logo

حكم أخذ العوض عن المتلفات


بتاريخ : السبت ، 1 رجب ، 1445 الموافق 13 يناير 2024
حكم أخذ العوض عن المتلفات

أتلف شخص شيئًا مملوكًا لشخص آخر عن طريق الخطأ، فإن هو عرض العوض على صاحب الحق؛ قال مستنكرًا إنه لا يقبل العوض، برجاء إيضاح وجه الحق في المسألة.

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ثبت من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها، فكسرت القصعة، فضمها وجعل فيها الطعام، وقال كلوا، ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة. رواه البخاري، والترمذي، وسمى الضاربة عائشة، وزاد: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «طعام بطعام، وإناء بإناء».

قال الصنعاني: «وفي رواية ابن أبي حاتم: «من كسر شيئًا فهو له عليه مثله»، زاد في رواية الدارقطني فصارت قضية، أي من النبي صلى الله عليه وسلم، أي حكمًا عامًا لكل من وقع له مثل ذلك.

والحديث دليل على أن من استهلك على غيره شيئًا كان مضمونًا بمثله، وهو متفق عليه في المثلي من الحبوب وغيرها، وأما في القيمي ففيه ثلاثة أقوال». [سبل السلام (2/ 102)].

وعليه فإنه يجب على من أتلف شيئًا أن يعوض صاحب الحق قيمة ما أتلف له إن كان مقومًا، أو يعوضه مثله إن كان مثليًا، والمثلي، كما قال العلماء: ما حصره كيل أو وزن أو عدد، والمقوم ما ليس كذلك، فإن امتنع عن ذلك فلك رفع أمره إلى الجهات المختصة لإلزامه بدفع العوض وإجباره عليه.

ولا حرج في قبول صاحب الحق العوض؛ بل هو حق له، كما يجوز له أخذ البدل المدفوع له؛ مثليًا كان أو مقومًا.

 فإن تنازل عن حقه بطيب نفسه لا على وجه الحياء فله ذلك، وليس على المتلف شيء، ولكن يستحب حينئذ مكافأة صاحب الحق المتنازل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه». [رواه أبو داود، وصححه الألباني].

كما هو مقرر عند أهل العلم، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة ممزوجًا بالشرح: «ومن استهلك عرضًا أو أتلفه فعليه قيمته أو مثله في الموضع الذي استهلكه فيه أو أتلفه، سواء كان عمدًا أو خطأً؛ إذ العمد والخطأ في أموال الناس سواء...، وسواء كان بالغًا أو غير بالغ، وسواء باشر أو تسبب على المشهور».

فالضابط الشرعي أن من أتلف شيئًا أو استهلكه أو أخذه لزمته قيمته أو مثله، وقد وردت الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين} [الشورى:40].