logo

حكم انصراف المسافر المؤتم بمقيم اكتفاء بركعتين


بتاريخ : السبت ، 24 جمادى الآخر ، 1445 الموافق 06 يناير 2024
حكم انصراف المسافر المؤتم بمقيم اكتفاء بركعتين

هناك من يُنهي الصلاة بعد ركعتين مع الإمام على اعتبار أنه على سفر، وينصرف من الصف ولا يقوم مع الإمام في الثالثة والرابعة، فهل لذلك المصلي سند شرعي، وماذا عليه لو فعل ذلك وفيما مضى من صلاته على هذا النحو؟

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 

إذا كان المصلي على سفر فإنه يشرع له القصر إذا صلى منفردًا، أو مع جماعة المسافرين إذا أمهم من يقصر الصلاة، والجمهور على استحباب القصر، ويرى بعضهم وجوبه.

أما إذا صلى المسافر مع جماعة المقيمين أو ائتم بمن يتم صلاته، ولو كان مسافرًا، فإنه يتم الصلاة خلفه وجوبًا، ولا يشرع له الانفراد عن إمامه ليقصر هو، وذلك عند جمهور الفقهاء، ومن أهل العلم من قال: إن أدرك المسافر من صلاة المقيم ركعتين تجزيانه، ومنهم من قال: له أن يقصر مطلقًا؛ لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالإتمام، ومنهم من قال : يجب على المسافر أن يقصر.

 

 والقول الأرجح هو قول الجمهور، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة، واستدلوا عليه بما يلي:

- حديث الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» [رواه البخاري (722)، ومسلم (414)]، قالوا: ومفارقة إمامه اختلاف عليه.
- عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» [رواه البخاري (635) ومسلم (603)].

- ما رواه أحمد عن ابن عباس أنه قيل له: ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد، وأربعًا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: «تلك السنة»، [صححه الألباني في إرواء الغليل (571)].

- وبفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال نافع: كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلاها أربعًا، وإذا صلى وحده صلاها ركعتين. [رواه مسلم، وانظر: المغني، لابن قدامة (3/143)].

- أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون خلف أمير المؤمنين عثمان بن عفان في الحج في مِنى، فكان يصلي بهم أربعًا فيصلون معه أربعًا، ومنهم المسافر.

وبناءً على ما تقدم فليس لمن فعل ما ذكر في السؤال سند شرعي، إلا على قول لبعض الفقهاء كإسحاق وابن حزم، لكنه مرجوح بالأدلة الشرعية، ولا يجوز للمسافر الانفصال عن الإمام المقيم إذا صلى ركعتين.

وأما من فعل ذلك فيما سبق، فكان يصلي ركعتين خلف إمام مقيم، فإنه يجب عليه إعادة ما صلاه من الصلوات الرباعية، ولا يشترط أن تكون متتابعة.

 وبذلك أفتى ابن عثيمين رحمه الله، فقال: «...فيجب على الإنسان الذي قصر مع إمام مقيم أن يعيد تلك الصلوات ولو كان لا يعلم؛ لأنه لو كان يعلم لأثم، أما الآن فيسقط عنه الإثم لأنه لا يعلم، لكن ذمته تكون مشغولة بما فاته من الصلوات، فعليه أن يتحرى عدد الصلوات التي صلاها، ويجتهد في ذلك ويعيدها». [لقاء الباب المفتوح (52/10)].