وقال تعالى: {والْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة/71.

وأما إشكالية القيام بهذا الواجب نحو أبيك، فمن الممكن التغلب عليها إلى حد كبير إذا فهمت أن القيام بذلك الواجب لابد له من التحلي بثلاث صفات أساسية؛ هي: العلم والرفق والصبر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فلا بد من هذه الثلاثة : العلم والرفق والصبر؛ العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من هذه الثلاثة مستصحبا في هذه الأحوال؛ وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف .. "لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهًا فيما يأمر به، فقيهًا فيما ينهى عنه، رفيقًا فيما يأمر به، رفيقًا فيما ينهى عنه، حليمًا فيما يأمر به، حليمًا فيما ينهى عنه . " (مجموع الفتاوى 28/137).

ويعنينا هنا لحل هذه الإشكالية أن نشير أولًا إلى أهمية التحلي بالحلم والرفق؛ فلا تعنف أباك، ولا تغلظ إليه؛ لأنه أولًا أبوك، ثم لأنه أكبر سنًا منك، واستعن على ذلك باختيار الوقت المناسب لكل حديث، وترقب وقت صفوه وقرب نفسه من التأثر والاستجابة، والاستعانة بأولي الأحلام والنهى من الصالحين الناصحين، وقبل ذلك لابد أن يلمس منك الصدق معه في القول والعمل، والنصح له في كل أمرك، ثم الخوف عليه من عذاب ربك، وبعد ذلك كله صبر جميل لحكم ربك، وما يصيبك إذا قمت لله بهذا الواجب، كما قال لقمان الحكيم لابنه : {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} لقمان/17 وليكن على ذُكْر منك دائمًا خليل الرحمن إبراهيم؛ كيف كان خطابه لأبيه، حين نهاه عن الشرك بالله، وهو أشنع مما يعمل أبوك؛ كيف تودد إليه، وأشفق عليه ونصحه، ثم صبر على سوء جوابه؛ قال الله تعالى:

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا(4 1) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يا أبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يا أبت إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)يا أبت لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيًّا (44)يا أبت إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إبراهيم لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا(47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48)} سورة مريم